وهي قسمة الميراث ].
الفرائض جمع فريضة، والفرض يطلق على معان منها: القطع والحز، وهو نصيب مقدر شرعاً لوارث مخصوص.
قد جاءت النصوص في الحث على تعلم الفرائض، وإن كان في بعضها ضعف، منها: (تعلموا الفرائض وعلموها الناس؛ فإنه أول علم ينسى) أو كما جاء في الحديث، وفي الحديث الآخر: (العلم ثلاث: آية محكمة، وفريضة عادلة، وسنة قائمة)، والمراد بالفرائض في اصطلاح علماء الفرائض قسمة المواريث، فقد أفردها العلماء بمؤلفات خاصة، وصار علماً خاصاً يسمى علم الفرائض.
الوارث ثلاثة أنواع: صاحب فرض، وعصبة، أو رحم من ذوي الأرحام، هذا على ما ذهب إليه المؤلف على قول الحنابلة ومن وافقهم؛ بأن ذوي الأرحام يرثون.
القول الثاني: أنهم نوعان: ذوو فرض، وذوو عصبة، ولا يرث ذوو الأرحام، وإنما إذا لم يكن للميت وارث بالفرض ولا معصب المال لبيت المال.
قال: [ فذو الفرض عشرة: الزوجان، والأبوان، والجد، والجدة، والبنات، وبنات الابن، والأخوات، والإخوة من الأم ].
الزوج والزوجة لا يرثان إلا بالفرض ولا يرثان بالتعصيب.
قوله: (والأبوان) يعني: الأب والأم، الأم لا ترث إلا بالفرض، والأب يرث بالفرض ويرث بالتعصيب ويجمع بينهما، فيرث بالفرض تارة، وبالتعصيب تارة، وبالجمع بينهما تارة، والمؤلف أراد أن يعد أهل الفروض الذين يرثون بالفرض.
قوله: (والجد).
الجد يرث بالتعصيب وبالفرض مع الفرع الوارث.
قوله: (والجدة).
الجدة من أهل الفروض لا ترث إلا بالفرض.
قوله: (والبنات).
البنات يرثن بالفرض، إلا إذا عصبهن إخوانهن.
قوله: (وبنات الابن).
بنات الابن كذلك يرثن بالفرض إلا إذا عصبهن إخوانهن، أو أبناء عمهن الذين في درجتهن، أو أنزل منهن إذا احتجن إليه.
قوله: (والأخوات).
الأخوات يرثن أيضاً بالفرض، ويرثن بالتعصيب مع إخوانهن، والبنات أيضاً قد تعصبهن الأخوات، كما قال الرحبي :
والأخوات إن تكن بنات فهن معهن معصبات
قوله: (والإخوة من الأم).
يعني: الإخوة من الأم لا يرثون إلا بالفرض.
فالزوج له النصف إذا لم يكن للزوجة ولد، لا ذكر ولا أنثى؛ لقول الله تعالى: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ [النساء:12].
قال: [ فإن كان لها ولد فله الربع ].
يعني: إذا كان للزوجة ولد فإنه يرث الربع؛ لقوله تعالى: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ [النساء:12] فالزوج يرث بالفرض فإن كان لزوجته ولد فله الربع، وإن لم يكن لها ولد فله النصف.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ولها الربع واحدة كانت أو أربعاً إذا لم يكن له ولد، فإن كان له ولد فلهن الثمن ].
يعني: نصيب الزوجة دائر بين الربع والثمن، فإن كان زوجها الذي توفي عنها له ولد فلها الثمن، وإن لم يكن له ولد فلها الربع، وسواء كانت زوجة واحدة أو اثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً فالميراث بينهن؛ لقول الله تعالى: وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ [النساء:12].
وحال يكون عصبة، وهي مع عدم الولد.
وحال له الأمران: مع إناث الولد ].
هذه ثلاث حالات للأب: حال يرث فيها بالفرض فقط، فيرث السدس إذا كان لابنه الميت أبناء ذكور.
