إسلام ويب

فقه الأسرة [4]للشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • رتب الله تعالى لكل واحد من الزوجين حقوقاً على الآخر، ورتب للأولاد حقوقاً على الجميع، ورتب للأصهار حقوقاً كذلك لا بد من رعايتها بالاحترام والعناية، وجعل الصهر كالنسب، فلا بد أن تكون العشرة على أساس معروف، والمعروف يشمل أوجه الإحسان كلها، فلا بد أن يكون الركنان المكونان للأسرة المسلمة آخذين بمبدأ الشرع بالإنصاف وعدم التطفيف، فمن المعلوم أن التطفيف هو أن يأخذ الإنسان كل حقوقه، وأن ينتقص من حقوق الآخرين.

    1.   

    آداب العشرة بين الزوجين

    الحمد لله رب العالمين، ونصلي ونسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه، واستن بسنته إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فقد سبق فيما مضى التنويه بالاعتبار الشرعي لعقد النكاح بما يترتب عليه من الآثار، وبيان أن الله تعالى سماه ميثاقاً غليظا، وجعله سبباً للتوارث، وسبباً لربط الصلات ونشوء العلاقات وتقويتها وتوطيدها، وسبق كذلك ارتباطه بالدين والمروءة، وسيأتي الحديث اليوم عن بعض آثاره، وفيما يتعلق بالعشرة في بناء الأسرة، وهي لا شك من أهم موضوعات بناء الأسرة، فهي مما يكثر فيه الانحراف، والميل عن طريق الحق.

    قيام العلاقة بين الزوجين على المعروف والإنصاف

    إن الله سبحانه وتعالى رتب لكل واحد من الزوجين حقوقاً على الآخر، ورتب للأولاد حقوقاً على الجميع، ورتب للأصهار حقوقاً كذلك لا بد من رعايتها بالاحترام والعناية، وجعل الصهر كالنسب كما سبق في آية الفرقان، وفي حديث أبي ذر في افتتاح مصر، وفي غير ذلك من النصوص الشرعية، فلا بد أن تكون العشرة على أساس معروف، كما قال الله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ [النساء:19].

    والمعروف يشمل أوجه الإحسان كلها، فلا بد أن يكون الركنان المكونان للأسرة المسلمة آخذين بمبدأ الشرع بالإنصاف وعدم التطفيف، فمن المعلوم أن التطفيف هو أن يأخذ الإنسان كل حقوقه، وأن ينتقص من حقوق الآخرين، وهو في كل شيء، فهو غير مختص بالبيوع، بل يشمل كل شيء، كما قال مالك رحمه الله في الموطأ: يقال: لكل شيء وفاء وتطفيف. و عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: للرجل الذي تأخر يوم الجمعة، حتى قام الإمام على المنبر، فتوضأ فأتى: لقد طففت. ومعناه: أنه أخذ كل ما له من الحق ونقص بعض الذي عليه.

    التعاون على البر والتقوى بين الزوجين

    وكذلك لا بد أن تقوم هذه العلاقة على أساس التعاون على البر والتقوى، فهذا التعاون واجب على المسلمين جميعا، ويتأكد ويزداد في حق الذين تربطهم هذه الرابطة القوية، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ [المائدة:2]، فلذلك لا بد أن يستشعر كل واحد من ركني الأسرة أنه يحترم الطرف الآخر، ويسعى معه للنجاح في أمور الدنيا وأمور الدين، والقيام بالوظائف المشتركة، وليعلم قيم الأسرة أنه مسئول عن دينها وعن رفاهيتها في الآخرة، وليس مسئولاً فقط عن أمورها الدنيوية، وقد أكد الله ذلك في كتابه وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6] وهذه الآية بينت قانوناً مهما ً من قوانين التوازن، فإن الإنسان إذا كان يخاف على أولاده، وأهله من آلام الدنيا، ومن الهوان فيها والعذاب، فعليه أن يخاف عليهم من عذاب الله يوم القيامة، فإذا اشتكى أحد أولاده أو أهله بشوكة يشاكها، أو مرض يصاب به، يبذل جاهه وماله ووقته من أجل تخفيف معاناته في الدنيا، ومن الهوان فيها والعذاب، فعليه أن يخاف عليهم من عذاب الله يوم القيامة.

    احترام إنسانية المرأة وشخصيتها

    ومن المعلوم أن من حقوق المسلم على أخيه أن لا يقبحه، وأن لا يحتقره وأن لا يكذب عليه، فهذه من الضرورات التي لا بد منها، وقد بينها النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ( المسلم أخو المسلم لا يحقره ولا يكذبه، ولا يخذله، ولا يسلمه، التقوى هاهنا، وأشار إلى صدره ثلاثاً، بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ).

    وإن كثيراً من الناس إذا حصلت هذه العلاقة يظن أنها تقضي على كل الحقوق، ويظن أن استقلالية هذا الإنسان ومكانته قد زالت بزوال الفوارق بينه وبينه, وهذا غير صحيح؛ لأن كل الروابط تنقطع يوم القيامة: يَوْمَ يَفِرُّ المَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ [عبس:34-37]، فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ [المؤمنون:101]، يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ المُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ * وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ [المعارج:11-14]، فإذا كان الإنسان سيفر منهم يوم القيامة، ويخاف أن يطالبوه بحقوقهم، وأن يرفعوه إلى الحكم العدل الذي لا يظلم عنده أحد، فينبغي أن يرعى ذلك في هذه الحياة مادام بينهم، فقد حض النبي صلى الله عليه وسلم على تعافي الحقوق، وقال: ( أيها الناس تعافوا الحقوق فيما بينكم، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم )، أي: قبل العرض على الله في المحشر، فذلك اليوم عندما يأتي الناس يخاصمون لا يجد الإنسان ما يقضي به حقوق الناس؛ إلا من أعمالهم، ولذلك سألهم النبي صلى الله عليه وسلم: ( أتدرون من المفلس فيكم؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال: بل المفلس من يأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال، ويأتي وقد ضرب هذا، وشتم هذا، وأكل مال هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، حتى إذا نفدت حسناته ألقي عليه من سيئاتهم ثم ألقي به في النار )، ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما حدث عائشة رضي الله عنها بحديث أم زرع ، أتى به على صورة الإقرار على عشرة أبي زرع لـأم زرع ، فقال لـعائشة : ( كنت لك كـأبي زرع لـأم زرع غير أني لا أطلقك )، وفي حديث أم زرع هذا، تقول: أم زرع عن أبي زرع : ( وعنده أقول فلا أقبح، وأنام فأتصبح، وأشرب فأتقمح )، فهنا ذكرت أن النقد غير البناء مأمون منه، فلا ينتقدها إذا قالت؛ لأنه يعتبر لها إنسانيتها وشخصيتها، فلا يكذبها في قولها مالم تلح عليه علامات الكذب، ولا ينتقدها في رأيها ما دام معقولاً، ولا ينتقدها في تصرفاتها الشخصية، كنومها وطعامها وشرابها، فهذه الأمور شخصية في الإنسان ومختصة به، وهو أدرى بما يصلح له منها، فلذلك لا بد أن يحافظ ركنا العشرة على هذا الجانب من الشخصية لكل واحد منهما، فيخص الآخر بما يختص به من أموره الشخصية، ويحافظ على أسراره، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم خطر ذلك ومسئولية المرأة فيه، فأسرار كل واحد منهما أمانة لدى الآخر، ويجب عليه الحفاظ عليها، وليعلم أن الأصل في الأسرار أن لا تتعدى صاحبها، وقديماً قال الحكماء:

    إذا جاوز الاثنين سر فإنه ببث وتكثير الوشاة قمين

    وقد قال بعض أهل العلم: حبس الكلام يعتمد على الشفتين، فإذا نطق الإنسان بذلك فقد خرج من ملكه وطوقه، فأصبح في ملك الآخرين، وقديماً قال الآخر:

    إذا ما كتمت السر عمن أوده توهم أن الود غير حقيقي

    وما صنت عنه السر عن ظنة به ولكنني أخشى صديق صديقي

    فالعلاقات متعدية، وكما بينك وبين هذا الإنسان علاقة، فإن بينه وبين آخر علاقة، فلن تلومه إذا سرّب لصديقه الحميم ما سربت أنت له؛ لأن علاقته بذلك الشخص كعلاقتك أنت به.

