إسلام ويب

الهندوسية [1]للشيخ : إبراهيم الفارس

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الهندوسية ديانة باطلة وخطرها على العالم الإسلامي ملموس، وقد نشأت هذه الديانة نشأة خاصة بها منذ قديم الزمان، وهي على أطوار عدة في نشأتها وتغيرها، حتى انتهت إلى الاكتفاء بكتابها المقدس الويدا، وهو ملخص من الكتب الهندوسية في العصور القديمة، وتظهر الطبقات بين الهندوسيين بشكل يثير الدهشة.

    1.   

    نشأة الديانة الهندوسية

    الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد الأمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    أما بعد:

    فإن الهندوسية ديانة تشغل حيزاً كبيراً جداً من الكرة الأرضية، ولها جهود ليست باليسيرة في سبيل الدعوة إلى مناهجها، ولها جهود ليست باليسيرة كذلك في سبيل حرب الإسلام والمسلمين، بل لها الأثر القوي في بروز كثير من الفرق والمذاهب التي تتسمى باسم الإسلام أو تندرج تحت مسمى الإسلام.

    إن الكتاب الذين كتبوا حول هذه الفرقة يكادون يعدون بالأصابع؛ لأنهم قلة قليلة فليس هناك كتابات مميزة عن هذه الديانة، بل الهندوس أنفسهم لم يكتبوا عنها من الناحية التاريخية، باعتبار أن أوائلهم لم يكونوا يهتمون بالجوانب التاريخية، فلا يعرف لنشأة الهندوسية تاريخاً محدداً أو زمناً معيناً، إنما القضية مجرد معرفة كلية وليس هناك معرفة جزئية، بمعنى: أنها نشأت قريباً من القرن الفلاني أو حول القرن الفلاني أو قبل كذا أو بعد كذا، إنما ليس ذلك تاريخاً سليماً صحيحاً كالتواريخ التي تنسب إليها الديانات الأخرى، فالبوذية مثلاً نستطيع أن نقول: إنها نشأت في القرن الفلاني، بل وفي السنة الفلانية، والإسلام كذلك نستطيع أن نقول عنه: أنه نشأ في اليوم الفلاني وفي الشهر الفلاني وفي السنة الفلانية، أما الهندوسية، فالتعامل معها بمئات السنين، ولذلك بعضهم يقول: إنها نشأت في عام 1500 قبل الميلاد، والبعض يقول: في عام 2000 قبل الميلاد، والبعض يقول: في عام 1000 قبل الميلاد.

    إذاً: لدينا 1000 سنة وهو رقم ليس باليسير، لذلك لا يعرف في أي وقت نشأت هذه الديانة، إنما نأخذ التاريخ المتوسط وهو 1500 قبل الميلاد، فتكون هذه الديانة نشأت -جمعاً بين هذه الآراء الثلاثة- في سنة 1500 قبل الميلاد.

    كيفية نشأة الديانة الهندوسية

    كانت منطقة الهند عبارة عن منطقة زراعية وخصبة، إلا أن الذين يعيشون فيها، كانوا بدائيين وكانت القبائل قبائل بدائية، وكان يغلب عليهم طابع العبادة السلطنية، -أي: عبادة القوة-، وتمثيل هذه القوة بسلطان يمثلها، يعجبون بالأسد فيعبدون صورة الأسد، يعجبون بالفيل فيعبدون صورة الفيل، يعجبون بالشمس فيعبدون صورة الشمس، يعجبون بالقمر، بالسماء بالكواكب بفلان من الناس، ببطل معين أو بشيء معين، بل بأكلات معينة، فإذا كانت تعجبهم الأكلة الفلانية يعبدون هذه الأكلة، عن طريق تمثيل صنم يمثلها، حتى وصل الأمر بهم إلى أن يعبدوا أجزاء من جسد الإنسان، يعجبون بكذا من جسد المرأة فيصورونه ويعبدونه، ويعجبون بشيء من الرجل فيعبدونه ويصورونه في معابدهم على أنه إله.

    إذاً: وجدت هذه الديانة قبل 1500 سنة من الميلاد، يعني: قريباً من (3400) أو (3500) سنة من الآن، وكانت هذه هي عبادتهم، وكانت هذه القبائل عبارة عن قبائل صغيرة تعيش كل قبيلة لوحدها، وكان التناحر والتقاتل بينهم وارداً على نمط الغزو القبلي المعروف.

