إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد المحسن العباد
  5. سلسلة شرح سنن النسائي
  6. كتاب الصلاة
  7. شرح سنن النسائي - كتاب الكسوف - (باب كسوف الشمس والقمر) إلى (باب الأمر بالصلاة عند الكسوف حتى تنجلي)

شرح سنن النسائي - كتاب الكسوف - (باب كسوف الشمس والقمر) إلى (باب الأمر بالصلاة عند الكسوف حتى تنجلي)للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • جعل الله تعالى خسوف الشمس والقمر آية من آياته التي يخوف بها عباده، والخسوف والكسوف لفظان بمعنى واحد، وشرع لنا وقت الخسوف أن نهرع إلى الصلاة والذكر والتسبيح حتى ينجلي، وصلاة الخسوف سنة مؤكدة لا قضاء على من فاتته.

    1.   

    كسوف الشمس والقمر

    شرح حديث: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [كتاب الكسوف، وقال: كسوف الشمس والقمر.

    أخبرنا قتيبة حدثنا حماد عن يونس عن الحسن عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه، وسلم: (إن الشمس، والقمر آيتان من آيات الله تعالى، لا ينكسفان لموت أحدٍ ولا لحياته، ولكن الله عز وجل يخوف بهما عباده)].

    يقول النسائي رحمه الله: كتاب الكسوف، باب: كسوف الشمس والقمر. الكسوف، كسوف الشمس والقمر يقال: إن الكسوف والخسوف مترادفان، ويقال: إن الكسوف إنما يطلق على كسوف الشمس، والخسوف على خسوف القمر، وقد جاء في هذه الأحاديث إطلاق الكسوف على الشمس والقمر.

    ثم أورد حديث أبي بكرة رضي الله تعالى عنه، والكسوف: هو التغير إلى السواد؛ ولهذا فإن كسوف الشمس والقمر يكون بتغير لونهما، وحصول السواد، أي: طروء التغير عليهما، وهما، أي: الشمس، والقمر (آيتان من آيات الله عز وجل يخوف الله تعالى بهما عباده) فإذا كانتا هاتان الآيتان يطرأ عليهما التغيير، والتحول من الإضاءة والإشراق إلى تغير لونهما، وكون الظلام الدامس يكون نتيجةً لحصول هذا التغير عليهما، فهذا فيه: إشارة إلى تغيير الكون، وإلى نهاية الدنيا، والله تعالى يخوف عباده بذلك

    وليس كسوفهما وخسوفهما من فعلهما، أو أنه يحصل نتيجةً لموت أحد ولا لحياته، وإنما يكون بتدبير الله عز وجل، وتصرفه في هاتين الآيتين من آياته، حيث يتصرف فيهما كيف يشاء، فيبقي ضوءهما، ويجعل التغير يطرأ عليهما إذا شاء، وفي ذلك تخويف للعباد، وتنبيه لهم إلى أن يرجعوا إلى الله عز وجل، وأن يتقربوا إليه بالطاعات التي يعود عليهم نفعها في الدنيا والآخرة.

    وقد أورد النسائي حديث أبي بكرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحدٍ ولا لحياته، وإنما يخوف الله بهما عباده)، فبين عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث أن الله عز وجل يجري عليهما هذا التغيير؛ لتخويف عباده، ولتنبيههم إلى أن يعودوا إليه، وأن يعلموا أن الأمر أمره، وأن كل شيء بيده، وأنه يتصرف بالمخلوقات كيف يشاء، وأن هذين المخلوقين -الشمس والقمر- اللذين في حصول نورهما المنافع الكبيرة للناس، فالله تعالى يجري عليهما هذا التغير والتأثر فتتغير الحال وتتبدل، فيكون في ذلك تخويف للعباد، وتنبيه لهم إلى أن يعبدوا الله عز وجل، ويفزعوا إليه، ويعلموا أن الأمر أمره، والخلق خلقه، وبيده الأمر، وهو المتصرف في الخلق كيف يشاء سبحانه وتعالى.

