إسلام ويب

يهتم الناس اليوم بالنظافة المادية والطهارة الحسية اهتماماً بالغاً، لكنهم لا يولون الجانب المعنوي والتطهير النفسي الباطني أي اهتمام، ولأجل هذا نزل بالأمة من البلاء والفتن ما الله به عليم. وهاهم العلماء ينادون الناس إلى الرجوع إلى أنفسهم لتطهيرها بالأعمال الصالحة، ويلفتون أنظارهم إلى أهمية تطهير المجتمعات والحكومات من السياسات الفاسدة، والأمراض الاجتماعية الخطيرة.

أهمية التطهير المعنوي

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، نحمده سبحانه وتعالى هو أهل الحمد والثناء، لا نحصي ثناء عليه، هو كما أثنى على نفسه، نحمده جل وعلا على آلائه ونعمه التي لا تعد ولا تحصى، حمداً كما يحب ربنا ويرضى، فله الحمد في الأولى والآخرة، وله الحمد على كل حال وفي كل آن.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو كل شيء قدير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، هدانا الله به من بعد ضلالة، وأعزنا من بعد ذلة، وكثرنا من بعد قلة، وقد جعلنا عليه الصلاة والسلام على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، ما من خير إلا وأرشدنا إليه، وما من شر إلا وحذرنا منه، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك يا أرحم الراحمين!

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

أما بعد:

اهتمام الناس بالتطهير الحسي

أيها الإخوة المؤمنون! في ظلال آيات الله سبحانه وتعالى نبقى اليوم مع آية من هذه الآيات العظيمة، التي تُعلِّمنا ما ينبغي أن نكون عليه، وتحثنا على ما فيه خيرنا في دنيانا وأخرانا.

يقول الحق جل وعلا: لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ [التوبة:108]، وفي موضع آخر يقول الحق جل وعلا: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة:222].

هذه الآيات تشعرنا بأن الحق جل وعلا يحب المتطهرين، وذلك لا شك موجب من موجبات السعي إلى هذا التطهر ما دام فيه مرضاة الله عز وجل، وما دام المتحلي به يكون محبوباً عند الحق جل وعلا.

والتطهر: هو التنزه عن الأدناس، والبعد عن الأرجاس، وحسن المعاملة مع الناس. فالتطهر: هو أن تبقى محافظاً على ما من شأنه أن يجعلك بين الناس وضيئاً وجيهاً، وعند الله سبحانه وتعالى محبوباً مقرباً.

هذا التطهر يظهر في أمرين واضحين من خلال الأمور العادية المحسوسة التي نعيش فيها ونتعامل بها.

إن التطهر يقتضي أولاً: أن تبتعد عن أسباب الأقذار والأوساخ، فإذا لبس الواحد منا ثوباً نظيفاً أو جديداً فإنه يكون أشد تحوطاً وأكثر تنبهاً من ورود أماكن الأوحال، أو من المرور بأماكن القاذورات، فإذا اضطر وكان قريباً منها فإنه يسعى إلى أن يرفع ثوبه، أو أن يحفظه بما يقيه من هذه الأدناس والأوساخ، ولكنه قطعاً مع شدة تحوطه واحتياطه، ومع عظيم تنزهه وابتعاده سيمر اليوم واليومان والأسبوع والأسبوعان، وسيجد أنه قد أصاب ثوبه بعض القذر، فهل يا تراه يسكت عن هذا ويرضى به؟

إنه يسعى مباشرة إلى خلعه وتنظيفه من جديد؛ لتعود له وضاءته وبياضه ونصاعته؛ لأنه يحب أن يكون متطهراً متجملاً.

وقد تفنن الناس اليوم كثيراً في أسباب التطهر المادي، فهذه أنواع متعددة من الصابون الذي يزيل الأوساخ، والذي يجعل الملابس أشد نصاعة وبياضاً كما يقولون، وهناك مطهرات للفم، وهناك مطهرات للفرش، وهناك مطهرات للحيطان، وهناك مطهرات للبلاط، وهناك مطهرات تجمع مع التطهير طيب الرائحة، وأخرى -كما يقولون- تجمع مع التطهير لمعاناً وبريقاً.

