إسلام ويب

مما لا شك أن الإسلام دين كامل وشامل لم يترك خيراً إلا ودلنا عليه ولا شراً إلا وحذرنا منه، ومن ذلك: أنه شرع لنا آداباً عدة في قضاء الحاجة منها: الابتعاد عند قضاء الحاجة، وكراهة الكلام في الحمام، وأيضاً عدم الدخول إلى الحمام بشيء فيه ذكر الله، والتنزه من فضلات النجاسة، كما نهى عن البول في الشق والظل وقارعة الطريق.

آداب قضاء الحاجة

بسم الله، والحمد لله، وصلى الله وبارك على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد:

فأبدأ في حلقة هذه الليلة إن شاء الله بالحديث عن باب من أبواب كتاب الطهارة، وهو ما يتعلق بآداب قضاء الحاجة.

وفي مقدمة يسيرة أقول: إن نعم الله علينا تترى، وهي لا تعد ولا تحصى، ومن هذه النعم نعمة الطعام، الذي يسره الله عز وجل لنا لنغذي به أبداننا، وقد امتن الله سبحانه وتعالى علينا بهذه النعمة فقال: فَلْيَنْظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ [عبس:24-32].

وامتن علينا جل جلاله بنعمة الماء، فقال سبحانه: أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلا تَشْكُرُونَ [الواقعة:68-70].

فهذا الطعام يسره الله عز وجل لنا وهدانا إلى كيفية إصلاحه والاستفادة منه، ثم بعد ذلك هدانا إلى كيفية تناوله والاستمتاع به، وعلمنا نبينا صلى الله عليه وسلم في طعامنا وشرابنا أحكاماً وآداباً، ثم بعد ذلك لما استحال هذا الطعام وذاك الشراب إلى فضلة مؤذية خبيثة، يسر الله عز وجل خروجها والتخلص منها بأسلوب سهل، فتعود للإنسان راحته وعافيته؛ ولذلك إذا قضى الإنسان حاجته فإنه يقول: ( الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني )، أو يقول: ( الحمد لله الذي أذاقني لذته، وأبقى في قوته، وأذهب عني أذاه )، وأفضل من ذلك أن يقول: ( غفرانك ).

وقضاء الحاجة للإنسان لا بد أن يتذكر في تلك الحال نعمة الله عليه، وأن هذه الفضلة لو بقيت في جسده لأضرت به، ولعانى منها معاناة عظيمة، وكذلك من أجل أن يتجدد شكره لله عز وجل على نعمه.

ولذلك قال أهل الحديث: إن نبينا صلى الله عليه وسلم حين كان يقضي حاجته كان يقول: ( غفرانك )، فيستغفر الله عز وجل من أنه لا يستطيع أن يكافئ نعمه بما يجب لها من شكر.

وقال بعضهم: بل كان يقول: ( غفرانك )، أي: يستغفر الله عز وجل من تركه الذكر في تلك الحال.

عدم الدخول إلى الحمام بشيء فيه ذكر الله

ولقضاء الحاجة آداب وأحكام، ومن ذلك: أن الإنسان إذا كان معه شيء محترم فيه ذكر لله عز وجل، كـمصحف، أو كتاب علم، ونحو ذلك، فالمطلوب منه أن ينحيه؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عنده خاتم نقشه: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان إذا أراد الخلاء طرحه، ولذلك الإنسان يتخلص من الشيء الذي فيه ذكر لله عز وجل.

أما لو دخل به ناسياً، أو جاهلاً، أو خائفاً عليه من الضياع، فالله غفور رحيم، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

الابتعاد عند قضاء الحاجة وأخذ ما يستنجي به

ومن آداب قضاء الحاجة: التباعد وإعداد المزيل، فالإنسان يتباعد بحيث لا يسمع له صوت، ولا تشم له رائحة، وكذلك قبل أن يقضي حاجته يعد المزيل الذي سيقطع به أثر الخارج، سواء كان هذا المزيل يابساً منقياً، أو كان ماءً طهوراً، فلا بد أن يجهز هذا المزيل.

خلع الثياب قبل الدنو من الأرض والإتيان بالذكر المشروع في ذلك

ومن الآداب كذلك: ألا يخلع ثيابه قبل أن يدنو من الأرض؛ لئلا يكشف عورته بغير حاجة.

ومن الآداب: أن يأتي بالذكر المسنون، فقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم إذا أراد قضاء حاجته قال: ( بسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث )، وفي لفظ ( من الخبث والخبائث )، أما على رواية ضم الباء، الخبُث، فالخبُث: جمع خبيث وهم ذكور الشياطين، والخبائث: جمع خبيثة أي: إناثهم. وأما على رواية الإسكان: الخبْث، فالمراد جنس الخبث، شيطاناً كان أو غيره، وهذه أعم من الأولى.

وقال صلى الله عليه وسلم: ( ستر ما بين عورة أحدكم وأعين الجن أن يقول: بسم الله الذي لا إله إلا هو ).

