إسلام ويب

الصلاة عماد الدين، فينبغي على المسلم أن يتعلمها ويحسنها؛ لأنه إن أخل فيها فقد أخل بجزء كبير من الدين، والخطأ فيها من أهم ما ينبغي تجنبه، ولذا لا بد أن يتعرف المسلم على الأخطاء التي يقع فيها بعض المصلين؛ حتى لا يقع في مثل هذه الأخطاء، وحتى يبين لغيره ممن يقع في تلك الأخطاء ما ينبغي عليه تجنبه منها.

ستر العورة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مبارك فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، عدد خلقه ورضا نفسه، وزنة عرشه ومداد كلماته.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد ما ذكره الذاكرون الأخيار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد ما اختلف الليل والنهار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى المهاجرين والأنصار.

أما بعد:

فهذه مواصلة للكلام عن الأخطاء التي يلاحظها الإنسان على المصلين، وقد تقدم معنا الكلام عن الأخطاء المتعلقة بستر العورة، وذكرنا أن ستر العورة واجب، بل هو شرط في صحة الصلاة؛ لأن الله عز وجل قال: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ[الأعراف:31] ؛ ولأن الرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك، قالوا: يا رسول الله! فالرجل يكون خالياً؟ قال: فالله أحق أن يستحيا منه).

وكل ما يتنافى مع هذا الأصل فالواجب تجنبه، فعورة الرجل من سرته إلى ركبته، وعورة المرأة جسدها كله، سوى وجهها وكفيها.

والناس يقعون في جملة أخطاء فيما يتعلق بهذا الأصل مما يفسد عليهم صلاتهم؛ لأن شروط صحة الصلاة كما لا يخفى ستة، ولا تصح إلا بهذه الشروط، وهي: الإسلام، والطهارة من الحدث، والطهارة من الخبث، وستر العورة، واستقبال القبلة، وترك المبطلات.

أما النية فإنها ليست شرطاً، بل ركناً. وأما دخول الوقت فليس شرط صحة، وإنما هو شرط صحة ووجوب.

شروط الصلاة

إن شروط الصلاة على ثلاثة أنواع: شروط وجوب، وشروط صحة، وشروط صحة ووجوب معاً.

أما الوجوب فله شرطان: البلوغ، وعدم الإكراه على تركها.

أما الشرط الأول فمعناه: أن الصبي لا تجب عليه الصلاة، ولكنه لو فعلها صحت، وأما الثاني وهو عدم الإكراه على تركها، فمعناه: أن المكره على الترك لا تجب عليه الصلاة، لكنه لو فعلها صحت.

النوع الثاني من الشروط: شروط الصحة، وهي ستة: أولاً: الإسلام، فالكافر لو صلى لا تنفعه صلاته.

ثانياً: الطهارة من الحدث، سواء كان حدثاً أكبر أو أصغر.

ثالثاً: الطهارة من الخبث، سواء كان في البدن أو في الثياب أو في المكان.

رابعاً: ستر العورة، وهو ما سنذكره هنا.

الخامس: استقبال القبلة.

السادس: ترك المبطلات، ومعنى ترك المبطلات: أن يترك المصلي الأكل والشرب والضحك والكلام واستدبار القبلة إلى آخر ذلك من المبطلات.

النوع الثالث من الشروط: شروط الصحة والوجوب معاً، وهي خمسة: أولاً: العقل، فالمجنون لا تجب عليه، ولو فعلها لما صحت. ثانياً: دخول الوقت، فلا تجب صلاة العشاء إلا في وقتها مثلاً، ولو صليناها في غير وقتها لما صحت. ثالثاً: الطهارة من دم الحيض والنفاس، فالحائض والنفساء لا تجب عليهما الصلاة، ولو فعلاها لما صحت.

رابعاً وخامساً: القدرة على الطهارة المائية أو الترابية، وهذا عند من يقول: إن فاقد الطهورين تسقط عنه الصلاة، وهم المالكية، فإنهم قالوا: إن من لم يجد ماءً ولا صعيداً لا تجب عليه الصلاة، ولو صلى لما صحت صلاته، وهو قول ضعيف، بل قال بعض المالكية: إنه قول شاذ مهجور.

