إسلام ويب

مسائل الجد والإخوة من المسائل الاجتهادية التي تعددت فيها اجتهادات الفقهاء, ولم يعتمدوا فيها على نص من كتاب أو سنة. وعلى مذهب الجمهور يرث الجد والإخوة سوياً, ولكن يختلف مقدار ما يأخذه الجد مع الإخوة بوجود صاحب فرض في المسألة أو عدم وجوده, وإذا كان هناك صاحب فرض فالجد يأخذ الأحظ من المقاسمة والسدس وثلث الباقي, وتتعين له المقاسمة في أحوال مضبوطة حصرها الفقهاء في صور معدودة.

أدلة توريث الجد الثلث أو ثلث الباقي أو السدس

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.

اللهم زدنا علماً نافعاً وعملاً صالحاً بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين.

سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك، سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً, أما بعد:

إخوتي الكرام! كنا نتدارس أحوال الجد مع الإخوة على القول بتوريث الإخوة مع الجد, وقلت:

للجد مع الإخوة حالتان:

الحالة الأولى: ألا يكون معه صاحب فرض, وتقدم معنا الكلام على هذه الحالة: ألا يكون معه صاحب فرض، هذا إذا كانوا صنفاً واحداً, فنعطي الجد الأحظ من أمرين: من المقاسمة، ومن ثلث كل المال، هذا فيما إذا كان الإخوة نوعاً واحداً.

والحالة الثانية: إذا كان مع الجد والإخوة أصحاب فروض وهم صنف واحد فنعطي الجد الأحظ من أمور ثلاثة: المقاسمة، ثلث الباقي، سدس كل المال، هذه الحالة الثانية مع الحالة الأولى كلاهما قسم واحد, وهو: ألا يكون مع الجد والإخوة صاحب فرض، إذا كان الإخوة صنفاً واحداً مع الجد.

والحالة الثالثة: إذا كان الإخوة أصنافاً, أي أشقاء أو لأب, ولها حالتان أيضاً:

ألا يكون هناك صاحب فرض أو أن يوجد صاحب فرض.

وعليه فهما حالتان بارزتان تنفصلان إلى أربعة أحوال، ونحن لا زلنا في الحالة الأولى لكن بقسمها الثاني، عندما يكون الإخوة صنفاً واحداً لكن يوجد مع الإخوة والجد صاحب فرض، ففي هذه الحالة يأخذ الجد الأحظ والأكثر والأحسن من أمور ثلاثة: المقاسمة, ثلث الباقي, سدس كل المال.

دليل توريث الجد بالمقاسمة مع الإخوة

قبل أن نشرع في تفصيل هذه الأحوال الثلاثة، نقول المقاسمة نعطيها للجد كما أعطيناه هناك المقاسمة لأنهم استووا في جهة الإدلاء, فكل من الجد والإخوة أدلى بأب، فما ينبغي أن نفضل واحداً على آخر، فنجعله كأنه أخ, فهناك نقاسم وهنا نقاسم إذا كانت المقاسمة أحظ، وإذا كانت المقاسمة ستضر فهناك قلنا: نعطيه الثلث ولا ينزل عنه، وهنا ننتقل إلى ثلث الباقي، ما هو الداعي للتفريق؟

دليل توريث الجد الثلث إذا لم يكن هناك صاحب فرض

أعطيناه الثلث إذا لم يكن مع الجد والإخوة صاحب فرض لأمرين:

الأمر الأول: إذا وجد الجد مع الأم فقط، فله هذا بالاتفاق, الأم لها الثلث لعدم وجود جمع من الإخوة ولعدم وجود فرع وارث، والجد له الباقي، فلها الثلث وله ثلثان، ولو وجد إخوة مع الأم ينزلونها من الثلث إلى السدس، فلو وجد إخوة أيضاً مع الجد كما أنزلوا الأم من الثلث إلى السدس ينزلون الجد من الثلثين إلى الثلث.

ولذلك لا ينبغي أن يحجب الإخوة الجد عن أكثر من الثلث, إنما يحجبونه إلى الثلث، أما أن يحجب عن الثلث فلا، كما أنهم لا يحجبون الأم عن السدس, فلها السدس والجد له ضعف ما للأم، فإذا لم يكن هناك مع الأم والجد أحدٌ من الورثة أخذ المثلين والأم أخذت نصف ذلك، فإذا وجد جمع من الإخوة ينزلون الأم إلى السدس, فالجد ينزل أيضاً لوجود الإخوة؛ لكن يبقى التضعيف في حقه بالنسبة للأم، فلا ينزل عن الثلث.

هذا دليل الجمهور وكما قلنا: كلها أدلة اجتهادية لا يوجد أدلة شرعية تفصيلية من القرآن والسنة.

دليلهم الثاني في إعطاء الجد ثلث كل المال على القول الأول وهنا ثلث الباقي:

يقولون: الإخوة لغير أم -وهم: الأشقاء أو لأب- لا يحجبون الإخوة لأم عن الثلث بالإجماع, فمن باب أولى ألا يحجبوا الجد عن الثلث لأن ال

جد يحجب الإخوة لأم، فإذا كان الإخوة الأشقاء والإخوة لأب ما وصلت قوتهم في أن يحجبوا الإخوة لأم فمن بابٍ أولى ألا يحجبوا الجد، عن الثلث، فلا ينزل عن الثلث بحال إذا لم يكن معه صاحب فرض، وإذا كانت المقاسمة أنفع أخذها، لم لا ينزل عن الثلث؟ لهذين الأمرين:

الأول: إذا انفرد الجد مع الأم له مثلاها، وإذا وجد إخوة فغاية ما ينقصونها أنهم ينزلونها من الثلث إلى السدس، فيبقى الجد له ضعف ما للأم, أي: الثلث.

الأمر الثاني: الإخوة الأشقاء أو لأب الذين قلنا بتوريثهم مع الجد لا يحجبون الإخوة لأم عن الثلث أبداً، فمن بابٍ أولى ألا يحجبوا الجد, لأن الجد أقوى من الإخوة لأم, والدليل أنه يحجبهم.

