إسلام ويب

اعتبار المحاضرات في القنوات الفضائية من مجالس الذكر

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه،

أما بعد:

سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، ومرحباً بكم في حلقة جديدة من ديون الإفتاء، وأسأل الله عز وجل أن يبارك لنا فيما علمنا، وفيما علّمنا، وأن يتقبل منا أجمعين، وأن يجعلنا ممن يستمع القول فيتبعون أحسنه.

وأبدأ بالأسئلة الواردة عبر الشريط الأخضر، وأبدأ بأطيبها:

السؤال: هل حضور المحاضرات في قناة طيبة يعتبر من مجالس الذكر؟

الجواب: نعم، حضور المجالس الطيبة واستماع النافع المفيد، سواء كان في قناة طيبة أو في غيرها من القنوات التي تقدم للناس ما ينفعهم، هذا من مجالس الذكر التي يؤجر العبد عليها وتحصل له السكينة، وتتنزل عليه الرحمة، ويجده في ميزان حسناته يوم القيامة.

وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن نحرص على هذه المجالس، وأن نسعى إليها، فقد جاء في الحديث: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة ).

معاهدة الفتاة رجلاً ألا تتزوج غيره ونقضها لهذا العهد

السؤال: عاهدت زميلي على كتاب الله ألا أتزوج غيره، وجاء آخر لأهلي فوافقوا فما الحكم؟

الجواب: أولاً: لا ينبغي لك أن تعاهدي زميلك على ألا تتزوجي غيره؛ لأن هذا الأمر لا يصح لك الاستبداد به دون وليك، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا نكاح إلا بولي )، وقال: ( أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل ).

فأنت لا تملكين هذا الأمر وحدك، لكن صحيح بأن الاختيار لك، وأن العقد لا يتم إلا برضاك، لكن أيضاً لا يتم إلا برضا الولي، فإن له حقاً، وقضية الزواج تتعلق بالأهل، وتتعلق بالعشيرة، وتتعلق بالعائلة، فلا ينبغي لفتاة أن تستبد بهذا الأمر دونهم.

وكذلك بالنسبة للشاب لا ينبغي أن يتفق معها على الزواج، بل الواجب عليه أن يأتي البيوت من أبوابها، وأن يطلبها من وليها.

لكن على كل حال ليس عليك سوى كفارة يمين؛ لأن هذا الأمر أنتِ ما تعمدتِ ذلك، فهي يمين منعقدة، وما حصل الشيء المحلوف عليه، إنما حصل الحنث، فإذا تم زواجك من الآخر فلا يلزمك إلا كفارة يمين: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فإن عجزت عن الخصلتين جميعاً فصومي ثلاثة أيام.

حساب عدة المتوفى عنها زوجها إذا توفي في منتصف اليوم

السؤال: امرأة توفي عنها زوجها في ظهر يوم ما، هل تحسب العدة في نفس اليوم أم من اليوم التالي؟

الجواب: طالما أنه توفي قبل غروب الشمس فما بقي من اليوم فإنه يحسب من عدتها.

صبغ المرأة شعرها

السؤال: صبغ الشعر للمرأة ما حكمه؟

الجواب: إذا كان بغير السواد فلا حرج، أما الصبغ بالسواد فقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، والرجل والمرأة سواء، والشابة والشيخة سواء، قال: ( غيروا هذا الشيب، وجنبوه السواد )، ولذلك لو أن المرأة صبغت بغير السواد حصل المقصود، ولا يكون هناك حرج إن شاء الله.

مصافحة المرأة غير الأجنبية

السؤال: هل تجوز مصافحة المرأة غير الأجنبية؟

الجواب: لا أدري من هي المرأة غير الأجنبية، فإذا كنت تقصد الزوجة والمحارم فهذا لا يحتاج إلى سؤال، يعني: إذا كنت تقصد أن تصافح الأم والبنت والخالة والعمة وبنت الأخ وبنت الأخت والأخت وما أشبه ذلك، فهذا واضح بأنه يجوز لنا جميعاً أن نصافح أمهاتنا، وبناتنا، وأخواتنا، وعماتنا، وخالاتنا، وبنات الأخ، وبنات الأخت، ومن كان مثلهن من الرضاعة.

ويجوز لنا كذلك أن نصافح زوجة الأب، وزوجة الابن، وأم الزوجة، وبنت الزوجة؛ لأن هؤلاء جميعاً حرمتهم مؤبدة، فهؤلاء لا يسمين أجنبيات، وإنما هن من المحارم.

أما بالنسبة للمرأة الأجنبية، فهي المرأة التي تحل لك، يعني: يجوز لك أن تتزوجها، فهذه لا ينبغي لك مصافحتها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: ( لما قال له النساء في البيعة: ألا تصافحنا؟ قال: إني لا أصافح النساء )، والله يقول: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ[الأحزاب:21]، وتقول عائشة : ( ما مست يده يد امرأة قط إلا امرأة يملكها )، ويقول عليه الصلاة والسلام : ( لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له).

وقبل ذلك كله قول ربنا: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ[النور:30]، ومعلوم بأن اللمس أشد من النظر، فهو منهي عنه من باب أولى.