أخطاء بعض المصلين المتعلقة بالثياب وستر العورة

النوع الأول: ستر العورة شرط في صحة الصلاة، وبعض الناس يخل بهذا الشرط، فيصلي في ثياب رقيقة شفافة، أو يلبس سروالاً قصيراً، فيبدو منه بعض الفخذ، أو تبدو منه السرة وما تحتها، فيكون قد صلى وهو كاشف شيئاً من عورته.

أيضاً من الأخطاء التي تقع فيها النساء: العناية بستر الأعلى وإهمال الأسفل، أو الصلاة في الثياب الحازقة أو الضيقة التي تصف العورة، ومن المعلوم أن ثوب المرأة يجب أن يكون فضفاضاً لا يصف، صفيقاً لا يشف.

وبعض النساء بل أكثر النساء تصلي وأقدامها مكشوفة، ومعلوم أن قدمي المرأة عورة يجب سترها، ولا يلزم المرأة أن تلبس الجورب، وإنما الذي يلزمها هو: أن تستر ظهور قدميها، وأن يكون ثوبها سابغاً يغطي ظهور القدمين، أو ثوباً طويلاً بحيث لو وقفت تكون قدماها مستورتين.

ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض المصلين: تشمير الثياب، فبعض الناس يدخل في الصلاة أو في أثناء الصلاة ويكفف ثوبه، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك لما قال: (أمرت أن أسجد على سبعة، وألا أكف ثوباً ولا شعراً).

ومن الأخطاء: أن يصلي الرجل مكشوف العاتقين.

ومن الأخطاء ترك أخذ الزينة عند الخروج إلى المسجد، والله عز وجل يقول: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ[الأعراف:31].

أخطاء بعض المصلين المتعلقة بأماكن الصلاة

النوع الثاني: أخطاء المصلين في أماكن صلاتهم، والأصل في هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث جابر في الصحيحين: (أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ..)، وفي اللفظ الآخر قال: (فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل).

فمن الممكن أن يصلي المسلم في البلاط، أو في التراب، أو في الرخام، أو في أي مكان، إلا المواضع التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، كالمزبلة، والمقبرة، والمجزرة، والحمام، وقارعة الطريق، ومعاطن الإبل، وفوق ظهر بيت الله.

أما الذين يصلون في الأماكن التي فيها ملهيات، كنقوش وصور وزخارف، وقد يصلي بعضهم أمام التلفزيون وهو مفتوح، فأمثال هؤلاء مخطئون، وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما صلى على خميصة أي: ثوب فيه أعلام فبعد أن أكمل الصلاة قال: (اذهبوا به إلى أبي جهم وائتوني بأنبجانية أو بأنبجانيته؛ فإنها ألهتني عن الصلاة آنفاً)، وكذلك السيدة عائشة فقد كان عندها قرام -والقرام مثل الستارة- سترت به جانباً من البيت، فأمرها الرسول صلى الله عليه وسلم بأن تميط ذلك القرام.

فلا ينبغي أن يصلي الإنسان إلى شيء يشغله.

حكم الصلاة على القبور أو إليها وحكم بناء المساجد عليها

إن من الأخطاء التي يقع فيها بعض المصلين: الصلاة على القبور وإلى القبور، فالنبي صلى الله عليه وسلم لعن اليهود والنصارى؛ لأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، ولذلك فإن دفن الميت في المسجد وبناء المسجد على القبر حرام لا يجوز، وأما الاحتجاج على الجواز بقول الله عز وجل: قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا[الكهف:21] ، فالجواب عليه من وجهين: الوجه الأول: أن هذا في شرع من قبلنا، وشرع من قبلنا ليس شرعاً لنا.

الوجه الثاني: هذا القول لا ندري أهو من قول قوم مسلمين، أو من قول قوم كافرين، وكلمة المسجد ليس معناها: بناء المسلمين المعروف، وإنما المسجد: كل موضع اتخذ للسجود، سواء كان سجوداً لله أو لغير الله.

وإذا حكى الله مقالة قوم وما ذمهم ولا عقب عليهم بنهي فمعنى ذلك الجواز.