الدخول إلى الحمام بالرجل اليسرى

من الآداب التي تعلمناها من رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن الإنسان يدخل إلى الخلاء برجله اليسرى، ويخرج بيمناه، بناءً على القاعدة أن التشريف يكون لليمين، أي: كل ما كان فيه تشريف فإننا نستعمل فيه أيماننا؛ ولذلك اليمنى نصافح بها إخواننا، ونعطي بها ونأخذ، ونأكل بها ونشرب، ونحمل بها كتاب الله وكتب العلم، أما الشمال فإنها تستعمل في الامتخاط، وفي الاستنثار، وتستعمل في الاستنجاء، وتحمل بها النعال، وما إلى ذلك.

واليمين ندخل بها المسجد، والشمال نخرج بها من المسجد، وإذا أراد الواحد منا أن يدخل إلى المرتفق أي: إلى بيت الخلاء أو الحمام، فإنه يدخل بيسراه، ويخرج بيمناه، وهذه كلها آداب تحول تلك العادات التي يشترك فيها الإنسان العاقل مع الحيوان البهيم إلى عبادات، فقضاء الحاجة يفعله المسلم والكافر، والبر والفاجر، والإنسان والحيوان، لكن المسلم إذا تقيد بهذه الآداب، فإنه يحولها إلى عبادة، كما لو أنه تقيد بالآداب الشرعية في الطعام والشراب، فإن طعامه وشرابه يتحول إلى عبادة.

كراهة الكلام داخل الحمام

أيضاً من الآداب التي تعلمناها من رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا يتكلم أحدنا حال قضاء حاجته، يعني: الإنسان إذا كان في الحمام، فإنه لا يتكلم، ( فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يخرج الرجلان إلى الغائط، كاشفين عن عورتهما يتحدثان، فإن الله يمقت على ذلك )، أي: يمقت على ذلك الفعل؛ ولذلك الإنسان العاقل ما يتكلم في أثناء قضاء الحاجة، وللأسف قد تجد بعض الناس ربما يغني وهو في الحمام، ولا شك أن هذا أمر منكر ينبغي أن يتناهى الناس عنه، اللهم إلا ما دعت إليه الضرورة، كما لو طلب مزيلاً، مثلاً: ما وجد ماءً، أو غلب على ظنه أن في الحمام ماءً، ثم تبين أنه لا ماء، فلو طلب ماءً أو يابساً منقياً، فمثل هذا مما تدعو إليه الضرورة.

البول جالساً

ومن الآداب التي تعلمناها من نبينا صلى الله عليه وسلم: أن يبول أحدنا جالساً، هذا هو الأصل في فعله صلى الله عليه وسلم، وقد قالت أمنا عائشة رضي الله عنها: ( من حدثكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بال قائماً فلا تصدقوه، ما كان يبول إلا جالساً )، وثبت من حديث حذيفة رضي الله عنه: ( أنه صلى الله عليه وسلم مر على سباطة قوم فاستنكف أن يجلس فبال قائماً )، قال بعضهم: كان من وجع في مئبضه، أي: في باطن ركبته عليه الصلاة والسلام.

وقال بعضهم: لأن المكان ما كان دمثا، أي: ما كان مناسباً لجلوسه صلوات ربي وسلامه عليه.

ولذلك قال علماؤنا: الأصل أن يبول الإنسان جالساً، لكن لو أراد أن يبول قائماً أو اضطر إلى ذلك، فلا مانع بشرطين:

الشرط الأول: أن يأمن الناظر، وأنه لا أحد يراه.

والشرط الثاني: أن يأمن التلوث، بمعنى أن البول لن يرتد عليه رشاشه.

التنزه من فضلات النجاسة

ومن الآداب التي تعلمناها من نبينا صلى الله عليه وسلم: ألا يتعجل أحدنا القيام قبل أن يستفرغ ما في بطنه، وإنما يصبر إلى أن يتأكد من أن الشيء الذي فيه قد خرج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه )، ومر صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال: ( إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير، بلى إنه لكبير، أما أحدهما: فكان لا يستتر من بوله، وأما الآخر: فكان يمشي بالنميمة بين الناس )، وفي لفظ: ( لا يستنزه من بوله ).

قال أهل العلم: يتحقق ذلك في عدة صور:

الصورة الأول: لا يستتر، بمعنى: أنه يكشف عورته أمام الناس، كصنيع السفهاء.

الصورة الثانية: أنه كان لا يتقي رشاش بوله.

الصورة الثالثة: أنه كان يتعجل القيام قبل أن يستفرغ ما في المخرج، فإذا لبس ثيابه فإن ما بقي في المخرج يرجع على بدنه وثيابه.

الصورة الرابعة: أنه كان لا يحسن الاستبراء من بوله، والاستنجاء من الغائط، فكان يلوث بدنه وثيابه، فهذا كله سبب لعذاب القبر.

الاستنجاء بالماء وغيره

ومن الآداب التي تعلمناها من رسولنا صلى الله عليه وسلم: أنه لا بد من قطع أثر الخارج، وأفضل شيء لذلك الماء؛ لأن الماء يذهب عين النجاسة ويذهب أثرها، وهو أطيب الطيب، ولولا الماء ما استطاع الناس أن يعيشوا، وما استطاعوا أن يخالط بعضهم بعضاً، فإن الله عز وجل جعل الماء شراباً، وجعله طهوراً نطهر به أبداننا، ونتخلص به من هذا النجاسات؛ ولذلك لو أن الإنسان جمع بين اليابس المنقي والماء فهو أفضل، ولو اقتصر على الماء فهذا عظيم جيدٌ، ولو اقتصر على اليابس المنقي، كما هو حال بعض الناس ممن ابتلي بالإقامة في ديار الغرب، فهناك حماماتهم ما فيها ماء، فيستغنون عنها بالأوراق -التواليت كما يسمونها- التي يضعونها في حماماتهم نقول: هذه أيضاً مجزئة إن شاء الله، وكل ما يذهب أثر النجاسة من يابس منق غير محترم، ولا عظم، ولا روث، فهو مجزئ إن شاء الله، وقولهم: غير محترم، أي: بورق فيه كلام باللغة العربية مثلاً، ولا تستنج بالعظم لأنه طعام إخواننا من الجن، ولا تستنج بالروث لأنه طعام دوابهم، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.

