اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , ديوان الإفتاء [237] للشيخ : عبد الحي يوسف
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى جميع المرسلين.
أما بعد:
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
إخوتي وأخواتي مستمعي إذاعة طيبة، ومشاهدي قناتها! أسأل الله عز وجل أن يتقبل منا صالح العمل، وأن يغفر لنا التقصير والزلل، وأن يعفو عنا إنه أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين، ومرحباً بكم في حلقة جديدة، ومرحباً بأولى اتصالات هذه الحلقة.
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: أنا عندي دكان والناس يضعون أموالهم عندي، فمنهم من يأذن لي بالتصرف في ماله، ومنهم من لا يأذن، وأحياناً أتعامل مع النصارى وبعضهم يضع عندي مالاً لكن ماله من بيع الخمور، فما حكم ذلك؟
السؤال الثاني: أسأل عن الاحتلام في نهار رمضان هل يفسد الصوم أم ماذا؟
الشيخ: أبشر نجيبك إن شاء الله.
السؤال: ما حكم زكاة الفطر لمن ولد له ولد صباح يوم العيد؟
الجواب: من ولد له ولد قبل صلاة العيد فلا بد أن يزكي عنه، وهذا على سبيل الوجوب، وتقدم معنا الكلام في أن الزكاة عن الحمل مستحبة، ولذلك الأولى أنك تزكي عنه حتى لو لم يولد قبل صلاة العيد.
السؤال: هل يشرع حمد الله والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم قبل دعاء السجود، أي: بالدعاء الذي قبل السلام؟
الجواب: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا تشرع في السجود، وإنما محلها في الجلوس، ولذلك أنت لو دعوت بعد التشهد قبل السلام، فقد صليت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما بالنسبة للسجود فلا؛ لأنك أصلاً بدأت صلاتك بحمد الله عز وجل، والثناء عليه، وستصلي على رسوله صلى الله عليه وسلم في خاتمة صلاتك.
السؤال: تحدثت مع امرأة أجنبية فأمذيت، فما حكم صومي؟
الجواب: أولاً: يلزمك التوبة إلى الله عز وجل؛ لأنك تتلذذ بكلام أجنبية لا يحل لك التلذذ بالحديث معها، وأما صومك فقد فسد، ويلزمك القضاء.
السؤال: أخونا السر يقول: ما حكم قتل النمل بالمبيد البودرة؟
الجواب: لا مانع، إذا كان النمل مؤذياً تتضرر من وجوده، لكونه يسطو على السكر مثلاً، أو لكونه يؤذيكم في الفراش ونحو ذلك، فحرمة المسلم أعظم عند الله من حرمة النمل، ولا مانع من قتله بأي وسيلة مميتة والإحراق بالنار لا يجوز، أما أن تقتله بالبودرة، أو تغرقه بالماء مثلاً، فهذا كله لا مانع منه.
السؤال: هل الكحل يفسد الصوم؟
الجواب: ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث يأمر فيه باتقاء الكحل للصائم.
السؤال: أخونا عصام يسأل: ما تفسير قول ربنا جل جلاله: رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ [غافر:11]؟
الجواب: الآية في الحديث عن الكفار قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ [غافر:10] فيوم القيامة ينادون بهذا النداء، نسأل الله العافية، ويخبرهم ربهم جل جلاله أنه يمقتهم، ويبغضهم، ثم يقولون: قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ [غافر:11]، الإماتة الأولى قبل أن يوجدوا أصلاً، قال تعالى: هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا [الإنسان:1]، ثم الإحياء الأول لما نفخ فيهم الروح، ثم أماتهم ثانية، ثم أحياهم في قبورهم، وقيل: بل الإماتة الأولى لما كانوا في دار الدنيا، ففارقت أرواحهم أجسادهم، ثم الإماتة الثانية بعد ما أحيوا في قبورهم أميتوا ثانية، وقيل: بل الحياتان؛ لأنهم أحيوا في قبورهم أولاً، ثم أحيوا يوم القيامة ثانياً، هذا كله مما قال به أهل التفسير رحمة الله عليهم أجمعين.
السؤال: زوجتي مرضعة، وعمر المولود خمسة أشهر، فهل تفطر؟
الجواب: لا، إذا كانت مطيقة للصوم، ولا تتضرر هي، ولا يتضرر مولودها فما ينبغي لها أن تفطر؛ لأنها مخاطبة بالصوم شأنها شأن سائر الناس.
