إسلام ويب

لا يوجد عرض

قراءة سورة الملك بعد صلاة المغرب ودخول ذلك في فضل قراءتها ليلاً

الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد البشير النذير والسراج المنير، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

إخوتي وأخواتي! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، ومرحباً بكم في حلقة جديدة من ديوان الإفتاء، أسأل الله أن يجعلها نافعة مفيدة.

وأسأل الله عز وجل أن ينقلنا من خير إلى خير، ومن فضل إلى فضل، ومن سعة إلى سعة، وأن يجعل هذه الكلمات لي ولكم في موازين الحسنات، وأن يستعملنا جميعاً في طاعته، إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.

وأبدأ في هذه الحلقة بالجواب عن أسئلتكم الواردة عبر الشريط الأخضر.

السؤال: هل يجوز قراءة سورة الملك بعد صلاة المغرب أم عند النوم فقط؟

الجواب: لا، بل يجوز قراءتها بعد صلاة المغرب؛ لأنه إذا غربت الشمس فقد دخل الليل، وجاز للإنسان أن يوقع فيه كل ما كان شأنه أن يكون بالليل.

الواجب على من دخل عليها رمضان ولم تقضي ما عليها بسبب الرضاع

السؤال: أختي أفطرت ستة أيام من رمضان قبل الماضي بسبب الحمل، وسبعة عشر يوماً من رمضان الماضي؛ لأنها كانت مرضعة، وبدأت القضاء الآن، فهل عليها كفارة؟

الجواب: لا، ليس عليها سوى القضاء؛ لأن الله تعالى قال: فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، وقال: لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا[البقرة:286]، وقال: يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ[البقرة:185].

فنبينا صلى الله عليه وسلم قال: ( إن أحب الدين إلى الله أيسره )، وقال: ( إن هذا الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه )، وقال: ( يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا ).

فهذه الأخت لما أفطرت بسبب الحمل، ثم تتابع عليها صيام آخر وهي مرضع فبذلك علم أن عذرها لا يزال باقياً، فمتى ما زال العذر فإنها تشرع في القضاء، وليس عليها شيء سوى القضاء، ولا يلزمها فدية.

طلب شخص من آخر شراء سلعة ثم بيعها عليه بالتقسيط بثمن أعلى

السؤال: ما حكم الشراء بالتقسيط؟ مثلاً: شخص قال لشخص: اشتر هذه السيارة بأربعين، وأنا أشتريها منك بخمسين بالتقسيط، علماً بأن المشتري يريد بيع السيارة ويتجر بقيمتها، فما الحكم في ذلك؟

الجواب: هذه المعاملة تضمنت نوعين من البيع: البيع الأول: بيع المرابحة للآمر بالشراء، والثاني: بيع التورق.

أما بيع المرابحة للآمر بالشراء فيتضح من قول ذلك الرجل لصاحبه: اشتر هذه السيارة بأربعين، ثم بعها علي بخمسين مقسطة، فهذا بيع المرابحة للآمر بالشراء، وهو جائز عند جماهير العلماء شريطة أن تكون السلعة مباحة، وأن يكون الثمن معلوماً، وألا يبذل المشتري لمن اشتراها شيئاً من المال إلا بعدما يتملكها، وبعدما يتملك المشتري الأول تلك السلعة.

أما بيع التورق: فإن هذا الذي سيشتريها مقسطة بخمسين، يريد أن يبيعها بأقل من ذلك؛ من أجل أن يحصل على المال، هذا هو بيع التورق، وهو أيضاً جائز عند جماهير العلماء، ولا حرج فيه إن شاء الله.

مصافحة الرجل المرأة الأجنبية بحجة أنه بمقام أبيها

السؤال: أنا لا أصافح الرجال، وبعض الرجال يقولون لي: نحن في مقام أبيك، فماذا أفعل؟

الجواب: لا ينبغي للناس أن يجعلوا من مسألة المصافحة قضية يبدئون ويعيدون، ويصبحون ويمسون ولا حديث لهم إلا المصافحة، فلا ينبغي للرجل المسلم أن يصافح امرأة أجنبية، ولا ينبغي للمرأة المسلمة أن تصافح رجلاً أجنبياً؛ لأن الله تعالى قال: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ [النور:30]، وقال: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ [النور:31].

وإذا حرم الله النظر لأنه ذريعة إلى الفاحشة فاللمس أشد، والمنع فيه آكد، وهذا المعنى أشار إليه نبينا صلى الله عليه وسلم لما قال: ( أني لا أصافح النساء، وإنما قولي لامرأة كقولي لمائة امرأة ).

وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له ).

إلا أن بعض أهل العلم قد استثنى من النساء العجوز التي انقطع عنها إرب الرجال، ولا يشتهى مثلها، وهي التي صارت طاعنة في السن ولا يشتهى مثلها فقد رخصوا في مصافحتها.