واحتج بعض الناس بأن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم موجود فيه قبره، ويجاب على ذلك بأنه لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلف الصحابة في مكان دفنه، فبعضهم قال: يدفن بالبقيع، وبعضهم قال: في مكة. ثم هداهم الله إلى قوله صلى الله عليه وسلم: (ما قبض الله نبياً إلا ودفن حيث قبض) فحفروا له تحت فراشه في حجرة عائشة ؛ ولأن حجرة عائشة ما يقول عاقل: إنها كانت في داخل المسجد.

إذاً: هذا ليس فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا من فعل أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ، فما فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم الذي أمرنا باتباعه، ولا من فعل الخلفاء الراشدين الذين أمرنا بأن نعض على سنتهم بالنواجذ. ثم استمر الحال في عهد الحسن بن علي ، ثم في عهد معاوية ، ثم في عهد يزيد بن معاوية ، ثم في عهد معاوية بن يزيد بن معاوية ، ثم في عهد مروان بن الحكم ، وفي عهد عبد الله بن الزبير لما بويع بإمرة الحجاز، ثم في عهد عبد الملك بن مروان ، وهؤلاء سبعة خلفاء بعد الراشدين، ثم الذي غير هذه السنة هو: الوليد بن عبد الملك . وقد اعترض على ذلك العلماء وبينوا لـعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه بأن هذا يخالف سنة النبي صلى الله عليه وسلم، لكن الوليد بن عبد الملك أمر بإنفاذ ما رأى.

ولا يمكن أن نحتج بفعل الوليد ونترك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل لا يحل لنا أن نحتج بقول أبي بكر ونترك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو ظهر بأن بين القولين اختلافاً.

فبناء المساجد على القبور لا يجوز، وأما لو بني مسجد على قبر وأراد الناس أن يقيموا شرع الله، فهل يخرجون القبر من المسجد، أو يهدمون المسجد ويبقى القبر؟

والجواب على ذلك بأن هناك قاعدة تقول: الحق اللاحق لا يرده الحق السابق، فالميت إذا دفن ثبت حقه في المكان الذي دفن فيه؛ لقوله تعالى: أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاءً ?وَأَمْوَاتًا[المرسلات:25-26] ، أي: تضمكم على ظهرها أحياءً وفي بطنها أمواتاً، فإذا بني مسجد على ذلك المكان فلا ينبش القبر، وإنما يهدم المسجد، وإذا كان المسجد قد بني أولاً، ثم أدخل القبر فالحق للسابق وهو المسجد، فينبش القبر ويخرج الميت ويدفن في مقابر المسلمين.

تخصيص مكان في المسجد للصلاة

إن من الأخطاء التي يقع فيها بعض المصلين: تخصيص مكان للصلاة في المسجد، كأن يجلس المصلي في مكان واحد في المسجد كل يوم، ولا يحب أن يجلس فيه أحد غيره، ففي الحديث: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوطن الرجل المكان في المسجد كما يوطن البعير).

أخطاء بعص المصلين المتعلقة بالسترة

ترك اتخاذ السترة

النوع الثالث من الأخطاء: أخطاؤهم في السترة، وأول خطأ: ترك كثير من الناس اتخاذ السترة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تصلي إلا إلى سترة، ولا تدع أحداً يمر بين يديك، فإن أبى قاتله فإن معه قرينا) ، وفي حديث أنس: لقد رأيت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يبتدرون السواري، -والسواري: جمع سارية، وهي: العمود، وكانت أعمدة مسجد الرسول الله صلى الله عليه وسلم من جذوع النخل- حتى يخرج النبي عليه الصلاة والسلام. فإذا أراد الإنسان أن يصلي منفرداً، أو يصلي بالناس إماماً، فلا بد أن يصلي إلى سترة. ومعنى الصلاة إلى سترة: أن يصلي إلى حائط أو جدار، أو يصلي إلى عمود، أو أن يضع أمامه شيئاً طويلاً بحيث يكون قريباً منه، وبينه وبين موضع السجود، فإذا جاء أحد يمر بينه وبين سترته فلا يدعه، فإن أبى فليقاتله، فإن معه القرين أي: الشيطان الذي يخرب على الإنسان صلاته، وقد كان هذا دأبه عليه الصلاة والسلام فما كان يخل أبداً باتخاذ السترة، حتى في بعض غزواته صلى الله عليه وسلم ، فقد كان يغرز الحربة أو العنزة في الأرض ويجعلها له سترة، وفي بعض الغزوات إذا لم يجد شيئاً يتخذه ستره، قال لفرسه: (لا تبرح يرحمك الله حتى نصرخ) ودف فرسه عليه الصلاة والسلام ووقف يصلي، يقول الصحابة: فما حرك ذيلاً ولا عدواً، حتى انتهى الرسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته.