نحن لا نتكلم الآن في الإخوة لأم على أن فيها نصاً، نحن نريد أن نتكلم فيما لا نص فيه ماذا نعمل فيه؟ أبو حنيفة قال: له المال كله، والإخوة يحجبون، الجمهور قالوا: لا الجد يحجب الإخوة ولا الإخوة يحجبون الجد.

قيل: كيف ستورثون الجد في هذه الحالة؟ بقيت أقيسة واجتهادات، أما تقول لي: نص فما عندنا نص في الجد، ولو كان عندنا نص لانتهى القيل والقال، لكن هنا الجمهور يقولون: الجد أقوى من الإخوة لأم، فالإخوة لأم أخذوا الثلث مع الإخوة الأشقاء، وأخذوا الثلث مع الإخوة لأب فمن بابٍ أولى أن الجد يأخذ الثلث.

وكلها أدلة -كما قلت-: اجتهادية ولا نص في ذلك على الإطلاق، وتقدم معنا من مرجحات القول الأول قلنا: التفصيلات والتفريعات الدقيقة التي قال بها من ورثوا الإخوة مع الجد لا يهتدي إليها العقل، فهذا مما يدل عند القول الأول على ضعف هذا القول، وأن هذا ينبغي أن يلغى، أما هنا فلا يوجد نص, عندنا في الإخوة لأم نص لاشك فيه، ولهم الثلث، لكن بما أن الجد لا يوجد نص ماذا نعمل؟ هل نعطيه المال كله ونحجب الإخوة؟ قول معتبر، هل نشرك الإخوة معه؟ قول معتبر، إذا شركنا كيف ستكون عملية التشريك؟ فقالوا: لا ينزل عن الثلث، وإذا كان مقاسمة أعطيناه إياها، هذا إذا لم يكن هناك صاحب فرض، فعندما قالوا: لا ينزل عن الثلث فليس رأياً هكذا بدون تعليل شرعي, بل عللوا بهذين الأمرين مع الأم ومع الإخوة لأم كما تقدم.

دليل إعطاء الجد ثلث الباقي إذا كان هناك صاحب فرض

أما ثلث الباقي مع أصحاب الفروض فذلك لأمرين أيضاً:

أولاً: قياساً على الغراوين (العمريتين)، وما وجه القياس؟

قالوا: للأم ولادة وللجد ولادة، فبما أن الأم تأخذ ثلث الباقي هناك والجد يأخذ ثلث الباقي هنا؛ لأنه أحظ له، فوجد إخوة ووجد صاحب فرض، إذا كان ثلث الباقي أحظ للجد من المقاسمة ومن السدس أعطيناه إياه، لأننا اتفقنا على أن ثلث الباقي فرضٌ لمن له ولادة في بعض المسائل وهي الأم، فسنعطيه للجد في هذه المسألة.

دليلهم الثاني: قالوا: إذا لم يكن مع الجد والإخوة صاحب فرض لا ينزل عن الثلث على حسب قول الجمهور، فإذا وجد معه صاحب فرض فأعطِ صاحب الفرض فرضه، وما بقي تعطي للجد ثلثه.

قالوا: وإنما لا نعطيه ثلث المال هنا لئلا يضر بالإخوة؛ لأنه قد لا يبقى إلا الثلث.

مثلاً: مات وترك بنتين وجداً وأخاً شقيقاً، لو أردت أن تعطي للجد هنا ثلث كل المال أخذ المال الباقي كله، فإما ثلث الباقي وإما المقاسمة، وإما السدس كما سيأتينا، لم؟ قالوا: نحن هنا لو لم يكن صاحب فرض أخذ الجد ثلث كل المال، فإذا وجد صاحب الفرض اجعل صاحب الفرض كأنه غير موجود، فأعطه فرضه وأخرجه من المسألة, وما بقي يأخذ الجد ثلثه، فهو ثلث الكل بالنسبة لما بقي، لكن بالنسبة لما أخذه أيضاً صاحب الفرض يعتبر ثلث الباقي، فهو ثلث الكل من ناحية وهو ثلث الباقي من ناحية، هذا قول الجمهور لا يوجد عليه نص.

أنا كما قلت لكم مراراً: مسائل الفرائض من مبحث الجد والإخوة فما بعدها اجتهادية، هؤلاء الذين يكثرون اللغط في هذه الأيام ويقولون: المسألة لابد من نص والمذهب الفلاني أقرب إلى السنة من كذا، قل الآن أي المذاهب أقرب؟ وما هو الدليل على هذا أو هذا؟ كلها مسائل اجتهادية ويبنى عليها فروقات كبيرة في الدنيا من أموال طائلة.

مات وترك جداً وأخاً شقيقاً وأخاً لأب على قول أبي حنيفة : المال كله للجد، وقد يكون المال عشرة ملايين، وعلى قول الجمهور: الثلث للجد، والثلثان للأخ الشقيق؛ لأن الأخ لأب يعد ويطرد بعد ذلك. فانظر كيف اختلفت, يعني: ستحجب الأخ الشقيق عن ثلثي المال على قول الجمهور بقول أبي حنيفة ، يعني: ستحجبه عن أكثر من ستة ملايين.

الآن هات النص على هذا وعلى هذا، يا إخوتي! كل الأحكام الشرعية مبنية على اعتبارات شرعية شك في ذلك!

إذاً: هنا الفارق بين الحالة الثانية والأولى: أننا نعطيه ثلث كل المال، وهنا ثلث الباقي كما قلت: هناك تعليلان معتبران، وهنا تعليلان معتبران.

دليل توريث الجد السدس

الأمر الثالث هنا: السدس إذا كان المقاسمة لا تنفعه، وثلث الباقي لا ينفعه تعين أن نعطيه السدس, ولم نعطيه السدس؟

لأنه فرض في الجملة للأب، الأب يأخذ فرض السدس، والجد نازل منزلة الأب.