    مراعاة الفوارق والأحوال بين الزوجين

    وكذلك فإنه لا بد من مراعاة الفوارق والأحوال، فمن النادر أن تكون الأسرة الواحدة في نفس المستوى من العمر والثقافة والدين والخلق والاهتمام، فهذا من النادر جداً وقلّما يوجد، ولا بد أن تبقى فروق بين الجانبين، وهذه الفروق لا بد من مراعاتها، ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما تزوج عائشة رضي الله عنها، كان حينئذٍ قد قارب الخمسين من عمره، وعندما دخل بها كان في الحادية والخمسين من عمره، على روايتها، وعلى رواية غيرها في الثالثة والخمسين من عمره، لكنه راعى الفرق بينهما في العمر، فراعى اهتماماتها ورغباتها، فلما رغبت في النظر إلى الأحباش، وهم يتدربون في المسجد على رمي الحراب، وقف لها النبي صلى الله عليه وسلم في الباب، فكانت تنظر من بين كتفه ورقبته إليهم، ويلتفت إليها ويقول: ( أشبعت، وتقول: ما ظنك بجارية حديثة السن )، وكذلك فإنه سابقها، كما في حديثها في الصحيحين.

    وكذلك: فإنه صلى الله عليه وسلم كان يأذن لها في حضور الأعراس والمناسبات، كما في صحيح مسلم ، أنها خرجت لحضور عرس في الأنصار، وسألها النبي صلى الله عليه وسلم: ماذا قلتن؟ فعلمها ما تقول في ذلك، فكل هذا من مراعاة الظروف بين ركني الأسرة في العمر والاهتمام، وكذلك لا بد أن يكون كل واحد منهما مقدراً لمحبة الآخر وعلاقاته، وهذا هو رمز الوفاء والإباء، والمروءة؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتفظ لـخديجة رضي الله عنها حتى بعد موتها بعلاقاتها ومودتها، فعندما سمع صوت امرأة تسلم عليه هش لها وقال: ( كانت تأتينا في زمان خديجة )، وكان يحب آل بيتها ويكرمهم، فكانت هالة بنت خويلد بن أسد ، وهي أخت خديجة تأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكرمها، وفي حديث عائشة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم ذبح شاة فأمر بتوزيعها في صديقات خديجة )، والمقصود بذلك أهل مودتها وأهل قربها، وكان صلى الله عليه وسلم يكرم أخوالها من بني عامر بن لؤي ، وهم أخوال خديجة ، فأمها منهم، فكان يكرم أخوالها من أجل علا قتها بهم، وهذا من تمام المروءة والوفاء.

    ولذلك كان الناس يتمادحون به قديماً، كما قال خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما:

    أحب بني العوام طراً لأجلها ومن أجلها أحببت أخولها سرداً

    فقوله: (أحب بني العوام طراً لأجلها)، أي: من أجل زوجته وهي رملة بنت الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب ، (ومن أجلها أحببت أخوالها سردا)، حتى أنه يحب أخوالها من بني سردة بن نضرة بن لحاف بن قضاعة.

    مراعاة كل من الزوجين للمستوى العلمي للآخر

    كذلك فلا بد من مراعاة كل واحد منهما لمستوى الآخر العلمي، وما يفكر فيه، فإذا كان المستوى العلمي لأحدهما رفيعاً فلا يعني ذلك احتقار الآخر، ولا النظر إليه بتعال عليه في مستواه المتدني، بل عليه أن يكون مكملاً له في نقصه، ومتمماً لما لديه من القصور، ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبين لأزواجه ما قصر فهمهن عنه، كقوله لـحفصة رضي الله عنها في ورود الناس جهنم، الوارد في سورة مريم في قول الله تعالى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا [مريم:71] بين لها أن الورود العبور.

    وكذلك في بيانه لـعائشة رضي الله عنها، أن من نوقش الحساب عذب، وكذلك بيانه لـعائشة ما يتعلق بعذاب القبر، كما في حديثها في الصحيحين أنها قالت: ( دخلت علي عجوزان من اليهود، فذكرتا عذاب القبر فكذبتهما، ولم أنعم أن أصدقهما، فلما خرجتا دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته: أيعذب الناس في قبورهم؟ فقال: عائذاً بالله من عذاب القبر، ثم لم أزل بعد أسمعه يستعيذ بالله من عذاب القبر )، وكذلك جوابه لـأم سلمة رضي الله عنها عندما رأته يصلي ركعتين بعد العصر، فأرسلت خادمها يسأله عن الركعتين بعد العصر، فقال: ( هم الركعتان بعد الظهر شغلني عنهما وفد عبد القيس، قلت: أفنصليهما؟ قال: لا ).

    فهذا النوع هو لتعليم أهله، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على تعليم الرجل أهله في عدد من الأحاديث الصحيحة، وعقد البخاري لذلك باباً في الصحيح.

    الإحسان في الأمور المادية

    وكذلك فإن من تمام العشرة الإحسان فيما يتعلق بالأمور المادية، فإن الله سبحانه وتعالى أوجب للنساء على الرجال النفقة والسكنى بالمعروف، وهذا يشمل أداء ضرورياتهن وحاجياتهن وكمالياتهن، على حسب المستطاع، وبحسب المستوى الذي هو فيه، وأداء ذلك لا بد أن يكون عن طيبة نفس، فإذا كان الإنسان يؤديه لكن مع ضيق وسوء عشرة، فإنه لا يمكن أن يأخذ مكانه من القلب، والمقصود من المال تحبيب القلوب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه مالك في الموطأ، و الحاكم في المستدرك: ( تهادوا تحابوا وتذهب الشحناء )، فالمال يقصد به إزالة الشحناء وحصول المحبة والمودة، فإذا كان المال يرتبط به منٌّ وأذى؛ فإنه لا يؤدي إلى الحكمة المنشودة منه، ولا يؤدي إلى الهدف المنشود كما قال الشاعر:

    ألبان إبل تعلة بن مسار ما دام يملكها علي حرام

    لعنَ الإله تعلةَ بنَ مساورٍ لعناً يشنُ عليهِ من قُدام

    إنَ الذين يسوغ في أحلاقهم زادٌ يمنُ عليهم للئامُ

    فلذلك إذا أخذ الإنسان مالاً من أحد يعلم أنه سيمن عليه بما أخذ، فلن يأخذه برضاً، ولن يؤدي الهدف المنشود من حصول المحبة والمودة، وكذلك فإن الذي يبذل ينبغي أن يبذل أيضاً دون حاجة إلى بذل ماء الوجه والمسألة، فذلك مما يصان عنه الناس، ولا شك أن الإعطاء دون مسألة أبلغ في النفس وأكثر تأثيراً فيها، ولهذا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطي الناس قبل أن يسألوه، ففي حديث ابن عمر في الصحيحين: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على بعير لـعمر بن الخطاب ، كان يبطئ عليه عبد الله بن عمر فنخسه به، فقدم أمام الركب فكان لا يغلب، أي في السباق، فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم، من عمر ووهبه لـعبد الله بن عمر )، وكذلك في حديث جابر : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما انصرف من تبوك مر عليه وهو على بعير له قد أعيا أي تخلف من شدة السفر فضربه فسبق الإبل، فساومه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، حتى اشتراه منه، فاشترط عليه حملانه إلى المدينة قال جابر : فلما أتيت المدينة جئت أقوده فنقدني الثمن، ثم قال: أحسبتني إنما كايستك لآخذ جملك هو لك )، فأخذ الجمل وثمنه، فهذا من هديه صلى الله عليه وسلم، وينبغي أن يقتدى به فيه.