ولما جاءت شويهة تريد أن تمر بين يدي رسول الله وبين سترته، تقدم عليه الصلاة والسلام حتى مرت من ورائه، وكذلك لما جاءت الجارية لتمر بين يديه صلى الله عليه وسلم منعها.

فاتخاذ السترة من آكد السنن، بل قال بعض العلماء بأنه واجب؛ لأن الرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تصلي إلا إلى سترة) وداوم عليها الرسول عليه الصلاة والسلام، وداوم عليها أصحابه من بعده كذلك، كما يقول أنس : كانوا يبتدرون السوري، أي: أن كل واحد منهم يتخذ عموداً يصلي إليه. وإذا لم تكف الناس أعمدة المسجد، فليجعلوا بعضهم لبعضٍ سترة، فقد كان عبد الله بن عمر إذا لم يجد سارية يقول لـنافع : أعطني ظهرك، أي: اقعد لتكون سترة أصلي إليها.

اتخاذ سترة غير مجزئة

الخطأ الثاني: وهو أن بعض الناس يتخذ سترة غير مجزئة، كأن يخط خطاً بيده، ويقول: هذا السترة.

إن مقدار السترة المجزئة التي تستر المصلي هي: دون مؤخرة الرحل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث طلحة (إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبالي من وراء ذلك) ، والرحل مقداره ذراع، والذراع ما بين طرف المرفق إلى طرف الأصبع الوسطى، وهو حوالي ستة وأربعين سنتيمتر، وبعض الأذرع قد تكون طويلة وبعضها قصيرة، والعمل دائماً بالذراع المعتدل، كقولهم: المد: ملئ الكفين المعتدلتين، وإلا فبعض الناس كفه كبيرة، وبعضهم كفه صغيرة. والمقصود هو بيان أن السترة بطول الذراع المعتدل، وعليه فلا يجوز اتخاذ الخط سترة مع القدرة على اتخاذ غيره، ولو كان عصاً أو متاعاً أو تراباً، على قدر استطاعة المصلي.

أما إذا صلى الناس خلف الإمام، ومر إنسان بين الإمام وبين الصفوف فلا حرج عليه؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان له إمام فسترة الإمام له سترة) .

قال عبد الله بن عباس : جئت أنا و الفضل على أتان -والأتان هي أنثى الحمار، وليست حمارة كما يقول بعض الناس، وكما تقول في أنثى الجمل: الناقة، وليست الجملة، وأنثى الثور: بقرة، وأنثى التيس: معزة، وأنثى الكبش: نعجة، ثمانية أزواج من الضأن اثنين، ومن المعز اثنين، ومن البقر اثنين- ورسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة في حجة الوداع، فمررنا على الصف، فنزلنا فتركناها ترتع، ودخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فلم يقل لنا شيئاً عليه الصلاة والسلام، وموضع الشاهد في الحديث: هو أنه صلى الله عليه وسلم أقرهما على المرور بين الصفوف ولم يقل لهما شيئاً، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يقر على باطل، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، فدل ذلك على أن المرور بين يدي المأموم لا يضر. وبسبب الازدحام في المسجد الحرام قد يأتي بعض الناس ويمر في أثناء الصلاة بين الصفوف، وقد يمنعه أحدهم من المرور، ولو تفقه لترك الناس يمرون، ولم يضيق على المسلمين.

أخطاء بعض المصلين المتعلقة بصفة الصلاة

الجهر بالنية

النوع الرابع من الأخطاء: أخطاؤهم في صفة صلاتهم، وأول هذه الأخطاء الجهر بالنية، فلو تأملنا في صلاة البعض لسمعنا العجب العجاب، فمنهم من يقول: نويت أن أصلي صلاة العشاء أربع ركعات حاضراً أداءاً، وبعض الناس يقول: الصلاة فرض الله، اللهم أحسن وقوفنا بين يديك، ولا تفضحنا يوم العرض عليك، وبعض طلاب العلم يفعل ذلك فيخالف السنة، والناس المساكين يقتدون به.

