إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [55]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    الثواب على البدعة

    السؤال: هل تطبيق البدعة يثاب عليها مطبقها وخاصة الصلاة والسلام على النبي بعد الأذان؟

    الجواب: البدعة قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار).

    وإذا كان كذلك فإن البدعة سواء كانت ابتدائية أم استمرارية، يأثم من تلبس بها، لأنه كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: ( في النار) أعني: أن الضلالة هذه تكون سبباً للتعذيب في النار، وإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام حذر أمته من البدع، فمعنى ذلك: أنها مفسدة محضة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عمم ولم يخصص قال: ( كل بدعة ضلالة)، ثم إن البدع في الحقيقة هي انتقاد غير مباشر للشريعة الإسلامية، لأن مقتضاها: أن الشريعة لم تتم، وأن هذا المبتدع أتمها بما أحدث من العبادة التي يتقرب بها إلى الله كما زعم.

    فعليه نقول: كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، والواجب الحذر من البدع كلها، وألا يتعبد الإنسان إلا بما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون إمامه حقيقة، أي: ليكون الرسول صلى الله عليه وسلم إمامه حقيقة، لأن من سلك سبيل بدعة فقد جعل المبتدع إماماً له في هذه البدعة دون رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    مظان آية: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة)

    السؤال: قرأت خطبة لـ عمر بن الخطاب : ( إن الله بعث محمداً بالحق وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل الله عليه آية الرجم قرأناها ووعيناها وعقلناها، فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله فيضل بترك فريضة أنزلها الله، وإن الرجم حق في كتاب الله تعالى)، إلى آخر الخطبة، فبحثت آية الرجم فوجدت في كتاب بلوغ المرام (ص: 271) وهي قوله تعالى: ( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما)، والعجب: أن هذا الآية لا توجد في الكتاب كما قال عمر بن الخطاب في خطبته هذا؟ والسؤال: من الذي خرجها في الكتب، وما السبب، وهل هناك جناح في قراءتها، وأي سورة كانت فيها، وأن تذكروا الآية التي كانت قبلها والآية التي بعدها؟

    الجواب: هذا الحديث الذي ذكره السائل عن عمر رضي الله عنه ثابت عنه في الصحيحين، وأن الآية نزلت في كتاب الله وقرأها الصحابة ووعوها وحفظوها، وطبقت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء بعده، وهي حق بلا شك، لكن هذه الآية مما نسخ لفظه وبقي معناه، وقد ذكر أهل العلم أن النسخ في كتاب الله ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

    الأول: ما نسخ حكمه وبقي لفظه، وهذا أكثر ما وقع في القرآن.

    والثاني: ما نسخ لفظه وبقي حكمه.

    والثالث: ما نسخ لفظه وحكمه، فمثال الأول: قوله تعالى: إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ [الأنفال:65] ، ثم قال بعدها ناسخاً لها: الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ [الأنفال:66] ، فهذا نسخ حكمه وبقي لفظه، بقي لفظه تذكيراً للأمة بما أنعم الله عليهم من التخفيف، وكذلك إبقاءً لثوابه بتلاوته.

    أما القسم الثاني: وهو ما نسخ لفظه وبقي حكمه فمثل هذه الآية -آية الرجم- فإن حكمها باق ٍ إلى يوم القيامة، وكانت مقروءة وموجودة لكن نسخ لفظها، والحكمة في نسخ لفظها والله أعلم: بيان فضل هذه الأمة على الأمة اليهودية التي كتمت أو حاولت أن تكتم ما كان موجوداً في كتابها وهي آية الرجم حينما جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستفتونه في قضية اليهوديين حينما زنا رجل بامرأة منهم، فجاءوا بالتوراة ووضع القارئ يده على آية الرجم حتى قال عبد الله بن سلام : ارفع يدك، فالأمة اليهودية كان رجم الزاني ثابتاً في التوراة لفظاً وحكماً، فحاولوا كتمه وعدم العمل به، وهذه الأمة نسخ لفظ التلاوة التي تثبت رجم الزاني، لكن الأمة الإسلامية طبقت هذا الحكم على الرغم من كون اللفظ منسوخاً، مما يدل على فضلها وعلى امتثالها لأمر الله عز وجل وعدم تحايلها على إبطال شريعته، هذا هو الذي يظهر لي من الحكمة في نسخ لفظها.

    وإن كان قد روي أن الحكمة: هي أن الآية التي أشار إليها الأخ في السؤال وهي: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما) لا تطابق الحكم الثابت الآن، لأن الحكم الثابت الآن معلق بالإحصان لا بالشيخوخة، والآية إن صحت (الشيخ والشيخة) تعلق الحكم بالشيخوخة لا بالإحصان، وبينهما فرق، فقد يكون الشيخ غير محصن -يعني: لم يتزوج- ومع ذلك لا يرجم، ومقتضى الآية: أن يرجم لأنه شيخ، وقد يكون المحصن شاباً فيرجم، ومقتضى الآية إن صحت أنه لا يرجم، ولذلك هذه الآية: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم)، في القلب من صحتها شيء، وإن كانت قد وردت في السنن وفي المسند وفي ابن حبان ، لكن في القلب منها شيء؛ لأن حديث عمر رضي الله عنه الذي أشار إلى آية الرجم قال: ( وإن الرجم حق ثابت في كتاب الله على من زنا إذا أحصن)، إذا أحصن فمقتضى هذا اللفظ الثابت في الصحيحين أن الآية المنسوخة قد علقت الحكم بالإحصان لا بالشيخوخة، ولهذا يجب التحرز من القول بأن الآية المنسوخة بهذا اللفظ -أي: بلفظ الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة- لأن إثبات أن هذه هي الآية المنسوخة معناها: إثبات أنها من كلام الله، وكلام الله سبحانه وتعالى حسب الحكم الشرعي الثابت الآن مقيد بالإحصان لا بالشيخوخة، وهو في الحديث الذي في الصحيحين عن عمر يدل أيضاً على أن الآية المنسوخة قد علقت الحكم بالإحصان لا بالشيخوخة.

