إسلام ويب

ندب الشرع إلى إعطاء السؤال وعدم انتهارهم، والإحسان ببذل المعروف في كل شيء، ولو كان طالبه ذمياً مالم يكن محارباً.

حقّ السائل

شرح حديث (للسائل حق وإن جاء على فرس)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب حق السائل.

حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان حدثنا مصعب بن محمد بن شرحبيل قال: حدثني يعلى بن أبي يحيى عن فاطمة بنت حسين عن حسين بن علي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (للسائل حق وإن جاء على فرس).

حدثنا محمد بن رافع حدثنا يحيى بن آدم حدثنا زهير عن شيخ قال: رأيت سفيان عنده عن فاطمة بنت حسين عن أبيها عن علي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثله ].

ذكر الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب حق السائل، وهذه الترجمة أخذها مما جاء في الحديث: (للسائل حق ولو جاء على فرس)، والمراد أن السائل يعطى وإن كان على هيئة حسنة، فقد يكون له عذر.

أورد أبو داود حديث الحسين أو علي رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (للسائل حق ولو جاء على فرس) أي: ولو كانت هيئته حسنة وجاء على فرس، فقد تكون تلك الفرس عارية، وقد تكون له ولكن ليس عنده شيء أكثر منها، ويكون بحاجة إلى طعام مثلاً، وقد يكون نفد ما عنده ولم يكن معه غيره، وقد يكون غريباً، وقد يكون ابن سبيل انقطع، فمن كان كذلك فقد يحتاج أن يسأل ولو كان معه فرس، أو كان على هيئة حسنة، فيعطى من الزكاة أو من الصدقة، وقد سبق أن مر: (أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى الرجلين الجلدين النشيطين قلب فيهما النظر وصعده وصوبه، ثم قال: إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب) لكن هذا الحديث الذي معنا لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن فيه رجلاً مجهولاً في الإسناد الأول، ومبهماً في الإسناد الثاني، وقد يكون ذلك المبهم هو المسمى المجهول في الإسناد الأول.

وهو في الإسناد الأول عن الحسين بن علي ، قالوا: ولا يعرف للحسين بن علي رضي الله تعالى عنه سماع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن لاشك أن مراسيل الصحابة حجة، وأن كثيراً من روايات الصحابة لم يسمعوها من النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن سمعوها من الصحابة، وإذا أخذوا عن غير الصحابة -وهو شيء نادر- بينوا ذلك.

والطريق الثانية عن الحسين يرويه عن أبيه علي رضي الله تعالى عنهما.

تراجم رجال إسناد حديث (للسائل حقّ وإن جاء على فرس)

قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ].

محمد بن كثير العبدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا سفيان ].

سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا مصعب بن محمد بن شرحبيل ].

مصعب بن محمد بن شرحبيل لا بأس به، وهذا بمعنى صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ حدثني يعلى بن أبي يحيى ].

يعلى بن أبي يحيى مجهول، أخرج له أبو داود وحده.

[ عن فاطمة بنت حسين ].

فاطمة بنت حسين بن علي وهي ثقة، أخرج لها أبو داود والترمذي والنسائي في (مسند علي ) وابن ماجة .

[ عن حسين بن علي ].

الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما، أحد سبطي الرسول صلى الله عليه وسلم ابني ابنته، وهما سيدا شباب أهل الجنة كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة .

وقوله: [حدثنا محمد بن رافع ].

محمد بن رافع النيسابوري القشيري وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة ، وهو شيخ الإمام مسلم ، وهو من بلده ومن قبيلته، فهو نيسابوري كما أن مسلماً نيسابوري، وهو كذلك قشيري كما أن مسلماً قشيري، وقد خرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة ، وقد أكثر عنه الإمام مسلم رحمه الله، وصحيفة همام بن منبه المشهورة فيها أحاديث جاءت في الصحيحين، وأحاديث أخرجها البخاري ، وأحاديث أخرجها مسلم من طريق محمد بن رافع عن عبد الرزاق ، فكل ما جاء من صحيفة همام بن منبه في صحيح مسلم فهو من طريق محمد بن رافع عن شيخه عبد الرزاق .

[ حدثنا يحيى بن آدم ].

يحيى بن آدم الكوفي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا زهير ].

زهير بن معاوية وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن شيخ ].