الحالة الثانية: يرث بالتعصيب فقط، وهو إذا لم يكن للميت أولاد ذكور ولا إناث، يرث المال تعصيباً، ويسقط الإخوة.
الحالة الثالثة: يجمع بين الفرض والتعصيب، وذلك إذا كان للميت بنت أو بنات إناث، فإن البنت تأخذ النصف إن كانت واحدة، وإن كن اثنتين فأكثر فيرثن الثلثين، والباقي للأب، فيرث الأب السدس بالفرض والباقي بالتعصيب، فيجمع بين الأمرين، هذه حالات الأب؛ لأن الله تعالى نص على هذا: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ [النساء:11].
يعني: الجد كالأب في أحواله الثلاث: إن كان للميت فرع وارث ذكر ورث السدس، وإن لم يخلف ولداً لا ذكراً ولا أنثى ورث بالتعصيب، وإن خلف أنثى ورث بالفرض والتعصيب؛ لأن الجد كالأب في أحواله الثلاث، كما قال المؤلف رحمه الله.
قال: [ وله حال رابع وهو مع الإخوة والأخوات للأبوين أو للأب، فله الأحظ من مقاسمتهم كأخ، أو ثلث جميع المال، فإن كان معهم ذو فرض أخذ فرضه، ثم كان للجد الأحظ من المقاسمة، أو ثلث الباقي أو سدس جميع المال ].
يعني: هذه الحالة الرابعة على القول بتوريث الإخوة مع الجد، والمراد بالإخوة الأشقاء أو لأب، أما الإخوة لأم فيسقطهم الجد بالاتفاق.
وله حالتان أيضاً: الأولى: إذا كان معهم صاحب فرض.
الثانية: ألا يكون معهم صاحب فرض.
فالحالة التي لا يكون معهم صاحب فرض يخير الجد بين أمرين: بين المقاسمة أو ثلث المال، ويأخذ ما هو الأحظ، فإذا كان الإخوة أكثر من مثلي الجد فالأحظ للجد المقاسمة، وإن كانوا مثليه استوى له الأمران.
أما إذا كان معهم صاحب فرض، فصاحب الفرض يأخذ فرضه، ثم يخير الجد بين واحد من ثلاثة أمور: المقاسمة، أو ثلث الباقي، أو سدس جميع المال.
قال: [ وولد الأبوين كولد الأب في هذا إذا انفردوا ].
يعني: إذا انفرد الإخوة الأشقاء قاسموا الجد، وإذا انفرد الإخوة لأب كذلك، أما إذا اجتمع إخوة لأب وإخوة أشقاء، فإن الإخوة الأشقاء يعادون الجد بالإخوة لأب، فإذا عادوهم وانصرف الجد، رجع الإخوة الأشقاء وأخذوا ما بأيدي الإخوة لأب، وهذه تسمى مسائل المعادة، وهي معروفة في باب الجد والإخوة.
أقول: والصواب أن الإخوة لا يرثون مع الجد مطلقاً، وهذا هو الذي تدل عليه الأدلة، والذي عليه المحققون أن الجد يسقط الإخوة مطلقاً، مثل: الشيخ الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وكذلك شيخ الإسلام وابن قدامة ، وشيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه وجمع من المحققين وهو الصواب الذي تدل عليه النصوص، وعلى هذا يلغى باب الجد والإخوة من الفرائض على هذا القول الصحيح.
قال: [ فإن اجتمعوا عاد ولد الأبوين الجد بولد الأب، ثم أخذوا ما حصل لهم، إلا أن يكون ولد الأبوين أختاً واحدة، فتأخذ النصف وما فضل فلولد الأب، فإن لم يفضل عن الفرض إلا السدس أخذه الجد وسقط الإخوة، إلا في الأكدرية وهي: زوج وأم وأخت وجد، فإن للزوج النصف، وللأم الثلث، وللجد السدس، وللأخت النصف، ثم يقسم نصف الأخت وسدس الجد بينهما على ثلاثة، فتصح من سبعة وعشرين، ولا يعول من مسائل الجد سواها، ولا يفرض لأخت مع جد في غيرها ].