السؤال: عندي سؤالان:
السؤال الأول: نسأل عن زكاة الفطر هل تكون نقدياً أو حبوباً؟ والواحد زكاته كم؟
السؤال الثاني: أسأل عن التهجد هل يصح في الجامع أم لا يكون إلا في المنزل؟
الشيخ: أجيبك إن شاء الله.
السؤال: أخونا عبد الله بالأمس سأل عن إنسان تزوج امرأة، وهناك ابن غير شرعي من غيره، وهو يريد أن يربيه؟
الجواب: أما تربيتك لهذا الإنسان، فأنت مأجور عليها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن ( في كل كبد رطبة أجراً )، وإحسانك إليه موجب لإحسان الله عز وجل إليك؛ لأن الجزاء من جنس العمل، خاصة إذا ربيته على مبادئ الإسلام، ومكارم الأخلاق ومحاسن العادات، فأنت في ذلك كله مأجور إن شاء الله، لكنني أكرر بأنه لا يجوز للمسلم أن يتزوج بكتابية غير عفيفة؛ لأن الله عز وجل قد اشترط الإحصان، فقال: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ [المائدة:5].
السؤال: القلب كثيراً ما يذكر في القرآن، ويضرب به المثل، فما الحكمة من ذلك؟
الجواب: القلب كما قال علماؤنا مع الأعضاء بمنزلة القائد مع الجنود، فباستقامته تستقيم الأعضاء، وباعوجاجه تعوج الأعضاء، وهذا المعنى أشار إليه نبينا صلى الله عليه وسلم كما في حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما في الصحيحين: ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب )، ونحن نعتقد بأن القلب هو مكان العقل، فليس العقل في الدماغ كما يظن كثير من الناس، ومنطوق القرآن أن العقل مركزه القلب، قال الله تعالى: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [الأعراف:179]، فمن قال: إن العقل ليس في القلب فهو بمنزلة من قال: إن البصر ليس في العين، أو إن السمع ليس في الأذن.
وأيضاً: قول ربنا جل جلاله: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج:46] إلى غير ذلك من أدلة كثيرة، وهذه المسألة ذكرها أهل العلم في تفسير هذه الآيات، وأيضاً كتبت فيها بحوث معاصرة، ومنها البحث الذي ذكرته في حلقة الأمس، بحث أخينا البروفيسور عمر عبد العزيز موسى عميد كلية الطب بجامعة الرباط الوطني.
الشيخ: أخونا النور من كسلا يقول: إن بعض الناس يستودعه مالاً، ويتيح له التصرف فيه شريطة أن يرد إليه عينه متى ما طلب، وبعض الناس يستودعه مالاً إلى آخر ما قال.
أقول: كلا الأمرين جائز إن شاء الله، تعاملك مع النصارى لا حرج فيه؛ لقول ربنا جل جلاله: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ [الممتحنة:8]، أما من يتجرون في الخمور، فما ينبغي لك أن تقبل وديعتهم، ولا أن تثمر أموالهم، ولا أن تتعامل معهم؛ لأن أموالهم مكتسبة من طريق حرام، ولأن الله تعالى إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، فالخمر محرمة، وبائعها ملعون، وكذلك صانعها عاصراً لها كان أو معتصراً.
الشيخ: سؤال الأخ النور عن الاحتلام في رمضان، نقول: لا يترتب عليك شيء أيها النور ، يعني: لو أن الإنسان احتلم قبل الفجر، وأصبح جنباً فإنه لا شيء عليه، وكذلك لو احتلم بالنهار، يعني: كان نائماً في أثناء صيامه، ثم احتلم وهو نائم، فلا شيء عليه وصومه صحيح، إذ القلم مرفوع عن النائم.
السؤال: أخونا محمد عثمان من الشمالية يسأل عن زكاة الفطر نقداً تكون أو حبوباً، وما مقدارها؟
الجواب: أما مقدارها فثلاثة جنيهات ونصف بالنقد، وأما بالحبوب فنصف صاع، وهو ما يعادل كيلو ونصف تقريباً عن كل شخص، وإخراجها بالحبوب كالقمح أو الذرة أو الشعير، أو مثلاً إخراجها تمراً هذا مجزئ بإجماع المسلمين.
وأما إخراجها نقداً فهو مجزئ كذلك على الراجح من أقوال أهل العلم؛ لأن النظر إلى مصلحة الفقير في زماننا هذا تقتضي القول بأنه بالنقد يستطيع أن يبتاع ما يريد، وأن يفعل ما يريد، وليست الزكاة عبادة محضة لا يتعدى فيها النص، بل هي عبادة معقولة المعنى، وقد قال نبينا عليه الصلاة والسلام: ( أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم )، والإغناء يتحقق بالنقد مثلما يتحقق بالحبوب، بل النقد في زماننا أبلغ، والله تعالى أعلم.