شيخ هنا مبهم، فقولهم: عن شيخ، أو رجل، أو امرأة، فإن هذا يقال له: مبهم، وأما إذا ذكر اسمه ولم ينسب فإنه يقال له: مهمل، أي: أهمل عن أن ينسب، فيكون محتملاً لعدة أشخاص، فمثل حماد إذا جاء غير منسوب فإنه يحتمل أن يكون ابن سلمة ، ويحتمل أن يكون ابن زيد ، ومثل سفيان إذا جاء مهملاً فإنه يحتمل أن يكون ابن عيينة ، ويحتمل أن يكون الثوري .

ولعل هذا المبهم هو مصعب بن محمد بن شرحبيل ، ففي المبهمات من التقريب: زهير بن معاوية عن شيخ رأى سفيان عنده؛ هو مصعب بن محمد بن شرحبيل .

وسفيان هنا يحتمل أنه سفيان بن عيينة ، ويحتمل أن يكون سفيان الثوري ؛ لأنه هو المتقدم على سفيان بن عيينة ، وإن كان ابن عيينة متقدماً من حيث إدراك الشيوخ المتقدمين مثل الزهري ، فإنه كثير الرواية عن الزهري مع أن الزهري توفي سنة 125هـ، وسفيان توفي فوق 90هـ، وأما الثوري فهو متقدم عليه، فوفاته سنة 161هـ.

[ عن فاطمة بنت حسين عن أبيها عن علي ].

علي رضي الله تعالى عنه أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

ولا يقال: إن فيه اضطراباً، فمرة يروى عن حسين ومرة عن علي ؛ لأن ذلك لا يؤثر، فإذا كان عن علي رضي الله عنه فليس هناك إشكال في الاتصال، وأما بالنسبة لرواية الحسين فهو إذا لم يكن سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم فهو من مراسيل الصحابة، ومراسيل الصحابة -كما هو معلوم- حجة عند العلماء، وقد ذكر له الألباني طرقاً وشواهد متعددة عن عدد من الصحابة، وذكر أنها كلها ضعيفة، وذكر هذا الحديث في (السلسلة الضعيفة) برقم (1378).

شرح حديث (إنْ لم تجدي له شيئاً تعطينه إياه إلّا ظلفاً محرقاً فادفعيه إليه في يده)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن سعيد بن أبي سعيد عن عبد الرحمن بن بجيد رضي الله عنه عن جدته أم بجيد رضي الله عنها -وكانت ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم- أنها قالت له: (يا رسول الله صلى الله عليك! إن المسكين ليقوم على بابي فما أجد له شيئاً أعطيه إياه، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لم تجدي له شيئاً تعطينه إياه إلا ظلفاً محرقاً فادفعيه إليه في يده) ].

أورد أبو داود حديث أم بجيد رضي الله تعالى عنها: (أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن المسكين يكون على بابي فلا أجد شيئاً أعطيه إياه، فقال لها عليه الصلاة والسلام: إن لم تجدي إلا ظلفاً محرقاً فأعطيه إياه) فهذا الحديث يدل على أن السائل يُعطى ولو كان المعطى شيئاً يسيراً، فمادام أن الإنسان لا يجد إلا هذا القليل فإنه لا يمتنع من التصدق به، ولا يمتنع أن ينفق مما أعطاه الله كما قال تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ [الطلاق:7]، فهو يعطي على حسب ما عنده، ولو لم يكن إلا تمرة كما جاء في قصة المرأة التي جاءت إلى عائشة ولم تجد إلا تمرات ثلاث، فأعطتها إياها، وكان معها ابنتان، فأعطت كل واحدة منهما تمرة، ثم إنها شقت التمرة الثالثة وأعطت كل واحدة منهما نصفاً. فيعطى السائل أو المسكين ما تيسر ولو قل، وجاء في الحديث الآخر: (لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة) أي: ولو كان شيئاً يسيراً فلا يستهان به، فالمهم هو الإحسان والبذل.

وقوله: (ظلفاً محرقاً) هذا على سبيل المبالغة، وإلّا فإن الظلف المحرق لا يستفاد منه إلا إذا كان الناس في مسغبة أو في قحط شديد، فإنه يمكن أن يستفاد من كل شيء ولو كان قليل الفائدة.

وقد سبق أن مر في الحديث: (ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان، واللقمة واللقمتان، والأكلة والأكلتان)، أي: الذي يرضى بالشيء اليسير، (ولكن المسكين هو الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن الناس له فيتصدقون عليه) .