فإن قيل: إنه فرض للجد مع وجود فرع وارث، فنقول: مسائل الجد والإخوة لها حكم خاص، هذا الآن موضوع فرع وارث أو لا هنا عندنا تفريع خاص بالجد والإخوة، لكن فرض السدس يأخذه الأب في بعض أحواله، والجد ملحق به، فنحن لا ننزل الجد عنه أبداً، ولذلك لا يجوز أن نشرك بينه وبين الإخوة إذا بقي السدس فقط, بل يصرف للجد ويطرد الإخوة؛ لأن هذا كما قلنا: فرض للأب في الجملة فلا ينزل عنه، وما ينزل الأب عن السدس في حالة من حالات الفرائض، ولذلك أدنى مراتب الجد: أن يأخذ السدس ولا ينزل عنه بحال، فنعطيه المقاسمة إذا كانت أنفع، ونعطيه ثلث الباقي إذا كان أنفع، فإن لم يمكن أن نعطيه هذا وهذا لأنه سيأخذ أقل من السدس, تعين السدس.

أحوال الجد مع الإخوة إذا كان معهم صاحب فرض

ثلاثة أمور للجد مع الإخوة إذا وجد صاحب فرض بشرط أن يكون الإخوة صنفاً واحداً: المقاسمة، ثلث الباقي، سدس كل المال، هذه الأمور الثلاثة تنقسم إلى سبعة أحوال، سنفصل الكلام عليها إن شاء الله:

أولها: أن تكون المقاسمة خيراً للجد.

ثانياً: أن يكون ثلث الباقي خيراً للجد.

ثالثاً: أن يكون السدس خيراً للجد.

الحالة الرابعة: أن تستوي المقاسمة وثلث الباقي مستويان وهما خير للجد من السدس.

الخامسة: أن تستوي المقاسمة وسدس كل المال وهما خير للجد من ثلث الباقي.

سادساً: أن يستوي السدس وثلث الباقي وهما خير للجد من المقاسمة.

سابعاً: أن تستوي الأمور الثلاثة: المقاسمة، وثلث الباقي، والسدس، فلا يوجد تفضل بينها، كلها نسبتها واحدة.

هذه سبعة أحوال على التفصيل لهذه الأمور الثلاثة:

الأحوال التي يتعين للجد فيها المقاسمة عند وجود صاحب فرض

أولاً: أن يكون الفرض أقل من النصف والإخوة أقل من مثليه

أولاً: المقاسمة، نبدأ بها: تكون المقاسمة أحظ للجد الأحوال الآتية:

أولها: إذا كان الفرض أقل من النصف، والإخوة أقل من مثليه فالفرض إما سدس أو ربع، أو سدس وربع، وفي ذلك خمس عشرة صورة؛ لأن المقاسمة ستكون للجد أحظ من ثلث الباقي، ومن السدس، ومن ثلث كل المال في الحالة الأولى في خمس وثلاثين صورة في الفرائض ليس لها زيادة، هذه كلها ستذكر الآن.

إذاً: عندنا الفرض أقل من النصف: ربع, أو سدس, أو ربع وسدس فلا زال أقل من النصف، لأن الربع إن ضممت إليه الربع صار نصفاً، وأما إذا ضممت إلى الربع سدساً بقي أقل من النصف، هذه ثلاثة أحوال، والإخوة أقل من مثله, في ذلك خمس عشرة صورة، من أين جاءت هذه الصور؟

أما ذكرنا في الحالة الأولى أنه إذا كان الإخوة أقل من مثلي الجد فللجد المقاسمة، ويكون الإخوة أقل من مثليه في خمس صور، هنا خمس صور في ثلاث حالات، السدس خمس صور، الربع خمس صور، سدس وربع خمس صور, صارت خمس عشرة صورة.

نمثل على كل صورة من هذه بحالة واحدة.

خذ مثلاً فرض السدس، وقد تقدم معنا أن ستة من أصحاب الفروض يرثون مع الجد والإخوة, فلنفرض جدة وجداً, وضع من شئت من الإخوة بشرط أن يكونوا أقل من مثليه، فالأخ الواحد يصح، أخ وأخت يصح، أخت تصح، أختان تصح، ثلاث أخوات تصح، صار كم صورة؟ خمس صور, نمثل على واحدة منها: أخ مثلاً, فالمقاسمة أحظ للجد ما دام أقل من مثليه, لأن الفرض معنا أقل من النصف, والفرض إذا كان أقل من النصف فسيبقى أكثر من النصف للجد والإخوة, فإذا بقي النصف ثلث الباقي يعتبر سدساً؛ لأن الفرض لو كان ستة مثلاً وبقي ثلاثة فثلث الباقي واحد وهو سدس، فإذا قاسمته لأن الإخوة أقل من مثليه يأخذ أكثر من واحد، وإذا أعطيته السدس فهو واحد، وإن أعطيته ثلث الباقي فهو واحد، وإذا كان الإخوة أقل من مثليه فسيأخذ أكثر من الواحد بالمقاسمة فهي أحظ له.

قلنا: الجدة لها السدس، وهذا الفرض أقل من النصف، والإخوة أقل من مثليه, فالجد له مقاسمة, ولو عملت عملية حسابية ستصل إلى هذا في نهاية الأمر.

بقي خمسة والرؤوس اثنان، لا تنقسم, نضرب اثنين في ستة تساوي اثني عشر، الجدة لها اثنان، والباقي عشرة بين الجد والأخ، أخذ الجد خمسة وهي أكثر من ثلث الباقي وأكثر من السدس, فهذا أحظ له.

ننتقل إلى فرض الربع: عندنا زوجة وارثة وجد، نضع الآن أقصى نصيب يمكن أن يجتمع, وهو ثلاث أخوات أو أخ وأخت, وكلهم كما تقدم معنا صنف واحد فانتبهوا لذلك.