    في هذا الوقت كان هناك مجموعة من القبائل أرادت أن تبحث عن منطقة خصبة جميلة مريحة لها، فأرسلت مجموعة من الأشخاص لكي يكتشفوا المناطق، وكانت هذه القبائل تسمى القبائل الآرية، وهي التي يدعي هتلر الزعيم النازي المعروف الانتساب إليها، وكان يقول: إن أفضل الشعوب هو الشعب الآري، ثم يقسم بقية الشعوب إلى درجات إلى أن يصل إلى العرب وهو قبل الأخير ثم اليهود، فاليهود هم في ذيل القائمة، وقبلهم العرب، ثم بعد ذلك مجموعة كبيرة من الشعوب في حدود (14) شعباً، ثم الذين في القمة هم الشعب الآري الذي ينتسب إليه.

    هذه الشعوب الآرية قيل: إنها تعيش في أواسط آسيا، أو بمعنى أخص في المناطق الجنوبية من الاتحاد السوفيتي الآن، وقيل: إنها كانت تعيش في النمسا والمجر وبلغاريا وغيرها، وقيل: إنها كانت تعيش في إيران والعراق.

    هذه القبائل هاجرت من مناطقها بحثاً عن النعيم والدفء، والمياه الدافئة، فأرسلت استكشافات وصلت إلى الهند، ورجعت إلى قبائلها وقالت: إن هناك مناطق جميلة وخصبة وليس فيها إلا عدد بسيط من القبائل السود، فقد كان اللون الأسود يغلب على تلكم الشعوب، فاتجهت هذه القبائل في رحلة طويلة استمرت ثلاثمائة سنة، يعني: كانت تصل على دفعات وذلك حين كانوا يسمعون الأخبار، فعندما وصلت الدفعة الأولى كانوا يتراسلون بطريقة أو بأخرى بأنهم وجدوا كذا وكذا، فتأتي قبيلة أو فرع للقبيلة وهكذا شيئاً فشيئاً.

    وكانوا يأتون إلى الهند ومعهم ثقافاتهم ودياناتهم وقوتهم، ومعهم الحضارة التي لم تكن موجودة قبل ذلك في الهند، فلما وصلوا إلى الهند قوبلوا بقوة من قبل هذه القبائل، لكنها قبائل بدائية، والحرب بدائية، والاتجاه التنظيمي في الحرب بدائي، أما هذه الدفعات فهي منظمة ومرتبة، فاستطاعت أن تستأصل هذه القبائل بأسرع وقت، ثم سيطرت عليها، لكنها وجدت أن هذه القبائل كثيرة بحيث يستعصي على الإنسان أن يقضي عليها، خاصة أن هذه القبائل عندما رأت الانهزام المتتالي بالنسبة لجيوشها أو لتجمعاتها بدأت تستخدم حرب العصابات، وبدأت تستخدم الانطواء في الجبال والاختفاء في الغابات، فخشي هؤلاء الآريون من هذه القبائل، فأرادوا أن يندمجوا معها بطريقة معينة بحيث تسير الحياة بعد ذلك السير الذي يريدون.

    وهذه القبائل الآرية التي قدمت على أرجح الأقوال أنها قبائل كانت تعيش في أواسط أوروبا الشرقية، أي: في النمسا والمجر وبلغاريا وتشيكوسلوفاكيا وغيرها، ويقولون: إن السبب في هجرتهم: أن مناطقهم أصيبت بجفاف وهاجروا إلى الشرق وإلى الغرب، فالذين هاجروا إلى الشرق استوطنوا جزءاً من إيران والعراق والهند، والذين هاجروا إلى الغرب استوطنوا جزءاً من مناطق أوروبا وخاصة ألمانيا والمناطق التي في شمال ألمانيا من أمثال هولندا وبلجيكا وغيرها.

    هذه القبائل عندما هاجرت كانت تمر على قبائل ذات ديانات معينة، فتأخذ وتستفيد منها، وتفيد كذلك الآخرين بدياناتهم، وعندما وصلت إلى الهند وسيطرت عليها كان مجال هذه القبائل فيما يتفق في العبادات منصباً على تقديس القضايا الكلية فيما يرتبط بالطبيعة، فما كانوا يقدسون إلا المسائل الكبرى، فكانوا يقدسون الشمس والقمر والسماء والكواكب والسحاب والبرق والرعد والمطر، لكن لا يقدسون الأسد والفيل والأكلة الفلانية والجهاز التناسلي الفلاني أو غير ذلك، فوجدوا أن الشعوب الهندية لم ترضخ لدياناتهم، فاتفقوا -بما أنها ديانات وضعية- على أن يدمجوا هاتين الديانتين ببعضهما، فصار هناك اندماج في الديانتين: الديانة الهندية القديمة، والديانة الآرية، فخرج لنا ما يسمى بالديانة الهندوسية.

    إذاً: الديانة الهندوسية: عبارة عن خليط بين ديانة الآريين التي تنصب على تقديس القوى الطبيعية، وبين ديانة الهنود القدماء التي تركز في الغالب على الأشياء التي يحبها أهل الهند القدماء.

    وبعد فترة من الزمن تطور الوضع وصار هناك نوع من الاندماج، إذ وجد الآريون أن هؤلاء الهنود السود أو السمر بدءوا يسيطرون على جزء من إمكانات البلد بحكم الخبرة والمعرفة، فخشي هؤلاء القلة من الآريين أن يسيطر هؤلاء عليهم؛ فيذوب هذا الشعب الآري في الشعب الهندي، بمعنى: أن الكثرة تغلب الشجاعة مع الوقت، فأرادوا أن يجعلوا هناك نظاماً دقيقاً في العمل ومهاماً معينة في العبادات ومهاماً معينة في الارتباط بالآلهة، إلى آخر ذلك، فبدءوا في كتابة بعض الأفكار حول هذه المسائل، وسميت هذه الأفكار فيما بعد بالفيداأو الويدا، والويدا هذا هو أعظم الكتب المقدسة عند الهندوس.

    إذاً: يقال له: الفيدا والويدا، ينطق باللغتين والويدا: باللغة السنسكريتية-لغة هندية قديمة- ومعناها: القانون أو الحكمة، فبدءوا يسطرون هذه القوانين أو الأحكام، والمراد منها: إعطاء الطبقة الآرية أو الجنس الأبيض ميزة تخالف ما لدى الطبقة السوداء، ولذلك تلاحظون أحياناً أن هناك بعض الهنود لونه أبيض، وبعض الهنود لونه أسود وهناك تفاوت، وهناك طبقات بين هذا اللون وهذا اللون.

    طبعاً هؤلاء لو دققت فيهم وساءلتهم، ربما تجد أن اللون الأبيض ينتسب إلى الآريين في الأصل، وهو لا يعرف أنه ينتسب إلى الآريين أو لا يقول ذلك، لكن ينتسب إلى فرقة أخرى سنذكرها، أما الأسود فينتسب إلى الهنود القدماء.

    طبعاً بدأت كتابة هذه القوانين التي تعطي الأقلية الامتيازات المتتابعة؛ إلى أن تضخمت وكبرت، فصار حفظ هذه القوانين في القلب صعباً، فقالوا: لابد من تدوينها وكتابتها، فبدءوا بتدوين ما يسمى بكتاب الفيدا، وقيل: إن التدوين استمر عشرة قرون -يعني: 1000 سنة- وتدوين هذا الكتاب المقدس عند الهنود متواصل، إلى أن ختم بقرار من المجلس الأعلى عند الكهنة الهندوس على أنه لا يمكن إضافة شيء على هذا الكتاب، ولو لم يختم بهذا القرار لاستمرت الإضافات على هذا الكتاب، وهو كتاب ضخم جداً يشكل عدداً كبيراً من المجلدات.

    طبعاً ولم يترجم هذا الكتاب إلى اللغة العربية، وهو موجود في كثير من المكتبات الجامعية باللغة الهندية القديمة أو اللغة السنسكريتية.

    ولو قارنا الآن بين ديانة الهنود الموجودة حالياً مع ما كتب في الويدا مسبقاً لوجدنا كثيراً من الاختلاف والتغير والتعديل، السبب في ذلك أنها ديانة بشرية، والديانة البشرية خاضعة لإيرادات البشر ولآرائهم وأهدافهم، فكل فرقة أو كل تجمع أو كل عصر يضيف ويعدل ما يشاء حسب أهواء هذا العصر واتجاهاته، ولذلك تجد أن هناك آلهة كانت تعبد قبل 3000 سنة ليست لها وجود الآن، وتجد أن هناك أصنافاً تعبد الآن ليست موجودة في الكتب القديمة، وهذا في حد ذاته يبين تهافت هذه الديانة.