هجر الرجل زوجته في الفراش لعامين

السؤال: ما رأي الدين في رجل هجر فراش زوجته عامين، وهو معها في نفس المنزل بسبب مناقشات عادية، وهو الآن يطلبها، وهي قالت: حرمته على نفسي؟

الجواب: هذه أخطاء متتابعة من الزوجين معاً، أولاً: بالنسبة للمناقشات لا ينبغي أن تتحول إلى مراء بحيث يوقع العداوة والبغضاء، بل ينبغي أن يكون للنقاش حد محدود، وإذا تحول إلى مراء وجدال ومحاولة للانتصار للنفس فإنه يجر شراً عظيماً، هذا أولاً.

ثانياً: لا ينبغي للرجل أن يهجر امرأته عامين؛ هذا لا يجوز لأنه علقها، والله عز وجل قال: فَلا تَمِيلُوا كُلَّ المَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالمُعَلَّقَةِ[النساء:129].

والمقصد الأساس من الحياة الزوجية لم يتحقق بحصول هذا الهجر؛ لأن المقصد من الحياة الزوجية في الأساس حصول الإحصان والإعفاف للزوجين معاً.

فلو أن الرجل هجر فراش امرأته عامين كاملين، فيكون قد اعتدى على حقها، وهضمها ما أوجب الله لها، ومثل هذا لا يجوز، فيجب عليه أن يتوب إلى الله ويستغفره مما كان ويتحلل من تلك المرأة.

كما أن المرأة لا يجوز لها أن تحرم الزوج على نفسها، وكلامها هذا لغو، ولا يترتب عليه شيء؛ لأنها لا تملكه أصلاً، فينبغي لها أن ترجع إلى زوجها، وأن يحصل بينهما الصلح، فإن الله تعالى يقول: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ [النساء:128].

ما يلزم صاحب السيارة إذا انقلبت ومات أحد الركاب

السؤال: كنت أقود عربة فانقلبت، ومات أحد الركاب فهل علي شيء؟

الجواب: نعم تلزمك الدية، ويلزمك أيضاً صيام شهرين متتابعين كما قال تعالى: فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا[النساء:92].

فإذا عفا أولياء الدم، وتنازلوا عن الدية، بقيت عليك الكفارة التي هي صيام شهرين متتابعين، وأقصد من هذا الكلام أنه لا تلازم بين الحقين: بين حق الله وحق أولياء الدم، فكلاهما مستقل، وهناك انفكاك بين الجهتين، بمعنى: أنه لا يؤثر على الكفارة أن يأخذ أولياء الدم الدية أو يعفوا عنها، فالكفارة باقية في ذمتك يجب عليك الإتيان بها متى ما أقدرك الله، والآن بين أيدينا إن شاء الله موسم الشتاء، والصوم فيه ميسور، وقد قال نبينا عليه الصلاة والسلام: ( الصوم في الشتاء غنيمة باردة ).

معاناة المرأة من زوجها الذي يقيم علاقات مع نساء أخريات

السؤال: أنا امرأة متزوجة ولي بنت في سن الزواج وابن شاب، وزوجي يهاتف ويقابل بنات ومتزوجات، وهو يخاطبهن بلغة الحب، نصحته بطريقة غير مباشرة فلم يتعظ، أخاف على أولادي وأنا صابرة؟

الجواب: لا حول ولا قوة إلا بالله، إلى الله المشتكى:

وإن سفاه الشيخ لا حلم بعده وإن الفتى بعد الجهالة يحلم

نقول: إن الإنسان إذا كان عنده زوجة، فالمطلوب منه أن يكتفي بالحلال عن الحرام، وأن يتقي الله عز وجل، فإذا لم تكن الواحد تكفيه فقد أذن الله له أن يتزوج بأخرى، أما أن يتصابى ويأتي بأفعال لا تليق إلا بالسفهاء، ومن كان فيهم خفة وطيش، فهذه هي المصيبة كل المصيبة.

وينبغي لهذا الرجل أن يتوب إلى الله عز وجل ويرجع، وأن يفكر في مستقبل أولاده، وأنه لو عهدت عنه مثل هذه الأعمال الطائشة، وثبتت عليه فتصير له سمعة سيئة تؤثر على مستقبل أولاده، ولا أحد منا يحب ذلك، نسأل الله أن يسترنا في الدنيا والآخرة، وأن يديم علينا نعمته وعافيته وستره في الدنيا والآخرة.

يا أختاه! أنتِ مأجورة على صبرك، وأنتِ مأجورة على سترك على هذا الرجل، ومأجورة على أنك ما وجهته بشيء يكرهه، لكن يمكنك أن تعطيه بعض الأحاديث التي تتكلم عن العفة، وتتناول ما أعد الله عز وجل لأهلها من النعيم المقيم، وبالمقابل يكون في هذه الأشرطة تخويف بالله عز وجل وبالعقوبة القدرية، التي تصيب الإنسان الذي يبحث عن الحرام من تلك الأمراض الفتاكة، إلى غير ذلك من الأمور التي قد يحصل بها إن شاء الله نوع من التخويف والترهيب لهذا الرجل.

العقد على المرأة الحامل من الحرام

السؤال: ما حكم العقد على الفتاة الحبلى بالحرام قبل الوضع، سواء أكان من نفس الشخص أو غيره؟

الجواب: جمهور العلماء على أن العقد على الحامل باطل باطل، فأما إذا كان العقد من غير الفاعل -عياذاً بالله- فإنه باطل قولاً وحداً، وأما إذا كان الذي يعقد عليها هو من فعل معها تلك الفعلة، ويريد أن يستر عليها وعلى نفسه، فالعقد صحيح عند الحنفية والشافعية رحمة الله على الجميع، والولد ينسب له على قول بعض أهل العلم منهم أبو العباس بن تيمية؛ لأنه ولده في الواقع، فيكون ولده في الشرع، يعني: هو ولده حقيقة، فهو من مائه ومن نطفته، والشرع متشوف إلى إثبات النسب، والستر على الأعراض، ومداراة الفضيحة، فلذلك نقول: إذا كان العاقد هو الفاعل نفسه فالعقد صحيح، والولد ينسب له.