يعني: تكون من ستة، للزوج النصف ثلاثة وللأم الثلث اثنان، وللجد السدس واحد انتهت الفريضة، لكن يفرض للأخت النصف ثلاثة، فتعول إلى تسعة، ثم بعد ذلك ينظر إلى الجد مع الأخت كأنه أخ، فرءوسهم ثلاثة: الجد عن اثنين، والأخت عن واحد، فتضرب مجموع رءوسهم في أصل المسألة، وهي من تسعة، فتصير من سبعة وعشرين، ثم يقتسمونها؛ للجد اثنان وللأخت واحد، هذا إذا تمت المسألة، وسميت أكدرية؛ لأنها كدرت على المسألة الأولى.
قال: [ ولو لم يكن فيها زوج كان للأم الثلث، والباقي بين الأخت والجد على ثلاثة، وتسمى الخرقاء؛ لكثرة اختلاف الصحابة رضي الله عنهم فيها ].
يعني: إذا لم يكن في هذه المسألة زوج، فتكون المسألة من ثلاثة: للأم الثلث واحد، والباقي للأخت والجد، الجد برأسين اثنين، والأخت واحد، فتضرب ثلاثة في ثلاثة تصير من تسعة، للأم الثلث واحد في ثلاثة بثلاثة، وللجد والأخت اثنين في ثلاثة بستة، له أربعة ولها اثنان.
قال: [ ولو كان معهم أخ أو أخت لأب صحت من أربعة وخمسين، وتسمى مختصرة زيد ، فإن كان معهم أخ آخر من أب صحت من تسعين، وتسمى تسعينية زيد ، ولا خلاف في إسقاط الإخوة من الأم وبني الإخوة ].
يعني: الإخوة من الأم يسقطهم الجد، وكذلك يسقط أبناء الإخوة، إنما الخلاف في الإخوة الأشقاء والإخوة لأب، أما الإخوة من الأم فلا خلاف في أن الجد يسقطهم، وكذلك أبناء الإخوة.
قال الشارح: (ولو كان معه أخ أو أخت لأب صحت من أربعة وخمسين وتسمى مختصرة زيد ، وهي أن تكون أم وأخت لأبوين، وأخ وأخت لأب، وجد، فللأم السدس من ستة، يبقى خمسة، للجد ثلثها، فتضرب المسألة في ثلاثة، تكون ثمانية عشر: للأم ثلاثة، وللجد خمسة، وللأخت من أبوين تسعة، ويبقى سهم للأخ والأخت على ثلاثة، فتصح من أربعة وخمسين).
يعني: ثلاثة في ثمانية عشر ينتج أربعة وخمسين.
قال: (وتسمى مختصرة زيد ؛ لأنه لو قاسم الجد الأخ والأخت لانتقلت إلى ستة وثلاثين، يأخذ الجد عشرة والأم ستة والأخت من أبوين ثمانية عشر، ثم يبقى سهمان على ثلاثة).
وهذا مخالف للأصول؛ لأن الأخت تأخذ سهم الجد، فلذلك جعل هنا خمسة أسهم، وضربت رءوسهم فيما صح من المسألة.
قال: (فتضربها في ستة وثلاثين تصير مائة وثمانية، ثم ترجع بالاختصار إلى أربعة وخمسين فبذلك سميت مختصرة زيد ، فإن كان معهم أخ آخر أو أختان من أب صحت من تسعين وتسمى تسعينية زيد ، وهي أن تكون أم وأخت لأبوين، وأخوات، وأخت لأب، وجد، أصلها من ستة: للأم سهم فيبقى خمسة، للجد ثلثها، فتنتقل إلى ثمانية عشر، للأم ثلاثة، وللجد خمسة، وللأخت لأبوين تسعة، ويبقى سهم الأخوين).