    من هذا الكلام بأجمعه يتضح لنا أن الهندوسية ليس لها مؤسس معروف، بمعنى لا تنسب إلى مؤسس، لكن الإسلام أسسه المصطفى عليه السلام، والمسيحية أسسها عيسى، واليهودية أسسها موسى، والحنيفية أسسها إبراهيم،والبوذية رجل يدعىبوذا ، والجينية كذلك لها رجل... ، أما الهندوسية فليس لها رجل معين من الممكن أن نقول: له الدور القوي في بروزها وظهورها، لكن هناك رجال اشتهروا بتجديدها أو إعطائها روح الحيوية بعد أن كادت تموت، أما أن هناك مؤسساً لها فليس هناك مؤسس، كما أن كتاب الويدا الذي هو أعظم كتب الهندوس ليس له كاتب، أو لا ينسب إلى شخص معين، بل كل هذه الكتابات كتبت على مر القرون المتتابعة، وهذه الكتابات فيها تناقضات ليست باليسيرة؛ لأن ما كتب الآن مثلاً أحياناً يخالفه ما كتب بعد 500 سنة أو 1000 سنة، ومع ذلك أبقي ولم يعدل، ولذلك هناك تناقضات صريحة داخل هذا الكتاب.

    1.   

    أطوار الديانة الهندوسية

    إنك لا تستطيع أن تستوعب المنهج العقائدي إلا بعد أن تربطه بماضي هذه الديانة وأساسها وأساس نشأتها، فأنت تعرف عن الإسلام كيف نشأ وكيف بدأت الدعوة الإسلامية، وما هي جهود الرسول عليه السلام في ذلك وجهود الصحابة والتابعين ومن بعدهم، كل هذا معروف بالنسبة لك، وتعرف كذلك التشريعات والعقائد، ونحن سنسير على نفس المنهج بالنسبة لهذا الأمر بما يرتبط بالهندوسية.

    الطور الأول العصر الوزيري الأول

    سمي بالعصر الويدي الأول نسبة إلى كتاب الويدا الذي هو الكتاب المقدس الأول عند هؤلاء، ومبدأ هذا العصر من سنة 1500 قبل الميلاد، وهذه البداية بدأت أولاً عند دخول الآريين إلى الهند، ثم الاندماج الآري الهندي، ثم بعد ذلك بدء كتابة القواعد والقوانين العقائدية التي كان الهدف الظاهر منها هو تأصيل الديانة وكتابتها، أما الهدف الباطن منها فهو إضفاء الحقوق وحصرها في الآريين، حتى لا تختلط مع حقوق الهنود السمر الذين هم الهنود الأصليون، فكانت البداية بهذه الصورة، وفي هذا العصر اخترعت آلهة جديدة غير الآلهة الموجودة عند الهنود والموجودة عند الآريين، فجاءونا بأسماء آلهة: الإله أغنى، والإله أندرو والإله رودرا، وآلهة كثيرة جداً بالعشرات، وكل إله يمثل منهجاً، ولذلك وجد الهنود في آخر آمرهم أن لكل حركة أو سكنة تعمل مهما قلت إله، ولذلك وصل عدد الآلهة إلى أكثر من أربعمائة مليون إله، كل إله يختلف عن الإله الثاني في الهند، هذا إله النصر، هذا إله الحب، هذا إله العداوة، هذا إله الحكمة، هذا إله الصبر، هذا إله الكتابة، وهذا إله القراءة، هذا إله كذا، فأي حركة أو سكنة في هذا الوجود يجعلون لها إلهاً، ففي العصر الويدي الأول بدأت هذه الفكرة، ولم تنته إلا قبل عصر دخول الإسلام، فبدأ هؤلاء الهنود يجعلون لكل حركة من حركاتهم إلهاً يمثل هذه الحركة، حتى الحركات البسيطة التافهة تجد أن لها إلهاً كذلك، مثلاً: إله الأكل، إله الشرب، إله النكاح، إله الغسل، إله تقليم الأظافر، وإله القيء، فمثلاً: إنسان أصيب بداء القيء فإنه لا يذهب إلى إله الحكمة ولا إلى إله النار، بل يذهب إلى إله القيء، ويطلب منه أن يشفيه من هذا القيء الذي أصابه، إذاً: جعلوا لكل حركة إلهاً وجعلوا لها أسماء، ولذلك يقولون: إنه لا يوجد الآن إمكانية لحصر هذه الأسماء، ومعلوم الآلهة كانت تنشأ أول الأمر بشكل كبير، يعني: الصنم يكون ضخماً جداً وله معنى، ولكن وجد الناس أن الإنسان إذا أصيب بقيء معين من الصعوبة أن يذهب إلى القرية الفلانية لزيارة هذا الصنم وطلب الشفاء من هذا المرض، فماذا فعلوا؟ قالوا: يمكن للأسرة أن تعمل صنماً بدائياً صغيراً يمثل هذا الإله، فصارت كل أسرة حسب حاجاتها تجعل هناك أصناماً، ولذلك تجد عند الهندوس أحياناً دالوباً كبيراً جداً فيه عشرون أو ثلاثون أو أربعون صنماً، وكل واحد مخصص لعملية معينة، فلو افترضنا أن الرجل أصيب بأمر معين ولا يوجد الإله المخصص له في هذا الدالوب، فإنه مباشرة إن كان غنياً أو عنده قليل من المال ذهب إلى السوق واشترى إلهاً صنماً إما من الخشب وإما من البلاستيك، وإما من الخرق أو غير ذلك، ويكتب عليه مباشرة أنه إله الشيء الفلاني ويضعه في الدالوب، وبذلك يكون قد حدد إلهه فطلب منه أن يشفيه من هذا المرض.