ويظل السؤال: أين مطهرات القلوب؟ وأين مطهرات العقول؟ أين تطهير البواطن؟ أين السعي إلى التطهير الذي يكون به العبد محبوباً عند الله سبحانه وتعالى؟!

تطهير القلوب من دنس المعاصي

إن أمر التطهر عظيم جداً؛ لأن الله سبحانه وتعالى قد نص على أن المتطهرين عنده من المحبوبين، وهذه منزلة عالية لا تكون لأمر من الأمور العارضة، ولا لعمل من الأعمال الظاهرة، بل تكون لجوهر يتصل بأصل الإيمان وجوهر الإسلام؛ فلذلك ينبغي أن ننظر إلى التطهر من هذه الزاوية؛ أعني من زاوية أن شأنه عظيم، وأن أمره خطير، وأن منزلته عند الله سبحانه وتعالى رفيعة.

ولهذا التطهر مجالات واسعة، وعلى نفس ونهج التطهر المادي ينبغي أن تكون لنا عناية وأسباب وأعمال وحرص وتحوط في مسألة التطهر المعنوي الباطني! وكما أن الأصل في التطهر المادي الاحتياط والبعد عن الأدناس والأقذار، فكذلك يكون هذا التطهر المعنوي الإيماني التربوي.

ثم إذا أصابت الإنسان بعض هذه الأقذار، وألم ببعض الذنوب، وضربت عليه الغفلة؛ فإنه لا يرضى أن يبقى وسخ الثياب، يخرج إلى الناس فتشمئز نفوسهم منه، وتنصرف أبصارهم عنه، وتتأفف أنوفهم من كراهية رائحته، فكما يسعى بعد وقوع الأقذار على تطهيرها وغسل ثيابه منها، فلابد له أيضاً أن يكون له بعد احتياطه في البعد عن الذنوب والمعاصي أموراً تغسل هذه الذنوب، وتبيد هذه الأوضار، وتعيد له وضاءه الإيمان، وإشراقة الإسلام، ونصاعة التوحيد، وبريق الطاعة لله سبحانه وتعالى.

ومن هنا نجد النهج القرآني الذي يدلنا على هذا الأمر، فالله عز وجل قد أمر المؤمنين أن يغضوا أبصارهم، وأمر المؤمنات أن يغضضن من أبصارهن، وقال: ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ [النور:30]، فهذا المنهج لنيل الطهارة هو البعد عما يشوبها، أو عما يدنس قلب الإنسان ونفسه من هذه الذنوب والمعاصي، والله عز وجل قال في شأن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]، وفي آية غض البصر قال: ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ [النور:30]، فهو فيه الطهارة والتزكية، فالأصل في طلب هذا التطهر هو التجنب والحذر من الوقوع فيما حرم الله عز وجل.

فإن المرء يقيس التطهر المعنوي على التطهر الحسي، فهل يرضى أن يكون في ثوبه بقعة سوداء ولو كانت صغيرة؟ إنه يراها عواراً وتشوهاً في ذلك البياض الناصع، وكذلك المعصية إن كانت صغيرة كانت كذلك، فإذا سكت وغض الطرف عن هذا، فإذا جاءت أخت لها كانت أهون منها، ثم إذا تكاثرت هذه النقاط من الأقذار والأوساخ فإنه ربما لا يكترث لها، فإذا جاءت ثالثة ورابعة رأى أنه قد سبقتها أخوات، وأنه لن يكترث لها، ثم إذا أراد بعد طول عهد أن يطهر ثوبه فإنه يجد صعوبة، ويحتاج إلى كثير من المطهرات، وإلى قوة دلك، وإلى غير ذلك؛ لأنه لم يسبق إلى ذلك التطهير أولاً بأول كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما روي عن حذيفة مرفوعاً وموقوفاً: (تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً، فأيما قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء، فإذا تاب منها واستغفر صقل) أي: القلب، وعاد مشرقاً وضيئاً، وإن لم يفعل ذلك تجمعت هذه الأقذار والنقاط السوداء كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: (حتى يصبح قلبه أسود مرباداً كالكوز مجخياً -أي: منكوساً- لا يعرف معروفاً، ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه).

