اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , ديوان الإفتاء [270] للشيخ : عبد الحي يوسف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله، والحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
إخوتي وأخواتي مرحباً بكم في حلقة جديدة من ديوان الإفتاء.
المتصل: أنا كان عندي دين، واقترضت بعضاً من المال من زميلي، وبعد أن سددت له نصف المبلغ جاء قدر الله فتوفي، فأصبح عندي نصف المبلغ ولا أعرف عنوانه ولا مكان سكنه، وإنما كان زميلي في العمل، وكنت طلبت منه مساعدة فساعدني، لكن سددت له نصف الدين، فحال الموت بيني وبينه حتى أسدد له النصف الثاني فهل من الممكن أن أتصدق عليه بالمبلغ، أو أبحث عن أهله وأولاده وأعطيهم إياه؟
الشيخ: طيب، أبشر إن شاء الله أجيبك.
المتصل: عندي ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: من هم الأقوام الذين مر عليهم ذو القرنين المذكورين في سورة الكهف، الذين هم في مغرب الشمس ومطلع الشمس وبين السدين؟
السؤال الثاني: هل ذو القرنين هو الإسكندر الأكبر، أو هو شخص آخر؟
السؤال الثالث: في سورة النحل ذكر الله سبحانه وتعالى مثلين في الآية الرابعة والسبعين، والآية الخامسة والسبعين، ففي الآية الرابعة والسبعين: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ [النحل:75]، وفي الآية الخامسة والسبعين: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ [النحل:76]. فما هو تفسير المثلين، وما المقصود بهما جميعاً؟
الشيخ: سأجيبك إن شاء الله.
المتصل: قبل شهرين حصل اختلاف بيني وبين زوجتي، وقد كنت طلقتها والسبب أننا كنا ساكنين في الجزيرة، وقمنا برحلة إلى الخرطوم مع أهلها، ولم يعجبني الوضع، وقلت: لا بد أن نرجع فرفضت فغشاني الشيطان وطلقتها! وأنا لا أريدها أبداً، ولكن أهلي غصبوني أن أرجعها! فذهبنا إليها ورفضت أن ترجع، وما زالت المحاولة مستمرة وهي رافضة!
علماً أنني أرجعتها بعد أسبوع من الطلاق.
الشيخ: أبشر، أجيبك إن شاء الله.
المتصل: عندي ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: حدثنا عن التوبة؟ وهل للإنسان إذا أراد أن يكون على توبة متواصلة أن يذكر لفظ: ( اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك)، أم لا بد أن يتذكر ما جنى من الذنوب ويتوب؟
والسؤال الثاني: كنت أتعامل في معاملة تجارية، فأذهب مع بعض إخوتي إلى السوق، ويأتي واحد من المعارف ويقول لي: أريد أن أشتري الموبايل وأنا ما عندي مكان ثابت، لكن أقول له: أنا أشتريه مثلاً: بمائة وخمسين، فيعطيني المال فأذهب وآخذه بأقل منه، كأن أشتريه بمائة وثلاثين، أو مائة وأربعين، وقيمته الحقيقية بمائة وخمسين باتفاق، فأذهب وآخذه وأعطيه، والفضل من القيمة آخذها لي، فهل هذا الشيء حرام؟
السؤال الثالث: حدثنا عن النبي ذي الكفل، عن حياته، وعن قومه؟
الشيخ: أبشر إن شاء الله.
الشيخ: أخونا صلاح الدين سأل عن ذي القرنين ؟
فأقول: ذو القرنين عبد صالح ذكر الله خبره في سورة الكهف، وهذا العبد الصالح مختلف فيه، هل كان نبياً مرسلا، أو كان ملكاً عادلاً، عبداً لله صالحاً؟ فهذه من المسائل المختلف فيها، ونعلم بأن هناك أناساً صالحين مشكوكاً في نبوتهم، فهناك أناس ما يدرى أنبياء كانوا أم أولياء، ومنهم: الخضر عليه سلام الله، وذو القرنين عليه سلام الله، ولقمان العبد الصالح الذي سميت سورة كاملة باسمه، وإن كان جماهير العلماء على أن لقمان كان عبداً لله ناصحاً، ورضوان الله على الجميع، فهؤلاء لا يدرى هل كانوا أنبياء؟ أم لم يكونوا أنبياء؟
ولقب ذو القرنين بهذا اللقب قيل: لأنه كان كريم الأبوين، وقيل: لأنه كان ذا ضفيرتين، ومن كان ذا ضفيرتين يلقب بذي القرنين، وقيل: لأنه قام فدعا قوماً فشجوا قرنه، فقام ودعاهم إلى الله فشجوا قرنه الآخر، وهذا العبد الصالح ليس هو الإسكندر المقدوني، أو ما يعرف بـالإسكندر الأكبر، فإن هذا الإسكندر كان وزيره أرسطو طاليس، أما هذا العبد الصالح فقد كان وزيره الخضر عليه السلام.