    مراعاة الزوجين الأحوال النفسية لبعضهما

    كذلك فإن من تمام العشرة: أن يعلم الإنسان أن أحوال الطرف الآخر غير ثابتة، فقد يكون في وقت من الأوقات مغضباً بسبب آخر خارج عن البيت، وقد يشكو ألماً لا يستطيع التصريح به، وقد يشكو مرضاً نفسياً، أو تأثر من حادثة أو أمر ما، وقد يتأثر أيضاً فيصاب بعجز مادي عن بعض أموره، وكل ذلك يؤثر في نفسه، فلا بد أن يراعي الطرف الآخر هذه الظروف كلها، ولذلك فإن خديجة رضي الله عنها لما أتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرعوباً عند أول نزول الوحي إليه، قال لها: ( زملوني زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، ثم قال لـخديجة وأخبرها الخبر، والله لقد خشيت على نفسي، فقالت: كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق )، فراعت خديجة هذا الظرف الذي كان فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت خير مؤازر له فيه، ومثل ذلك مراعاة النبي صلى الله عليه وسلم لظروف نسائه، وما يعتريهن من الضعف والعوارض البشرية، فعندما رأى عائشة رضي الله عنها تبكي بكاءً شديدا عندما جاءت حاجة إلى مكة، فحاضت فبكت؛ لأن نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم سيرجعن بعمرة وحجة، وترجع هي بحجة، وشكت إليه ذلك فخفف عليها، وقال: ( لعلك نفست، فقلت: نعم، فقال: أمر كتبه الله على بنات حواء )، فخفف عنها معاناتها، وأخبرها بأن هذا من الأمور التي كتبها الله على نساء الجنس البشري كله، فلا عار عليها في ذلك، وعندما أراد الانصراف، وقد كان صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر وقضى نهمته، يحب الرجوع إلى المدينة بإسراع؛ لشدة محبته للمدينة، فقال للناس في اليوم الثاني عشر من ذي الحجة وهو يخطب: ( إنا نازلون غداً إن شاء الله بمحصب بني كنانة، حيث تعاهدوا على حرب الله ورسوله )، فلما زالت الشمس رمى الجمار، وانصرف على ناقته إلى خيمة له أو قبة له قد ضربت في المحصب، فصلى هنالك الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ثم ذهب إلى الحرم وطاف طواف الوداع، وأخبرته أم سلمة أنها ستطوف، فأخبرها أنه سيشغل لها الناس بصلاة العشاء، وأمرها أن تطوف من وراء الرجال على بعيرها، فصلى فقرأ بسورة الطور؛ ليشغل الناس بصلاة العشاء حتى تطوف أم سلمة ، فلما رجع دخل على عائشة فقالت: يا رسول الله! أيرجع صواحبي بعمرة وحجة، وأرجع بحجة فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يذهب بها إلى التنعيم، حتى تحرم منه، ويذهب بها إلى مكة لتطوف وتسعى وتتحلل ثم تلحق به في الطريق.

    وعندما دخل على صفية بنت حيي في ليلته تلك، فإذا هي تبكي فقال: ( حلقى عقرى، أحابستنا هي؟ تقول له: إنها قد أفاضت قال: فلتنفر إذاً)، ومعنى ذلك أنه صلى الله عليه وسلم يراعي ظروفهن، وما يعرض لهن من العوارض، وكل ما يشغل فكرهن، وما يتأثرن به من الأمور جميعاً، وكان هذا من رحمته صلى الله عليه وسلم التي جبله الله عليها، وأثنى عليه بها في قوله: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ [آل عمران:159].

    ولذلك ذكرت عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم ما ضرب امرأة قط، أي: ما رفع يده على امرأة قط من أجل تأديبها، وأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يخاطب أحداً بما يكره، ولذلك استغرب الوليد منه، عندما نادى مناديه فيه: يا إخوان القردة والخنازير! فقالوا: يا أبا القاسم والله ما كنت فحاشا، يقصدون أنه لم يكن يخاطبهم من قبل إلا بما يخاطب به الناس، مع أنهم قد غدروا به، وأرادوا قتله، وآذوا المسلمين أذىً شديداً، وهو يحاربهم ويمكنه الله منهم.

    وكذلك فإنه صلى الله عليه وسلم من تمام مراعاته لهذه الظروف لدى نسائه، ما كان عليه كذلك من الرحمة بهن في حال المرض، ومن عيادتهن، حتى ولو كان ذلك في وقت الغضب، كما في حديث الإفك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يعود عائشة في بيت أبويها، فيقول: ( كيف تيكم )، أي: كيف هي، وكيف حالها، فيسأل أبا بكر و أم رومان عن حال عائشة رضي الله عنها، ولا تستطيع أن تتكلم من شدة النافض أي: من شدة الحمى الشديدة التي أصابتها.

    وكذلك من مراعاته لهذا ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين، ( أن صفية بنت حيي جاءت تسلم عليه في معتكفه في المسجد، فخرج من معتكفه يقلبها ) أي: يوصلها إلى حجرتها في الليل، فهذا من تمام رفقه، وحسن معاشرته، فهو معتكف، ومع ذلك يخرج من معتكفه؛ ليوصل صفية رضي الله عنها إلى حجرتها، فلما مر به رجلان من الأنصار رأوا المرأة فأسرعا، فقال: ( على رسلكما إنها صفية بنت حيي ، فقالا: يا رسول الله! سبحان الله أنتهمك؟ قال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم )، فالتمس لهما العذر، وبين لهما الحكم الشرعي، وأزال عنهما ما قد يحصل في النفوس من الأنجاس.

    مراعاة الطباع والأخلاق

    كذلك فإنه لا بد من مراعاة كل واحد من الطرفين أيضاً؛ لأن الجنس البشري له طباع وأخلاق هو مجبول عليها، فلا بد من مراعاتها له، فالإنسان الذي هو حاد الطبع سريع الغضب، لا بد من مراعاة ذلك فيه، والإنسان الذي هو شديد الغيرة لا بد من مراعاة ذلك له، ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما مر بـأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما وهي تحمل النوى على رأسها من أرض الزبير بالعالية إلى المدينة، وهذه الأرض بغابة تبعد ثمانية أميال عن المدينة، وذلك لتخدم زوجها، وكان الزبير شديد الغيرة, لم يرد النبي صلى الله عليه وسلم أن يحملها على ناقته، مراعاة لظروفها؛ لأنها تعلم غيرة الزبير رضي الله عنه، ولما سمع ذلك الزبير قال: أعليك أغار يا رسول الله؟ فاستنكر ذلك.

    وكذلك ما أخبر به عن نفسه عندما رأى قصراً أبيض في الجنة لـعمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأراد أن يدخل فيه، فذكر غيرة عمر فلم يدخله، فقال عمر : يا رسول الله! أعليك أغار! فمراعاة ما لدى الناس من هذا النوع من الأخلاق والعادات أمر مهم، وهو قاضٍ على كثير من أسباب الغضب وأسباب الفرقة، فإذا كان الإنسان يراعي ظروف الناس، فإن كان لديه حساسية في شيء من الأشياء، أو لديه فرط جهل في جانب من الجوانب، أو لديه غيرة شديدة، فلا بد من مراعاة ذلك كله، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لـأم سلمة رضي الله عنها بإزالة الغيرة عنها، وقد سبق في الدرس الماضي أن الغيرة محمودة في الرجال، مذمومة في النساء، فلذلك دعا النبي صلى الله عليه وسلم لـأم سلمة أن تزول عنها الغيرة فزالت عنها.

    اهتمام الزوجين ببعضهما حال المرض

    وكذلك فمراعاة هذه الأحوال التي تعرض، منها ما يتعلق بالمرض، فإذا مرض الإنسان ضعف فاحتاج إلى الإحسان إليه، وزيادة الرفق به والرأفة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، في حال مرضه يسأل: ( أين أنا غداً )، ينتظر يوم عائشة ، فلما طال عليه ذلك سألهن أن يتمرض في بيت عائشة ، فأَذنّ له بذلك، فانتقل إلى حجرة عائشة رضي الله عنها وفيها أتاه الموت، وفيها دفن بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم، وقد أخبرت هي عن ذلك فقالت: ( توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين حاقنتي وذاقنتي ). وكان أزواجه يجتمعن عليه في مرضه، وقد أمرهن عندما اشتدت عليه الحمى أن يصببن عليه سبع قرب من ماء، فصببن عليه القرب، حتى رفع يده أي: حسبكن، ومراعاة حال المرض مهمة جداً، وبالأخص لما تتركه من الأثر، وهذا صخر بن عمرو بن شريد السلمي ، لما طعن في خصره فأيس الناس من حياته كانت أمه تعوده وتسلم عليه، وكانت زوجته تمل مكانه، وتتمنى موته، فقال أبياته المشهورة:

    أهم بأمر الحزم لو أستطيعه وقد حيل بين العور والنزوان

    أرى أم عمر لا تمل عيادتي وملت سليمى مضجعي ومكاني

    وأي امرئٍ ساوى بأم حليلة فلا عاش إلا في شقاً وهوانِ

    فكانت أمه تريه من الرأفة والرحمة والحنان في مرضه ما كان يتمنى أن يجد بعضه، أو يلمس بعضه لدى زوجته، فالرأفة في ذلك الوقت تبقي أثراً عجيبا، ولهذا شرعت عيادة المرضى وزيارتهم والتخفيف من معاناتهم، وكان ذلك حقاً عاماً على المسلمين.

