أخبرنا عبد الله بن عبد الصمد بن علي الموصلي حدثنا مخلد عن سفيان عن سالم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: أتاه رجل فقال: إني جعلت امرأتي علي حراماً، قال: كذبت ليست عليك بحرام، ثم تلا هذه الآية: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ [التحريم:1] عليك أغلظ الكفارة عتق رقبة ].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: تأويل قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ [التحريم:1]، (تأويل) المقصود به التفسير، يعني: بيان المعنى وتوضيح المعنى لهذه الآية، هذا هو المراد بالتأويل، والتأويل يأتي بمعنى التفسير وهذا هو الذي يستعمله ابن كثير في تفسيره، ويقول: تأويل قول الله عز وجل كذا وكذا، يعني: تفسير، فالتأويل بمعنى التفسير.
ويأتي التأويل بمعنى: ما يؤول إليه الأمر من الحقيقة، هذا يقال له تأويل، ومن ذلك قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59] قال: ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً [النساء:59] ومنه قوله: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ [آل عمران:7] على قراءة الوقف على لفظ الجلالة، والراسخون في العلم مستأنف.. وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ [آل عمران:7] يعني: وما يعلم تأويله إلا الله، يعني: حقيقة صفات الله عز وجل وما يؤول إليه الأمر من الحقيقة لا يعلم ذلك إلا الله، أو أن المقصود بقوله: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ [آل عمران:7] على أن المقصود به المعنى مثل الحروف المقطعة في أول السور لا يعلم تأويلها وتفسيرها أو المراد بها إلا الله سبحانه وتعالى.
ويأتي التأويل بمعنى آخر وهو إخراج الكلام عن اللفظ المتبادر منه إلى معنى آخر، والتأويل هنا بمعنى التفسير وهو الذي يستعمله ابن جرير بكثرة في تفسيره، تأويل قول الله تعالى أي: تفسيره.
أورد النسائي أثر ابن عباس رضي الله تعالى عنه، لما جاءه رجل وقال: إنه حرم زوجته عليه قال: كذبت ليست عليك بحرام، ثم تلا الآية: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ [التحريم:1]، ثم قال بعد ذلك: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ [التحريم:2]، ثم قال ابن عباس: عليك أغلظ الكفارة عتق رقبة، ومن المعلوم أن كفارة اليمين هي تخيير بين ثلاثة أشياء: عتق رقبة وإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فمن لم يجد العتق أو الإطعام أو الكسوة فإنه يصوم ثلاثة أيام، كما جاء ذلك مبيناً في سورة المائدة.
وابن عباس رضي الله تعالى عنه وأرضاه لعله ذكر له الكفارة الغليظة من باب الزجر والتخويف؛ لأن الله تعالى خير بين العتق وبين الإطعام والكسوة ثم بعد ذلك من لم يجد ينتقل إلى الصيام، فهو ذكر له ما هو أغلظ والذي هو عتق الرقبة (عليك أغلظ الكفارة عتق رقبة).
والله عز وجل خير في كفارة اليمين بين الأمور الثلاثة، بين العتق وبين الإطعام والكسوة، فإذا اختار أي واحد منها أجزأه ذلك، لكن ابن عباس رضي الله تعالى عنه لعله ذكر له العتق فقط من باب التخويف والزجر والردع وألا يتهاون الناس في ذلك فيأتوا بمثل هذه العبارات وبمثل هذه الألفاظ، فإذا علموا أن فيه عقوبة شديدة وهو كونه يعتق رقبة فإنه يحسب لذلك حساباً، والأثر ثابت عن ابن عباس في صحيح البخاري إلا ذكر ما جاء في آخره: عليك أغلظ الكفارة، وإلا كون (عليك كفارة يمين) ثبت عن ابن عباس في صحيح البخاري.
وأما: عليك أغلظ الكفارة فهي ليست في الصحيح ولكنها جاءت هنا ولعله أراد بذلك التخويف إذ ذكر له ما هو أغلظ وما هو أشد في الأمور الثلاثة التي وقع التخيير فيها.