تراجم رجال إسناد حديث (إن لم تجدي له شيئاً تعطينه إياه إلّا ظلفاً محرقاً فادفعيه إليه في يده)

قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ].

قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا الليث ].

الليث بن سعد المصري ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سعيد بن أبي سعيد ].

سعيد بن أبي سعيد المقبري وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الرحمن بن بجيد ].

عبد الرحمن بن بجيد له رؤية، وقد ذكره بعضهم في الصحابة، أخرج حديثه أبو داود والترمذي والنسائي .

[ عن جدته ].

وهي أخرج حديثها أبو داود والترمذي والنسائي ، وذكر أن اسمها حواء بنت يزيد بن السكن .

الأسئلة

حكم بيع ماء زمزم

السؤال: ما حكم بيع ماء زمزم؟

الجواب: إذا ذهب الإنسان وأتى بملء خزان من هذا الماء إلى المدينة وأراد أن يبيعه فلا بأس بذلك.

حكم طلب الماء من البقالة بلا ثمن

السؤال: إذا دخل الرجل إلى بقالة فهل يحل له أن يطلب ماء استدلالاً بالحديث الذي فيه أنه لا يحل بيع الماء؟

الجواب: مثل هذا لا يصح؛ لأن هذا محل بيع، فيدفع القيمة ويشرب، وإذا لم يكن عنده نقود فيمكن أن يقول لصاحب البقالة: أنا لا أمتلك نقوداً وأريد أن أشرب ماء، فلعله أن يعطيه.

حكم أخذ الماء والملح بلا إذن

السؤال: إذا كانت هذه الأشياء وهي: الماء والملح لا يجوز منعها فهل يجوز أخذها بدون إذن مالكها؟

الجواب: لا، بل لابد من الاستئذان، وإذا كان لا يملك نقوداً يذكر ذلك له ويطلب منه أن يعطيه قليلاً تقوم به حاجته.

حكم التصدق على السائلين في المساجد مع عدم معرفة حالهم

السؤال: يتكرر الآن في المساجد السؤال من هؤلاء السائلين والله أعلم بصدقهم، فما العمل؟

الجواب: ينبغي على الإنسان أن يعطي السائلين وهو على خير، ولن يعدم الأجر عند الله عز وجل، ولكن من عُرف باحتياله فلا يعطى، بل ينصح ويحذر، وأما إذا كان مجهولاً وأعطاه فهو إن شاء الله على خير.

حكم إعطاء السائلين الذين يقومون في المساجد من الزكاة

السؤال: وهل يُعطى هؤلاء السائلين الذين يسألون في المساجد من الزكاة؟

الجواب: لا ينبغي أن يعطوا من الزكاة، وإنما يعطى مثل هؤلاء من الصدقات، وأما الزكاة فالأولى أن تُعطى لمن يستحقها، فقد يضعها في هؤلاء ويكونون أغنياء، فبعض السائلين قد استمرأ السؤال، واتخذ السؤال حرفة، فقد يحصل له في وقت من الأوقات حاجة، ولكنه دخل في المسألة ولم يستطيع الخروج منها .

حكم انتهار السُّؤَّال في المساجد

السؤال: ما حكم انتهارهم؛ فإن بعض الأئمة يقول لهم إذا قاموا: عند الباب .. عند الباب؟

الجواب: قد يشوشون على الناس الذين يذكرون الله عز وجل، فلو ينبههم أن يكونوا عند الباب بدون انتهار فلا بأس بذلك، وكذلك هو ينبههم أن يجلسوا عند الباب حتى يعطيهم الناس إذا مروا بهم، فإنهم إذا كانوا جالسين في المقدمة فيمكن ألا يعطيهم أحد، وبعض الناس تجده يسأل عند الباب ويرفع صوته وكأنه يلقي خطبة، فيتكلم كلاماً كثيراً ويشغل الناس، مع أنه يكفي أن يبين للناس أنه محتاج، ثم يجلس عند الباب، فلا بأس أن ينتهروا في هذه الحال؛ لأنهم يشغلون الناس الذين يذكرون الله عز وجل ويسبحون، وأما إذا لم يشغلوا الناس فلا ينهرون لقوله تعالى: وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ [الضحى:10] ، وأما الذي يعرف أنه محتال فإنه ينهر.

