إسلام ويب

الإيمان أعظم نعمة في هذا الوجود؛ لأنه بغير الإيمان يخسر المرء الدنيا والآخرة، وقد يكون خسران الدنيا سهلاً، لكن خسارة الآخرة لا تعدلها خسارة؛ لأنها خسارة أبدية، كما أن الفوز فيها هو الفوز، فالعاقل من أدرك ذلك، والموفق من رزق نعمة الإيمان، والخاسر المغبون من حاد عن ذلك، وطاوع الشيطان الرجيم.

أهمية الإيمان

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن سار على دربه واقتفى أثره، وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

الإيمان أعظم نعمة على الإطلاق

أيها الإخوة في الله! من أعظم النعم التي يمن الله بها على الإنسان في هذه الحياة، نعمة الإيمان والدين، ومن أعظم وأجل النكبات وأخطر العقوبات التي يُعاقب بها الإنسان في هذه الحياة، هي عقوبة الحرمان من نعمة الإيمان والدين، فمن أكرمه الله بنعمة الهداية فقد أُكرم وأُنعم عليه بأعظم نعمة، ومن حُرم هذه النعمة فقد عُوقب بأعظم عقوبةٍ ينالها في الدنيا والآخرة.

ذلك -يا عباد الله- لأن النعم إنما تعرف بآثارها ونتائجها؛ فكلما كان أثر النعمة كبيراً كان قدرها كبيراً، وأثر نعمة الإيمان لا ينحصر في هذه الدار، إنه أثرٌ يرافقك أيها الإنسان! عبر رحلتك الطويلة التي تقطعها منذ أن تُولد حتى تستقر قدمك إما في الجنة وإما في النار، الإنسان في سفر وفي رحلة وفي مراحل، رحلة الحياة، ثم رحلة الموت، ثم رحلة الحياة البرزخية في القبر، ثم رحلة الحياة يوم القيامة، ثم آخر محطة يقف فيها الإنسان خلودٌ في الجنة لأهل الإيمان -جعلنا الله وإياكم منهم- أو خلودٌ في النار لمن حُرم نعمة الإيمان -أعاذنا الله وإياكم منهم-.

فنعمة الإيمان معك في الحياة، وعند الموت، وفي القبر، وفي الحشر، ومعك إلى أن تدخل الجنة، وعقوبة الحرمان من نعمة الإيمان لعناتٌ في الدنيا، وغضبٌ من الله عند الموت، وعذابٌ في القبر، وفي الحشر، وفي النار، أعاذنا الله وإياكم من النار.

لذا كان حريَّاً بالعقلاء أن يكون تركيزهم على الحصول على نعمة الإيمان والدين، لا تفكر كثيراً ولا تشتغل كثيراً بغير هذه النعمة، فإنك بالإيمان تكسب كل شيء، ولا تخسر شيئاً، تكسب الدنيا والآخرة، وبغير الإيمان والدين تخسر كل شيء، ولا تكسب شيئاً، ما الذي يكسبه البعيد عن الله، ما الذي يكسبه المجرم والكافر والفاجر.. يكسب الغضب والسخط واللعنات والبعد عن الله ومخالفة أوامر الله عز وجل.

الإيمان أعظم نعمة امتن الله بها على رسوله وعلى عباده

الإيمان نعمة امتن الله بها على رسوله صلى الله عليه وسلم، وامتن الله بها على الأمة إلى يوم القيامة، يقول الله عز وجل للرسول صلى الله عليه وسلم: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ [الفتح:1-2] أي: يتم دينه وإيمانه عليك.

ويقول عز وجل: وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ * وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ [الضحى:10-11] أي: بدين الله وامتن الله بهذه النعمة على الصحابة، فقال في آخر ما نزل في حجة الوداع ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقفٌ بـعرفة يقول الله له: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً [المائدة:3].

ما هي النعمة التي أتمها الله على الصحابة في عهدهم؟ هل هي النعمة التي نتصورها الآن؟! لقد انقلبت مفاهيم أكثر الناس، فظنوا أن النعم هي النعم البهيمية، ملء البطون وانتفاخ الجيوب، وشهوات الفروج وعمارات وسيارات، هذه نعم يعطيها الله للكافر ويعطيها الله للمسلم.

لكن النعمة الحقيقة التي أرادها الله، والتي ينعم بها الله على من أحب به من عباده، هي نعمة الإيمان والدين، يقول الله عز وجل: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ [النساء:69-70].

أي: هذه النعمة من الله، نعمة الطاعة من يطع الله والرسول هو الذي أنعم الله عليه، أما شخص شبع من الملايين لكنه عاصٍ، لا يأتي إلى المسجد، هل هذا مُنعم عليه؟! لا. والله! هذا معاقب عقوبة ليس بعدها عقوبة؛ لأنه حرم من نعمة الصلاة، حرم من نعمة الهداية، حرم من نعمة القرآن، وعنده مال! المال مع اليهود ومع الكفار! عنده عمارة! العمارات مع الكفار، عنده سيارة! السيارات مع الكفار؛ أجل النعمة التي يختص الله بها من يشاء: يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ [البقرة:105] ما هي؟ الدين.

فإذا أعطاك الله الإيمان وجعل قلبك حياً، وجعل لك نوراً في قلبك، فهذه هي النعمة التي اختصك الله بها.

يقول الله عز وجل فيها: وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْأِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً [الحجرات:8].