وقد ذكر ربنا جل جلاله أن هذا العبد الصالح كان يسير سيرةً عادلة، فكان يسير في الناس بالسوية، ويعدل في القضية، وأنه ملك المشارق والمغارب، كما قيل: ملك الأرض مسلمان وكافران: أما المسلمان فـذو القرنين وسليمان، وأما الكافران: فـالنمرود ، و بختنصر ، والنمرود هو العبد الفاجر الذي ذكر الله خبره في سورة البقرة، الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ [البقرة:258]، وبلغ به عرام الكفر أن يقول: أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ[البقرة:258].
و بختنصر هذا الملك البابلي الوثني الذي ذكر الله خبره في صدر سورة الإسراء حين قال: بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا [الإسراء:5] ، فهو الذي دخل بلاد الشام وأذل بني إسرائيل، وساق منهم الألوف المؤلفة أسرى، وهي ما يعرف في تاريخ بني إسرائيل بمرحلة (الأسر البابلي).
فالمقصود: بأن ذا القرنين عليه السلام ذكر الله خبره بأنه بلغ أقصى الأرض عند مغرب الشمس، وبلغ طرفها الآخر عند مشرق الشمس، وبلغ بين السدين، وأين السدان؟ الله أعلم، ولذلك أقول لأخينا صلاح الدين : بأن قصص القرآن غالباً تهمل ذكر المكان تعييناً، والزمن تعييناً، وأحياناً تغفل ذكر أسماء الأشخاص، وعند أهل التفسير قاعدة يسمونها (مبهمات القرآن)، فيقولون: كلما أبهمه القرآن فلا فائدة في تعيينه.
فمثلاً: قال الله عز وجل: وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ[القصص:11]، من أخت موسى؟ القرآن أبهم هذا الأمر.
ومثلاً: في خبر أصحاب الكهف، قال الله عز وجل: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا [الكهف:9] ، أين كان الكهف؟ فالقرآن أهمل هذا الأمر.
ولذلك المفسرون يقولون: كان السد قبل أرمينيا وأذربيجان، وقيل: قبل بحر القلزم، وقيل: كذا، وهذا كله لا فائدة في تعيينه، وإنما المراد بيان العبرة، واستخلاص الفائدة، كما قال ربنا: لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى[يوسف:111].
الشيخ: قول ربنا جل جلاله في سورة النحل: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ * وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهُّ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [النحل:75-76]، فالله جل جلاله ينبه هؤلاء المشركين أنهم يعبدون آلهة هم خير منها، يعني: هؤلاء العابدون خير من معبوداتهم، فهؤلاء: أبو جهل، و أبو لهب ، وأمثالهم، يسمعون، ويبصرون، وينطقون، ويمشون، ويرجعون، ويأكلون، ويشربون، ويتصرفون، ولهم قدرة على أن يحدثوا أمورا، أما هذه الأصنام فإنها لا تسمع، ولا تبصر، ولا تعقل، ولذلك قال إبراهيم عليه السلام لأبيه: يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا [مريم:42] ، ولما قرب الطعام إلى الأصنام قال: أَلا تَأْكُلُونَ * مَا لَكُمْ لا تَنطِقُونَ * فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ [الصافات:91-93].
ثم بعد ذلك علق السيف في عنق كبيرهم، ولما جاءه قومه يحاجونه: أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنطِقُونَ [الأنبياء:62-63]، فالله عز وجل يضرب المثل لهذه المعبودات الباطلة بأنها لا تأتي بخير، ولا تنفع، ولا تضر، ولا تعطي، ولا تمنع، ولا تحدث شيئاً أصلاً، وكما قال ربنا سبحانه: وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ [العنكبوت:43].
السؤال: بالنسبة لأخينا الأمين من الجزيرة، ذكر بأنه كان يسكن في قرية ومحلة قومه، ثم ارتحل إلى الخرطوم وما طابت نفسه بالبقاء فيها، فطلب من زوجه الرجوع فأبت فطلقها.
الجواب: أولاً: يا أخانا! ليس الطلاق هو العلاج الأمثل، ولا هو العلاج الأول، بل هناك مراحل لا بد للإنسان أن يقطعها، ووسائل لا بد أن يتبعها من أجل أن يصلح الخلاف الذي يطرأ مع زوجه، ثم بعد ذلك الطلاق هو الحل الأخير إذا تعثرت الحياة، لكن الإنسان لا يلجأ إلى الطلاق مباشرة. وعلى كل حال أنت طلقتها ثم راجعتها في العدة ورجعت شاءت أم أبت، وهي الآن زوجك؛ لأن الله تعالى قال: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا[البقرة:228].
والواجب على المرأة أن تتقي الله عز وجل وأن ترجع؛ لأن الله عز وجل قال: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ[النساء:128] ، وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ[النساء:128]، فنقول للمرأة: الصلح خير، واتقي الله عز وجل وعودي إلى زوجك لعل الله -عز وجل- يصلح ما بينكما.
الشيخ: بالنسبة لسؤال أخينا محمد من أمبدة، في قضية التوبة.
فنقول: يا محمد! التوبة واجبة من كل ذنب، أسأل الله أن يتوب علي وعليك وعلى المسلمين أجمعين.