فالجهر بالنية لا يجوز؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جهر بها، والنية محلها القلب، فلا يشرع الجهر بها في صلاة ولا في صيام.

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بـ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[الفاتحة:2] ، وعلم المسيء صلاته بأن قال له: (إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة وكبر)، ولم يقل له: انوي أو تلفظ بالنية، فالنية محلها القلب وهي أساس الأعمال، كما قال الإمام الشافعي في حديث (إنما الأعمال بالنيات) .يدخل في سبعين باباً من أبواب العلم. أي: في الصلاة والوضوء وغيرهما، وأول ركن في التيمم والغسل والصلاة والصيام والزكاة والحج والعمرة هو النية.

عدم تحريك اللسان في الصلاة

الخطأ الثاني: عدم تحريك اللسان في التكبير وقراءة القرآن وسائر أركان الصلاة وأذكارها، والاكتفاء بتمريرها على القلب، فيقرأ ويكبر ويقول: سبحان ربي العظيم، كل ذلك بقلبه، وهذا لا يصلح؛ لأن حديث القلب لا يترتب عليه ثواب ولا عقاب، ولا يترتب عليه صحة ولا بطلان. وقد سبق أن من مبطلات الصلاة: الكلام، ولو أن أحدهم وقف في الصلاة وقال: سأذهب بعد الصلاة إلى مكان كذا، وسوف آكل كذا، أو نحو هذا الكلام فإن صلاته باطلة بالإجماع، لكنه لو قال ذلك بقلبه فحديث القلب لا يؤاخذ الله به، قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله عفا لأمتي عما حدثت به نفسها). إذاً: فلا بد من تحريك اللسان والشفتين في الصلاة، قال الله عز وجل: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ[القيامة:16] ، وكما لا يؤاخذ الإنسان بما حدثت به نفسه من الشر، فكذلك لا يجازى على ما حدث به نفسه من القراءة أو الخير.

ترك رفع اليدين إلى حذو المنكبين

جاء في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رفع اليدين إلى حذو المنكبين في أربعة مواضع: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع، وعند القيام للركعة الثالثة من التشهد الأول، فهذه هي السنة، ولكن كثيراً من الناس يتركونها، وقد رويت بالتواتر عن نحو خمسين صحابياً، فقد رووا كلهم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في تلك المواضع.

ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الناس: عدم التقيد بالسنة، فإذا رفع يديه حاذ بأطراف أصابعه فروع أذنيه، والسنة: أن يرفع المصلي يديه على حذو منكبيه، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل.

وبعض الناس يبالغون في رفع أيديهم كأنهم في رياضة، وبعضهم يرفع يديه قليلاً فلا يصل بها إلى المنكبين, ولا إلى فروع الأذنين، والواجب الحرص على سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

ترك الضم

الخطأ الثالث: إسبال اليدين وعدم وضعهما على الصدر أو تحته، فمن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يضع باطن يمناه على ظاهر يسراه، إما فوق الصدر، وإما تحت الصدر فوق السرة، ولربما قبض عليه الصلاة والسلام بيمناه على كوع يده اليسرى، لذا لم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم أنه يسدل في الصلاة .

وبعض الناس في هذه الأيام يقف مسدلاً يديه ويزداد الأمر سوءاً حين يفتح رجليه!

أما الأحاديث الواردة في وضع اليدين تحت السرة كما يقول الأحناف فلا تصح. وفي هذه المسألة شبهة يتعلق بها المالكية، وهي ما رواه ابن القاسم رحمه الله في المدونة أن مالكاً رحمه الله كان يسبل في الصلاة. أي: يصلي مسبلاً دون أن يضم، فقال المالكية بأن السنة هي الإسبال، وأن القبض مكروه، وقال بعضهم: بأن القبض مكروه إذا كان للاعتماد، أي: للاستناد.