الزوجة لها الربع, بقي معنا ثلاثة، إن أعطيته ثلث الباقي سيأخذ واحداً، إن أعطيته السدس سيأخذ أقل من واحد لأن الربع أكثر من السدس, فالمقاسمة أحظ له.

بقى ثلاثة والرءوس خمسة, الآن خمسة في أربعة: عشرون، واحد في خمسة: خمسة للزوجة وهي الربع, ثلاثة في خمسة: خمسة عشر, والرءوس خمسة لكل رأس ثلاثة، فإذاً الجد له ستة، والأخ له ستة والأخت لها ثلاثة.

هذه الآن أخذ الجد ستة, وهي أكثر من ثلث الباقي ومن السدس، أكثر من السدس قطعاً لأن السدس في العشرين تقريباً ثلاثة وكسر، فأعطيناه مقاسمة، هذه على فرض الربع, ولها خمس صور بعد ذلك من باب أولى.

عندنا الفرضان مجتمعان: الربع والسدس: جد وزوجة وأم وثلاث أخوات.

الأم لها السدس لوجود جمع من الإخوة، والزوجة لها الربع لعدم الفرع الوارث, المسألة من اثني عشر، سدسها اثنان, وربعها ثلاثة, بقي معنا سبعة.

فأنت لو أعطيت ثلث الباقي للجد سيأخذ اثنين وثلثاً، ولو أعطيته السدس سيتضرر سيأخذ اثنين فقط من اثني عشر، ولو أعطيته المقاسمة سيأخذ أكثر لأن الإخوة أقل من مثليه.

قلنا: بقي معنا سبعة، والرءوس خمسة لا تنقسم، قلنا: سبعة، خمسة في اثني عشر: ستون، اثنان في خمسة عشرة، ثلاثة في خمسة: خمسة عشر، سبعة في خمسة: خمسة وثلاثون.

خمسة وثلاثون اقسمها على خمسة, يحصل لكل رأس سبعة، الجد له أربعة عشر, وهؤلاء واحد وعشرون لكل واحدة سبعة.

فهذه أربعة عشر أحظ للجد، كل فرض من هذه الفروض له خمس صور, صار معنا خمس عشرة صورة.

إذاً: الفرض أقل من النصف، والإخوة كما قلنا: أقل من مثليه، فالجد الآن الأحظ له المقاسمة بلا توقف، متى ما كان الفرض أقل من النصف أنت مباشرة احسبها في ذهنك, إن أعطيته ثلث الباقي سيتضرر.

إذاً: الإخوة أقل من مثليه, ولو كانوا مثليه لاستوى ثلث الباقي مع المقاسمة, لكن المقاسمة أحظ من ثلث الباقي، بما أن الباقي أكثر من النصف، هو لو بقي نصف لكان سدس, والسدس يعدل ثلث الباقي، ويعدل المقاسمة لو كان الإخوة مثليه، لكن الباقي أكثر من النصف، وعليه إن أعطيته السدس يتضرر، وإن أعطيته ثلث الباقي يتضرر، وإن أعطيته المقاسمة هذا أحظ له.

ثانياً: أن يكون الفرض نصفاً والإخوة أقل من مثليه

الحالة الثانية: الفرض نصف والإخوة أقل من مثليه وله خمس صور؛ هي: أن يكون معه: أخت، أو أختان، أو ثلاث أخوات، أو أخ وأخت، أو أخ فقط.

مثلاً: بنت أو زوج وجد وأخت شقيقة.

الآن الفرض النصف، والإخوة أقل من مثليه، فالأحظ له المقاسمة.

المسألة من اثنين نصفها واحد, وبقي واحد بين الجد والأخت ورءوسهم ثلاثة، ثلاثة في اثنين: ستة, وواحد في ثلاثة: ثلاثة، الجد له اثنان, وللأخت واحد، أي أنه أخذ ثلث المال، اثنين من ستة، ثلث فلو أعطيته ثلث الباقي سيأخذ واحداً، وهو السدس, وهنا أخذ السدسين بالمقاسمة, فهي خير له من السدس ومن ثلث الباقي.

وهكذا بقية الصور واضحة, وهي خمس, فإذا جمعت للحالة الأولى صارت عشرين صورة.

نحن قلنا: في خمسة أحوال تكون المقاسمة خيراً للجد، هذه الأحوال تنقسم بعد تفريعاتها إلى خمس وثلاثين كما سنفصلها.

ثالثاً: أن يكون الفرض ثلثين ومع الجد أخت لغير أم

الحالة الثالثة: أن يكون الفرض ثلثين، ومع الجد أخت شقيقة أو أخت لأب.

ويلحق بالثلثين ويلحق به ما يساويه من سدس ونصف, لأنه سيأتينا أن بعض الورثة يأخذ نصفاً وبعضهم سدساً، صار الفرض أيضاً ثلثين، المقصود أن هذا وهذا واحد.

ولها صورتان فقط؛ لأنها أخت واحدة, ولكن تتعدد الصور على مقدار عدد الإخوة والفروض، فعندنا فرضان أخت في هذا الفرض وأخت في هذا الفرض, فتكون في صورتين: صورة مع الثلثين وصورة مع السدس والنصف.

نمثل عليهما: مات وترك بنتين يعني: لا يكون صاحب الثلثين إلا البنتين، فقد تقدم أن الذين يرثون مع الجد والإخوة ستة أصناف من أصحاب الفروض: أم وجدة، بنت وبنت ابن، والزوجان، فالبنات الآن لهما الثلثان, فالمسألة من ثلاثة, للبنتين اثنان بقي معنا الثلث، لو أعطيت للجد ثلث الباقي لأخذ ثلث الثلث، أي ثلث الواحد، ولو أعطيته مقاسمة سيأخذ ثلثي الواحد، وذلك الواحد أكثر من السدس.

بقي معنا واحد والرءوس ثلاثة, ثلاثة في ثلاثة: تسعة، وواحد في ثلاثة: ثلاثة، للجد اثنان وللأخت واحد.