والتوبة لازمة في حق كل إنسان؛ لأن ( كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون )، وهذه التوبة لا بد أن يصحبها عمل قلبي، ولا بد أن يصحبها لفظ قولي، أما العمل القلبي فهو الندم، فالإنسان يندم على ما فرط منه في حق الله -عز وجل-، ثم القول اللفظي يقول: اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك، أو يقول: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، أو يقول: ( اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت )، والله عز وجل وعد بأن يتوب على من تاب: ( إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس مغربها )، وقد قال في القرآن: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82] .
وهذه التوبة تحتاج إلى تجديد؛ لأن الإنسان لا يخلو من ذنوب وتقصير.
السؤال: بالنسبة لسؤاله الثاني يقول: بأن شخصاً ما يطلب هاتفاً جوالاً فيخبره بأن قيمة الهاتف مائة وخمسون جنيهاً، ثم بعد ذلك يذهب فيشتريه بمائة وثلاثين أو مائة وأربعين؟
الجواب: نقول لك: هذه المعاملة تختلف، إذا كانت على سبيل البيع فلا يحل لك أن تبيع ما ليس عندك، فلا تبع ما ليس عندك، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( لا تبع ما لا تملك).
أما إذا كان على سبيل الوكالة، بأن وكلك هذا الشخص فقال لك: اشتر لي هاتفاً جوالاً، فقلت له: الهاتف اسمه كذا، ومواصفاته كذا، وخدماته كذا، وقيمته كذا، فيرضى ويعطيك الثمن ويوكلك في الشراء فتشتريه وتجتهد في أن تحصل عليه بما هو دون هذا الثمن، فلا بأس إذا كان على سبيل الوكالة، فتخبره أن الهاتف ليس عندك، وإنما أنت ستبتاعه، وتبحث عنه في السوق، فهذه وكالة في الشراء، ولا حرج في ذلك إن شاء الله.
المتصل: لدي سؤالان:
السؤال الأول: ما حكم تحويل الرصيد؟
السؤال الثاني: هل يجوز لنا إرسال بعثات إسلامية للجنوب لندعوهم إلى الإسلام، وإلا يجوز فصل ... لأنه تابع لدولة إسلامية؟ فما رأي الشيخ في الحكم هذا؟ جزاك الله خيراً!
الشيخ: طيب، وإياك، أكرمك الله.
المتصل: ما معنى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( من صلى علي ألف صلاة حرم الله جسده من النار ) وبعدما يصلي على الرسول هل يدخل النار إذا عمل سيئات؟
الشيخ: طيب، أجيبك إن شاء الله.
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: هل عقد الخال إذا كان ولي العروسة يكون باطلاً؟
السؤال الثاني: ما الفرق بين الولاية والوكالة؟ مثال ذلك: الأب يكون موجوداً ويوكل أخاه أو عمه؟
الشيخ: طيب، أبشري إن شاء الله.
المتصل: الله يبارك فيك! أنا عندي سؤال في سورة البقرة، قول الله تعالى: مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:81]، أريد تفسيرها؟
الشيخ: سأجيبك إن شاء الله.
السؤال: أخونا محمد يسأل عن ذي الكفل هل كان نبياً؟
الجواب: نعم، كان نبياً، وقد ذكره الله -عز وجل- في جملة الأنبياء لما ذكر ثمانية عشر نبياً في سورة الأنعام، قال سبحانه: وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ[الأنعام:83-86]، هؤلاء الثمانية عشر نبياً ذكروا في موضع واحد من سورة الأنعام.
ثم هناك سبعة آخرون ذكروا في مواضع متفرقة من القرآن كـآدم، وإدريس، وهود، وصالح، وشعيب، وذي الكفل، وخاتمهم وأفضلهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وذي الكفل سلام الله عليه وشأنه شأن إلياس، فإن القرآن الكريم ما فصل في أخبارهم كثيراً، ونحن نعلم بأن هناك أنبياء ذكروا مراراً، وتكررت قصصهم في القرآن كموسى، وإبراهيم، ونوح صلوات الله وسلامه عليهم.
وهناك أنبياء ذكروا في القرآن، مثلاً: في سورة واحدة بالتفصيل كيوسف عليه السلام، وبعضهم ذكر في موضع واحد، مثلاً: كإلياس، وذي الكفل، فمثلاً: إلياس ذكر في سورة الصافات: وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ * أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ * اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ * إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ * سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ [الصافات:123-130].
وكذلك ذو الكفل عليه السلام، ذكره الله عز وجل في سورة (ص) حين قال: وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ * إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ * وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الأَخْيَارِ [ص:45-48].
فمثلاً: ذو الكفل ذكر ولم يفصل القرآن في خبره، ومعلوم بأن هذه العقائد يتوقف فيها على السمع، ولا مدخل فيها للعقل، وإنما التعويل فيها على الأدلة السمعية.
السؤال: أخونا محمد المصطفى من السعودية يسأل عن تحويل الرصيد؟
الجواب: لا مانع يا محمد في تحويل الرصيد، ولو وصل بأقل مما حول، فمثلاً أنت تحول مائة فتصل خمسة وتسعين فلا مانع في ذلك؛ لأن الرصيد بمجرد دخوله في الجهاز تحول إلى وحدات، فلا مانع من أن يصل زائداً أو ناقصاً؛ لأنه صار سلعة من السلع.