المتصل: يا شيخنا سؤالي: عندنا جماعة في البلد اسمهم (جماعة التبليغ) جزاهم الله خيراً ربنا هدى على أيديهم ناساً كثيرين، يدعونهم للمسجد، يعني: ناس كانوا في السكر وفي الفجور، فدعوهم إلى الله، وعندنا جماعة هنا اسمها (أنصار السنة) يشنون عليهم هجوماً ويتهمونهم بأنهم مخالفون لهدي النبي صلى الله عليه وسلم؟ ما هو الحل الآن فنحن نعاني من المشكلة هذه؟
الشيخ: نعوذ بالله من الهوى، أجيبك إن شاء الله.
السؤال: يا شيخ عبد الحي ! أنا في نهار رمضان ذهبت أخطب امرأة، ثم بعد ذلك ذهبت إلى المسجد، وبعد ما روحت من المسجد رأيت أثر مذي فما حكم ذلك؟
الشيخ: أسألك سؤالاً: الإنسان إذا أراد أن يخطب امرأة يخطبها من وليها أو يخطبها من نفسها؟
المتصل: من وليها.
الشيخ: خيراً إن شاء الله، إذا اتفقنا على هذا أجيبك.
السؤال: أنا أعمل في تجارة السيارات، أبيع وأشتري، فرأس المال موجود، والأرباح أصرفها، والآن لي سنتان أو ثلاث سنوات، وأريد أنظر هل عليّ زكاة أو ما عليّ زكاة، وما هو مقدارها؟
السؤال الثاني: نحن دائماً نصلي الظهر والعصر في مسجد الشهيد، وهناك آراء تقول: إن القبلة ليست صحيحة في مسجد الشهيد الذي في المقرن، ومعروف أن من مبطلات الصلاة: الانحراف الواضح عن القبلة؟
الذي يقول: إن القبلة ليست صحيحة، مستنده أن الناس الذين يكونون خارج المسجد إذا صلوا كانوا عكس الناس الذين يصلون داخل المسجد، يعني الذين في داخل المسجد يصلون إلى ناحية الشمال، والذين خارج المسجد يصلون إلى ناحية شمال شرق.
الشيخ: أبشر إن شاء الله نجيبك.
السؤال: كيف نوفق بين حديث سعد بن معاذ وفيه: ( لقد ضمه القبر ضمة لو نجا منها أحد لنجا منها سعد )، والحديث الذي رواه الإمام أحمد وغيره، وفيه: ( إن المؤمن إذا وضع في القبر يفسح له في قبره سبعون ذراعاً ).
الشيخ: نجيبك إن شاء الله.
السؤال: شخص زنى بامرأة وأنجب طفلاً وتزوجها، ما رأي الدين؟
الجواب: نسأل الله السلامة والعافية، وأن يستر عوراتنا في الدنيا والآخرة، إذا كان الشخص قد زنى، ثم تاب هو والمرأة فزواجهما صحيح باتفاق المسلمين؛ لأن من تاب تاب الله عليه، فلو أن شخصاً قارف جريمة الزنا، ثم بعد ذلك أحدث توبةً، وكذلك المرأة تابت إلى الله عز وجل، فلا مانع من أن يتزوجا؛ لأن الحرام لا يمنع الحلال، أما إذا لم تحدث التوبة منهما، أو من أحدهما، فالزواج غير صحيح في قول جماعة من أهل العلم؛ لقول ربنا جل جلاله: الزَّانِي لا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [النور:3]، ولا ننصح مسلماً قط بأن ينكح زانية، ولا ننصح مسلمة عفيفة قط أن ترضى بأن يتزوجها زانٍ؛ لأن الصاحب ساحب كما يقال، وما ينبغي للعفيف أن يرضى بأن يعاشر من ليست كذلك، ولا ينبغي للعفيفة أن ترضى بمعاشرة من ليس كذلك، وقد قال ربنا جل جلاله: الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [النور:26].