تطهير القلوب من وحل الشرك

فلذلك لابد أن نسعى إلى تطهير القلوب، وإلى تطهير العقول، وإلى تطهير الجوارح عما حرم الله سبحانه وتعالى، وأول أمر وآكد أمر: التطهر من كل صورة من صور الشرك صغيراً كان أو كبيراً، ظاهراً كان أو باطناً.

طهروا قلوبكم من التعلق بغير الله عز وجل، طهروا قلوبكم من التوكل على غير الله سبحانه وتعالى، نزهوا قلوبكم من الخوف من غير الله عز وجل، نزهوا قلوبكم من الرجاء لغيره سبحانه وتعالى، فإن كثيراً من الناس اليوم قد بات تعلقه بغير الله أكبر، واعتماده على غيره أكثر في صور عملية كثيرة.

وإضافة إلى ذلك: فإن شين الرياء والتصنع قد طم وعم في مجتمعات المسلمين، حتى قل المصلحون وندر وجودهم، بل من أخلص لله عز وجل عد في الناس غريباً شاذاً، بل ربما عده بعضهم ساذجاً لا يعرف كيف يغتنم الفرص، ولا كيف يعيش الحياة كما يقولون.

ولذلك أيضاً: هناك صور أخرى قد شاعت في بعض مجتمعاتنا مما يتناقض مع كمال الإيمان وصفاء التوحيد، أعني بهذا القول: ظاهرة الاعتماد والتعلق الكبير بالجن والسحر والشعوذة والكهانة، وقد شاعت بين الناس في صور كثيرة، وظهرت بينهم وكأنه ما قد وقع فيهم قول الله سبحانه وتعالى بأنهم زادوهم رهقاً، فاستسلموا لهم، وخافوا منهم، والتجئوا إليهم، وسرى بين الناس هذا الداء سرياناً كبيراً، فنحن نرى له صوراً عديدة في واقعنا، فإذا حقد أحد على أحد التمس له من يسحره، أو من يسلط عليه بعض الجان، أو من يقرأ له كفاً، أو من يكتب له حرزاً أو غير ذلك، وتعلقت القلوب بذلك تعلقاً غير مشروع يجرح في أصل إيمانهم، وفي كمال توحيدهم.

وغير ذلك كثير من صور عدم صفاء المعتقد وكمال التوحيد، ومن ذلك: الرضا بالمنكرات إذا كان رضاً قلبياً، والرضا بحكم غير حكم الله عز وجل إذا كان رضاً كاملاً باطنياً؛ فإن ذلك إشراك بالله عز وجل في أعظم حقوق الألوهية، وهو حق الحكم والحاكمية لله عز وجل، وكذلك في إقرار الحق، وإبطال الباطل، ومعرفة الحرام من الحلال، وإن ذلك من أعظم صور الكفر كما ورد في حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه لما أخبره المصطفى صلى الله عليه وسلم عن عبادة اليهود والنصارى للأحبار والرهبان، قال: (إنهم يا رسول الله لم يعبدوهم. قال عليه الصلاة والسلام: أوليس قد أحلوا لهم الحرام، وحرموا لهم الحلال فأطاعوهم؟ قال: بلى. قال: فتلك عبادتهم).

فهذا جانب لابد من تطهير القلوب منه، وتنقيتها من أدناسه؛ لأنه أخطر أنواع الإشراك، وأشدها فتكاً، وأكثرها ضرراً في حياة المرء المسلم؛ لأنها ترتكز وتتصل بأعظم أساس، وهو أساس الإيمان والتوحيد بالله عز وجل.