اثنان من تسعة أكثر من السدس، إذاً أحظ من السدس, وهو أحظ من ثلث الباقي قطعاً؛ لأن ثلث الباقي سيأخذ واحداً من تسعة، وعليه في هذه الحالة المقاسمة أحظ.

متى ما وضعت أحداً من الإخوة ومع الأخت ضرته المقاسمة ضع أختاً واحدة وانظر كيف ستضره المقاسمة في هذه الحالة، أخت أخرى ما يصلح مقاسمة سيأتي للضابط ماذا سيأخذ لكن من باب معرفة الأمر، هذان ثلثان، ماذا بقي معنا؟ واحد، واحد أنت لو أعطيته للجد مقاسمة لو أعطيته مقاسمة سيأخذ نصف الواحد، نصف الواحد يعدل السدس، وعليه السدس والمقاسمة مستويان، فلا يقال: المقاسمة أحظ، أما ثلث الباقي فيضره, يعني: هنا لا نقول المقاسمة أفضل، إنما المقاسمة وسدس كل المال مستويان.

انتبه ماذا سيخرج معنا، إن شئت اتركها مقاسمة لكن لا لأن الأفضل، وإن شئت افرض له السدس، إن فرضت له السدس فالمسألة تكون من ستة، ثلثاها أربعة اثنان واثنان للبنتين، سدسها واحد، بقي واحد للأختين, صحح المسألة, بضرب اثنين في ستة تكون المسألة من اثني عشر.

أعطه المقاسمة تبقى هي هي، من اثني عشر, ثمانية للبنتين, بقي أربعة مقاسمة للذكر مثل حظ الأنثيين، للجد سهمان وللأختين سهمان، فهنا المقاسمة والسدس مستويان فلا نقول: المقاسمة أحظ، فلا تتعين المقاسمة.

إنما سيأتينا من الأحوال السبعة حكم آخر لذلك، لكن نحن نبحث فيما إذا كانت المقاسمة أحظ له.

نحن قلنا: هذه صورة أولى، والصورة الثانية: عندنا نصف وسدس، هي هي نفس المسألة لكن بدل البنتين ستضع بنتاً وبنت ابن وجداً وأختاً واحدة, نفس الفرض لكن هنا بدلاً من أن تضع المسألة من ثلاثة ستضعها من ستة، المسألة من نصف، البنت لها النصف, وبنت الابن لها السدس تكملة للثلثين, وجد وأخت لهما الباقي مقاسمة، المسألة من ستة نصفها ثلاثة، وسدسها واحد, بقي معنا اثنان، والرؤوس ثلاثة لا تنقسم, الرؤوس ثلاثة، تصبح المسألة من ثمانية عشر، ثلاثة في ثلاثة تسعة للبنت، والبنت الابن واحد في ثلاثة ثلاثة، بقي معنا اثنان في ثلاثة ستة، الجد أربعة، والأخت الشقيقة اثنان.

رابعاً: أن يكون الفرض بين النصف والثلثين والإخوة مثله أو أقل

الحالة الرابعة: الفرض فوق النصف ودون الثلثين والإخوة مثل فما دونه:

فوق النصف دون الثلثين حدده بثمن ونصف، لأن النصف إن وضعت إليه سدساً صار ثلثين، وإن وضعت إليه ثمناً كان فوق النصف ودون الثلثين، والإخوة مثل فما دونه، أي: أخ أو أختان أو أخت، وهي ثلاث صور: أخت، أختان، أخت، اضربها في فرض صارت ثلاث صور، المثل شامل للأخ، شامل للأختين، وما دونه شامل للأخت فدخل معنا ثلاث صور، وعندنا فرض واحد وهو فوق النصف دون الثلثين، وهو نصف وثمن، فالأحظ للجد المقاسمة, هذه ثلاث صور، فيكون معنا الآن خمس وعشرون صورة.

هذه نأتي عليها بالتمثيل قبل أن نفارقها، لابد من أن نضع زوجة وفرعاً وارثاً ما دام المراد نصفاً وثمناً، زوجة وبنت وجد، وأخ الزوجة لها الثمن لوجود الفرع الوارث، والبنت لها النصف، وهنا الجد والأخ لهما مقاسمة على القاعدة التي وضعناها، المسألة من ثمانية ثمنها واحد ونصفها أربعة، بقي معنا ثلاثة، والرؤوس اثنان فلا تنقسم, نضرب اثنين في ثمانية ستة عشر، للزوجة واحد في اثنين اثنين، أربعة في اثنين ثمانية هذه للبنت، هنا ثلاثة في اثنين ستة، لكل واحد ثلاثة.

الثلاثة من ستة عشر أكثر من السدس, لأن ثلاثة من ثمانية عشر سدس، فأحظ من السدس وأحظ من ثلث الباقي قطعاً.

خامساً: أن يكون الفرض ثلثاً أو ربعاً ومع الجد أخ أو أخت

الحالة الخامسة: الفرض ثلث أو ربع وثلث، ويوجد مع الجد أخ أو أخت, لا يجوز أن تقول: أخ أو ما يعدله يعني: أختين, هنا يختلف لذلك ما قلنا: مثل، لأنك مهما وضعت أختين تفسد المسألة.

سنضع أماً تأخذ الثلث بوجود الأخ، ولو وضعت أختين نزلت إلى السدس مع أن الجد نصيبه مع الأخ ومع الأختين واحد، لكن يتغير تركيب المسألة فانتبه لهذا.

إذاً: عندنا إما ثلث أو سدس وربع، ومع الجد أخ أو أخت فقط، يصبح معنا أربع صور.

مثال على الثلث: أم, لا يوجد أحد من الورثة الذين يرثون بالفروض يأخذون الثلث إلا الأم.

أم وجد وأخ، الأم لها الثلث لعدم جمع من الإخوة وعدم الفرع الوارث، المسألة من ثلاثة: الأم لها واحد, ونقاسم الباقي بين الجد والأخ, فللجد واحد, أي أخذ ثلث كل المال، ولو أعطيته ثلث الباقي لضره، ولو أعطيته السدس من باب أولى يضره، هذه مقاسمة.

إذاً: الفرض ثلث، وسيأتينا الآن الصورة الثانية، هذه صورة، ضع بدل الأخ أختاً، هاتان صورتان، ومع الحالة الثانية صورتان صار المجموع أربعاً.

أم وزوجة وجد وأخت: الأم لها الثلث لعدم جمع من الإخوة وعدم فرع وارث، والزوجة لها الربع لعدم الفرع الوارث وهنا قلنا: مقاسمة على قاعدتنا، المسألة من اثني عشر ثلثها أربعة للأم، وربعها ثلاثة للزوجة، بقي معنا خمسة لا تنقسم على الرؤوس, ثلاثة في اثني عشر ست وثلاثون، أربعة في ثلاثة باثني عشر, هذه للأم، ثلاثة في ثلاثة تسعة للزوجة، خمسة في ثلاثة خمسة عشر, عشرة للجد وخمسة للأخت، فهذه العشرة أحظ من السدس قطعاً, لأن العشرة من ستين سدس، فهي هنا أحظ من السدس بأضعاف، وأحظ من ثلث الباقي، لأن الباقي خمسة عشر, لو أعطيته ثلث الباقي سيأخذ خمسة.

سادساً: المسألة الأكدرية

عندنا صورة مستثناة وهي الأكدرية وسأذكرها, فتصير الصور بها ثلاثين، وأين الصور الخمس الأخرى؟

تقدمت الصور الخمس الباقية عند الحالة الأولى, وهي إذا لم يكن مع الجد صاحب فرض, قلنا: الأحظ للجد المقاسمة في خمس صور, وهي ما إذا لم يكن الإخوة مثلي الجد، يعني: أقل من مثليه أخ, أخت, أختان، أخ وأخت, ثلاث أخوات، هذه خمس صور, صار معنا أربع وثلاثون, والأكدرية توفي خمساً وثلاثين لا يوجد حالة للجد تكون المقاسمة له فيها أحظ في الفرائض كلها إلا في هذه الصور.

يعني: هي مسائل الجد والإخوة كلها كدر، وهذه الأكدرية زادت الكدر كدراً، فهذه سميت بالأكدرية لعدة أمور:

أولها: كدرت مذهب زيد وأصوله في الفرائض, يعني: هذا التفصيل المتقدم عند زيد رضي الله عنه, فهذا التفصيل الذي وضعه جاءت هذه المسألة فخرمته وغيرته، فقيل لها: أكدرية.

وقيل لها أكدرية أيضاً لأمر آخر نذكر لكم ستة أمور من أمور كثيرة ذكرها الفرضيون:

قيل: لأن أقوال الصحابة تكدرت فيها أكثر من تكدرها في مسائل الجد والإخوة.

وقيل: لأن الزوج من بني أكدر. وقيل: لأن السائل من بني الأكدر، هذه أربعة.

وقيل: لأن الأخت التي ستشارك الجد من بني الأكدر, هذه خمسة تعليلات.

والسادس: قيل: لأنه حصل فيها كدر على الأخت وتكدر لها، فوجه ذلك كما سيأتيكم: أننا فرضنا لها النصف، ثم ما تركناه لها، قلنا: يقاسمك الجد المال للذكر مثل حظ الأنثيين، ففرض لها النصف لكن ما أعطاها هذا الفرض, لما أخذت نصف المال فرحت، ثم بعد أن فرض لها نظرياً قال: تعالي هذا النصف لا تنفردين به, بل نضمه إلى نصيب الجد ثم نقسم بينكما للذكر مثل حظ الأنثيين، فتكدرت.

أركانها لو تغير واحد منها ليست أكدرية: زوج وأم، وجد وأخت، إن شئت شقيقة أو لأب.

الزوج له النصف بلا تردد لعدم الفرع الوارث، والأم لها الثلث بلا تردد لعدم جمع من الإخوة ولا فرع وارث، والأحظ للجد على قاعدتنا سدس ما بقي إلا هو وما بقي شيء آخر، فعلى حسب قواعد الفرائض له السدس, والأخت ما بقي لها شيء.

المسألة من ستة: ثلاثة للزوج, اثنان للأم, واحد للجد, وسقطت الأخت، هذا على حسب قواعد زيد وهذا هو قضاء أبي حنيفة في الأصل.

وعلى حسب قضاء زيد ينبغي أن يكون الأمر كذلك ولو كان مكان الأخت أخ لسقط بالإجماع عند زيد وعند أبي حنيفة وعند المسلمين قاطبة، ولو كان مكان الأخت مائة أخ ذكور لسقطوا بالإجماع، وهنا لما اختلفت، لو كان مكان الأخت أختان تغيرت المسألة؛ لأن فرض الأم يتغير فيصبح سدساً ويصبح لها تركيب آخر، إنما الآن الإخوة سيسقطون لو كان أخ مكان الأخت، أما لو كان إخوة أكثرون فسيتغير ضبط المسألة فلم الأخت بخصوصها قال الفرضيون أولهم زيد ومن تبعه على قوله من الأئمة الثلاثة رضوان الله عليهم أجمعين: لما تعذرت المقاسمة في هذه المسألة لأنه ما بقي إلا السدس، والجد لا ينزل عن السدس بحال، فصار كل إلى فرضه، وفرض الجد لا ينزل عن السدس؛ إذاً المقاسمة تضره, وثلث الباقي يضره, نلجأ إلى أقل الأحوال وقلنا: السدس ثابت له في الجملة، الجد أخذ فرضه, تأتي الأخت تقول: أنا لا يوجد من يحجبني في هذه المسألة، الجد كما قلنا لا يحجب الأخت.