ولذلك أنا أقول لأختي: اتقي الله ما استطعت، وبيني للناس أنك لا تصافحين، ومن مد يده مصافحاً خاصة من هؤلاء الكبار فصافحيه ثم بيني له، أو ليبين له غيرك من أهلك بأنك لا تصافحين.

رفض الفتاة للزواج بعد حصول الاستخارة من الشاب

السؤال: استخرت الله من أجل الزواج بفتاة، وفي الصباح بدأت أردد قول الله: فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ [يونس:92] فرفضَت الفتاة.

الجواب: الحمد لله، فالنساء سواها كثير، ويمكنك أن تخطب فتاة غيرها، وعسى ربك أن يبدلك خيراً منها، وأن يبدلها خيراً منك، فالاستخارة طيبة، وإذا حصل الرفض منك أو منها أو حصل الإعراض منك أو منها فالنتيجة واحدة، والحمد لله أنه لم يضيق عليك.

الترتيب بين الفوائت عند قضائها

السؤال: هل يمكن أن أصلي القضاء بعد الوقت؟

الجواب: لا، إذا كانت الفوائت خمساً فأقل فلا بد من الترتيب بينها وبين الحاضرة، بمعنى: لو أن الإنسان مثلاً تذكر أنه لم يصل الظهر فلا يصح أن يصلي العشاء ثم يقضي الظهر ويقول: هذا الذي أمرت به، بل لا بد أن يقضي الظهر أولاً، ثم يعيد العصر بعدها فالمغرب، ثم يؤدي صلاة العشاء؛ لأن الترتيب مطلوب.

ودليل الترتيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان مشغولا ًبمدافعة المشركين يوم الأحزاب، جاءه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال: ( يا رسول الله! ما صليت العصر حتى كادت الشمس تغرب، فقال عليه الصلاة والسلام: وأنا ما صليتها بعد، ثم قال: شغلونا عن الصلاة الوسطى - يعني: صلاة العصر- ملأ الله بيوتهم وقبورهم ناراً، ثم قام إلى بطحان- واد من أودية المدينة- فأمر بلالاً فأذن فأقام، فصلى العصر بأصحابه، ثم أذن فأقام فصلى بهم المغرب )، فالنبي عليه الصلاة والسلام رتب فصلى العصر أولاً، ثم صلى المغرب بعدها، قال أهل العلم: وهذا دليل على أن الترتيب بين الصلوات مطلوب إذا كانت خمساً فأقل.

أما إذا كان الإنسان تاركا ًللصلاة ثم تاب ويريد أن يقضي ما فاته، فلا سبيل إلى الترتيب؛ لأنه ربما مضت عليه شهور- وبعض الناس مضت عليهم سنون- وهو لم يصل، ثم تداركه الله برحمته فتاب، فهذا التائب نقول له: خصص وقتاً من يومك، كأن يكون مثلا ًبعد العشاء ونحوه، فتقضي صلاة يومين فأكثر، قدر الاستطاعة لتبرأ ذمتك.

لبس المرأة للإسكيرت والبلوزة إذا كانا واسعين

السؤال: هل يجوز لبس الإسكيرت والبلوزة إذا كانا واسعين أم لا تجوز إلا العباءة؟

الجواب: شريعة الإسلام لم تلزم المرأة بلباس معين لا تتعداه، فلم تلزم المرأة بعباءة ولا ملاءة ولا ثوب ولا إسكيرت وبلوزة، وإنما وضعت ضوابط عامة، مثلما أنها لم تلزم الرجل بأن يلبس جلباباً أو بنطالاً، أو إزاراً ورداء أو عرّاقياً وسروالاً، وإنما وضعت ضوابط عامة.

وضوابط لباس المرأة المسلمة ثمانية وهي: أن يكون سابغاً، ساتراً للبدن إلا ما استثني، فضفاضاً لا يصف، صفيقاً لا يشف، وألا يكون زينة في نفسه، ولا معطراً ولا مطيباً، وألا يشبه لباس الرجال ولا لباس الكافرات، وألا يكون ثوب شهرة.

فهذه ثمانية شروط في لباس المرأة المسلمة، وبعد ذلك لو لبست عباءة، أو لبست ملاءة أو لبست ثوباً سودانياً، أو لبست إسكيرتاً وبلوزة فلا حرج بشرط أن تراعي هذه الشروط الشرعية ولا تخل بها.

زواج ابن الرجل بأخت من رضع معها

السؤال: أخي رضع مع ابنة عمي، فهل يجوز لابنه الزواج بأختها؟

الجواب: قوله: (أخي رضع مع ابنة عمي) معنى ذلك أنه إذا كان قد رضع من أمها فإنه يصير أخاً لتلك البنت ولجميع إخوانها وأخواتها.