صدوق، أخرج له النسائي وحده.
[ عن مخلد ].
هو مخلد بن يزيد، وهو صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب الكتب الستة ما عدا الترمذي.
[ عن سفيان ].
[ عن سالم ].
هو سالم بن عجلان الأفطس، وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن سعيد بن جبير ].
سعيد بن جبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، أحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا قتيبة عن حجاج عن ابن جريج عن عطاء أنه سمع عبيد بن عمير قال: سمعت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند
أورد النسائي تأويل هذه الآية على وجه آخر، يعني: غير الوجه الأول، والوجه الأول ما فيه ذكر التأويل، إلا أن فيه كفارة اليمين عندما يحصل التحريم لما يحله الله عز وجل يكون فيه كفارة يمين، لكن جاء أن سبب نزول الآية أنه كان وطئ جاريته مارية أم إبراهيم عند إحدى زوجاته صلى الله عليه وسلم فوجدت في نفسها، فوعدها أو قال لها: إنه يحرمها على نفسه وأنه لا يعود إلى وطئها، فأنزل الله عز وجل الآية وأنزل: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ [التحريم:2] وأنه يخلص من ذلك بأن يكفر كفارة يمين، هذا مما فسرت به الآية.
وفسرت بتفسير آخر وهو الذي ذكره النسائي في هذا الحديث الآخر عن عائشة رضي الله عنها، وهي أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا كان عند زينب بنت جحش تسقيه عسلاً كان عندها، فتواصت وتواطأت عائشة وحفصة أنه إذا جاء عند واحدة منهما تقول: إنها تشم منه ريح مغافير، والمغافير هي: مادة صمغية تخرج من بعض الشجر حلوة المذاق ولكن لها رائحة كريهة، ولما جاء عند واحدة من اللتين تواطأتا عليه واتفقتا عليه قالت له ذلك، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما شربت عسلاً عند زينب، ولن أعود إلى ذلك؛ لأنه كان عليه الصلاة والسلام يكره الرائحة الكريهة أو أن يشم منه رائحة كريهة، فأنزل الله هذه الآية: يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ [التحريم:1] والآيات بعدها، ثم جاء بعد ذلك تحلة اليمين بالكفارة التي هي كفارة اليمين.
فهذا تفسير للآية على وجه آخر، وعلى هذا فالذي جاء في تفسير الآية هو تحريمه لـمارية القبطية على نفسه وامتناعه من وطئها، والثاني تحريمه العسل على نفسه بعد أن ذكرت عائشة أو حفصة الذي اتفقتا عليه من القول أنها تشم ريح مغافير.
قتيبة هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حجاج ].
هو حجاج بن محمد المصيصي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن جريج ].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، فقيه، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عطاء ].
هو عطاء بن أبي رباح المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبيد بن عمير ].
هو عبيد بن عمير بن قتادة الليثي المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
هي عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ستة رجال وامرأة واحدة، الستة الرجال هم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد، وجابر، وأنس، وسابع هؤلاء الستة أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
في آخره يقول: كله في حديث عطاء.
كله يعني هذه الأشياء التي ذكرها في التفسير في السبب، وفي بيان المراد بالمرأتين اللتين قيل: إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا [التحريم:4] وكذلك: وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ [التحريم:3] كل ذلك في حديث عطاء.
أخبرنا محمد بن حاتم بن نعيم حدثنا محمد بن مكي بن عيسى حدثنا عبد الله حدثنا يونس عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أنه قال: سمعت كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وقال فيه: إذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ح وأخبرني سليمان بن داود أخبرنا ابن وهب عن يونس قال: قال: ابن شهاب أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن كعب بن مالك قال: سمعت كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وساق قصته، وقال: ( إذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك فقلت: أطلقها أم ماذا؟ قال: لا، بل اعتزلها فلا تقربها، فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله عز وجل في هذا الأمر ) ].