فضلاً من الله ونعمةً أن يحبب إليك الإيمان ويزينه في قلبك، لذا كل شيء بغير الإيمان ليس بجيد، يحبب الله إليك الصلاة فلا تعيش إلا بها، يحبب الله إليك القرآن؛ فلا تستأنس إلا بتلاوة كتاب الله، يحبب الله إليك العلماء والدعاة والمساجد والحج والعمرة والصيام، وتفرح بكل عمل ٍيحبه الله ويرضاه، وأيضاً يزينه في قلبك، ويكره إليك المعاصي! أكره شيء عندك أن تعصي الله، إذا رأيت امرأةً متبرجةً فإنك تغض بصرك، إذا سمعت أغنيةً فكأنما دخلت رصاصة في أذنك، إذا عُرض عليك ريال من حرام تضطرب ولا تقدر أن تأكل، لماذا؟

لأن الله كرّه إليك الكفر والفسوق والعصيان: فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً [الحجرات:8] هذه هي النعمة الحقيقية؛ لأن من الناس من انقلبت موازينهم؛ فحبب إليهم الكفر والفسوق والعصيان، وكره إليهم الإيمان، أكره شيء عنده عندما يسمع الله أكبر، أو أن يرى داعيةً إلى الله، أو أن يقال له: قم إلى طاعة الله، لكن يحب كل شيء غير الله، يقول الله عز وجل: وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ [الزمر:45].

إذا ذكرت المباريات والحفلات والطار والطبل والزير، تذكر السهرات، مثل الخيط ينقطع عليها، لكن إذا ذكرت الندوات ذكر العلم وذكر الدعاء، ذكر الصلوات آه اشمأز قلبه! لماذا؟ لم يكن مؤمناً بالله، لم يرُزق نعمة الإيمان، حُرم من نعمة الإيمان، أجل! يا أخي في الله النعمة الكبرى التي تستطيع أن تسعد بها في الدنيا والآخرة، هي نعمة الإيمان والدين.

من آثار نعمة الإيمان

قد يقول قائل أو يسأل سائل: ما أثر هذه النعمة؟

قد يتصور بعض الناس أن أثرها فقط في الآخرة، أما الدنيا فإنها تمنع الشهوات، وتقيد الإنسان وتمنعه عما يريد، وهذا فهمٌ خاطئ واعتقادٌ باطل؛ إذ أن أثر نعمة الإيمان معك في الدنيا ومعك في الآخرة، يقول الله عز وجل: مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ [النساء:134].

إذا أردت ثواب الدنيا العاجلة تجده عند الله، وفي دين الله، لكن إذا ما أخذت الدين ضيعت الدنيا وضيعت الآخرة، خاسر من ليس له دين، وقد يقول قائل: كيف خاسر؟

نقول: الله يقول في القرآن: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ [العصر:1-2] من الإنسان؟ أنا وأنت وكل إنسان على وجه الأرض، يقسم الله بالعصر وهو الدهر والزمن: وَالْعَصْرِ [العصر:1] إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ [العصر:2] كيف هو في خسر؟

خسران وأنا صاحب عمارة، خسران وأنا صاحب وظيفة، خسران وأنا في منصب، نعم خسران! كيف؟!

الآن الخسارة في معروف الناس هو أن يمتلك الإنسان شيئاً ثم يفقده، هذه تسمى خسارة، بنى عمارة وانهدمت هذه خسارة، أو اشترى سيارة وانصدمت! خسارة، أو حفر بئراً وطاحت! خسارة، تزوج بزوجة وماتت! خسارة، المهم توظف في وظيفة وفصل منها! خسارة، هذه الخسارة في الدنيا.

إذاً عند الموت ما الذي يحصل للإنسان؛ إذا كان موظفاً يخرج من وظيفته، وإذا كان في عمارة ينكس من عمارته، وإذا كان معه ملايين يخرج من ملايينه، هل يبقى معه شيء عند الموت؟

أليس هذا بخاسر؟ خاسر.

الملك عند الموت وهو في آخر لحظة من حياته قبل أن يموت، هل يستطيع أن يشكل الوزراء، أو يقيم الحروف، أو يعمل أي شيء بعد الموت؟ لا شيء، انتقل المُلك لغيره، كل إنسان عند الموت خاسر.

إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا [العصر:3] الذين آمنوا بعد الموت يربحون الآخرة، ولذا إذا أردت أن تكون رابحاً فعليك بالإيمان، حتى لا تموت وليس لك عمل، إذا كنت تخسر الدنيا؛ لأنك تموت منها، تخرج منها كما تخرج الشعرة من العجين؛ فلا تخرج من الدنيا خاسراً بحيث تخسر الدنيا وتخسر الآخرة، كن رابحاً عند خروجك من الدنيا، فإذا خسرت الدنيا تربح الآخرة.

إذا أودعوك في الحفرة المظلمة، وتخلوا عنك، ورفضك أولادك وأهلك، وأموالك تقتسم من بعدك، وما معك من الدنيا شيء وإذا بالجنة تستقبلك، وإذا بالعمل الصالح يمهد لك، وإذا بقبرك يصير روضة من رياض الجنة، وإذا بالملائكة تستقبلك وتفرش لك فراشاً من فراش الجنة، لماذا؟ لأنك من الذين آمنوا وعملوا الصالحات.