حرمة الاستنجاء باليمين وكراهة المكث الطويل في الحمام

ومن الآداب التي تعلمناها: ألا نستنجي بأيماننا؛ لأن اليمين جعلت لكل مكرم، بل الإنسان يستعمل يسراه، وقد ( نهانا صلى الله عليه وسلم أن يمسك أحدنا ذكره بيمينه )، وأن نستنجي بالميامن، والمطلوب أن الإنسان يستنجي بالشمال، ويبدأ بقبله قبل دبره، ويبل يده بالماء قبل ملاقاة النجاسة؛ لئلا يشتد تعلقها بيده.

ومن الآداب التي علمنا إياها نبينا صلى الله عليه وسلم: أن الإنسان إذا فرغ لا يطيل المكث، فإن ذلك المكان ليس بالمحل المستطاب، وإذا لبس ثيابه وخرج، يخرج بيمناه، ويدعو فيقول: ( غفرانك ).

هذه بعض آداب قضاء الحاجة التي تعلمناها من سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، وأذكر بقول ربنا جل جلاله: وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ [التوبة:108]، وبقول ربنا جل جلاله: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة:222].

موطن دعاء قضاء الحاجة

بقي أن أقول بأن الدعاء: ( بسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث )، إذا كان المكان معداً لقضاء الحاجة، مثل الحمامات التي نستعملها الآن، فالإنسان يقول الدعاء حال الدخول، يعني: إذا أراد الدخول، أما إذا كان المكان غير معد لذلك، كما لو كان في الخلاء، يعني: يكون في طريق سفر في البر، فيحتاج لقضاء حاجته، فإذا نزل في الخلاء فإنه يقول الدعاء قبل أن يجلس على الأرض، يعني: إذا دخل حماماً فيقول الدعاء قبل الدخول، أما إذا لم يكن مكاناً معداً فإنه يقول الدعاء قبل أن يجلس على الأرض.

النهي عن البول في الشق والظل وقارعة الطريق

وقد نهانا نبينا صلى الله عليه وسلم أن يبول أحدنا في الشق؛ لأنه قد يكون من مساكن الجن، فيتعرض الإنسان لأذىً من جراء ذلك.

وأيضاً نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نبول في الظل، وفي قارعة الطريق، وفي موارد الماء، والظل، أي: الأماكن التي فيها ظل من الشجر ونحوه نهينا عن البول فيها، ونهينا عن البول في موارد الماء، ونهينا عن البول في قارعة الطريق، وسماها النبي صلى الله عليه وسلم الملاعن الثلاثة؛ لأنها تستجلب اللعن، يقول الناس: لعن الله من فعل هذا، وهذا أصل في وجوب العناية بإصحاح البيئة، والحذر من أذية الناس.

أسأل الله عز وجل أن يعلمنا، وأن يطهرنا وأن يفقهنا، وأن يرزقنا العمل بما نعلم إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.

الأسئلة

ما يلزم من حفر بئراً فجاء إنسان فوقع فيها فمات

السؤال: رجل حفر بئراً وجاء إنسان فوقع في البئر ومات، هل يلزم صاحب البئر شيء؟

الجواب: نعم، تلزمه الدية؛ لأنه متسبب، فالقتل إما أن يكون قتلاً بالمباشرة، وإما أن يكون قتلاً بالتسبب.

فالمباشرة: أن يقتل إنساناً عمداً، أو شبه عمد، أو خطأ، وأما التسبب فهو نفس هذا المثال يذكره علماؤنا رحمهم الله، من حفر حفرة، أو حفر بئراً فجاء إنسان فوقع فيها فمات، فإن الدية لازمة لمن حفر تلك البئر.

أخذ المالكي من المذاهب الأخرى

السؤال: هل يجوز لشخص مالكي المذهب أن يأخذ من المذاهب الأخرى؟

الجواب: الشخص أحد رجلين: إما أن يكون طالب علم، وإما أن يكون عامياً، فإذا كان طالب علم فلا حرج عليه، إذا وجد الدليل الراجح في مذهب غير مذهبه المتبوع، يعني: لا حرج عليه أن يأخذ بما دل عليه الدليل، بل هذا هو المطلوب؛ لأن الأئمة رحمهم الله قد أمروا بذلك، فقال غير واحد منهم: كل قول قلته يخالف ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنا راجع عنه في حياتي وبعد مماتي. وقال بعضهم: إذا صح الحديث فهو مذهبي.

وقال بعضهم في الحث على العمل بالسنة كلاماً نحو هذا، فالشخص إذا كان طالب علم فإنه يتبع الدليل.