أورد النسائي باب: الحقي بأهلك، يعني: باب الحقي بأهلك هل يكون طلاقاً أو لا يكون طلاقاً؟
إذا أريد به الطلاق يكون طلاقاً، وإذا أريد به غير الطلاق ولم يرد الطلاق، فإنه لا يكون طلاقاً، وقد سبق أن مر بنا الحديث في أنه يكون طلاقاً في باب مواجهة الرجل امرأته بالطلاق، وجاء في ذلك حديث الكلابية التي دخل عليها رسول الله عليه الصلاة والسلام فقالت: أعوذ بالله منك، فقال: ( لقد عذت بعظيم، الحقي بأهلك ) فهذا طلاق؛ لأنه أراد بذلك الطلاق، لكن إذا لم يرد الطلاق بأن أراد أنها تذهب عند أهلها وتجلس عند أهلها وهذا هو الذي يريده الإنسان من هذا الكلام، فإنه لا يكون طلاقاً، وورد في ذلك حديث كعب بن مالك من طرق متعددة الذي يقول فيه: الحقي بأهلك حتى يقضي الله في هذا الأمر، معناه اعتزال وليس طلاقاً، يعني: تبقى عند أهلها حتى يتبين الأمر أو حتى يستقر الأمر على شيء، فإذا قال الإنسان لامرأته: الحقي بأهلك، إن كان يريد طلاقاً فهو طلاق، وإن كان لا يريد طلاقاً فهو على حسب نيته؛ لأن هذا ليس من صريح الطلاق، لأنه يفتقر إلى النية، وأما ما كان من صريح الطلاق لا يفتقر إلى نية، اللهم إذا كان سبق لسان من غير إرادة فهو معذور، وأما كونه يتلفظ بلفظ الطلاق بقصده وإرادته، فإنه يثبت ويحصل الطلاق، وأما إذا كان من الألفاظ المحتملة التي تحتمل الطلاق وتحتمل غيره فيكون طلاقاً إذا نواه، وإن نوى غير الطلاق فإنه لا يكون طلاقاً، والذي فيه الطلاق الحديث الذي مر وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم للكلابية: الحقي بأهلك، معناه أنه طلقها، لأنها قالت: ( أعوذ بالله منك، فقال: لقد عذت بعظيم، الحقي بأهلك ) يعني: تخلص منها، وأما كعب بن مالك رضي الله عنه فإنه سأل: هل يطلقها؟ يعني: لما قيل اعتزلها، فقيل له: لا، وإنما لا تقربها، فقال: الحقي بأهلك حتى يقضي الله في هذا الأمر، فهذا واضح أنه ليس طلاقاً.
إذاً: هذا اللفظ الذي هو: الحقي بأهلك من الألفاظ المحتملة، وهو من الكنايات غير الصريحة، إن أريد به الطلاق صار طلاقاً، وإن أريد به غير الطلاق لا يكون طلاقاً، وحديث: ( الحقي بأهلك ) الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم للكلابية ونوى الطلاق صار طلاقاً، وحديث كعب بن مالك الذي فيه قوله: الحقي بأهلك وما كان يريد طلاقاً، ولهذا قال: الحقي بأهلك حتى يقضي الله في هذا الأمر، والرسول صلى الله عليه وسلم قال له: لا تقربها، ما قال له: طلقها، فإذاً: أتى بعبارة الحقي بأهلك يريد أنها تذهب إلى أهلها وتجلس عندهم إلى أن يقضي الله في هذا الأمر، فلا يكون طلاقاً.
وكعب بن مالك رضي الله تعالى عنه في قصة تخلفه عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، وهي قصة طويلة وحديث طويل من أطول الأحاديث، ولكن النسائي فرقه في مواضع، وأتى في هذا الموضع بجزء منه، ولهذا قال: في قصة تخلفه، لأنها قصة طويلة، ولكنه أشار منها إلى مقطع من مقاطعها وجزء من أجزائها وهو أنه قال: (إذا برسول رسول الله عليه الصلاة والسلام يأتيني ويقول: اعتزل أهلك، قلت: أطلقها أم ماذا؟ قال: لا، لا تقربها، فقال لها: الحقي بأهلك حتى يقضي الله في هذا الأمر).