السؤال: أرجو تفسير قوله تعالى: لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ [آل عمران:113]؟
الجواب: هذه الآية أصل في وجوب الإنصاف، فإن ربنا يتحدث عن أهل الكتاب وما هم فيه من الباطل، والمنكر والشر، والقول على الله بغير علم، قال تعالى: وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ [آل عمران:69]، وقال سبحانه: وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ * وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [آل عمران:72-74] وقال سبحانه: وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا [آل عمران:75]، يعني: بعضهم ناس أهل أمانة ووفاء بالعهد، وبعضهم ليسوا كذلك، وهذه الآية ذكرها الله عز وجل بعد ما ذكر أهل الكتاب، وما هم فيه من المنكر والباطل والشر، قال: لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ [آل عمران:113-114] كـأبي يوسف عبد الله بن سلام الإسرائيلي رضي الله عنه الذي أسلم وتابع محمداً صلى الله عليه وسلم على دينه، و مخيريق وكان أيضاً من أحبار اليهود، ثم جاء من بعدهم كعب بن ماتع الحميري المسمى: كعب الأحبار، ومثلهم أيضاً النجاشي أصحمة رحمه الله وأكرمه، ومن كان معه من القسيسين والرهبان الذين إذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق.
السؤال: أخونا محمد عثمان من الشمالية سأل عن التهجد، هل يكون في المسجد، أو في المنزل؟
الجواب: أما من كان معتكفاً، فالتهجد يكون في المسجد بلا خلاف، وأما من لم يكن معتكفاً فتهجده في المنزل أفضل؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة )، أما من كان يخشى أنه في المنزل سيكسل، أو ربما يتشاغل ببعض الأمور الملهية والصوارف ونحوها، فلا حرج أن يجتمع الناس في المسجد ويصلون، وليس الأمر بدعة كما يروج لذلك الآن بعض الشباب، بل صلاة الليل في رمضان يشرع لها الجماعة؛ لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جمع الناس خلف أبي بن كعب ، وكان يقول: والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون لها.
السؤال: أخونا محمد من سنار يذكر بأن بعض الناشطين في الدعوة إلى الله تعالى من جماعة التبليغ قد يسر الله على أيديهم هداية ناس كانوا يشربون الخمر، وأنهم قد نقلوهم إلى المساجد؟
الجواب: نعلم هذا من صنيع إخواننا أهل التبليغ جزاهم الله خيراً، ليس في السودان فحسب، بل في شتى بقاع الأرض، بل حتى في بلاد الكفر، فهناك ربما يجدون مسلماً سكران حيران، فيترفقون به، ويتلطفون معه، ويحسنون إليه، ولا يزالون يقودونه خطوة خطوة حتى يخرجوه من الخمارة ومن المرقص، ومن أماكن الدسك واللهو إلى بيوت الله عز وجل، فيولد من جديد، وبعد ما كان ميتاً يصير حياً، قال تعالى: أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا [الأنعام:122]، والمطلوب من الناس أن يساعدوا إخواننا هؤلاء، وأن يدعوا لهم، وإن كان ثمة أخطاء فإنهم ينبهون عليها، وإن كان ثمة تقصير، فإنهم أيضاً يرشدون إلى تلافيه، أما ما يروجه بعض الشباب من أن هؤلاء ضالون، وأنهم مبتدعة، وأنهم ينقلون الناس من المعصية إلى البدعة ونحو ذلك، فهذا كله من التعدي ومن الظلم، ومن الإفك، وهو خلاف الإنصاف الذي أمرنا به، وقد تقدم معنا قبل قليل أن الله عز وجل أنصف حتى غير المسلمين، فقال: وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا [آل عمران:75]، فإذا كان الإنصاف مطلوباً حتى مع غير المسلم، فما بالك بأخيك المسلم، وما بالك بمن يدعو إلى الله عز وجل ويرشد الناس إلى الخير، والرسول عليه الصلاة والسلام لما قالت له سفانة بنت حاتم الطائي : ( أنا ابنة رجل كان يقري الضيف، ويكسب المعدوم، ويفك العاني، فقال: أطلقوها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق، ولو كان مسلماً لترحمنا عليه )، فأثبت عليه الصلاة والسلام لـحاتم أنه كان يحب مكارم الأخلاق، فكذلك نقول: بأن إخواننا في جماعة الدعوة والتبليغ قد أجرى الله على أيديهم خيراً كثيراً، وهدى على أيديهم فئاتاً من الناس، ونسأل الله أن يبارك في جهودهم، وأن يزيدهم علماً نافعاً وعملاً صالحاً.
الشيخ: الأخ الذي صرح لامرأة برغبته في نكاحها، أو في خطبتها، ثم لما رجع إلى بيته وجد في ثيابه أثر مذي؟
الجواب: أقول لك:
أولاً: يلزمك غسل ذكرك.
ثانياً: يلزمك الوضوء.