عدم قبول السائلين العطاء القليل

السؤال: كيف العمل مع بعض السائلين الذين لا يقبلون الشيء القليل؟

الجواب: ينبغي على كل إنسان أن يعطي ما يتيسر له، فإن قبله السائل فالحمد لله، وإن لم يقبله فإنه يأخذ ماله، ولعل هذا الذي لا يقبل القليل قد تعود الطمع، وإلا فإن المحتاج يكفيه القليل.

الصدقة على أهل الذمة

شرح حديث (قدمت عليَّ أمي راغبة...)

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[ باب الصدقة على أهل الذمة.

حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحراني حدثنا عيسى بن يونس حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء رضي الله عنها قالت: (قدمت علي أمي راغبة في عهد قريش وهي راغمة مشركة، فقلت: يا رسول الله! إن أمي قدمت علي وهي راغمة مشركة أفأصلها؟ قال: نعم، فصلي أمك) ].

أورد أبو داود باب الصدقة على أهل الذمة، أي: بالمعروف والإحسان، وليس المقصود به الزكاة؛ لأن الزكاة لا تعطى للكفار، وإنما تعطى للمسلمين، فتؤخذ من أغنياهم وترد على فقرائهم، كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ بن جبل : (أخبرهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنياهم فترد على فقرائهم) ، فمصرفها فقراء المسلمين ولا تصرف للكفار.

وأورد أبو داود رحمه الله حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنها وعن أبيها وعن جدها وابنها، فقد اجتمع أربعة أشخاص كلهم متناسلون وهم صحابة: فـأبو بكر وابنته أسماء وابنها عبد الله بن الزبير وجدها أبو قحافة .

فذكرت أسماء رضي الله تعالى عنها للنبي صلى الله عليه وسلم: (أن أمها قدمت عليها في المدينة، وهي راغبة)، أي: راغبة في النوال والبر والإحسان، (وكان ذلك في عهد قريش)، أي: في عهد الصلح، وهي المدة التي ماد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم كفار قريش بعد صلح الحديبية وقبل الفتح.

قولها: (وهي راغمة مشركة) أي: كارهة للإسلام وباقية على الشرك، (أفأصلها) وقد جاءت تريد البر والإحسان؟ (فقال عليه الصلاة والسلام: نعم، فصلي أمك) ، فدل هذا على أن القريب المشرك يحسن إليه، وأنه يوصل، ولكن لا يكون هذا من الزكاة، وإنما يكون من الإحسان والبذل والمعروف، وحتى لو كانت مسلمة فلا يجوز أيضاً أن تعطى من الزكاة؛ لأن الزكاة لا تعطى للآباء، ولا للأمهات، ولا للأبناء والبنات، ومن كان منهم محتاجاً فإنه ينفق عليه، ويصير مستغنياً بالإنفاق عليه، فالوالد لا يعطى سواء كان مشركاً أو مسلماً، فالمشرك لا يعطى من الزكاة مطلقاً، وأما المسلم فإن كان فقيراً فإنه يُنفِق عليه ولده أو بنته.

وأم أسماء هذه قيل اسمها: قتيلة ، وقيل: قتيلة ، وقد اختلف هل أسلمت أو لم تسلم، والأكثرون على أنها لم تسلم، وأنها ماتت مشركة، وقد تزوج أبو بكر رضي الله عنه عدة زوجات منهن أم رومان والدة عائشة ، وهذه المذكورة في الحديث، وأسماء بنت عميس التي ولدت محمد بن أبي بكر في الحديبية في حجة الوداع، كما سبق أن مرّ بنا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن أحسن الكتب التي تبين أولاد الرجل إذا كانوا من زوجات متعددات، وبيان أمهات هؤلاء الأولاد كتاب اسمه (الرياض المستطابة فيمن له رواية في الصحيحين من الصحابة)، وهو للعامري ، فقد جمع فيه كل الصحابة الذين لهم رواية في الصحيحين أو في أحدهما، وترجم لكل واحد، ويذكر العقب، ويذكر الأمهات، فيقول: فلان وفلان وأمهم فلانة، وفلان وفلان وأمهم فلانة، فهذا من أحسن ما يرجع إليه في معرفة الإخوة لأب، والإخوة الأشقاء، ومن كانوا من أمهات متعددات، فيسميهن، ويسمي أولادهن من الرجل المترجم له، فهو كتاب مفيد في هذه الناحية.