    وإنما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحدٍ ولا لحياته)؛ لأن حصول الكسوف الذي حصل للشمس في عهده صلى الله عليه وسلم كان في اليوم الذي مات فيه ابنه إبراهيم، وكان من عادات الجاهلية أنهم يقولون: أن هذا الذي يحصل إنما يحصل لموت عظيم، فبين عليه الصلاة والسلام أن الأمر ليس كذلك، وأن الأمر إنما هو بقدرة الله، وبمشيئته، يتصرف في ملكه كيف يشاء سبحانه وتعالى، وليس هذا لموت أحد ولا لحياته، فهذا الذي كان معروفاً عند أهل الجاهلية، ثم إن هذا الكسوف كان في اليوم الذي مات ابنه إبراهيم؛ فقال هذا دفعاً لتوهم مثل ذلك مما هو معروف في الجاهلية، وأضاف إلى ذلك أيضاً ذكر الحياة؛ لأنه إذا كان هذا التغير للشمس والقمر لا يكون لموت أحد، فأيضاً كذلك لا يكون لحياة أحد، فهو لا يكون للموت ولا للحياة، ولا يكون لوجود أحد ولا لفقده، وإنما هذا كله يرجع إلى قدرة الله ومشيئته وتدبيره عز وجل، وتصرفه في الكون كيف يشاء سبحانه وتعالى.

    وأُطلق على الشمس والقمر أنهما آيتان؛ لأنهما دالان على قدرة الله، وعلى ربوبيته، وعلى أنه الإله الحق الذي لا يصلح أن تكون العبادة إلا له؛ لأنه المتصرف في الخلق كيف يشاء، هو الموجد للمخلوقات، والمتصرف فيها، هو الذي يفنيها إذا شاء، فهو الذي يستحق العبادة وحده لا شريك له، فهما آيتان من الآيات الدالة على قدرة الله ومشيئته، وعلى أن الله تعالى يتصرف في الكون كيف يشاء سبحانه وتعالى، فالشمس والقمر والليل والنهار من آيات الله، وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ [فصلت:37]، وهنا قال: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله)، أي: من آيات الله الكثيرة الدالة على ربوبيته، وعلى وحدانيته، وعلى أنه الإله الحق الذي لا تصلح العبادة إلا له سبحانه وتعالى.

    قوله: [(لا ينكسفان لموت أحدٍ ولا لحياته)]، وإنما يفعل الله ذلك بهما، ويجري هذا التغير عليهما؛ ليخوف بذلك عباده، فهذا هو الذي جاء عن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام من بيان الحكمة في هذا التغيير من الله عز وجل لهذين النيرين، وأن الله عز وجل يخوف العباد، وأن على العباد أن يكونوا دائماً وأبداً خائفين من الله، يستفيدون من الآيات والعبر، ويستدلون بالآيات والتصرف فيها على قدرة الله وربوبيته، وعلى أنه المستحق للعبادة وحده لا شريك له.

    تراجم رجال إسناد حديث: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى ...)

    قوله: [أخبرنا قتيبة].

    هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وبغلان: قرية من قرى بلخ من بلاد خراسان.

    [حدثنا حماد].

    وحماد هنا غير منسوب، وهو يحتمل أن ابن زيد، ويحتمل ابن سلمة، لكن قتيبة لا يروي إلا عن حماد بن زيد، وليس له رواية عن حماد بن سلمة؛ ولهذا فإذا جاء حماد غير منسوب، والذي يروي عنه قتيبة فإنه يحمل على حماد بن زيد، وقد ذكر المزي في تهذيب الكمال بعد ترجمة حماد بن زيد، وحماد بن سلمة كلاماً يتعلق بتمييز أحدهما عن الآخر فيما إذا أهمل ولم ينسب، وبيان من هو المراد، وذلك بذكر من لا يروي إلا عن حماد بن زيد، ومن لا يروي إلا عن حماد بن سلمة، وبذلك يعرف تمييز المهمل عند إهماله وعدم ذكر النسب، بمعرفة أن هذا الشخص لا يروي إلا عن هذا الشخص، فيتميز ويعرف المراد، وهنا حماد هو ابن زيد؛ لأن قتيبة لا يروي إلا عن حماد بن زيد، فعلى هذا يحمل ذكر حماد المهمل على أنه ابن زيد، وحماد بن زيد بن درهم ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو بصري.

    [عن يونس].

    هو ابن عبيد البصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن الحسن].

    وهو الحسن بن أبي الحسن البصري، الثقة، الفقيه، المشهور، وهو يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبي بكرة].

    صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو نفيع بن الحارث الثقفي وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    وهذا الإسناد كل رجاله خرج لهم أصحاب الكتب الستة، من أوله إلى آخره، قتيبة بن سعيد، وحماد بن زيد، ويونس بن عبيد، والحسن البصري، وأبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكل هؤلاء الخمسة خرج حديثهم أصحاب الكتب الستة.

    1.   

    التسبيح والتكبير والدعاء عند كسوف الشمس

    شرح حديث عبد الرحمن بن سمرة: (بينا أنا أترامى بأسهمٍ لي بالمدينة إذ انكسفت الشمس ... فجعل يسبح ويكبر ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب التسبيح والتكبير والدعاء عند كسوف الشمس.

    أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك حدثنا أبو هشام هو المغيرة بن سلمة حدثنا وهيب حدثنا أبو مسعود الجريري عن حيان بن عمير حدثنا عبد الرحمن بن سمرة قال: (بينا أنا أترامى بأسهمٍ لي بالمدينة إذ انكسفت الشمس، فجمعت أسهمي وقلت: لأنظرنّ ما أحدثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في كسوف الشمس، فأتيته مما يلي ظهره وهو في المسجد، فجعل يسبح، ويكبر، ويدعو حتى حسر عنها، قال: ثم قام فصلى ركعتين وأربع سجدات)].

    أورد النسائي هذه الترجمة وهي: التسبيح والتكبير والدعاء عند كسوف الشمس، والحديث المتقدم فيه: بيان حصول الكسوف، وأن الله عز وجل يخوف به عباده، ثم هذه الترجمة تتعلق بما يفعل عند الكسوف، فإنه يسبح الله ويكبر ويدعو ويصلي، والصلاة تشتمل على هذه الأمور، تشتمل على التسبيح والتكبير والدعاء، فيكون التسبيح والتكبير والدعاء في الصلاة، وبعدها إذا حصل الفراغ من الصلاة ولم يحصل التجلي، فإنه يسبح الله، ويذكر، ويدعو حتى يحصل التجلي، ولا يصلي مرة ثانية، فعندما يصلي الناس، ويخرجون من الصلاة والكسوف لا يزال قائماً ولم يحصل التجلي فإنهم يسبحون، ويذكرون الله عز وجل، ويدعونه حتى يتجلى، ولا يعيدون الصلاة، فإذاً: الأمور التي تفعل هي: صلاة، وذكر، ودعاء حتى يحصل التجلي، هذا هو الذي جاءت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد أورد النسائي في هذه الترجمة حديث عبد الرحمن بن سمرة رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (كنت أترامى في أسهمٍ لي، فكسفت الشمس، فجمعت أسهمي ثم قلت: لأذهبنّ لأنظر ما أحدث رسول الله)، يعني: ما الفعل الذي فعله رسول الله في هذه المناسبة؛ لأنه علم أن النبي صلى الله عليه وسلم سيعمل عملاً، وأنه سيقوم بفعل شيء، فأراد أن يعرف ما هي السنة التي تفعل عند حصول هذا الأمر الحادث الذي هو كسوف الشمس، فذهب إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال: (فأتيته مما يلي ظهره وهو في المسجد، فجعل يسبح، ويكبر، ويدعو، حتى حسر)، أي: حتى حصل التجلي والانكشاف، وعادت الشمس إلى ضوئها، قال: (ثم صلى ركعتين وأربع سجدات).

    قد يفهم من هذا الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام ما بدأ بالصلاة إلا بعد ما حصل التجلي، والواقع أن النبي عليه الصلاة والسلام دخل في الصلاة والكسوف موجود، أو أن الصحابي رضي الله عنه أراد أن يبين الأمور المجتمعة التي حصلت، والتي فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى حصل التجلي، لا أن الصلاة بدئ بها بعد التجلي، وإنما بدئ بها في حال الكسوف، والدعاء، والتكبير، والتسبيح يكون في الصلاة وبعد الصلاة إذا لم يحصل التجلي.