الحاصل: أن الحقي بأهلك إذا أريد به الطلاق صار طلاقاً، وإن لم يرد به الطلاق لا يكون طلاقاً.
محمد بن حاتم بن نعيم ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن محمد بن مكي بن عيسى ].
محمد بن مكي بن عيسى مقبول، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[ عن عبد الله ].
هو ابن المبارك المروزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، واللذان قبله كلهم مروزيون محمد بن يحيى بن نعيم، ومحمد بن مكي بن عيسى، وعبد الله بن المبارك كل هؤلاء مروزيون.
[ عن يونس ].
هو يونس بن يزيد الأيلي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ].
عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[ عن كعب ].
هو كعب بن مالك يعني: عبد الرحمن يروي عن جده كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد الثلاثة الذين خلفوا وجاء في القرآن، بالتنويه بشأنهم، وتوبة الله عز وجل عليهم، حيث قال الله عز وجل: وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا [التوبة:118] فهو أحد الثلاثة الذين نزل بشأنهم قرآن، ونزلت توبتهم، ونجاهم الله بالصدق لأنهم صدقوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وأبدوا ما عندهم من الحقيقة، ولم يتجهوا إلى أن يأتوا بشيء خلاف الحقيقة، فنجاهم الله عز وجل بالصدق، وبعد هذه الآية مباشرة قال الله عز وجل: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119] يعني: كونوا مع أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام الذين هم صادقون.
كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ ح وأخبرني سليمان بن داود ].
هو المهري المصري أبو الربيع، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[ عن ابن وهب ].
هو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يونس عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن عبد الله بن كعب بن مالك ].
وهذا الإسناد مثل الذي قبله إلا أن فيه زيادة عبد الله بن كعب بن مالك، يعني: أن عبد الرحمن بن عبد الله في الإسناد الأول يروي عن جده مباشرة، وأما هنا يروي عن جده بواسطة أبيه، وهو من رواية أبيه عن جده، فالطريق الأولى أعلى والطريق الثانية أنزل لأن فيها زيادة رجل وهو عبد الله بن كعب؛ لأن في الطريق الأولى عبد الرحمن يروي عن جده كعب، وفي الطريق الثانية عبد الرحمن يروي عن أبيه، وأبوه يروي عن أبيه كعب، فهو من رواية أبيه عن جده، والطريق الأولى هو من رواية الحفيد عن الجد، والطريق الثانية من رواية الابن عن أبيه عن جده، عبد الرحمن يروي عن أبيه عبد الله، وعبد الله يروي عن أبيه كعب بن مالك، وهذا ما فيه إشكال من حيث أن الإنسان يحصل الحديث نازلاً ثم يحصله عالياً فيرويه بالحالتين حالة النزول لأنه حصله نازلاً، ويرويه بالعلو لأنه حصله عالياً، فلا تؤثر رواية على رواية، ولا تقدح رواية في رواية؛ لأن الطريقين كل منهما صحيح إلا أن هذا نازل وهذا عالٍ، ومن حصل الحديث بطريق نازل ثم ظفر به بطريق عالٍ، فإنه يرويه على النازل ويرويه على العالي، وعبد الله بن كعب بن مالك أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
عن كعب بن مالك وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
لكن هذه الطريقة وهي أنه يجده عالياً ومرة يجده نازلاً هل يسمى المزيد في متصل الأسانيد؟
نقول: لا، ما يقال له: مزيد في متصل الأسانيد؛ لأن المزيد في متصل الأسانيد معلول وضعيف، وأما هذا فهو ثابت ولكنه بهذه الطريقة التي أشرت إليها يحصله نازلاً ثم يظفر به عالياً، فيرويه على الحالتين، وكان بعض المحدثين إذا حصله نازلاً يسافر إلى الشخص الذي يعلو بالإسناد، وتكون مدة السفر طويلة ليأخذ الحديث عنه مباشرة بدون واسطة، ولكنه مع ذلك يرويه على الحالين كما هنا، وكما في مواضع كثيرة في البخاري، وفي غير البخاري يذكر بالطريق العالية والنازلة، ولا تقدح العالية في النازلة، ولا النازلة في العالية.