يعني: السهم الثالث للجد، وأصل المسألة من ثمانية عشر.
قال: [ والأخت من الأب على خمسة تضربها في ثمانية عشر تكن تسعين، فلهذا سميت تسعينية زيد ).
يعني: إذا وضعها على الجدول وقسمها اتضحت له.
وللأم أربعة أحوال: حال لها السدس، وهي مع الولد أو الاثنين فصاعداً من الإخوة والأخوات ].
يعني: الأم لها أربع حالات:
الحالة الأولى: أن ترث السدس مع الفرع الوارث، أو مع جمع من الإخوة، والجمع اثنان فأكثر، فإذا كان الميت وهو ابنها له فرع وارث ابن أو بنت أو كان هناك جمع من الإخوة اثنان من الإخوة أو الأخوات، فإنها في هذه الحالة يفرض لها سدس المال.
قال: [ وحال لها ثلث الباقي بعد فرض أحد الزوجين، وهي مع الأب وأحد الزوجين ].
هذه الحالة الثانية: ترث الثلث الباقي بعد فرض الزوج أو الزوجة، يعني: في مسألة العمريتين: وهي زوج وأم وأب، أو زوجة وأم وأب، فإن الأم ترث الثلث الباقي، وهاتان المسألتان يقال لهما: العمريتان؛ لأن عمر رضي الله عنه قضى فيها للأم بثلث الباقي.
زوج وأم وأب فالمسألة من ستة: للزوج النصف ثلاثة، وإذا قلنا: للأم الثلث اثنان بقي واحد للأب، فصارت الأم تأخذ ضعف الأب، وهذا ليس له نظير في الفرائض، فلهذا اجتهد عمر رضي الله عنه، وقال: في هذه الحالة نعطيها ثلث الباقي، فإذا أخذ الزوج النصف ثلاثة بقي ثلاثة تأخذ الأم ثلث الباقي واحد والباقي اثنان للأب، ووافقه الصحابة على هذا.
المسألة الثانية: زوجة وأم وأب، المسألة من أربعة: للزوجة الربع واحد، فلو قيل: إن الأم لها الثلث تأخذ اثنان والأب واحد، وهذا لا نظير له، فلهذا اجتهد عمر وقال: تعطى ثلث الباقي، تأخذ الزوجة الربع واحد، واثنان للأب، وواحد للأم وهو ثلث الباقي.
إذاً: في هاتين المسألتين وهما: زوج وأم وأب، أو زوجة وأم وأب يفرض للأم ثلث الباقي، ويقال لهما: العمريتان؛ لأن عمر رضي الله عنه قضى فيهما بذلك ووافقه الصحابة؛ لئلا تأخذ الأم ضعف الأب، وهذا لا نظير له في الفرائض، فالمعروف أن الأنثى تأخذ نصف ما يأخذ الذكر.
قال: [ وحال لها ثلث المال، وهي في ما عدا ذلك ].
هذه الحالة الثالثة: تأخذ ثلث المال؛ وهي إذا لم يكن للميت -وهو ابنها- فرع وارث، ولا جمع من الإخوة، وليست المسألة إحدى العمريتين، فإنها تأخذ ثلث المال، كما لو مات شخص عن أم وعم، فالمسألة من ثلاثة: للأم الثلث واحد، والباقي للعم.
قال: [ وحال رابع: وهي إذا كان ولدها منفياً باللعان، أو كان ولد زنا، فتكون عصبته، فإن لم تكن فعصبتها عصبة ].