أسأل الله أن يتوب على الجميع وأن يستر أعراضنا.

اشتراط المرأة على زوجها وقوع الطلاق إذا قال لها: الحقي بأهلك

السؤال: اشترطت على زوجي لو قال لي: الحقي بأهلك أن أكون مطلقة، وهو وافق وحصلت فما الحكم؟

الجواب: ينبغي لك ولزوجك أن تلجأا إلى مجمع الفقه الإسلامي من أجل أن يفتوا في هذا الأمر.

حكم من أجهضت حملاً بالحرام

السؤال: ما هي كفارة من أجهضت حملاً بالحرام عمره شهران؟

الجواب: هذه قد ارتكبت إثماً عظيماً، وأتت ذنباً كبيراً، وواجب عليها أن تتوب إلى الله عز وجل، وأن تكثر من الاستغفار، وليس عليها شيء سوى ذلك، والعلم عند الله تعالى.

المتصل: الله يخليك يا شيخنا معك محمود من أم درمان، أنا ذاهب إلى السعودية إن شاء الله، وهناك سآخذ فلوساً بالريالات من إخواني، وأعطيها لأهلهم هنا في السودان بالعملة المحلية، فهل هناك مشكلة إذا لم يحصل تقابض؟

الشيخ: إن شاء الله أجيبك على سؤالك.

المتصل: يا شيخ! في الحقيقة أنا في الآونة الأخيرة دائماً أجد مبالغ مالية في الشارع العام، وأحياناً عند خروجي من المسجد وهي مبالغ كبيرة ولا أعرف التصرف بها، وأحياناً أتصرف بها وآخذها لي، فما حكم الدين في ذلك؟

الشيخ: إن شاء الله أجيبك على سؤالك.

المتصل: عندي سؤالان لو سمحت يا شيخ!

السؤال: الأول متعلق بالثاني: هل يجوز للمسلم أن يسأل عن الحكمة من التحريم؟

السؤال الثاني: هذا السؤال متعلق بالربا، لنفرض أني أخذت من شخص مليون ريال وتاجرت به، وبعد شهر ونصف أو شهرين أو ثلاثة أرجعت له مليوناً ونصف مليون، أنا أعرف أن هذا ربا بعينه وحرام، ولكن صاحب المليون مستفيد لأني أرجعت له مليوناً ونصفاً، وأنا أيضاً مستفيد؛ لأني لقيت لي رأس مال أتاجر به، فأنا أسأل عن علة التحريم هنا ما هي؟

إن شاء الله أجيبك على سؤالك.

المتصل: يا شيخ! معك أبو بكر محمد أحمد عباس، لدي سؤالان:

السؤال الأول: قول الله تعالى في سورة الحج: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا[الحج:73]، ما تفسير هذه الآية؟

السؤال الثاني: بعض العلماء يصفون الألباني بأنه ضعيف، ما معنى كلامهم؟

الشيخ: إن شاء الله أجيبك على أسئلتك.

المتصل: يا شيخ! بالنسبة للرقية الشرعية هل يمكن استماعها من الشريط، إذا لم يكن الراقي موجوداً؟

الشيخ: إن شاء الله أجيبك على سؤالك.

المتصل: يا شيخ! معك أم سليمان، لدي سؤالان:

السؤال الأول: الواحد منا عندما يمشي في الشارع يجد الكثير من المنكرات، فمثلاً: يجد البنت ومعها ولد وهما متماسكان في الشارع؛ فهل إذا لم أستطع إزالة المنكر علي إثم؟

السؤال الثاني: أريدك أن تكلمنا عن الطلاق البدعي؛ لأننا كثيراً ما نسمع عن الطلاق البدعي، فما هو الطلاق البدعي؟

الشيخ: إن شاء الله أجيبك على أسئلتك.

المتصل: يا شيخ! عندي سؤال واحد فقط: أحياناً تجد بعض الشباب يلبسون فنايل فيها صور، وأحياناً تكون صوراً لـأوباما أو للبشير أو لملاكمين، ثم يدخلون بها المسجد ويصلون بها، فما الحكم؟

الشيخ: إن شاء الله أجيبك على سؤالك.

أخذ الرجل مالاً من غيره وتسليمها لأهله بعملة أخرى

السؤال: أخونا محمود من أم درمان، ذكر بأنه يسافر إلى السعودية ثم يأخذ ريالات من بعض الناس هناك، ثم إذا وصل إلى السودان سلمها إلى أهليهم بالعملة المحلية، فما الحكم؟

الجواب: هذه المعاملة لا تخلو من حالين:

إما أن تكون مداينة، وإما أن تكون صرفاً، فإذا كانت مداينة بمعنى: أن يذهب إلى السعودية ويستدين من أولئك الأشخاص المبالغ بالريال، فهنا لا حرج عليه أن يردها إلى أهليهم إذا وصل إلى هنا بالعملة المحلية شريطة أن تكون بسعر يومها، يعني: لا يصلح أن أستدين ريالات، ثم أقول: اليوم الريال بكذا، فأحسب بالعملة المحلية، ثم بعد ذلك إذا أرجعت المال بعد أسبوع أو بعد شهر أسلمها بالعملة المحلية، هذا لا يصلح.