    مراعاة حالات العجز المادي لدى الزوج

    كذلك فإن مراعاة الظروف للرجال في حال العجز المادي ونحوه مهمة أيضاً، وهي مما يؤدي إلى حصول المحبة والمودة، فقد كان علي رضي الله عنه في أول الهجرة من فقراء المهاجرين، وكان يذهب إلى امرأة من الأنصار فينتزع لها دلواً من ماء، كل دلو بتمرة واحدة، فإذا امتلأ كأسه من التمر قال: يكفيني هؤلاء، وأكل ذلك التمر، وأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكله معه، وعندما تزوج فاطمة رضي الله عنها، وهي سيدة نساء العالمين وبضعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم تكن الظروف المادية إذ ذاك مواسية ولا مساعدة للرفاه ولا للطمأنينة والسعة في الحال، ومع ذلك فقد تفهمت فاطمة رضي الله عنها هذا الوضع، فكانت تطحن في يدها حتى تأثرت كفاها بالرحى، وكانت تخدم فاطمة بنت أسد أم علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وعندما أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بسبي أمر علي فاطمة أن تسأله من ذلك السبي، فجاءت فاطمة تري رسول الله صلى الله عليه وسلم أثر الرحى في يدها، ففهم أنها تسأله خادماً، فلم يجبها، ووزع ذلك السبي في المسلمين، ثم جاء إلى علي و فاطمة في حجرتهما، وقد ناما في فراشهما، فأرادا القيام إليه، فقال: ( مكانكما، فجلس بينهما فوضع بياض رجليه في بطن علي وأسند ظهره إلى بطن فاطمة ، قال علي : فأحسست ببرد رجليه في ظهري، فقال: إذا أويتما إلى فراشكما فكبرا الله أربعاً وثلاثين، وسبحاه ثلاثاً وثلاثين، واحمداه ثلاثاً وثلاثين، فهو خير لكما من خادم، قال علي : فما تركته منذ علمنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة واحدة، قيل: ولا ليلة صفين؟ قال: ولا ليلة صفين )، وهنا مراعاة فاطمة لظروف علي رضي الله عنه، وولايتها بأمه، ومساعدتها له في هذا الأمر، كل ذلك يدخل في هذا القبيل، وحتى في ظروف القتال والظروف غير الاعتيادية، ففي الصحيح أن فاطمة رضي الله عنها رمى لها علي بن أبي طالب رضي الله عنه سيفه يوم أحد، وأمرها أن تزيل عنه الدم، وبين لها بلاءه به في قتال المشركين.

    إحسان الزوجين إلى أقارب بعضهما

    وكذلك فإن من أوجه العشرة التي لا بد من مراعاتها أيضاً: الإحسان إلى أقارب الزوج، ومراعاة ظروفهم، فالإنسان المقطوع الذي ليس له أصل ولا فرع، ليس له قريب لا خير فيه، فلذلك لا بد أن تدرك المرأة أن زوجها إذا كان له أقارب كثر فهذا مما يزيد مكانته في المجتمع، ويقوي الرغبة فيه، والإنسان الذي ليس حوله أحد، ولا يمت لأحد بصلة لا خير فيه، فلذلك لا بد أن تحسن إلى أقاربه جميعاً، وأن تتقصى آثار العلاقة به بالإحسان.

    وكذلك لا بد أن يستشعر الزوج هذا حيال أقارب زوجته، فلا بد أن يحسن إليهم، وأن يراعي حق الصهارة فيهم، وقد أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي العاص بن الربيع بحسن صهارته، وبصدقه ووفائه في معاملته معه، وعندما أسر أرسلت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعقد لـخديجة تريد به فداء أسيرها أبي العاص بن الربيع عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، و زينب مسلمة، و أبو العاص يومئذٍ مشرك، فلما جاء العقد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورآه تذكر أيام خديجة ، فرحم زينب ، وعرض على المسلمين أن يردوا عليها عقدها وأسيرها فقال: ( إن شئتم رددتم عليها عقدها وأسيرها )، فقالوا: نفعل، فردوا عليها العقد والأسير، فهذا من إحسان العشرة وكمالها، ولذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينتقد تصرف زينب , بل أعجب به ورأى أنه من تمام العقل وتمام التدبير، أن تحسن إلى زوجها.

    إن هذه الأمور لو ذهبنا نستقصيها ونعدها، ستفوت العد وتكثره، وقد ألف فيها كثير من العلماء كتباً مستقلة، فقد ألف النسائي رحمه الله كتاب عشرة النساء، وقد أدرج هذا الكتاب في السنن الكبرى له، وطبع وحده مستقلاً أيضاً، وألف البيهقي كذلك في العشرة، وألف فيها عدد من أهل العلم بعد ذلك، فهي من الأمور المهمة التي لا بد من العناية بها.

    1.   

    المخالفات الشرعية في العشرة بين الزوجين

    وسنذكر نظير ما سبق بعض المخالفات التي تقع فيها، وهذه المخالفات بعضها من تصرفات الرجال، وبعضها من تصرفات النساء، وهي من الأمراض الشائعة، والعيوب الذائعة التي لا بد من علاجها وإزالتها من المجتمع.

    عدم المعرفة بأحكام النكاح وحقوق الزوجية

    فمن ذلك أن كثيراً من الشباب مقدمون على الزواج ولم يدرسوا أحكامه، فلا يعرفوا ما لهم من الحقوق، وما عليهم من الحقوق، ومن هنا فهم يظنون أنهم بالزواج أصبحوا ملوكاً يتصرفون دون مراقب، فيطلبون من الحقوق ما لا يمكن أن ينالوا، ويأخذونه بالغصب والإكراه، وهذا التصرف مخالف لقواعد العشرة السابقة، فعلى الإنسان أولاً أن يتعلم أحكامه، ويعرف ما له وما عليه، ثم بعد ذلك يعمل، فالعمل لاحق للعلم، وهو سابق عليه كما قال البخاري في صحيحه: باب العلم قبل القول والعمل؛ لقول الله تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ [محمد:19].

    فلا بد أن يتعلم الإنسان أولاً ما له من الحقوق وما عليه، ثم بعد ذلك يعمل بها.

    كتمان الأمور عن المرأة وتهميش رأيها

    كذلك فإن كثيراً من الأزواج يريدون لزوجاتهم أن يكن بعض المتاع، ليس لهن رأي ولا مشاركة في الأمر، فيكتمون أخبارهم وتصرفاتهم وأملاكهم وأموالهم وأمورهم كلها عن زوجاتهم, وهذا سبب لكثير من المشكلات، وسبب لعدم حصول الألفة داخل الأسرة، وسبب للقضاء على الطاقة والموهبة التي قد تفيد الإنسان تدبيراً وعقلا ً، فالإنسان قليل بنفسه كثير بإخوانه، وإذا وهبه الله عقلاً آخر وإنساناً آخر يفكر معه ويساعده في الرأي، فكيف يلغي عقله ويهمله، فهذا إهمال لطاقة عظيمة ومنفعة كبيرة كان بإمكانه أن ينتفع بها، وكثيراً ما يكون رأي المرأة نافعاً ومؤثراً، وتعرفون ما حصل في قصة الحديبية، حين أنقذ الله الموقف برأي أم سلمة رضي الله عنها، وحتى أن العرب في أمور الجاهلية يقرون بآراء النساء؛ لما لهن من الأثر البالغ في تجاوز العقبات والعراقيل، حتى إن عامر بن الظرب وكان من حكماء العرب وقضاتهم، وكان الناس يتحاكمون إليه، له أمة تسمى طفيلة ،لم يكن يظن أنها من أهل العقل والتدبير، فجاءه خصوم يسألونه عن ميراث الخنثى، وكان العرب لا يورثون الإناث، فترددوا في الخنثى، هل يورث أم لا؟ فبات عامر يفكر في هذا الأمر، ولم يجد له حلاً فرأته طفيلة لم ينم، فقالت: يا سيدي ما لك لا تنام؟ فقال: سئلت عن أمرٍ لا أحسنه، فقالت: ما هو؟ قال: ميراث الخنثى، فقالت: أتبع المال المبال، أي: اجعل المال تابعاً المبال؛ فإن بال من آلة الرجل فهو رجل، يرث ميراث الرجل، وإن بال من آلة الإناث فهو أنثى، وهذا إزالة للإشكال، وحتى في الفقه هكذا إذا بال من أحدهما أو كان أسبق أو أكثر، فهذا مزيل للإشكال، فقال: فرجتها طفيلة ، فضربها مثلاً.

    جعل الزوجة آلة لعمل البيت فقط

    وكذلك فإن كثيراً من الرجال يريدون أن يقضوا على كل اهتمامات أزواجهم، فلا يريد الزوج أن يكون للمرأة أي اهتمام ما عدا بيتها، فيريد أن تكون آلة تعمل في البيت الليل والنهار، ليس عليها واجبات في الدعوة، ولا واجبات في التعلم، ولا واجبات في المجتمع، وليس لها اهتمامات بأمور أقاربها وعيادة مرضاها، وصلة أرحامها، يريدها منقطعة للعمل، كآلة تعمل الليل والنهار في المنزل، وهذا التصور غير صحيح، فقد سبق أنها إنسان له شخصية واستقلال، ولا بد من مراعاة ذلك.

