ترك الإحرام من الميقات
من ذلك: ترك الإحرام من الميقات، فإن بعض الحجاج ولاسيما القادمين بطريق الجو يدعون الإحرام من الميقات حتى ينزلوا إلى جدة، مع أنهم يمرون به من فوق، وقد وقت النبي صلى الله عليه وسلم المواقيت لأهلها، وقال: (
هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن )، وثبت في صحيح
البخاري عن
عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه لما شكا إليه أهل العراق أن قرن المنازل التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل نجد بعيدة ونائية عن الطريق، قال رضي الله عنه: انظروا إلى حذوها من طريقكم. وهذا يدل على أن محاذاة الميقات كالمرور به، والذي يأتي محاذياً للميقات من فوق بالطائرة كالمار به، فعليه أن يحرم إلى هذا الميقات، ولا يجوز له أن يتعدى الميقات لينزل في جدة ويحرم منها.
ولتصحيح هذا الخطأ: على الإنسان أن يغتسل في بيته أو في المطار ويتأهب وهو على الطائرة في لباس ثوب الإحرام وخلع ثيابه المعتادة، فإذا حاذى الميقات أحرم منه، فلبى بما يريد أن يحرم به من عمرة أو حج، ولا يحل له أن يؤخر ذلك إلى جدة، فإن فعل فقد أخطأ، وعليه عند جمهور أهل العلم فدية يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء؛ لأنه ترك واجباً من الواجبات.
الإحرام بالنعلين
الأمر الثاني مما يخطئ فيه بعض الناس: أن بعض الناس يعتقد أنه لابد أن يحرم بالنعلين، وأنه إذا لم يكن النعلان عليه حين الإحرام فإنه لا يجوز له لبسهما، وهذا خطأ، فإن الإحرام في النعلين ليس بواجب ولا شرط، فالإحرام ينعقد بدون أن يكون عليه النعلان، وإذا أحرم من غير نعلين لا يمنع أن يلبسهما فيما بعد، فله أن يلبس النعلين فيما بعد، وإن كان لم يحرم بهما، ولا حرج عليه في ذلك.
اعتقاد عدم تبديل ثياب الإحرام
ثالثاً: أن بعض الناس يظن أنه لابد أن يحرم بثياب الإحرام وتبقى عليه إلى أن يحل من إحرامه، وأنه لا يحل له تبديل هذه الثياب، وهذا خطأ، فإن الإنسان المحرم يجوز له أن يغير ثياب الإحرام لسبب أو لغير سبب، إذا غيرها إلى شيء يجوز لبسه في الإحرام، ولا فرق في ذلك بين الرجال والنساء، حيث كل من أحرم بشيء من ثياب الإحرام وأراد أن يغيره فله ذلك، لكن أحياناً يجب عليه تغييره كما لو تنجس بنجاسة لا يمكن غسله إلا بخلعه، وأحياناً يكون تغييره أحسن إذا تلوث تلوثاً كثيراً بغير نجاسة، فينبغي أن يغيره إلى ثوب إحرام نظيف، وتارة يكون الأمر واسعاً، إن شاء غير وإن شاء بدل، المهم أن هذا الاعتقاد غير صحيح؛ وهو أن يعتقد الحاج أنه إذا أحرم بثوب لا يجوز له خلعه حتى يحل من إحرامه.
الاضطباع من حين ابتداء الإحرام
والرابع: أن بعض الناس يبتدئون الاضطباع من حين الإحرام ومن حين عقد النية، والاضطباع: أن يخرج الإنسان كتفه الأيمن ويجعل طرفي الرداء على كتفه الأيسر، فنرى بعض الحجاج إن لم يكن أكثر الحجاج يضطبعون من حين أن يحرموا إلى أن يحلوا، وهذا خطأ؛ لأن الاضطباع إنما يكون في طواف القدوم فقط، ولا يكون في السعي ولا فيما قبل الطواف.
هذه من الأخطاء التي يخطئ فيها بعض الحجاج، وتلافي هذا كله أن يدعوا هذه الأخطاء، وأن يصححوا المسار على حسب ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
اعتقاد صلاة ركعتين عند الإحرام
وهناك أيضاً خطأ زائد على ما قلت: وهو اعتقاد بعضهم أنه يجب أن يصلي ركعتين عند الإحرام، وهذا خطأ أيضاً، فإنه لا يجب أن يصلي ركعتين عند الإحرام، بل القول الراجح الذي ذهب إليه
أبو العباس شيخ الإسلام
ابن تيمية رحمه الله: أنه لا يسن للإحرام صلاة خاصة؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا اغتسل الإنسان ولبس ثياب الإحرام أحرم بدون صلاة، إلا إذا كان وقت صلاة، مثل: أن تكون صلاة الفريضة قد حان وقتها أو قرب وقتها، وهو يريد أن يمكث في الميقات حتى يصلي فهنا الأفضل أن يكون إحرامه بعد صلاة، أما أن يتعمد صلاة معينة للإحرام، فإن القول الراجح: أنه ليس للإحرام صلاة تخصه، هذا ما يحضرني الآن مما يخطئ فيه الناس عند الإحرام.
أخطاء في التلبية
المقدم: إذا انتقلنا من الإحرام وعند دخول الحرم، فهل هناك أخطاء أيضاً يقع فيها الحجاج أو لا؟
الشيخ: هناك أخطاء في الواقع تكون بعد الإحرام من الميقات إلى الوصول إلى الحرم وذلك التلبية، فإن المشروع في التلبية أن يرفع الإنسان صوته بها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال يعني: بالتلبية )، ونرى أفواج الحجيج بأعداد ضخمة لا نسمع أحداً يلبي، فلا يكون للحج مظهر في ذكر الله عز وجل، بل إنهم بتلك الأفواج وكأنهم لا ينطقون، والمشهور للرجال أن يرفعوا أصواتهم بقدر ما يستطيعون من غير مشقة بالتلبية؛ لأن الصحابة كانوا يفعلون هكذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كما أشرنا إليه آنفاً.
وخطأ آخر في التلبية: أن بعض الحجاج يلبون بصوت جماعي، فيتقدم واحد منهم أو يكون في الوسط أو في الخلف ويلبي، ثم يتبعونه بصوت واحد، وهذا لم يرد عن الصحابة رضي الله عنهم، بل قال أنس بن مالك: ( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم -يعني: في حجة الوداع-، فمنا المكبر ومنا المهلل ومنا الملبي )، وهذا هو المشروع للمسلمين أن يلبي كل واحد لنفسه، وأن لا يكون له تعلق بغيره.