إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [282]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم اللعب بالقمار والحلف بالحرام والطلاق ثلاثاً

    السؤال: إنني كنت ألعب القمار منذ فترة طويلة, وكنت تاركاً للصلاة, ولكنني في شهر رمضان أصوم وأصلي, وبعدها أترك وأنا متزوج ولدي أطفال. وزوجتي تصلي أيضاً, ولكنني ذات يوم خسرت كثيراً, من هذا القمار وتألمت, وحلفت يميناً على أن لا ألعب القمار بعد, ولكنني لعبت مرة ثانية, واليمين الذي حلفته, هو أنني قلت: علي الحرام بالطلاق بالثلاث, أنني سوف لا ألعب القمار بعد الآن, فهل تكون زوجتي في هذه الحالة طالقة, وأنها لا تدري بهذه اليمين، وإنني الآن تائب حائر, فما حكم الشرع في نظركم في عملي هذا, وأنا أريد التوبة، وقد بدأت بالصلاة, وتركت القمار؟

    الجواب: القمار هو الميسر الذي حرمه الله عز وجل, وقرنه بالخمر وعبادة الأوثان، حيث قال جل وعلا: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ [المائدة:90-91]. والكسب الذي اكتسبته من وراء ذلك كسب محرم, يجب عليك التخلص منه بالصدقة به, تخلصاً من إثمه لا تقرباً به إلى الله عز وجل؛ لأن التقرب بالمكاسب المحرمة لا يجدي شيئاً, فالذمة لا تبرأ بتلك الصدقة, والتقرب إلى الله تعالى لا يحصل بها؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ).

    إذاً: فالواجب عليك نحو هذه المكاسب أن تخرجها من ملكك تخلصاً منها, وتوبة إلى الله عز وجل, وأما ما يتعلق بحلفك بالطلاق والحرام, أن لا تعود إليه, أي: إلى لعب القمار, ثم عدت, فإنه يجب عليك على القول -الراجح من أقوال أهل العلم- كفارة يمين, وكفارة اليمين هي: إطعام عشرة مساكين, أو كسوتهم, أو تحرير رقبة, وكيفية الإطعام، أن تصنع طعاماً غداءً أو عشاءً ثم تدعو هؤلاء العشرة حتى يأكلوا, أو تفرق عليهم أرزاً أو نحوه, مما هو من أوسط ما تطعم أهلك, لكل واحد من المساكين نحو كيلو, ويحسن أن تجعل معه شيئاً يؤدمه من لحم أو نحوه, وما دمت الآن قد تبت إلى ربك وندمت على ما جرى من ذنبك, فاسأل الله لك تعالى الثبات على ذلك, واحمده على هذه النعمة العظيمة, فإن التوبة من أجل نعم الله على العبد, ولهذا امتن الله على عباده بالإسلام، حيث قال عز وجل: بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [الحجرات:17]. وقال تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا [المائدة:3].

    1.   

    وقت صلاة الفجر لمن كان عمله قبل الفجر

    السؤال: نحن جماعة نعمل في البحر ووقت عملنا ينتهي قبل ظهور الشمس بساعة, هل من الأفضل أن نترك العمل ونصلي الفجر, أم نكمل العمل ونصلي بعده ما دام وقت ظهور الشمس لم يأت أفيدونا بارك الله فيكم؟

    الجواب: ما دمتم تنتهون من العمل قبل طلوع الشمس بساعة, يمكنكم أن تؤدوا الصلاة في وقتها, ولا حرج عليكم إذا أخرتم الصلاة حتى ينتهي العمل, بشرط أن تخلصوا من الصلاة قبل أن تطلع الشمس؛ وذلك لأن تقديم الصلاة في أول وقتها على سبيل الاستحباب, وليس على سبيل الوجوب, وترككم العمل للصلاة ربما يربك العمل, وربما يكون هناك شيء تتضررون به, فإن لم يربك العمل ولم تتضرروا به, فالأفضل لكم أن تقدموا الصلاة في أول وقتها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقدم الفجر في أول وقتها.

    1.   

    حكم صلاة الجمعة لمن كان في البحر

    السؤال: جاء وقت صلاة الجمعة علينا, ونحن في البحر نشتغل, وبعد ميعاد الأذان للظهر بنصف ساعة, خرجنا منه هل يصح لنا الأذان وصلاة الجمعة؟

    الجواب: صلاة الجمعة لا تصح إلا في المساجد, في المدن أو القرى, ولا تصح من جماعة يشتغلون في بر أو بحر؛ لأنه لم يكن من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقيم صلاة الجمعة إلا في المدن والقرى, فقد كان عليه الصلاة والسلام يسافر الأيام العديدة ولم يكن يقيم صلاة الجمعة, وأنتم الآن في البحر غير مستقرين ولكنكم عمال تنتقلون يميناً وشمالاً, وترجعون إلى الأوطان, وإلى البلدان, فالذي يجب عليكم هو صلاة الظهر, دون صلاة الجمعة.

    1.   

