إسلام ويب

قسم الله الخلق يوم القيامة إلى مراتب ثلاث: في القسم الأول يأتي السابقون، ثم أصحاب اليمين وكلا الفريقين من أهل الجنة لكن تختلف درجاتهم فيها، أما القسم الثالث فهم أصحاب الشمال وهم وقود النار وحصبها، وقد كان للشيخ معهم وقفه في بيان حالهم وذكر صفاتهم في الدنيا والآخرة، وذلك من خلال تفسيره الممتع لآيات سورة الواقعة والتي تناولت ما سبق ذكره.

تفسير آيات من سورة الواقعة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فهذا هو اللقاء الثالث بعد المائتين من اللقاءات التي تعرف بـ (لقاء الباب المفتوح) التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو العشرون من شهر محرم عام (1420هـ).

تفسير قوله تعالى: (ثلة من الأولين وثلة من الآخرين)

نبتدئ هذا اللقاء كالعادة بالكلام على بعض الآيات الكريمة التي وصلنا فيها إلى قول الله تبارك وتعالى: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ [الواقعة:39-40] هؤلاء هم أصحاب اليمين الذين هم في المرتبة الثانية، والمرتبة الأولى السابقون، الذين قال الله تعالى فيهم: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ [الواقعة:13-14] أي: ثلة من الأولين من هذه الأمة، وقليل من الآخرين، فإن خير هذه الأمة خير قرونها القرن الأول الذي هو قرن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم الثاني ثم الثالث، ثم تتناقص.

أما أصحاب اليمين: فقال الله تعالى فيهم: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ [الواقعة:39-40] أي جماعة من هؤلاء وجماعة من هؤلاء.

تفسير قوله تعالى: (وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال)

ثم ذكر الله القسم الثالث فقال: وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ [الواقعة:41] وهم الكفار والمنافقون فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ [الواقعة:42-44] هذا الذي هم فيه، سموم أي حرارة شديدة والعياذ بالله، وقد بين الله تبارك وتعالى في آيات كثيرة كيفيتها، فقال الله تعالى: سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً [النساء:56] وأخبر أنه يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ [الحج:19-22] والآيات في هذا المعنى كثيرة.

وقوله: (حميم) الحميم: هو الماء الحار شديد الحرارة، فهم -والعياذ بالله- محاطون بالحرارة من كل وجه ومن كل جانب، وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ [الواقعة:43-44] اليحموم: هو ما يكون بين الضوء الشديد في اللهب وبين الدخان، لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ [الواقعة:44] يعني: ليس بارداً يقيهم الحر، ولا كريماً يتنعمون فيه، ويستريحون فيه، نسأل الله العافية لنا ولكم.

تفسير قوله تعالى: (إنهم كانوا قبل ذلك مترفين...)

ثم بين حالهم من قبل فقال: إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ [الواقعة:45] وذلك في الدنيا، قد أترف الله أبدانهم وهيأ لهم من نعيم البدن ما وصل فيه إلى حد الترف، لكن هذا لم ينفعهم والعياذ بالله ولم ينجهم من النار.

تفسير قوله تعالى: (وكانوا يصرون على الحنث العظيم)

تفسير قوله تعالى: وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ [الواقعة:46] (يصرون) أي: يستمرون عليه، والحنث العظيم هو الشرك، لأن الأصل في الحنث الإثم، والعظيم هو الشرك، قال الله تعالى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13].

تفسير قوله تعالى: (وكانوا يقولون أإذا متنا وكنا تراباً..)

وكانوا أيضاً ينكرون البعث: وَكَانُوا يَقُولُونَ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ [الواقعة:47-48] يعني: ينكرون هذا إنكاراً عظيماً، يقولون: أإذا بليت عظامنا وصارت رفاتاً هل نبعث، وأيضاً هل يبعث آباءنا الأولون ولهذا يحتجون يقولون: ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [الجاثية:25] وهذه حجة باطلة، لأنه لا يقال لهم: إنكم ستبعثون اليوم، وإنما تبعثون يوم القيامة، فكيف تتحدونا وتقولون هاتوا آبائنا، فاليوم الآخر ليس هو الحاضر اليوم حتى يتحدوا ويقولوا هاتوا آبائنا، نقول إن هذا يكون يوم القيامة.

تفسير قوله تعالى: (قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات...)

قال الله عز وجل: قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ [الواقعة:49-50] الأولون من المخلوقين، والآخرون كلهم سيبعثون في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر، لا جبال ولا أشجار ولا كروية بل تمد الأرض مسطحة، يرى أقصاهم كما يرى أدناهم، الآن لما كانت الأرض كروية فإن البعيد لا تراه، لأنه منخفض، لكن إذا كان يوم القيامة سطحت الأرض صارت كالأديم، أي كالجلد الممدود، فيبعث الخلائق كلهم على هذا الصعيد، وقوله: إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ عند من؟ عند الله عز وجل، لقول الله تعالى: يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي... [الأعراف:187].