وهذا باب يطول الحديث فيه جداً.

مظاهر تطهير الجوارح

تطهير اللسان من الثلب والكذب والنميمة

وكذلك لابد من التطهر في سائر الجوارح، فلابد أن نطهر ألسنتنا مما تساهل الناس فيه تساهلاً عجيباً غريباً؛ حتى كأنهم لم يسمعوا فيه قرآناً محكماً، ولا أحاديث هادية، فإذا بهم -إلا من رحم الله عز وجل- يكذبون ولا يتورعون عن الكذب، وينسون حديث النبي صلى الله عليه وسلم -كما في مسند الإمام أحمد - : (يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الكذب والخيانة)، أي: قد يقع منه شيء من المعصية أو المخالفة، لكنه إن كان صادق الإيمان لا يكذب أبداً، وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام عن مغبة ذلك فقال: (وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار).

وكذلك صور أخرى من التجاوزات التي أصبح قاموس الألسنة فيها بذيئاً فاحشاً يمتلئ بسباب ما كنا نسمعه من قبل، ويمتلئ بغيبة وتجريح لا تترك ظاهراً ولا باطناً، ولا خفياً ولا معلناً، فإذا مجالس كثير من الناس تتناول أعراض إخوانهم المسلمين تناولاً يتشفون به، وينتظرونه، ويتتبعون الزلات، ويلتمسون العيب للبرآء، في صورة تدل على أن نفوسهم قد أظلمت، وأن قلوبهم قد اسودت، وأن منهاجهم قد انحرفت، وأن تصورهم لهذا الدين قد عراه خلل كبير.

إذ أصل الإسلام مبني على براءة المسلم وطهارته، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم موجه إلى حسن الظن بالمسلم، وإلى التماس العذر له، وإلى إقالة عثرته، ومنعه من الوقوع في المعصية، والتماس نصرته وإعانته كما قال عليه الصلاة والسلام: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً. قالوا: يا رسول الله! قد عرفنا نصرته مظلوماً، فكيف ننصره ظالماً؟ قال: تمنعه من الظلم، فتلك نصرته)، فلابد أن نعرف أن هذه الألسن اللاغية تورد أصحابها المهالك.

وقد حذر النبي عليه الصلاة والسلام من هذا، وبين خطورته عندما طلبت منه الوصية، فقال عليه الصلاة والسلام: (كف عنك هذا. وأخذ بلسان نفسه صلى الله عليه وسلم)، وكما جاء في حديث معاذ : (قال: يا رسول الله! أو إنا لمؤاخذون بما نقول؟ فقال عليه الصلاة والسلام: ثكلتك أمك يا معاذ ! وهل يكب الناس على وجوههم أو على مناخرهم يوم القيامة إلا حصائد ألسنتهم).

هذه الكلمات بين لنا النبي عليه الصلاة والسلام خطورتها بقوله: (إن الرجل ليتكلم الكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً تهوي به في النار سبعين خريفاً).

فطهروا ألسنتكم من الأقوال المحرمة، ومن الكلام الذي لا نفع فيه ولا فائدة؛ فإن من أعظم صفات المؤمنين ما ذكره جل وعلا بقوله: وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ [المؤمنون:3] واللغو: كل كلام باطل محرم، وكل لغو هذر لا نفع فيه ولا فائدة.

وتأملوا إلى صورة الإيمان في كماله عندما يحدثنا المصطفى صلى الله عليه وسلم عن كمال الإيمان: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)، عجباً لهذا الربط الوثيق بين الإيمان المستقر في القلب والكلام المنطلق من اللسان! ينبغي أن تفكر قبل أن تنطق الكلمة كيف هي، وما وجهتها، وما حكمها في شرع الله عز وجل؛ ولذلك ذكر أهل العلم -كما أشار النووي في شرح هذا الحديث- أن الكلام إما أن يكون كلاماً استبان رشده ونفعه فيجب النطق به، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعليم العلم، وتوجيه الجاهل، ونحو ذلك مما خرست عنه كثير من الألسن، وانشغلت بغيره من الباطل، وإما كلاماً استبان غيه وفحشه وضرره، فهو مما يجب السكوت عنه وعدم النطق به، من نحو غيبة، أو نميمة، أو سب، أو لعن، أو طعن، أو غير ذلك من جدال ومراء ونحوه. وإما كلاماً لا تدرى عاقبته إلى خير أم إلى شر، فالسكوت عنه أولى.