أثار نعمة الإيمان في الدنيا

أما آثار نعمة الإيمان ففي الدنيا وفي الآخرة:

الإيمان والدين يفسران الحياة التفسير الحقيقي

أما في الدنيا: فهي أولاً أن الإيمان والدين يُقدم للإنسان التفسير الحقيقي لهذه الحياة، ما هي هذه الحياة؟

من يستطيع أن يعرفها؟

ما حقيقتها؟

من أين جاء إليها الإنسان؟

ولماذا جاء إليها؟

وإلى أين بعد أن يموت الإنسان؟

أسئلةٌ محيرة!! حارت في فهمها العقول في القديم والحديث، وعجزت كل الفلسفات والأفكار والنظريات أن تجيب على هذه الأسئلة، وعاش الإنسان في عذاب، وعاش في شقاء وهو يعيش ولا يدري لماذا يعيش! حتى قال شاعرهم:

جئت لا أعلم من أين؟! ولكني أتيت!

ولقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيتُ!

وسأبقى سائراً إن شئت هذا أم أبيتُ!

كيف جئت؟! كيف سرت؟! كيف أبصرت طريقي؟!

لست أدري! ولماذا لست أدري؟! لستُ أدري؟!

لا يدري لماذا يعيش!! ولهذا يعيش الإنسان في عذاب؛ لأنه لا يدري لماذا يعيش، من الذي يقدم لك التفسير الحقيقي؟

إنه الإيمان بالله.. إنه الدين..

بالإيمان والدين ينشرح الصدر ويطمئن القلب

إذا عرفت أنك تعيش لعبادة الله، وأنك عبدٌ من عباد الله، وأنك تعمل صالحاً لتلقى الجزاء عند الله، وتترك السيئات لتلقى الأجر عند الله، فإن قلبك يطمئن، وإذا حصل هذا لك انشرح صدرك، وهذا أثر من آثار نعمة الإيمان وهو انشراح الصدر، يقول الله عز وجل فيه: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً [النحل:97] حياةً طيبة.

هو في الأساس كان حياً، لكن بالإيمان والعمل الصالح الله يحييه حياة أخرى، غير حياة البهائم، حياةً طيبة، هذا في الدنيا: وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل:97].

قال العلماء: الحياة الطيبة هي: هدوء النفس واستقرار القلب والطمأنينة والسكينة، التي قال الله فيها: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ * الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ [الرعد:28-29].

لماذا يحصل في القلب الأمن والطمأنينة بالإيمان؟

لأن الإنسان عرف لماذا يعيش، استقر قلبه على أنه يعيش لغرضٍ معين فسكنت جوارحه، فالله عز وجل يطمئنه في حياته، الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بماذا؟ بذكر الله، أي: بدين الله، لا يطمئن القلب بالمال، ولا يطمئن القلب بالزوجات، ولا يطمئن القلب بالوظائف والعمارات، إنما تطمئن الأجساد بهذا.

أما القلب فلا يطمئن إلا بالإيمان بالله، فإذا لم يحصل له هذا، عاش عيشةً ضنكاً، كما قال الله عز وجل: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى [طه:124-127].

فهذا أثر عاجل لك في الدنيا، أن تعيش في أمن، وهل للإنسان مطلب غير أن يعيش سعيداً آمناً.

الآن التكالب على الدنيا والتنافس والتناحر عليها من أجل السعادة، ولكن والله لا توجد السعادة إلا في الإيمان بالله.

ولست أرى السعادة جمع مال>>>>>ولكن التقي هو السعيد

السعادة ليست في أكل ولا في شرب ولا أن تسكن في عمارة، ولا أن تملك ملايين ولا أن تركب سيارة، ولا أن تتزوج زوجة هذه سعادة مادية.

السعادة الحقيقية: هي أن تكون على صلةٍ بالله، السعادة واللذة في ركعةٍ لله خاشعة، في تلاوةٍ لكتاب الله، في صيام يومٍ من أجل الله، في انتصارك على شهواتك، في استقامتك على دينك، هذه هي السعادة، والذي ذاقها لا يتخلى عنها ولو قطع قطعة قطعة.

يقول عليه الصلاة والسلام والحديث في الصحيحين، عن أنس رضي الله عنه قال: (ثلاثٌ من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان -ومن ضمنها قال:- أن يكره أن يعود إلى الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار).

لو خُيِّر بين أن يرتد عن الدين أو يقذف في النار؛ لاختار أن يقذف في النار ولا يرجع إلى الكفر، لماذا؟ ذاق حلاوة الإيمان، ذاق طعم الإيمان وقد رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً.

ومن آثار نعمة الإيمان أن تعرف لماذا خلقت.

ومن الآثار أن الله يرزقك الأمن والطمأنينة في قلبك.

حصول الولاية من الله لأهل الإيمان

أما الأثر الثالث: أن الله عز وجل يتولاك: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا [البقرة:257] ومن كان الله وليه، فلا يخاف ظلماً ولا هضماً، يتولاك الله؛ فيسددك وييسر أمرك، ويرزقك من حيث لا تحتسب، وكل أمرٍ تسير فيه تجد أمامك نوراً، لماذا؟ لأن الله عز وجل يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ [الحديد:28] كفلان: يعني نصيبان من رحمته نصيبٌ في الدنيا، ونصيبٌ في الآخرة.