أما إذا كان عامياً، وهذا هو حال أكثر الناس، فإن مذهبه مذهب من يفتيه، سواء أفتاه على مذهب مالك أو على مذهب غيره من أهل العلم رحمة الله على الجميع.

المتصل: عندي عدة أسئلة يا دكتور: السؤال الأول: والدي توفي، وتركني أنا وأختي وأمي، ولم يترك مالاً، وإنما ترك لنا قطعة أرض، ونظراً لعمله في الحكومة استخرج له معاش، وعنده أخ شقيق وإخوة لأب، وهذا كان قبل عدة سنوات، وبعد فترة قطعة الأرض هذه اكتشفنا قبل فترة قريبة أنها ما توزعت حسب التوريث الشرعي، أريد الحكم الشرعي في توزيعها، هل نوزعها بسعر اليوم أم بحسب زمن التركة؟ وأيضاً نحن نتقاضى معاشاً شهرياً كان لأبي المتوفى، فهل هذا المعاش يكون للورثة كلهم أو للأبناء والزوجة فقط؟

السؤال الثاني: بالنسبة لأوقات الصلوات، نحن هنا في المنطقة التي نحن ساكنون فيها الأذان يتأخر عن وقت الصلاة، فهل ممكن بمجرد دخول الوقت إذا كان الإنسان يعرف الوقت حسب الأوقات المحددة في كتب الفقه أن يصلي، أو ينتظر الأذان؟

السؤال الثالث: بالنسبة لمصاحف التفسير هل يحوز أن أقرأها في حالة عدم طهر؟

تقسيم تركة من مات عن زوجة وبنتين وأخ شقيق وإخوة لأب

الشيخ: الأخت تذكر بأن الوالد رحمة الله عليه تركها وأختها وأمها، وعنده إخوة أشقاء وإخوة لأب، فنقول: قسمة التركة أن يكون للزوجة الثمن، وللبنتين الثلثان، وما بقي فللإخوة الأشقاء، وليس للإخوة من الأب شيء.

يعني: أن هذه السائلة وأختها لهما الثلثان، ولأمهما الثمن، وما بقي يرثه الإخوة الأشقاء تعصيباً، والإخوة من الأب ليس لهم شيء.

وأما بالنسبة لقطعة الأرض فإنها تقسم بين هؤلاء الورثة بسعر اليوم، وليس بسعرها حال وفاة الوالد.

وأما بالنسبة للمعاش فليس هو تركة، وإنما هو عطاء من الدولة، تكفل به من كان الميت ينفق عليهم حال حياته؛ ولذلك تنظمه اللائحة التي وضعها ولي الأمر ويصرف بها هذا المعاش، فليس المعاش تركة يقسم مثلما تقسم التركات؛ لأنه من المعلوم أن التركة ينال كل وارث حظه، غنياً كان أو فقيراً، كبيراً كان أو صغيراً، محتاجاً أو غير محتاج، أما بالنسبة للمعاش فإنما جعل من أجل كفالة أشخاص معينين إلى حين زوال حاجتهم، يعني: إلى أن تتزوج الأنثى، وإلى أن يبلغ الذكر مبلغ الرجال ويستغني ونحو ذلك.

صلاة المرأة بعد دخول الوقت وقبل الأذان عند تأخير المؤذنين له

الشيخ: أما بالنسبة للصلاة فإذا دخل الوقت فصلي أذّن الناس أو لم يؤذنوا؛ لأن كلام الأخت صحيح، يعني: بعض المساجد تتعمد أن تؤذن للعصر في الرابعة والنصف صيفاً وشتاء، قد يدخل الوقت أحياناً منذ الرابعة إلا ربعاً، أو الرابعة إلا عشر دقائق مثلاً، فهؤلاء يؤخرون الأذان نحواً من أربعين أو خمسين دقيقة، فهؤلاء لا نتقيد بهم، ولو أنها أرادت أن تصلي تصلي.

وبالنسبة لنا معشر الرجال فنحن مضطرون للتأخر؛ لأن صلاتنا في المسجد، أما بالنسبة للمرأة، فإذا تيقنت من دخول الوقت، إما بأنها كانت تعرف العلامات، أو سمعت الأذان في الإذاعة مثلاً أو التلفاز، فإنها تصلي ولا حرج إن شاء الله.

مس المرأة لكتب التفسير وهي حائض

الشيخ: يجوز للمرأة في حالة عدم طهرها أن تقرأ المصاحف المفسرة؛ لأنه لا ينطبق عليه وصف المصحف، الذي ليس فيه إلا كلام الله جل في علاه.

المتصل: عندي سؤالان:

السؤال الأول: حصل مني سهو في العصر، وما تذكرته إلا في المغرب، فماذا أفعل؟

السؤال الثاني: عندي سيارة أملكها، هل عليها زكاة؟

الشيخ: شكراً لك يا أبا سليمان نجيبك إن شاء الله.

المتصل: عندي سؤال: رجل متزوج بامرأتين، عنده من الأولى ولدان ومن الثانية ولد وبنت، توفي الرجل، ثم إن ولده من الثانية اشتغل واجتهد وجمع له مالاً فتزوج لكنه مات، فكيف تقسم تركته؟

الشيخ: شكراً لك، نجيبك إن شاء الله.