    تجاهل حاجة الأهل إلى الترويح عنهم

    كذلك فإن بعض الأزواج يريدون أن تكون الساعات الحلوة من حياتهم خارج البيت، في أوقات العمل أو في أوقات النزهة مع الأصدقاء والأصحاب، والبيت ليس له من أوقاتهم إلا ساعة النوم فقط، فلذلك لا يجد أهله من المتعة والرخاء إلا ما وجدوه بينهم وبين أنفسهم في البيت الخالي، وهذا عار ونقص، فلا بد أن يجعل الرجل من نفسه حظاً لأهله، وهو من تمام العشرة التي لا بد منها.

    سلطة الزوج وسوء خلقه

    كذلك فإن كثيراً من الأزواج يريدون أن يكونوا أهل سلطان في البيت، فيؤدبون ويؤذون ويتكلمون بالكلام غير المناسب لأتفه الأسباب وأقلها، وهذا نظير ما في حديث أم زرع في قول المرأة الأولى: قالت: ( زوجي لحم جمل غث على جبل وعر، لا سهل فيرتقى، ولا سمين فينتقل )، فهذا النوع من الأزواج لا يرغب في عشرته؛ لما فيه من سوء الخلق وسوء العشرة.

    تحميل الزوجة كل المسئوليات وعدم قبول اعتذارها

    كذلك فإن كثيراً من الأزواج يحملون الزوجة كل المسئوليات في البيت، فيريد أن تقوم بكل الأعمال، وإذا حصل أي نقص، أو أي تأخير أو أي داعٍ من الدواعي وسبب من الأسباب يعد ذلك عليها، ومن هنا فجعبته مليئة بأخطاء أهله، يعدها عليهم عداً ويحصيها إحصاءً، وهذا غير مناسب، فالخطأ إذا اعتذر عنه صاحبه أو عرف له سبب موضوعي فينبغي أن يمحى من الذاكرة وأن يزول بالكلية , وأن لا يعده الإنسان بداية مسلسل قد لا ينتهي، ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له )، فالذي تاب من الذنب وانتهى منه ينبغي أن لا يؤاخذ بذلك الذنب، ومثل هذا من اعتذر عذراً صحيحا مقنعاً، فلا يمكن أن يؤاخذ بما حصل بسبب ذلك العذر، وبالأخص إذا كان العذر بيمين بالله تعالى، فقد أخرج ابن ماجه في السنن بإسناد صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من حلف له بالله فليرض )؛ لأن الأصل أن المسلم لا يحلف بالله إلا على الحق؛ لعلمه خطورة ذلك، وأن اليمين الكاذبة غموس تغمس صاحبها في النار، فلذلك لا يحلف المؤمن الصادق بالله تعالى إلا صادقاً مخلصاً، وهذا لا يختص بالزوجين، بل هو في العشرة مع الناس كلهم، فكل من حلف له بالله في الاعتذار في أي أمر من الأمور فعليه أن يرضى بذلك.

    التقصير في الجانب المادي

    كذلك فإن كثيراً من الأزواج مقصرون في الجوانب المادية، فلا ينفقون على قدر وسعهم وطاقتهم، ولا يؤدون الحقوق التي يحتاج إليها أهليهم، وهذا من البخل المقيت شرعاً، وقد قال الله تعالى في الثناء على الأنصار: وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ [الحشر:9]، ومفهوم هذه الآية أن من يوق شح نفسه لا يكون من المفلحين، والشح هو البخل، فلذلك لا بد أن يكون الإنسان في حال إنفاقه ممتثلاً لأمر الله تعالى في قوله: وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا [الفرقان:67].

    التضجر من المطالب المشروعة للزوجة

    كذلك فإن كثيراً من الأزواج في كثير من الأحيان يضجرون بالمطالب المشروعة لأهل البيت، والمطالب إذا كانت مشروعة فالأصل أن لا يضطرهم أن يسألوها، بل ينبغي أن يؤديها طيبة بها نفسه، قبل أن تسأل، وإذا سئلت فاعلم أن ذلك مجرد تقصير، فقم بالحق الذي عليك، فكيف تضجر بحقٍ افترضه الله عليك، وهذا الضجر أيضاً قد يحصل بسبب أقارب الزوجة وزياراتهم للبيوت، وتكرر ذهاب الزوجة إلى والديها مثلاً، قد يحصل الضجر بذلك، وهذا غير مقبول، فهذه الزوجة إنسان وعليها حقوق سابقة على الزواج, ولها أقارب كانت علاقتها بهم قائمة قبل عقد الزواج، فلا يمكن أن يقضي عقد الزواج على كل هذه الفترة السابقة، ولذلك لا بد من مراعاة هذه الظروف.

    تقليد المرأة أمها في معاملة الزوج

    وفي المقابل نجد الكثير من الغلط في جهة النساء أيضاً في العشرة، فمن المؤسف أن النساء جميعاً إلا من رحم الله لا تتزوج إحداهن وقد درست أحكام النكاح، ولا تعرف إحداهن وقت زواجها من أحكام النكاح إلا ما تعودت عليه من المعاملة السيئة مع أمهاتها وصواحبها، فعندما لا تأخذ شيئاً من الأحكام والكتب ولا تدرسه، بل تظن أنه من العيب أن تدرس أحكام النكاح والعشرة قبل زواجها، وتظن أن الحياء ينبغي أن يمنعها من ذلك، وهذا هو الحياء المذموم المانع من دراسة الأحكام الشرعية، وتتعود البنت على ما رأت عليه أمها من العادات، وتظن أنه هو الحق وهو الحل، وهو الأحسن والأكمل، فتسمعها تخاطب زوجها بالكلمات النابية، وتراها تعطيه أوامرها بغلظة، وتخرج من بيته بغير إذنه، وتعامله المعاملة التي لا ترضي أحداً، وإن كان صابراً عليها ومكرهاً عليها، ويخنع خنوع الفأرة للأسد، وهذا في حال كثير من الأزواج، فهذا لا يقتضي استباحة ما حرم الله تعالى من حقوقها عليه، وتعود البنت على مثل هذا التعامل بين أبويها يعودها هي على أن تعامل زوجها بنظير ذلك، فقد تراه خادماً لها، وداخلاً تحت يدها وحقوقها، وتكلفه ما لا يطيق، وإذا اعتذر على أمر ما، رأت ذلك طامة كبرى، وفي كثير من الأحيان تسأله الطلاق لأتفه الأسباب، ولا يحل لها ذلك، وفي كثير من الأحيان تخرج من بيتها بغير إذنه مغاضبة، وهذا التصرف غير صحيح، بل العكس هو الصحيح، إذا رأى الرجل من أهله شيئا هو الذي يخرج، كما فعل علي رضي الله عنه، خرج إلى المسجد، والنبي صلى الله عليه وسلم، كذلك خرج إلى مشربة فوق المسجد، فجلس تسعاً وعشرين ليلة، ثم بدأ بـعائشة ، وكانت أول من دخل عليها من نسائه، فقالت: ( يا رسول الله! لقد أقسمت أن لا تدخل علينا شهراً، فقال: الشهر تسعة وعشرون يوماً )، فهذا كله من التصرفات المخيفة الأليمة، فلذلك نجد كثيراً من المخالفات الشرعية التي لا يقرها شرع ولا طبع من قبل النساء في العشرة، وبالأخص ما يتعلق بحالة الزوج نفسه، وعدم القيام بحقوقه وعدم مراعاة أحواله، فهو الإنسان الذي لا يُرحم أبداً، وهو الإنسان المكبوت على الهوان والعار في كل الأوقات، وحال كثير من الأزواج كحال الذي يقول:

    ولا يقيم على ضيم يراد به إلا الأذلان عير الحي والوتد

    هذا على الخسف مربوط برمته وذا يشجّ فلا يرثي له أحد

    فتعود البنت على سوء العشرة وأخذها لذلك عن أمها، هو من الأخلاق الذميمة التي لا يرضى بها إنسان عاقل لأهل بيته، بل كان الأولى بها أن تسعى لأن تتجاوز عقدها، وما لديها من النقص، ومن الغريب في الفطرة أن الإنسان لا يرضى أن يكون أحد خيراً منه، وأعلى منه مستوى إلا أولاده، فالإنسان إذا قيل له: هل ترضى أن يكون أبوك أعلم منك، وأكثر عملاً، وأتقى لله منك، فيقول: لا، أترضى أن يكون أخوك كذلك؟ يقول: لا، لكن هل ترضى أن يكون ولدك أعلم منك وأتقى لله منك، يقول: نعم، فهذا من فطرة الله التي فطر الناس عليها، بأن الإنسان يؤمل في نفسه، فإذا انقطع عمله انتقل ما كان يؤمله إلى أولاده، فيريد منهم أن يصلوا إلى المستوى الذي قصر هو به، ويريد أن يكون منتهاه بداية أولاده، فلذلك على الأمهات أن يعلمن بناتهن حسن العشرة، وأن يدربنهن ويؤدبنهن على الإحسان إلى الأزواج، وما كان لدى الأمهات من النقص في هذا الباب فينبغي أن يكون مما يطوى ولا يروى، وأن يستر بستر الله تعالى، وأن تتعود البنات على مخالفته، فبر الزوج واجب, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في السنن: ( لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها ).