أما هل يجوز لابن هذا الذي رضع الزواج من أختها؟ فأقول: الزواج من أختها لا يجوز؛ لأنه قد صار جميع بناتها أخوات لهذا الرجل الذي أرضعته سواء ولدت قبل الرضاع أو بعده، فكل من خرج من رحم تلك المرأة فإنه يصير أخاً أو أختاً لهذا الرجل، بل لو كان لعمك زوجة أخرى فإن جميع أولادها ذكوراً وإناثاً يصيرون إخواناً للراضع؛ لأن لبن الفحل واحد.

أما إذا كانت ابنة عمك هذه قد رضعت معك من أمك، فقد صارت هي أختاً لجميع إخوانك وأخواتك، ولا مانع أن تتزوج أنت من أختها؛ لأنه لا سبب يمنعك من الزواج، فلا نسب ولا صهر ولا رضاعة، فليس هناك سبب محرم من الأسباب الثلاثة, ليس بينك وبينها نسب يحرم، فليست هي أختك ولا أمك ولا بنتك ولا عمتك ولا خالتك ولا بنت أخيك ولا بنت أختك، وليس هناك مصاهرة تمنع، فليست هي أم زوجتك ولا بنت زوجتك ولا زوجة أبيك ولا زوجة ابنك، وكذلك ليس هناك رضاعة بينك وبينها.

إذاً: نفرق بحسب المرضع، فإذا كانت المرضع زوجة عمك فنقول: الجميع بني عمك وبنات عمك قد صاروا إخوة لك من الرضاعة، أما إذا كانت المرضعة هي أمك ففي هذه الحالة يجوز له أن يتزوج بأخت هذه التي رضعت معها من أمك، والعلم عند الله تعالى.

المتصل: لدي بعض الأسئلة:

السؤال الأول: لدي جارة تؤذيني برائحة الشيشة، كل يوم صباحاً ومساء ونحن نشم رائحة الشيشة من هذه المرأة، فما نصيحتك لها؟

السؤال الثاني: يوجد عندنا بعض النساء اللائي يقمن بسب الدين، فما حكم فعلهن هذا؟

السؤال الثالث: بعض النساء إذا أردن الخروج فإنهن يقمن برش ثيابهن بالمسك، فما حكم هذا الفعل؟

السؤال الرابع: إذا دخلت في صلاة المغرب وفاتتني ركعتان، فصليت معهم، ثم قمت للإتيان بما فاتني، فكيف تكون القراءة في الركعتين الباقيتين؟

الشيخ: طيب سأجيبك إن شاء الله.

المتصل: لدي سؤالان:

السؤال الأول: أنا حلفت على ابن أختي بالطلاق ألا يذهب إلى مناسبة ما، ثم حلف هو أن يذهب، وذهب فما الحكم؟

السؤال الثاني: قراءة القرآن من المصحف بدون وضوء ما حكمها؟

الشيخ: شكراً. سأجيبك إن شاء الله.

المتصل: لدي سؤالان:

السؤال الأول: ما حكم قراءة الفاتحة في المأتم؟

السؤال الثاني: يوجد لدينا ما يسمى بالكشف، وهو أن يجتمع الناس إلى بيت الميت ويساهمون بدفع مبلغ من المال لأهل الميت، كل بحسب استطاعته، فما حكم هذا الفعل؟

الشيخ: طيب بارك الله فيك، شكراً جزيلاً.

المتصل: لدي سؤالان:

السؤال الأول: أنا أقوم بالإكثار من الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، وأقوم بإهداء ثوابها للوالد رحمه الله تعالى، فهل فعلي صحيح؟

السؤال الثاني: الإنسان أحياناً في السيارة يمر بجانب مقبرة الموتى فيترحم عليهم، وهو داخل السيارة، فهل يجوز ذلك؟

الشيخ: طيب إن شاء الله.

المتصل: إنسان زنى بامرأة وأراد أن يتزوج بابنة أختها، فهل تحل له أم لا تحل؟

الشيخ: شكراً لك.

المتصل: لدي بعض الأسئلة أريد عرضها عليكم:

السؤال الأول: أسأل عن إدراك صلاة الجماعة، مثلاً: لو أتيت متأخراً وأدركت الجماعة وقد أكملوا الركعة الأولى، فهل لي مثل أجر من أدرك الصلاة من البداية؟

السؤال الثاني: ما حكم ترديد التكبير خلف الإمام؟ مثلاً: أن يقول الإمام في الصلاة: الله أكبر، فأقول: الله أكبر, يقول: سمع الله لمن حمده، فأقول: ربنا ولك الحمد، وهل يكون جهراً أم سراً؟