الشيخ: التوجع من قضية فصل الجنوب، نسأل الله جل جلاله أن يقدر الخير حيث كان، والله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم الخير، ولا نعلمه نحن، وكما قال: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [البقرة:216].
فقضية اقتطاع جزء من أي وطن إسلامي، فإن المسلم يتوجع له ويألم لحصوله، ولو كان ذلك في إندونيسيا، يعني: لما انفصلت تيمور الشرقية عن إندونيسيا المسلم يتوجع ويألم لهذا الجزء الذي اقتطع.
لكن بالنسبة لقضية الجنوب من الناحية الفقهية فهي تحتاج إلى تكييف، هل هي دار إسلام؟ يعني: هل رفعت فيها راية الإسلام، وطبقت أحكامه، وكانت غالبية أهله مسلمين يوماً من الأيام؟ نحن نعرف من كلام أهل العلم بأن دار الإسلام هي الدار التي تحكم فيها شريعة الإسلام، ويكون أغلب ساكنيها من المسلمين.
فهل هذا قد انطبق على هذا الجزء من السودان يوماً من الأيام، بأن كان الجنوب محكوماً بشريعة الإسلام، وقد رفعت فيها رايته، وصار أغلب أهله مسلمين؟ هذه مسألة تحتاج إلى استقصاء، ثم هل هذه الأرض قد فتحت صلحاً أم فتحت عنوةً، أو أنها ما فتحت أصلا؟ فهذه مسائل حقيقة تحتاج إلى أن تبسط على بساط البحث، ويتحرى في أمرها.
الشيخ: أخونا محمد علي من بحري، يذكر حديثاً: ( من صلى علي ألف صلاة حرم الله جسده على النار)؟
أنا حقيقة لا أعرف هذا الحديث، ولا أعرف حاله سنداً، ولا متناً، ولا في أي الدواوين قد ورد، ولكن على كل حال يا أخي الكريم! الأحاديث التي يذكر فيها دخول الجنة، أو يذكر فيها تحريم النار، أو دخول النار، هذه النصوص نصوص الوعد والوعيد لا تؤخذ على الإطلاق، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يدخل الجنة عاق)، وقال: ( لا يدخل الجنة قاطع رحم )، وقال: ( ثلاثة حرم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر، والديوث، والعاق لوالديه )، فهذه الأحاديث لا يستفاد منها تحريم دخول الجنة مطلقاً، وإنما كما قال أهل العلم: يحرم دخولها على فاعل هذه الكبائر دخولاً أولياً، ولكن بعدما يتطهر من ذنوبه قد يدخل الجنة بفضل الله عز وجل ورحمته.
وكذلك أحاديث الوعد التي بين فيها النبي صلى الله عليه وسلم فمثلاً: ( من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة يوماً من الدهر وإن أصاب قبل ذلك ما أصاب)، ونحو ذلك، هذه أيضاً لا تؤخذ على إطلاقها، بمعنى: أن الإنسان يعول مثلما يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كذا من الصلوات، ثم بعد ذلك يفرط في الواجبات، ويقترف المحرمات، ويقول: والله أنا ضمنت الجنة، لا شك بأن هذا الصنف من الناس صفقته خاسرة، ولذلك بعض الحمقى لما سمع صيام يوم عاشوراء يكفر ذنوب سنة ماضية، صام نصف يوم، وقال: يكفيني ستة أشهر، يعني: يكفر الله عني ستة أشهر، ومثل هذا الفهم لا شك أنه فهم خاطئ.
وأنا أقول لأخينا محمد علي : بأن الحديث نفسه يحتاج إلى بحث، هل يثبت أو لا يثبت؟
السؤال: أختنا إيمان من بور سودان تسأل عن عقد الخال، هل يكون باطلاً؟
الجواب: نقول: العقد يتولاه وليك، والولي لا يكون إلا من العصبة، يعني: القرابة من جهة الأب، لا من جهة الأم، بمعنى: أنه يتولى العقد أبوك، أو أبو أبيك، أو أخوك الشقيق، أو أخوك من أبيك، أو يتولى العقد عمك شقيق أبيك، أو عمك أخو أبيك من أبيه، ونحو ذلك، من القرابة من جهة الأب.
أما القرابة من جهة الأم كأب الأم يعني: جدك أبو أمك، أو الخال أخو الأم سواء كان شقيقها أو أخوها من أبيها، ونحو ذلك، فهؤلاء هم ذوو الأرحام، وهم لا يرثون ولا يسمون عصبة، ولذلك لا يلي العقد إلا وكالة بمعنى: أنه أحياناً يكون أبوك موجوداً لكنه يوكل أبا أمك، يعني: صهره، وأبو الأم لا مانع من أن يوكل، أو يوكل الخال مثلاً: تقديراً لسنه أو لمكانته أو إظهاراً للآصرة والعلاقة القوية ونحو ذلك، فلا مانع من ذلك -إن شاء الله- وهذا هو الفرق بين الولاية والوكالة.
الشيخ: الولاية لا تكون إلا من جهة القرابة من ناحية الأب، أما الوكالة فللولي أن يوكل من شاء، فله أن يوكل جاره، وله أن يوكل صديقه، ولا مانع من هذا كله والعلم عند الله تعالى.