لكن يمكن أن آخذ الريال ديناً ثم أرجعه، فإما أن أردها ريـالات كما هي، فمثلاً: إذا اقترضت مثلاً عشرة آلاف ريــال فأردها عشرة كما هي، أو أنظر ما هو السعر في ذلك اليوم الذي سأرد فيها هذا الدين بالعملة المحلية فأرده بسعره، ودليل ذلك حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: ( كنت أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، وأبيعها بالدنانير وآخذ الدراهم، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا بأس إذا كان بثمن يومه )، أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

وأما إذا كانت المعاملة صرفاً فلا بد من التقابض، فلا يصلح أن يأخذ الإنسان الريالات ثم يعطيها للآخر في وقت آخر بل لا بد أن يحصل التقابض؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن بيع النقد بالنقد لا يصلح فيه إلا بالتقابض، هذا عند اختلاف الجنس.

أما عند اتحاد الجنس فلا بد من التقابض والتماثل معاً كما جاء في الحديث: ( الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والتمر بالتمر، والشعير بالشعير، والملح بالملح رباً إلا مثلاً بمثل هاء وهاء ).

الواجب على من وجد مالاً في الطريق

السؤال: أخونا أحمد من بحري ذكر بأنه إنسان مرزوق، كما يقول الناس، كلما مشى بطريق وجد مبلغاً من المال، لكن المصيبة أن أخانا أحمد لا يتعامل مع هذا المال بالطريقة، وإنما ينتفع به لنفسه، فما الحكم؟

الجواب: نقول لك: يا أحمد بارك الله فيك! اللقطة التي يجدها الإنسان في الطريق لا تخلو من حالين: إما أن تكون تافهة، فهذه ينتفع بها ولا حرج، كمن وجد تمرة، أو وجد لقمة، أو وجد رغيفاً من الخبز مثلاً، فلا يمكن أن نقول له: لا بد أن تعرفها، بل انتفع بها؛ لأنها لو تركت لفسدت، لكن لو أن الإنسان وجد شيئاً ذا قيمة، سواء كان هذا الشيء من النقود أو من الذهب أو من الأجهزة، كأجهزة الجوال، والأجهزة الكهربائية ونحو ذلك، فهنا نقول: لا بد من التعريف به، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن اللقطة فقال: ( اعرف وكاءها وعفاصها وعرفها سنة، فإن جاء طالبها وإلا فانتفع بها، قالوا: يا رسول الله! فضالة الغنم؟ قال: هي لك أو لصاحبها أو للذئب، قالوا: فضالة الإبل؟ قال: ما لك ولها، معها سقاؤها وحذاؤها، ترد الماء وتأكل الشجر ).

السؤال عن الحكمة من تحريم الأشياء

السؤال: أخونا آدم من بحري سأل سؤالين، أحدهما مبني على الآخر: يقول: هل يجوز للمسلم أن يسأل عن حكمة التحريم؟

الجواب: نعم، لا حرج في أن يسأل الإنسان لمَ حرم الله كذا، ولمَ حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، يلتمس العلل، وهذا من باب إيماننا بأن الله حكيم، وأنه جل جلاله عليم، وأن له الحكمة البالغة، وأن تشريعاته لا تصدر عن عبث، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم نبي يوحى إليه، وأنه لا ينطق عن الهوى، وأنه لا يقول إلا حقاً سواء في الغضب أو الرضا، هذا مقتضى إيماننا بالله وبنبينا عليه الصلاة والسلام؛ ولذلك لا مانع أن يسأل الإنسان عن الحكمة من التحريم، لكن الممنوع أن يتوقف الامتثال على معرفة الحكمة، بمعنى: ألا ألتزم بهذا الحكم إلا إذا اقتنعت، أو إذا عرفت الحكمة، فهنا نقول: لا؛ لأن هناك أشياء تعرف حكمتها وتدرك، وهناك أشياء هي من قبيل التعبدات لا من قبيل التعللات، ومثال ذلك: أن الله فرض الصلوات بعضها سرية، وبعضها جهرية، وبعضها ركعتين، وبعضها ثلاثاً، وبعضها أربعاً، فمثل هذه لا يستطيع الإنسان أن يتعرض للحكمة، بل نقول: سمعنا وأطعنا.

لكن بالنسبة للمحرمات في الغالب أن الحكمة منها ظاهرة، فمثلاً: حرم الله الخمر؛ لأن فيها اتلافاً للعقول؛ ولأن فيها هبوطاً بالإنسان إلى منزلة الحيوان؛ ولأن فيها تضييعاً للمال؛ ولأن فيها تأثيراً على صحة البدن؛ ولأن فيها كثيراً من المفاسد الأخلاقية، ويكفينا قول ربنا: وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا[البقرة:219].

ومثله أيضاً تحريم الربا؛ لأن في الربا دماراً للمجتمعات؛ ولأن في الربا تعطيلاً لسير حركة المال؛ ولأن في الربا اتخاماً للأغنياء وإفقاراً للفقراء؛ ولأن في الربا نوعاً من تعطيل النشاط الاقتصادي، بحيث يكون مداره على المال، لا على نشاط حقيقي في زراعة أو صناعة أو تجارة أو رعي أو احتطاب أو احتشاش أو غير ذلك من أوجه الأنشطة النافعة التي تدور عليها الحياة الإنسانية.