    فالمقصود من هذا الفعل هو بيان الأمور المجتمعة التي فعلها رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ لا أنها مرتبةً هذا الترتيب الذي هو: تسبيح، ودعاء، وتكبير، ثم بعد ذلك تكون الصلاة، بل إن الصلاة، والتسبيح، والتهليل، والتكبير إنما حصلت هذه الأمور مجتمعة عندما وجد الكسوف، والصلاة كما جاء في الأحاديث إنما هي حين الكسوف، وهي يقال لها: صلاة الكسوف، وإذا حصل التجلي، وحصل الانتهاء فلا يصلي، ولو أن الناس لم يعلموا عن الكسوف إلا بعد التجلي فلا يصلون؛ لأنها سنة مؤكدة فات وقتها، فإذا كان هناك ناس نائمون، أو أنهم ما علموا عن الكسوف إلا بعد ما انتهى فإنهم لا يصلون؛ لأن الصلاة إنما هي في وقت الكسوف حتى يوجد الانكشاف والتجلي، وعود النيرين إلى ما كان عليه من الإضاءة والإشراق.

    ثم قال: [(ركعتين وأربع سجدات)]، المقصود بذلك صلاة الكسوف، وهنا ليس فيه ذكر تفصيل الصلاة، وإنما فيه ذكر السجدات، وذكر الركعتين، والركعتان في كل ركعة منها ركوعان، وفي كل سجدة سجودان، فالحديث فيه ذكر الصلاة، وبعض العلماء قال: إن هذه نافلة كانت بعد التجلي، وضعف هذا بعض أهل العلم وقال: إن هذا لا يصح، ولم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه تنفل بعد الكسوف، وإنما المقصود بذلك صلاة الكسوف، والذي دفع إلى هذا هو ذكر ثم، وأن هذا بعد التجلي، لكن كما ذكرت أن المعروف عند أهل العلم أن هذه الأمور مجتمعة عند الكسوف، وليس المقصود التقديم والتأخير، وأن الصلاة ما وجدت إلا بعد التجلي، بل الصلاة والدعاء حصلت مجتمعةً عندما حصل الكسوف، ويكون الدعاء في الصلاة وفي خارجها قبلها وبعدها، وصلاة الكسوف كما سيأتي مبينة في كل ركعة ركوعان، على خلاف المعروف في الصلوات الأخرى، فإنها تختص بهذه الكيفية، وهي أن الركعة الواحدة لها ركوعان، ويقرأ الإنسان في كل ركعة قبل الركوع الأول وبعده.

    تراجم رجال إسناد حديث عبد الرحمن بن سمرة: (بينا أنا أترامى بأسهمٍ لي بالمدينة إذ انكسفت الشمس ... فجعل يسبح ويكبر ...)

    قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك].

    ثقة، حافظ، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.

    [حدثنا أبو هشام هو المغيرة بن سلمة].

    هو المغيرة بن سلمة البصري وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.

    [عن وهيب].

    هو وهيب بن خالد البصري وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبي مسعود الجريري].

    هو سعيد بن إياس البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن حيان بن عمير].

    هو البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي.

    [عن عبد الرحمن بن سمرة].

    صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    1.   

    الأمر بالصلاة عند كسوف الشمس

    شرح حديث: (إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته ... فإذا رأيتموها فصلوا)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الأمر بالصلاة عند كسوف الشمس.

    أخبرنا محمد بن سلمة أخبرنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث: أن عبد الرحمن بن القاسم حدثه عن أبيه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات الله تعالى، فإذا رأيتموهما فصلوا)].

    أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الأمر بالصلاة عند كسوف الشمس. وأورد النسائي حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فصلوا). المقصود من إيراد الحديث قوله في آخره: [(فصلوا)]؛ لأنه أمر بالصلاة؛ لأن الترجمة هي: الأمر بالصلاة عند كسوف الشمس، وهذا في قوله: [(فصلوا)]، وفي الحديث ذكر الخسوف للشمس والقمر؛ لأنه في بعض الأحاديث سيأتي كسوف الشمس والقمر، وفي بعضها يأتي خسوف الشمس والقمر، وإطلاق الخسوف عليهما، كما أنه يأتي إطلاق الكسوف عليهما، فالرواية المتقدمة فيها كسوف الشمس والقمر، وهنا في هذه الرواية خسوف الشمس والقمر، وهذا مما يدل على أن الخسوف والكسوف يطلقان على الاثنين، وأنه يقال: خسف، ويقال: كسف، أو حصل خسوفهما، أو حصل كسوفهما، أي: الشمس والقمر، فيطلق الخسوف والكسوف على الاثنين، (إن الشمس، والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحدٍ ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فصلوا).