تفسير قوله تعالى: (ثم إنكم أيها الضالون المكذبون...)

قال تعالى: ثُمَّ إِنَّكُمْ [الواقعة:51] أي بعد البعث أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ [الواقعة:51] الضالون في العمل فهم لا يعملون، المكذبون للخبر فهم لا يصدقون والعياذ بالله، لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ [الواقعة:52] آكلون من شجر، هذا الشجر نوعه من زقوم، كما تقول خاتمٌ من حديد، بابٌ من خشب، جدارٌ من طين، فقوله: مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ من شجر متعلقة بأكل، من زقوم بيان للشجر، وسمي زقوماً لأن الإنسان -والعياذ بالله- إذا أكله يتزقمه تزقماً لشدة بلعه، لا يبتلعه بسهولة فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ [الواقعة:53] أي أنهم يملئون البطون من هذا الشجر مع أن هذا الشجر مر خبيث الرائحة، كريه المنظر، لكن لشدة جوعهم يأكلونه كما يأكل الجائع المضطر العذرة، وكما يأكل قيئه، فهم يأكلونه على تكره، كما قال الله عز وجل: وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ [إبراهيم:16-17] هم يأكلون من هذا الشجر ويملئون البطون منها، يأتيهم شغف، شغف عظيم جداً على الأكل، حتى يملئوا بطونهم مما يكرهون، وهذا أشد في العذاب نسأل الله العافية، مع ذلك إذا ملئوا بطونهم من هذا اشتدت حاجتهم إلى الشرب، فكيف يشربون قال الله تعالى: فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَمِيمِ [الواقعة:54] الحميم: الماء الحار، يشربون من ماءٍ حار بعد أن يستغيثوا مدة طويلة، وقد وصف الله هذا الماء بقوله: يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً [الكهف:29] وقال عز وجل: وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ [محمد:15] فتأمل -يا أخي- هذا! إن قربوه من الوجوه يشوِها، وإذا دخلت بطونهم قطع أمعاءهم، ومع ذلك يشربونه بشدة، يقول: فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ [الواقعة:55] يعني شرب الإبل الهائمة إلى الماء التي لا يرويها الشيء القليل فيملئون بطونهم والعياذ بالله من الشجر الزقوم ويشربون من الحميم شُرْبَ الْهِيمِ أي: شرب الإبل (الهيم) جمع هائمة أو جمع (هيماء) يعني: أنها شديدة العطش، فتملأ بطونها، وبطونها كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (معها سقائها -وهو البطن الذي يمتلئ ماءً- وحذاؤها) أسأل الله أن يجيرني وإياكم من النار هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ [الواقعة:56] أي: هذه ضيافتهم، بخلاف المؤمنين فإن ضيافتهم جنات الفردوس إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً * خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً [الكهف:107-108].

تفسير قوله تعالى: (نحن خلقناكم فلولا تصدقون)

ثم قال عز وجل: نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ [الواقعة:57] وهذا أمرٌ لا أحداً ينكره، أن خالقنا هو الله، حتى المشركون الذين يشركون مع الله إذا سئلوا من خلقهم؟ قالوا: الله، يعني نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ أول مرة، فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ أي في إعادتكم ثاني مرة، ولولا هنا بمعنى هلا تصدقون، كان الواجب عليهم وهم يصدقون بأن خالقهم أول مرة هو الله، أن يصدقوا بالخلق الآخر، لأن القادر على الخلق الأول قادر على الخلق الآخر من باب أولى، كما قال عز وجل: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ [الروم:27] وقال عز وجل: وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى [النجم:47] إذاً نحن خلقناكم متى؟ اليوم أو ما مضى فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ أي: فهلا تصدقون أننا نعيدكم، نخلقكم مرة ثانية، لأن القادر على الخلق أول مرة، قادر على الخلق في المرة الأخرى.

تفسير قوله تعالى: (أفرأيتم ما تمنون...)

ثم ضرب الله تعالى مثلاً بل أمثالاً لما فيه وجودنا وما فيه بقاؤنا وما فيه استمتاعنا، فقال: أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ * أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ [الواقعة:58-59] أي: أخبروني عن هذا المني الذي يخرج منكم، هل أنتم تخلقونه أم الله؟

الجواب: الله عز وجل هو الذي يخلقه، فيخرج من بين الصلب والترائب، هو الذي يخلقه في الرحم خلقاً من بعد خلق، فنحن لا نوجد هذا المني، ولا نطوره في الرحم بل ذلك إلى الله عز وجل أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ الجواب: بل أنت يا ربنا!

نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمْ الْمَوْتَ [الواقعة:60] أي: قضيناه بينكم فكل نفس ذائقة الموت، اللهم اجعلها على الحق والعدل، كل نفس ذائقة الموت ولابد، حتى الأنبياء والرسل، قال الله تعالى: وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِيْنْ مِتَّ فَهُمْ الْخَالِدُونَ [الأنبياء:34] نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمْ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ [الواقعة:60-61] أي: لا أحد يسبقنا فيمنعنا أن نبدل أمثالكم، بل نحن قادرون على ذلك وسوف يبدل الله تعالى أمثالنا، أي: ينشئنا خلقاً آخر، وذلك يوم القيامة، وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ [الواقعة:61] وذلك يوم القيامة.

تفسير قوله تعالى: (ولقد علمتم النشأة الأولى...)

قال تعالى: وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى [الواقعة:62] علمتم النشأة الأولى وأنكم نشأتم في بطون أمهاتكم وأخرجكم الله عز وجل من العدم فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ [الواقعة:62] أي: فهلا تتذكرون وتتعظون، وهذا دليل عقلي من الله عز وجل يعرضه على عباده، يقول: إننا بدأناكم أول مرة، وإذا بدأناكم أول مرة فلسنا بمسبوقين على أن نعيدكم ثاني مرة.

وإلى هنا نأتي إلى ما أردنا أن نتكلم عليه في التفسير.

الأسئلة

حال المؤمن عند وقوع الفتن

السائل: ماذا يجب على المؤمن عند وقوع الفتن، هل يعتزل الناس أم يخالطهم؟

الشيخ: إذا حصلت الفتن فالواجب على الإنسان أن يصبر، وأن يحاول كشف هذه الفتن ما استطاع، ولا يجوز له أن يعتزل الناس ما دام قادراً على أن يساهم في إزالة هذه الفتن أو تخفيفها، نعم لو فرضنا أن الرجل لا يستطيع أن يدافع هذه الفتن ويخشى على نفسه، فهنا الأولى أن يعتزل الناس.

حكم افتتاح اللقاءات والاحتفالات بتلاوة القرآن

السائل: ما رأيكم بإفتتاح اللقاءات والاحتفالات بتلاوة شيء من آيات كتاب الله الحكيم؟

الشيخ: أرى أن هذه الاحتفالات لا بأس بها، بل هي مشروعة، لكنها مشروعة لغيرها كيف ذلك؟

هذه الاحتفالات تجري فيها فوائد:

أولاً: إدخال السرور على التلاميذ الذين حفظوا، فيسرون بهذا.

ثانياً: أنه مظهر من مظاهر تعظيم القرآن الكريم، حيث جمع الناس له من أجل أن يحتفل به.

ثالثاً: أنه يحصل به التلاقي بين الإخوة من كل جهة والتعارف.

رابعاً: أنه لا يخلو من إرشادات وتوجيهات وبيان لفضل القرآن وحفظه وغير هذا، فهي مقصودة لغيرها في الواقع وفيها خير، فلا نرى بها بأساً، إن لم نقل إنها مطلوبة لما فيها من هذه الفوائد التي ذكرناها.

السائل: يا شيخ! ما حكم إفتتاح اللقاء بتلاوة كتاب الله؟

الشيخ: هذا لا أعلم له أصلاً، أنه يفتتح بشيء من القرآن، لكن جرت العادة به، والأحسن ألا يفعل، وأن يفتتح بالحمد والثناء على الله عز وجل وما تيسر من مقال.

حكم كتابة الأسماء المضافة إلى الله في الميداليات ودخول دورة المياة بها

السائل: الميدالية التي تكون لبعض أصحاب المؤسسات، رأيت واحدة فيها اسم عبد الرحمن ، وذكر لي صاحبها أنه يدخل بها إلى دورة المياه -أعزكم الله- فقال: إن عبد الرحمن كله بشخصه يدخل إلى دورة المياه، نفس الشخص الذي اسمه عبد الرحمن كله يدخل إلى دورة المياه، والشيء الآخر كتب (باسمه تعالى) في الأوراق التي قد تسقط في الشارع ويطأها الناس، هل هناك شيء في (باسمه تعالى)؟

الشيخ: أولاً: قوله: إن كل أحد هو عبد الرحمن هذا صحيح، لكن هل أنت اسمك عبد الرحمن؟ هل أنت على صفة كتابة عبد الرحمن؟ قل له هذا الكلام، أو أن لك رأساً ورجلين ولست مشكلاً بحركات أو إعراب؛ فهذه حجة باطلة ولا إشكال، هو نفسه لا يعتقد أنها حجة، ولكن لا شك أن الأفضل ألا يدخل بها، ولكن الغالب أن الميداليات تكون مخفية، فالمخفيات لا تضر، هذه واحدة.