المتصل: عندي سؤالان:

السؤال الأول: عندنا في المسجد إمام الحي يقرأ في صلاة الصبح والمغرب والعشاء من حفظه المصحف بالترتيب حتى يختم، هل هذا العمل سنة أو بدعة؟

السؤال الثاني: بالنسبة للعمل في مجال الأعمال الحرة والمعدات هل على معدات العمل زكاة؟

الشيخ: أبشر يا أيها السر أجيبك إن شاء الله.

المتصل: عندي سؤالان:

السؤال الأول: أسأل عن مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وأريد أن أتأكد هل ولد الرسول صلى الله عليه وسلم في الثاني عشر بالضبط؟ وبعض الناس يرددون: الكرامة الكرامة فهل هذا الكلام شرعي؟

السؤال الثاني: أسأل عن صلاة الجماعة، هل تكبر فيها جهراً أو سراً، وكذلك السلام بالجهر أو بالسر؟

الشيخ: نجيبك إن شاء الله.

المتصل: الله يكرمك يا شيخ! عندي ثلاثة أسئلة:

السؤال الأول: إنسان لا يصلي إلا في رمضان فما حكمه؟

السؤال الثاني: إنسان حلف بالطلاق أنه لا يفعل الشيء الفلاني لكنه رجع إليه مرة أخرى؟

والسؤال الثالث: حدثنا عن قاطع الرحم وتارك الصلاة عمداً؟

الشيخ: أجيبك إن شاء الله.

زكاة السيارة المعدة للاستخدام والإيجار

الشيخ: أخونا أبو سليمان من بور سودان، سيارتك الملاكي ما فيها زكاة يا أخي، فلو أن إنساناً أنعم الله عليه فاقتنى سيارة مرسيدس مثلاً أو لاندكروزر أو كذا، وهي ما في شك بأنها تبلغ النصاب وزيادة، بل أضعافاً مضاعفة، لكن هذه ليست فيها زكاة؛ لأن الزكاة مطلوبة فيما أعد للتمول والنماء، أما الشيء الذي أعد للاستخدام الشخصي، كالبيت الذي تسكنه، والسيارة التي تركبها، والثياب التي تلبسها، وكذلك الحلي التي تتزين بها المرأة، فهذه كلها ما فيها زكاة.

أما إذا كان يقصد أن له سيارة يملكها، ولكنها تعمل، يعني مستأجرة كالحافلات والتكاسي وما أشبه ذلك، فهذه أيضاً ليس فيها زكاة في ذاتها، وإنما الزكاة في ريعها، يعني: في الإيراد الذي تدره، إذا بلغ نصاباً وحال عليه الحول.

أما إذا كان الشيء الذي تدره تلك المركبة يستخدم في المطعم، والمشرب، والملبس، والمسكن وما إلى ذلك فأيضاً ما عليك زكاة.

ما يلزم من سها في صلاة العصر ولم يتذكر السهو إلا في المغرب

السؤال: أبو سليمان يقول: بأنه سها في العصر ولم يتذكر إلا في المغرب؟

الجواب: إذا كان هذا السهو عن ركن من أركان الصلاة، وفريضة من فرائض الصلاة وطال الفصل، فلا بد من إعادة الصلاة، فمثلاً: لو أن إنساناً صلى العصر ثلاث ركعات، ثم بعد ذلك ما تذكر إلا في المغرب، فهنا الفصل طال، فلا بد من أن يعيد صلاة العصر، أما إذا كان السهو عن سنة خفيفة كما يسميها علماؤنا، أو حتى عن سنة مركبة، فما من حرج إن شاء الله، والصلاة صحيحة.

تقسيم تركة من مات عن أم وزوجة وأخت شقيقة وأخوين لأب

السؤال: أخونا عمر من كسلا: سأل عن رجل تزوج امرأتين، وأنجب من الأولى غلامين، ومن الثانية غلاماً وجارية ثم توفاه الله، وهذه الثانية غلامها وفقه الله فعمل وتمول، ثم بعد ذلك مات بعدما تزوج، فكيف تكون قسمة تركته؟

الجواب: لزوجته الربع؛ لعدم وجود الفرع الوارث، ولأمه السدس لوجود الأخت، وأخته لها النصف، ومعنى ذلك: أن هذه التركة ستقسم على اثني عشر سهماً، فيكون لزوجته الربع أي: ثلاثة أسهم، ولأخته النصف أي: ستة أسهم، فهذه تسعة، ولأمه السدس أي: سهمان، وما بقي يكون لإخوته من أبيه.

ترتيب الإمام لسور القرآن في الصلاة الجهرية

السؤال: أخونا السر من الشعبية بحري، سأل عن إمام يصلي بالناس وهو حافظ يقرأ بالترتيب، يعني: يفتتح البقرة يقرأ بها في المغرب، والعشاء، والصبح إلى أن يتمها، ثم ينتقل بعدها إلى آل عمران، ثم النساء إلى أن يصل إلى سورة الناس، يقول: هل هذا سنة؟

الجواب: ليس سنة ولا بدعة، فما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بالترتيب، ولا نهى صلى الله عليه وسلم عن القراءة بالترتيب، وإنما هو داخل تحت عموم: فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ [المزمل:20]، وقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: ( ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن )، فإذا رأى الإمام أن يسمع الناس المصحف كله فلا حرج في ذلك إن شاء الله، ولا يوصف صنيعه بأنه بدعة، ولا أنه سنة، شريطة: ألا يطيل بالناس إطالة مملة، وشريطة: أن يقف وقوفاً صحيحاً على معنىً تام، وكذلك أن يبدأ بداية صحيحة؛ لأن بعض الأئمة ما يتقيد.