فالربا شر وإثم، وخراب ودمار للعالم، وهذا ظاهر الآن من الأزمات الاقتصادية، التي يعاني منها الناس وما تعافوا منها بعد.

فالآن حوالي سنة وبعض السنة والعالم كله يضج، شركات تفلس، وبنوك تنهار، وموظفون يسرحون، ويكفينا قول ربنا جل جلاله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ[البقرة:278-279].

العلة من تحريم الربا مع المنافع المترتبة عليه فيما يظهر للناس

السؤال: أخونا آدم يقول: أنا اقترضت من فلان من الناس مليوناً، وبعد ذلك رددتها إليه مليوناً وخمسمائة ألف، بعد شهر أو شهرين أو ثلاثة حسب الاتفاق، فأنا استفدت من هذا المال فاتجرت، وهو استفاد بأن المليون رجعت إليه مليوناً وخمسمائة، فما الحكمة من تحريم هذه الصورة؟

الجواب: نقول له: لا يجوز، وتراضيكما ليس له قيمة؛ لأن الرضا لا بد أن يكون موافقاً للشرع، وإلا فلو أن رجلاً زنى بامرأة وهما متراضيان، فهذا الرضا لا قيمة له؛ لأنه وقع على غير مراد الشرع، فهذه المعاملة تظهر فيها العلل التي ذكرتها لك يا آدم! بأن صاحبك هذا جالس في مكانه، آمن من المخاطرة، وقد ضمن بأن يعود إليه المال بأكثر مما كان، فهو أعطى مليوناً، ورجعت إليه مليوناً ونصفاً.

وأنت قد أفلحت في هذه المرة ونجحت تجارتك، لكن لو فرض بأن هذه الزراعة قد أصابتها آفة، أو أن هذه التجارة قد كسدت، أو أن الأغنام التي مثلاً ابتعتها بهذا المال قد نفقت، أو حصل شيء من آفة أرضية أو سماوية، فذهب هذا المال فما هي النتيجة؟

النتيجة بأنك ستكون مطالباً برأس المال، ومطالباً بـما تولد عنه من ربا، فتزداد فقراً على فقر؛ ولذلك الشريعة قررت أن تكون المخاطرة من الفريقين: فصاحب المال يخاطر بماله، والعامل يخاطر بجهده، ثم بعد ذلك إذا كان ثمة ربح فالحمد لله بينهما، وإن كان خسارة فعليهما.

وهذا يؤدي إلى أن تحصل دولة لهذا المال، ويتداول بين الناس جميعاً ولا يكون دولة بين الأغنياء.

ولا شك أن هناك حكماً وعللاً أخرى، لكن هذا من باب الإيجاز.

تفسير قول الله تعالى: (يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له ...)

السؤال: أخونا أبو بكر من أم درمان سأل عن تفسير قول ربنا الرحمن في آخر سورة الحج: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالمَطْلُوبُ[الحج:73].

الجواب: كان من عادة أهل الجاهلية أنهم يطلون أصنامهم بالزعفران، ويصبون عليها العسل، وينحرون عندها الذبائح، فيأتي الذباب -والذباب يحب العسل، ويحب الدم، ويحب الزعفران- ويأخذ من هذه الأشياء، فالله عز وجل يخاطب عقولهم: يا أيها المشركون! يا عبدة الأصنام والأوثان! انتبهوا، هذه الأصنام التي تدعونها من دون الله لا تستطيع أن تخلق ذبابة، وكما يقول صاحب الظلال رحمه الله: الذبابة كالفيل سر الحياة في كليهما، يعني: كما أننا معشر الخلق جميعاً عاجزون أن نخلق فيلاً، فكذلك نحن عاجزون عن خلق ذبابة، قال سبحانه: لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ[الحج:73]، يعني: لو اجتمعت أصنام الدنيا كلها لا تستطيع أن تخلق ذبابة، وقوله: وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ[الحج:73]، أي: لو أن الذباب سرق من هذه الأصنام شيئاً، فإن هذه الأصنام لا تستطيع أن تدافع عن نفسها، ثم قال الله عز وجل: ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالمَطْلُوبُ[الحج:73]، ضعف الطالب أي: الأصنام، والمطلوب أي: الذباب، وقيل: الطالب الذباب التي تطلب هذا الشيء المسروق، والمطلوب هذه الأصنام التي يسرق منها، وقيل: الطالب هم المشركون الذين يدعون هذه الأصنام، والمطلوب هي هذه الأصنام.

فعلى كل هذه التفسيرات المعنى ظاهر في أن هذه الأصنام عاجزة أن تجلب لنفسها -فضلاً عن غيرها- نفعاً أو ضراً أو موتاً أو حياة أو نشوراً، والعاقل لا يتوجه إليها.

رد القول بأن الألباني ضعيف

السؤال: بعض الناس قالوا: بأن الألباني ضعيف ما معنى كلامهم؟

الجواب: أنا لا أدري ماذا يقصدون بضعيف هذه، فإذا كانوا يقصدون بأنه ضعيف من حيث الرواية، فـالألباني رحمه الله ليس براوٍ، وإنما هو واحد من علماء المسلمين الذين عنوا بالسنة النبوية جمعاً وتحقيقاً ودراسة واستنباطاً، وقد نفع الله به خلقاً كثيراً، وله تحقيقات مفيدة، وقد نشر الله به السنة في كثير من الأقطار، ونفع به طلبة العلم في أغلب الأمصار، وهو في نهاية الأمر بشر يخطئ ويصيب، فلا عصمة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

لكن القاعدة التي يسير عليها أهل العلم: أن كل من ظهر فضله، وغلب صوابه على خطئه، وكان معروفاً عنه تعظيم الشريعة والتزام السنة، فهذا يؤخذ منه العلم، وهذا نحبه في الله، وندعو له بالمغفرة والرحمة، وهذا إن شاء الله ينطبق على الشيخ محمد ناصر الدين عليه رحمة الله، وعلى غيره من علماء المسلمين.