الثاني: أما كتابة (باسمه تعالى) فلا يجوز، أصلاً كتابة (باسمه تعالى) حرام لأنها عدول عما في القرآن، القرآن (بسم الله الرحمن الرحيم) وأيضاً ربما يقول: (باسمه تعالى) من كان مشركاً يريد ولياً من أولياء الله، أو إماماً من الأئمة الذين يعتقد أنهم أئمة ويكتب (باسمه) ويريد اسم الإمام الذي يرى أنه إمام، فالضمير هنا ليس له مرجع بين، فالواجب أن يكتب باسم الله، وما رأينا أحداً يكتب (باسمه تعالى) إلا أهل البدع لأنهم ربما يرون أن أولياءهم أو أئمتهم هم الذين يدبرون الكون فيتبركون بأسمائهم ويقولون: (باسمه تعالى) ولا يصرحون بمرجع الضمير لئلا يتبين أمره.

حكم التصوير بالآلة الفوتوغرافية وكاميرا الفيديو

السائل: ما حكم التصوير بالآلة الفوتوغرافية وكاميرا الفيديو؟

الشيخ: لا أرى في تصوير كاميرا الفيديو مانعاً، لكن لا ينبغي إلا إذا كان هناك مصلحة، وأما التصوير بالكاميرا التي تكون على الأوراق فهذه ينظر الغرض من التصوير، إذا كان الغرض التمتع بالنظر إلى المصور كلما مضى وقت فهذا لا يجوز، وكذلك إذا كان المقصود الذكرى فهذا لا يجوز، لأنه يمنع دخول الملائكة للبيت، أما إذا كان للحاجة كالرخصة وتابعية، وما أشبهها، فلا بأس.

حكم من يستشهد بآية من الآيات ويقول: قال الله عز وجل حكاية عن فرعون أو غيره

السائل: من يستشهد بآية من الآيات ويقول: قال الله عز وجل حكاية عن فلان فرعون أو عن موسى أو عن كذا، كلمة (حكاية) ما حكمها؟

الشيخ: لا بأس، وليس فيها مانع لأننا لا نقول: إن القرآن حكاية عن كلام الله، هذا هو الممنوع، أما أنه يحكي عن غيره فلا بأس به، وما زال العلماء رحمهم الله يقولونها في كتب التفسير: قال الله تعالى يحكي كذا وكذا.

حكم زيادة سورة بعد الفاتحة في الركعتين الأخيرتين من الصلاة الرباعية

السائل: هذا إمام مسجد اعترض عليه أحد المأمومين وقال: إنك تقرأ في الركعتين الأخيرتين من صلاة الظهر والعصر سورة بعد الفاتحة، وقال: إنه سأل بعض المشايخ وقالوا: إنه مخالف للسنة، هل هذا صحيح؟

الشيخ: هذه المسألة اختلف فيها العلماء رحمهم الله، هل يقرأ في الركعتين الأخيرتين في الظهر والعصر أم لا؟

المشهور في مذهب الإمام أحمد أنه لا يقرأ ويقتصر على الفاتحة فقط، بناءً على ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي قتادة رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب) فقط، وبعضهم قال: لا بأس أن يقرأ، لأن حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (حزرنا قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة فذكر على ما يدل أنه يقرأ في الركعتين الأخريين) لكن هذا الحديث انفرد به مسلم، والأول في الصحيحين فمنهم من قدم الأول وقال: هذا شاذ، وأيضاً قال: إن حديث أبي قتادة صريح بأنه يقرأ أو لا يقرأ، وهذا يقول: حزرنا، والحزر بمعنى التقدير والتخمين، وليس التقدير والتخمين كاليقين، والذي يظهر أنه لا بأس به أحياناً أما أن يداوم عليه فلا.

حكم الصلاة في المكان الذي بعضه ظل وبعضه شمس

السائل: ما حكم الصلاة في المكان الذي بعضه ظل وبعضه شمس؟

الشيخ: الجلوس بين الشمس والظل منهي عنه، سواء في الصلاة أو غير الصلاة، حتى لو نمت وجعلت رأسك مثلاً في الشمس ورجليك في الظلال أو بالعكس فقد نهي عليه، لكن لو فرض إنك قائم تصلي والظل يمتد حتى كنت بين الظل والشمس فالظاهر إن شاء الله أنه لا شيء فيه، لأنك لم تتعمد الجلوس بين الظل والشمس.

حكم التصفيق في المدارس

السائل: ما القول الصحيح في قضية التصفيق في المدارس؟

الشيخ: التصفيق في المدارس تشجيعاً للطلاب لا بأس به، لأنه ليس هناك دليل على التحريم ولا على الكراهة.

السائل: لكن من حيث التشبه بالكفار؟

الشيخ: ليس هناك تشبه، كل المسلمين يفعلون هذا الآن، وقد ذكر الإمام مالك وابن حجر أيضاً نقله عنه في فتح الباري: إن الشيء إذا شاع وانتشر بين المسلمين والكفار فإنه يزول التشبه، لأن التشبه معناه أن تفعل ما يختص بالكفار، فإذا زالت الخصوصية لم يكن تشبه، أما من يفعله على سبيل اللهو، كالذين يصفقون عند الأناشيد، فهذا من اللهو الممنوع، وأما ما يفعلوه تعبداً كـالصوفية ونحوهم، فهذا أشد وأشد، هذا بدعة منكرة، ويشبه صلاة المشركين عند البيت الحرام الذي قال الله عنه: وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً [الأنفال:35] لكن ليس معنى أن قولنا: إن التصفيق جائز لتشجيع الطلاب أننا نأمرهم أن يفعلوه، لا ما نأمرهم لكن لا ننهاهم.