    وعلى كل حال: في نفسي وفي قلبي شيء من صحة هذا اللفظ، أي: لفظ الآية التي كانت منسوخة وهي أن لفظها (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم)، فلا أستطيع أن أجزم بأن هذه هي الآية، أي: أن هذا هو لفظها، لأنها كما أشرنا إليه لا تطابق الحكم الشرعي الثابت الآن، ولا تطابق أيضاً الحديث الثابت في الصحيحين أن الآية المنسوخة على من زنى إذا أحصن، ففي القلب من صحتها شيء.

    أما قول الأخ: إنه لم يجدها فصدق فهي غير موجودة في المصحف آية الرجم، وأما أين السورة التي ذكر فيها؟ ففي صحيح ابن حبان أنها كانت في سورة الأحزاب، والله أعلم بذلك، هل هي في سورة الأحزاب أو في سورة النور، الله أعلم، لأن الحديث يجب النظر فيه.

    والخلاصة أن قوله: (والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة)، وإن كان مشهوراً ومعروفاً في السنن ومسند الإمام أحمد وصحيح ابن حبان فإن في نفسي من صحته شيئاً أولاً: لأنه يخالف الحكم الشرعي الثابت؛ إذ الحكم معلق بالإحصان لا بالشيخوخة.

    ثانياً: أن لفظ حديث عمر الثابت في الصحيحين ذكر أن الرجم على من زنى إذا أحصن، فمقتضى ذلك أن الآية المنسوخة تعلق الحكم بالإحصان لا بالشيخوخة.

    وهذا مما يدل على ضعف هذا الحديث المروي، فيجب التثبت فيه.

    إذن هذا القسم الثاني من المنسوخ ما نسخ لفظه وبقي حكمه.

    الثالث: ما نسخ لفظه وحكمه، ومثلوا له بحديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح مسلم : ( كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن)، فإن هذه العشر نسخت لفظاً وحكماً، ثم استقر الحكم على خمس معلومات.

    المقدم: والشق الأخير من سؤاله يقول: تذكروا الآية التي كانت قبلها والآية التي بعدها؟

    الشيخ: إن قلنا إن مقتضى الحديث الذي في صحيح ابن حبان أنها في الأحزاب، ولكن لا يعرف بين أي الآيتين.

    1.   

    ميراث الزوجة من زوجها إذا كان والد الزوج حياً

    السؤال: إذا مات رجل وترك أولاداً وزوجةً وأبوه حي، هل زوجته تلحق في مال زوجها أم والده ينفيها، لأن التصرف لوالده في ماله؟

    الجواب: هذه الزوجة لها ما فرض الله لها، وهو الثمن، مادام الميت له أولاد، فلها الثمن ولأبيه السدس والباقي لأولاده، فإن كانوا إناثاً أخذن فرضهن ورد الباقي تعصيباً للأب، وإن كانوا ذكوراً أخذوا الباقي كله للذكر مثل حظ الأنثيين.

    1.   

    حكم زواج البنت بابن عمها إذا شكت أن الولد رضع من أمها

    السؤال: توجد بنت لها ابن عم يريد أن يتزوجها، ولكن يشك أن هذا الولد رضع من أمها، وهي توفيت وقد ذكرت أنها أرضعته، ولكن لا ندري هل أرضعته رضاعاً يحرم زواجه من بناتها، ويقول: سألنا أم هذا الولد وقالت: إنها أرضعته شيئاً لا يبلغ الخمس مرات، فما رأيكم في هذه القضية؟

    الجواب: رأينا في هذه القضية أنه لا بأس أن يتزوج بها، لأن عدد الرضعات مشكوك فيه من قبل المرضعة ومعلوم من قبل أم الولد أنه خمس رضعات، وإن كان في شهادة أم الولد هذه فيها ما فيها، لأن شهادتها هذه قد يقال: إنها تجر إلى ولدها نفعاً ليتمكن من نكاح هذه البنت، ولكنا مع هذا نقول: إن الأولى والأسلم أن يتجنب هذه البنت، لأن النساء سواها كثير، والأمر مشكوك فيه، ولا ينبغي للإنسان أن يقع فيه ما دام يتمكن من الخلاص لاسيما وأن بعض أهل العلم ذهب إلى أن الرضاع محرم قليله وكثيره حتى الرضعة الواحدة، ولكن الراجح أنه لابد من خمس رضعات ينفصل بعضهن عن بعض، فإذا كان دون الخمس رضعات فلا تحريم.

    فالذي نرى لهذا الرجل وهو الأسلم والأحوط أن يبتعد عن هذه المرأة؛ لأنه أبرأ لذمته وأسلم، ثم ربما بعدما يتزوجها ويأتيه أولاد منها ربما تقوم البينة ممن علم أنه رضع خمس رضعات، وحينئذٍ يحصل الكسر الذي لا يجبر.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755967603