إسلام ويب

وإذا قلتم فاعدلواللشيخ : نبيل العوضي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • حث الإسلام على العدل والإنصاف، والعدل لا يكون مع أهل السنة فقط، بل ويشمل الأعداء، ومما يدل على ذلك ما ورد في الكتاب والسنة، وفي صفحات تاريخنا الإسلامي من صور العدل والإنصاف مما يبرهن على ذلك.

    1.   

    خُلق العدل والإنصاف

    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    أما بعــد:

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].. يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1].. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].

    أما بعـد:

    أيها الإخوة المسلمون: يقول عليه الصلاة والسلام: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، وفي رواية: (إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق) فغاية دعوته عليه الصلاة والسلام أن يتمم الأخلاق؛ أخلاق الناس بينهم وبين الله، أخلاق الناس بينهم وبين أنفسهم، وبينهم وبين بعضهم البعض، يتمم صالح الأخلاق ومكارمها وأحسنها، فكان أفضل الناس خلقاً عليه الصلاة والسلام.

    ومعنا في هذه الخطبة خلق من أخلاق الإسلام التي ضاعت عند كثير من الناس، وهذا الخلق -أيها الإخوة الكرام- ذكرناه مراراً وتكرراً، ولكنني أحببت أن أفصل له خطبة كاملة، وأجعل له حديثاً مفصلاً، فاسمع أخي الكريم إلى هذا الخلق، ثم تفحص نفسك أولاً، وتفحص من حولك، وانظر أين هم من هذا الخلق القويم؟

    في هذه الأيام بين الرجل وزوجاته، وبين الرجل وأولاده، وبين الرجل وجيرانه، وبين الأخ وإخوانه، وبين الدعاة إلى الله، وبين طلاب العلم، وبين أهل التجارات، وبين أهل الصناعات، ما يحدث هذه الأيام إن دل فإنما يدل على فقدان هذا الخلق العظيم، ألا وهو الخلق الذي قامت عليه السماوات والأرض؛ وهو خلق العدل والإنصاف.. العدل بين الناس.. العدل الذي أصبح بين الناس عزيزاً، حتى إنك لا تجده في كثير من الصالحين فضلاً عن عوام الناس.

    فاسمع أخي الكريم! كيف يحثنا الله عز وجل على هذا الخلق، فيقول جل وعلا: وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا [الأنعام:15] إذا تكلمت، بل إذا حكمت بين الناس، قال: وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ [النساء:58] هذا الذي يعظكم به هو العدل والإنصاف.

    1.   

    العدل والإنصاف عزيز بين الناس

    تجد الرجل الصالح المصلي الراكع الساجد إذا حكم على بعض الناس لا يحكم إلا بالظلم والإجحاف، أما الإنصاف فهو عزيز بين الناس، وهذا الأمر مفطور عليه أكثر الناس إلا من خالف هواه، فاسمع إلى الشعبي -عليه رحمة الله- ماذا يقول، وكأنه قد عرف الناس واختبرهم، فعرف معادنهم وحقيقتها، قال: [والله لو أصبت تسعاً وتسعين مرة وأخطأت مرة واحدة لعدوا عليَّ خطئي] ينسون تلك المحاسن، وسوف ينسون (99%) من المحاسن والفضائل لخطأ واحد: إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً [الأحزاب:72] فطبيعة الإنسان أنه ميال للظلم، ومحبٌ للجهل، هذه الطبيعة من أصل خلقته إلا إن خالف هواه ونفسه وزكى هذه النفس.

    واسمع إلى حاتم الأصم كيف بلغ به المقام من حسن خلقه أنه يقول: ثلاث أظهر بها على خصمي: أفرح إذا أصاب فرحاً.. من منا عنده هذا الخلق إذا أصاب خصمه فرح؟

    قال: وأحزن إذا أخطأ.. إذا وقع خصمي في الخطأ أحزن، وهذا هو حزن القلب وليس فرحه يا عبد الله! فإن من الظلمة من يفرحون إذا أخطأ خصومهم.

    قال: وأحفظ نفسي كي لا تتجاهل عليه.

    ذهب أحدهم إلى الإمام أحمد فقال له: أسمعت ماذا قال حاتم الأصم؟ قال: ماذا يقول؟ قال: يقول كذا وكذا، قال: سبحان الله! ما أعقله من رجل! من منا يصل إلى مستوىً من العقل والعدل والإنصاف مثله؟

    قال سبحانه يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ [المائدة:8] لا تنتصر لنفسك، ولا لحزبك، ولا تنتصر لقبيلتك، ولا لشهواتك، بل لله: كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ [المائدة:8] فإذا تكلمت: شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ [المائدة:8] أي: بالعدل والإنصاف: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا [المائدة:8] إذا كان بينك وبين فلان من الناس عداوة وخصومة، فإياك ثم إياك! أن تحملك هذه الخصومة على الظلم: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [المائدة:8].

    1.   