حكم التأجير المنتهي بالتمليك

السائل: ما حكم التأجير المنتهي بالتمليك؟

الشيخ: ما هو التأجير المنتهي بالتمليك؟

السائل: الذي يأجر سيارة لك وأنت تشتغل لمدة ثلاث سنوات وكل شهر تعطيه ثمانمائة ريال، ثم بعد ثلاث سنوات تملكها.

الشيخ: تملكها من دون شيء؟! ما يصير هذا! هذا ما هو معقول!

يقول: استأجر منك سيارة بمائة ريال كل شهر وبعد ثلاث سنين يملكها المستأجر، هذا ما هو معقول، لأن معنى ذلك الشركة تعطيك السيارة في النهاية مجاناً، وهي لا يمكن أن تفعل هذا.

أجرت لك السيارة كل شهر بمائة ريال إلى ثلاث سنين وبعد ثلاث سنين أعطيتك إياها، صارت في النهاية السيارة جاءت (مجاناً) لأن المائة الريال مقابل انتفاعك بها، فتكون (مجاناً) هذا لا يمكن أن يعقل، لكن لا يمكن أن يقول: نأجرك بمائة ريال وبعد ثلاث سنين تكون لك، إلا إذا كانت الأجرة مضاعفة، بمعنى أنه لو استأجرتها من غير هذا، لكان بخمسين ريال في الشهر، عرفت أو لا؟ هذا هو المؤكد، فأنت الآن تدفع أجرة أكثر من العادة قطعاً، ولا يضمن لك أن السيارة تبقى إلى ثلاث سنوات بل قد تتلف باحتراق أو صدام أو غير ذلك، وإذا حدث هذا صار المستأجر غارماً أم غانماً؟ صار غارماً وخسرت كل شهر زيادة النصف وما استفاد.

وإن بقيت السيارة فأنت غانم لأن السيارة جاءت (مجاناً) على أنني سمعت أنهم يقولون: إذا عجز عن تسديد آخر قسط أخذوا السيارة ولم يعطوه شيئاً، وهذا ظلم، لذلك هذه حيلة من أرباب الشركات والأموال أن يصطادوا أموال الناس في الماء العكر، وأصل الحيل في البيع والشراء جاءت من اليهود، فإنهم هم الذين تحايلوا لما حرمت عليهم الشحوم ماذا صنعوا؟ أذابوها ثم باعوها وأكلوا ثمنها، وهذه المسألة الآن تحت أنظار هيئة كبار العلماء يبحثون فيها وسيصدرون فيها إن شاء الله فتوى في الجلسة القادمة، لأنهم حتى الآن لم يتصوروا كيف تتم هذه المعاملة، فلا تدخل في هذه المعاملة حتى يأتي الفتوى من هيئة كبار العلماء.

حكم وصول ثواب مشروع خيري لشخص ميت

السؤال: شخص مات وقام بعض الإخوة بجمع تبرعات له وجعل في مشروع خيري، صدقة جارية، فهل هذا العمل جائز يا شيخ! وهل يصل إليه الثواب؟

الجواب: إن التصدق للميت يصل إليه لا شك، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة سعد بن عبادة أنه تصدق لأمه بنخلة، وكما في قصة الرجل الذي قال: (يا رسول الله! إن أمي افتلتت نفسها وإنها لو تكلمت لتصدقت، أفتصدق عنها؟ قال: نعم)، ولكن الدعاء أفضل من هذا والدليل على أن الدعاء أفضل من الصدقة للميت، قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) هذا من حيث الصدقة عن الميت.

أما من حيث هذه الطريقة التي ذكرت أنه يجمع للميت ويجعله في عقار ويكون صدقة فلا أرى هذا، لأن الصحابة رضي الله عنهم مات منهم من العظماء والذين لهم حق على الأمة من الخلفاء وغيرهم وما جمعوا لهم ليتصدقوا لهم ثم هذا يفتح باب شر على الناس، لأن مثل هؤلاء الزملاء إذا تبرعوا وقيل لواحد منهم: هات! تبرع، قال: لا، أنا لا أتبرع، أنا عيالي أحق من أن أتصدق لفلان، شنعوا عليه، وقالوا: فيك كذا وفيك كذا وفيك كذا.

ثالثاً: أنه ربما يؤدي إلى المماراة ويقال ما شاء الله، المدرسة الفلانية حصلوا مائة ألف ريال ونفعوا زميلهم وأنتم ماذا فعلتم؟ فيقال: لا، نحن دفعنا أكثر من مائة ألف، فلا أرى هذا، أخشى أن يسنوا في الناس سنة هم في غنى عنها، وأقول: أنتم جزاكم الله خيراً! والذي يتصدق عنه سراً فيما بينه وبين الله لا نمنعه من ذلك، ومع ذلك نرشده ونقول: أفضل من أن تتصدق عنه أن تدعو الله له.