ويجعل لكم نوراً: أي فرقاناً، أين يجعل النور؟ في نظرك، وفي قلبك، تنظر به الطريق فترى كل ما أمامك بوحيٍ من الله، بنورٍ وهدى من الله عز وجل، ويغفر لك إذا أخطأت أو زللت لأنك بشر؛ فإن الله عز وجل يغفر ذنبك ويرفع كربك لماذا؟ لأنك مع الله، وهل هذا شيءٌ سهل أيها الإخوة! إنه من أعظم النعم على الإنسان أن يكون على نورٍ من الله عز وجل.

الإيمان يضبط السلوك والأفعال

من آثار نعمة الإيمان أن الإيمان يضبط سلوك المكلف، المكلف بغير دين وبغير إيمان، لا يدري أين يتجه، ولكن بالدين والإيمان تراه، متجهاً اتجاهاً واحداً، ولذا كل أمرٍ يُسخط الله يمتنع عنه، كل أمرٍ يرضي الله يسير فيه، يُعرض عليه.

الزنا يقول: معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي، يُدعى إلى ممارسة أي شيءٍ من المحرمات؛ فيقول: لا، يستثار إلى القتل فلا يقتل، يستثار إلى السرقة فلا يسرق، ولذا يعيش آمناً منضبطاً، من بيته إلى عمله إلى مسجده إلى مصالحه، ولا يقع في جريمة ولا يقع في مشكلة، فيعيش آمناً مطمئناً، ولو جئنا إلى أصحاب السجون، الذين ينتظرون الأحكام الشرعية، وسألنا كل واحد منهم عن قضاياهم، لوجدنا أن الشيطان هو الذي أوقعهم في هذه المشاكل.

تأتي إلى السارق فتقول له: لماذا سرقت؟ فيقول: الشيطان، وأنت ما هي قضيتك؟ قال: أنا قاتل، منتظر للسيف كل جمعة! لماذا تقتل؟ قال: الشيطان، وأنت...؟ قال: أنا روجت أو هربت المخدرات لماذا تهربها؟ قال: الشيطان، تسلط عليهم الشيطان، عندما تركوا الإيمان، يقول الله عز وجل: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ [النحل:99-100].

فإذا أصبح عندك إيمان فقد أصبح عندك حصانة ووقاية، يأتيك الشيطان يوسوس لك في أمر تقول: لا، معاذ الله، يعرض عليك جريمة، تقول: معاذ الله، فتعيش آمناً لا تدخل سجناً ولا يقام عليك حد، ولا تقف في موقف شر، لماذا؟ لأن الله عز وجل حفظك.

الآن هناك بشر في هذا اليوم، أنتم الآن ستخرجون من هذه الجمعة بإذن الله، وتذهبون إلى بيوتكم، وتتناولون الغداء مع أزواجكم ومع أولادكم، وليس في قلوبكم إلا الأمن والطمأنينة، فاحمدوا الله على هذه النعمة.

لكن من الناس الآن من ينتظر أن يُدعى ويقال له: اكتب وصيتك واغتسل آخر غسله في الحياة، ماذا فيه؟! قالوا: اليوم إعدامك، وتسمعون كل يوم جمعة بعد الساعة الثانية والنصف الأخبار بيانات من وزارة الداخلية عن تنفيذ أحكام الله في المجرمين.

وهذه من نعم الله علينا في هذه البلاد، علينا أن نشكر الله على هذه النعم يا إخواني، فإن إقامة الحدود في الأرض تطهيرٌ لها، والله الذي لا إله إلا هو لو لم تُطبق شريعة الله في هذه الأرض لأكل الناس بعضهم بعضاً، ولكن نشعر بالأمن، تنام قرير العين بابك مفتوح وسيارتك مفتوحة، وتمشي السيارة من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، محملة بمئات الآلاف ليس فيها إلا السائق وحده لا يخاف على شيء، لماذا؟

طبقت شريعة الله، وقف كل إنسانٍ عند حده، فلنحمد الله على هذه النعم أيها الإخوة! ولنحمد الله على نعمة الستر أنك مستور، هل تعرف مقدار المعاناة التي يعاني منها ذلك الذي يخرج للقتل؟! لو استطعنا أن نصل إلى نفسيته ونأخذ شريحة من شرائح نفسه، ونحللها أي حالٍ حالته أيها الإخوان؟! وهو يرى العساكر مصطفين حوله، ويرى السياف وهو منتظر من أجل يقطع رقبته بالسيف أو بالبندقية تنفض ظهره وتخرج كبده أمامه! كيف حالته أيها الإخوان؟!

حالة ما بعدها حالة، نعوذ بالله وإياكم أن نقف مثل هذه الحالات، ما الذي أوقعه في هذه الورطة، نزغة شيطان، نزغة شيطان بينه وبين أخيه المسلم يتضاربان ويتقاتلان على كلمة، ويقتل بعضهم بعضاً على متر من الأرض، ويقتل بعضهم بعضاً على مبلغ من المال، لكن لو كان عندك إيمان ودين فلا تستطيع أن تقتل، لماذا؟ لأنك تعرف ما بعد القتل.