يعني: المزيد في متصل الأسانيد يكون في أحد طرقيه انقطاع، لكن أحياناً يكون فيه اتصال؛ لأنه إذا صرح بالسماع في موضع الزيادة يكون ذلك متصلاً بحصول التصريح في موضع الزيادة.
بل تعتزلها فلا تقربها، يعني: كله خبر.
أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، وهي مثل الطريق السابقة من حيث النزول، لأن عبد الرحمن يروي عن أبيه عن جده، مثل الطريق الثانية في الطريقين الماضيتين في الإسناد المتقدم؛ لأن الإسناد المتقدم جاء من طريقين وفيه تحويل والأولى عالية والثانية نازلة، وهذه نازلة بالنسبة للعالية؛ لأن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب يروي عن أبيه عبد الله عن جده، وأبوه يروي عن أبيه، وهو من رواية عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب عن أبيه عن جده.
قوله: [ محمد بن جبلة ومحمد بن يحيى بن محمد].
هو: محمد بن جبلة بن خالد بن جبلة الرافقي، خراساني الأصل، وهو صدوق، من الحادية عشرة، أخرج له البخاري، والنسائي.
أما محمد بن يحيى بن محمد الحراني، فهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن محمد بن موسى بن أعين ].
محمد بن موسى بن أعين صدوق، أخرج له البخاري، والنسائي يعني: كالأول، محمد بن جبلة .
[ عن أبيه ].
وهو موسى بن أعين، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[ عن إسحاق بن راشد ].
إسحاق بن راشد ثقة، في حديثه عن الزهري بعض الوهن، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن الزهري ].
الزهري مر ذكره.
[ عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب عن أبيه عن كعب ].
عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب عن أبيه عن كعب مثل الطريق السابقة، وهنا الحديث من رواية إسحاق عن الزهري؛ ولكن ذلك لا يؤثر،؛ لأنه جاء من طرق عديدة غير هذه الطريق، التي قبلها والتي بعدها.
أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله من كونه من رواية عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه عن جده، وهو مثل الذي قبله من حيث المتن والمعنى.
قوله: [ أخبرنا يوسف بن سعيد ].
هو يوسف بن سعيد المصيصي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن حجاج بن محمد ].
هو المصيصي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الليث ].
هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عقيل ].
هو ابن خالد بن عقيل المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب عن عبد الله بن كعب عن كعب ].
وهؤلاء الأربعة مر ذكرهم.
[ خالفهم معقل بن عبيد الله ].
خالفهم معقل بن عبيد الله يعني: هؤلاء الرواة الذين رووه يعني: من رواه عن عبد الرحمن عن جده، أو رواه عن عبد الرحمن عن أبيه عن جده خالفهم معقل بن عبيد الله وقد ذكره بالطريق التي بعد هذه، ذكر رواية معقل بن عبيد الله في الطريق التالية.
أورد النسائي قصة تخلفه، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يعتزل امرأته، وقوله لامرأته: الحقي بأهلك حتى يقضي الله في هذا الأمر، وهو من طريق عبد الرحمن بن كعب عن عمه عبيد الله عن جده كعب بن مالك، وعلى هذا فأعبد الرحمن رواه عن جده مباشرة، ورواه عن أبيه عن جده، ورواه عن عمه عن جده، كل هذه الطرق روى الحديث بها عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، الطريق الأولى: عبد الرحمن عن جده كعب بن مالك، والطرق السابقة كلها هي: عبد الرحمن عن عبد الله بن كعب بن مالك عن جده كعب بن مالك، وهذه الطريق التي مرت الآن عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن عمه عبيد الله بن كعب بن مالك.
قوله: [أخبرنا محمد بن معدان بن عيسى ].
هو محمد بن معدان بن عيسى ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[ عن الحسن بن أعين ].
هو الحسن بن محمد بن أعين، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي.
[ عن معقل ].
هو معقل بن عبيد الله، وهو صدوق يخطئ، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي .
[ عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب عن عمه عبيد الله بن كعب ].
وقد مر ذكرهم إلا عبيد الله بن كعب بن مالك، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، وهو من طريق معمر عن الزهري، وليس فيه ذكر كعب بن مالك وإنما ذكر عبد الرحمن عن أبيه، ثم ذكر قصة كعب وما جرى له، ومن المعلوم أن المتكلم هو كعب بن مالك، وعبد الله، لم يشهد القصة؛ لأنه تابعي فيكون مرسلاً، ولكن الحديث جاء من طرق كثيرة صحيحة ثابتة عن كعب بن مالك رضي الله عنه.
وفي الحديث لم يذكر محل الشاهد من الترجمة؛ لأن الترجمة هي: باب الحقي بأهلك، وليس فيه ما يطابق الترجمة.
قوله: [ أخبرنا محمد بن عبد الأعلى ].
محمد بن عبد الأعلى ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
محمد بن ثور، ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[ عن معمر ].
هو معمر بن راشد البصري ثم اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ].
الزهري وقد مر ذكره عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
أبوه هو كعب بن مالك وقد مر ذكره.
أخبرنا عمرو بن علي سمعت يحيى حدثنا علي بن المبارك حدثنا يحيى بن أبي كثير عن عمر بن معتب أن أبا حسن مولى بني نوفل أخبره قال: (كنت أنا وامرأتي مملوكين فطلقتها تطليقتين ثم أعتقنا جميعاً، فسألت
خالفه معمر ].
أورد النسائي طلاق العبد، وطلاق العبد له تطليقتان، وقد أورد النسائي حديث ابن عباس في قصة المملوك الذي كان مع زوجته وكانا مملوكين وقد طلقها تطليقتين ثم عتق وجاء يستفتي ابن عباس ، هل يتزوجها؟
قال: طلقتها تطليقتين ثم أعتقنا جميعاً، فسألت ابن عباس فقال: إن راجعتها كانت عندك على واحدة.
فقال: إن راجعتها كانت لك على واحدة، يعني: أنه حصل اثنتين، ثم بعد العتق يبقى أمامه واحدة يعني: إذا راجعها يبقى أمامه طلقة واحدة تضاف إلى الاثنتين السابقتين؛ لأنه في حال الحرية لو طلق طلقتين فإنه يكون أمامه واحدة، وهنا صار حراً وقد مضى منه طلقتان فيكون بقي عليه واحدة، لكن هذا فيه إشكال من ناحية أنه إذا كان العبد له تطليقتان وقد مضتا فمعناه أنه قد استوفى الطلاق، فهل له أن يتزوجها، أو يراجعها، أو أنه لابد أن يتزوجها شخص آخر ثم ترجع إليه، لأنه طلقها وهو عبد، وقد مضى له طلقتان، فهل ترجع إليه بعد زوج آخر أو أنه يراجعها لأنه حصل الحرية ويكون الحر له ثلاث، فيكون مضى اثنتان في حال عبوديته، ويبقى أمامه واحدة في حال حريته تضم إلى الاثنتين اللتين حصلتا في حال عبوديته، أنا ما أدري ما الراجح في المسألة، يعني نقول: يرجع إلى زوجته ويكون أمامه طلقة، أو أنه استنفد طلقاته وأنه يحتاج إلى أن يرجع إليها بعد زوج لا أدري ما الحكم في هذه المسألة.
هو عمرو بن علي الفلاس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى ].
هو يحيى القطان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن علي بن المبارك ].
علي بن المبارك، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بن أبي كثير ].
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[ عن عمر بن معتب ].
عمر بن معتب، وهو ضعيف، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن أبي الحسن مولى بني نوفل ].
أبو الحسن مولى بني نوفل، وهو مقبول، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن ابن عباس ].
ابن عباس مر ذكره.