من هم الأبدال؟

السائل: لي قريب يميل إلى الصوفية وأخبرني بأنه يوجد شيء اسمه الأبدال لهم سيطرة في العالم بعد إذن الله وكذا وكذا، وقرأت كتاب تفسير ابن كثير فورد في فضل سورة الإخلاص قال عن فلان وعن فلان وكان من الأبدال.. ثم أكمل المتن، فما هو قولك في الأبدال؟

الشيخ: الأبدال -بارك الله فيك- هم الذين إذا مات منهم واحد أبدله الله تعالى بغيره، يقوم في الناس معلماً وموجهاً ومرشداً، هذا من الأبدال، أما أن أحداً يتصرف في الكون كمن يدعي أن أحداً يتصرف في الكون مع الله فهو مشرك بالله عز وجل شركاً أكبر قال الله تعالى: قُلْ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ [سبأ:22-23] أما أولئك الصوفية الذين يدعون أن هناك أقطاباً تدبر الكون أو الرافضة الذين يدعون أن هناك أئمة يدبرون الكون فهذا شرك أكبر عليهم أن يتوبوا وأن يعلموا أن المدبر هو الله عز وجل، قال الله تعالى: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ [يونس:31] وهم مشركون، فسيقولون الله.

السائل: هو يقصد أنه إذا احتاج المسلم إلى أحد أو حاجة من الله سبحانه وتعالى فالله يوفق الأبدال أن يأتي من مكان بعيد بسرعة فائقة فيعينه؟

هذا كذب أبداً وإن كان أحداً تراءى له وقال: أنا فلان، فهو شيطان، والشيطان قد يتمثل بالإنسان، وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن من الشياطين من يتمثل به، ويقف في عرفة ويفتي الناس، ويقول: أنا شيخ الإسلام ابن تيمية ، هذا كذب ولا يجوز، ومراد العلماء الذين قالوا: إن هذه الأمة فيها الأبدال كشيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية وكذلك ابن كثير وغيرهم من علماء السنة، قصدهم الأبدال هم الذين إذا مات أحد ممن يقوم لعباد الله بالتوجيه والإرشاد والعلم خلفه غيره، أي صار بدلاً عنه.

حكم الجلوس في مكان المنكر من أجل إزالته

السائل: ما حكم الجلوس في مكان يوجد فيه منكر من باب إزالة المنكر؟!

الشيخ: نعم يجلس، من أجل أن ينهاهم عن المنكر.

السائل: حتى لو كان المنكر موجوداً يا شيخ؟!

الشيخ: كيف يزيل الإنسان إلا بهذا، كيف يزيل المنكر وهو عنده أو عالم به وينهى عنه من بعيد، لكن إذا جلس مقراً لهم على المنكر ساكتاً على إنكاره فهو مثلهم.

السائل: قد يكون -يا شيخ- غناء ويجلس معهم.

الشيخ: أجلس معهم وأقول يا جماعة! اتقوا الله أوقفوا هذا الغناء، إذا وقفوا فهذا المطلوب، وإذا لم يوقفوا يقوم ويتركهم.

السائل: هناك بعض الناس يحتجون بموقف حصل لبعض طلبة العلم يقول: إنه جاء مرة وكان هناك جلسة أغاني وبعد أن أكملوا قال لهم بعد ذلك: ماذا استفدنا.

الشيخ: هذه من الدعوة. يعني يريد أن يبين لهم أنه لا خير في هذا المجلس.

الثلة والقلة في سورة الواقعة

السائل: فضيلة الشيخ! ما الفرق بين قول الله عز وجل: ثُلَّةٌ مِنْ الأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنْ الآخِرِينَ [الواقعة:13-14] وفي الآية الأخرى: ثُلَّةٌ مِنْ الأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِنْ الآخِرِينَ [الواقعة:39-40] ؟

الشيخ: الفرق أن الأول في السابقين، السابقون ثلة من الأولين وقليل من الآخرين، لأنه كلما تمادى الوقت ضعف الدين والثانية أصحاب اليمين وهم أقل مرتبة من السابقين، صار فيهم جماعة من هؤلاء وهؤلاء.

السائل: هل الثلة بمعنى القلة؟

الشيخ: الثلة: الطائفة قليلة أو كثيرة، لكن ثُلَّةٌ مِنْ الأَوَّلِينَ [الواقعة:13] يعني كثيرة، بدليل قوله: وَقَلِيلٌ مِنْ الآخِرِينَ [الواقعة:14].

