إسلام ويب

جاءت السنة النبوية بكل ما يعرض لنا في الحياة، ومن ذلك آداب الطعام وما ينبغي فعله في كثير من الحالات، فمثلاً إذا سقطت فأرة في السمن ووقع ذباب في الطعام أو سقطت لقمة، وكذلك في أكل الخادم مع المولى وفي لعق الأصابع، وما يقوله الرجل إذا طعم وفي غسل اليد من الطعام والدعاء لرب الطعام وغيرها.

حكم الفأرة تقع في السمن

شرح حديث: (أن فأرة وقعت في سمن فأُخبر النبي فقال: ألقوا ما حولها وكلوا)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الفأرة تقع في السمن.

حدثنا مسدد حدثنا سفيان حدثنا الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة رضي الله عنهم: (أن فأرة وقعت في سمن فأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ألقوا ما حولها وكلوا) ].

أورد أبو داود [ باب: في الفأرة تقع في السمن ]، وأورد في ذلك حديث ميمونة رضي الله عنها: [ (أن فأرة وقعت في سمن فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ألقوا ما حولها وكلوا) ].

يعني: كلوا السمن الذي وقعت فيه الفأرة وألقوا الفأرة وما حولها، وقال بعض أهل العلم -كما سيأتي في حديث بعد هذا- إنه إن كان جامداً فإنه تلقى وما حولها، وإذا كان مائعاً فإنه يراق ويتلف، ولكن هذا الحديث مطلق ولم يقيد فيه بالجامد، والحديث الذي بعده فيه كلام من ناحية الثبوت وإن كان ظاهره الصحة، فقد تكلم فيه العلماء والمحدثون، وقالوا: إن المعتمد هو رواية عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة رضي الله تعالى عنها أم المؤمنين، وأنها تلقى وما حولها سواء كان مائعاً أو جامداً، بخلاف الحديث الذي سيأتي بعد هذا، ففيه التفريق بين الجامد وغيره.

قوله:[ (ألقوا ما حولها وكلوا) ].

أي: وكلوا الباقي سواءً كان سائلاً مائعاً أو جامداً، وأما أن يعطى حكم الماء إذا وقعت فيه النجاسة: فإن كان قليلاً فتنجسه، وإن كان أكثر من قلتين فلا تنجسه فأقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بأن يلقى ما حولها ويؤكل الباقي، فهو وإن كان سائلاً إلا أن النجاسة إنما هي حولها، مما دام أنها في مكان مرتفع ولم تصل إلى أسفل فمعنى ذلك أن النجاسة إنما هي في المكان القريب، وليست عامة في الجميع؛ لأنه وإن كان السمن سائلاً إلا أنه ليس مثل الماء في الخفة، فهو كثيف بخلاف الماء.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن فأرة وقعت في سمن فأخبر النبي فقال: ألقوا ما حولها وكلوا)

قوله: [ حدثنا مسدد ].

هو مسدد بن مسرهد ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ حدثنا سفيان ].

هو سفيان بن عيينة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا الزهري ].

هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. .

[ عن عبيد الله بن عبد الله ].

هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن عباس ].

هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

[ عن ميمونة ].

ميمونة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (إذا وقعت الفأرة في السمن فإن كان جامداً فألقوها وما حولها...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح والحسن بن علي واللفظ للحسن، قالا: حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا وقعت الفأرة في السمن: فإن كان جامداً فألقوها وما حولها، وإن كان مائعاً فلا تقربوه) ].

أورد أبو داود حديث أبي هريرة هذا الذي فيه التفصيل بين كونه جامداً ومائعاً، وأنه إن كان السمن جامداً ووقعت فيه فأرة فإنها تلقى وما حولها، وإن كان مائعاً فإنه لا يقرب ولا يستفاد منه.

وحديث أبي هريرة هذا -كما هو معلوم- إسناده ظاهره الصحة، ولكن قال جماعة من المحدثين: إنه خطأ، وإن المحفوظ هو الحديث الأول وهو حديث عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة .

وهذا الحديث يدور على معمر، ومعمر اختلف عليه فيه فمرة رواه كذا، ومرة رواه كذا، ولهذا قالوا: إن المحفوظ هي رواية الذين رووه عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة، وهي الرواية المطلقة التي لم تفصل بين الجامد والمائع.

تراجم رجال إسناد حديث: (إذا وقعت الفأرة في السمن فإن كان جامداً فألقوها وما حولها...)

قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ].

هو أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.

[ والحسن بن علي ].

هو الحسن بن علي الحلواني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .

[ واللفظ للحسن ].

أي: الشيخ الثاني.

[ حدثنا عبد الرزاق ].

هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا معمر ].

هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الزهري ].

الزهري مر ذكره.

[ عن سعيد بن المسيب ].

سعيد بن المسيب ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق.

[ قال الحسن : قال عبد الرزاق : وربما حدث به معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة عن النبي صلى الله عليه وسلم ].

يعني: مثل الحديث الأول.

شرح حديث: (إذا وقعت الفأرة في السمن فإن كان جامداً فألقوها وما حولها ...) من طريق أخرى وتراجم رجال الإسناد

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الرزاق أخبرنا عبد الرحمن بن بوذويهعن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل حديث الزهري عن ابن المسيب ].

هذا إحالة على الطريقه الثانية التي فيها التفصيل بين الجامد والمائع .

قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الرزاق أخبرنا عبد الرحمن بن بوذويه ].

عبد الرحمن بن بوذويه مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي .

[ عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة ].

مر ذكرهم.

حكم الذباب يقع في الطعام

شرح حديث: (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[ باب في الذباب يقع في الطعام.

حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا بشر -يعني ابن المفضل - عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه؛ فإن في أحد جناحيه داء، وفي الآخر شفاء، وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء، فليغمسه كله) ].

قوله: [ باب: في الذباب يقع في الطعام ] أي: ماذا يصنع بالطعام؟ وماذا يصنع بالذباب؟ هل يخرج ويلقى، أو أنه يغمس في الطعام الذي وقع فيه؟

أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه)، أي: اغمسوه في الطعام أو الماء أو الإناء.

قوله: [ (فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء، وهو يتقي بجناحه الذي به الداء) يعني: أنه يعتمد عليه إذا وقع في الطعام أو في الماء، ويرفع الجناح الذي فيه الشفاء، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمر بغمسه؛ حتى يبطل الدواء الداء، فأحد الجناحين فيه داء، وهو الذي يضعه على الطعام أو الماء، والثاني يرفعه فإذا غمس صار هذا مع هذا.

وهذا الحديث يدل على أن الذباب وغيره من الحشرات التي ليس فيها دم أنها لا تنجس الماء إذا ماتت فيه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى غمس الذباب في الإناء، وقد يكون حاراً ويترتب على حرارته أنه يموت، والرسول صلى الله عليه وسلم أمر بأنه إذا غمس يخرج ثم يشرب الماء، أو يشرب الشيء السائل الذي وقع فيه.

واستنبط بعض العلماء أن كل ما لا نفس له سائلة لا ينجس في الماء إذا مات فيه؛ لأنه ليس فيها دم كثيف، مثل: الجراد والذباب وغيرهما من الحشرات التي ليس فيها دم.

وفيه أيضاً دليل على أن مثل الجراد يجوز أن يرمى في الماء الحار ثم يؤكل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم مادام أنه أمر بغمس الذباب في الماء الحار، ويترتب على ذلك موته، فكذلك الجراد لا يحتاج إلى أنه يذبح؛ لأنه ليس فيه دم حتى يذبح.

وقد ذكر ابن القيم في كتابه (زاد المعاد) أن أول من عبر بعبارة: أن كل ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه، هو إبراهيم النخعي الفقيه المحدث المشهور من التابعين، قال: وعنه تلقاها الفقهاء من بعده.

وقد جاء في كتاب الروح لـابن القيم أنه قال: وفي الحديث: (ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه)، مع أنه قال في (زاد المعاد): إن أول من عبر بهذه العبارة إبراهيم النخعي ، وكونه يطلق على هذه العبارة أنها حديث هذا وهم؛ لأنه ما جاء في ذلك حديث، وإنما هذه من تعبيرات الفقهاء التي أخذوها من قصة الذباب وغمسه بالماء.

تراجم رجال إسناد حديث: (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه ...)

قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]

هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام المحدث الفقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا بشر يعني ابن المفضل ].

بشر بن المفضل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن عجلان ].

هو محمد بن عبد الله بن عجلان المدني وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن سعيد المقبري ].

هو سعيد بن أبي سعيد المقبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

أبو هريرة وقد مر ذكره.

حكم اللقمة تسقط

شرح حديث: (إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في اللقمة تسقط.

حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أكل طعاماً لعق أصابعه الثلاث وقال: إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان، وأمرنا أن نسلت الصحفة، وقال: إن أحدكم لا يدري في أي طعامه يبارك له) ].

قوله: [ باب: في اللقمة تسقط ] يعني: إذا سقطت اللقمة من الآكل فعليه أن يميط ما علق بها من تراب أو أعواد أو ما إلى ذلك، ثم يأكل ما سوى ذلك، اللهم إلا أن تكون الأرض نجسة فإنها تغسل حتى تذهب عنها النجاسة، ثم يأكلها الإنسان ولا يتركها للشيطان، وفي هذا دليل على أن الشيطان إذا ذكر اسم الله عز وجل لا يستطيع أن يشارك في الطعام، ولكنه إذا سقط ولم يتعرض له فإنه يأكله، وإذا أزيل ما اللقمة فيها من أذى واستعملها الإنسان فإنها لا تكون للشيطان، وإنما تكون لصاحبها.

أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: [ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل طعاماً لعق أصابعه الثلاث) ].

أي: أنه كان يأكل بأصابعه الثلاث، وهي: الوسطى والسبابة والإبهام، وكان يلعق هذه الأصابع التي يأكل بها، ولو احتاج الإنسان إلى أكثر من ثلاث أصابع فإنه لا بأس بذلك، وهذا في مثل الطعام الذي ينتثر كالأرز؛ لأنه لو أخذ بأصابعه الثلاث لا يأخذ إلا حبات قليلة، ويمكث على الطعام مدة طويلة ولا ينتهي.

فالحاصل أن الطعام الذي يستغنى فيه عما سوى الثلاث الأصابع فإنه يقتصر على الثلاث، وهذا مثل أن الإنسان يغمس الخبز في الإدام، أو يتناول طعاماً يتماسك بعضه ببعض بحيث لو أخذ قطعة يصير شيئاً على مقدار المضغة في الأصابع، أما الأشياء المتناثرة مثل الأرز فإنه لا يأخذ إلا شيئاً قليل جداً بالثلاث الأصابع، ويترتب عليه أنه يمكث مدة طويلة على الطعام ولا ينتهي منه.

قوله: [ (قال: إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان، وأمرنا أن نسلت الصحفة) ].

السلت: هو أن يُمر عليها الإصبع بحيث يعلق الباقي بالإصبع، فيأكل بقايا الطعام الذي يكون في الصحفة، ثم يلعق الإنسان أُصبعه، وعلل ذلك بقوله: [ (إن أحدكم لا يدري في أي طعامه يبارك فيه) ] أي: قد تكون البركة في آخر الطعام.

فالإنسان لا يتهاون بذلك، فعليه أن يلعق أصابعه ويسلت الصحفة كما جاء بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث: (إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها ...)

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ].

هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا حماد ].

هو حماد بن سلمة بن دينار ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن ثابت ].

هو ثابت بن أسلم البناني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أنس بن مالك ].

أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا إسناد رباعي من أعلى الأسانيد عند أبي داود ، وكل رجاله بصريون، فـموسى بن إسماعيل بصري، وحماد بن سلمة بصري، وثابت البناني بصري، وأنس بن مالك بصري.

حكم أكل الخادم مع مولاه

شرح حديث: (إذا صنع لأحدكم خادمه طعاماً ثم جاءه به وقد ولي حره ودخانه فليقعده معه ليأكل ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الخادم يأكل مع المولى.

حدثنا القعنبي حدثنا داود بن قيس عن موسى بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا صنع لأحدكم خادمه طعاماً ثم جاءه به وقد ولي حره ودخانه فليقعده معه ليأكل، فإن كان الطعام مشفوهاً فليضع في يده منه أكلة أو أكلتين) ].

قوله: [ باب: في الخادم يأكل مع المولى ] يعني: أن المخدوم يجعل الخادم يأكل معه ويشاركه في الطعام، وهذا فيما إذا كان الطعام كثيراً، وأما إذا كان مشفوهاً -يعني: قليلاً- فليناوله لقمة أو لقمتين؛ لأنه هو الذي تولى حره وطبخه وصنعه.

قوله: [ (فليضع في يده منه أكلة أو كلتين) ].

يعني: لقمة أو لقمتين، فقيل: إن (أو) للتخيير، وقيل: إن (أو) بمعنى بل، يعني: أكلة بل أكلتين، وهذا للتأكيد، وهو مثل قوله عز وجل: مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ [الصافات:147] يعني: بل يزيدون، وكذلك قوله عز وجل: كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً [البقرة:74] يعني: بل أشد قسوة.

تراجم رجال إسناد حديث: (إذا صنع لأحدكم خادمه طعاماً ثم جاءه به وقد ولي حره ودخانه فليقعده معه ليأكل ...)

قوله: [ حدثنا القعنبي ].

هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .

[ حدثنا داود بن قيس ].

داود بن قيس ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن موسى بن يسار ].

موسى بن يسار ثقة أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن أبي هريرة ].

أبو هريرة وقد مر ذكره.

حكم استعمال المنديل بعد الطعام

شرح حديث: (إذا أكل أحدكم فلا يمسحن يده بالمنديل حتى يلعقها أو يلعقها)

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[ باب في المنديل.

حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا أكل أحدكم فلا يمسحن يده بالمنديل حتى يلعقها أو يلعقها) ].

أورد أبو داود: [ باباً في المنديل ] يعني: أن استعماله بعد الطعام جائز ولكن بعد لعق الأصابع، فإنما يمسح بالمنديل ما يبقى بعد اللعق، وهي الزهومة والدسومة التي تكون من الطعام، فيخففها أو يزيلها بالمنديل، ولكن بعد اللعق.

قوله: [ (إذا أكل أحدكم فلا يمسحن يده بالمنديل حتى يَلعقها أو يُلعقها) ].

أي: أنه يجوز المسح بالمنديل للأصابع، ولكن لا يكون إلا بعد أن يلعقها هو بنفسه، أو يلعقها من لا يتبرم من ذلك كالزوجة أو من يرغب في ذلك.

تراجم رجال إسناد حديث: (إذا أكل أحدكم فلا يمسحن يده بالمنديل حتى يَلعقها أو يُلعِقها)

قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى ].

هو يحيى بن سعيد القطان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن جريج ].

هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عطاء عن ابن عباس ].

عطاء بن أبي رباح وابن عباس مر ذكرهما.

شرح حديث: (أن النبي كان يأكل بثلاث أصابع ولا يمسح يده حتى يلعقها)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا النفيلي حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن عبد الرحمن بن سعد عن ابن كعب بن مالك عن أبيه رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يأكل بثلاث أصابع، ولا يمسح يده حتى يلعقها) ].

أورد أبو داود حديث كعب بن مالك رضي الله عنه: [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل بثلاث أصابع) ]، وهذا يدلنا على ما دل عليه الحديث الأول الذي مر من أنه كان يأكل بالأصابع الثلاث.

قوله: [ (ولا يمسح يده حتى يلعقها) ]، فهذا دليل من فعله، وذاك الذي مر دليل من قوله صلى الله عليه وسلم، إذاً فهذه السنة جاءت من قوله وفعله صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي كان يأكل بثلاث أصابع ولا يمسح يده حتى يلعقها)

قوله: [ حدثنا النفيلي ].

النفيلي مر ذكره .

[ حدثنا أبو معاوية ].

محمد بن خازم الضرير الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن هشام بن عروة ].

هشام بن عروة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الرحمن بن سعد ].

عبد الرحمن بن سعد ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .

[ عن ابن كعب بن مالك ].

ابن كعب بن مالك هو إما عبد الله وإما عبد الرحمن ، وعبد الرحمن ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وعبد الله ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ عن أبيه ].

هو كعب بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد الثلاثة الذين خلفوا وتاب الله عليهم، ونزل في توبته وتوبة صاحبيه قرآن يتلى في آخر سورة التوبة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

الفوائد المترتبة على لعق الأصابع

هنا فائدة ذكرها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في شرح رياض الصالحين قال: إن في لعق الأصابع بعد الطعام فائدتين: الأولى: شرعية، وهي أنها سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والثانية: طبية، وهي أن الأنامل تفرز إفرازات حين الأكل تساعد على الهضم، فإذا لعقها دخلت إلى جوفه، فساعدت على هضم الطعام.

أقول: إذا كان الأطباء قد اكتشفوا هذا، فهذا لاشك أنه من الأشياء التي سبق إليها الإسلام، ومما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أنه يحصل في الطب اكتشافات ثم يتبين بأنها مطابقة لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك قضية الذباب الذي مر بنا وأن في أحد جناحيه داء وفي الآخر دواء، فقد ذكروا واكتشفوا أن فيه هذا الأمر.

والأحاديث التي وردت في هذه الآداب إنما هي للاستحباب، وإنما تصير للوجوب إذا جاء شيء يدل على ذلك، كما جاء في الأكل باليمين، والأكل بالشمال، فالأكل باليمين واجب، ويحرم بالشمال.

الأسئلة

حكم من اعتمر وخرج من مكة ولم يقصر

السؤال: اعتمر شخص قبل شهرين ولم يقصر من شعره، وذلك على نية أنه سيقصر إذا خرج من المسجد، ولكنه خرج من مكة ولم يقصر فما الواجب عليه الآن؟

الجواب: عليه أن يذبح شاة في مكة ويوزعها على فقراء الحرم؛ لأنه ترك واجباً من واجبات العمرة وهو التقصير، وعمرته صحيحة.

درجة حديث: (تحت كل شعرة جنابة)

السؤال: ما درجة حديث: (تحت كل شعرة جنابة) ؟

الجواب: ليس بصحيح.

حكم أكل الطعام الطيب في آنية أهل الكتاب مع وجود غيرها

السؤال: أكل النبي صلى الله عليه وسلم في آنية اليهود عندما قدموا له الطعام مع وجود غيرها في المدينة، فهذا يدل على جواز استعمال آنية الكفار من أهل الكتاب، فهل هذا صحيح؟

الجواب: نعم؛ لأنه كما هو معلوم أنه أكل الطعام الذي قدم له في آنيتهم، وهو طعام طيب، لكن الكلام عن استعمال الآنية التي يعرف من عادتهم أنهم يستعملون فيها الخنزير وغيره من النجاسات.

حكم الأكل في مطاعم أهل الكتاب

السؤال: ما حكم الأكل في مطاعم أهل الكتاب، فهم يقدمون لنا ملاعق وصحوناً وأواني يستخدمونها؟

الجواب: لكنهم غالباً يقدمونها وهي مغسولة، وأما إذا كان هناك خمر أو شيء من المحرمات فلا يأكل في ذلك المكان.

حكم الأكل من طعام الجار النصراني

السؤال: لي جار نصراني إذا جاءني بصحن فيه طعام فهل نأكل منه أو نطرحه؟

الجواب: كل منه، فليس هناك بأس.

معنى اليسر في قوله صلى الله عليه وسلم (إن هذا الدين يسر ...)

السؤال: يقول شخص: أشكل علي قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن هذا الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه)، وسيرة كثير من السلف في الاجتهاد في العبادة، وحمل النفس على تحمل المشاق أمر معروف، فما المقصود باليسر في هذا الحديث؟

الجواب: الذي ينبغي للإنسان ألا يتنطع وألا يتكلف ويأتي بأشياء فيها صعوبة ومشقة، فالله تعالى يسر على الناس فيما شرع، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (عليكم من العمل بما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل)، فكون الإنسان يكثر من العبادة ويأتي بشيء يجلب له المشقة والمضرة فقد يترتب على ذلك أنه يترك هذه العبادة.

إذاً: فهذا لا يصح ولا ينبغي؛ لأن أحب الأعمال إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل، وكما يقولون: قليل تداوم عليه خير من كثير تنقطع عنه.

وهذا بشر الحافي قيل له: إن أناساً يجتهدون في رمضان ويكثرون من العبادة، فإذا خرج رمضان تركوا، قال: بئس القوم؛ لا يعرفون الله إلا في رمضان.

فكون الإنسان يجهد نفسه في عمل ويزيد فيه، ثم يتسبب ذلك في الانقطاع والترك فهذا ليس بجيد، فالذي ينبغي للإنسان أن يحافظ على الشيء القليل ويستمر عليه، وهو خير من كثير ينقطع عنه؛ لأن الإنسان إذا داوم على عمل قليل فأي وقت يأتيه الأجل فإنه يكون مداوماً على العبادة ولو كانت قليلة، بخلاف الإنسان الذي يجتهد في بعض الأوقات ويهمل فقد يأتيه الموت في وقت الإهمال، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (وإن أحب الأعمال إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل).

وأما ما جاء عن بعض السلف من الاجتهاد في العبادة، ومن التعب ومن النصب، فإن منهم من أضر بنفسه، أو أضر بأمور أخرى مطلوبة منه، أو تعب وانقطع وترك ذلك الشيء الذي اشتغل فيه؛ بسبب أنه أجهد نفسه، فالذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم هو فعل القليل مع المداومة عليه، وهو خير من فعل الكثير مع الانقطاع عنه.

معنى قولهم: اقتصاد في سنة خير من الاجتهاد في البدعة

السؤال: ما توجيه هذه المقولة: اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة؟

الجواب: أي: أن على الإنسان أن يقتصد ويأتي بالشيء الذي لا يشق عليه، وليس هناك تناسب بين الاجتهاد في البدعة وعدم الاجتهاد فيها؛ لأن البدعة مذمومة سواءً كانت قليلة أو كثيرة.

وأما الاقتصاد في السنة فهو أن على الإنسان ألا يتعب نفسه في أمور مشروعة ومستحبة بحيث أنه يفوت على نفسه خيراً كثير، أو يترتب على ذلك أن يترك تلك السنن التي اجتهد فيها، فعلى المرء بالاعتدال والتوسط وعدم الإفراط الذي يؤدي إلى الترك وإلى الضرر، أو التفريط الذي يؤدي إلى الإهمال.

ما يقول الرجل إذا طعم

شرح حديث: (كان رسول الله إذا رفعت المائدة قال: الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[ باب ما يقول الرجل إذا طعم.

حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ثور عن خالد بن معدان عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا رفعت المائدة قال: الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا) ].

قوله: [ باب: ما يقوله إذا طعم ]، يعني: المسلم بعد الفراغ من الطعام.

وأورد أبو داود حديث أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفعت المائدة -يعني: إذا انتهى من الطعام- قال: الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا) ]، فهذا دعاء كان يدعو به الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الفراغ من الطعام، وهذا ثناء على الله عز وجل وحمد له على نعمه ومنها: نعمة الطعام الذي رزق الله إياه عباده، ووفق لتحصيله والاستفادة منه.

وقوله: [ (غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا) ] يعني: أن الله تعالى يستغني وغيره لا يستغني عنه، والله تعالى هو الكافي وغير الله تعالى هو الذي يكفيه، فقوله: (غير مكفي) مثل قوله عز وجل: وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ [الأنعام:14]، فهو الذي يكفي الناس سبحانه، قال عز وجل: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق:3] أي: كافيه.

قوله: (ولا مودع) يعني: ولا متروك؛ لأنه لا يستغنى عن الله عز وجل طرفة عين، فهو المنعم المتفضل الذي له الحمد على كل حال، وما من نعمة في الناس إلا وهي من الله، قال عز وجل: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللَّهِ * وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [إبراهيم:33-34].

وقال عز وجل: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى [الضحى:3] يعني: ما تركك.

قوله: (ولا مستغنى عنه).

أي: أن الله لا يستغنى عنه طرفة عين، وهو غني عن الخلق، قال عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [فاطر:15]، فكل من سواه فهو مفتقر إليه، والله تعالى غني عن كل أحد، وهذا هو معنى الصمد، أي: الذي تصمد الخلائق إليه بحوائجها؛ لأنه الغني عن كل من سواه، المفتقر إليه كل من عداه.

تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله إذا رفعت المائدة قال: الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ...)

قوله: [ حدثنا مسدد ].

هو مسدد بن مسرهد ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ حدثنا يحيى ].

هو يحيى بن سعيد القطان البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ثور ].

هو ثور بن يزيد وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.

[ عن خالد بن معدان ].

خالد بن معدان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي أمامة ].

هو أبو أمامة صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (أن رسول الله كان إذا فرغ من طعامه قال: الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن العلاء حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي هاشم الواسطي عن إسماعيل بن رياح عن أبيه أو غيره عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان إذا فرغ من طعامه قال: الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين) ].

أورد أبو داود هذا الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من طعامه قال: الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين) ] فنعمة الإسلام هي أجل وأعظم نعمة أنعم الله تعالى بها على عبده المسلم؛ لأن بها يحصل سعادة الدنيا وسعادة الآخرة، وبدون ذلك يشقى المرء في الدنيا والآخرة، كما قال الله عز وجل: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طه:124]، فهذا الدعاء عند الفراغ من الطعام.

وفي إسناد الحديث ضعف، لكن معناه صحيح، فالإنسان لا يفعله على أنه سنة، لكن لو أن إنساناً أتى بهذا الشيء فهو كلام صحيح، وعلى الإنسان أن يحرص ويأتي بالشيء الثابت، ولو أتى بشيء لم يثبت لا على أنه سنة، وإنما على أن هذا كلام حسن وجميل يثنى على الله عز وجل به، فلا بأس.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي كان إذا فرغ من طعامه قال: الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين)

قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء ].

هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب الهمداني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا وكيع ].

هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سفيان ].

هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هاشم الواسطي ].

هو الرماني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن إسماعيل بن رياح ].

إسماعيل بن رياح مجهول، أخرج له أبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي في عمل اليوم والليلة.

[ عن أبيه ].

أبوه ثقة، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي في عمل اليوم والليلة وابن ماجة .

[ عن أبي سعيد الخدري ].

هو سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث: (كان رسول الله إذا أكل أو شرب قال: الحمد لله الذي أطعم وسقى...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني سعيد بن أبي أيوب عن أبي عقيل القرشي عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أكل أو شرب قال: الحمد لله الذي أطعم وسقى وسوغه وجعل له مخرجاً) ].

أورد أبو داود حديث أبي أيوب الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل أو شرب قال: [ (الحمد لله الذي أطعم وسقى وسوغه وجعل له مخرجاً) ]، فهو المتفضل بالطعام والشراب، وهو الذي أنعم بعد وجوده بأن جعله سائغاً أكلاً وشرباً، وجعل له مخرجاً بعدما تستخلص فوائده ومنافعه في الجسم، وأما الشيء الرديء فإنه يخرج من السبيلين بولاً وغائطاً.

تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله إذا أكل أو شرب قال الحمد لله الذي أطعم وسقى...)

قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ].

هو أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل .

[ حدثنا ابن وهب ].

هو عبد الله بن وهب المصري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرني سعيد بن أبي أيوب ].

سعيد بن أبي أيوب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي عقيل القرشي ]

هو زهرة بن معبد وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.

[ عن أبي عبد الرحمن الحبلي ].

هو عبد الله بن يزيد وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن أبي أيوب الأنصاري ].

هو خالد بن زيد رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

غسل اليد من الطعام

شرح حديث: (من نام وفي يده غمر ولم يغسله فأصابه شيء فلا يلومنّ إلا نفسه)

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[ باب: في غسل اليد من الطعام.

حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من نام وفي يده غمر ولم يغسله فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه) ].

قوله: [ باب في غسل اليدين بعد الطعام ]، أي: أنه مستحب؛ وذلك لإزالة الدسومة والشيء الذي علق باليد بعد الطعام فهو يغسله؛ لئلا يتعرض لما لا يحمد عاقبته، ولئلا يجعل هذه الرائحة التي في يده يشمها الناس الذين حوله، وقد يكون فيهم من هو فقير، فالفقير قد يشم أثر الطعام ويشتهيه فلا يحصل عليه لفقره.

أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (من نام وفي يده غمر ولم يغسله فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه) ]، والغمر هو الدسومة والزهومة التي تكون في اليد بعد الطعام؛ لأنه قد تأتي عليه الحشرات من ذوات السموم من أجل هذا الذي يجذبها برائحته، فيحصل له شيء لا تحمد عقباه، ولهذا قال: [ (فلا يلومن إلا نفسه) ] يعني: إذا لم يغسله فلا يلومن إلا نفسه؛ لأنه مفرط وقد تسبب في وصول هذا الأذى إليه.

وغسل اليدين يحتمل الوجوب، والنوم هنا مطلق سواءً كان في الليل أو في النهار.

تراجم رجال إسناد حديث: (من نام وفي يده غمر ولم يغسله فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه)

قوله: [ حدثنا أحمد بن يونس ].

أحمد بن يونس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا زهير ].

هو زهير بن معاوية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا سهيل بن أبي صالح ].

سهيل بن أبي صالح صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وروى البخاري عنه مقروناً.

[ عن أبيه ].

هو أبو صالح ذكوان السمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.

ما جاء في الدعاء لرب الطعام إذا أكل عنده

شرح حديث: (أثيبوا أخاكم ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[ باب: ما جاء في الدعاء لرب الطعام إذا أكل عنده.

حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو أحمد قال حدثنا سفيان عن يزيد أبي خالد الدالاني عن رجل عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (صنع أبو الهيثم بن التيهان رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم طعاماً فدعا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه، فلما فرغوا قال: أثيبوا أخاكم، قالوا: يا رسول الله وما إثابته؟ قال: إن الرجل إذا دخل بيته، فأكل طعامه، وشرب شرابه، فدعوا له فذلك إثابته) ].

قوله: [ باب: ما جاء في الدعاء لرب الطعام إذا أكل عنده ].

يعني: يدعى للمضيف ومقدم الطعام.

وأورد فيه أبو داود حديث جابر قال: [ (صنع أبو الهيثم بن التيهان للنبي صلى الله عليه وسلم طعاماً، فدعا الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فلما فرغوا قال: أثيبوا أخاكم) ].

والإثابة هي الجزاء، فقد تكون في الخير وقد تكون في الشر؛ لأن الثواب يطلق في الخير وفي الشر، ومنه قول الله عز وجل في نهاية سورة المطففين: هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [المطففين:36]، يعني: هل جوزي الكفار ما كانوا يعملون؟

والمقصود بالإثابة هنا الدعاء.

قوله: [ (قالوا: يا رسول الله وما إثابته؟ قال: إن الرجل إذا دخل بيته، فأكل طعامه، وشرب شرابه، فدعوا له فذلك إثباته) ].

ففسر الإثابة بأنهم يدعون الله عز وجل عند الفراغ من الطعام لصاحب الطعام بالدعاء المناسب، وسيذكر المصنف شيئاً من ذلك بعد هذا، وهذا الحديث فيه ضعف؛ لأن فيه رجلاً مبهماً غير مسمى، وأبو خالد الدالاني فيه كلام أيضاً.

تراجم رجال إسناد حديث: (أثيبوا أخاكم ...)

قوله: [ حدثنا محمد بن بشار ].

هو محمد بن بشار الملقب بندار البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا أبو أحمد ].

هو أبو أحمد الزبيري ثقة يخطئ في حديث الثوري ، وهذا من روايته عن الثوري ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا سفيان ].

سفيان الثوري مر ذكره.

[ عن يزيد أبي خالد الدالاني ].

يزيد أبو خالد الدالاني وهو صدوق يخطئ كثيراً ويدلس، أخرج له أصحاب السنن.

[ عن رجل عن جابر ].

الرجل مبهم، وجابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما الصحابي الجليل، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.

شرح حديث: (أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مخلد بن خالد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن ثابت عن أنس رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جاء إلى سعد بن عبادة رضي الله عنه، فجاء بخبز وزيت فأكل، ثم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة) ].

أورد أبو داود حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى إلى سعد بن عبادة ، وسعد بن عبادة هو سيد الخزرج من الأنصار، وسعد بن معاذ سيد الأوس، وقد مات بعد غزوة الخندق، وسعد بن عبادة عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء إليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأكل عنده، فقدم له زيتاً وخبزاً فأكل منه وقال: [ (أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة) ].

تراجم رجال إسناد حديث: (أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة)

قوله: [ حدثنا مخلد بن خالد ].

مخلد بن خالد هو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود .

[ حدثنا عبد الرزاق ].

هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا معمر ].

هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ثابت ].

هو ثابت بن أسلم البناني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أنس ].

هو أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

كيفية الدعاء لصاحب الطعام ووقته

إن قوله: (أفطر عندكم الصائمون) يكون بعد الفراغ من الأكل عند المضيف في الصيام وغير الصيام، وذلك أن يقوم كل واحد يدعو على حدة، وأما أن يدعو شخص ويؤمن الباقون على دعائه فلا نعلم في ذلك سنة، وقد سبق أن مر بنا حديث الدعاء بعد أكل الطعام لصاحب الطعام عن عبد الله بن بسر من بني سليم قال: (جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي فنزل عليه الصلاة والسلام فقدم إليه طعاماً، فذكر حيساً أتاه به، ثم أتاه بشراب فشرب فناول من على يمينه، وأكل تمراً فجعل يلقي النوى على ظهر إصبعيه السبابة والوسطى، فلما قام قام أبي فأخذ بلجام دابته فقال: ادع الله لي، فقال: اللهم! بارك لهم فيما رزقتهم، واغفر لهم وارحمهم) .

وهذا حديث صحيح.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح سنن أبي داود [434] للشيخ : عبد المحسن العباد

https://audio.islamweb.net