    حكم الحلف كذباً وعلى المصحف

    السؤال: يسأل عن شخص حلف على المصحف كذباً, في أيام الطفولة, وكان يبلغ خمس عشرة سنة, ولكنه ندم على هذا بعد أن بلغ سن الرشد؛ لأنه عرف أن هذا حرام شرعاً, فهل عليه إثم أو كفارة؟

    الجواب: هذا السؤال يتضمن مسألتين:

    المسألة الأولى: الحلف على المصحف لتأكيد اليمين, وهذه صيغة لا أعلم لها أصلاً من السنة, فليست مشروعة.

    وأما المسألة الثانية: فهي حلفه على الكذب, وهو عالم بذلك وهذا إثم عظيم, يجب عليه أن يتوب إلى الله منه, حتى إن بعض أهل العلم يقول: إن هذا من اليمين الغموس, التي تغمس صاحبها في الإثم ثم تغمسه في النار, فإذا كانت هذه اليمين قد وقعت منه بعد بلوغه, فإنه بذلك يكون آثماً عليه أن يتوب إلى الله وليس عليه كفارة؛ لأن الكفارة إنما تكون في الأيمان على الأشياء المستقبلة, وأما الأشياء الماضية فليس فيها كفارة, بل الإنسان دائر فيها بين أن يكون آثماً أو غير آثم, فإذا حلف على شيء يعلم أنه كذب فهو آثم, وإن حلف على شيء يغلب على ظنه أنه صادق أو يعلم أنه صادق فيه فليس بآثم.

    1.   

    حكم من نذر لله بشيء معين ثم باعه

    السؤال: كنت نذرت بذبيحة لله, واحتجت ولم يكن في البيت غيرها, فبعتها بمبلغ أربع وخمسين جنيه مصري, لمدة أربع سنوات, والآن أريد أن أوفي النذر الذي نذرته, هل أشتري بالمبلغ ذبيحة أخرى؟ وهل علي إثم في عملي هذا؟

    الجواب: هذه الشاة التي نذرت لله عز وجل أن تذبحها, إذا كان نذرك هذا نذر طاعة, فإنه قد وجب عليك الوفاء به, وتعينت هذه الشاة للنذر, وبيعك إياها بعد ذلك غلط منك ومحرم عليك, وعليك أن تضمنها الآن بمثلها أو بما هو خير منها, وأن تتوب إلى الله سبحانه وتعالى مما صنعت, فاذبح بدلها تقرباً إلى الله عز وجل, ووزعه على الفقراء ما دمت قد نويت أنها صدقة لله تعالى, وليكن ما تذبحه مثل التي نذرت أو أحسن منها.

    1.   

    قضاء الصلاة للحائض وغسل شعرها وغيره أثناء الحيض

    السؤال: هل من الواجب قضاء صلاة أيام الدورة الشهرية؟ وهل يجوز غسل الشعر فقط؟

    الجواب على ذلك: المرأة الحائض لا تقضي الصلاة, بالنص والإجماع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم ). وسئلت عائشة رضي الله عنها: ( ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة, فقالت: كان يصيبنا ذلك, وكنا نؤمر بقضاء الصوم, ولا نؤمر بقضاء الصلاة ), وعلى هذا فالصلاة لا يجب على الحائض قضاؤها, وأما غسل الحائض رأسها, فإنه لا بأس به أثناء الحيض، وما سمعت من أن ذلك لا يجوز, فإنه لا صحة له, بل لها أن تغسل رأسها, وجسدها, وما شاءت, ولها أيضاً أن تستعمل الحناء في أثناء حيضها, ولا حرج عليها في هذا.

    1.   

    حكم الحناء للصائمة والمتوضئة

    السؤال: هل يجوز وضع الحناء للشعر أثناء الصيام والصلاة؟ لأني سمعت بأن الحناء تفطر الصائم؟

    الجواب: هذا أيضاً لا صحة له, فإن وضع الحناء في أيام الصيام لا يفطر, ولا يؤثر على الصيام شيئاً, كالكحل, وكقطرة الأذن, وكالقطرة في العين, فإن ذلك كله لا يضر الصائم, ولا يفطره, وأما الحناء في أثناء الصلاة فلا أدري كيف يكون هذا السؤال: إذ أن المرأة التي تصلي لا يمكن أن تتحنى, ولعلها تريد أن الحناء هل يمنع صحة الوضوء إذا تحنت المرأة, والجواب: أن ذلك لا يمنع صحة الوضوء؛ لأن الحناء ليس له جرم يمنع وصول الماء, وإنما هو لون فقط, والذي يؤثر على الوضوء هو ما كان له جسم يمنع وصول الماء, فإنه لا بد من إزالته حتى يصح الوضوء.

    1.   