الإسراء والمعراج بروح الرسول صلى الله عليه وسلم وجسده

السؤال: هل كان الإسراء والمعراج في اليقظة أو المنام، وهل كان ذلك بروحه أم جسده؟

الجواب: الإسراء والمعراج كان ببدنه يقظة لا مناماً، لأن الله قال: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً [الإسراء:1] ولم يقل: بروح عبده، ثم أن قريشاً لما أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم صباح ليلة الإسراء أنكروا ذلك، وقالوا: كيف يمكن أنت في مكة وتصل إلى بيت المقدس وترجع في نفس الليلة، هذا لا يمكن، ولو كان مناماً ما أنكروه، لأنهم يعرفون أن النائم يرى أشياء لا تحصل في اليقظة، وليست تنقض المنامات بل تعترف بها، وكذلك لو قال في المعراج فقد قال الله تعالى في سورة النجم: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى [النجم:1-10] يعني الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا يعبر هذا التعبير إلا إذا كان بالروح والجسد.

معنى قوله تعالى: (ودانية عليهم ظلالها)

السؤال: في قول الله عز وجل في سورة الإنسان: وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا [الإنسان:14] ما معناها يا شيخ؟!

الشيخ: يعني ظلال الشجر دانية عليهم ما هي بعيدة، لأنه كلما دنا ظل الشجر صار الظل أترف وأبرد.

السائل: ذكر شيخ الإسلام في الفتاوي أن ليس في الجنة شمسٌ ولا قمر، إنما ظل تحت العرش؟

الشيخ: حتى لو لم يكن هناك شمس ولا قمر، تجد الآن ظلاً عند طلوع الفجر إذا ارتفع النهار يعني قبل طلوع الشمس، كذلك ينتج ظل عن النور الذي ينبعث من تحت العرش.

حكم المظاهرات وتأثيرها في إنكار المنكر

السؤال: ابتلينا في بلادنا بمن يرى بجواز المظاهرات في إنكار المنكر، فإذا رأوا منكراً معيناً تجمعوا وعملوا مظاهرة ويحتجون أن ولي الأمر يسمح لهم بمثل هذه الأمور؟

الشيخ: أولاً: إن المظاهرات لا تفيد بلا شك، بل هي فتح باب للشر والفوضى، فهذه الأفواج ربما تمر على الدكاكين وعلى الأشياء التي تُسرق وتسرق، وربما يكون فيها اختلاط بين الشباب المردان والكهل، وربما يكون فيها نساء أحياناً فهي منكر ولا خير فيها، ولكن ذكروا لي أن بعض البلاد النصرانية الغربية لا يمكن الحصول على الحق إلا بالمظاهرات، والنصارى والغربيون إذا أرادوا أن يفحموا الخصومة تظاهروا فإذا كان مستعملاً وهذه بلاد كفار ولا يرون بها بأساً ولا يصل المسلم إلى حقه أو المسلمون إلى حقهم إلا بهذا فأرجو ألا يكون به بأس، أما في البلاد الإسلامية فأرى أنها حرام ولا تجوز، وأتعجب من بعض الحكام إن كان كما قلت حقاً أنه يأذن فيها مع ما فيها من الفوضى، ما الفائدة منها، نعم ربما يكون بعض الحكام يريد أمراً إذا فعله انتقده الغرب مثلاً وهو يداهن الغرب ويحابي الغرب، فيأذن للشعب أن يتظاهر حتى يقول للغربيين: انظروا إلى الشعب تظاهروا يريدون كذا، أو تظاهروا لا يريدون كذا، فهذه ربما تكون وسيلة لغيرها ينظر فيها، هل مصالحها أكثر أم مفاسدها؟

السائل: كذا منكر حصل، فعملت المظاهرة فنفع.

الشيخ: لكنها تضر أكثر، وإن نفعت هذه المرة ضرت المرة الثانية.

القيمة التي تقطع فيها يد السارق، ومكان قطع رجل السارق

السائل: من شروط قطع يد السارق قال الفقهاء: يُقطع في ثمن مجن فأكثر، وبعضهم قال: في ربع دينار فأكثر، وفي الوقت الحاضر ما القيمة التي تقطع فيها يد السارق؟

الشيخ: ربع دينار، يعني ربع مثقال من الذهب.

السائل: كم مقداره يا شيخ؟

الشيخ: قليل جداً، يعني الدينار مثقال -دينار الإسلام- فيسأل أهل الذهب كم يساوي ربع المثقال من الذهب؟ قليل جداً يعني من عشرون ريال إلى حولها.

السائل: لكن رجل السارق من أين تقطع يا شيخ؟

الشيخ: من نفس العرقوب، يعني ظهر القدم فقط، لأن العقب لابد أن يبقى، لو قطع تضرر السارق في المشي، لأنه لو قطع صارت الرجل المقطوعة قصيرة، فيبقى العقب ويقطع من نفس العقب.