المتصل: هل يجوز للزوجة أن تصافح أبناء إخوة الزوج؟
السؤال: أخونا الحصري من كسلا يسأل عن قول ربنا جل جلاله: بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:81]؟
الجواب: هذه الآية جاءت جواباً على دعوى أهل الكتابين، الذين قالوا: لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ[البقرة:111] ، فالله عز وجل بين أن الوصول إلى الجنة ليس بالأماني، فليس بأمانيكم أيها المسلمون، ولا أماني أهل الكتاب، مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا * وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا [النساء:123-124].
فالله عز وجل قال: تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [البقرة:111] ، أنتم يا من تتألون على الله -عز وجل- وتزعمون أنكم أبناء الله وأحباؤه، وتزعمون أنكم لن تمسكم النار إلا أياماً معدودة، وتزعمون بأنه لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى، ائتوا بالبرهان؟ هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين؟ بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ[البقرة:81]، السيئة والخطيئة هنا مراد بهما الشرك، وهو الذي وقع فيه أهل الكتابين حين قالت اليهود: عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [التوبة:30-31] ، فهؤلاء الله عز وجل بين أنهم واقعون في الشرك، ومن أجل هذا كتب عليهم الخلود في النار - عياذاً بالله - بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:81].
السؤال: أختنا فاطمة تسأل عن مصافحة أبناء أخي الزوج، يعني: امرأة متزوجة وهذا الرجل عنده أولاد أخيه، فهل يحل لهم مصافحتها، أو هل يحل لها مصافحتهم؟
الجواب: لا يجوز ذلك، لا سيما إذا كان هؤلاء قد بلغوا مبلغ الرجال، فلا يجوز مصافحتهم؛ لأنهم ليسوا محارم لها، بل لو أن عمهم مات أو طلقها جاز لبعضهم أن ينكحها من غير كراهة والعلم عند الله تعالى.
الشيخ: أختنا إيمان من بور سودان سألت عن الولاية؟
ولا بد أن أنبه إلى أن الولي لا يكون إلا مسلماً؛ لأن الله تعالى قال: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا [النساء:141] ، فلو أن فتاةً مسلمةً كان أبوها على غير دين الإسلام، فإنه لا يكون ولياً لها، وإنما تنتقل الولاية إلى غيره، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له )، لكن لا يكون الكافر ولياً لمسلمةً أبداً.
المتصل: رجل تزوج بامرأة وكانت قد ولدت سفاحاً قبل زواجه بها، وبعد ذلك توفي الرجل وله أولاد، فهل للابن من السفاح أن يرث، علماً بأن الأب لم يخبر أبناءه؟
الشيخ: طيب.
المتصل: أريد أن أسأل عن الوضوء باليد الشمال، هل يجوز أو لا يجوز؟.
الشيخ: بارك الله فيك.
المتصل: سؤالي عن صلاة الجمعة يوم العيد، لأن بعض الناس يقولون: لا تجوز خطبتين في يوم واحد: عيد، وجمعة؟
الشيخ: طيب إن شاء الله أجيبك.
المتصل: أستفسر عن وضع الصور الحائطية في المنزل وما حكمها في الدين كصورة الوالد مثلاً؟
الشيخ: طيب، أجيبك إن شاء الله.
المتصل: عندي ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: ما حكم استعمال الكريمات للنعومة وتفتيح البشرة؟
السؤال الثاني: ما حكم مشاهدة أفلام الكرتون مثل توم وجيري وغيرها؟
السؤال الثالث: إذا كان الحاجب عريضاً فهل ممكن أن يخفف؟
الشيخ: طيب، شكراً جزيلاً.
الشيخ: أخونا الذي اتصل من بحري يقول: بأن رجلاً تزوج امرأةً، وهذه المرأة كانت قد ولدت سفاحاً.
أقول: هذه المرأة أولاً: إذا كانت قد أحدثت لله توبة، وعلم من حالها الاستقامة فلا بأس من الزواج بها، يعني: لو أن امرأةً أو رجلاً حصل منهم الفاحشة والزنا، ثم بعد ذلك تابا فإن التوبة تجب ما قبلها، ولا ينبغي أن تبقى المعصية وصمة عار يؤاخذ بها ما بقي من عمره، وإنما نطوي هذه الصفحة ونعينه على أن يستقبل عهداً جديداً، وأن يستبدل بالسفاح نكاحاً.
فالزاني إذا تاب لا بأس أن يزوج، والزانية إذا تابت لا بأس أن تزوج.
لكن المصيبة العظمى أن بعض الناس قد يتزوج -والعياذ بالله- ممن لم تحدث توبة، أو قد يزوج بنته ممن علم من حاله أنه ما زال مقيماً على الفحش والخنا، والله يقول: الزَّانِي لا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [النور:3].
وسبب نزول الآية أن مرثد بن أبي مرثد الغنوي رضي الله عنه كان له صديقة في الجاهلية اسمها عناق ، فدعته إلى نفسها فأبى، قال: قد حرم الله الزنا، فقالت له: تزوجني! قال: لا أفعل حتى أستأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله هذه الآية.