    وامتناع المرأة إذا دعاها إلى الفراش من الكبائر العظيمة التي توعد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوعيد الشديد، كما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فامتنعت أو فأبت فبات عليها غضبان لعنتها الملائكة حتى تصبح )، وفي رواية لـمسلم في الصحيح: ( فامتنعت كان الذي فوق السماء ساخطاً عليها )، فكل هذا يقتضي الحذر من مثل هذا النوع من المخالفات.

    وكذلك فإن سوء التعامل مع الزوج سبب لحصول الفراق، فهو بيده، ويحدثه في كثير من الأحيان بسبب الغضب دون تفكير، فإذا أغضبته فبالإمكان أن يتصرف تصرفاً أرعن، فيؤدي ذلك إلى قطع هذه العلاقة وضياع الأولاد والبيت، وتهديم الأسرة بكاملها، وهذا من الأمور التي لا ينبغي الإقدام عليها ولا إثارتها بوجه من الوجوه.

    تقصير المرأة في التصنع لزوجها

    وكذلك فإن من التقصير في هذا الجانب في مجال الأسرة، تقصير المرأة كذلك في التصنع لزوجها، فإن الله تعالى أمرهن بإبداء الزينة لأزواجهن، فقال: ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ [النور:31]، ومعنى الاستثناء أن عليهن أن يبدين زينتهن لبعولتهن، وآبائهن وآباء بعولتهن.. إلى آخره، وامتناع المرأة عن ذلك هو من التقصير في حق الزوج والنقص في تعاملها معه، ومن سوء التبعل له.

    التقصير في مصالح الزوج

    وكذلك فإن من الأخطاء في مجال العشرة، التقصير في مصالحه ومروءته، فإن كثيراً من النساء لا تظن أن عليها حقاً فيما يتعلق بمروءة زوجها والقيام برعاية عرضه، وهذا خطأ ونقص، وإن كان كثير منهن ولله الحمد أيضاً في مقابل ذلك ترعى هذا الجانب وتقوم به.

    وهذا من اللازم، وهو من القيام بشئون الأسرة، ورعاية جوانبها.

    عدم الاهتمام بالبيت ونظافته

    وكذلك من إساءة العشرة لدى النساء ما يتعلق بعدم صيانة البيت ونظافته والتفريط في خدمته، فالكثير من النساء ينشغلن بأعمالهن وأمورهن عن أمور البيت، فتظن أن البيت من خاصتها هي، ومن أمورها التي تملكها، فلذلك لا تبالي بشيء من أموره لا ترتب فراشه ولا أوانيه، ولا ترعى ما فيه من الأمور، فتكون أموره مبعثرة ويكون غير مريح، وهذا مما يؤدي إلى البغضة، وسيكره الزوج الاستقرار في هذا البيت المبعثر الذي لا ترتب أموره، ولا يأخذ كل شيء مكانه فيه.

    وكذلك ما يتعلق برعايتها لملابسه وكتبه وأموره المختصة به، فهذه لا بد أن تلقى لدى المرأة عناية خاصة، وقد قال أحد شعراء الدعوة في هذا القبيل:

    تحل أزرار القميص الذي ألبسه ومصحفي والكتاب

    فالأمور التي تختص به، ينبغي أن تقدرها وتحترمها، وتضعها في مواضعها.

    ومما يزيد المحبة والإجلال، الابتعاد عن كل ما يثير الزوج ويثير غضبه، فالعشرة تقتضي أن يتعرف كل واحد منهما على الآخر، وأن يدرك الخطوط الحمراء لديه، والتي لا يحب الوصول إليها، وأن يدرك الأمور التي تزيل حفيظته وغضبه، فعليه أن يبتعد منها بالكلية، وإذا كانت الزوجة تعلم أن أموراً ما تغضب زوجها وبالأخص إذا كانت تلك الأمور محرمة شرعاً، فعليها أن تبتعد عنها بالكلية، وأن لا تصل إليها بوجه من الوجوه، بالإضافة إلى كون الشرع حرمها وهي أيضاً سبب لغضب زوجها، وقد يؤدي ذلك إلى تفكك الأسرة وإزالة هذا البناء، وكل ذلك ممقوت شرعا.

    هذه إذاً بعض الأمثلة والنماذج، وقد سبق بعض نظائرها من المخالفات التي تقع في بداية الزواج، كما يتعلق باختفاء الزوجة في الفترة الأولى، ومنعها من المبيت عند زوجها ونحو ذلك من الأمور المقيتة شرعاً، والمذمومة عرفاً التي لا خير فيها بوجه من الوجوه، فلا بد من اجتنابها جميعا، واللبيب تكفيه الإشارة، وهذه بعض الأمثلة التي يقاس عليها ما سواها وليقس ما لم يقل.

    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

    1.   

    الأسئلة

    حكم وقوع الطلاق بكتابته

    السؤال: رجل عزم على الطلاق وكتبه بإرادته، وفي نهاية كتابته ندم على الطلاق فمزق الورقة، فهل كلمة: أفارقك، طلقة واحدة مع أنه نوى ذلك ثلاث طلقات، وهل كتابة الطلاق دون إعلام أي أحد يعتبر طلاقاً أم لا؟

    الجواب: الكتاب ينقسم إلى قسمين: إلى كتاب أراد به صاحبه الإيقاع، أي: أراد إيقاع الطلاق بنفس الكتابة، وهذا يقع به ما نواه من الطلاق ولو لم يشهد عليه أحد.

    النوع الثاني: إلى كتاب أراد تهيئته، فيكون بمثابة العزم على الأمر، ولم يرد إنفاذه بعد حتى يخرجه للناس؛ لأنه لو أراد إنفاذه لأسفر عنه أو أرسله، فهذا النوع لا يعتبر طلاقاً وإنما هو عزم على الطلاق، وقد ذكر أهل العلم الفرق بين رفض النية ونية الرفض، وحكمهما ليس على السوية، فنية الرفض أن ينوي الإنسان رفض الصلاة أو رفض الصيام مثلاً، أو أن ينوي الطلاق بالفعل، فهذه النية بالرفض، أما رفض النية فهو أن يكون الإنسان قد عقد نية، كنية الصلاة مثلاً فنوى رفضها والخروج منها، وعقد نية الصوم فنوى رفضها والخروج منها، فنية الرفض إنما هو نية لأمر لم يقع بعد، ورفض النية إنما هو رفض لأمر قد وقع، فرفض النية يحصل به المقصود، ونية الرفض لا يحصل بها بعد، حتى يقع ما يأتي به، فلذلك إذا كان نوى بكتابة الطلاق إيقاع الطلاق فقد وقع عليه ما نوى، وهي طلقة واحدة كما في السؤال، وإذا لم ينوِ ذلك إلا بعد وصوله واستقراره لم يلحقه شيء.

    عدة المرأة المنقطع حيضها العارض

    السؤال: سمعت بعض العلماء يقول: بأن المرأة إذا طلقت في حيض منقطع لعارض، كالرضاع مثلاً، أن عدتها عدة الآيسات، وبعضهم يقول: بأنها تدخل تحت قوله تعالى: وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ [الطلاق:4].. الآية، كـالشوكاني ، وبعضهم يقول بأنها لا بد لها من الحيض فتعتد بالأقراء، فما هو الصحيح؟

    الجواب: المرأة ما دامت في سن الإنجاب وفي سن الحيض، فعدتها بالأقراء، كما قال الله تعالى: وَالمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228] ولا يحل لها الانتقال عن هذه العدة المستوفاة في كتاب الله إلا بدليل، وذلك الدليل هو مثل أن تكون حاملاً، فهذه عدتها مستقلة لقول الله تعالى: وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4]، أو أن تكون آيسة تعدت سن الحيض، فهذه عدتها ثلاثة أشهر، كما قال الله تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ المَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ [الطلاق:4]، ولذلك فالمرضع ما زالت في سن الحيض، فتعتد بالأقراء كما هو النص في آية البقرة.