والجواب على هذا من وجهين: الوجه الأول: أن مالكاً روى في الموطأ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (نحن معاشر الأنبياء أمرنا بثلاث: تعجيل فطورنا، وتأخير سحورنا، ووضع أيماننا على مياسرنا في الصلاة)، والقاعدة: أن الراوي إذا خالف روايته فالحجة فيما روى لا في ما رأى، فلو روى أحدهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوضوء (يا سعد ! لا تسرف، قال: أفي الوضوء سرف يا رسول الله؟ قال: نعم، وإن كنت على نهر جاري) وبعد ذلك وجدنا الذي روى هذا الحديث إذا توضأ يفتح الماء فينزل بغزارة، فليس معنى ذلك ألا نعمل بهذا الحديث؛ لأن الراوي خالفه، فالحجة فيما روى لا فيما رأى.

فلو ورد بأن مالكاً رحمه الله كان يسبل فالحجة فيما رواه في موطئه، لا فيما رآه رحمه الله.

الوجه الثاني: أن مالكاً كان يسبل؛ لأن جعفر بن سليمان يوم أن كان والياً على المدينة ضربه حتى خلع كتفه، وذلك أن مالكاً رحمه الله كان في مجلسه في المسجد النبوي الشريف يحدث بحديث: (ليس على مستكره طلاق)، أي: من كان أكره على الطلاق فطلاقه لا يقع. فذهب أناس إلى جعفر بن سليمان فقالوا له: أيها الأمير! إن مالكاً يقول: أيمان بيعتكم هذه ليست بشيء. وذلك أن البيعة للخليفة كانت تؤخذ بأن يحلف بالطلاق ألا يخرج على الخليفة، أو يقوم عليه بانقلاب؛ أو يريد به شراً.

ففسروا كلام مالك بأنه يقصد الخلافة والخليفة، فبعث إليه جعفر بن سليمان : ألا تحدث بحديث: (ليس على مستكره طلاق)، ثم أرسل إليه جاسوساً يسأله عن طلاق المكره. -ومن عادة أهل العلم ألا يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ولا يشترون به ثمناً قليلاً- فقال الإمام مالك لما سئل: قال صلى الله عليه وسلم: (ليس على مستكره طلاق)، فجاء به ذلك الرجل وضربه ضرباً شديداً حتى خلعت كتفه رضي الله عنه، ثم حمله على حمار مستدبراً -أي: عكس اتجاه رأس الحمار- وطاف به في الأسواق، فكان رحمه الله -وهم يطوفون به- يقول: أيها الناس! من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا مالك بن أنس ، أقول: (ليس على مستكره طلاق)، وهكذا حتى أنزلوه من ظهر الحمار.

وبعد ذلك اعتذر إليه فيما بعد أبو جعفر المنصور وقال له: والله ما كان عن رضا منا، وإنما كان ذلك من والي المدينة، وما أمرنا ولا رضينا حين بلغنا ذلك، وحاول أن يسترضي مالكاً رحمه الله.

ولما كان أبو جعفر المنصور يناضر الإمام مالك في مسائل العلم رفع صوته، فقال له مالك رحمه الله: يا أمير المؤمنين! لا ترفع صوتك، فإن الله تعالى أدب أقواماً فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ[الحجرات:2]، وذم أقواماً فقال: إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ[الحجرات:4]، ومدح أقواماً فقال: إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى[الحجرات:3]. وكان ذلك في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم. ثم استدعاه الخليفة إلى قصره وأكرمه، وكان لـأبي جعفر المنصور ولد يأتي ينظر ثم يرجع، وهكذا، فقال له أبو جعفر: يا أبا عبد الله -يعني مالكاً رحمه الله- أتدري لما يصنع الغلام ذلك؟ قال له: لمَ؟ قال له: هيبة منك، فكان يتهيب مالكاً ، وهو الذي مدح بقول القائل:

يدع الجواب فلا يراجع هيبة

والسائلون نواكس الأذقان

أدب الوقار وعز سلطان التقى

فهو المطاع وليس ذا سلطان

حتى الولاة كانوا إذا وقفوا أمامه يبتعدون فيرتعدون؛ لأنه خاف من الله فهابه الناس.

المقصود أن مالكاً رحمه الله لو أسبل فإنه معذور؛ لأن كتفه قد خلع، والإنسان إذا خلعت كتفه لا يستطيع أن يرفع يديه، فضلاً عن أن يضمها إلى صدره.