ثالثاً: يلزمك أن تعيد الصلاة التي صليتها قبل أن تفعل هذا الذي ذكرته لك.
رابعاً: يلزمك التوبة إلى الله عز وجل مما فعلت.
خامساً: يلزمك أن تأتي البيوت من أبوابها، فإذا كنت راغباً في خطبة تلك المرأة فاطرق باب وليها، وهذا الذي تحب أن يصنعه الناس معك، يعني: لو كان لك أخت، أو كان لك بنت ما تحب أن واحداً من الناس يواعدها بزواج، وأنت غافل، بل تحب أن تكون أنت في الصورة كما يقول الناس، فيا أخانا! هذه نتيجة طبيعية لكلامك مع امرأة أجنبية فيما يتعلق بشأن النكاح، فاتق الله عز وجل في نفسك، ولا تفعل بالمسلمين إلا ما تحب أن يفعل بك، أسأل الله أن يهديني وإياك.
المتصل: أسأل عن زكاة المال، فأنا تاجر في الأراضي، وأمتلك بعض المال النقدي، والبعض الآخر عبارة عن عقارات وأراضي كيف نزكيها؟
الشيخ: أبشر يا أبا بكر نجيبك إن شاء الله.
المتصل: أخي مربي ظفراً في يده الشمال، فقلت له: التشبه بالنساء حرام، وأيضاً أنا عندما أرجع من العمل متأخراً أجمع بين الظهر والعصر، فما الحكم جزاك الله خيراً؟
الشيخ: طيب أبشر.
المتصل: عندي ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: هناك كثير من الناس يعتقدون أن هناك علماً اسمه العلم اللدني يعني: هناك ناس يعلمون الغيب؟ وقد كنت أناقش صديقي وقلت له: لا يعلم الغيب إلا الله، فقال لي: الخضر كان يعلم الغيب، وكثير من الناس اقتنعوا بأن هناك علماً اسمه العلم اللدني، فأريد أن توضح لنا ذلك؟
السؤال الثاني: هل هناك أحيان الطلاق لا يجوز فيها، وإذا كان الإنسان في حالة من الزعل أو الغضب هل لا يجوز الطلاق في هذه الحالة؟
السؤال الثالث: ما حكم المرأة التي هي متزوجة وزنت، وهل هناك كفارة؟
وقلت قبل قليل: إن الإنسان ممكن أن يربي ابناً غير شرعي، وهل الابن غير الشرعي يرث أم لا؟
الشيخ: نجيبك إن شاء الله.
السؤال: ما رأي الدين في منح تراخيص المطاعم للعمل في نهار رمضان وبدون استثناء، بمعنى أنه تحصيل رسوم ليس إلا؟
الجواب: هذا من أنكر المنكرات، وأقبح القبائح التي ينبغي أن يتداعى أهل الدين للنهي عنها، فأنا بلغني أن بعض المطاعم مفتوحة في نهار رمضان بدعوى أن هناك ناساً غير مسلمين، وفي واقع الأمر هذه المطاعم يأكل فيها المسلم وغير المسلم، وينبغي أن يعلم أنه حتى غير المسلم ما ينبغي أن نعينه على أن يطعم في نهار رمضان؛ لأنه سيسأل يوم القيامة عن الصيام مثلما يسأل عن الكفر، كما أخبر ربنا جل جلاله عن أهل الجنة أنهم يسألون أصحاب الشمال: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ * فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ [المدثر:42-48]، فذكروا أن من أسباب دخولهم النار أنهم ما كانوا يصلون، فمعنى ذلك أن الكافر سيحاسب على تركه الصلاة، وتركه الزكاة، وتركه الصيام، وتركه الحج والعمرة، وأكله الربا، وغير ذلك من مسائل الشريعة، وسيحاسب كذلك على كفره، فالواجب أن يتناهى العقلاء والفضلاء وأهل الحل والعقد عن هذا المنكر، ويخاطب المسئولون بأن هذا مظهر لا يليق بدولة مسلمة ولا بشعب مسلم.
السؤال: أختنا نوال تقول: هل يجوز للمرأة التي قاربت الخمسين أن تضع حجابها؟
الجواب: لا يا نوال ، فلا التي بلغت الخمسين، ولا التي بلغت المائة، لا يجوز لها أن تضع حجابها؛ لأن الخطاب عام، قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ [الأحزاب:59]، أما المرأة الطاعنة في السن التي هي من القواعد، فيصح لها أن تتخفف من بعض الثياب التي تتحفظ فيها الشابة الصغيرة، قال الله: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ [النور:60]، فمثلاً: الشابة تلبس الثياب، ثم بعد ذلك فوقها عباءة زيادة في التحفظ، ولربما تحت العباءة سروال أو بنطال ونحو ذلك، لئلا يبدو منها شيء، فالعجوز يتسامح معها في مثل هذا لو أنها ما لبست العباءة، أو ما لبست الثوب، طالما أنها تلبس الدرع السابغ الذي يسترها.