فهل تفكرنا في مثل هذه المعاني؟

تطهير الأعين من النظر إلى الحرام

وأيضاً: طهروا الأعين من النظر إلى المحرمات، وما أكثر ما تجوس العيون يميناً وشمالاً! وما أكثر ترداد الأبصار آفاقاً وآفاقاً! وما أكثر ما تتبع العورات! وتتجسس على المحرمات، ولا تلتفت إلى أن لذلك آثاره العظمى في القلب فيما يشغله عن الله عز وجل، ويعلقه بالشهوات الآثمة والملذات المحرمة!

قال الشاعر:

وكنت متى أرسلت طرفك رائداً لقلبك يوماً أتعبتك المناظر

رأيت الذي لا كله أنت قادر عليه ولا عن بعضه أنت صابر

وقال الآخر:

كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السهام بلا قوس ولا وتر

ولذلك نجد كثيراً من المسلمين قد ابتلوا بالنظر إلى المحرمات، إما عياناً في المشاهد الحية، وإما على صفحات المجلات، أو على شاشات التلفاز، أو عبر وسائل أخرى كثيرة قد تفنن الأعداء في جلبها وبثها بين المؤمنين وفي مجتمعات المسلمين؛ حتى يفسدوا عليهم جوارحهم.

تطهير الأذن من سماع الحرام

والأذن أيضاً ينبغي أن تتطهر عن سماع الحرام، وعن تسقط الكلمات بين المتحاورين، والله عز وجل قد بين أن لذلك أثراً، فقال سبحانه وتعالى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب:32]؛ فإن إلانة الكلام والتكسر فيه من المرأة مؤثر في الرجل.

وإن الكلام أيضاً قد يكون عوناً على الباطل، وقد ورد عن المصطفى صلى الله عليه وسلم زجر ووعيد على من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة، فما بالك بالذي يسمع ويتتبع وينظر، ثم ينقل ويتكلم، ثم يعين الظالم على ظلمه، ويوقع المسلم في المهاوي والمهالك؟! أسأل الله عز وجل السلامة!

هناك كثير من الصور التي ينبغي أن تتطهر في ذواتنا، والله أسأل أن يطهر قلوبنا، وأن يطهر بواطننا، وأن يطهر ألسنتنا، وأن يطهر أبصارنا وأسماعنا عن كل ما حرم الله عز وجل.

أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

تطهير الحكومات والمجتمعات

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

تطهير السياسة والحكم

أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون!

فأوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله؛ فإن تقوى الله أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه، وإن هذه التقوى هي في معناها تدل على التطهر، إذ هي أن يتخذ العبد بينه وبين عذاب الله وقاية باتباع ما أمر، والابتعاد عما نهى عنه وزجر.

والتطهر -يا عباد الله- أمره عظيم؛ ولذلك ينبغي أن نسعى جاهدين إلى تطهير قلوبنا وألسنتنا وجوارحنا تطهيراً نبالغ فيه، ونعتني به، ونحرص عليه ونداوم، ونكرره دائماً وأبداً.

وكما نتفنن في جلب المطهرات للأثواب أو البيوت ينبغي أن نحرص على أن نأخذ كل أسباب التطهر القلبي، وكما ذكرت في شأن ذلك التطهر في أفراد المجتمع، فإن هناك صوراً كثيرةً جداً على مستوى المجتمعات -لا على مستوى الأفراد- تحتاج إلى التطهير الذي ينبغي أن يكون جاداً وقوياً، وأن يكون صادقاً وخالصاً، وأن تتظافر الجهود عليه، وأن تتوفر كل أسباب التعاون للقيام به؛ لأنه من أعظم أسباب التعاون على البر والتقوى.