    تراجم رجال إسناد حديث: (إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته ... فإذا رأيتموها فصلوا)

    قوله: [أخبرنا محمد بن سلمة].

    هو المرادي المصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.

    [أخبرنا ابن وهب].

    هو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن عمرو بن الحارث].

    هو المصري أيضاً، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [أن عبد الرحمن بن القاسم حدثه].

    هو عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وهو ثقة، جليل، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبيه].

    هو القاسم بن محمد، وهو ثقة، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما].

    صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    الأمر بالصلاة عند كسوف القمر

    شرح حديث: (إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ... فإذا رأيتموها فصلوا) من طريق ثانية

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الأمر بالصلاة عند كسوف القمر.

    أخبرنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا يحيى عن إسماعيل حدثني قيس عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد، ولكنهما آيتان من آيات الله عز وجل، فإذا رأيتموهما فصلوا)].

    أورد النسائي ترجمةً أخرى وهي: باب الأمر بالصلاة عند كسوف القمر، وكل من الحديثين السابق وهذا يدلان على الأمر بالصلاة عند كسوف الشمس والقمر، لكن النسائي رحمه الله أورد حديثاً منهما تحت ترجمة كسوف الشمس، وأورد الحديث الآخر عند ترجمة كسوف القمر، وهما لفظهما واحد، ومعناهما واحد؛ ولكن من أجل إيراد الطرق المتعددة، وذكر التراجم المتنوعة، والاستدلال على كل منها، وتفريقها، وتقسيمها، وإيراد الأحاديث لكل منها، وإن كان الحديث الواحد يدل على أنه يصلى عند كسوف الشمس، وعند كسوف القمر؛ لأن الحديث الأول -وهو حديث ابن عمر-: (فإذا رأيتموهما فصلوا)، وهو يتعلق بالشمس والقمر، وحديث أبي مسعود هذا أورده في كسوف القمر، وهو يتعلق بالشمس والقمر، لكن المقصود أنه يأتي بالأحاديث من طرق مختلفة، وعن صحابة متعددين، ويستدل بهذا على مسألة، وهذا على مسألة، وإن كان كل من الحديثين يدل على المسألتين، فتفريق الأحاديث من أجل تعداد الأبواب، وتكثير الأبواب، والاستدلال على المسائل المختلفة، وإن كان الحديث الواحد يدل على كل منهما جميعاً، أورد حديث أبي مسعود الأنصاري المدني رضي الله عنه، وهو بمعنى حديث ابن عمر، ودال على ما دل عليه حديث ابن عمر.

    تراجم رجال إسناد حديث: (إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ... فإذا رأيتموها فصلوا) من طريق ثانية

    قوله: [أخبرنا يعقوب بن إبراهيم].

    ثقة، حافظ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، كلهم رووا عنه مباشرةً وبدون واسطة، وهو من صغار شيوخ البخاري، توفي قبل وفاة البخاري بأربع سنوات، البخاري توفي سنة ست وخمسين ومائتين، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين، ومثله في سنة الوفاة، وكونه شيخاً لأصحاب الكتب الستة اثنان آخران وهما: محمد بن المثنى، ومحمد بن بشار، فهؤلاء ثلاثة: محمد بن المثنى ومحمد بن بشار، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، ماتوا في سنة واحدة، وهي سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وكل واحد منهم شيخ لأصحاب الكتب الستة، يروون عنه مباشرةً وبدون واسطة.

    [حدثنا يحيى].

    هو ابن سعيد القطان البصري، المحدث، الناقد، الثقة، الثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن إسماعيل].

    هو ابن أبي خالد، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن قيس].

    هو ابن أبي حازم البجلي، وهو ثقة، مخضرم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، والمخضرم هو الذي أدرك الجاهلية أول الإسلام، ولم يلق النبي صلى الله عليه وسلم، وقيس بن أبي حازم قيل عنه: إنه هو الذي اتفق له أن يروي عن العشرة المبشرين بالجنة، قيس بن أبي حازم، قيل: إنه لم يتفق لأحد أن يروي عن العشرة المبشرين بالجنة إلا هذا الرجل الذي هو قيس بن أبي حازم، هذا المخضرم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبي مسعود].

    هو عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، ويقال: إنه لم يشهد بدراً، وإنما نسب إلى بدر؛ لأنه سكنها.