السؤال الثالث: ما حكم الدعاء الجماعي خلف الإمام بعد الصلاة؟ مثلا: الإمام في المسجد بعد انتهاء الصلاة يدعو دعاء جماعياً؟

السؤال الرابع: نحن بعد صلاة العشاء نقوم لنصلي سنة العشاء والوتر، فنرى كثيراً من الناس في المسجد الواحد يغير مكانه، فإذا صلى العشاء في مكان فإنه يتحول يصلي النافلة والوتر في مكان آخر، فما حكم هذا الفعل؟

السؤال الخامس: ما حكم تخطي المصلين والمرور بين يدي المصلي في صلاة الشفع والوتر، فإنك أحياناً لو أردت أن تخرج من المسجد لا تجد طريقاً إلا بالتخطي للمصلين، فما حكم ذلك؟

الشيخ: طيب شكراً يا هشام! أكرمك الله.

أذية الجيران برائحة الشيشة

الشيخ: أختنا رقية من كوستي ذكرت بأن بعض جاراتها يؤذينها برائحة الشيشة، وأقول: إن أذية المسلم محرمة بلا شك، فإن الله عز وجل قال: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا * وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [الأحزاب:57-58], فكل ما فيه أذى للمسلم فهو ممنوع.

أما بالنسبة لهذه المواد المنتنة من التبغ والسعوط وما أشبه ذلك فقد اتفق العلماء على القول بتحريمها؛ لما ثبت يقيناً من ضررها؛ ولأنها قاتلة ومذهبة للعافية، وقد قال الله عز وجل: وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ[النساء:29]، وقال: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا ضرر ولا ضرار )؛ ولأن هذه المواد خبيثة، سواء كان التبغ أو ما يسمى بالمعسل أو السعوط فهذه كلها خبائث، والله عز وجل قال عن نبيه عليه الصلاة والسلام: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ[الأعراف:157].

ثم إنها متلفة للمال، والله لا يحب الفساد, ( إن الله كره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال )، وكل إنسان منا سيسأل عن ماله: ( من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ ).

ولذلك أوجه النصح لهؤلاء الجارات بأن يتقين الله عز وجل؛ لئلا يحملن أوزارهن وأوزاراً مع أوزارهن، وإذا كان شرب السيجارة والشيشة للرجل قبيح، فهو في المرأة أقبح وأشنع وأخبث.

سب الدين والاستهزاء به من بعض النساء

الشيخ: أما سؤالها عن النساء اللائي يحصل منهن سب للدين، فأقول لهن: إن سب الدين كفر والعياذ بالله، فمن سب الدين فقد ارتد، وخرج من ملة الإسلام، سواء كان جاداً أو هازلاً، والله عز وجل قال: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ[التوبة:65-66], والواجب على من وقع منه هذا أن يسارع بالتوبة إلى الله عز وجل ويجدد إسلامه، ويدخل في الدين من جديد، وقد قال ربنا سبحانه: وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:217].

رش المرأة ثوبها الذي تخرج به بالمسك

الشيخ: أما بخصوص النساء اللاتي يكوين الثياب ويقمن برشها بالمسك، فنقول: إن رش المرأة ثوبها بالمسك يقتضي ألا تخرج بهذا الثوب أمام الرجال الأجانب، أما إذا كانت ستركب مع زوجها في سيارته من داخل البيت، ثم يذهب بها إلى مجتمع نسائي خالص فينزلها أمام الباب وقد ضمنت بألا يشم ريحها رجل فنقول: لا حرج بذلك, مع العلم أن كل عاقل منصف يعلم بأن هذا في مجتمعنا عزيز نادر، ولذلك أقول: لا ينبغي للمرأة أن ترش الثوب الذي ستخرج به بالمسك أبداً، بل ترش به ثيابها التي تلبسها في بيتها مع زوجها وبين محارمها؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (أيما امرأة مست بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة), وقال عليه الصلاة والسلام: ( أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم فوجدوا ريحها فهي زانية ).

الواجب على من فاتته ركعتان من صلاة المغرب

السؤال: لو أن إنساناً فاتته ركعتان من صلاة المغرب فماذا يصنع؟

الجواب: يصنع كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: ( فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا ), ويعتبر ما حضره أول صلاته، ويتم ما فاته، يعني: لو حضر مع الإمام ركعة فإنه يعتبر هذه الركعة هي الأولى، وبعد سلام الإمام يقوم فيأتي بالثانية يقرأ فيها بالفاتحة وسورة جهراً، ثم يجلس للتشهد، ثم يقوم فيأتي بالثالثة ويقرأ فيها بالفاتحة سراً، وهذا هو القول العدل إن شاء الله.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم في رواية أخرى: ( وما فاتكم فاقضوا ), فقد قال أهل العلم: القضاء محمول على الإتمام كما في قوله سبحانه: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ[الجمعة:10]، وقوله: فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا[النساء:103]، وقوله: فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا[البقرة:200], فالقضاء في هذه المواضع كلها بمعنى الإتمام.