ينبغي أن تتطهر مجتمعات المسلمين من أوضار السياسة، بما فيها من النفاق الدولي، والكذب الدائم، والمخادعة التي لا تليق بمسلم، ومن المكر بالمسلمين، وكذلك الولاء لأعدائهم، والبراءة منهم على عكس ما أراد الله عز وجل وأمر به من الولاء للمؤمنين والعداء للكافرين.

وصور أخرى كثيرة لعل أبرزها: أن كثيراً من السياسات في بلاد الإسلام لا تعتمد شرع الله عز وجل، ولا ترجع إلى كتاب الله، ولا تحكم بشرع الله عز وجل، وهذا لا شك أنه أعظم الأقذار والأوضار والأوزار التي يعم بلاؤها، وينتشر ضررها، وتفتك أمراضها بالمجتمع أفراداً وجماعات؛ لأن هذه هي التي تصبغ حياة الناس وتفرض عليهم كثيراً من الصور.

تطهير المجتمعات من التقاليد الغربية

وكذلك في المجتمعات ما يحتاج إلى تطهير، ومن ذلك: تطهير العادات الاجتماعية من التقاليد الغربية، ومن متابعة أهل الإباحية، وعدم التقيد بالآداب الشرعية، فكما ذكر الله عز وجل في غض البصر جاءنا من يشيع في مجتمعات المسلمين مصطلحات الصداقات البريئة، والزمالة الدراسية، وأن النفوس نقية، وأن القلوب طاهرة، ولا يؤثر فيها خلوة بريئة، ولا مناجاة حبيبة، ولا غير ذلك من الأسباب، إضافة إلى صور من العادات الاجتماعية التي خرج فيها جمهور الناس في مجتمعات المسلمين عن شرع الله عز وجل، كأنهم لا يعرفونه، وجعلوا كتاب الله وراءهم ظهرياً إلا من رحم الله عز وجل.

وصور أخرى تحتاج أيضاً إلى التطهير، وهي من أعظم ما يفتك بالناس ويؤثر فيهم سلبياً ولذلك فإن تطهيرها مهم؛ لأن هذا التطهير سينعكس على الناس، وهذا التطهير هو تطهير وسائل الإعلام ومناهج التعليم من كل ما لا يتوافق مع شرع الله عز وجل.

ولكل مسلم أن يقيس، وأن ينظر وإن كان حظه من العلم قليلاً، فإنه واجد بين كثير منها وبين شرع الله بوناً شاسعاً، وفرقاً كبيراً، بل معارضة ومعاكسة ظاهرة واضحة لا تؤسس في المسلم الارتباط بالله عز وجل، ولا تحببه في الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تربطه بسيرة الصحابة وأجيال الأمة في تاريخها العريق المجيد، بل تعمد إلى عكس ذلك في غالب الأحوال إلا ما رحم الله عز وجل، وذلك في كثير من ديار الإسلام والمسلمين. وكل تلك الانعكاسات لها آثارها، ولا تجعل المجتمع أو الأفراد في المرتبة التي يكونون فيها محبوبين عند الله؛ لأن الله عز وجل يحب التوابين ويحب المتطهرين، الذين يتطهرون من هذه الأرجاس والأدناس والأوزار والأوضار، والمعاصي والآثام، التي عندما سرت وانتشرت وتكاثرت وعظمت؛ ألفها الناس فلم يعودوا ينكرونها، واستمرءوها فلم يعودوا يرون فيها غضاضة ولا تحرجاً، والله عز وجل قد جعل التربية الإيمانية تنبني على شفافية روحية، وعلى طهارة قلبية، وعلى صفاء إيماني يميز فيه العبد بين الحق والباطل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا [الأنفال:29]، أي: قلوباً حية تفرقون بها بين الحق والباطل، وأنفساً طاهرة تأبى الأدناس والأرجاس، وروحاً محلقة لا ترضى أن تحوم حول الجثث، بل ترقى إلى آفاق السماء العليا، تطلب هواءً عليلاً، وجواً نقياً، وقمة سامقة.