وأذكر أن إماماً مرة من المرات قرأ من سورة الواقعة إلى أن بلغ ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ [الواقعة:51]، وركع، سبحان الله! كيف يقف الإنسان على موضع لا يتم به المعنى.

ومثله أيضاً: أحد الأئمة قرأ: وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]، فقال الناس: آمين، ثم قرأ: إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ [الغاشية:25-26]، وهذا ليس موضعاً يفتتح به، فلا بد للإنسان أن يحسن الابتداء ويحسن الوقف.

حكم المولد النبوي

السؤال: آدم من كسلا سأل عن حكم المولد النبوي؟

الجواب: الاحتفال بالمولد مشروع إذا كان على الصورة المشروعة، والصورة المشروعة التي سنها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صيام يوم الإثنين، فقد كان صلى الله عليه وسلم يصوم الإثنين ولما سئل عنه قال: ( ذاك يوم ولدت فيه )، عليه الصلاة والسلام.

وأيضاً لو أن الناس احتفلوا بمولده، بمعنى: أنهم يحيون سنته، ويتعلمون شريعته، ويعظمون هديه، ويتعرفون على شمائله وأيامه ومغازيه صلوات الله وسلامه عليه، فأنعم وأكرم.

أما الاحتفال الذي يفعله الناس الآن، فيدقون الطبول، ويعزفون المزامير، ويكثرون من الطعام والشراب، والسهر، والغناء، واللهو والسمر، ويختلط الحابل بالنابل، والرجال بالنساء وما إلى ذلك، فهذه احتفالات ما أنزل الله بها من سلطان، ونبينا عليه الصلاة والسلام بريء منها.

ما يجهر به المأموم من التكبير في الصلاة وما يسر

السؤال: أخونا سأل عن التكبير والتسليم هل يجهر به أو يسر؟

الجواب: يجهر بتكبيرة الإحرام، وتسليمة التحليل يجهر بها، وما سوى ذلك فالمأموم يسر به ولا يجهر.

حكم رجل لا يصلي إلا في رمضان

السؤال: أخونا محمد أحمد من المناقل سأل عمن لا يصلي إلا في رمضان؟

الجواب: هذا إنسان مسكين، يعبد رمضان ولا يعبد الله الواحد الديان جل جلاله، والصلاة فرض الله عز وجل على كل مسلم، منذ أن يبلغ الحلم إلى أن تفارق الروح الجسد، يصلي على الحالة التي يستطيعها، ولا تسقط الصلاة عن مسلم بحال، اللهم إلا الحائض والنفساء، وهؤلاء نذكرهم بقول ربنا: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5]، وبقول ربنا: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئًا [مريم:59-60]، ونذكرهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، كلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، فأولهن نقضاً الحكم، وآخرهن الصلاة ).

قطيعة الأرحام

الشيخ: أما قاطع الرحم فهو ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي كتاب ربنا: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22-23]، ولذلك علينا أن نحرص على صلة أرحامنا، وأن نحذر من قطيعتها.

الحلف بالطلاق

الشيخ: أما من حلف بالطلاق ثم رجع، فإن كانت نيته طلاقاً فإنه يقع طلاقاً، وإن كانت نيته يميناً فتلزمه كفارة يمين.

المتصل: عندي سؤالان:

السؤال الأول: أريد أن أعرف الملابس الجديدة قبل أن تغسل هل يمكن للرجل أن يصلي بها؟

السؤال الثاني: هناك شيء أعمله في الصلاة وفي الصوم، يعني: لما أصلي الفريضة، ويحصل لي سهو في الركعتين الأوائل قبل التشهد، أو مثلاً شخص يدق الباب، فأقوم أُسلم وأحسب الركعتين نافلة، لكي أركز في الصلاة، أعني: أني أسلم بعد التشهد الأول وأعتبرها نافلة؟

وأيضاً كنت صائمة قضاء، واكتشفت أنه يوم ثلاثة عشر وقت الظهر فقمت وغيرت النية، وصمت ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر، فهل تغيير النية في الصلاة وفي الصوم يجوز أم لا؟

الشيخ: نجيبك إن شاء الله.

المتصل: هناك نوع من الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، يقول: اللهم صل صلاة كاملة، وسلم سلاماً تاماً، على سيدنا محمد الذي تنحل به العقد، وتنفرج به الكرب، وتقضى به الحوائج، وتنال به الرغائب وحسن الخواتم، ويستسقى الغمام من ذكره الكريم، وعلى آله وصحبه وسلم، في كل لمحة ونفس، بعدد كل معلوم لك يا ألله، يا حي يا قيوم! وعند عدد معين وهو أربعة ألف وأربعمائة وأربعة وأربعين مرة، يقول: فتقضي الحاجة، وتبدل إلى الخيرات، فهل هذه الصلاة جائزة أم لا؟

الشيخ: طيب أبشر.