أسأل الله عز وجل أن يرحم من مات، وأن يبارك في من بقي، وأن يتقبل منهم جهادهم وتعليمهم وصبرهم وحسن بلائهم، وأن يغفر لهم ما أخطئوا فيه، إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.

ولا بد هنا أن أنبه إلى أنه لا ينبغي للمسلم أن يشغل نفسه بالوقيعة في العلماء، خاصة من قدموا على ربهم وأفضوا إلى أعمالهم، فهؤلاء بين يدي رب حكيم خبير غفور رحيم، وهو أعلم بهم منا.

والمطلوب منا أن نلتزم الأدب القرآني: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ[الحشر:10].

وإذا كان هناك خطأ ينبه عليه من غير تشنيع، سواء كان هذا الخطأ من الشيخ الألباني ، أو ممن هم أعلم منه وأسبق، أو ممن جاء بعده، فالإنسان ينبه دون تشنيع، وكما قال أحدهم:

من ذا الذي ما ساء قطومن له الحسنى فقط

وقال الآخر:

ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه

استماع الرقية الشرعية من الشريط

السؤال: أخونا نزار من الجزيرة يسأل عن الرقية إذا كانت في شريط ما حكمها؟

الجواب: لا مانع أن تسمعها من شريط لعل الله أن ينفعك بها، والأولى أن ترقي نفسك بنفسك.

مدى وقوع الإثم على من لا يستطيع إزالة المنكر

السؤال: أختنا أم سليمان من جبرة سألت: أنها ترى أحياناً منكرات عظيمة، ولا تستطيع إزالتها، فهل عليها إثم؟

الجواب: ليس عليك إثم، وقد قال تعالى: لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا[البقرة:286].

وقد ذكر عكرمة تلميذ ابن عباس أنه دخل على الحبر البحر ابن عباس، فوجده يبكي والمصحف بين يديه قال: فهبت أن أسأله، فلما طال بكاؤه قلت له: ما يبكيك يا أبا العباس؟! فقال: قرأت قول الله عز وجل: وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ[الأعراف:163]، إلى أن قال الله عز وجل: فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ [الأعراف:165]، يقول: وإنا نرى هنا منكرات ولا نغيرها، فقال له عكرمة رحمه الله وقد هون عليه قال له: اقرأ الآية، فقرأ عليه قول الله عز وجل: وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَهمْ يَتَّقُونَ[الأعراف:164]، قال له: ونحن ننكر بقلوبنا، ففرح ابن عباس رضي الله عنه بهذا الكلام، وكساه وأكرمه.

والمقصود يا أختاه! بأن الإنسان إذا كان يستطيع أن يزيل المنكر لكونه ذا سلطان فيجب عليه أن يزيله.

فالآن ربما ترى مثلاً أموراً منكرة، وربما ترى من يبيع المحرمات، ومن يبيع الدخان، أو يبيع السعوط، أو ربما ترى فتاة تسير على غير ما يحبه الله، كأن تخرج كاسية عارية، فهنا من كان عنده سلطة أن يغير، فيجب عليه أن يغير، وإذا لم يكن عنده سلطة للتغيير باليد فإنه يغير باللسان، ويتكلم ويعظ ويذكر، وإذا لم يستطع أن يغير بلسانه لأنه لا يملك حجة، أو لا تواتيه الشجاعة فإنه ينكر بقلبه.

أما الذي لا ينكر حتى بقلبه فليس وراء ذلك من الإيمان مثقال حبة، وهذا كله راجع إلى قوله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا[البقرة:286].

معنى الطلاق البدعي

الشيخ: الطلاق البدعي: بمعنى أنه مخالف للسنة، ويشمل ذلك عدة صور:

من ذلك: أن تطلق المرأة في حيضها، أو في نفاسها أو في طهر قد حصل فيه المسيس، فهذا طلاق بدعي، ومن الطلاق البدعي: أن يطلق أكثر من طلقة في مجلس واحد.

أما الطلاق السني فهو أن يطلق الرجل امرأته حاملاً أو طاهراً طهراً لم يمسها فيه، طلقة واحدة، ولا يتبعه طلاقاً آخر حتى تنقضي عدتها.

ارتداء الملابس التي فيها صور لأهل الفسق والكفر

السؤال: أخونا محمود من عطبرة يسأل عن فنايل فيها صور يدخل بها بعض الشباب المساجد ويصلون بها فما حكم هذا الأمر؟

الجواب: أما صور أئمة الكفر كـأوباما الذي ذكر في السؤال فلا ينبغي لمسلم أن يحملها على صدره، يعني: أنا أعجب والله إنسان يقتل إخوانك وأخواتك من المسلمين والمسلمات في العراق وفي أفغانستان، ويعين على قتل إخوانك وأخواتك في فلسطين وفي غيرها، ويعادي المسلمين في كل قبيل، ويحاصر ويفرض عقوبات ويفعل الأفاعيل، وفي الوقت نفسه يمد الحبال لكل عدو للإسلام وأهله، ثم بعد ذلك نحمل صورته على صدورنا، أو على ظهورنا، إن هذا لشيء عجاب، يعني: هذا ما رأينا أمة تحمل صور قاتليها وتجلهم، فما ينبغي هذا.