قراءة القرآن من المصحف بغير وضوء

الشيخ: أما معاذ من أم درمان فقد سأل عن قراءة القرآن من المصحف بغير وضوء.

فأقول: يا عبد الله! لا ينبغي للإنسان أن يمس مصحفاً إلا وهو على طهارة كاملة من الحدث الأكبر أو الحدث الأصغر؛ لقوله تعالى: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ [الواقعة:79] ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يمس القرآن إلا طاهر), وأما من أراد أن يقرأ مما يحفظ، أو أراد أن يقرأ من كتاب تفسير فلا حرج إذا كان طاهراً من الحدث الأكبر.

الحلف بالطلاق على ابن الأخت ألا يفعل شيئاً ففعله

الشيخ: يقول معاذ غفر الله له: حلفت على ابن أختي طلاقاً ألا يمشي إلى مناسبة فحلف أن يمشي إليها وفعل.

أقول لك: يا أخي! الحلف بالطلاق لا يجوز لك، ( فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت ), والحلف بالطلاق والعتاق يمين الفساق، فلا ينبغي لك أن تعود لسانك الحلف بالطلاق، بل احلف بالله عز وجل، والأمر يسير، فلو أن الإنسان حلف بالله ثم حصل منه الحنث أو رأى الخير في خلاف ما حلف عليه فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه, أما الحلف بالطلاق فإنه يدخل الإنسان في مضيق، ويدخله في شك، ولذلك أقول لك: راجع نيتك فإن كانت طلاقاً فإن الطلاق يقع بالحنث، وأما إذا كانت نيتك يميناً فتلزمك كفارة يمين.

الصفة الشرعية للتعزية

السؤال: أخونا الحاج من الخرطوم يسأل عن حكم الفاتحة في المأتم؟

الجواب: التعزية مستحبة، وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يعزي أصحابه إذا مات للواحد منه ميت بقوله: ( إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده لأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب ).

قال الإمام النووي رحمه الله: وهذا أحسن ما يعزى به، ولو عزى بغير ذلك كقوله: أحسن الله عزاءكم وعظم أجركم، وغفر لميتكم، وأخلف عليكم، ونحو ذلك من الكلام فلا حرج.

أما بالنسبة لما جرت عليه العادة بأن الإنسان يرفع يديه عند الدعاء فلا حرج في ذلك إن شاء الله إذا كان يدعو للميت، مثلما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين دعا لـأبي سلمة بعدما شق بصره قال: ( اللهم اغفر لـأبي سلمة ، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين, اللهم افسح له في قبره ونور له فيه), فلو أن إنساناً ذهب إلى أهل الميت فدعا لميتهم، وطابت قلوبهم بذلك فلا شك أنه قد أتى باباً عظيماً من أبواب الخير؛ لأن التعزية فيها حكم ثلاث:

الأولى: الدعاء للميت.

الثانية: مواساة أهله.

الثالثة: أمرهم بالمعروف، كأمرهم بالصبر والاحتساب والرضا بالقدر، ونهيهم عن المنكر، كنهيهم عن النياحة والندب وشق الجيوب ولطم الخدود، والتسخط على قدر الله، وغير ذلك من المنكرات التي يقع فيها بعض الناس.

دفع الناس المال لأهل الميت بدل صنع الطعام

الشيخ: أما ما يسمى بالكشف أيها الحاج فهو باب من أبواب التكافل، وتحمل المصائب، يعني: بدلاً من أن يتحمل المصيبة أهل الميت وحدهم، فإن الناس يتعاونون فيدفعون لهم مالاً؛ لأنه قد يشق على الناس أن يصنعوا لهم طعاماً، وإلا فهي السنة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: ( اصنعوا لآل جعفر طعاماً؛ فإنهم قد أتاهم أمر يشغلهم ), وهذا قد يشق على بعض الناس في زماننا، فعدل الناس في ذلك، وبدلاً من أن يصنعوا لهم الطعام فإنهم يبذلون هذا المال مساهمة منهم مع أهل الميت في نفقات المأتم.

السلام على أهل القبور عند المرور بجانبهم بالسيارة

السؤال: الزهراء من كسلا سألت عن السلام على أهل القبور إذا مرت بجانبها وهي في السيارة، فنقول: نعم سلمي, فإذا مر الإنسان بالمقابر فإنه يسلم على أهلها ولو لم يدخل, ويقول: ( السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون, يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين, نسأل الله لنا ولكم العافية )، ولو زاد: اللهم اغفر زلتهم، وضاعف حسنتهم، وارحم غربتهم، ونور ظلمتهم، وآنس وحشتهم، فلا حرج إن شاء الله.