والمراد بأهل الذمة في الترجمة الذين بينهم وبين المسلمين عهد، بخلاف أهل الحرب، فأهل الذمة والمستأمنون والمعاهدون كلهم دربهم وطريقهم واحد.

تراجم رجال إسناد حديث (قدمت عليَّ أمي راغبة...)

قوله: [ حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحراني ].

أحمد بن عبد الله بن أبي شعيب وهو ثقة أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي ].

[ حدثنا عيسى بن يونس ].

عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا هشام بن عروة ].

هشام بن عروة، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبيه ].

أبوه عروة بن الزبير بن العوام وهو ثقة فقيه أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أسماء ].

أسماء هي أم عروة ، وهي: أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة، وكذلك عبد الله بن الزبير وعمر بن الزبير أمهم أسماء ، وأسماء قدمت مع المهاجرات الأوَل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ولد عبد الله بن الزبير في قباء قبل أن يصل الناس إلى المدينة، فكان أول مولود ولد بعد الهجرة، فحنكه الرسول صلى الله عليه وسلم.

قال الحافظ في التقريب : أسماء بنت أبي بكر الصديق ذات النطاقين ، زوجة الزبير بن العوام من كبار الصحابة، عاشت مائة سنة، وماتت سنة ثلاث، أو أربع وسبعين .

ما لا يجوز منعه

شرح حديث (ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال الماء ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما لا يجوز منعه.

حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا كهمس عن سيار بن منظور -رجل من بني فزارة- عن أبيه عن امرأة يقال لها بهيسة عن أبيها قالت: (استأذن أبي النبي صلى الله عليه وسلم فدخل بينه وبين قميصه، فجعل يقَّبل ويلتزم، ثم قال: يا رسول الله! ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: الماء، قال: يا نبي الله! ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: الملح، قال: يا نبي الله! ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: أن تفعل الخير خير لك) ].

أورد أبو داود باب: ما لا يجوز منعه، ويقصد بذلك الأشياء التي يحتاج الناس إليها ويتبادلونها فيما بينهم، وهذا من جنس ما مر ذكره في الماعون، وقد سبق أنه لا يمنع، وذلك كالماء والملح وما كان من هذا القبيل من الأمور التي هي يسيرة وسهلة وخفيفة، يحتاج الناس إليها، بخلاف الأمور الكبيرة التي يكون لها شأن ووزن في نفوس الناس، فالمقصود من ذلك هو الإحسان والبذل ولاسيما في الأمور التي هي سهلة والتي تكون الحاجة إليها كبيرة مع قلتها، ولا يكون في بذلها مشقة أو كلفة على الإنسان.

لكن إذا كان المقصود به بذل الملح الكثير، أو كان الماء المبذول كثيراً والإنسان يتعب في إخراجه فله أن يبيعه على من يحتاج إليه في سقي نخل أو ما إلى ذلك، أو كان الإنسان يحوزه في سيارته فيبيعه على الناس فلا بأس بذلك، فإذا صار الشيء كثيراً فهذا يكون من جنس الأموال، فإذا كان للإنسان سيارة يملؤها بالماء ويبيعها فلا بأس بذلك، لأنه يملكه، ولأنه يتحمل أتعاباً على السيارة من حيث إنه يصرف عليها وقوداً، ففي هذه الحالة لا يلزمه أن يبذله للناس بالمجان، لكن من طلب ماء ليشرب، أو طلب ملحاً قليلاً ليصنع طعاماً ولم يجد ملحاً فإنه يعطيهم شيئاً يملحون به طعامهم.

وأما كونه يُطلب منه شحنة سيارة ملح أو ما إلى ذلك فهذه لا تبذل.

وأورد أبو داود رحمه الله حديث بهيسة عن أبيها قالت: (استأذن أبي النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فدخل بينه وبين قميصه) أي: لعل الجيب كان واسعاً.

(فجعل يقبل ويلتزم، ثم قال يا رسول الله! ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: الماء، يا نبي الله! ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: الملح) أي: أنه كرر عليه، (فقال: الملح)، والملح والماء من الأشياء التي أمرها سهل، ويحتاج الناس بعضهم إلى بعض فيها، فإذا طلب أحد من غيره ماء فلا بأس في ذلك، فهو من الأمور السهلة التي ليس فيها نقص في المروءة، وإن لم يكن محتاجاً فينبغي له أن يتعفف.