الغذاء الإيماني الذي يحفظ الطهارة

نعم -أيها الإخوة المؤمنون- قد عشنا في الأوحال كثيراً، وقد خالطنا الأدناس كثيراً، فلم يعد أحدنا يتنبه إلى ما يقع على أثوابه الباطنية من هذه الأرجاس والأدناس.

التطهر بالأعمال الصالحة

إن الأمر يحتاج إلى الاجتناب والابتعاد أولاً، ولا يكفي ذلك؛ بل يحتاج إلى مزيد من التطهر بأعمال مباشرة يبتغي بها العبد زكاء نفسه، ونظافة قلبه، وإحياء روحه، وتقوية عزمه، وصفاء ذهنه، وقوة عقله، وذلك لا يكون إلا بالطاعة والعبادة لله عز وجل: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ [البقرة:282].

وتأمل ما وصف الله عز وجل في شأن هذا الغذاء الإيماني الذي يحفظ الطهارة، ويديم الوضاءة: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ [النور:36-37]، جاءت هذه الآية بعد الآية التي ضرب فيها المثل لإشراق الإيمان في قلب المؤمن، وهي قوله عز وجل: اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ [النور:35] أين هذا الضياء؟! أين هذا الإشراق؟! أين نجد هذا الغذاء؟! أين نجد هذا الزاد؟!

يأتي الجواب في الآية التي بعدها مباشرة: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ)، فلابد للعبد أن يطهر نفسه وقلبه، وأن يزكيها بدوام الخضوع، واستمرار السجود، ودوام الذكر، ولهج اللسان بالتحميد والتنزيه والتعظيم لله سبحانه وتعالى، وإرسال البصر للتفكر في عظمة خلق الله عز وجل، والسماع لآيات القرآن ولمواعظ الذكر، ذلك كله تطهير للنفس من أوضارها، وتزكية لها ورفع لمستوياتها.

ولذلك قال الله عز وجل: لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ [التوبة:108]، أي: في بيوت الله عز وجل والتي لم يعد يرتادها كل المسلمين اليوم، وإذا ارتادوها فإنهم سريعاً ما ينصرفون عنها، ويخرجون منها، فلم تعد قلوبهم معلقة ببيوت الله عز وجل حتى ينالوا وصف المحبة، وحتى ينالوا كرامة التظليل بظل عرش الله عز وجل، كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من السبعة الذين يظلهم الله: (ورجل قلبه معلق بالمساجد إذا خرج منها حتى يعود إليها).

التطهر بالإنفاق واجتناب المال الحرام

وكذلك أمر مهم لم أشر إليه، وهو قوله عز وجل: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا [التوبة:103]، هذا الأمر بالإنفاق هو نوع من تطهير النفس من شحها وبخلها وحسدها للآخرين، نوع من صقلها من هذه الأمراض الخطيرة، ولذلك فإننا أيضاً نحتاج إلى التطهير في الأموال التي خالطها الحرام إلا ما رحم الله، فهذه أموال الربا التي يتعامل بها كثير من الناس ويتعاطونها، وكذلك أكل أموال الناس بالباطل والمخادعة، والتعدي على حقوق الآخرين، واكتساب المال من حل وحرمة.

ومن أعظم هذه الصور التي تشيع في مجتمعاتنا: استعباد المستخدمين، وإلجاؤهم بحكم موقع القوة الناشئة عن كفالتهم، أو عن تأشيراتهم، أو غير ذلك، فيجعله يدفع له ضريبة هي أشبه بالمكوس المحرمة دون أن يقدم له شيئاً، ويضطره إلى ذلك اضطراراً، ويجبره عليه إجباراً، ويأكل هذا المال، وهو مال محرم عليه.