السؤال: أنا أعمل أشياء وأشعر أنها رياء، لكن والله أنا لا أعملها إلا لوجه الله، كزيارة قريب؟
الجواب: أقول لك يا عبد الله! لا تشتغل بهذا الشعور الذي يأتيك، فإنه من الشيطان، فالشيطان يريد أن يصرفك عن الخير، فيقول لك: بأنه رياء، أنت تذهب لهؤلاء الأرحام رياءً، أنت تصلي رياءً، أنت تتصدق رياءً، أنت تفعل كذا رياءً، فدعك منه، ولا تلتفت إليه، وقل: اللهم إني أعوذ بك من أن أشرك بك شيئاً أعلمه، وأستغفرك لما لا أعلمه.
السؤال: أخونا محمد المعتصم محيي الدين من الخرطوم تاجر سيارات يسأل عن الزكاة؟
الجواب: أقول لك يا محمد المعتصم محيي الدين ! أسأل الله أن يبارك في مالك، وأن يوسع عليك رزقك، وأن يقنعك بما آتاك، المطلوب منك أن تجعل لك حولاً، مثلاً تقول: حولي اليوم الأول من رمضان، ففي هذا اليوم تحصر جميع ما عندك من نقود في الخزنة، وفي الدرج، وفي جيبك وفي البنك، وكذلك عروض التجارة الموجودة عندك من السيارات ونحوها، تحسب هذه كلها، وتخرج منها ربع عشرها اثنين ونصف بالمائة، فلو فرض أن ما عندك يبلغ مليوناً، فمعنى ذلك أنه مطلوب منك أن تخرج ربع عشرها الذي هو 25,000 من الجنيهات.
الشيخ: سؤالك عن مسجد الشهيد أنه منحرف عن القبلة، فيا عبد الله! لا تلتفت إلى ما يقوله هؤلاء الناس، فإن بعض الناس يشككون في كل شيء، حتى إنهم ليشككون في الشمس والقمر، ما عنده مانع يشكك في أي شيء، فإذا دخل مسجداً قال: هذه القبلة غير صحيحة، وإذا نظر إلى الفراش قال: هذا الفراش فيه صلبان، وإذا نظر إلى باب المسجد قال: هذه نجمة داود، وإذا نظر إلى بنائه قال: هذا شعار الماسونية، وإذا هو يشكك في كل شيء، وعنده رأي في كل شيء.
فيا أخي الكريم! المساجد ما تبنى إلا وفق مواصفات هندسية دقيقة، وما توضع خارطة المسجد موضع التنفيذ إلا بعد ما يؤتى برجال المساحة، ومعهم البوصلة التي يحددون بها اتجاه القبلة، وبناءً على ذلك يبنى المسجد، وقبلتنا إلى ناحية الشمال الشرقي والانحراف اليسير لا يضر؛ لأن علماءنا قالوا: ليس المقصود أن تصيب عين الكعبة، بل المقصود أن تصيب جهتها، فمن كان في المسجد الحرام فرضٌ عليه أن يستقبل عين الكعبة، ومن كان في مكة فرضٌ عليه أن يستقبل الحرم، ومن كان خارج مكة فرضٌ عليه أن يستقبل مكة، يعني: نحن الآن نتجه إلى جهة مكة، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
السؤال: أخونا أبو سفيان بارك الله فيه من رفاعة، ويبدو أنه طالب علم يستشكل الحديث الثابت في الصحيح: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما وضع سعداً رضي الله عنه في لحده أشاح بوجهه، وقال: لقد ضم القبر سعداً ضمة لو نجا منها أحد لنجا منها سعد بن معاذ ) يقول: كيف نجمع بين هذا وبين ما ثبت في مسند أحمد بأن الشهيد يفسح له في قبره سبعين ذراعاً؟
الجواب: في الحديث نفسه النبي صلى الله عليه وسلم قال بأن القبر ضم سعداً ضمة ثم سري عنه، ولذلك ضمة القبر لا ينجو منها أحد، ثم بعد ذلك بعض الناس والعياذ بالله يستمر عليه التضييق حتى تختلف أضلاعه، وبعض الناس من الطيبين والصالحين جعلني الله وإياك منهم يفسح له في قبره ويمد له مد بصره، ويفتح له باب إلى الجنة، فيأتيه من روحها، وطيبها، حتى يقول: رب أقم الساعة رب أقم الساعة، ولذلك يا أبا سفيان زادك الله علماً لا تعارض بين الحديثين.