قوله: (قال: يا رسول الله! ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: أن تفعل الخير خير لك) ، أي: أنه بعد ذلك أرشده إلى أن الخير من حيث هو إذا فعله الإنسان -ولو قل- فإنه يكون خيراً له، كما قال الله عز وجل: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه [الزلزلة:7].

تراجم رجال إسناد حديث (ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال الماء ...)

قوله: [ حدثنا عبيد الله بن معاذ ].

عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري ثقة أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.

[حدثنا أبي].

أبوه معاذ بن معاذ العنبري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا كهمس ].

كهمس بن الحسن وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سيار بن منظور رجل من بني فزارة ].

سيار بن منظور ، هو رجل من بني فزارة، وهو مقبول أخرج له أبو داود والنسائي .

[ عن أبيه ].

أبوه منظور بن سيار، وهو مقبول أيضاً أخرج له أبو داود والنسائي .

[ عن امرأة يقال لها بهيسة ].

بهيسة لا تعرف، وقيل: لها صحبة، حديثها أخرجه أبو داود والنسائي .

[ عن أبيها ].

أبوها هو أبو بهيسة الفزاري ، وهو صحابي مقلّ، قيل: اسمه عمير ، أخرج له أبو داود والنسائي .

المسألة في المساجد

شرح حديث أخذ أبي بكر الكسرة من يد ولده عبد الرحمن

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب المسألة في المساجد.

حدثنا بشر بن آدم حدثنا عبد الله بن بكر السهمي حدثنا مبارك بن فضالة عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الرحمن بن أبي بكر قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: هل منكم أحد أطعم اليوم مسكيناً؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه: دخلت المسجد فإذا أنا بسائل يسأل، فوجدت كسرة خبز في يد عبد الرحمن فأخذتها منه فدفعتها إليه) ].

أورد أبو داود باب السؤال في المساجد، ولا نعلم شيئاً يمنعه إذا كان الإنسان محتاجاً وسأل الناس في المساجد، وهذا الحديث الذي أورده أبو داود رحمه الله هنا فيه كلام فيما يتعلق بالسؤال في المسجد في هذه القصة؛ لأنه فيه مبارك بن فضالة وهو يدلس ويسوي، وقد روي بالعنعنة، وأما فيما يتعلق بتصدقه على الفقير فهذا ثابت من طريق أخرى عن أبي هريرة في (صحيح مسلم ) ، وذلك أنه سئل عن أشياء فكانت كلها متوفرة في أبي بكر رضي الله عنه، ومنها التصدق على مسكين من المساكين.

تراجم رجال إسناد حديث أخذ أبي بكر الكسرة من يد ولده عبد الرحمن

قوله: [ حدثنا بشر بن آدم ].

بشر بن آدم صدوق فيه لين، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي في مسند علي وابن ماجة .

[ حدثنا عبد الله بن بكر السهمي ].

عبد الله بن بكر السهمي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[حدثنا مبارك بن فضالة ].

مبارك بن فضالة صدوق مدلس ويسوي، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي وابن ماجة .

[ عن ثابت البناني ].

ثابت بن أسلم البناني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ].

عبد الرحمن بن أبي ليلى ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الرحمن بن أبي بكر ].

عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

كراهية المسألة بوجه الله تعالى

شرح حديث ( لا يُسأل بوجه الله إلّا الجنة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب كراهية المسألة بوجه الله تعالى.

حدثنا أبو العباس القلوري حدثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي عن سليمان بن معاذ التميمي حدثنا ابن المنكدر عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة) ].