ومثله أيضاً: صور أهل الفسق ممن عرفوا بالمجون والخلاعة والفوضى، فلا يجوز حمل صورهم، وبالجملة لا تحمل صورة أحد على صدرك، ولا على ظهرك؛ لأن النهي يتناول هذه الهيئة، والله تعالى أعلم.

المتصل: حفظك الله يا شيخ! لدي سؤال: في يوم من الأيام جاءتني أخت في الله وهي من أسرة متدينة ومحافظة، فأخبرتني أن لدى بنتها مشكلة، وهي أنها حاملة من الزنا، فعندما وضعته أرادوا أن يضعوه في كرتون ويرموه، فأخبرتهم أن هذا ذنب عظيم، ثم أخذته بنفسي إلى دار الرعاية وتابعت الحالة حتى تأكدت أنهم أعطوه لأسرة جيدة، فهل علي إثم فيما فعلته؟

الشيخ: إن شاء الله أجيبك على سؤالك.

المتصل: نحن عندنا قطعة أرض كان تركها لنا أبونا، وذهبنا لنبيع قطعة الأرض هذه فلقيناها مزورة، فذهبنا نشتكي الإنسان الذي زور الأرض هذه في نيابة الأراضي، قامت نيابة الأراضي أعطتنا إعلاناً، قالت: اذهبوا للرجل هذا، فذهبت أنا مع أخي وبقيت في السيارة وهو يدخل البيت، والبيت أنا لا أعرفه، المهم هو في أم درمان، والكلام هذا قبل سنتين، المهم حولونا المحكمة، وإخواني قاموا وكلوني أنا، فقام القاضي قال لي: لازم تحلفي أنك أنتِ ما تعرفين الرجل، فأنا لما أجيء أحلف هذا الحلف مني يكون صادقاً؟

يعني: أنا ذهبت معهم، لكن ما دخلت البيت ولا أعرف اتجاهه؟

الشيخ: إن شاء الله أبشري أجيبك إن شاء الله.

المتصل: الله يبارك فيك يا شيخ! عندي سؤالان:

السؤال الأول: الرجل حين يرجع من الحج ولم يغير سلوكه، مثلاً: الذي يشرب سجائر، أو مثلاً الذي يأخذ الرشوة أو ما أشبه ذلك يعود من الحج ولم يغير سلوكه، فهل حجه صحيح؟

السؤال الثاني: بالنسبة لتعليق آية الكرسي على حائط الغرفة، هل له أثر في طرد الشيطان والحسد من البيت؟

الشيخ: إن شاء الله أجيبك على أسئلتك.

المتصل: هناك امرأة كانت تعمل في السعودية، قاموا طلعوها ما عندها إقامة، فجاءت إلى واحد متزوج قالت له: تعقد علي وتذهب بي العمرة لشهر رمضان الذي فات هذا، وهناك واحد منتظرني هناك، بس أدخلني السعودية لأداء العمرة، فوافق الرجل، طبعاً هو قال لزوجته: أنا والله بس من أجل أن أدخلها وأحل لها مشكلتها، أسأل: الرجل هذا اتصل بأهله وقال: والله أنا اشتغلت هنا، وغير معروف هل هو عاقد عليها صح، يعني: حجه هذا كيف؟ وغشه لزوجته كيف؟

المتصل: فضيلة الشيخ! أسأل عن لبس البنطلون بالنسبة للمرأة سواء في البيت أو خارجه ما حكمه؟

الشيخ: إن شاء الله أجيبك عن سؤالك.

نصيحة عامة للحذر من الوقوع في الزنا

الشيخ: بالنسبة لسؤال أم مازن من الدمازين، نقول: ينبغي أن يقال في هذا المقام بأن الزنا من كبائر الذنوب، والتي نسأل الله أن يعافينا منها، والزنا هو أعظم الذنوب بعد الشرك بالله وقتل النفس، وقد قال الله عز وجل: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا[الفرقان:68-70].

والزنا أوله مخافة وآخره ندامة، وهو في المرأة أخطر لما يترتب عليه من الحمل والفضيحة، وجلب العار على نفسها وعلى أسرتها.

ولذلك أوجه الخطاب إلى أخواتنا وبناتنا أقول لهن: واجب عليكن صيانة أعراضكن، والتحفظ في كلامكن ومشيتكن والحذر من مخالطة الرجال، ومخالطتك للرجال، وواجب عليكن التزام الحجاب الشرعي الذي فرضه الله عز وجل صيانة لكن، وحفظاً لأعراضكن.

ثم أوجه الخطاب إلى أولياء البنات، أقول لهم: اتقوا الله عز وجل فيما استرعاكم، يقول تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ[التحريم:6]، فلا ينبغي للأب ولا للأم أن تسمح لبنتها أن تخرج وهي متكحلة ومتعطرة ومتبرجة، قد لبست الضيق والقصير والشفاف، فإن هذا مجلبة لكل سوء.