والحجة فيما رواه مالك لا في ما كان يفعله رضي الله عنه.

ترك دعاء الاستفتاح والاستعاذة قبل القراءة

الرابع من الأخطاء التي تتعلق بصفة الصلاة: ترك دعاء الاستفتاح والاستعاذة قبل قراءة الفاتحة، والسنة قد ثبتت بذلك كله.

وعند المالكية أن الاستعاذة ودعاء الاستفتاح والبسملة من المكروهات في الصلاة، وإنما يبدأ المصلي بقراءة: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[الفاتحة:2]. والذي ينبغي على المصلي ألا يترك دعاء الاستفتاح أو البسملة أو الاستعاذة. ودعاء الاستفتاح قد ورد بصيغ متعددة:

منها: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء البرد).

ومنها: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك).

وبعض العلماء قالوا: هذا الدعاء أفضل من الأول؛ لأن هذا صحبه ثناء على الله، وهو دعاء عبادة ليس دعاء مسألة.

ومنها: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ[الأنعام:79]))، إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ[الأنعام:162-163] .

ومنها: (اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم). ومنها: (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ذو الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة)، ومنها: (اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عن سيئها لا يصرف سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير في يديك، والشر ليس إليك هذا منك وإليك، تباركت ربي وتعاليت).

ولو كان المصلي إماماً فليختر أطول هذه الأدعية.

رفع البصر إلى السماء في الصلاة

الخطأ الخامس: رفع البصر إلى السماء، فقد تجد بعض الناس يرفع بصره في الصلاة وينظر إلى أعلى، وقد يقول إنه لم يرفع بصره إلى السماء إنما رفع إلى أعلى. والجواب: أن كل ما هو أعلى منك فهو سماء، ورفع البصر في الصلاة منك فهو سماء، ورفع البصر في الصلاة منهي عنه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما بال أقوام يرفعون أبصارهم في صلاتهم، لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم).

فالسنة أن ينظر المصلي إلى موضع السجود.

الالتفات في الصلاة

الخطأ السادس: الالتفات يميناً وشمالاً في الصلاة، ففي حديث أن عائشة : سئلت النبي صلى الله عليه وسلم عن الالتفات فقال: (هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد).

والنهي عن الالتفات يعم الالتفات بالرأس أو بالعينين، وهو مكروه، وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الله عز وجل: (يقبل على العبد في صلاته ما لم يلتفت) .

ولو ضربنا مثلاً وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى[النحل:60]: لو أن أحدنا يكلم ولده فأخذ الولد يلتفت يميناً وشمالاً، فلا شك أنه لن يقبل ذلك التصرف من ولده، فإذا كان الإنسان ينكر هذا الفعل من ولده فكيف لا ينكره وهو واقف بين يدي خالقه!

إغماض العينين في الصلاة

الخطأ السابع: إغماض العينين في الصلاة، فقد تجد بعض الناس يغمض عينيه في الصلاة، وهو خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنه ما كان يغمض عينيه في الصلاة، والدليل على ذلك أنه عليه الصلاة والسلام مد يده في صلاة الكسوف ليتناول عنقوداً من عنب الجنة، وكذلك وهو في الصلاة رأى النار، ورأى صاحبة الهرة فيها، ولما مرت شويهة بين يديه وهو في الصلاة تقدم فمرت من خلفه، ولو كان صلى الله عليه وسلم مغمض العينين ما كان سيراها، لكنه صلى الله عليه وسلم رأها فتقدم ليمنعها من المرور بين يديه، ولما أراد غلام أو جارية أن يمر بين يديه في الصلاة منعهما رسول الله صلى الله عليه وسلم من المرور بين يديه.

ومما يدل على أنه ما كان يغمض عينيه في الصلاة أنه صلى الله عليه وسلم رأى خميصة وهو في الصلاة -وهي ثوب فيه أعلام- ولما انتهى من صلاته قال: (اذهبوا بها إلى أبي جهم وائتوني بأنبجانيته؛ فإنها قد ألهتني عن الصلاة آنفاً).