هذه الحالة الرابعة: إذا كان ابن زنا نعوذ بالله فإن ولد الزنا ينسب إلى أمه، ليس له أب، فإذا مات فإنها ترثه أمه، وتكون له عصبة، أي: لا ترثه بالفرض، وإنما تعصبه وترث ماله كله، فإن لم يكن له أم، فإن عصبة أمه يرثون ابنها من الزنا، كأبيها أو أخيها أو ابنها أو عمها، وكذلك الابن الذي لاعنت عليه زوجها وانتفى من الأب، فإنها ترثه عصبة، كما لو لاعن زوج زوجته على نفي الابن وانتفى منه، فقال: إنه ليس ابني ولاعن عند الحاكم أو القاضي، وشهد أربع شهادات أنه ليس ابناً له، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم شهدت أربع شهادات إنه كاذب والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، في هذه الحال يفرق بينهما، وينتفي الابن عن الأب، وينسب إلى أمه وترثه، فإن ماتت ورثه عصبتها.
وللجدة -إذا لم تكن أم- السدس واحدة كانت أو أكثر إذا تحاذين ].
يعني: الجدة لها السدس بشرط فقد الأم، فإن وجدت الأم فإن الجدة محجوبة بالأم، وسواء كانت واحدة أو اثنتين أو ثلاثاً، إذا تساوين في الدرجة، ويكون لكل واحدة منهن ثلث السدس، كما لو مات شخص عن ثلاث جدات: أم أم الأم، وأم أم الأب، وأم الجد، فهن متساويات، فيكون السدس بينهن أثلاثاً، كل واحدة لها ثلث السدس.
فمن قربت منهن فهو لها وحدها، كما لو مات شخص عن أم الأم، وأم أم الأب، فالسدس لأم الأم؛ لأنها أقرب، وكما لو مات شخص عن أم الأب وأم أم أم أب الأب، فالسدس لأم الأب؛ لأنها أقرب.
وإذا أدلت الجدة بقرابتين فلها ثلثا السدس، كما لو تزوج شخص ببنت عمته فأتت بولد فإن الجدة واحدة من قبل أمه ومن قبل أبيه، ترث ثلثي السدس، وكما لو تزوج بنت خالته فأتت بولد فكذلك ترث ثلثي السدس، أعني إذا كانت صاحبة القرابتين مع جدة أخرى لها قرابة واحدة، فتأخذ ذات القرابتين ثلثي السدس، والأخرى تأخذ ثلثي السدس، كما لو تزوج شخص بنت عمته أو بنت خالته فأم أم أمه هي أم أم أبيه، وإذا كان معها جدة ثالثة، فتكون التي أتت بالأم والأب تأخذ ثلث السدس، والجدة الأخرى ترث ثلث السدس.
قال: [ فإن كان بعضهن أقرب من بعض فهو لقرباهن ].
يعني: الأقرب منهن.
قال: [ وترث الجدة وابنها حي ].
يعني: ترث الجدة وابنها حي وإن كانت تدلي به، فإذا مات شخص عن أب وجدة من قبل أبيه ترث الجدة السدس والباقي للأب، بخلاف الأم فإنها لا ترث الجدة معها، فالأم تحجب الجدة.
قال: [ ولا يرث أكثر من ثلاث جدات: أم الأم، وأم الأب، وأم الجد ومن كان من أمهاتهن وإن علون ].
وفي الرواية الأخرى: أنه ترث الجدة ولو أتت بأب أعلى من الجد، ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية .
قال: [ ولا ترث جدة تدلي بأب بين أمين ].
يعني: لا ترث جدة تدلي بأب بين أمين، مثل: أم أب الأم، فتسمى في عرف الفرضيين: الجدة الفاسدة، قد تكون صالحة في نفسها، ولكنها فاسدة في عرف الفرضيين؛ لأنها لا ترث، وهي الجدة التي تدلي بأب بين أنثيين، مثل: أم أب الأم، فلا ترث في هذه الحالة؛ لابد أن تدلي بمحض الأمهات، أو بمحض الآباء، تكون أم أم أم، أو أم أم أب أب، أما أم أب أم، فلا ترث وتسمى الجدة الفاسدة عند الفرضيين.
قال: [ ولا بأب أعلى من الجد ].
يعني: هذه الجدة لا ترث، لأنها أتت بأب أعلى من الجد، والقول الثاني: أنها ترث، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية .
قال: [ فإن خلف جدتي أمه وجدتي أبيه سقطت أم أبي أمه، والميراث للثلاث الباقيات ].
يعني: شخص خلف أربع جدات: جدتين من قبل الأم، وجدتين من قبل الأب، فالجدتان من قبل الأم: أم أم أمه وأم أبي أمه، والجدتان من قبل الأب: أم أم أبيه وأم أب أبيه، فترث ثلاث جدات وتسقط الرابعة وهي الجدة الفاسدة: أم أبي أمه؛ لأنها أدلت بذكر بين أنثيين، والثلاث الجدات الباقيات يرثن السدس أثلاثاً.
وللبنت النصف، وللبنتين فصاعداً الثلثان ].
يعني: إذا مات الإنسان عن بنت فإنها ترث نصف المال؛ لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ [النساء:11] يعني: إذا كانت واحدة فإنها ترث النصف، بشرط عدم المشارك وهي أختها، وعدم المعصب وهو أخوها، كما مر معنا في الفرائض، وإن كن اثنتين فأكثر فإنهن يرثن الثلثين.
قال: [ وبنات الابن بمنزلتهن إذا عدمن ].
يعني: بنت الابن إن كانت واحدة ترث النصف، وإن كن اثنتين فأكثر يرثن الثلثين، لكن بشرط عدم البنات الأعلى منهن.
قال: [ فإن اجتمعن سقط بنات الابن، إلا أن يكون معهن أو أنزل منهن ذكر فيعصبهن فيما بقي ].
يعني: إذا اجتمع بنات وبنات ابن، كما إذا هلك هالك عن بنتين وثلاث بنات ابن، فالبنتان لهما الثلثان وبنات الابن يسقطن ولا يرثن، إلا إذا كان معهن أخوهن فإنه يعصبهن ويرثن معه الباقي تعصيباً، أو كان معهن ابن عمهن الذي في درجتهن أو أنزل منهن فإنه يعصبهن ويسمى الأخ المبارك.
إذاً: بنات الابن لا يرثن مع البنات؛ لأن البنات يأخذن الثلثين، إلا إذا كان معهن معصب كأخيهن أو ابن عمهن الذي في درجتهن، أو أنزل منهن إذا احتجن إليه.
قال: [ وإن كانت بنت واحدة وبنات ابن فللبنت النصف ولبنات الابن -واحدة كانت أو أكثر من ذلك- السدس تكملة الثلثين، إلا أن يكون معهن ذكر فيعصبهن فيما بقي ].
يعني: إذا مات شخص عن بنت وبنت ابن، فالبنت لها النصف وبنت الابن السدس تكملة الثلثين، إلا إذا كان معها أخوها أو ابن عمها فإنه يعصبها، وترث معه الباقي تعصيباً.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ فصل.
والأخوات من الأبوين كالبنات في فرضهن ].
يعني: إذا مات شخص عن أخت فلها النصف، وعن أختين فلهما الثلثان، بشرط ألا يوجد فرع وارث، وبشرط عدم المعصب وهو أخوها، وكذلك أيضاً عدم الأصل الوارث من الذكور وهو الأب والجد، إذا وجدت هذه الشروط فالأخت الواحدة لها النصف، والأختان لهما الثلثان.
قال: [ والأخوات من الأب معهن كبنات الابن مع البنات سواء ].
يعني: إذا مات شخص عن أخت شقيقة وأخت لأب، فالأخت الشقيقة لها النصف والأخت من الأب لها السدس تكملة الثلثين.
قال: [ ولا يعصبهن إلا أخوهن ].
يعني: الأخت لا يعصبها إلا أخوها، بخلاف بنت الابن فإنه يعصبها أخوها أو ابن عمها الذي في درجتها أو الذي أنزل منها، أما الأخوات فلا يعصبهن إلا أخوهن، فلا يعصبهن ابن العم ولا يعصبهن من هو أنزل منهن.
قال: [ والأخوات مع البنات عصبة، لهن ما فضل ].