ومن أعظم الآثار الناشئة عن عدم طيب المطعم: حرمان إجابة الدعاء؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال لـسعد : (أطب مطعمك تكن مجاب الدعوة).

أيها الإخوة الأحبة! إننا في حاجة إلى أن نتنبه إلى هذا التطهر، وأن نطهر أموالنا وبيوتنا وقلوبنا وظواهرنا وبواطننا من كل ما حرم الله عز وجل، أسأل الله أن يوفقنا لطاعته ومرضاته، وأن يصرف عنا أسباب الفسق والفجور والعصيان، وأن يبعدنا عن نزغات الهوى، وأن يسلمنا من نزغات الشيطان وهمزه ونفثه ووسواسه.

اللهم احفظنا بالإسلام قائمين، واحفظنا بالإسلام قاعدين، واحفظنا بالإسلام نائمين.

اللهم احفظنا من فوقنا، اللهم احفظنا من أمامنا، ومن خلفنا، وعن أيماننا، وعن شمائلنا، ومن فوقنا، ونعوذ بك اللهم أن نغتال من تحتنا.

اللهم إنا نسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى، وأن تجعلنا هداة مهديين.

اللهم إنا نسألك لقلوبنا الصفاء والنقاء، ولأبداننا الصحة والعافية، ولذرياتنا الصدق والإخلاص برحمتك يا أرحم الراحمين!

اللهم تول أمرنا، وارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، واغفر ذنبنا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا.

اللهم إنا نسألك العفو والعافية، والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة.

اللهم أنزل علينا الرحمات، وأفض علينا الخيرات، وضاعف لنا الحسنات، وارفع لنا الدرجات، وأقل لنا العثرات، وامح عنا السيئات برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راض عنا.

اللهم طهر مجتمعاتنا من كل ما لا تحبه ولا ترضاه برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم طهر سائر أوضاعنا عما لا تحب وترضى يا أكرم الأكرمين.

اللهم إنا نسألك العفو والعافية، والمعافاة الدائمة، في الدين والدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين.

اللهم إنا نسألك أن تعز الإسلام والمسلمين، وأن تذل الشرك والمشركين، وأن ترفع راية الحق والدين، وأن تنكس رايات الكفرة والملحدين.

اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل دائرة السوء عليه، واجعل تدبيره تدميراً عليه.

اللهم يا سميع الدعاء! يا قوي يا عزيز! يا منتقم يا جبار! نجعلك اللهم في نحور أعدائنا، ونعوذ بك اللهم من شرورهم، ونسألك اللهم أن تحصيهم عدداً، وأن تقتلهم بدداً، وألا تغادر منهم أحداً، وأن ترينا فيهم عجائب قدرتك وعظيم سطوتك، وأن تزلزل الأرض تحت أقدامهم، وأن تأخذهم أخذ عزيز مقتدر.

اللهم نكس جباههم، وسود وجوههم، وأذل أعناقهم، اللهم لا ترفع لهم راية، واجعلهم لمن خلفهم آية، اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، وأرنا فيهم يوماً أسود قريباً يا سميع الدعاء! يا من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.

اللهم رحمتك بعبادك المؤمنين المستضعفين في كل مكان يا رب العالمين، اللهم ارزقهم الصبر عند البلاء، اللهم وارزقهم الرضا بالقضاء، اللهم وعجل فرجهم، وقرب نصرهم، وفرج كربهم، ونفس همهم يا أرحم الراحمين!

اللهم وانصر عبادك وجندك المجاهدين في كل مكان يا رب العالمين، انصرهم على عدوك وعدوهم يا حي يا قيوم!

عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله؛ استجابة لأمر الله: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56] ، وترضوا على الصحابة الكرام، وخصوا منهم بالذكر ذوي القدر العلي، والمقام الجلي: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ، وعلى سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ورحمتك يا أرحم الراحمين!

وأقم الصلاة؛ إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , دعوة للتطهير للشيخ : علي بن عمر بادحدح

https://audio.islamweb.net