الشيخ: يا أبا بكر من أم درمان! أنت تملك مالاً وعقارات، أسأل الله أن يزيدك من فضله، المطلوب منك في حولك أن تزكي مالك، وأما العقارات، فإذا كان المقصود بها بنايات فالزكاة في ريعها، وأما القطع السكنية الأراضي الفضاء التي ليس عليها بناء، فهذه تزكيها أول ما تبيعها، فإذا بعتها تخرج زكاتها في نفس اللحظة على اعتبار أنه قد حال عليها حول.
الشيخ: يا فضل المولى من سنار! لا تفت، فليست الفتوى صناعتك، وتب إلى الله عز وجل من جمعك الظهر والعصر، وأنت تقرأ قول ربنا: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [النساء:103]، وتقرأ قول نبيك صلى الله عليه وسلم: ( أحب العمل إلى الله الصلاة على وقتها )، فلا تؤخر الظهر إلى أن ترجع إلى البيت، بل أوقع صلاة الظهر في وقتها حيثما كنت، قال صلى الله عليه وسلم: ( حيثما أدركتك الصلاة فصل )، في السوق، أو في المسجد، أو في الشارع، أو في أي مكان صل.
وأما قولك لصاحبك بأن الظفر تشبه بالنساء، نقول أولاً: ما ينبغي لمسلم رجلاً كان أو امرأة أن يربي أظفاره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بتقليم الأظفار، فقال: ( خمس من الفطرة: الاستحداد ونتف الإبط وقص الشارب وقلم الأظفار والختان ).
قال أنس : ( وقت لنا ألا ندع أربعين يوماً )، يعني: ما تخلي أظفارك أربعين يوماً، قبل الأربعين لابد أن تقصها، ومثلها أيضاً الشارب، ومثله الإبط والعانة وما أشبه ذلك، فصاحبك إذا كان يربي هذا الظفر؛ لأنه يحتاج إليه، يعني: بعض أصحاب المهن محتاج إلى ظفره في بعض عمله، فلا حرج عليه، لكن لا يتجاوز الأربعين يوماً، وأما إذا كان يفعل ذلك تشبهاً بالنساء، فهو آثم، وما ينبغي له ذلك والعلم عند الله تعالى.
الشيخ: أخونا محمد الذي اتصل من فرنسا، أنا يا أخي الكريم! بالنسبة لكلامي عن الابن الشرعي، أقول: لو أن مولوداً لقيطاً لا يعرف له أب، وإنسان أخذه ورباه، أطعمه وسقاه، وأنفق عليه، وأحسن إليه، ونشأه على مكارم الأخلاق، ومبادئ الإسلام، فهو مأجور، وأجره عند الله عظيم، ما عنيت أن يعطيه اسمه، فهذا لا يجوز؛ لأن الله تعالى قال: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ [الأحزاب:5]، وكذلك ما يرث من مالك؛ لأنه ليس بينك وبينه سبب للإرث، لا نسب ولا ولاء ولا نكاح، لكن لو أنك أوصيت له فلا بأس، فمثلاً لو أني ربيت غلاماً، وبعد ذلك أكتب في وصيتي بأنه بعد موتي يدفع لهذا الغلام كذا من المال، يعني: فيما دون الثلث فلا حرج في ذلك إن شاء الله.
المتصل: عندي ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: بالنسبة لإقامة الصلاة في المساجد لاحظت في أغلبية المساجد هنا تقام الصلاة، أو يذهب الإمام بنفسه باتجاه الميكرفون فيبدأ بإقامة الصلاة، ولا يزال المصلون جالسين حتى يفرغ أو يوشك أن يفرغ من الإقامة، وبعد ذلك يرتصون، ما حكم الدين في ذلك؟
السؤال الثاني: بعض الجيران يأتون لنا بأكل وطعام وهذا الطعام غير سوداني، فمرات يناسبنا ومرات نحن ما نقدر نتقبله، وفي نفس الوقت ما نقدر نرجعه لكي لا نحرجهم، وبالتالي نرميه في الكشرة، ما حكم الدين في ذلك؟
السؤال الثالث: ما حكم من قطع صلة الرحم تجنباً للفتنة والمشاكل والقال والقيل؟ وجزاك الله ألف ألف خير.