وأيضاً: لما جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فأخبره أن في نعليه نجاسة فخلعهما، فخلع الصحابة نعالهم، فسألهم الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الصلاة: (لما خلعتم؟ قالوا: رأيناك خلعت فخلعنا)، وهذا يدل على أن الصحابة ما كانوا يغمضون أعينهم، والرسول صلى الله عليه وسلم لو كان يغمض لما رآهم؛ لأنه كان عليه الصلاة والسلام يلتفت، وأحاديث كثيرة تثبت بأن التغميض ليس من السنة.

كثرة الحركة والعبث في الصلاة

الخطأ الثامن: كثرة الحركة والعبث في الصلاة، كتنظيف الأظافر، وتحريك العمامة، والنظر في الساعة، وحك البشرة، والنظر في التلفون، وغير ذلك.

أما إذا نسي التلفون مفتوحاً فيجوز إغلاقه في الصلاة، وتكون الحركة عند ذلك من المصلحة، فبدلاً من أن يشغل الناس يرتكب الضرر الأخف لدفع الضرر الأعظم، وإن كان فيه نقص لكنه من أجل صلاته، ولكي يقطع الشر عن المسلمين، وخاصة أن بعض الإخوان لديه نغمات بألحان الأغاني، فإذا دقت هذه النغمة في الصلاة شغلت المصلين عن صلاتهم، وهذه مصيبة عظيمة أصيب بها بعض الناس في هذه الأيام، فليتقوا الله في صلاتهم.

أخطاء بعض المصلين المتعلقة بقراءة الفاتحة

وقد تقدم أن الركن الفعلي لو تعمد الإنسان زيادته فإن صلاته تبطل؛ لأنه تلاعب بالصلاة.

أما الركن القولي كالفاتحة أو تكبيرة الإحرام ففي بطلان الصلاة بتكراره خلاف، لكن الخطأ هو أن تكرر الفاتحة، وهذا هو الخطأ الأول.

الخطأ الثاني: عدم إقامة اللسان بألفاظها، والتهاون في تحقيق حروفها، كقول بعضهم: (( الْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ))، وقول بعضهم: (( مَالِكْ يَوْمِ الدِّينِ )).

والأصل أن تقرأ: مَالِكِ[الفاتحة:4]، وقول بعضهم: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[الفاتحة:5] بتخفيف الياء وعدم تشديدها، والأصل أن تقرأ بتشديد الياء: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[الفاتحة:5]؛ لأن (إيا) بالتخفيف معناه: الضوء، فيكون المعنى: نعبد الضوء. ولذلك قال بعض أهل العلم: بأن الصلاة تبطل بمثل هذا الخطأ.

ومن الأخطاء كذلك: كسر الباء في قوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ ))، وكسر النون في: وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ))، ومن الأخطاء كذلك: وصل همزة القطع في قوله تعالى: صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ[الفاتحة:7]، وبعض إخواننا في الجزيرة العربية يقرءون: غَيْرِ الْمَغْظُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الظَّالِّينَ ))، وإن كان هذا مما يعفى عنه إن شاء الله؛ لقرب المخارج.

فمن أبدل همزة القطع بهمزة الوصل في قوله تعالى: أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ))، فصلاته باطلة، وكذلك من قال: إِيَّاكَ نَعْبُدُ ))، بتخفيف الياء في إياك. ومن الناس من إذا سمع الإمام يقرأ: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[الفاتحة:5]، قال: استعين بالله، فهذا صلاته باطلة عند جماعة من أهل العلم، فينبغي أن يبين له أن هذا لم ترد به السنة، وأن بعض العلماء يعد هذا الكلام من جنس الكلام الأجنبي الذي تبطل به الصلاة، ومنهم من إذا قرأ الإمام: وَلا الضَّالِّينَ[الفاتحة:7]، قال: رب اغفر لي ولوالدي وللجيران والأحباب والإخوان، ويدعوا بدعوات ما أنزل الله بها من سلطان، ظاناً أن الناس إذا قالوا: (آمين) فإنما يؤمنون على دعائه، والناس إنما يؤمنون على دعاء الإمام؛ لأن الله عز وجل يقول إذا قرأ المصلي: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[الفاتحة:5] (هذه بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل).



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , فقه الصلاة أخطاء يقع فيها بعض المصلين [2] للشيخ : عبد الحي يوسف

https://audio.islamweb.net