أورد أبو داود باب كراهية المسألة بوجه الله، أي: أنه لا يسأل بوجه الله عز وجل إلا شيء مهم وعظيم، وذكر الجنة على اعتبار أنها هي نهاية المقاصد، وهي نهاية المطلوب، وهي دار المتقين ودار النعيم، وإذا سأل بوجه الله فليسأل ما له شأن ومنزلة لاسيما إذا كان يؤدي إلى الجنة، كأن يسأل الله بوجهه الهداية إلى الصراط المستقيم، فإن هذا سؤال عظيم، فلا يمنع منه، وهذا الحديث -إذا ثبت- لا يدل على منعه، وإنما يدل على أنه يسأل به الأمور العظيمة والمهمة، ولا يسأل بوجه الله أشياء تافهة، أو يسأل الناس بوجه الله أمراً من أمور الدنيا، وإنما يسأل الله بوجهه أن يرزقه الجنة، أو أن يرزقه الطريق الموصل إلى الجنة، فهذا هو المقصود من هذا الحديث إذا ثبت، والحديث فيه كلام، فقد ضعفه الشيخ الألباني ؛ لأنه فيه سليمان بن معاذ وهو سيء الحفظ، وبعض العلماء يشير إلى تحسينه، وقد تعقب الشيخ فريح البهلان مخرج أحاديث فتح المجيد الذي تكلم في الحديث، وذكر نقولاً عن أهل العلم تتعلق ببعض الأحاديث التي لم يسلَّم للمتعقب أو للناقد للأحاديث التي وردت في (شرح فتح المجيد) ، وذكر ما يدل على حسن هذا الحديث.

وقد عقد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه في (كتاب التوحيد) باباً من ضمن ستة وستين باباً أو سبعة وستين باباً -وهي أبواب كتاب التوحيد- مثل الترجمة: باب لا يسأل بوجه الله إلا الجنة، وعن جابر رضي الله عنه قال: (لا يسأل بوجه الله إلا الجنة) .

تراجم رجال إسناد حديث ( لا يسأل بوجه الله إلّا الجنة)

قوله: [ حدثنا أبو العباس القِلوري ].

أبو العباس القلوري هو أحمد ، وقيل: محمد بن عمرو بن عباس العصفري ، ثقة أخرج له أبو داود .

[ حدثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي ].

يعقوب بن إسحاق الحضرمي وهو صدوق أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة .

[ عن سليمان بن معاذ التميمي ].

سليمان بن معاذ هو ابن قرم وهو سيئ الحفظ أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ عن ابن المنكدر ].

ابن المنكدر هو محمد بن المنكدر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن جابر ].

جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم .

عطية من سأل بالله

شرح حديث ( من استعاذ بالله فأعيذوه ومن سأل بالله فأعطوه ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب عطية من سأل بالله.

حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن مجاهد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سأل بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه) ].

أورد أبو داود باب عطية من سأل بالله، أي: فإنه يعطى ولا يرد، ولكن هذا فيما إذا كان سؤاله بالله مما يمكن إعطاؤه، فبعض الناس قد يسأل بالله شيئاً لا يصلح أن يعطاه، ولا يصلح أن يجاب إليه، وليس كل ما يكون عند الإنسان يمكن أن يبذله ويعطيه، فإذا سأل بالله شيئاً لا يصلح أن يسأل عنه لا بالله ولا بدون السؤال بالله فالإنسان في سعة منه، فإذا كان عنده سر من الأسرار وخبر من الأخبار مثلاً، وقال له رجل: أسألك بالله أن تخبرني عن كذا وكذا، أو سأله عن أمور خاصة، أو في أمور لا يصلح أن يخوض فيها، فلا يلزمه ذلك؛ لأن مثل هذا السؤال لا يصلح أن يوجه.

والحاصل أن السؤال بالله إذا كان من الممكن تحقيق عطيته فهذا هو الذي قُصد في الترجمة، وهو الذي أُورد الحديث من أجله، وأما إذا كان السؤال في أمر لا يصلح أن يجاب إليه فإنه لا يجاب، ويوضح هذا أن إبرار المقسم قد يناسب أن يبرّ، وأحياناً لا يحصل إبراره؛ وهذا كأن يحلف على شيء لا يصلح أن يحلف عليه، ويدل على ذلك قصة أبي بكر رضي الله عنه: (لما ذكر له الرسول صلى الله عليه وسلم رؤيا رآها، فطلب تعبيرها، وهي أنه رأى غلة تنضح سمناً وعسلاً، والناس يتكففون ذلك ... إلخ، فقال أبو بكر : ائذن لي يا رسول الله أن أعبر هذه الرؤيا، فقال: عبرها، فعبرها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً، قال: أقسمت عليك أن تخبرني بماذا أخطأت قال: لا تحلف) أي: أنه لم يرد أن يبين هذه في الرؤيا ويفسرها صلى الله عليه وسلم، مع أن أبا بكر قد حلف، فليس كل شيء يحلف عليه أو يسأل به ينفذ.

أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من سأل بالله فأعطوه، ومن استعاذ بالله فأعيذوه، ومن صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه).