كابني آدم قابيل وهابيل في القرآن قص الله قصتهما علينا، وهو أنهما قربا قرباناً أي: قدما شيئاً لله، فتقبل الله من أحدهما، ولم يتقبل من الآخر؛ لأن الله يعرف من المخلص منهما، فهذا الذي رفض قربانه قال لأخيه الذي قبل قربانه: لأقتلنك، قال: إنما يتقبل الله من المتقين، لماذا تقتلني ، أنا وأنت تقدمنا بقربة لله والله قبل مني ولم يقبل منك، ماذا أفعل لك إذا كان الله لم يقبل منك، قال: لأقتلنك، قال: إنما يتقبل الله من المتقين، قال: لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ [المائدة:28] يقول: إذا أنت تريد أن تقتلني فأنا والله ما أقتلك لماذا؟ قال العلماء: كان أقوى وأقدر على الانتقام والبطش؛ لكن منعه خوف الله، قال: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ [المائدة:28-29] وبعد ذلك قال: فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ [المائدة:30] والعياذ بالله.

فيا أخي المسلم! نعمةٌ عليك من الله أن تعيش آمناً، لا تعرف السجون، ولا تعرف القضايا، لماذا؟ لأنك تمضي على الطريق المستقيم، كلما دعاك شخص إلى جريمة أو خطيئة تقول: لا، لا أسير إلا في طريق الحق.

أحد الناس أعرف قصته، كان نائماً في بيته وقد خلع ملابسه ولبس ثياب النوم، واستسلم للنوم ويأتيه زميل له ويناديه من عند الباب، فتستجيب الأم، تقول: من؟ قال: أنا فلان، من فلان؟ قال: زميل فلان، زميل ولدها أريده، قالت: قد نام، قال: أيقظيه، قالت: يا ولدي قد نام الساعة الثانية عشرة من الليل ماذا تريد منه الآن؟ قال: أريده أيقظيه الأمر مهم، فمسكينة ذهبت وأيقظت ولدها وليتها ما أيقظته، قالت لولدها: فلان يريدك، هو بمجرد أن سمع كلمة فلان قفز مثل الحصان، أما لو أنها أنهضته للصلاة لا ينهض، أو انهضته ليجيب والده فإنه لا ينهض، أو أنهضته لأي غرض فإنه لا ينهض.

لكن عندما إذا أيقظته لزميله آه فإنه يقوم، فقام واقتحم ونزل عليه، فقال له زميله عند الباب: أريدك تأتي معي، قال له: أين؟! قال: عندي موعد لدي صيد -يصطادون أعراض المسلمين- وأريد أن تأتي معي تحميني، قال له: أبشر. ثم رجع وخلع ثوب النوم، ولبس ثوبه وأخذ مسدسه في جيبه، ومشى معه إلى عند البيت الذي يصطادون فيه أعراض المسلمين، ثم قال له: اجلس هنا؛ أجلسه عند شجرة ودخل هذا الخبيث واقتحم البيت، قفز من على السور ونزل على المرأة التي قد واعدها، ولما دخل أحس به صاحب البيت، وعرف أن شخصاً دخل بيته، فأخذ مشعابه وفتح الباب، فلما سمع هذا فتح الباب وهرب، وصاحب البيت خرج من الباب واتجه جهة الذي يحميه، فرآه فلما رآه طرده ظناً منه أنه هو الذي دخل البيت، وذلك قد هرب.

فلحقه ولما أدركه وضربه بالعصا، أخرج الولد هذا الذي كان قد نام في فراشه المسدس وقتل صاحب البيت، وعندها قبض عليه ولما جاءوا به إلى السجن حققوا معه؛ اعترف قال: أنا القاتل: قالوا: لماذا قتلت؟ قال: أنا كنت نائماً، وكانوا قد جاءوا بالذي دعاه، قال: أبداً لم أدعه ولا أعرفه ولا يعرفني، قال: كيف ما دعوتني؟!

قال: أبداً أنا عندي الشهود والثبوت أنني في الليلة الفلانية من أولها إلى آخرها كنت في القرية الفلانية، وأتى بشهود يشهدون لله عن خلق الله، أنه موجود طوال الليل في القرية الفلانية، وجلس أياماً وليالي وأخرجوه، وهذا جلس في السجون سنوات ثم أخرجوه وقطعوا رقبته، لماذا؟

ما الذي أخرجه؟

لو أنه يخاف الله؟

لو كان عنده إيمان ودين ودعاه صاحب السوء، وقال له: أنا ذاهب إلى الحرام، لقال له: اتقِ الله يا عدو الله! تغزو على بيوت المسلمين، تصطاد محارم الله، ورجع إلى فراشه، لكن جره إلى الشر لأنه خبيث، وليس عنده إيمانٌ بالله عز وجل.

فالإيمان يا عباد الله حصن لك أيها الإنسان! وحماية لك، يحميك من الشر، ويحميك من الزلل، هذه آثار نعمة الإيمان في الدنيا قبل الآخرة.

آثار نعمة الإيمان الأخروية

أما آثار نعمة الإيمان بعد ذلك فهي الآثار الحقيقية:

حسن الخاتمة

أول أثر عند الموت: في ساعات الحرج، في ساعات انكشاف الحقائق، في ساعات زوال الحواجز، هناك في لحظات الموت، لحظات حرجة، لحظات يرى الإنسان فيها الجنة والنار، يتمنى أن يعود إلى الدنيا ليعمل صالحاً، يتمنى أنه قد صلى، يتمنى أنه قد تاب إلى الله، يتمنى أنه قد عمل الصالحات؛ لكن لا ينفع شيء في تلك اللحظات.