يعني: إذا مات الميت عن بنتين وأختين فالبنتان لهما الثلثان، والأختان لهما الباقي تعصيباً، قال الرحبي :
والأخوات إن تكن بنات فهن معهن معصبات
فالأخوات يكن عصبة مع الغير، يعني: مع البنات، فإذا مات شخص عن بنات فلهما الثلثان، والأخوات لهن الباقي تعصيباً.
قال: [ وليس لهن معهن فريضة مسماة؛ لقول ابن مسعود رضي الله عنه في بنت وبنت ابن وأخت: (أقضي فيها بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: للبنت النصف، ولبنت الابن السدس، وما بقي فللأخت) ].
يعني: البنت لها النصف، وبنت الابن لها السدس تكملة الثلثين، والباقي للأخت تعصيباً.
والإخوة والأخوات من الأم سواء ذكرهم وأنثاهم، لواحدهم السدس، وللاثنين السدسان، فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث ].
يعني: الإخوة لأم لهم أحكام تخالف بقية الورثة، منها: أن ذكرهم وأنثاهم سواء، بخلاف الإخوة الأشقاء فللذكر مثل حظ الأنثيين، أما الإخوة لأم فالأخ يرث السدس، سواء كان ذكراً أو أنثى، وإن كانا اثنين فلهما الثلث، وإن كانوا أكثر من اثنين فكذلك ليس لهم أكثر من الثلث؛ لقوله تعالى: وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ [النساء:12]، ولا يرث الإخوة من الأم إلا إذا كان الميت كلالة، وهو الذي لا ولد له ولا والد؛ لأن الإخوة من الأم يسقطهم ستة: الأب، والجد، والابن، وابن الابن، والبنت، وبنت الابن.
ومنها: أن أحدهم إذا انفرد فله السدس، وإذا كانوا اثنين فأكثر فلهم الثلث.
الجواب: هذا فيه تفصيل: المذي ليس من البول؛ لأن المذي نجاسته مخففة، لكن يجب غسل ما أصاب من البدن، ويجب غسل الذكر والأنثيين؛ لحديث: (اغسل ذكرك وأنثييك) فإذا تحقق أن الرطوبة موجودة في أثناء الصلاة، فإنه يقطع الصلاة، لكن لا يكون وسواساً، لابد أن يتحقق من هذا.
والمذي هو ماء لزج يخرج على رأس الذكر عند اشتداد الشهوة وعند الملاعبة، فإذا أصاب الثوب فيكفي فيه النضح؛ لأن نجاسته مخففة، وللمشقة.
الجواب: هو مخير بين دينار أو نصف دينار، وهو أربعة أسهم من سبعة، فصرف الجنيه أربعة من سبعة أسهم من الجنيه، فإذا كان الجنيه بسبعين، يكون الدينار بأربعين ونصف الدينار بعشرين، وإذا كان سبعمائة يكون الدينار أربعمائة، ونصف الدينار مائتين، فالدينار أربعة أسباع الجنيه.
الجواب: المعروف أن التقاعد عندنا في هذه البلاد منحة من الدولة، يكون للقصار فقط، يعطى الابن والبنت والزوجة، فإذا تزوجت الزوجة سقط حقها، وإذا بلغ الابن ثماني عشرة سنة سقط حقه، وإذا تزوجت البنت سقط حقها، والمعروف أن التقاعد ليس إرثاً، فإذا كانت هذه الأخت متزوجة فليست من القصار، وليست من الأبناء، فليس لها شيء، هذا المعروف عندنا، وفي البلاد الأخرى على حسب النظام.
إذاً: المعروف أن التقاعد ليس إرثاً، وإنما هو منحة من الدولة للقصار، ولهذا يقسمونه ويقولون: للابن كذا، والبنت كذا، وللزوجة كذا، فإذا تزوجت البنت سقط حقها، وإذا تزوجت الزوجة سقط حقها، وإذا بلغ الابن سقط حقه.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر