إسلام ويب

البيت العتيق ووفود الرحمنللشيخ : عبد الرحمن السديس

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الحج فريضة من أعظم فرائض الدين، شرع الله فيها عبادات جليلة، ومناسك عظيمة، وجعل فيها مرامي سامية، وحكم كثيرة، ومن أجَلِّ تلك المقاصد ترسيخ العقيدة والتوحيد في النفوس؛ بإفراد التوجه لله تعالى.

    وكذا يأخذ المسلم في ظل هذه الفريضة ترك الاعتداد بالفوارق، كاللغات والألوان، والأجناس والبلدان فبه تجتمع المشاعر وتتوحد الصفوف؛ فهو طريق إلى التضامن والتكاتف.

    1.   

    مرامي الحج السامية

    الحمد لله الملك القدوس السلام، أحمده تعالى وأشكره على ما هدانا للإسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فرض على عباده حج بيته الحرام، ورتب على ذلك جزيل الأجر والإنعام، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله سيد الأنام، وخير من صلى وزكى وحج وصام، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه البررة الكرام والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فيا إخوة الإسلام: ويا حجاج بيت الله الحرام! اتقوا الله جل وعلا، واشكروه على ما هداكم للإسلام، وشرع لكم من مواسم الرحمة والغفران.

    عباد الله: في هذه الأيام المباركة، تشرئب الأعناق وترنوا الأبصار، وتنجذب القلوب، وتتجه الأنظار، وتهوي الأفئدة وتطلع النفوس المسلمة إلى هذه البقاع الشريفة، التي هيأها الله لعباده، واختارها لتكون عرصاتها محلاً للمناسك، فهذه قوافل الحجيج، وطلائع وفود الله، أتت من كل فج عميق، أتوا عبر القارات والبحار، وقطعوا الفيافي والأجواء والقفار، ليشهدوا منافع لهم، يدفعهم الإيمان وتقودهم الرغبة، ويحدوهم الشوق، ويحفزهم الأمل فيما عند الله جل وعلا، استجابة لأمر الله سبحانه على لسان خليله عليه السلام: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ [الحج:26].. لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ [الحج:28] ومصداقاً لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ) أخرجه في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفيهما عنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ).

    فهنيئاً لكم -يا حجاج بيت الله الحرام- سلامتكم ووصولكم، وتيسر قدومكم، وحصول مأمولكم.

    الحج وترسيخ التوحيد

    إخوة الإسلام حجاج بيت الله الحرام: الحج عبادة من أعظم العبادات، له من الشروط والأركان والواجبات ما يجب على كل من أم هذا البيت أن يعلمه ويعمل به؛ ليقبل حجه عند الله سبحانه، كما أن له من المقاصد والمنافع والحكم والآداب ما ينبغي لكل حاج أن يستشعره؛ ليحصل له بر الحج، ويعود بشيء من منافعه وآثاره.

    فأهم المقاصد والغايات، وأعظم الحكم والواجبات في ذلك، أن يكون الحج منطلقاً لإعلان التوحيد الخالص لله، فلا أنداد ولا شركاء، ولا شفعاء ولا نظراء، (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك) وأن يكون مرتكزاً لتجديد دعوة إبراهيم عليه السلام، وسنة محمد صلى الله عليه وسلم، ودعوة إلى الحنيفية السمحة، التي لا تعلق لها إلا بالله وحده، استسلاماً لله، وانقياداً لعقيدة التوحيد، وإذعاناً لطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وبراءة من كل مبدأ يخالف نهج الكتاب والسنة، ومن كل عقيدة لم يكن عليها سلف هذه الأمة.

    أمة الإسلام: ضيوف الرحمن! وفود الملك العلام: إن القاعدة التي تبنى عليها العبادات، والأصل الذي ترتكز عليه الأعمال، وبدونه تكون هباءً منثوراً هو أساس هذا الدين، تحقيق التوحيد لله رب العالمين، وإن محادة الله بإشراك غيره معه، أظلم الظلم وأضل الضلال، فيجب على كل مسلم يرجو ثواب الله، ويخاف عقابه، ويحب نجاته يوم العرض على الله، أن يعلق آماله بالله وحده، وينبذ كل من سواه كائناً من كان، فلا بد من وقفة حازمة مع النفوس.

    أيها الحجاج! ألم تقرءوا آيات الحج الواردة في كتاب الله عز وجل، وتتأملوا أعمال الحج من الطواف والسعي والتلبية والرمي وما إلى ذلك؟

    إنها تؤصل في النفوس المسلمة هذا الأساس العظيم، كلها تدور حول إفراد الله بالعبادة، والتحذير من الإشراك به، اقرءوا إن شئتم قوله سبحانه: وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً [الحج:26] وقوله عز وجل: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ [الحج:30-31] وقوله جل وعلا: فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا ... الآيات [الحج:34].

    فهي دعوة من الله سبحانه، ودعوة رسله عليهم الصلاة والسلام، ثم دعوة كل مؤمن وموحد أن تستلهم صحة العقيدة، وسلامة التوحيد، وإخلاص الدين لله من هذه الآيات الكريمة، وهذه العبادة العظيمة، وإن توجه العبد الضعيف إلى غير الله في سؤال أو دعاء أو ذبح أو توسل أو استغاثة، أو ادعاء أن أحداً من دون الله يجلب نفعاً أو يدفع ضرراً، أو يشفع من دون الله، لهو من مصادمة الفطرة، ومخالفة الملة، ومجانبة العقيدة والسنة: قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً [الزمر:44] قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163].

    إخوة الإيمان! إن في الحج ولاءً خالصاً لله، وانقياداً تاماً لدين الله، لا مجال فيه لدعوة غير الله، وإعلان ولاءات لغير الله، ورفع هُتافات وشعارات مخالفةٍ لشرع الله، وعمل تجمعات وتظاهراتٍ تخرج بالحج عما شرع الله، وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    الحج ودروس الوحدة والتضامن

    يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام! إن على الأمة الإسلامية -وهي على أبواب هذا الموسم العظيم- أن تعمل بجد وصدق للخروج من المحن والمصائب التي ابتليت بها، فطالما بكى الباكون، وتحدث الغيورون عن الأحوال المزرية التي يمر بها عالمنا الإسلامي.

    أما آن لنا معشر المسلمين، أن نأخذ من هذا التجمع الإسلامي العظيم الدروس والعبر في الوحدة والتضامن، والبعد عن الفرقة والتشاحن، وهو يجمع المسلمين وإن بعدت الديار، ونأت الأقطار، وتباينت الألسن واللغات، واختلفت الألوان والجهات، يجمعهم على دين واحد، ومنهج واحد ، في مكان واحد وزمان واحد، وهدف واحد، لتكون الانطلاقة لحل مشكلات الأمة المتأزمة، مهانةً وضعفاً، فرقةً واختلافاً، من هذا المكان المبارك، مهبط الوحي ومنبع الرسالة، الذي انطلقت منه عقيدة التوحيد ودعوة الإسلام، ورسالة الخير والسلام، لتعم جميع الأصقاع والأنام، وبذلك تتحقق أكبر منافع الحج بأذن الله، وإنها والله رسالة عظيمة، وأمانة جسيمة، في عنق كل حاج، يمثل لبنة في هذا المجتمع الإسلامي الكبير، فيشاطره آماله وآلامه، ويشاركه أفراحه وأتراحه.

    ألا ما أمس حاجة الأمة الإسلامية اليوم، وهي تواجه أعتى التحديات وأبشع المؤامرات، ما أحوجها وهي تتوجه هذه الأيام نحو محورها الذي يجمعها، وتلتف حول راية واحدة، وقبلة واحدة، تتلاشى في ظلها فوارق اللغة والألوان، والأجناس والبلدان، في وحدة تجمع الشعائر والمشاعر، وتربي القلوب والقوالب، ما أحوجها أن تستلهم الحكم والآثار، من هذه الفريضة العظيمة، وتستيقن يقيناً لا يعتريه شك ولا مراء، بأنه لا يلم الشمل ويجمع القلوب، ويوحد الصف والدروب، إلا الاجتماع على راية واحدة لا ثاني لها، هي راية الإسلام على ضوء الكتاب والسنة، بفهم سلف الأمة رحمهم الله.

    فلواحد كن واحد في واحد     أعني سبيل الحق والإيمان

    أمة الإسلام: إنه لا بد من إعداد العدد، وتنسيق الخطط، وتوحيد المناهج، والعمل لكل ما فيه صلاح الإسلام والمسلمين، تحقيقاً لكلمة التوحيد، وتوحيد الكلمة عليها، وإن واجب القادة والعلماء، والدعاة والزعماء، والمعنيين بقضايا التربية والتعليم، من حملة الأقلام ورجال الإعلام، والمهتمين بالفكر والرأي والإصلاح في ذلك عظيم وكبير.

    1.   

    نداءات لحجاج بيت الله الحرام

    يا حجاج بيت الحرام! يا من تجشمتم الصعاب، وركبتم المشاق تريدون ما عند الله! اعقدوا العزم على الأخذ بمنافع هذه الفريضة العظيمة، التي تعجز مؤتمرات الدنيا واجتماعاتها ولقاءاتها، أن تحقق ولو شيئاً يسيراً من منافعها أو تقاربها في أهميتها ومكانتها، زماناً ومكاناً، فوائد وآثاراً؛ لأنها لله وفي الله وفي سبيل الله.

    فالحذر الحذر من استغلالها لترويج شعارات، أو توزيع منشورات تخالف شرع الله، أو إقحامها في مهاترات سياسية، أو شعارات جاهلية، والله بين حرمه وبين من أراده بسوء: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الحج:25].

    والويل كل الويل لمن استغله لأعمال التلصص والسرقة والإجرام، وترويج المسكرات والمخدرات، أو غير ذلك مما يعمد إليه بعض ذوي النفوس الضعيفة، والقلوب المريضة، والهمم الدنيئة.

    يا حجاج بيت الله: حققوا العقيدة الصحيحة، وأخلصوا التوحيد لله، واحذروا الشركيات والبدع والخرافات، والشعارات المخالفة للإسلام، فماذا يغني التمسح بالجدران والستور؟! وماذا يجدي التعلق بالتراب وبالصخور؟! جددوا التوبة إلى الله من ذنوبكم.

    الحج وتذكر مآسي المسلمين

    تذكروا -عباد الله- وأنتم تعيشون في الحرمين الشريفين حرسهما الله أن لهما أخاً ثالثاً يستصرخكم، بعدما طال أسره في أيدي شرذمة صهيونية ، وحفنة يهودية ، من شذاذ الآفاق وحثالة العالم، ذلكم هو المسجد الأقصى المبارك، أقر الله الأعين بفك أسره، وأثلج الصدور بتعجيل تحريره.

    تذكروا -يا حجاج بيت الله- وأنتم تعيشون الأمن والآمان والراحة والاطمئنان، مآسي إخوانكم المسلمين في العقيدة، في بقاع شتى من العالم، حيث يعيشون حياة القتل والتشريد والخوف والتنكيد.

    ما هي حال إخوانكم في الأرض المباركة فلسطين ؟ ما هي أخبارهم في بورما وكشمير ؟

    ما هي أوضاعهم في الصومال وغيرها من بقاع متفرقة من العالم؟ بل ما هي أحوال إخوانكم في العقيدة في إقليم كوسوفا المسلمة هذه الأيام؟ حيثُ يعيشون مأساة بشعة على يد الصرب الظالمين، فلا تنسوهم من دعواتكم، وما تجود به أنفسكم، أصلح الله أحوال المسلمين في كل مكان بمنه ورحمته وهو أرحم الراحمين.

    حقوق وواجبات الحجيج

    أيها الإخوة الحجاج! ألا إن لكم علينا حقاً، وعليكم واجباً، فحقكم علينا إكرامكم وتقديركم، والسعي في كل ما من شأنه أداء مناسككم بكل يسر وسهولة، كما هو حاصل بحمد الله، ويخطأ من يستغل الحجيج بغلاء فاحش في الأسعار والمآكل والمشارب والمساكن، أو يسيء الأدب معهم، أو يعرضهم للأذى بصورة أو بأخرى، أو ينظر إليهم نظرات مادية صِرْفَة، وتلك تصرفات النشاز لا تحمل على أهل هذا البلد المسلم الكريم المضياف.

    ألا إن واجبكم التقيد بالفرائض الشرعية، والأنظمة المرعية، والاشتغال بحجكم، وعدم إقحام أنفسكم في أمور لا تعنيكم، والله يتولى الجميع بعنايته ورعايته ومنه وكلاءته.

    تقبل الله منكم يا حجاج بيت الله الحرام، وأعانكم على إتمام مناسككم، وأعادكم إلى بلادكم سالمين غانمين، والله نسأل أن يجعل حجكم مقبولاً، وسعيكم مشكوراً، وذنبكم مغفوراًً، أعوذ الله من الشيطان الرجيم: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [آل عمران:96-97] بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

    1.   