    1.   

    الأمر بالصلاة عند الكسوف حتى تنجلي

    شرح حديث: (إن الشمس والقمر آيتان ... فإذا رأيتموها فصلوا حتى تنجلي) من طريق ثالثة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الأمر بالصلاة عند الكسوف حتى تنجلي.

    أخبرنا محمد بن كامل المروزي عن هشيم عن يونس عن الحسن عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله عز وجل، وإنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فصلوا حتى تنجلي)].

    أورد النسائي هذه الترجمة وهي: باب الأمر بالصلاة عند الكسوف حتى تنجلي، أي: ينجلي الكسوف ويرجع نور القمر والشمس على حالته، ثم إنه ليس المقصود بهذه الترجمة أن يصلى حتى تنجلي، بمعنى: أنهم لو صلوا وتبين أنه لم يحصل التجلي فإنهم يعيدون الصلاة، لا، بل لا تعاد الصلاة، ولكن إذا صلوا وفرغوا من الصلاة ولم يحصل التجلي، فإنهم يستمرون في دعاء الله عز وجل وذكره حتى يحصل التجلي، وإذا لم يعلموا عن الكسوف من أوله، ولكنهم علموا عنه بعد أن فرغ غيرهم في مساجد أخرى، فلهم أن يصلوا؛ لأن الكسوف لا يزال قائماً، لكن من صلى وفرغ من صلاته ولم يحصل تجلٍ لا يعيد الصلاة، وبيان أن المشروعية للصلاة إنما هي ما دام الكسوف موجوداً، فإذا انتهى الكسوف فإنه لا صلاة، لا تصلى صلاة الكسوف بعد التجلي، وما دام التجلي موجوداً فإن الصلاة مشروعة، لكنها إذا فعلت وفرغ منها قبل التجلي لا تعاد.

    تراجم رجال إسناد حديث: (إن الشمس والقمر آيتان ... فإذا رأيتموها فصلوا حتى تنجلي) من طريق ثالثة

    قوله: [أخبرنا محمد بن كامل المروزي].

    ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.

    [عن هشيم].

    هو ابن بشير الواسطي، وهو ثقة، ثبت، كثير التدليس، والإرسال الخفي، وذكرت فيما مضى: أن التدليس: أن يروي عن شيخه ما لم يسمعه منه بلفظ موهم السماع، كعن أو قال، وأما الإرسال الخفي: فهو أن يروي عمن عاصره ولم يعرف أنه لقيه؛ لأن الإرسال إرسالان: إرسال جلي، وإرسال خفي، الإرسال الجلي: كأن يروي عن شخص لم يدرك عصره، بأن يقول: قال فلان، أو عن فلان، وهو لم يدرك عصره، مثل التابعي الذي يقول: قال رسول الله، هذا إرسال جلي واضح، أو يكون شخص في الإسناد يروي عن شخص ما أدرك عصره، هذا يقال له: إرسال جلي، لكن إذا كان أدرك عصره ولم يعرف أنه لقيه، يكون من الإرسال الخفي؛ لأن فيه احتمال اللقيا؛ لأن التعاصر موجود؛ كونهما متعاصران، فيقال له: إرسال خفي، ولهذا الفرق بين التدليس والإرسال الخفي: أن التدليس يختص بمن روى عمن عرف لقاؤه إياه، أما إن عاصره ولم يعرف أنه لقيه فهو المرسل الخفي، فهذا هو الفرق بينهما، وهشيم بن بشير الواسطي كثير التدليس والإرسال الخفي، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن يونس بن عبيد عن الحسن البصري عن أبي بكرة].

    وقد مر ذكرهم.

    شرح حديث أبي بكرة: (كنا جلوساً مع النبي فكسفت الشمس فوثب يجر ثوبه فصلى ركعتين حتى انجلت ...) من طريق رابعة

    [أخبرنا عمرو بن علي ومحمد بن عبد الأعلى قالا: حدثنا خالد حدثنا أشعث عن الحسن عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: (كنا جلوساً مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكسفت الشمس فوثب يجر ثوبه فصلى ركعتين حتى انجلت)].

    أورد النسائي حديث أبي بكرة رضي الله عنه: أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم فكسفت الشمس فقام يجر ثوبه، يعني: قام مسرعاً، وهو كالذي قبله.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767373147