فإن قيل: أخ نقول: الأخ عصبة لكن ما بقي له شيء؛ لأن العصبة إذا ما بقي شيء من الفروض سقط, يعني: لو وضعت أخاً وسقط فلا إشكال فيه، لكن صاحب فرض يسقط لأي مبرر، تقول: أنا لم تسقطوني وقد جعل الله لي نصفاً بنص الكتاب، فنعطيها النصف على قضاء زيد والأئمة الثلاثة.

إذاً لما تعذرت المقاسمة صار كل إلى فرضه، فالجد أخذ السدس, والأخت أخذت النصف.

بعد أن نفرض لها النصف ستعول المسألة من ستة إلى تسعة، لكن هل يمكن أن ترث الأخت أكثر من الأخ؟ لا يمكن، بل سترث نصفه، فنحن نزلنا الجد في مبحث الجد والإخوة منزلة الأخ, فبعد أن فرضنا للأخت يقول الجد: تعالي أنتِ ما تأخذي من هذا المال كله، أنا معك الآن، وقرابتي تعدل قرابتك، وللذكر مثل حظ الأنثيين، سأجمع نصيبي القليل إلى نصيبك الكثير ثم نقتسم للذكر مثل حظ الأنثيين، وهذا الذي حصل، ولذلك قيل لها: كدرت مذهب زيد ، ويقال لها أيضاً: بالغراء, كالغراوين، لأنه لا يوجد لها نظير في مبحث الجد والإخوة، فلا يوجد مسألة في مسائل الجد والإخوة يفرض فيها للأخت إلا هذه المسألة، ولذلك فهي مشتهرة بين الفرضيين بالغراء والأكدرية، فماذا عمل هنا الآن؟

المسألة عالت إلى تسعة، يعني: بدل من أن يأخذ الزوج ثلاثة من ستة يأخذ ثلاثة من تسعة, يعني: الثلث، هذا هو العول، وسيأتينا بحث في العول إن شاء الله.

والأخت لها النصف ثلاثة, والجد السدس واحد, ثم جمع نصيبهما لتقسم للذكر مثل حظ الأنثيين، فالمجموع أربعة، والرؤوس ثلاثة، لا تنقسم، نضرب ثلاثة في تسعة ينتج سبعة وعشرون, ثلاثة في ثلاثة تسعة للزوج، اثنين في ثلاثة ستة للأم, أربعة في ثلاثة باثني عشر للذكر مثل حظ الأنثيين، للجد ثمانية وللأخت أربعة.

هذه هي الأكدرية:

والأخت لا فرض مع الجد لها فيما عدا مسألة كملها

زوج وأم وهما تمامهافاعلم فخير أمة علامها

تعرف يا صاح بالأكدرية وهي بأن تعرفها حرية

فيفرض النصف لها والسدس له حتى تعول بالفروض المجملة

ثم يعودان إلى المقاسمة كما مضى فحفظه واشكر ناظمه

عليه رحمة الله ورضوانه. فهذه الأكدرية التي كدرت مذهب زيد, وتعرف بالغراء، وجه الفرض أخت قلنا: لا يوجد من يحجبها، ولما تعذرت المقاسمة فرضنا للجد فرضه, فقالت الأخت: أريد فرضي, فبعد أن فرض لها قال الجد: كيف تأخذ الأخت أكثر مني، ونحن نزلنا منزلة واحدة، وعليه نرجع لقواعد الفرائض: للذكر مثل حظ الأنثيين.

خطأ الإنكار على المجتهدين

أنا أريد أن أقول الآن لمن يطالبون بنص: هاتوا نصاً على هذه المسألة، من أين النص الشرعي من القرآن أو السنة على ذلك؟ لا يوجد إلا قضاء الصحابة الكرام في هذا رضوان الله عليهم أجمعين.

فأي الأقوال أقرب إلى السنة كما تسمعون من سفاهة هذه الأيام: المذهب الفلاني أقرب إلى السنة من غيره، أول ما نشأت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب واتهمت بأمرين اثنين:

الأول: الخروج على المذاهب الأربعة.

والثاني: تكفير المسلمين.

فصار همّ أتباع الشيخ عليه وعلى المسلمين رحمة رب العالمين تبرئة الدعوة الوهابية من هذين الأمرين، وفي كتبهم التي لا تحصى- وهي عندي- يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب طول حياته يدعو إلى الالتزام بالمذاهب الأربعة، انظر لشناعة القول, يعني: في الأصل عندما قيل إنهم خرجوا عن المذاهب الأربعة يعلمون أن هذا مستنكر عند المسلمين وهو ضلال مبين، فكان غاية الأتباع تبرئة الشيخ من هذا, قال: أبداً طول حياته يدعو إلى الالتزام بالمذاهب الأربعة ولا يقول: أقر الخروج أبداً، هذا في الكتب التي كتبت في ترجمته من خواص أصحابه لتبرئتهم من هذه الخصلة التي نسبت إليهم، وأما تكفير المسلمين فقال: هذا لا يصح، وهو لا يرى الخروج على ولاة الأمور, والمسلمون كلهم أحوالهم مستورة ومسرورة.

جاء في هذه الأيام من يقول: مذهب الإمام أحمد أقرب إلى السنة في الأصول والفروع من المذاهب الأخرى.

يا من لا تستحون من ربكم! لما نسب هذا إلى مؤسس الدعوة صار همّ أتباعه تبرئته منها، لأنه لو ثبت هذا فيه لكان هذا كافياً لإسقاطه من العالم الإسلامي، وأن من يدعو إلى هذا فهو ضال، فكان همّ الأتباع حول هذه القضية باستمرار لا تقام ندوة ولا محاضرة إلا في تبرئة الوهابية من هذا أنهم ما دعوا إلى الخروج عن المذاهب, بل كانوا يوصون بالالتزام بها وعدم الخروج عنها، ويأتيك في هذه الأيام من يقول: هذه المذاهب الانتساب إليها ضلال والتعصب لها مقيت، ومن هذا الكلام الذي كان كما قلت: عند المسلمين وعي وعلموا ما في تلك النسبة بدءوا يبرئون الشيخ منها، هؤلاء ينتسبون إليها ويدعون إليها بكل قلة حياء، لأنهم حقيقة عرفوا ضعف المسلمين، وعرفوا أن أذهانهم تلوثت، وإلا كيف يقال: المذاهب الأربعة الانتساب إليها تعصب ومقيت ومذموم، والانتساب إليها غير الانتساب إلى السنة، والالتزام بها غير الالتزام بالإسلام, يا جماعة! هذا والله لو قيل عند آبائنا وعند المسلمين لذبحوا القائل، واستمع الآن ما يقال!