    صون الحج عن النواقض والنواقص

    الحمد لله الحكيم الخبير، أحمده تعالى وأشكره وهو العليم القدير، سبحانه من إله كريم ورب رحيم، خلق فأتقن، وشرع فأحكم، وهو أحكم الحاكمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته واهتدى بهديه إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فاتقوا الله عباد الله! اتقوا الله -يا حجاج بيت الله- واشكروه على ما تعيشونه هذه الأيام، من الأشهر العظيمة والمواسم الكريمة، أخلصوا حجكم لله، ارعوا لهذا البلد الحرام مكانته وقدسيته، وأمنه ونظامه، وإياكم وإساءة الأدب في جواره، بارتكاب شيء من المعاصي، عظموا شعائر ربكم وحرماته: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ [الحج:30]، ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32].

    واعلموا -رحمكم الله- أن الواجب عليكم أن تتعلموا وتتفقهوا في أحكام المناسك، لتكونوا على وعي وبصيرة، وبعد عن الخطأ والزلل، وأن تسألوا أهل العلم عما يشكل عليكم: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43].

    معاشر الحجاج الكرام: عاملوا إخوانكم المسلمين معاملة حسنة، احذروا إيذاءهم ومزاحمتهم في الحرم والمشاعر والطرقات، واحذروا سوء الخلق معهم قولاً وفعلا، اجتنبوا اللغو واللهو والرفث والفسوق والجدال بالباطل، تحقيقاً لقوله سبحانه: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة:197] وتأسوا بنبيكم صلى الله عليه وسلم، فهو القائل: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) أخرجه مسلم في صحيحه ، والقائل: (خذوا عني مناسككم ).

    واعملوا -يا رعاكم الله- على بر حجكم ببذل السلام، وإطعام الطعام، وكثرة الطاعات والبعد عن المعاصي، وصون حجكم عن النواقض والنواقص، والمحافظة على عمود الإسلام الصلاة، التزموا الهدوء والأمن والنظام، وتفرغوا لأداء مناسككم، فقد وفرت لكم كافة الإمكانات، وهيأت لكم سائر الخدمات ولله الحمد والمنة، أجواء آمنة، وظلال وارفة، وخيرات متنوعة، وخدمات متعددة، كل ذلك بفضل الله، ثم بفضل ما تبذله قيادة بلاد الحرمين الشريفين وفقها الله، وجعل ذلك في موازين حسناتها، وزادها من الخير والتوفيق بمنه وكرمه، وجعل أعمالها خالصة لوجه الله الكريم.

    هذا وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على النبي المصطفى، والرسول المجتبى، والحبيب المرتضى، القائل: (خذوا عني مناسككم ) كما أمركم الله بالصلاة والسلام عليه بقوله سبحانه: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56].

    اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا وقدوتنا وحبيبنا محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين وعن الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك وكرمك يا أكرم الأكرمين.

    اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وسلم الحجاج والمعتمرين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.

    اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق إمامنا لما تحب وترضى، اللهم خذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم اجعله هادياً مهدياً ياذا الجلال والإكرام! اللهم ارزقه البطانة الصالحة، التي تدله على الخير وتعينه عليه، برحمتك يا أرحم الراحمين.

    اللهم وفق جميع ولاة المسلمين للحكم بشريعتك، واتباع سنة نبيك صلى الله عليه وسلم، اللهم اجعلهم لشرعك محكمين، ولسنة نبيك صلى الله عليه وسلم متبعين، ولأوليائك مناصرين.

    اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، وألف بين قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، واهدهم سبل السلام، وجنبهم الفواحش والفتن، ما ظهر منها وما بطن.

    اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلال والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلادنا هذه خاصة وعن سائر بلاد المسلمين يا رب العالمين!

    اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك والمستضعفين في دينهم في كل مكان، اللهم عجِّل بنصرهم يا قوي يا عزيز! اللهم انقذ مقدسات المسلمين من اليهود الغاصبين، اللهم انصر إخواننا في فلسطين على اليهود المعتدين، وفي كشمير على الوثنيين الحاقدين، اللهم انصرهم في إقليم كوسوفا المسلمة على الصرب الظالمين يا ذا الجلال والإكرام يا قوي يا عزيز!

    رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

    عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

    مواد ذات صلة

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756255805