والذي تزوج هذه المرأة التي ولدت سفاحاً، هل هذا الولد يرث منه؟ اللهم لا، فليس له في الميراث نصيب؛ لأن الميراث له أسباب ثلاثة وهي: النكاح، والولاء، والنسب، وليس بين هذا الرجل وبين هذا المولود نسب من أجل أن يرث منه، ولكن لو أن الرجل أحسن إلى هذا الولد وقام على تربيته وضمه إليه، وأنفق عليه، فهو مأجور في هذا كله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( في كل كبد رطبة أجر )، وبعد ذلك يمكن أن يوصي له بشيء من ماله فيما دون الثلث، فلا مانع من ذلك وهو مأجور إن شاء الله.
السؤال: سؤال أخينا النور عن حكم الوضوء باليد اليسرى؟
الجواب: نقول: بأن هذا متصور بالنسبة للرأس، أو بالنسبة للرجل اليمنى، فلو أن الإنسان أراد أن يغسل رجله اليمنى، وأيضاً اليد اليمنى فلا بد أن تمسح باليسرى، وإحدى اليدين لا بد أن تمسح وتدلك بالأخرى من أجل أن يحصل التنظيف والتنقية.
واليمنى تستعمل في الأشياء الطيبة عموماً، فيحمل بها المصحف، ويحمل بها كتب العلم، ويصافح بها إخوانه، ويأخذ، ويعطي، فهذا كله يستعمل فيه اليمين.
وأما بالنسبة للرأس يا النور سنة نبينا صلى الله عليه وسلم أنه كان يمسح رأسه بكلتا يديه؛ ولذلك قال علماؤنا: يستحب أن يجعل إبهاميه على صدغيه، ثم يقرن بين الوسطيين، ويذهب بيديه إلى قفاه ثم يرجع من حيث بدأ، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبذلك يكون قد استوعب الرأس مسحاً.
أما بالنسبة ليدك اليمنى فإنك تمسحها باليسرى ولا مانع، ورجلك اليمنى أيضاً تدلكها بيدك اليسرى ولا مانع في ذلك إن شاء الله.
المتصل: خرجت من مكة إلى جدة ولم أطف طواف الوداع، وبعدما وصلت جدة قلت: الزحام في الحرم سيخف بعد يوم أو يومين وسأطوف ثم أسافر إلى السودان، ولكن أحد الشباب قال: هذا لا يجزي، ولا بد أن تصوم عشرة أيام، أو تذبح هدياً.
الشيخ: طيب، أبشر إن شاء الله.
المتصل: أنا أقرأ القرآن مع إذاعة الفرقان بعد صلاة الصبح مباشرةً، ولست حافظة له بشكل جيد فأنا أتعتع في القراءة، فما حكمه؟
الشيخ: شكراً.
المتصل: أشتري كرت المباريات بستمائة ألف، وأدخل كل الأولاد ليشاهدوا المباريات بدفع مبلغ، فما صحة هذا العمل؟ علماً أن الكرت يظهر المباريات السودانية والخارجية؟
الشيخ: سأجيبك إن شاء الله.
المتصل: نحن نعمل في المواد البترولية؛ زيوت، وشحوم، وما شابه ذلك، وتكون أجسامنا ملطخة به والجامع قريب لنا، ولكن بسبب رائحة البنزين والزيت والماء لا نستطيع أن نصلي جماعة، فما رأي الشيخ؟
الشيخ: طيب، أكرمك الله.
الشيخ: أخونا محمد سأل عن الجمعة يوم العيد؟
أقول له: بعض العلماء رحمهم الله قال: بأن العيد لا يجزئ عن الجمعة؛ إذ السنة لا تقوم مقام الفرض.
وبعض أهل العلم وهذا قول المالكية، والحنفية، والشافعية رحمهم الله قالوا: يؤذن لأهل العوالي ألا يحضروا الجمعة، والحنابلة هم الذين أخذوا الحديث بإطلاقه، والدليل يشهد لهذا المذهب، وهذا الذي أفتى به جماعة من الصحابة كـعمر بن الخطاب ، و عثمان بن عفان ، و معاوية بن أبي سفيان ، و عبد الله بن عمر ، و أبي هريرة ، و عبد الله بن الزبير ، وغيرهم رضوان الله عليهم، وقد شهدوا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وافق يوم الجمعة في عهده يوم العيد فقال للناس في خطبة العيد: ( قد اجتمع في يومكم هذا عيدان )، أي: عيد الجمعة، وعيد الفطر، أو عيد الأضحى، ( وقد أصبتم خيراً وأجرا، فمن شاء منكم أن يشهد الجمعة فليفعل وإنا مجمعون )، فقوله صلى الله عليه وسلم: ( فمن شاء)، يدل على التخيير، وكما قال بعض أهل العلم: بأن مقصود العيد الانبساط، والتوسع، وزيارة الأرحام، فلو أوجب على الناس صلاة الجمعة في يوم العيد، فإنه يعود على مقصود العيد بالإبطال، والشريعة ما جاءت بمثل هذا.
ولذلك من صلى العيد رخص له أن يصلي ظهراً، وألا يشهد صلاة الجمعة، ومن شهدها فلا شك أنه قد أتى بما هو أفضل وأحسن وأعظم للأجر والثواب.