هذه المسألة أنا أريد أن أعلم الذي الآن يقولون: نص ونصوص نقول: هات نصاً شرعياً على أي حل تريد أن تقضي, هاتِ آية أو حديثاً إن شئت على مذهب أبي حنيفة أو على مذهب الجمهور أو على أي مذهب, ما عندك دليل لا على هذا ولا على هذا، وأنت رغم أنفك ستقلد وستقتدي بأقوال من قبلك شئت أم أبيت, اقض فيها بنص شرعي، يا عباد الله! لنعرف قدرنا ولنقف عند حدنا، هذه المسألة الأكدرية كما قلنا بعد أن فرض للجد وللأخت عادا إلى المقاسمة، هذه المقاسمة خير للجد فيها من أن يأخذ السدس فصارت هذه الصورة مع الصور المتقدمة خمساً وثلاثين.

الإلغاز بمسألة الأكدرية

إخوتي الكرام! قبل أن ننتقل إلى الحالة الثانية, وهي التي يكون فيها الثلث الباقي أحظ للجد, عندنا مُلَح في الفرائض يعني: هي ما فيها إلا أنها تشحذ الذهن لكن ليس فيها فائدة علمية.

حول الأكدرية يقول علماؤنا: أربعة ورثوا مالاً، أخذ أحدهم ثلثه -يعني: ثلث المال- وأخذ الثاني ثلث الباقي، وأخذ الثالث ثلث باقي الباقي، وأخذ الرابع الباقي، ما هي هذه المسألة؟

الجواب: هي الأكدرية.

فهذه أمامكم: أربعة ورثوا مالاً أخذ أحدهم ثلثه, وهو الزوج، ثلاثة في تسعة سبع وعشرون، وأخذ الثاني ثلث الباقي، الآن كم بقي معنا؟ ثمانية عشر، فستة ثلث الباقي، وأخذ الثالث ثلث باقي الباقي، بقي معنا اثنا عشر، ثلثه أربعة أخذتها الأخت، وأخذ الرابع الباقي ثمانية، وهو الجد.

الزوج أخذ ثلث المال كله، والأم أخذت ثلث الباقي، والأخت أخذت ثلث باقي الباقي, والجد أخذ الباقي.

ويمكن أن يسأل عن الأكدرية بصيغة أخرى فيقال: خلفت امرأة أربعة من الورثة، أخذ أحدهم ثلث المال، وأخذ الثاني ثلثي ما أخذه الأول، وأخذ الثالث ثلثي ما أخذه الثاني، وأخذ الرابع الباقي.

والزوج أخذ ثلث المال، والأم أخذت ثلثي ما أخذه الأول، لأن التسعة ثلثها ثلاثة، وثلثاها ستة، وهذه الأخت أخذت ثلثا ما أخذه الثاني؛ لأن الستة ثلثها اثنان، وثلثاها أربعة، وأخذ الجد الباقي.

ويمكن أن يعبر عنها فيقال: مرت امرأة حبلى فرأت قوماً يقتسمون مالاً فقالت: لا تعجلوا إنني حبلى، إن ولدت ذكراً فقط فلن يرث, والمال لكم، وإن ولدت أنثى ورثت، وإن ولدت ذكرين أو أنثيين، أو ذكراً وأنثى، أو أكثر من ذلك ورثوا، فما هي هذه المسألة ومن هي هذه المرأة؟

هذه المرأة زوجة أب الميتة، الميتة أنثى، تركت زوجاً وأماً وجداً، وتركت زوجة أبيها حاملاً! قالت للورثة: أي لزوج هذه المرأة التي ماتت، ولجدها ولأمها قالت: لا تعجلوا ولا تقتسموا.

إذا كان في بطني أنثى فستكون هذه الأنثى أختاً لهذه المرأة وسترث، وإن كان ذكراً لا يرث، وإن كان ذكرين أو أنثيين أو ذكراً وأنثى أو أكثر ورثوا.

لو جعلنا أكثر من أخت كيف سيرثون بشرط ألا يكون كما قلنا: أخ ذكرٌ واحد، لأن فرض الأم سيتغير إلى السدس الزوج لا زال له النصف، والأم لها السدس، الجد له الأحظ من الثلاثة الأحوال؛ لأن الذي بقي أكثر من السدس، والأحظ له هو السدس طبعاً، سيأتينا الآن إيضاح هذا ضمن الأحوال القادمة.

المسألة من ستة نصفها ثلاثة، وسدسها واحد, بقي واحد، هو لو قاسمهم الآن سيأخذ أقل من واحد، ولو أعطيناه ثلث الباقي سيأخذ أقل من واحد؛ لأنه بقي اثنان، وعليه السدس أحظ له كما سيأتينا.

والواحد لا ينقسم فنصححه، اثنين في ستة باثني عشر.

هذه هي الأكدرية التي هي المسألة الغراء المشهورة المعروفة بين الفرضيين، عبروا عنها بهذه الأسئلة الثلاثة في كتب الفرائض من باب الملح.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

اللهم إنا نسألك من كل خير أحاط به علمك في الدنيا والآخرة، ونعوذ بك من كل شر أحاط به علمك في الدنيا والآخرة.

اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا، اللهم ارحمهم كما ربونا صغاراً، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

اللهم اغفر لمشايخنا ولمن علمنا وتعلم منا.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , فقه المواريث - الجد والإخوة [7] للشيخ : عبد الرحيم الطحان

https://audio.islamweb.net