    العمل في مصنع السجائر والدخان

    السؤال: كنت أعمل عملاً شاقاً جداً, ولم أستطع أن أستمر فيه فبدأت أبحث عن عملٍ آخر أخف مشقة, ولم أجد إلا عملاً في شركة لصنع الدخان والسجائر, وأنا الآن أعمل بها منذ بضعة شهور, مع العلم بأنني لا أشرب السجائر, ولا أي نوع من أنواع الدخان, والسؤال: ما حكم الأجر الذي أتقاضاه مقابل هذا العمل هل هو حلال أم حرام, مع العلم أنني مخلص في عملي والحمد لله؟

    الجواب: لا يحل لك أن تعمل في هذه الشركة التي تصنع السجائر؛ وذلك لأن صنع السجائر والاتجار بها بيعاً وشراء محرم, والعمل في الشركة التي تصنعه إعانة على هذا المحرم, وقد قال الله تعالى في كتابه وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]. فبقاؤك في هذه الشركة محرم, والأجرة التي تكتسبها بعملك محرمة أيضاً, وعليك أن تتوب إلى الله, وأن تدع العمل في هذه الشركة, والأجرة اليسيرة الحلال خير من الأجرة الكثيرة الحرام؛ لأن الرجل إذا اكتسب مالاً حراماً لم يبارك الله له فيه, وإن تصدق به لم يقبله الله منه, وإن خلفه بعده كان عليه غرمه, ولورثته من بعده غنمه, واعلم أنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً, وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين, فقال تعالى: يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ [المؤمنون:51]. وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [البقرة:172]. وذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء، يقول: يا رب يا رب ومطعمه حرام, وملبسه حرام, وغذي بالحرام, قال النبي صلى الله عليه وسلم: فأنى يستجاب لذلك ).

    فاستبعد النبي صلى الله عليه وسلم أن يستجاب لهذا الرجل الذي قام بأسباب إجابة الدعاء؛ وذلك لأن مطعمه حرام, وملبسه حرام, ومشربه حرام, وغذي بالحرام, فإذا كان هذا الداعي مع وجود أسباب إجابة الدعوة, يبعد أن يستجيب الله له لكون هذه الأمور حراماً في حقه, فإنه يوجب للإنسان العاقل الحذر من أكل الحرام والبعد عنه وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3]، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4].

    فنصيحتي لك أيها الأخ أن تتقي الله عز وجل, وأن تخرج من هذه الشركة, وأن تطلب رزقاً حلالاً، ليبارك الله لك فيه.

    1.   

    غسل الوجه والأيدي بالصابون عند الوضوء

    السؤال: ما حكم الشرع في نظركم في غسل الوجه والأيدي بالصابون عند الوضوء؟

    الجواب: إن غسل الأيدي والوجه بالصابون عند الوضوء ليس بمشروع, بل هو من التعمق والتنطع, وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( هلك المتنطعون, هلك المتنطعون, قالها ثلاثاً ). نعم لو فرض أن في اليدين وسخاً لا يزول إلا باستعمال الصابون أو غيره من المطهرات والمنظفات, فإنه لا حرج في استعماله حينئذ, وأما إذا كان الأمر عادياً, فإن استعمال الصابون يعتبر من التنطع والبدعة فلا تستعمل.

    1.   

    الشك في عدد الركعات والواجب عند ذلك

    السؤال: قرأت في بعض الكتب الشرعية, بأن الصلاة إذا أقيمت, وشك المصلي في عدد ركعاتها فإنها باطلة, وفي بعض الكتب تقول: إذا شك المصلي يسجد ركعتين بعد انتهاء الصلاة, فما هو الصحيح بذلك أفيدونا مأجورين؟

    الجواب: الصحيح في ذلك أن الصلاة لا تبطل؛ لأن هذا الشك يرد على الإنسان كثيراً بغير اختياره, وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم حكم من شك في صلاته, وأن الشك على قسمين:

    القسم الأول: أن يشك الإنسان في عدد الركعات مع كونه يرجح أحد الطرفين, ففي هذا القسم يبني الإنسان على ما ترجح عنده, فيتم الصلاة ويسلم ويسجد للسهو بعد السلام.

    أما القسم الثاني: فهو إذا شك الإنسان في عدد الركعات, ولم يترجح عنده أحد الطرفين, ففي هذا القسم, يبني على الأقل؛ لأنه المتيقن والزائد مشكوك فيه, فيتم على الأقل ويسجد للسهو سجدتين قبل السلام, ولا تبطل صلاته بذلك, هذا حكم الشك في عدد الركعات, وكذلك لو شك هل سجد السجدة الثانية أم لم يسجد, وهل ركع أم لم يركع؟ فإنه إذا كان لديه ترجيح لأحد الطرفين عمل بالراجح, وأتم صلاته عليه, وسجد للسهو بعد السلام, وإن لم يكن لديه ترجيح لأحد الطرفين, فإنه يعمل بالأحوط, وأنه لم يأت بهذا الركوع أو هذا السجود الذي شك فيه, فليأت به وبما بعده, ويتم صلاته عليه, ويسجد للسهو قبل السلام, إلا أنه إذا وصل إلى مكان الركن المشكوك في تركه, فإن الركعة الثانية تقوم مقام الركعة التي ترك منها ذلك الركن.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756264033