السؤال: أخونا الصادق من الحاج يوسف يسأل عن تعليق الصور الحائطية في المنزل؟
الجواب: يا أيها الصادق لا تفعل بارك الله فيك، فلا تعلق صور ذوات الأرواح، سواء كانت لآدميين أو غيرهم؛ لأن الشريعة رخصت فيما كان ممتهنا، كما جاء في الحديث: ( إلا رقماً في ثوب)، وأما تعليق الصور، كأن يعلق صورة أبيه ونحو ذلك فمثل هذا لا ينبغي.
السؤال: إلهام تسأل عن استعمال الكريمات؟
الجواب: لا مانع من استعمال الكريمات إذا ثبت بأنها ليست مضرة، والآن بعض إخواننا من الأطباء في الأمراض الجلدية يقولون: بأن إدمان هذه الكريمات قد يسلخ البشرة، حتى إن الشعيرات الدموية قد تظهر بادية في الوجه، وهو شيء مقزز ومنفر، ولذلك نقول: بأن استعمالها مقيد بعدم الضرر؛ لأن الشريعة تمنع كل ما كان فيه ضرر، ومقيد كذلك بأن يكون للزوج أو مع المحارم، أما أن تتلطخ المرأة بهذه الكريمات كما تفعل بعضهن، تضع هاهنا شيئاً أحمر، وهاهنا شيئاً أخضر، وهاهنا كذا، ثم مع حرارة الشمس ومع العرق يكون وجهها أشبه بخارطة متنافرة الألوان، فمثل هذا من تقبيح ما جمله الله عز وجل وهو القائل: لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ [التين:4] .
فأقول: لا بد أن يثبت عدم الضرر، ولا بد ألا يكون في ذلك تبرج، وإنما هو للزوج وبين المحارم.
الشيخ: سؤال الأخ عن صناعة أفلام الكرتون فأنا والله لا علم لي بها، والذي أعرفه بأن الأطفال يشاهدونها من باب التسلية، ولذلك نقول: لا مانع شريطة ألا يكون فيها أمور منكرة، أو تحريض على فحش، أو تزيين لباطل، أو تشجيع على تعلق بخرافة، ونحو ذلك.
الشيخ: تخفيف الحاجب الأصل المنع؛ لأن ( النبي صلى الله عليه وسلم لعن النامصة والمتنمصة )، اللهم إلا إذا كان الحاجب كثيفاً، بحيث يؤذي، سواءً كان أذى عضوياً، كما لو سقط الحاجب على العين وطال شعره بالنسبة لكبار السن، أو كان أذىً معنوياً، كما لو كان حاجب المرأة عريضاً مشابهاً لحواجب الرجال، ففي مثل هذه الحال لا بأس بالأخذ منه دفعاً للضرر.
الشيخ: أخونا أبو أحمد من جدة سأل عن طواف الوداع لمن تركه وخرج إلى جدة؟
أقول: طواف الوداع عند المالكية مستحب وليس واجباً، وبالنسبة لك أنت خرجت إلى جدة، فارجع وطف طواف الوداع، وليس عليك شيء إن شاء الله.
المتصل: أنا كنت شارب خمر! ثم قمت الصباح واغتسلت فمات رجل في بيتنا فجهزت الجنازة مع أعمامي وإخواني.
السؤال الثاني: في الصبح حصلت وفاة وأنا في العمل، فاتصلوا علي وقالوا: فلان توفي، وكنت على جنابة ونسيت، وذهبت لأجهز الجنازة واشتغلت معهم قليلاً فلما خرجت تذكرت؟
الشيخ: يا أخي الله يغفر لنا ولك، أنت طالما أنك ذو مروءة وتجهز الجنائز، وما شاء الله ذو قلب قوي، فحري بك أن تتوب إلى الله من شرب هذا المسكر!
السؤال: ما حكم قراءة القرآن مع إذاعة الفرقان؟
الجواب: هذه عبادة طيبة، كون الإنسان يسمع القرآن هي عبادة، لكن لا ينبغي للإنسان أن يقرأ مع القارئ، وإنما يسمع، قال الله عز وجل: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف:204]، ولا بأس بأن يفتح الإنسان المصحف ويتابع بعينيه، أما أن يتكلم مع القارئ فلا، وممكن للأخت أن تستعين بالمصاحف المعلمة، فالمصحف المعلم هو الذي يقرأ القارئ ثم هناك من يردد خلفه، أو القارئ يسكت من أجل أن يردد المستمع، فلا مانع من هذا، لكن أن يقرأ وأنا أقرأ معه بصوت واحد هذا مما لا ينبغي.
السؤال: أخونا عبد الله أبو آمنة يقول: بأنه يشتري كرت يتيح له الدخول في بعض القنوات التي تذيع بعض المباريات، ثم بعد ذلك يبيع هذه المنفعة للناس ليشاهدوا بأجرة؟
الجواب: لا مانع من هذا بشروط:
أولاً: ألا يكون في ذلك إلهاء عن الصلاة؛ لأن كل ما يلهي عن الصلاة ويضيعها عن وقتها فهو محرم، والله عز وجل لما حرم الخمر قال: إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ[المائدة:91].
ولا شك أن الكرة تصد بعض الناس عن الصلاة، وعن ذكر الله.