    العدل والإنصاف في الكتاب والسنة

    عبد الله: أين أنت من هذا الخلق الذي لولاه ما قامت السماوات ولا استقرت الأرض؟! فهذا وصف اتصف الله به فكان من أعظم الأوصاف: (يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا) إياك والظلم! أخوك .. صاحبك .. فلان من الناس .. داعية إلى الله .. طالب علم .. رجل مصلح زل زلة أو أخطأ خطأً، فلا تحملك الخصومة على أن تنشر خطأه بين الناس وتنسى محاسنة.

    عبد الله: إياك إياك والظلم! واسمع لـابن القيم ماذا يقول:

    وتحلَّ بالإنصاف أفخر حلة      زينت بها الأعطاف والكتفان

    تحلَّ بالإنصاف: أي: بالعدل، وهو أن تزن الناس بميزان العدل والقسط، تضع حسناتهم في كفة وسيئاتهم في كفة، ثم زنه يا عبد الله! وإياك أن تنظر بعين واحدة، وكن كقول القائل:

    وإذا الحبيب أتى بذنب واحد     جاءت محاسنه بألف شفيع

    إذا جاء بذنب تذكرت محاسنه، وهذا الخلق يؤدبنا به عليه الصلاة والسلام حتى مع الزوجات، قال: (لا يفرك مؤمن مؤمنة) أي: لا يطلقها ولا يفارقها على خطأ واحد، قال: (إن كره منها خلقاً) إذا جاءت بسيئة أو بخطأ أو ساء خلقها، قال: (إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر) تأتي بحسنة فتهدم هذه السيئة.

    العدل والإنصاف مع أهل الكتاب

    يا عبد الله: كن منصفاً مع الناس، وإياك أن تتكلم إلا بالعدل: وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا [الأنعام:152] واسمع إلى ربنا جل وعلا في كتابه كيف يعلمنا هذا الأدب، يقول الله جل وعلا عن أهل الكتاب وهو يلعنهم ويذمهم: ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ [آل عمران:112] انظر إلى الذنب! ثم قال: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ [آل عمران:112] انظر إلى كل هذه الجرائم! ولكن الله أنصفهم، فقد أخبر بأن هناك طوائف لا تقرهم على هذا الفعل، وأن هناك بقايا من أهل الكتاب ما زالوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم على الإيمان والتوحيد، فلما جاء عليه الصلاة والسلام آمنوا به، انظر الإنصاف بعد كل ذلك الذنب، قال الله: لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ [آل عمران:113] نعم. انتبه يا محمد! انتبهوا أيها الصحابة! احذروا أيها المؤمنون! أن تعمموا الحكم على الناس؛ فهؤلاء وإن كانوا مغضوباً عليهم فإنهم ليسوا سواء، منهم أمة قائمة مؤمنة موحدة، لما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنت به واستجابت له، آناء الليل يتلون آيات الله وهم يسجدون، أي إنصاف أعظم من هذا؟! بل أي عدل في الحكم أبلغ من هذا العدل؟!

    قصة حاطب بن أبي بلتعة

    اسمع يا عبد الله إلى أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو حاطب بن أبي بلتعة؛ صحابي جليل، ارتكب في الإسلام جريمة عظيمة وخطأ كبيراً، أتعرف ما هذا الخطأ؟

    لما قرر عليه الصلاة والسلام أن يذهب إلى مكة ليفتحها ويقاتل المشركين، أرسل هذا الرجل رسالة مع امرأة ليبلغ المشركين، أن يحذروا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قادم إليكم ليقاتلكم، هل تظن أن هناك جريمة أعظم من هذه؟! وهل يبلغ الحال بإنسان في هذا الزمن أن يرتكب إثماً أعظم من هذا الإثم فيكشف خطة رسول الله صلى الله عليه وسلم للمشركين؟ فإذا بـحاطب ماثل أمام النبي صلى الله عليه وسلم، فيأتيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4] لم يستعجل في الحكم، انظروا إلى التثبت، والتأني والروية، قال: (ما حملك على هذا يا حاطب؟ قال: يا رسول الله! أردت أن تكون لي عند القوم يد يدفعون بها عن أهلي ومالي). يد: أي: فضل ونعمة، يدفعون بها عن أهلي ومالي.

    انظر إلى العذر، عذر غير مقبول، ولكن:

    وإذا الحبيب أتى بذنب واحد     جاءت محاسنه بألف شفيع

    (قال عمر: يا رسول الله! إنه منافق دعني أضرب عنقه، فقد خان الله ورسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عمر! ألم يشهد بدراً؟ قال: نعم. قال: وما يدريك -يا عمر - لعل الله اطلع إلى أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم قد غفرت لكم) يا عمر! زن الحسنات والسيئات.

    يا عمر! عنده حسنات عظيمة في الإسلام تهدم ما بعدها وما تحتها.

    يا عمر! أتى بذنب لكن محاسنه أعظم، وإذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ [المائدة:8].

    1.   

    قصص في العدل والإنصاف

    اسمع يا عبد الله إلى هذه الأخبار والقصص التي ملئت بها صفحات تاريخنا الإسلامي من العدل والإنصاف، والتي إذا أردت أن تبحث عنها في هذا الزمن، فإنك تسمع عنها نادراً، وتبحث عنها فلا تكاد تجدها.

    اسمع -يا عبد الله- إلى عبد الرحمن بن شماتة؛ وهو تابعي ثقة، جاء إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها يسألها عن بعض أمور الدين، فقالت له بعد أن أجابته وهي الفقيهة العالمة: من أين أنت؟ قال: من مصر ، قالت: ما فعل صاحبكم؟ أي: أميركم وواليكم، قال: أما إنه إذا كان معنا في غزوة أو سرية فمات لأحدنا بعير أعطاه بعيراً، وإذا مات له عبد أعطاه عبداً، وإذا نقصت أحدنا نفقته أعطاه نفقة، فقالت عائشة: أما إنه لا يمنعني ما فعل في أخي محمد بن أبي بكر أتعرف ما فعل؟ كان هو السبب في قتله، انظروا إلى الخصومة! رجل كان هو السبب في قتل أخيك، هل تنصفه؟ هل تعدل معه؟ هل تذكر محاسنه؟ قالت: أما إنه لا يمنعني ما فعل في أخي محمد بن أبي بكر أن أقول فيه ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه) أي: كأنها تقول: صدق فيه دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فارفق به؛ لأنه كان رفيقاً بقومه، وبجنده.

    أي عدل وأي إنصاف وقسط أعظم من هذا؟!! إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ [النساء:58] ثم تجد سفيهاً من الناس، أو جاهلاً من بينهم، أو متعصباً لبعض الأقوال، فيعرض عليه محاسن الناس وفضائلهم وجهادهم، وهم إخوانه من أهل السنة ، فيقول: والله لا خير فيهم، سبحان الله! انظر إلى الظلم، أو يقول لك: هم والله شر من اليهود والنصارى.. هل هذا من العدل يا عباد الله؟! وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا [الأنعام:15].

    والله إن بعض الظلم يخرج من أفواه بعض الناس، ولو مزج بماء البحر لعكر ماءه ولأفسده، ولكنك تتعجب أن يخرج الظلم من أناس يدعون العلم والدعوة والعدل بين الناس.

    انظر يا عبد الله! إلى ابن عباس كيف اختلف مع عائشة على أمر عظيم، ولكنه صاحب عدل وإنصاف، جاءه رجل -وهو حبر الأمة- يسأله عن وتر رسول الله، فالرجل يسأل عن مسألة فقهية، وهو أحرى أن يجيبه، وبينه وبين عائشة خصومة وخلاف في الرأي، فقال له: أسألك عن وتر رسول الله؟ فقال ابن عباس لهذا الرجل: ألا أخبرك عن أعلم أهل الأرض بوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. قال: عائشة رضي الله عنها، (يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا).

    من أسباب الظلم يا عبد الله: ما يكون في النفس من الحقد والحسد، ثم ما يكون في العقل من التعصب لبعض الآراء ولبعض الناس، ثم ما يكون بالتصرف من عدم التثبت وعدم التأني والاستعجال في الأحكام.

    عبد الله: كن متنبهاً ومتيقظاً، واعلم أنه: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:18]. أقول هذا القول وأستغفر الله.

    1.   

    العدل والإنصاف مع الأعداء

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

    أما بعـد:

    عبد الله: العدل والإنصاف حتى مع الكفار: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ [المائدة:8] أي: لا يحملنكم بغض الكفار عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [المائدة:8] هذا إذا كان مع الكفار، فكيف إذا كان مع المسلمين من أهل البدع؟! بل كيف إذا كان مع المسلمين من أهل السنة؟! كيف يجب العدل والإنصاف؟

    اسمع إلى عمرو بن العاص أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع رجلاً يقول: (تقوم الساعة والروم أكثر الناس) فقال: ماذا تقول؟ قال: أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: أما إنه إن كان حقاً ما تقول، فإن فيهم لخصالاً أربعاً اسمع كيف يثني على الكفار وإن كانوا كفاراً، كيف يذكر محاسنهم ولم يتلفظ بعيوبهم؛ لأن الأمر فيه حكمة وعدل وإنصاف، قد تحتاج بعض الأحيان إلى ذكر العيوب دون المحاسن، وفي بعض الأحيان إلى ذكر المحاسن دون العيوب، وفي بعض الأحيان توازن بين الحسنات والسيئات.

    قال: [فإن فيهم لخصالاً أربعاً: إنهم أحلم الناس عند الفتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرة بعد فرة، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف، وخامسة حسنة جميلة: وأمنعهم من ظلم الملوك]. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [المائدة:8].

    اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر اللهم أعداء الدين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.

    أقول هذا القول وأستغفر الله.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755948177