يثبت الله أهل الإيمان بالقول الثابت وهي شهادة أن لا إله إلا الله، المؤمن عند الموت يودع الدنيا بهذه الكلمة يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وفي الحديث الصحيح: (من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة) هذه علامة من علامات حُسن الخاتمة.

إذا حضرت وفاة إنسان ونطق بالشهادة عند الموت ومات عليها، فاعلم أنه من أهل الجنة، ولكن من الذي ثبت عليها أيها الإخوة! من الذي يقولها! لا يثبت عليها إلا من عاش عليها في هذه الدنيا، من عاش على لا إله إلا الله، وحكم عينه بلا إله إلا الله، فلم ينظر بها فيما حرم الله، وحكم أذنه بلا إله إلا الله، فلم يستمع بها ما حرم الله، وحكم لسانه بلا إله إلا الله، فلم يتكلم بما حرم الله، وحكم يده ورجله وفرجه وبطنه وزوجته وأولاده وتجارته وبيته، فحياته كلها متفقة مع لا إله إلا الله، حتى أصبحت لا إله إلا الله تسير في عروقه، وتتردد مع أنفاسه، هذا عند الموت بدون تردد يقول: لا إله إلا الله.

لأنه عاش على لا إله إلا الله، وعرف لا إله إلا الله فلا يتردد، بل يقولها: لأن الله يقول: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ [إبراهيم:27] أي: لا إله إلا الله: فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [إبراهيم:27] أي: عند الموت وَفِي الْآخِرَةِ [إبراهيم:27] أي: في القبر وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ [إبراهيم:27].

فإذا قال: لا إله إلا الله خرج متوجاً برضوان الله ورحمة الله، ومعه هذه البطاقة، وهذه الشهادة، وهذه الرخصة، للعبور إلى الجنة.

تثبيت الله للعبد في القبر

بعد ذلك في قبره يسأل ثلاثة أسئلة:

من ربك؟

ما دينك؟

من نبيك؟

أسئلة مكشوفة تبدو الإجابة عليها سهلة، هي سهلة الآن، وصعبة عند الموت!

في ذلك الموقف اللسان المتكلم يسكت، الله يقول: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [يس:65].

اللسان الكذاب الذي يأتي بالدعاوي ويكون في الدنيا كالسيف، هناك غير موجود، لا يوجد إلا العمل، من الذي يتكلم؟ تتكلم الجوارح عند الموت، يسأل الميت في قبره: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟

فيثبت الله المؤمن، ويقول: ربي الله، لأنه عرف الله، ديني الإسلام؛ لأنه عاش على الإسلام، نبيي محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه سار على منهجه واتبع سنته.

فينادي منادٍ من السماء: أن صدق عبدي، فافرشوا له فراشاً من الجنة، وافتحوا له باباً إلى الجنة، فيأتيه من روحها ونعيمها، وينام كما ينام العريس، هذه التي في القبر.

صاحب الإيمان يبعث آمناً يوم القيامة

تأتي النعمة الكبرى يوم القيامة، يبعث الناس من قبورهم ويبعث صاحب الإيمان لا يخاف ولا يحزن، الملائكة تؤنسه وتبشره عنده، يقول الله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ [فصلت:30-31].

يقوم من قبره ويبعث، وإذا بعث فالملائكة عند رأسه، تقول: لا تخف ولا تحزن نبشرك بالجنة؛ لأنك ولي الله في الدنيا، فنحن أولياؤك الآن، وبعد ذلك يأتي على كربات يوم القيامة وأهوالها فيتجاوزها بسهولة.

أولاً: يمر على الصراط كالبرق الخاطف.

ثانياً: يشرب شربةً من حوض النبي صلى الله عليه وسلم؛ لا يظمأ بعدها أبداً، ينقطع الظمأ إلى أبد الآبدين عند هذه الشربة.

ثالثاً: يستظل في ظل عرش الرحمن؛ لأن الشمس تدنو من الرءوس حتى تغلي منها أدمغة العباد كما تغلي اللحوم في القدور من حرارة الشمس، ولا يوجد مظلة ولا سيارة ولا عمارة ولا شيء إلا مظلة الله، من استظل بدين الله وشريعة الله هنا، أظله الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، ومن عاش تحت جحيم وحميم وحر الكفر والفسق والمعاصي، عاش تحت آلام وحرارة النار في النار والعياذ بالله.

رابعاً: يأخذ كتابه بيمينه؛ لأنه كان من أهل اليمين، كان يمشي على الطريق الصحيح، ولم يكن يعكس السير، يأخذ كتابه بيمينه ويقول: هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ [الحاقة:19-24].

بما عملتم في الأيام الماضية كلوا واشربوا هذا جزاؤكم، ليس بما لعبتم وضيعتم وسرتم في غير ما يريده الله تبارك وتعالى، ثم يزن موازين ترجح وتميل بالخردلة، الله يقول: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا [النساء:40] ويقول: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ [الأنبياء:47].

يُوزن فترجح موازينه؛ لأن لديه عمل وإيمان وعقيدة صافية ومتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم، وصلاة في المسجد، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وحب في الله وبغض في الله، وأمر بطاعة الله وذكر لله، وتلاوة كتاب الله وعمل صالح، فهذا ترجح موازينه، قال الله: فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الأعراف:8].

وبعد هذه العقبات وتجاوزها، يقال له: أنت ناجح تجاوزت العقبات، فادخل هذه الكرامة: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الزخرف:70-72].

نسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يجعلنا وإياكم من أهلها، هذا مصيرك يا أخي وهذه حياتك في ظل الإيمان بالله، أما الذي لا يريد هذا، فهو ما سنتكلم عنه في الخطبة الثانية.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

طريق الغواية والضلال

الحمد لله على إنعامه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، ونشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، وسلم تسليماً كثيراً.

يا أخي في الله:

لا خيار لك في أن تسلك طريق الإيمان أو غيره، إذ أن الخيارات إنما تكون في الأمور المتقابلة والمتقاربة، الخيار أن تتوظف في وظيفة أو أخرى، الخيار أن تتزوج ببنت آل فلان أو بنت آل فلان، الخيار أن تدرس في كلية نظرية أو كلية علمية، لكن الخيار بين الجنة والنار، الخيار بين سعادة أبدية أو شقاء أبدي، يقول الله عز وجل: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً [الأحزاب:36].

ظل ضلالاً واضحاً من يرفض طريق الإيمان، ويستمر في طريق الغواية والضلال، فهذا يشقى في الدنيا ويشقى في الآخرة.

يشقى في الدنيا لأنه لا يدري لماذا يعيش، يعيش كما تعيش البهائم، كما قال الله: وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ [محمد:12] وكما قال عز وجل: أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً [الفرقان:44].

فيعيش كما تعيش البهائم، وبعد ذلك يعيش قلقاً، لماذا؟ لأن جميع متع الدنيا ولذائذها لا تسعد، ولا تستطيع أن تنفس عنك العذاب الداخلي هذا، إلا الإيمان بالله عز وجل، فيعيش في قلق وفي عذاب، ولو كان في أعلى وأرقى صور المتاع الدنيوي.

طريق الكفر لا يحقق السعادة وإن توفرت الإمكانيات المادية

ها هي أوروبا الكافرة، ها هو الغرب الكافر يعيش قمة في التطور المادي، فجروا الذرة، طوعوا المادة، سبحوا في الفضاء، غاصوا في الماء، عملوا المعجزات في المادة.

لكن هل حققت لهم المادة سعادة؟

هل استطاعت المادة أن تحل ألغاز الحياة؟

إن ضغط الحياة المادية قد ضغط على أنفسهم من الداخل حتى فجرها، فتفجرت النفوس في مشاكل ومعضلات من أبرزها الانتحار، فظاهرة الانتحار في الغرب ظاهرة شائعة، وكذلك الأمراض النفسية، الجنون المسرحي والتمثيلي، الجنون الكروي، التحلل الأسري، التفكك الاجتماعي، حياة جحيمية، يألف الإنسان منهم كلبه، ولا يألف أخاه، لماذا؟ لأنهم لم يجدوا الحياة الحقيقية في ظل الكفر بالله عز وجل؛ فحرمانهم من هذه الحياة بسبب كفرهم.

وبعد ذلك لا يضبط الله سلوكه، فيعيش ملطخاً به في كل أرض والعياذ بالله، لا يتولاه الله، ولا ييسر الله أموره، وكلما سار في طريق عسرها الله عليه، يجعل أمره كله عسيراً؛ لأن الله يقول: وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل:8-10] والعياذ بالله.

الخاتمة السيئة لأهل الكفر والضلال والمعاصي

وعند الموت يقال له: قل لا إله إلا الله فلا يستطيع أن يقولها، لا يقدر أبداً ويُلجم على لسانه، اليوم نختم على أفواههم، ولو كان يعرفها قبل؛ لأنه لم يعمل بها فلا يستطيع أن يقولها، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه الجواب الكافي ذكر قصصاً كثيرةً عن قومٍ حضرتهم الوفاة، وقيل لهم: قولوا لا إله إلا الله، فما قالوها.

أحدهم قيل له: قل لا إله إلا الله وكان يتعامل بالربا، كان يبيع العشرة بعشرين، يسلف الناس عشرة ويستملها بعد ذلك عشرين، قالوا له: قل لا إله إلا الله، قال: العشرة بعشرين، ومات على العشرة بعشرين.

وفي العصور المتأخرة هذه، نُقل إلينا أن رجلاً ممن كان يبيع ويشتري في العقار بطريقةٍ محرمة، لما حضرته الوفاة قالوا له: قل لا إله إلا الله، قال: على شارعين، قالوا له: قل: لا إله إلا الله، قال: برخصة البلدية، ومات على شارعين والعياذ بالله.

وشابٌ وقع له حادث مروري، وجاءوا عليه وقد قطع (الدركسون) بطنه، وهو يلفظ أنفاسه، والمسجل شغال وهو في آخر رمق يتكلم ويغني مع المغنية، ويقول: هل رأى الحب سكارى مثلنا؟! مات على هذه الكلمة والعياذ بالله.

ما رأى أسكر ولا أفشل منك ولا أجناسك، والعياذ بالله أن تعيش على هذا وتموت على هذا فانتبه يا أخي! لأنه من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بُعث عليه، فعندما يُريد أن يقول: لا إله إلا الله لا يستطيع أن يقولها.

رجل كان يُدخن ولما حضرته الوفاة قيل له: قل لا إله إلا الله، قال: هبوا لي دخاناً، يريد يُكيف في القبر، قالوا: لم يعد هناك دخان أنت ستموت الآن، قل: لا إله إلا الله، قال: والله ما أقولها أنا بريءٌ منها، تبرأ من لا إله إلا الله، ثقلت على لسانه؛ لأنه قد لوثه بهذه الخبائث والعياذ بالله.