    اعتبار البت في التطليق بالثلاث دفعة واحدة

    السؤال: هل يعتبر الطلاق ثلاث مرات دفعة واحدة طلاقاً باتاً لا رجعة فيه أم لا؟

    الجواب: هذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم، والمذاهب الأربعة على أن هذا الطلاق يقع على العدد المنصوص عليه، وهو ثلاث طلقات، وهذا هو مذهب عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و علي بن أبي طالب ، رضي الله عنهم أجمعين.

    وذهب بعض أهل العلم إلى أن ذلك يعتبر طلقة واحدة، وقد كان ذلك في الصدر الأول، وكان مذهباً لـأبي بكر رضي الله عنه، والذي يفتى به بين الناس هو جانب الاحتياط أن يعتبر هذا ثلاث طلقات؛ لأن هذا هو الأسلم وهو الذي يفتى به.

    أثر التسمي بأسماء النبي

    السؤال: هل صحيح أن كل من يتسمى بأحد أسماء النبي صلى الله عليه وسلم، يكسب شخصيته؟

    الجواب: لا، هذا غير صحيح، بل من تسمى باسم النبي صلى الله عليه وسلم، لا يكسبه ذلك شخصيته، فكثير من الذين تسموا بأسماء الأنبياء كانوا من الفجرة، وكثير منهم من الذين تسموا بأسماء النبي صلى الله عليه وسلم كانوا من أعدائه الذين لا يدينون بدينه. نسأل الله السلامة والعافية.

    الهبة للعامل في المحلات التجارية

    السؤال: عامل بأحد المحلات التجارية، باع لترات من الوقود لصاحب السيارة، فأخذ بعضها وأعطى بقيتها للعامل، لكن صاحب المحل ادعى أن العامل لا حق له فيما أعطي له، وأن ذلك من صالح المحل فما الحكم في ذلك؟

    الجواب: هذا النوع هو ملكٌ لمن أعطي له؛ لأن هذا ليس من التعامل مع المحلات، وإنما هو من التعامل مع الأفراد، فما وهب للعامل في المحل مختص به هو لا علاقة له بالمحل، ولا يملكه صاحب المحل.

    أجر صلاة القاعد والقائم

    السؤال: هل صحيح أن نافلة الجالس لا يحصل إلا على نصف أجرها وهل هناك فرق بين من تجاوز الستين وغيره؟

    الجواب: نعم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ( صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم )، ولا يختص ذلك بسن معين فقد أطلق النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فيشمل الكبير والصغير، فصلاة القاعد على النصف من صلاة القائم دائماً، فلا فرق بين من تجاوز الستين ومن لم يتجاوزها.

    وبالنسبة للفرض لا بد أن يقوم الإنسان فيه غير معتمد إن قدر، فإن عجز كان مستنداً، فإن عجز جلس مستقلاً، فإن عجز جلس مستنداً، هذه المراتب الأربعة الترتيب فيها واجب، ثم ثلاث مراتب أخرى الترتيب فيها سنة، وهي أن يضطجع على شقه الأيمن، فإن عجز فعلى الأيسر، فإن عجز فعلى ظهره، والنافلة يجوز للصحيح أن يصليها جالساً، ويجوز أن يجمع بين القيام والجلوس, وأن يقرأ ما تيسر له قائماً، ثم يجلس فيكمل قراءته، فإذا أراد الركوع قام فقرأ قليلاً ثم ركع، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل.

    الاحتيال على جهة لأخذ حق من الحقوق

    السؤال: موظف يقطع جزءاً من راتبه لصالح صندوق الضمان الاجتماعي، بدون استشارته، فهل يجوز له الاحتيال على الصندوق حتى يسترجع بعض راتبه...؟

    الجواب: إذا أيقن القدر الذي اقتطع من راتبه من غير طيب نفس منه، واستطاع الوصول إليه دون خيانة فله ذلك، وإذا كان لا يستطيعه إلا بالسرقة مثلاً، فالراجح عدم جواز ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أدّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك ).

    الذبح وشراء الملابس في المولد النبوي

    السؤال: هل يجوز الذبح وشراء الملابس في ذكرى المولد النبوي؟

    الجواب: مولد النبي صلى الله عليه وسلم، ليس عيداً من أعياد هذه الأمة، والعيد الذي تذبح فيه الأضاحي هو يوم واحد في السنة وهو يوم العاشر من شهر ذي الحجة، وما سواه ليس فيه ذبائح قربة لله تعالى، وأما اللباس فيه وفي غير العيد وفي العيد، فلا يختص بالعيد، بل للإنسان أن يلبس متى ما وجد ما يستر به، ويوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم أول من احتفل به هم العبيديون في القرن الرابع الهجري، وجعلوا ذلك احتفالاً بموته صلى الله عليه وسلم، لا بمولده صلى الله عليه وسلم فإنهم يكرهونه ويكرهون آل بيته.

    الحكمة من قضاء المرأة الصيام دون الصلاة

    السؤال: لماذا تقضي المرأة الصوم دون الصلاة في رمضان حين الحيض؟

    الجواب: إن ذلك كان كذلك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث معاوية عن عائشة رضي الله عنها في الصحيح، فقد نصت عائشة على: ( أن النساء كن يحضن في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فكن يؤمرن بقضاء الصوم لا بقضاء الصلاة )، وهذا صريح في سقوط قضاء الصلاة عنهن؛ وذلك لكثرة تكررها ومشقة قضائها، وفيه تصريح كذلك بأمرهن بقضاء الصوم؛ لأن الأمر فيه ميسور؛ ولأن الله تعالى بيّن قضاءه بعدة من أيام أخر، في حال المرض والسفر، ومثل هذا العذر الذي يلحق بالمرض والسفر الحيض والنفاس، اللذان يمنعان من الصوم.

    محرمية زوجة والد الزوجة على زوج ابنته من غير أمها

    السؤال: هل زوجة والد الزوجة محرم على زوج ابنته؟

    الجواب: لا، بل يجوز للرجل أن يتزوج زوجة والد زوجته، إذا كانت غير أمها، وقد جمع عبد الله بن جعفر بين ابنة علي رضي الله عنه وزوجته، فتزوج زوجته وتزوج ابنته، فجمع بينهما.

    اشتراط الولي شرطاً وقبول الوكيل له

    السؤال: ولي المرأة إذا اشترط شرطاً وقبله وكيل الزوج، دون الرجوع إلى الزوج فهل هذا الشرط الذي قبله جائز؟

    الجواب: إذا كان ذلك الشرط مما يقره الشرع وقبله وكيل الزوج، فإنه يلزم؛ لأن الزوج وكله على القبول على مثل هذا.

    التمتع بالمرأة حال الحيض

    السؤال: عما يمكن التمتع به من المرأة في حال الحيض؟

    الجواب: النبي صلى الله عليه وسلم أباح التمتع بالمرأة الحائض في حال حيضها، فأمرها أن تتستر بثوب، وجاز مباشرتها بما فوق الثوب، فيجوز التمتع بها بعد أن تلبس إزاراً يستر ما بين سرتها وركبتها، وشأنك بباقيها، أي يجوز له الاستمتاع بما عدا ذلك منها.

    التماس الماء للغسل من الجنابة والحياء في ذلك

    السؤال: رجل أصبحت عليه جنابة ودخل عليه وقت الصلاة واستحى أن يطلب الماء، فهل يحق له التيمم؟

    الجواب: هذا من الأمور التي تدخل في حديث العادات، فإن كثيراً من الشباب إذا تزوجوا، فكانوا عند أصهارهم وبالأخص في البادية، يستحون من البحث عن الماء للطهارة، فلا يؤدون هذا الحق الواجب، وهذا غلط في التصور ونقص في الفقه، ويجب عليهم أن يلتمسوا الماء حتى لو كان هذا الماء لدى الأصهار ولا يوجد إلا عندهم، فيغتسلون به لأداء الفرض الذي افترض الله عليهم, وإذا خشي الإنسان خروج الوقت بأن لم يستيقظ إلا وقد قاربت الشمس على الطلوع ولا يجد وقتاً كافياً للاغتسال أو الوضوء، فقد اختلف أهل العلم، هل يقدم الوقت فيصلي فيه بالتيمم، أو يقدم الطهارة فيتطهر ويقضي الصلاة، وهذا الخلاف رجح فيه ابن تيمية رحمه الله أنه إذا كان معذوراً بالتأخير؛ فإنه يقدم الطهارة، وإذا كان غير معذور فيه؛ فإنه يقدم الوقت، هذا الخلاف في المذاهب الأربعة كلها، وقد ذكره خليل في المختصر وقال: وهل إن خاف فواته باستعماله خلافاً، أي: إذا خاف فوات الوقت باستعمال الماء خلاف فيه.