وأما قوله: (ثم أعتقنا) على بناء المفعول فقال: (إن راجعتها) ظاهره أن الحر يملك ثلاث طلقات، وإن صار حراً بعد الطلقتين فله الرجوع بعد الطلقتين لبقاء الثالثة الحاصلة بالعتق، لكن العمل على خلافه، فيمكن أن يقال: إن هذا كان حين كانت الطلقات الثلاث واحدة كما رواه ابن عباس، فالطلقتان للعبد حينئذ كانتا واحدة، وهذا أمر قد تقرر أنه منسوخ الآن.
فالجواب: كما هو معلوم الطلقات الثلاث أنها واحدة، حديث ابن عباس ليس منسوخاً، هو باقٍ، وإنما عمر رضي الله عنه اجتهد وأمضى على الناس الثلاث، لأنهم استعجلوا في أمر لهم فيه أناة، فأمضى عليهم الثلاث، وجمهور أهل العلم على أن العمل بأنه إذا طلق ثلاثاً بلفظ واحد فهي ثلاث، لكن الذي يقتضيه حديث ابن عباس أنها تكون واحدة.
قال عبد الرزاق: قال ابن المبارك لـمعمر : الحسن هذا من هو؟ لقد حمل صخرة عظيمة ].
أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، وفيه ذكر الحسن، وهو سهو وخطأ، وإنما هو أبو الحسن كما في الطريق الأولى، وقالوا: إن الخطأ والوهم إما من النسائي أو من شيخه محمد بن رافع؛ لأن عبد الرزاق روي عنه من طرق وفيها يقول أبو الحسن؛ لأن عبد الرزاق بالإسناد روي عنه من طرق وعدد رووا عنه ويقولون في الإسناد: أبو الحسن على الصواب كما في الطريق السابقة، وإنما جاء عند النسائي وحده في هذه الطريق التي فيها عبد الرزاق ويروي عن محمد بن رافع فيها ذكر الحسن، قالوا: فهو وهم إما من النسائي أو من شيخه وليس من عبد الرزاق ومن فوقه؛ لأن عبد الرزاق جاء من طرق عنه أنه قال أبو الحسن ولم يقل الحسن.
والمتن يختلف عن المتن السابق، المتن السابق فيه مراجعة والثاني هنا قال: هل يتزوجها؟ ومن المعلوم أن الزواج غير المراجعة، يعني: أنه يعقد عليها، وقال: عمن؟ قال: أفتى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما في الطريق الأولى قال أنه يراجعها ويبقى له تطليقة واحدة مضمومة إلى الطلقتين السابقتين فتكون ثلاثاً؛ لأنه حصل اثنتين في حال العبودية، ثم صار حراً فيبقى له واحدة تضم إلى الاثنتين، والطريق الثانية ما فيها ذكر المراجعة ولا ذكر عدد الطلقات ولا ما يبقى له، وإنما يتزوجها، قال: هل يتزوجها؟ قال: نعم، ولعل وجه الاستغراب أو الإنكار فيه من جهة أنه بعد الطلقتين وهو عبد يتزوجها فلعل ذلك لكون المرأة بعد أن تستنفد الطلقات لا تحل إلا بعد زوج -كما في الحر- وكذلك العبد بعد الاثنتين ما تحل إلا بعد زوج، فلعل الاستغراب والإنكار الشديد مما جاء في هذا الحديث أنه من هذه الناحية.
(قال ابن المبارك لـمعمر: الحسن هذا من هو فقد حمل صخرة عظيمة؟).
حمل صخرة عظيمة حيث جاء بهذا الكلام وبهذا الحديث الذي تفرد به، وهو كما مر مقبول، وفيه مع كونه مقبول رجل ضعيف.
هو محمد بن رافع النيسابوري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[ عن عبد الرزاق ].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عمر بن معتب عن الحسن مولى بني نوفل عن ابن عباس ].
الحسن هو أبو الحسن؛ لأن الحسن هنا جاءت خطأ ولم تأت إلا عند النسائي في هذا الموضع، وكما ذكرت قالوا: إن الوهم من النسائي أو من شيخه وليس من عبد الرزاق ومن فوقه؛ لأن عبد الرزاق روى عنه من طرق ويقول فيها أبو الحسن لا يقول الحسن.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر