إسلام ويب

ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأكل القثاء بالرطب وهذا جمع بين شيئين لمصلحة، وجمع بين لونين في الأكل، وبالنسبة للأكل في آنية أهل الكتاب ففيه تفاصيل ينبغي التنبه لها.

الجمع بين لونين في الأكل

شرح حديث (إن النبي كان يأكل القثاء بالرطب)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الجمع بين لونين في الأكل.

حدثنا حفص بن عمر النمري حدثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يأكل القثاء بالرطب) ].

يقول أبو داود [ باب الجمع بين لونين في الأكل ] أي: أنه يجمع بين الشيئين للمصلحة وللفائدة، وذلك كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأكل القثاء بالرطب؛ لأن القثاء بارد والرطب حار، فيجمع بينهما؛ لأن حرارة التمر تذهبها برودة القثاء.

وقد سبق أن عرفنا أن الجمع بين نوعين من الطعام بين يدي الإنسان سائغ؛ لأن الثريد كما قلنا فيما مضى هو خير الأطعمة عندهم، والثريد هو مجموع اللحم والخبز، وكذلك الطعام الذي صنعه الخياط للرسول صلى الله عليه وسلم ومعه أنس بن مالك وكان فيه شعير وفيه دباء وفيه مرق.

تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي كان يأكل القثاء بالرطب)

قوله: [ حدثنا حفص بن عمر النمري ].

حفص بن عمر النمري ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا إبراهيم بن سعد ].

إبراهيم بن سعد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبيه ].

أبوه ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الله بن جعفر ].

عبد الله بن جعفر الصحابي رضي الله عنه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهذا إسناد رباعي.

الفرق بين ترجمتي الجمع بين لونين من الطعام والجمع بين لونين في الأكل ومعنى القثاء

إن الفرق بين هذه الترجمة والترجمة السابقة: (الجمع بين لونين من الطعام) و(الجمع بين لونين في الأكل) أن هذه الأخيرة معناها أنه يأكلهما معاً حتى ينفع هذا مع هذا، وتكون الحاجة داعية إلى الجمع بينهما، من أجل أن حرارة التمر تذهبها برودة القثاء.

والقثاء هو الخيار المعروف عند الناس، إلا أن بعض الناس يفرق بينهما في هذا الوقت، فيجعل الخيار هو النوع الذي فيه خضرة، والقثاء هو الذي فيه السواد. وكلاهما بمعنى واحد يقال له قثاء.

شرح حديث (كان رسول الله يأكل البطيخ بالرطب فيقول نكسر حر هذا ببرد هذا)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا سعيد بن نصير حدثنا أبو أسامة حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأكل البطيخ بالرطب فيقول: نكسر حر هذا ببرد هذا، وبرد هذا بحر هذا) ].

أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها قالت: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل البطيخ بالرطب، فيقول: نكسر حر هذا ببرد هذا، وبرد هذا بحر هذا) وهذا من جنس أكل الخيار مع التمر، أعني أن البطيخ فيه برودة والتمر فيه حرارة، فحرارة التمر تكسر ببرودة البطيخ والعكس.

وفيه الجمع بين شيئين في الأكل، وكونه يتناولهما معاً من أجل أن ما في هذا من حرارة تذهب ببرودة الآخر.

تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله يأكل البطيخ بالرطب فيقول نكسر حر هذا ببرد هذا)

قوله: [ حدثنا سعيد بن نصير ].

سعيد بن نصير صدوق، أخرج له أبو داود .

[ حدثنا أبو أسامة ].

هو حماد بن أسامة، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ].

هشام بن عروة وأبوه وعائشة قد مر ذكرهم.

شرح حديث (دخل علينا رسول الله فقدمنا زبداً وتمراً وكان يحب الزبد والتمر)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن الوزير حدثنا الوليد بن مزيد قال: سمعت ابن جابر قال: حدثني سليم بن عامر عن ابني بسر السلميين رضي الله عنهم قالا: (دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقدمنا زبداً وتمراً، وكان يحب الزبد والتمر) ].

أورد أبو داود حديث ابني بسر وهما: عبد الله وعطيةرضي الله تعالى عنهم: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليهم فقدموا له زبداً وتمراً، وكان يحب الزبد والتمر، وهذا فيه الجمع بين لونين في الأكل.

تراجم رجال إسناد حديث (دخل علينا رسول الله فقدمنا زبداً وتمراً وكان يحب الزبد والتمر)

قوله: [ حدثنا محمد بن وزير ].

محمد بن وزير ثقة، أخرج له أبو داود .

[ حدثنا الوليد بن مزيد ].

الوليد بن مزيد وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .

[ سمعت ابن جابر ].

هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثني سليم بن عامر ].

سليم بن عامر ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن .

[ عن ابني بسر ].

هما عبد الله بن بسر وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

وأخوه عطية صحابي، أخرج له أبو داود وابن ماجة .

الأسئلة

وجه قول النبي صلى الله عليه وسلم (نكسر حر هذا ببرد هذا)

السؤال: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (نكسر حر هذا ببرد هذا) هل من السنة أن يقال هذا عند أكل البطيخ بالرطب؟

الجواب: لا يقال ذلك، ولكن يفعل من أجل أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إليه، لكن يمكن أن يذكر الحديث وما جاء فيه، أما كونه سنة فلا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما قاله مبيناً فائدة الجمع بين هذين النوعين من الطعام.

كيفية الجمع بين الرطب والقثاء عند أكلهما

السؤال: ما هي كيفية الجمع بين الرطب والقثاء، هل هي في لقمة واحدة؟

الجواب: ليس لازماً أن يكونا لقمة واحدة، وإنما يأكل من هذا لقمة ومن هذا لقمة، المهم أن يكون هذا مع هذا.

حكم روايتي تفتيش النبي صلى الله عليه وسلم للتمر المرسلة والمتصلة

السؤال: حديث تفتيش النبي صلى الله عليه وسلم للتمر جاء من طريقين: الطريق الأولى: المتصلة، والثانية: المرسلة، أليس الإرسال أصح؛ لأن من أرسل أوثق ممن وصل؟

الجواب: لا؛ لأن الوصل زيادة من ثقة، والزيادة من الثقة مقبولة.

المقصود بحرارة الأطعمة وبرودتها

السؤال: ما المقصود بحرارة الأطعمة وبرودتها في قوله صلى الله عليه وسلم: ( نكسر حر هذا ببرد هذا)؟

الجواب: هناك شيء فيه برودة على النفس وعلى الاستساغة، وبعضها يكون حاراً، فالتمر حار والبطيخ بارد، وكذلك الخيار بارد والرطب حار، والتمر يتفاوت فبعضه أشد حرارة من بعض.

حكم حلق بعض شعر الرأس لأجل الحجامة

السؤال: ما حكم حلق بعض الرأس لأجل الحجامة، لكن البعض يحلقون شعرهم ليس بقدر المحجم أو أكبر منها بقليل، بل يحلقون الربع الأخير من شعر الرأس؟

الجواب: الحلق للحجامة لا يكون إلا على قدر الحاجة، لكن لو زاد عن مقدار الحاجة قليلاً فلا بأس بذلك، أما أن يحلق أكثر من الحاجة فهذا ليس له وجه.

عدم صحة عبارة أول خليفة خرج عن البيعة واستولى على الحكم في الإسلام معاوية بن أبي سفيان

السؤال: هل يصح إطلاق هذه العبارة على معاوية رضي الله عنه: أول خليفة خرج عن البيعة واستولى على الحكم في الإسلام معاوية بن أبي سفيان ؟

الجواب: هذا غلط ليس بصحيح، معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه اجتمع الناس على بيعته، والرسول صلى الله عليه وسلم قال عنها في حق الحسن : (سيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين) فكلمة المسلمين اجتمعت فيها، والفرقة زالت بولايته رضي الله عنه وأرضاه، فلا يقال: إن هذا قد حصل منه.

ثم أيضاً كونه لم يبايع علياً ليس من أجل أنه أولى بالخلافة، وإنما امتنع حتى يقتص من القتلة الذين قتلوا عثمان وهو من أقربائه، فهو اجتهد ورأى هذا، وعلي رضي الله عنه اجتهد ورأى أن لابد أن تجتمع الكلمة أولاً، ويكون الناس على حد سواء تحت ولايته، ومعاوية رضي الله عنه رأى أنه يؤخر البيعة حتى يقتص من القتلة، وانتهى الأمر إلى ما انتهى إليه، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأن هذا الذي حصل على يد الحسن فيه مصلحة للمسلمين، وأن هذا من محاسن الحسن رضي الله تعالى عنه وأرضاه، حيث أصلح الله تعالى به بين فئتين عظيمتين من المسلمين، وهما فئة أهل الشام، وفئة أهل العراق.

حكم من أخذ أربع حبات من التمر فجعلها في يده وأكلها حبة حبة

السؤال: هل يدخل في القران ما إذا أخذ المرء ثلاث أو أربع حبات من التمر فجعلها في يده، ثم بدأ يأكل حبة حبة، يأخذ من يده اليسرى باليمنى ويأكل؟

الجواب: هذا شيء من الاستئثار، فمن يأخذ شيئاً من الطعام في يده يكون قد استأثر به، وجعله في حوزته لا يأكل منه غيره، بخلاف الذي في الوعاء فإن كل واحد يمكنه أن يأكل منه، وهذا في الحقيقة شبيه بالقران وهو بمعناه، فيكون محظوراً.

كيفية تأدية العمرة بالنسبة للحائض

السؤال: امرأة حائض، وقد جاءت مع زوجها للعمرة، فماذا تفعل وهي حائض؟

الجواب: تحرم وتلبي بالعمرة وهي حائض، وتفعل ما يفعل المعتمرون، إلا أنها لا تدخل المسجد الحرام حتى تطهر وتغتسل، ثم تدخل وتطوف وتسعى وتقصر، وبذلك تكون قد انتهت عمرتها، كما تنتهي عمرة غيرها.

وجه امتناع النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل الثوم والبصل

السؤال: هل يفهم من أحاديث النهي عن الثوم والبصل وامتناع النبي صلى الله عليه وسلم من أكلها أنهما محرمة عليه خاصة؟

الجواب: إن عدم أكله للثوم والبصل كان لأن الوحي ينزل عليه باستمرار ويأتيه الملك دون أن يعلم بمجيئه، فكونه تركه من أجل هذا الشيء، فلا يقال إنه محرم عليه؛ لأنه مباح وأذن لغيره بالأكل منه، وإذنه محمول على أنه يؤكل في وقت مبكر، وأنه في الأصل جائز أكله.

حكم صيام النذر في الأيام الأخيرة من شعبان

السؤال: ما حكم صيام النذر في الأيام الأخيرة من شعبان؟

الجواب: إذا نذر الإنسان أن يصوم هذه الأيام فله أن يصوم، لكنه لا يصوم يوم الشك ولا اليوم الذي قبله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا تتقدموا رمضان بيوم أو يومين، إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه) يعني: إذا كان عليه قضاء فله أن يقضي في هذه الأيام؛ لأن هذا تخلص من واجب، كذلك إذا كان عليه نذر.

حكم الأكل في آنية أهل الكتاب

شرح حديث (كنا نغزو مع رسول الله فنصيب من آنية المشركين وأسقيتهم فنستمتع بها فلا يعيب ذلك عليهم)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الأكل في آنية أهل الكتاب.

حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبد الأعلى وإسماعيل عن برد بن سنان عن عطاء عن جابر رضي الله عنه قال: (كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنصيب من آنية المشركين وأسقيتهم فنستمتع بها، فلا يعيب ذلك عليهم) ].

قال أبو داود رحمه الله تعالى: [ باب الأكل في آنية أهل الكتاب ]، والمقصود من ذلك استعمال آنية الكفار، وسواء كانوا أهل الكتاب أو غيرهم، والحكم فيها أنه إذا وجد ما يغني عنها فإنه يستعمل غيرها، وإن لم يوجد غيرها فإنها تغسل وتستعمل، وهذا في الشيء الذي استعملوه، وأما الشيء الذي لم يستعمل كالأواني التي ترد منهم وهي جديدة، فإنه لا يلزم غسلها، وإنما الذي يلزم غسله من الأواني هو ما عرف أنهم قد استعملوها؛ لأنهم لا يتنزهون من النجاسات، فإذا غسلت حصل الاطمئنان بكونها استعملت وهي نظيفة وطيبة، وليس فيها شيء من النجاسات التي كانوا يستعملونها.

أورد أبو داود حديث جابر رضي الله عنه أنهم كانوا يغزون مع النبي صلى الله عليه وسلم فيصيبون من آنية المشركين، فلا يعيب ذلك عليهم .

قوله: [ (فنصيب من آنية المشركين وأسقيتهم) ] الأسقية جمع سقاء، وكانوا يستمتعون بها ولا يعيب النبي عليه الصلاة والسلام ذلك عليهم.

وهذا الإطلاق مقيد بما جاء في الحديث الذي بعد هذا من أنهم إن وجدوا غيرها فإنهم يستعملون ذلك الذي وجدوه مما لم يكن من آنيتهم، وإن لم يجدوا إلا هي فإنهم يغسلونها ويستعملونها.

تراجم رجال إسناد حديث (كنا نغزو مع رسول الله فنصيب من آنية المشركين وأسقيتهم فنستمتع بها فلا يعيب ذلك عليهم)

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ].

عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، إلا الترمذي .

[ حدثنا عبد الأعلى ].

هو عبد الأعلى بن عبد الأعلى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ وإسماعيل ].

هو إسماعيل بن علية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن برد بن سنان ].

برد بن سنان صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن.

[ عن عطاء ].

هو عطاء بن أبي رباح المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن جابر ].

هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما الصحابي الجليل، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث (إنا نجاور أهل الكتاب وهم يطبخون في قدورهم الخنزير ويشربون في آنيتهم الخمر...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا نصر بن عاصم حدثنا محمد بن شعيب أخبرنا عبد الله بن العلاء بن زبر عن أبي عبيد الله مسلم بن مشكم عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه (أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إنا نجاور أهل الكتاب وهم يطبخون في قدورهم الخنزير، ويشربون في آنيتهم الخمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن وجدتم غيرها فكلوا فيها واشربوا، وإن لم تجدوا غيرها فارحضوها بالماء وكلوا واشربوا) ].

أورد أبو داود حديث أبي ثعلبة الخشني جرثوم بن ناشر رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: [ (إنا نجاور أهل الكتاب وهم يطبخون في قدورهم الخنزير، ويشربون في آنيتهم الخمر) ]، يعني: هل نستعملها؟ قال: [ (إن وجدتم غيرها فكلوا فيها واشربوا) ] يعني: في غير آنية الكفار، (وإن لم تجدوا إلا هي فاغسلوها واشربوا فيها وكلوا)، فهذا يبين لنا أن استعمال آنية المشركين المستعملة عندهم جائز بشرط عدم وجود غيرها، وغسلها ثم استعمالها، وأما ما يرد منهم من أواني جديدة فهذه لا يحتاج إلى غسلها؛ لأن الأواني التي يستعمل فيها تلك النجاسات هي التي تحتاج إلى أن تغسل، وأما الشيء الذي يأتي وهو جديد ونظيف ولم يستعمل، فإنه لا يحتاج إلى غسل.

قوله:[ (ولم تجدوا غيرها فارحضوها) ].

يعني: اغسلوها.

تراجم رجال إسناد حديث (إنا نجاور أهل الكتاب وهم يطبخون في قدورهم الخنزير ويشربون في آنيتهم الخمر...)

قوله: [ حدثنا نصر بن عاصم ].

نصر بن عاصم لين الحديث، أخرج له أبو داود .

[ حدثنا محمد بن شعيب ].

هو محمد بن شعيب بن شابور وهو صدوق، أخرج له أصحاب السنن .

[ أخبرنا عبد الله بن العلاء بن زبر ].

عبد الله بن العلاء بن زبر ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن .

[ عن أبي عبيد الله مسلم بن مشكم ].

أبو عبيد الله مسلم بن مشكم ثقة مقرئ، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن أبي ثعلبة ].

هو أبو ثعلبة الخشني جرثوم بن ناشر وهو صحابي، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

حكم أكل دواب البحر

شرح حديث جابر في قصة العنبر الذي وجدوه على ساحل البحر

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في دواب البحر.

حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا زهير حدثنا أبو الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: (بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمّر علينا أبا عبيدة بن الجراح نتلقى عيراً لقريش، وزودنا جراباً من تمر لم نجد له غيره، فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة، كنا نمصها كما يمص الصبي، ثم نشرب عليها من الماء فتكفينا يومنا إلى الليل، وكنا نضرب بعصينا الخبط، ثم نبله بالماء فنأكله، وانطلقنا على ساحل البحر فرفع لنا كهيئة الكثيب الضخم، فأتيناه فإذا هو دابة تدعى العنبر، فقال أبو عبيدة : ميتة ولا تحل لنا، ثم قال: لا، بل نحن رسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي سبيل الله، وقد اضطررتم إليه فكلوا، فأقمنا عليه شهراً ونحن ثلاثمائة حتى سمنا، فلما قدمنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرنا ذلك له، فقال: هو رزق أخرجه الله لكم، فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا منه؟ فأرسلنا منه إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأكل) ].

أورد أبو داود رحمه الله [ باب: في دواب البحر ] أي: حيوانات البحر، وقد مر ذكر السمك الطافي وبيان أنه حلال، وأن صيد البحر سواء كان صيده حياً أو وجد ميتاً؛ فإنه يكون حلالاً مباحاً، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (أحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان فالسمك والجراد) وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الوضوء من ماء البحر فقال: (هو الطهور ماؤه، الحل ميتته)، فهذا عام في كل ما يخرج من البحر فإنه مباح، إلا أن يأتي شيء يدل على أن بعض الدواب فيها ضرر وتحقق من ذلك فإنها تترك من أجل الضرر الذي عرف أنه فيها، وإلا فإن الأصل هو الحل في كل شيء، وقد ذكر بعض أهل العلم أنه يستثنى من ذلك الضفادع التي تعيش في الماء؛ لأنه جاء النهي عن قتلها، والنهي عن قتلها يدل على أنها ليست بحلال.

وأورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما وفيه: أنهم كانوا في سرية مع أبي عبيدة بن الجراح وكان هو أميرهم، وقد أرسلهم النبي صلى الله عليه وسلم لاعتراض عير لقريش، والعير هي الإبل التي عليها الأحمال وعليها البضائع، وكانت تأتي من الشام إلى مكة، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمرهم باعتراضها، ثم إنه زودهم بجراب من تمر، والجراب هو الوعاء الذي يكون من جلد.

وكان أبو عبيدة يعطي كل واحد تمرة في اليوم، فيمصونها كما يمص الصبي، ويشربون عليها ما شاء الله من الماء، ثم إنهم كانوا يخبطون الشجر ويضربونه بالعصي حتى يتساقط الورق وهو رطب، ويبلونه بالماء ويأكلونه؛ لأنه ليس عندهم طعام غير هذه التمرة والماء، وهذا الخبط الذي يخبطونه بالعصي، فيتساقط الورق الأخضر فيبلونه بالماء ويأكلونه.

وهذا يدلنا على ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من قلة ذات اليد، وعدم السعة في الأموال، وكان ذلك في أول الأمر، ثم إن الله تعالى فتح عليهم الفتوحات وحصل الخير للمسلمين من الغنائم التي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها جعلت مصدر رزقه صلى الله عليه وسلم، حيث قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم)، فقوله صلى الله عليه وسلم: (وجعل رزقي تحت ظل رمحي) هذا في بيان أن قوت ومأكل الرسول صلى الله عليه وسلم كان من الغنائم، أي: من خمس الغنيمة.

ثم إنهم لما ذهبوا إلى ساحل البحر وجدوا كهيئة الكثيب، والكثيب هو التل من الرمل الذي يرى مرتفعاً محدودباً من بُعد، فأعلاه بارز، وله جوانب تنحدر شيئاً فشيئاً، ولما وصلوا إليه وجدوه حوتاً يقال له: العنبر، والعنبر دابة كبيرة.

فقال أبو عبيدة: ميتة، وقد حرم الله علينا أكل الميتة، ثم قال: لا، بل نحن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن في سبيل الله، فاجتهد أولاً ورأى أن يتركها، ثم اجتهد مرة أخرى فرأى أن يأكلوا من تلك الدابة، وجلسوا عليها شهراً يأكلون منها حتى سمنوا، وكانوا ثلاثمائة، وهي دابة واحدة.

ومما جاء في الحديث الصحيح في قصتها أنهم وضعوا ضلعين من أضلاعها، فمر الراكب على بعيره بين الأضلاع؛ لضخامتها، وكذلك المكان الذي فيه العين جلس فيه عدد من الرجال، فهذا يدل على أنها دابة عظيمة من دواب البحر أخرجها الله عز وجل لهم، فأكلوا منها، وكان قوتهم قبل ذلك تمرة واحدة مع ورق الشجر الذي يخبطونه، ثم إن الله رزقهم هذا الرزق العظيم الكبير حتى سمنوا، وأخذوا منه إلى المدينة، ولما جاءوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبروه أقرهم على فعلهم، وقال: [ (هو رزق أخرجه الله لكم فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا منه؟ فأرسلنا منه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكل) ] والرسول عليه الصلاة والسلام إنما سألهم شيئاً منه ليطيب خواطرهم ويطمئنهم على أنه حلال.

وهذا نظير ما سبق أن مر بنا في قصة الجعل الذي أخذوه على الرقية، وذلك عندما مروا بحي ولم يضيفوهم ولدغ سيدهم، فبحثوا له عن علاج فلم يجدوا، فسألوهم الرقية فرقاه واحد منهم، ثم أعطوهم جعلاً وتحرجوا من أكله، وقال عليه الصلاة والسلام: (اضربوا لي معكم بسهم)، فهو قال ذلك من أجل أن يطيب خواطرهم ويبين لهم حل ذلك الشيء الذي توقفوا وترددوا فيه.

تراجم رجال إسناد حديث جابر في قصة العنبر الذي وجدوه على ساحل البحر

قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ].

عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.

[ حدثنا زهير ].

هو زهير بن معاوية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[حدثنا أبو الزبير ].

هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن جابر ].

هو جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما وقد مضى ذكره، وهذا الإسناد رباعي وهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود رحمه الله.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح سنن أبي داود [433] للشيخ : عبد المحسن العباد

https://audio.islamweb.net