ثم أوجه الخطاب للرجال أقول لهم: اتقوا الله عز وجل في أعراض المسلمين، وكل واحد يريد أن يواقع الحرام ينبغي أن يفكر في بنته وفي أخته وكما قيل:

يا هاتكاً حرم الرجال وقاطعاً سبل المودة عشت غير مكرم

لو كنت حراً من سلالة ماجدٍما كنت هتاكاً لحرمة مسلم

من يزنِ يزنَ به ولو بجداره إن كنت يا هذا لبيباً فافهم

من يزن في بيت بألفي درهم في بيته يزنى بغير الدرهم

فالمفروض أن الإنسان يحب للناس ما يحب لنفسه، ويكره للناس ما يكره لنفسه، وللأسف فإن هذه الأسئلة كثرت: الحمل من السفاح، والإجهاض، وانتهاك الأعراض، والعقد على الحامل، ونحو ذلك، فهذه الأسئلة صارت تتكرر بصورة مستمرة، مما يدل بأن هناك مشكلة ينبغي للناس أن يعملوا على حلها.

ومن أقوى الأسباب التي تؤدي إلى شيوع هذه المنكرات: حصول الاختلاط، فالاختلاط غير المنضبط بضوابط الشرع، سواء الاختلاط في المؤسسات الحكومية، أو في المؤسسات الخاصة، أو في وسائل المواصلات، أو في المؤسسات التعليمية، وغير ذلك مما يؤدي إلى ما حرم الله عز وجل.

وبعض الناس يضم إلى الزنا جريمة أفحش وأغلظ حين يعمدون إلى قتل هذا المسكين الذي لا ذنب له، فيزهقون روحه، وربما والعياذ بالله تبلغ بهم قسوة القلوب وعدم الخوف من الله أن يرموا به في مكان ما، فتتناوشه الكلاب، إما تقتلته، وإما أنها تسبب له عاهة مستديمة، مما يدمي القلوب ويفتت الأكباد، لكن بعض الناس نسأل الله العافية أصبحت قلوبهم أشد من الصخر، فهي كالحجارة أو أشد قسوة، لا يخافون من الله ولا يستحيون.

لكن على كل حال أنتِ ما فعلته هو الصواب، أن المفسدة تدرأ، وقد كان ما كان، وحصل حمل، فهذا المولود ينبغي أن يسلم إلى دار الرعاية، أو يسلم إلى أسرة طيبة من أجل أن تقوم عليه، وأنا أقول: إن الذين يربون مثل هؤلاء الأطفال ويقومون عليهم ويحسنون إليهم أجرهم عظيم، لا يقل عن أجر كافل اليتيم، بل ربما يزيد،؛ لأن في النهاية هذا الإنسان ما عنده ذنب، والله عز وجل قال: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى[الأنعام:164].

ونسأل الله أن يصلح الأحوال.

الحلف على أمر يترجح عند الحالف مطابقته للواقع

الشيخ: طالما أنك حلفتِ على أمرٍ مطابق للواقع فلا حرج عليك إن شاء الله، ونسأل الله أن يرد إليكم ما ذهب منكم.

حكم حج من رجع من حجه ولم ينته عن المآثم والذنوب

السؤال: أخونا أبو شريك من بور سودان سأل عن إنسان يذهب إلى الحج ثم يرجع ولا ينتهي عن المآثم والذنوب، فيقدم الرشوة ويتناول المحرمات وما إلى ذلك، فهل حجه صحيح؟

الجواب: الحج إذا اكتملت أركانه وشروطه فهو صحيح، لكن علامة الحج المقبول: أن يرجع الإنسان بعده وقد تغير حاله واستقام على أمر الله.

أثر تعليق آية الكرسي في البيت على طرد الشيطان منه

الشيخ: تعليقك آية الكرسي يا أبا شريك في البيت لا يطرد الشيطان، وإنما الذي يطرد الشيطان أن تقرأ آية الكرسي، خاصة إذا أويت إلى فراشك، ومجرد تعليقها على الحائط لا يخيف الشيطان ولا يذهب به.

لبس المرأة البنطال

السؤال: أم محمد من السعودية سألت عن لبس البنطال ما حكمه؟

الجواب: لا حرج في لبسه إذا كان البنطال خاصاً بالنساء في نوعيته وطريقة لبسه، وتلبسه في البيت أمام زوجها أو تلبسه أمام المحارم فلا حرج إن شاء الله، لكن لا تخرج به إلى الشارع.

عقد الرجل على المرأة لغرض دنيوي

السؤال: أم محمد من بور سودان قالت: بأن امرأة قالت لرجل: اعقد علي من أجل أن أدخل إلى السعودية، وهذا هو هدفها من العقد، فما الحكم؟

الجواب: والله أنا ما أدري، بعض الناس اتخذوا آيات الله هزواً، الزواج الذي سماه الله ميثاقاً غليظاً، صاروا يتواطئون من أجل أن يحصل زواج صوري، يتوصلون به إلى بعض أغراضهم الدنيوية، إما أنه يريد إقامة في بلد أوروبي، أو يريد الحصول على الجواز، أو يريد دخول بلد ما، وهذا كله لا يجوز.

الزواج ينبغي أن يكون بنية الديمومة والاستمرار، وإلا فإنه لا يقع صحيحاً.

ونسأل الله أن يهدي الجميع، وأن يردنا إلى دينه رداً جميلاً، وأن يختم لنا بالحسنى، وأن يغفر لنا في الآخرة والأولى، وأن يرزقنا نفوساً مطمئنة ترضى بقضائه، وتقنع بعطائه، وتؤمن بلقائه، إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى جميع المرسلين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , ديوان الإفتاء [446] للشيخ : عبد الحي يوسف

https://audio.islamweb.net