المتصل: رجل استشهد وترك خمسة أطفال، والوالدان حيان، وبعد خمس سنوات من استشهاده منحته الحكومة معاشاً وحقوقاً، وبعد تطبيق الشيك وقبل صرفه زوجته الأرملة تزوجت، هل لها حق في الميراث، وهل لها حق في المعاش أم لا؟

الشيخ: نجيبك إن شاء الله.

المتصل: عندي سؤالان:

السؤال الأول: عندنا جماعة بعض الناس يعتبرونهم أحسن ناس أو أحسن فرقة، وآخرون يعتبرونهم ما يساوون أي شيء؟

السؤال الثاني: شخص طالب علم، هل يحمل الناس على فهمه أو فهم العوام أو فهم مذهب معين، يعني: إذا كان هناك مسألة معينة فيها خلاف فقهي، فهل يُعلم الناس الخلاف الفقهي، أو يعلمهم برأيه الذي يكون مقتنعاً به، أو برأي المذهب المعين؟

الصلاة بالملابس الجديدة قبل غسلها

السؤال: أختنا إيمان من بور سودان، سألت عن الملابس الجديدة، تقول: هل يصح أن أصلي فيها قبل أن أغسلها؟

الجواب: يصح ويصح ويصح، فليس من شرط صحة الصلاة أن الملابس الجديدة تغسل أولاً، فهذا ما أنزل به من سلطان؛ لأن الأصل في الجمادات كلها الطهارة، إلا ما ذكر العلماء نجاسته استدلالاً بالنصوص كالخمر أو المسكرات المائعات فإنها نجسة عند جماهير العلماء، أما غير ذلك فالجماد ومنه الثياب الأصل فيه أنه طاهر، اللهم إلا إذا تنجس، يعني: إذا طرأ عليه ما يسلبه صفة الطهارة، فهذا شيء آخر.

تحويل النية أثناء الصلاة أو أثناء الصيام

السؤال: الأخت تذكر بأنه إذا طرق الباب طارق وهي تصلي فإنها تسلم وتعتبرها نافلة؟

الجواب: هذا خطأ يا إيمان ، بل الواجب عليك التمادي في صلاتك، والإنسان لا يجوز له أن ينصرف من صلاته إلا إذا حصل ناقض، يعني: إذا أحدث أو مثلاً تذكر بأنه غير متوضئ، ففي هذه الحالة يخرج من صلاته، أما لمجرد أن الباب طرقه طارق ينصرف الإنسان عن صلاته ويقول: هذه نافلة. فنقول: لا يصلح تحويل النية لا في الصلاة، ولا في الصيام؛ لأن النية سابقة على العمل.

حكم هذه الصيغة في الصلاة على النبي: (اللهم صل صلاة كاملة، وسلم سلاماً تاماً، على سيدنا محمد ...)

السؤال: الأخت آمال من الدامر، ذكرت صيغة للصلاة على نبينا صلى الله عليه وسلم: اللهم صل صلاة كاملة، وسلم سلاماً تاماً، على سيدنا محمد الذي تنحل به العقد، وتنفرج به الكرب، وتقضى به الحوائج .. إلى آخر ما قالت؟

الجواب: الذي يظهر بأن هذه الصلاة ليس فيها محذور شرعي، فإن نبينا صلى الله عليه وسلم الصلاة عليه تقضى بها الحوائج، وتفرج بها الهموم، وتنفس بها الكروب، وغير ذلك من الأمور العظائم.

لكن التحديد بهذا العدد أربعة آلاف وأربعمائة وأربعة وأربعين مرة، هذا ما أنزل به من سلطان، وقد يأتي آخر ويقول: لا، بل صلوا ثلاثة آلاف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثين، ويأتي ثالث فيقول: لا، بل خمسة آلاف وخمسمائة وخمسة وخمسين.

إذاً: بالنسبة للأعداد لا يملك التحديد فيها إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو طبيب القلوب، حدد لنا أعداداً فمثلاً: قال: ( من صلى علي عشراً حين يمسي، وعشراً حين يصبح حلت له شفاعتي يوم القيامة )، فنقول: الذي يريد الشفاعة يتقيد بهذا العدد. ومثله كما قال صلى الله عليه وسلم: ( من قال: سبحان الله وبحمد مائة مرة، غفرت له ذنوبه، وإن كانت مثل زبد البحر )، و( من قال: سبحان الله مائة مرة كتبت له ألف حسنة، أو محيت عنه ألف خطيئة )، فهذا يملكه عليه الصلاة والسلام؛ لأنه لا ينطق عن الهوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:4]، أما أنا أو ذاك أو هذا، إذا قال: من قال: كذا فله كذا، ومن قال: كذا حصل له كذا، فما عندنا إلا أحد احتمالين:

إما أن هذا الشخص يوحى إليه.

وإما أنه يفتري ويكذب.

ولذلك نقول: لا تحدد، بل نقول للناس: صلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما استطعتم، فمن استطاع أن يأتي بعشرة آلاف مرة فعل، ومن استطاع أن يأتي بألف مرة فعل، ومن استطاع أن يأتي بمائة مرة فعل، لكل وجهة هو موليها، والناس في ذلك طاقاتهم مختلفة، فبعض الناس موفق، قال لي أحد الإخوة وهو سائق سيارة: أنا دائماً في أثناء السواقة أستغفر الله عز وجل آلاف المرات في اليوم، فهذا يغبط على تلك الحال، سبحان الله كم من الناس يلغو، وكم من الناس يتكلم بالكلام المحرم والكلام الباطل، فهذا الإنسان الموفق وهو يقود سيارته مشغول بالاستغفار، فهو على خير عظيم، فأقول: صلوا على النبي صلى الله عليه وسلم، لكن دون أن تحددوا لذلك حداً.

ميراث المرأة من زوجها الأول بعد زواجها بآخر

السؤال: أبو محمد من بحري، ذكر أن رجلاً استشهد وترك والدين وخمسة أطفال، استخرجت له حقوق من الدولة، وأرملته تزوجت بعده. يقول: هل لها حق في الميراث أو المعاش؟

الجواب: أما الميراث فنعم، لها حق في الميراث، يعني: طالما أنه مات وهي زوجته فإنها ترث مما ترك الثمن. أما بالنسبة للمعاش يا أخي فأنا أكرر: المعاش ليس ميراثاً، وإنما المعاش عطية من الدولة لكفالة من كان هذا المتوفى ينفق عليهم حال حياته، فالمعاش يصرف للأولاد، وكذلك للوالدين إن كانا محتاجين، أما هذه التي تزوجت فليس لها في المعاش حق.

التحذير من تزكية النفس، وبيان ما يلزم طالب العلم إذا سئل

السؤال: أما المتوكل من مدني، فذكر أن جماعة ترى نفسها أنها أحسن الجماعات، فما حكم ذلك؟

الجواب: الذي يرى نفسه أحسن الناس أو أحسن شخص، هذا إنسان مخذول، أو يرى جماعته أحسن الجماعات، هذا إنسان مسكين على خطر عظيم؛ لأن الإنسان العاقل دائماً يتهم نفسه، ودائماً يرى نفسه دون الناس، فإذا خرجت في الطريق ورأيت مسلماً صغيراً، فقل: سبحان الله! هذا خير مني ما تلوث بالمعاصي مثلما تلوثت، وإذا رأيت شيخاً طاعناً في السن، فقل: سبحان الله هذا خير مني، فقد صلى ما لم أصل، وصام ما لم أصم، وأتى بخيرات كثيرات في عمر طويل، وما أتيت بمثلها ولا بنصفها، هكذا الإنسان دائماً يتهم نفسه، وهكذا كان الصالحون رحمة الله عليهم أجمعين، دائماً الواحد منهم يرى نفسه مقصراً مذنباً مخطئا؛ ولذلك سيدنا عمر في سكرات الموت يقول: ويل لـعمر إن لم يرحم رب عمر عمر، وأبو بكر رضي الله عنه كان يمسك لسانه ويقول: هذا الذي أوردني المهالك، وعلي كان يقول: يا دنيا غري غيري أإليّ تعرضت، أم إلي تشوقت هيهات هيهات، لقد طلقتك ثلاثاً لا رجعة فيها، ونحو ذلك.

أما إنسان يقول: أنا ولي، أنا صالح، أنا تقي، أنا أفضل الناس، جماعتنا أحسن الجماعة، ودماؤنا أنقى الدماء، وقبيلتنا خير القبائل، ونحن السادة، ونحن القادة، فمثل هذا مخذول.

ولذلك قال العلماء: يحذر الإنسان من ثلاث كلمات: أنا، ولي، وعندي، (أنا) قالها إبليس: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ [الأعراف:12]، و (لي) قالها فرعون: أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ [الزخرف:51]، و (عندي) قالها قارون : قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي [القصص:78].

فإذا كان الإمام طالب علم، فإنه يبين للناس ما يدين الله به، يعني: إذا سئل سؤالاً، فليس مطلوب منه أن يقول: اختلف العلماء في هذه المسألة على ستة أقوال: القول الأول: كذا، والقول الثاني: كذا، ودليل هذا كذا، ودليل هذا كذا؛ لأن مثل هذا مع عامة الناس لا يصلح؛ لأنك ستعرضهم لبلبلة وخلخلة، وربما يدور في أذهان بعضهم شبهة: إذا كان الدين واحداً فلمَ هذا الاختلاف، ومثل هذا إنما يعرض على طلبة العلم، وعلى الباحثين، أما بالنسبة لعامة الناس إذا سألوك سؤالاً، فأجب بما ترى أنه حق، وأنك تدين الله عز وجل به.

معنى قوله عليه الصلاة والسلام: (اذكروا محاسن موتاكم)

السؤال: ما المقصود بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( اذكروا محاسن موتاكم )؟ وما الحكمة من ذلك؟

الجواب: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تسبوا الموتى، فإنهم أفضوا إلى ما قدموا )، يعني: الميت لو استطعت أن تذكر ما فيه من محاسن وأمور طيبات فبها ونعمت، وإذا لم تستطع فاسكت، ولا تقل: الميت هذا كان كذا، وكان كذا، وكان كذا، فإنه بين يدي رب كريم، يعطي الجزيل، ويغفر الذنب الكثير.

وأوصيكم في الختام: بأن تكثروا من الصلاة والسلام على خير الأنام فقد قال: ( إن من خير أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا من الصلاة علي فيه، فإن صلاتكم معروضة علي، قالوا: كيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت؟ -يعنون: بليت- قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ).

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , ديوان الإفتاء [299] للشيخ : عبد الحي يوسف

https://audio.islamweb.net