حال أهل الكفر والضلال في القبور

هذه المصيبة على الإنسان عند الموت، وفي القبر يسأل: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ فيذهن مثل الذاهن من النوم يقول: هَا هَا لا أدري؛ لا يدري من ربه! لا يدري من نبيه! لا يدري، لماذا؟ لأن الله يقول: وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ [إبراهيم:27].

وبعد ذلك تقول الملائكة: لا دريت ولا تليت، ثم يضرب بمطرقة من حديد على رأسه فيصير طحيناً إلى قدمه، ثم يعذب إلى يوم القيامة، ويُفرش له فراش من النار، ويفتح له باب إلى النار، وينام كما ينام اللديغ والعياذ بالله، إلى أن تقوم الساعة؛ فإذا بعث الناس من قبورهم، قام وعليه الذلة.

حال أهل الكفر في مشاهد يوم القيامة

يقول الله عز وجل: يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ [المعارج:43-44].

يمر على الصراط فيسقط، تهبط قدمه الأولى والثانية في سواء النار والعياذ بالله، يأتي إلى مظلة الرحمن فيطرد؛ لأنه ما استظل بظل الله ولا بظل شريعة الله، يأتي إلى الحوض ليشرب فيذاد؛ لأنه لم يشرب من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، كان مشربه مشرباً غير شرعي، يأتي ليوزن فيخف ميزانه؛ لأنه رخيص تافه ليس معه عمل، ليس عنده إلا الأغاني والمسلسلات (والأفلام)، ما لديه إلا أمواس يحلق بها لحيته ليل نهار، لماذا؟

لأنه تافه لا قيمة له عند الله عز وجل، وبعد ذلك يُعطى كتابه بشماله (الشهادة حقه) يرى الناس يأخذون كتبهم بأيمانهم فيقدم يمينه فتضربه الملائكة على كتفه فتطيح يمينه، فيأخذ الكتاب بالشمال فإذا رأى الكتاب وإذا بعمله كله من يوم أن خلقه الله إلى أن مات وهو مسجل، قال الله: وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً * اقْرَأْ كِتَابَكَ [الإسراء:13-14] أنت الذي أنت عبأته، أنت الذي عبأته بالمنكرات والمعاصي: كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً [الإسراء:14] هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الجاثية:29].

فإذا رأى كتابه قال: يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ [الحاقة:25] يقول: ليتني ما رأيت هذه الشهادة: وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ [الحاقة:26-29].

يقول الله: خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ [الحاقة:30-32].

سلسلة من سلاسل النار، ذرعها سبعون ذراعاً بذراع أهل النار يسلك فيها، تُدخل من فمه وتخرج من دبره ليشوى في النار كما تشوى الدجاجة في المقلاة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ولماذا؟ قال: إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ [الحاقة:33].

فيا إخوتي في الله! من كان مستقيماً وملتزماً بمنهج الله؛ فليحمد الله وليطلب من الله الثبات حتى يلقى الله، ومن كان مقصراً وكلنا ذاك الرجل؛ كلنا مقصرون، فلنتب إلى الله عز وجل.

فليتب الإنسان منا ولا يؤجل، فالتأجيل ليس من مصلحتنا، لا تقل: أتوب بعد ذلك، بعد ذلك ما تملكها أنت، قد تقول: أتوب بعد ذلك وتموت اليوم، أو تموت بعد شهر أو بعد سنة، خطر كبير أن تجازف بمصيرك، وأن تخاطر به ولا تتوب، الأفضل والخيار الأمثل أن تتوب الآن، لأنك إذا تبت وفاجأك القضاء والقدر وإذا بك سلمت.

وإذا تبت ومد الله في أجلك وإذا بك كل يوم ترتفع درجة عند الله، لكن إذا أخَّرت التوبة وأجلت الرجعة إلى الله، ومت ولقيت الله وهو عليك ساخط كيف تصنع؟!

كيف ترقعها مع الله؟!

وإن لم تمت مد الله في عمرك، وأنت عاص فإنك كل يوم تزداد إثماً، لو مت اليوم أحسن من أن تموت غداً؛ لأنك تسلم من المعاصي.

أجل الأفضل لك أن تتوب الآن، وسوف تجد رباً كريماً يغفر الذنب العظيم، ويقول: يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً [الزمر:53] لا تقل: أنا كثير المعاصي، أنا فعلت وفعلت، مهما عملت من ذنوب فإن رحمة الله أوسع من ذنوبك، بل إن الله عز وجل لا يغفر الذنب فقط، ولكن يغفر الذنب ويبدل الذنب كله حسنات، قال الله: فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:70].

فيا إخوتي في الله!

لابد من الرجعة إلى الله والعودة إليه، لأننا سنموت، لو كنَّا لن نموت كان من حقنا أن نعصيه، وما دام الإنسان على يقين أنه سيموت، ولن يستطيع أن يفلت من قبضة الله، فإن الأفضل في حقه أن يتوب إذا أراد النجاة في الدنيا والآخرة.

ألا وصلوا على خير خلق الله، محمد بن عبد الله فقد أمركم بذلك فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56].

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين.

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، وعنا معهم ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، برحمتك يا أرحم الراحمين.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , نعمة الإيمان والدين للشيخ : سعيد بن مسفر

https://audio.islamweb.net