    انتساب الرجل إلى أمه وحكم التبني

    السؤال: بماذا تنصحون من يعرف أنه ابن رجل ما، لكنه تزوج رجل من أمه في صغره، فعمل له هذا الأخير شهادة الولادة، فنسبه إلى نفسه وهو يعلم أنه ليس ابناً له، وقد بلغ الآن بضعاً وعشرين سنة، فإلى من ينتسب إلى أمه، أم إلى هذا الرجل الذي ينسب إليه؟

    الجواب: عليه أن يعلم أن هذا الأمر ليس له فيه حيلة ولا هو مشارك فيه، وهو قدر كتبه الله تعالى، وعليه أن ينتسب إلى أمه، وأن لا ينتسب إلى ذلك الرجل الذي تبناه فلا تبني في الإسلام، وقد أبطل الله تعالى التبني... ونهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    السلام على الأجنبية

    السؤال: هل يجوز رد السلام على الأجنبية...؟

    الجواب: نعم، يجوز ذلك وليس فيه ريبة، فهو من الأمور الجائزة.

    اقتداء المرأة بالأجنبي

    السؤال: هل يجوز للمرأة أن تصلي مقتدية برجل أجنبي؟

    الجواب: نعم، يجوز لها ذلك ما لم تخش الخلوة.

    زواج نساء الدنيا في الجنة

    السؤال: عن اعتبار الزوجية يوم القيامة لنساء الدنيا مع الحور العين في الجنة؟

    الجواب: نساء الدنيا من دخلت منهن الجنة كانت سيدة حتى على الحور العين في الجنة، ويزيد حسنها حتى تكون أبهى وأحسن من الحور العين، وأقل أهل الجنة أزواجاً من نساء الدنيا من يتزوج بامرأتين، بالإضافة إلى ما اختص به من الحور العين.

    إقدام الرجل على الزواج بامرأة لا تلد

    السؤال: من أراد أن يتزوج امرأة وهي لا تلد ما حكم هذا؟

    الجواب: هناك أمنيات أخرى غير طلب الولد، وحتى طلب الولد؛ لأنه لا يدري لعل الله يرزقه منها ولداً، فهذا من الأمور الغيبية، في خمس لا يعلمهن إلا الله: إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ٌ [لقمان:34]، فكم من امرأة لم ترزق بولد من أزواج، ثم رزقت بولد من زوج آخر، قد يكون المانع لها من ذلك مرضاً فتشفى بإذن الله تعالى، والله تعالى هو الشافي، يشفي من يشاء من الأمراض كلها: ( لم ينزل الله داءً من السماء إلا وأنزل له دواء فتداووا عباد الله اللهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ [الرعد:8].

    نظر أحد الزوجين لعورة الآخر

    السؤال: هل نظر الزوج إلى عورة زوجته، ونظرها هي إلى عورته يعتبر من المحرمات أم لا؟

    الجواب: يجوز لكل واحد منهما النظر إلى جميع بدن الآخر، ولكن لا ينبغي ذلك لما فيه من نقص الحياء، لكنه من الأمور الجائزة في الأصل.

    جلوس الزوجة مع أصدقاء الزوج في حضرته

    السؤال: جلوس الزوج والزوجة مع أصدقاء الزوج في حضرة زوجها مع حشمتها في جلستها وكلامها، هل هو جائز أم لا؟

    الجواب: نعم، يجوز أن تجلس في مجلسه، وأن ترد السلام على زائريه، لكن لا بد أن تكون متحشمة في ملابسها، وأن لا تكون متزينة بزينة بادية، وأن لا تكون متعطرة، ويجوز أن تخدم جليسه بحضرته، وأن لا تخلو به.

    زواج المرأة برجل لا ينجب وطلبها الطلاق بسبب ذلك

    السؤال: رجل تزوج بامرأة وهو لا ينجب فهل يعتبر هذا عيباً ينبغي أن تخبر به الآخرين، وهل لها طلب الطلاق؟

    الجواب: إذا كان ذلك لاعتراض أو علة فهذا سبب من أسباب الفراق، ولها الخيار في البقاء معه أو فراقه، وإن كان من غير اعتراض ولا علة فلم ترزق منه الولد، وهي صبرت على ذلك مدة، فلها أن تطلب منه الطلاق، إن كانت ترجو وجود مسلم غيره.

    تعليم الرجل للنساء

    السؤال: [تعليم الرجل للنساء في غير خلوة ولا ريبة هل يجوز]؟

    الجواب: بالنسبة لتعليم الرجال والنساء إذا كان في غير خلوة ولا ريبة لا حرج فيه شرعاً، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم النساء، وكان يعلمهن يوم الخميس.

    حضور المرأة في الأعراس

    السؤال: [ما حكم حضور المرأة العرس وهل ثبت ذلك]؟

    الجواب: نعم، ثبت ذلك في صحيح مسلم ، وعلمها ما تقول فقال: ( قلن أتيناكم أتيناكم، فحيانا وحياكم، وفي رواية فحيونا نحييكم، ولولا الذهب الأسود لم نحمل جوابيكم، ولولا الحلقة البيضاء، لم تسلم عذاريكم ).

    زواج الرجل بابنة زوج ابنته من امرأة قبلها

    السؤال: هل الرجل يجوز له أن يتزوج بابنة زوج ابنته من امرأة قبلها؟

    الجواب: نعم، يجوز له ذلك، لكن إنما يحرم في حالة واحدة، وهي حالة الشغار، إذا زوجه ابنته على أن يزوجه ابنته من غير صداق بواحدة منهما، فهذا الشغار، وهو من العقود المحرمة التي لا تجوز، لكن إذا كان لكل واحدة منهما صداق، فلا حرج في هذا العقد.

    محرمية والدة زوجة الأب وابنتها على الابن

    السؤال: [والدة زوجة الأب هل هي محرم للابن]؟

    الجواب: إذا تزوج والد الرجل بامرأة فتلك المرأة محرم له؛ لأن الله تعالى يقول: وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ [النساء:22]، لكن أمها وأختها وبنتها لسن محارم له، فيجوز له أن يتزوج ابنتها أو أمها بلا حرج على الراجح، فيما يتعلق بابنتها أما أمها فلا خلاف فيها، أما ابنتها من غيره ففيها خلاف على ثلاثة أقوال:

    القول الأول: الجواز مطلقاً سواءً كانت قبل أبيه أو بعده.

    القول الثاني: بالكراهة مطلقاً سواءً كانت قبل أبيه أو بعده.

    القول الثالث: بالتفصيل، بحرمة ما كان بعد أبيه وإباحة ما كان قبله.

    والراجح في ذلك: الإباحة مطلقاً، ولذلك يقول الشيخ محمد عالي رحمه الله:

    حفيدة الربيب لم يحرم نكاحها ولم تكن بمحرم

    وبنت زوجة تحل لابنه من غيرها ولم تكن في حضنه

    من قبله بلا خلاف نقلا وبعده مع قول منع وصلا

    تيمم المرأة الحامل لخوف الضرر عليها أو على جنينها

    السؤال: أنا امرأة متزوجة مع رجل، وأنا الآن حامل ولدي تسعة أشهر، وأنا أتعب كثيراً من الحمل، ولا أستطيع الغسل من الجنابة؛ لتأثيره علي وعلى الجنين فماذا أعمل؟

    الجواب: إن هذا النوع يرفع فيه إلى الأطباء، فإذا أخبرها الأطباء بأن غسلها مضر بها أو بجنينها فلها الحق أن تتيمم، وتبقى على تيممها وتستبيح بالتيمم ما تستبيحه بالغسل.

    المنكرات التي تقع في الأعراس

    السؤال: ماذا عن إنكار المنكرات التي تقع في الأعراس في هذا الزمان؟

    الجواب: أنها مثل غيرها من المنكرات يجب إنكارها وتغييرها على من استطاع ذلك، وقد أخرج مسلم في الصحيح من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ).

    ترك الزواج مخافة المشاكل المتوقعة

    السؤال: إذا كان الرجل يخاف من المشاكل المتعلقة بالزواج، كفساد الأسرة مما يؤثر سلبياً على نجاحه في طموحاته فهل له ترك الزواج؟

    الجواب: الخوف دون أن يكون مبنياً على أسباب ومعلومات إنما هو من عمل الشيطان، فعلى الإنسان أن يكون دائماً صاحب أمل في الله تعالى، وأن يكون صاحب توكل عليه، وأن يكثر اللجاء إليه، والاستعانة به في أموره كلها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله )، وعلى الإنسان أن يؤمن بقضاء الله وقدره، وأن يعلم أن الأقلام قد رفعت، وأن الصحف قد جفت بما هو كائن، فلا يصيبه إلا ما قد كتب له، وقد قال الله تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ [الحديد:22].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767467401