الشيخ: لو جاءك أحد بطعام وأنت لا تريد رده، جزاك الله خيراً على حرصك على شعور أخيك المسلم، لكن أيضاً ما ينبغي لك رميه في الكشرة، والكشرة لمن لا يعرفها هي المزبلة، أو الكوشة كما يقول الناس، فما ينبغي لك ذلك يا يوسف ، بل الواجب أن تتصدق به، أو أن تضعه حتى تطيق أن تأكله، أما إلقاؤه ورميه فالله عز وجل سائلنا عنه، قال تعالى: ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ [التكاثر:8].
الشيخ: والحالات التي لا يجوز فيها الطلاق يا محمد ، أنا أظن أنك تقصد الحالات التي لا يقع فيها الطلاق، أما التي لا يجوز فيها الطلاق، فلا يجوز الطلاق في حال الحيض، ولا في حال النفاس، ولا في الطهر الذي جامعتها فيه، لكن لو صدر فإنه يقع مع الإثم، أما الحالات التي لا يقع فيها الطلاق.
فأولاً: في الإكراه، فلو أن الإنسان أكره على الطلاق فطلق، فطلاقه لا قيمة له.
ثانياً: في حال الإغلاق بمعنى أن يغضب الإنسان غضباً بحيث إنه يستغلق عليه الفهم، فلا يميز بين الأرض والسماء، ولا البقرة والحمار، بحيث إنه إذا أفاق قيل له: إنك طلقت، فيقول: أبداً أنا ما طلقت، يعني: مسكين من شدة الغضب ما كان يدري ما يقول، أما ما يعتقده بعض الناس فيقول لك: والله أنا كنت زعلان وطلقت، أنا أقول: أصلاً أي إنسان يطلق في الغالب يكون زعلان، لكن طالما أنه يعي ما يقول فطلاقه واقع.
الشيخ: بالنسبة للعلم اللدني الذي يدندن حوله كثير من الناس، فأي إنسان يريد أن يمرر دجلاً أو خرافة، أو خزعبلات أو كذا يقول: والله أنا عندي العلم اللدني، نقول له: يا عبد الله! أولاً: الخضر عليه السلام كان نبياً يوحى إليه، ودليل ذلك أنه قال: وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي [الكهف:82]، ومعنى ذلك: أنه يوحى إليه، ويخبر عن الله، وقال: فَأَرَادَ رَبُّكَ [الكهف:82].
ثانياً: الخضر ما كان ملزماً بشريعة موسى عليه السلام؛ لأن موسى كان مبعوثاً لبني إسرائيل، و الخضر ليس منهم.
أما هذا الذي يفعل المنكرات والموبقات، ويقول: أنا لست ملزماً بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم فإنه يكفر والعياذ بالله؛ لأن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم للعالمين، قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا [سبأ:28]، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ( وكان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة ).
الشيخ: وبالنسبة لأسئلة أخينا يوسف ، أقول له: قيام المصلين فيه سعة، بعض العلماء قالوا: يقوم الناس إذا قال المقيم: قد قامت الصلاة، وبعضهم قال: بل يقومون إذا رأوا الإمام، والأمر في ذلك واسع إن شاء الله.
أما أرحامك فقد يكون منهم مشاكل، وهكذا الأرحام دائماً، لكن لا يجوز قطيعة الرحم مهما كانت المشكلات التي تصدر عنهم ويتسببون بها، فلا يجوز قطيعتهم، بل الصبر عليهم والإحسان إليهم، ولا يزال لك من الله نصير ما دمت على ذلك.
السؤال: ما حكم من أفطر يومين عمداً في نهار رمضان؟
الجواب: عليه القضاء يومين، وعليه الكفارة بإطعام ستين مسكيناً عن كل يوم، أو صيام شهرين متتابعين عن كل يوم.
أسأل الله أن يجمعني وإياكم في جنته، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ: أما سؤال أخينا من فرنسا فنقول: بالنسبة لمتزوجة زنت والعياذ بالله فهذه على شر عظيم، ولذلك شريعة الإسلام شددت في عقوبة الزاني المتزوج رجلاً كان أو امرأة، وأوجبت الرجم في حقه، وفي الآية التي نسخ لفظها كما جاء في بعض الأحاديث: ( والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهم ألبتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم )، وكفارتها: التوبة، فمن وقع في الزنا متزوجاً كان أو غير متزوج، فكفارته أن يتوب إلى الله توبةً نصوحاً.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , ديوان الإفتاء [237] للشيخ : عبد الحي يوسف
https://audio.islamweb.net