حكم زكاة الأموال القادمة بعد بلوغ النصاب وحولان الحول على المبلغ الأول فقط

السائل: رجل عنده مال وبلغ نصابه تقريباً عشرة الآف ريال، على سبيل المثال في أول محرم، وفي رمضان أتاه مبلغ من المال تقريباً عشرة الآف أخرى، وأيضاً في ذي الحجة عشرة الآف أخرى، وحال الحول -الجميع ثلاثون ألف- هل يزكي عن الثلاث أو عن الأولى؟

الشيخ: هل العشرة التي جاءت في رمضان وفي ذي الحجة هل هي ربح؟

السائل: لا، مثل ورث أو شيء آخر.

الشيخ: ابتداء ملك يعني، لكل عشرة حولها، فالعشرة الأولى التي ملكها في محرم، إذا جاء محرم يزكيها، والتي ملكها في رمضان يزكيها في رمضان، والتي في ذي الحجة إذا جاءت ذي الحجة يزكيها، وإن أحب أن يزكيها جميعاً مع المحرم، فله ذلك ويكون تعجيلاً لأجل أن يكون زكاة ماله طريقاً واحداً فلا بأس.

حكم المسابقات التجارية والمشاركة فيها

السائل: ما حكم المسابقات التي تعلنها بعض المحلات التجارية وتجعل فيها مسابقات مثل السيارات وغيرها وما حكم المشاركة فيها؟

الشيخ: لا بأس بها بشرطين:

الشرط الأول: ألا ترفع الأسعار على السلع التي في هذا المتجر.

الشرط الثاني: أن يكون المشتري له غرض بالسلعة، أي: أنه سيشتريها على كل حال.

أما إذا كان لا يشتري إلا من أجل الجائزة فهذا لا يجوز لأنه ربما يشتري أشياء كثيرة ولا يحصل على الجائزة.

الشيخ: لكن من شروط المسابقة الشراء!

الشيخ: أنا فاهم، هل أنت إذا اشتريت، اشتريت لحاجتك وإلا لأجل المسابقة؟

السائل: من أجل المسابقة.

الشيخ: ما يجوز، لأنك ربما تشتري بمائتين ريال أو ثلاثمائة ريال ولا تنجح، أما إذا كنت ستشتري حتماً، مثل البنـزين الآن، صاحب المحطة وضع الجائزة والبنـزين سعره واحد، واخترت هذه المحطة لأن فيها جائزة، ما أنت خسران، هذا لا بأس به، لأنك الآن إما أن تكون غانماً وإما سالماً، ليس هناك قمار، لكن لو كان لا تريد الشراء، مثلما سمعت أن بعض علب الألبان فيها جائزة، وسمعت أن بعض الناس يشترون مائة كرتون أو أكثر ثم يريقها في الأرض لعله يحصل على البطاقة التي فيها الجائزة، هذا لا يجوز، وكذلك لو رفع التاجر السعر فإنه لا يجوز، لأن هذا سيشتري بثمن أكثر فيكون إما غانماً وإما غارماً.المهم عرفنا الشرطين:

الأول: أن تكون قيمة السلعة كسائر القيم في السوق.

الثاني: أن يشتري الإنسان لحاجة لا لأجل الجائزة.

وقت إفضاء الرجل لزوجته في الجنة إذا كان له عدد من الحور العين

السائل: في الجنة يكون للرجل عدد من حور العين يفضي إليهن، فمتى يفضي إلى زوجته، وربما تكون الزوجة قد تزوجت أكثر من رجل فمات الواحد تلو الآخر، فمع من تجلس؟

الشيخ: أقول: متى يغتسل هناك إذا أصاب امرأة؟

السائل: ليس عليه غسل.

الشيخ: إذاً ليس عليه قسم، ما يجب عليه أن يقسم بين الزوجات.

السائل: فمتى يفضي إلى زوجته؟

الشيخ: متى ما شاء.

السائل: طيب والحور العين؟

الشيخ: متى ما شاء.

السائل: ألا تغار زوجته؟

الشيخ: ليس هناك غيره يا رجل!

أما إذا تزوجت اثنين وكانا من أهل الجنة، فإنها تخير بينهما وتختار أحسنهما خلقاً.

السائل: وإذا تزوجت رجلاً ومات الرجل، فمع من تجلس، وهي لم تتزوج إلا واحداً؟

الشيخ: هو يكون زوجها وله زوجات أخرى.

ميزان بعض الأقوال عند الدعاة والخطباء وصحتها

السائل: كثير من الوعاظ والأئمة في خطب الجمعة يقولون: الديان لا يموت افعل ما شئت كما تدين تدان، وحتى يذكر قول الشاعر:

ومن يزنِ يزنَ به ولو بجداره

فهل تصح هذه الأقوال مع القاعدة الشرعية: (ولا تزر وازرة وزر أخرى)؟

الشيخ: لا، لكن ورد حديث (أن من عف عف أبناؤه، ومن زنى زنى أبناؤه) فيكون هذا من شؤم الرجل على ذريته.

وإلى هنا ينتهي هذا اللقاء.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , لقاء الباب المفتوح [203] للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

https://audio.islamweb.net