إهداء ثواب الصلاة على النبي للأب المتوفى

الشيخ: الأخت الزهراء تقول: بأنها تصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تهب الثواب لوالدها رحمة الله عليه. أقول لك يا أيتها الزهراء : أسأل الله أن يعينك على بر أبيك بعد الممات، لقد اتفق علماؤنا رحمهم الله على أن الميت ينتفع بما تسبب فيه من عمل صالح في حياته، فلو أنه ورث علماً أو أجر صدقة، أو حفر بئراً أو ورث مصحفاً، أو خلّف ولداً صالحاً قد عني بتربيته وتوجيهه فدعا له بعد موته، فهذا كله مما ينتفع به الميت، ثم بعد ذلك ينتفع الميت بما يهدى إليه من الأعمال التي يقوم بها الأحياء، فينتفع بالدعاء وهذا بالإجماع، وينتفع بالصدقة وهذا بالإجماع أيضاً، وينتفع بالحج والعمرة وهذا يشبه أن يكون إجماعاً.

ثم اختلف أهل العلم بعد ذلك في العبادات البدنية، كالصيام وقراءة القرآن والذكر وما إلى ذلك، والذي يظهر والعلم عند الله تعالى بأن هذا كله يصل ثوابه إلى الميت؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر الصدقة والدعاء والحج والعمرة فإنما نبه بهذه الأفراد على غيرها، وقد رجح ذلك الإمام أبو عبد الله بن القيم رحمه الله في خاتمة كتاب الروح، وكذلك الإمام أبو العباس بن تيمية و الموفق بن قدامة في المغني و أبو زكريا النووي في المجموع، وغيرهم من أهل العلم.

زواج الرجل من ابنة أخت من زنى بها

السؤال: أخونا عيسى قد صك أسماعنا غفر الله له بحال إنسان زنى بامرأة، ثم يريد أن يتزوج ببنت أختها، فهل تحل له؟

الجواب: بعض أهل العلم يجيز هذا الزواج؛ لأن ماء الزنا لا حرمة له؛ ولأن الحرام لا يحرم الحلال.

وبعض أهل العلم يمنعه باعتبار أنه لا يصح لإنسان أن ينظر إلى فرج امرأتين قد حرم الجمع بينهما، ولعل القول الأول هو الأقرب والعلم عند الله تعالى.

ويلزم هنا ننبه إلى أن الزنا من كبائر الذنوب الموجبة لسخط الله، والجالبة لعقوبات قدرية، فالزنا جالب للفقر وجالب للسقم، ( وما ظهرت الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا ابتلاهم الله بالأسقام والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا ).

التسوية بين من أدرك الصلاة من أولها ومن فاته شيء منها

السؤال: أخونا هشام يقول: صلاة الجماعة هل يستوي من أدركها من بدايتها ومن فاته شيء منها؟

الجواب: لا يستوون, بل تكبيرة الإحرام يا هشام ! خير من الدنيا وما فيها، ومن أدرك الصلاة من أولها فبكر وابتكر فهذا هو الموفق المعان, أما من يأتي دائماً يجرجر رجليه فيدرك ركعة أو بعض ركعة، أو يفوت من الصلاة ركعة أو ركعتين أو ثلاث ركعات فهذا مغبون محروم، ولذلك فإن المطلوب منا أن نبكر، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لو يعلم الناس ما في العتمة وصلاة الصبح لأتوهما ولو حبواً، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه ), والتهجير: هو الخروج إلى صلاة الظهر في الهاجرة، أي: في شدة الحر، ولذلك أقول: بكروا، وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران:133].

المتصل: رجل اختلف مع أهله وحلف يميناً ألا يرجع إلى البيت بعدما وضع يده على المصحف، ثم إن بعض أهله يريدون الصلح بينه وبين أهله، ويرجعونه إلى البيت، فماذا نفعل؟

الشيخ: طيب أبشر.

المتصل: لدي سؤالان:

السؤال الأول: ما حكم الحناء للعريس؟

السؤال الثاني: أسأل عن حكم بعض الأعياد كعيد الاستقلال وعيد الأم وعيد الشجرة؟

الشيخ: طيب شكراً.

المتصل: بالنسبة للمرأة هل يجوز لها أن تذبح الشاة؟

الشيخ: طيب. شكراً لك.

التبليغ خلف الإمام في الصلاة

الشيخ: بالنسبة لأخينا هشام يسأل عن التبليغ خلف الإمام، نقول له: إن المأموم يكره له أن يجهر بغير تكبيرة الإحرام وتسليمة التحليل، وينبغي أن يسر بما سوى ذلك، والتبليغ يكون محموداً إذا احتاج الناس إليه، مثل أن يكون صوت الإمام خافتاً، أو كان المسجد كبيراً وصوت الإمام لا يسمع, أو الكهرباء مقطوعة عن مكبر الصوت أو به خلل فلا حرج أن يبلغ خلف الإمام واحد أو اثنان أو أكثر، بحيث يسمع الناس بعضهم بعضاً، أما أن يكون صوت الإمام مسموعاً، أو المصلون خلف الإمام قلة فيعمد بعض الناس إلى رفع صوته بالتكبير فهذه بدعة مكروهة.

الدعاء الجماعي بعد الصلاة

الشيخ: أما الدعاء الجماعي بعد الصلاة فليس من السنة المواظبة عليه، لكن لو فعل أحياناً من باب التعليم، أو لمناسبة كأن يكون بعض الناس مريضاً فندعو له، أو بعض أهل المسجد توفاه الله فندعو له فلا حرج.

والأصل في الدعاء يا هشام ! أن يكون خفياً، كما قال ربنا: ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا [مريم:2-3], وقال جل من قائل: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً [الأعراف:55], وقد كان من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يأمر أصحابه بالدعاء دبر الصلوات المكتوبات، وأخبرنا أن الدعاء بعد المكتوبات مستجاب، لكن كل امرئ يدعو لنفسه بما يريد من الله عز وجل أن يجيبه فيه.

الانتقال عن مكان صلاة الفريضة لأداء النافلة

الشيخ: أما تغيير مكان الصلاة عند التنفل فإن هذا مطلوب؛ لأن هذه المواضع التي تسجد عليها كلها تشهد لك يوم القيامة، وكذلك المكان الذي تذهب منه للمسجد يشهد لك يوم القيامة, فالله عز وجل قال: إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ[يس:12] وقال عن الأرض: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا [الزلزلة:4], قال النبي صلى الله عليه وسلم: تحدث بما عمل كل امرئ على ظهرها، يعني: من عصى الله فإن الأرض ستشهد عليه، ومن أطاع الله ستشهد له، وفي الحديث: ( ماذا على أحدكم لو جعل لنافلته مكاناً غير موضع فريضته؟ )، يعني: أن يصلي الإنسان الفريضة في مكان ويصلي النافلة في مكان آخر، وكذلك (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن وصل النافلة بالفريضة ما لم يفصل بينهما بذكر أو خروج).

المرور بين يدي المصلي في نافلة العشاء والوتر

الشيخ: أخونا هشام يقول بأنه بعد صلاة العشاء يقوم بعض الناس لأجل أن يأتي بالنافلة، أو من أجل أن يوتر، فيأتي بعض الناس فيمر من أمامه فنقول: لا يجوز المرور بين يدي المصلي، فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( لو يعلم المار بين يدي المصلي ما عليه من الإثم لكان خير له أن يقف أربعين ), فلذلك قال علماؤنا: المرور بين يدي المصلي قد يحصل به الإثم لهما معاً، أي: المصلي والمار، وقد يسقط عنهما الإثم معاً، وقد يحصل لأحدهما دون الآخر.

أما أن يأثما معاً مثل إذا كان المصلي يصلي في مكان مرور الناس، أي: أن بعض الناس -سبحان الله- لا يصلي إلا جوار الباب، كأنه يقول لأهل المسجد: لا بد أن تنتظروني حتى أفرغ، وبعض الناس يتعمد أن يصلي في طريق الناس، فلو أنه فعل ذلك من غير ضرورة فإنه يأثم، والمار بين يديه من غير ضرورة يأثم، هذه الصورة الأولى.

أما سقوط الإثم عنهما معاً: كأن يصلي عند الباب لضرورة ومر بين يديه الآخر لضرورة، مثلاً: إنسان جاء مسبوقاً في صلاة العشاء، فلم يجد مكاناً إلا عند الباب، فقام بعد سلام الإمام ليتم صلاته، وجاء أحد من الناس وكان جالساً في المسجد بين المغرب والعشاء إلى أن صلى العشاء، ثم بعد ذلك شعر بأنه حاقن محصور يريد أن يدخل الحمام، فهو مضطر للخروج من المسجد، فهنا سقط الإثم عنهما معاً.

أما وقوع الإثم على المصلي وحده، أو على المار وحده فتتضح هاتان الصورتان بالتأمل في الصورتين السابقتين.

الواجب على من حلف ألا يدخل على أهله البيت ثم أراد الدخول

السؤال: أخونا الحارث من الثورة ذكر أن إنساناً قد اختلف مع أهل بيته فحلف بالله وهو واضع يده على المصحف ألا يقيم معهم في البيت، والآن أهله يريدون أن يصلحوا هذا الأمر فكيف يفعلون؟

الجواب: نعم يا حارث اسع في الإصلاح بينه وبين أهله؛ لأن الله قال: َّفَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ[الأنفال:1]، وقال: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:114], وانصح صاحبك هذا بأن يتقي الله في أهله، وأن يرجع إلى بيته، وليس عليه سوى كفارة يمين, قال النبي الأمين عليه الصلاة والسلام: ( من حلف على يمين فرأى غيرها أتقى لله منها، فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه ), فيرجع إلى بيته ويكفر عن اليمين بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن عجز عن هاتين الخصلتين فليصم ثلاثة أيام.

الحناء للعروس

الشيخ: أما محمد من كريمة فقد سأل عن الحناء للعروس، ويعني بالعروس: الرجل، فالرجل عروس وزوجه كذلك عروس، فهما عروسان، فنقول: أما بالنسبة للعروس المرأة فالحناء لها عموماً مستحب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بها، والحناء ريحها طيب، وهي طاهرة في ذاتها، ولا يترتب عليها -إن شاء الله- مفسدة.

أما بالنسبة للرجل فقد قال بعض أهل العلم بحرمتها، إلا في التداوي، قالوا: خضاب اليدين والرجلين للرجال في غير التداوي حرام.

وبعض أهل العلم قالوا: إذا جرت بها عادة الناس فلا بأس بشروط:

الشرط الأول: ألا يقترن بها اعتقاد فاسد من جنس ما يعتقده كثير من النسوة، أن الرجل إذا لم يخضب في ليلة عرسه فإنه سيحرم من الذرية، فهذا اعتقاد فاسد؛ لأننا معشر المسلمين نعتقد أنه لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا [التوبة:51]، ونعتقد أن ( ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن )، وكم من رجل خضب يديه ورجليه ولربما خضب رأسه ولحيته ولم ينجب، وكم من إنسان لم يخضب وأنجب.

الشرط الثاني: ألا يقوم بهذا التخضيب سوى محارمه، يعني: لا تأتي بنات خالاته وبنات عماته وبنات جاراته ويبدأن يخضبنه، وهو جالس ينظر إليهن فهذا حرام.

الشرط الثالث: ألا يترتب على ذلك تضييع للصلاة، فإن بعض الناس يجلس في الحناء قابضاً يديه، وتفوت عليه الصلوات ولا يبالي.

الشرط الرابع: ألا يكون فيها تشبه بالنساء، يعني: لا يعمل له النقش الذي يكون للنساء.

حكم الاحتفال بالأعياد الوطنية وعيد الأم والحب ونحوها

الشيخ: أما السؤال عن عيد الاستقلال وعيد الأم، وأنا أزيد عيد الحب وعيد الشجرة، وعيد الثورة، وعيد الجيش، وعيد كذا، وفي كل يوم الناس يخترعون عيداً، فأقول: نحن معشر المسلمين لا نعرف إلا أعياداً ثلاثة كلها مرتبطة بالعبادة.

عيدنا الأسبوعي وهو يوم الجمعة نسعى فيه إلى ذكر الله.

وعيد الفطر وهو عقيب عبادة الصيام.

وعيد الأضحى وهو عقيب عبادة الحج والوقوف بعرفة، وكذلك الناس يتقربون بنحر الأضاحي، أما غيرها فلا ينبغي أن تسمى عيداً.

ذبح المرأة للشاة

السؤال: العمدة من شندي يسأل عن حكم ذبح المرأة للشاة؟

الجواب: لا مانع يا عمدة! إذا كانت المرأة تحسن التذكية، وكثير من الناس يعتقد بأن المرأة ذبيحتها غير جائزة، نقول: لا حرج، حتى لو كانت حائضاً، شريطة أن تحسن التذكية, بمعنى: أنها تعرف كيف تقطع الحلقوم والودجين، وهما العرقان اللذان في صفحتي العنق، فإذا كانت المرأة تحسن ذلك فذبيحتها مأكولة وطيبة وحلال، ولا حرج فيها إن شاء الله، وليس الذبح قاصراً على الرجال يا أيها العمدة أحسن الله إليك.

لكن نقول: الذبح يجزئ ممن يطيقه حتى لو كان صبياً فإنه لا حرج.

أما إن كانت المرأة لا تحسن الذبح فوكلت غيرها خاصة في الأضحية فقد قال أهل العلم: يستحب لها شهودها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذبح لابنته فاطمة قال لها: (قومي إلى أضحيتك فاشهديها، فإنه يغفر لك بأول دفعة من دمها)، أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعلني وإياكم من العلماء العاملين المخلصين النافعين المنتفعين، وأن يجعلنا من خير عباده الذين يستمعون الذكر فيتبعون أحسنه.

والحمد لله في البدء وفي الختام، والصلاة والسلام على خير الأنام وآله وصحبه الأعلام.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , ديوان الإفتاء [605] للشيخ : عبد الحي يوسف

https://audio.islamweb.net