قوله: (ومن استعاذ بالله فأعيذوه) قيل: معناه أنه استعاذ بالله وأمكنكم إعاذته من ذلك الشيء الذي استعاذ بالله منه، فحققوا له تلك الاستعاذة.

وقيل: إنه إذا حصل الاستعاذة من الإنسان لنفسه فإما أن يكون استعاذ بالله من أمر من الأمور يمكن للإنسان أن يعيذه منه، وأن يساعده عليه، وأن يخلصه منه، أو استعاذ في أمر من الأمور فإنه يحقق له الشيء الذي يريد، وهذا كما جاء في قصة المرأة التي قالت: (أعوذ بالله منك، فقال: لقد عذت بمعاذ، الحقي بأهلك) فالمراد أنه هنا يحتمل هذا ويحتمل هذا.

قوله: (ومن صنع إليكم معروفاً فكافئوه) أي: ومن أحسن إليكم فقابلوا الإحسان بالإحسان: هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ [الرحمن:60]، وقد جاء في نصوص الكتاب والسنة ما يدل على مقابلة الإحسان، بالإحسان بل ومقابلة الإساءة بالإحسان.

قوله: (فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه) ويمكن أن يكون الدعاء مع الإحسان والمكافأة، لكن الإنسان الذي لا يستطيع المكافأة فلا أقل من الدعاء، والدعاء سهل ميسور، فيدعو له ويكرر ذلك، أو يدعو بدون تكرار، وقد جاء في الحديث: (من قال لصاحبه: جزاك الله خيراً فقد أبلغ في الثناء).

قوله: (ومن دعاكم فأجيبوه) أي: دعاكم إلى طعام فأجيبوه، وهذا -كما هو معلوم- أيضاً من حق المسلم على المسلم، لكن إذا كان الإنسان عنده عذر يشغله فإنه يكون معذوراً.

تراجم رجال إسناد حديث (من استعاذ بالله فأعيذوه ومن سأل بالله فأعطوه ...)

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ].

عثمان بن أبي شيبة ثقة أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي في (عمل اليوم والليلة) وابن ماجة .

[ حدثنا جرير ].

جرير هو ابن عبد الحميد الضبي الكوفي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الأعمش ].

الأعمش هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن مجاهد ].

مجاهد هو ابن جبر المكي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الله بن عمر ].

عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

الأسئلة

موقف ابن عباس من توبة القاتل عمداً

السؤال: هل صحيح أن ابن عباس رضي الله عنهما يقول: إن قاتل النفس متعمداً ليس له توبة؟

الجواب: جاء عنه ذلك، وجاء عنه الرجوع كما نقله عنه الألباني ، ولا أدري الآن في أي مكان نقله عنه، وقد سبق أن مر بنا حديث يتعلق بهذا وبحثناه، وقد أحضر لنا أحد الإخوان نصوصاً تدل على رجوع ابن عباس رضي الله عنه.

ويذكر بعض الإخوان أن الشيخ الألباني ذكر ذلك في (السلسلة الصحيحة) في المجلد السادس في آخر القسم الثاني، فليراجع.

قضاء النافلة القبلية لصلاة الظهر بعدها

السؤال: رجل صلى ركعتين قبل الظهر وأقيمت الصلاة، فهل يقضي الركعتين الباقيتين بعد الصلاة، وكذلك إذا فاتته الأربع كلها هل يصلي ستاً بعد الصلاة؟

الجواب: نعم له ذلك، لكنه يقضيها بعد الراتبة البعدية، فيأتي بالنافلة البعدية، ثم يقضي النافلة القبلية سواء كانت اثنتين أو أربعاً إذا كان ما تمكن من الأربع.

حكم الانشغال بمسألة الحكم بغير ما أنزل الله تعالى

السؤال: إذا حكم الحاكم بغير ما أنزل الله سواء كان ذلك جحوداً أو استهانة، وسواء كان خائفاً أو لهوان في نفسه، فهل للمسلم الانشغال بهذه القضية: هل هو كافر أو غير كافر؟

الجواب: انشغال المسلم بمسائل العلم والاهتمام بها مطلوب، لكن لا يكون شغله الشاغل هذه المسألة بالذات ويترك مسائل العلم الأخرى.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح سنن أبي داود [203] للشيخ : عبد المحسن العباد

https://audio.islamweb.net