ثانياً: ألا تكون سبباً لإثارة العداوة والبغضاء، والكرة تفعل ذلك، ولعل ما حدث أخيراً في بعض المباريات يشهد لهذا حتى خيل للإنسان بأن حرباً ستكون بسبب مباراة كرة القدم، وفي النهاية الفائز لن يدخل الجنة، والخاسر لن يدخل النار، وهي في النهاية لعب، فنقول: بأن هذه من المصائب العظيمة، وما يحصل من تبادل السباب والتنابز بالألقاب هذا كله مما حرمه الله عز وجل.
فيا أخانا عبد الله أقول: لا بأس بأن تؤجر، أو أن تدخل الناس لمشاهدة المباريات في مقابل مال، لكن بهذا القيد الذي ذكرته لك.
السؤال: أخونا محمد من أبي جبيهة يقول: بأنهم يعملون في بعض الأعمال ويكون هناك زيوت وبنزين وكذا، وبعض الروائح النفاذة فلا يأتون إلى المسجد؟
الجواب: أقول: لا تأت إلى المسجد على تلك الحال؛ لأن نبينا عليه الصلاة والسلام منع آكل الثوم والبصل والكراث من شهود الجماعة، ومن باب أولى الأشياء الأقبح التي هي كالسيجارة وغيرها، وذلك بسبب الأذية، قال عليه الصلاة والسلام: (من أكل ثوماً، أو بصلاً، أو كراثاً، فليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم ).
فأيضاً البنزين والزيوت والشحوم هذه رائحتها مزعجة، ولذلك أقول لأخينا محمد بارك الله فيه: صل أنت وإخوانك في المكان الذي أنتم فيه ولا تأتوا إلى المسجد.
الشيخ: كثير من الناس يسألون بمناسبة الشتاء عن الحائل، فأقول: الحائل الذي إزالته شرط لصحة الوضوء هو الذي يشكل جرماً فيمنع وصول الماء إلى البشرة، أي: الذي إذا جف وحك فإنه يكون هناك قشرة، وهذا يشمل العجين، والطلاء الذي تطلى به الأبواب والجدران، ويشمل كذلك الشمع، والصمغ، والطلاء الذي تتزين به المرأة في أظافيرها، فهذا كله حائل يمنع وصول الماء إلى البشرة.
وهناك أشياء لا تعد حائلاً، مثل: الحناء، الخضاب، والأحبار والمداد التي يكتب بها، ومثله العطور، والدهن، والزيت، والسمن، والفازلين، والجليسرين، وكذلك الأصباغ التي تجعلها المرأة على وجهها تتزين بها لزوجها، فهذا كله لا يعد حائلاً ولا يمنع وصول الماء إلى البشرة.
الشيخ: أخونا ضياء -غفر الله لنا وله- اتصل من أم الطيور، وذكر بأنه -عياذاً بالله- شرب خمراً ثم بعد ذلك جهز جنازة؟
فأقول لك: يا أخانا! سارع إلى الله بتوبة قبل أن يدركك الموت وأنت على ذلك، واعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من شرب الخمر ثم تاب تاب الله عليه، ومن لم يتب كان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال، قيل: وما طينة الخبال يا رسول الله؟ قال: عصارة أجسام أهل النار )، فتب إلى الله عز وجل من هذه الكبيرة التي هي أم الخبائث.
وأما تجهيزك للجنازة فطالما أنك كنت واعياً وأردت بذلك وجه الله، فأنت مأجور على ذلك، وهذه من فروض الكفايات.
وكذلك تجهيزك للجنازة الأخرى وأنت على جنابة، ومعنى ذلك: أنك ما صليت الصبح، وأنا أعجب كيف أنك تسعى في فرض كفاية، وأنت غافل عن فرض العين! فيا أخي الكريم تب إلى الله من تضييع الصلاة؛ لأن نبيك عليه الصلاة والسلام قد أخبر أن من ضيع هؤلاء الصلوات فإنه يحشر مع فرعون و هامان ، و قارون ، و أبي بن خلف ، أسأل الله عز وجل أن يتوب علينا توبةً نصوحاً ترضيه عنا، وأن يتجاوز عن زلاتنا وخطيئاتنا، وأن يصلح فساد قلوبنا، إنه أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين.
وإلى لقاء آخر عشية الإثنين بعد غد إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
السؤال: أخونا وليد من بحري يذكر بأنه كان مديناً لشخص ما، واقترض منه مبلغاً وبدأ في السداد، وبقي عليه جزء من هذا المبلغ، وقدر الله أن يتوفى هذا الدائن، وهو لا يعرف له عنواناً؟
الجواب: نقول له: هذا المبلغ باق في ذمتك، ومطلوب منك سداده، ومطلوب منك أن تجهد في العثور على ذوي هذا المتوفى وورثته من أجل أن توصل إليهم هذا المال.
وفي حال عجزك التام عن العثور عليهم والوصول إليهم، فتتصدق بهذا المال عنه، ويؤدي الله عنك إن شاء الله، وتبرأ بذلك ذمتك.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , ديوان الإفتاء [270] للشيخ : عبد الحي يوسف
https://audio.islamweb.net