    إذاً: اشتراه ثم سماه؛ لأنه كان مجهولاً أولاً، فتجده يشتري وصلة واحدة من بلاستيك مثلاً ويصنع عشرات الآلاف من هذه الوصلة، فيأخذ الإله ويجعل له اسماً، إله كذا وكذا، ثم يضعه في الدالوب، فإذا احتاج إليه توجه له في طاعة أو في حروب أو في غير ذلك.

    الطور الثاني مرحلة التدوين لكتاب الويدا

    أما العصر الثاني: فهو مرحلة التدوين للكتاب المقدس الذي يسمى الويدا، ومرحلة التدوين هذه تمت على أيدي مجموعة من الآريين الذين اجتمعوا في اجتماع قوي وكبير جداً، فبدءوا يناقشون وضعهم وأنهم أقلية، وأنه من الممكن أن يندمجوا داخل هذا المجتمع فيضمحلوا ويزولوا، فاقترحوا أن تكتب الأفكار التي بدأت تنشر بين الناس في كتاب، ثم يعطى هذا الكتاب هالة من القدسية العجيبة، بحيث إن كل من سمعه أو قرأه أطاعه طاعة عقائدية، فاتفقوا على كتابة هذا النظام، الذي هو نظام الويدا أو آراء الويدا.

    ولم يضيفوا في الويدا فقط مجرد إدراج تقديرهم واحترامهم لا، بل أضافوا فيها قضايا الآلهة والعبودية والقرابين وعبادة النار والتناسخ والحلول ووحدة الوجود كما سنعرف، وأضافوا فيه حقوق كل طبقة من الطبقات، ثم أخرجوه للناس على دفعات قليلاً قليلاً، ثم اندثرت هذه الفئة وجاءت فئة أخرى بعدها فأضافوا عليه وهكذا إلى أن تدون واكتمل هذا الكتاب، وهذه المرحلة استمرت طويلاً، يقولون: استمرت أكثر من ستة إلى سبعة إلى ثمانية قرون، وتعد من المراحل الطويلة ضمن هذه الديانة.

    الطور الثالث مرحلة تلخيص الويدا

    بعد أن انتهت كتابة الويدا واكتملت تحددت الطبقات: طبقة البراهمة وطبقة الجند المحاربين وطبقة الزراع والتجار وطبقة المنبوذين.

    والمنبوذون هم أهل الهند القدماء، وأعطي لكل طبقة عمل، فالبراهمة هؤلاء هم الكهنة الذين يقومون على المعابد ويأخذون القرابين والنذور، واستطاعوا بذلك أن يسيطروا على بقية الطبقات.

    والطبقة التي تليها: طبقة الجند المحاربين، وهي من بين الطبقات التي تعد من الفرقة الآرية أو التجمع الآري، لكنها من قبائل ضعيفة أو موالية أو ممن أخذهم الآريون معهم عندما قدموا إلى الهند.

    أما طبقة الزراع وطبقة المنبوذين فهم أهل الهند القدماء، فإذا رأوا رجلاً جيداً ونشيطاً وغير ذلك من الهنود القدماء ، جعلوه في طبقة الزراع والتجار، وبقي البقية الباقية في طبقة المنبوذين.

    هذه الطبقات عندما ظهرت وتأصلت في مرحلة تدوين الكتاب، بدأ بعض المنبوذين وبعض الزراع والتجار يملون، فحصل نوع من الثورة على الكتاب المقدس، وقد قادها مجموعة رجال من الزراع والتجار والمنبوذين، وذلك عندما أخذوا الكتاب المقدس غصباً؛ لأنه محرم عليهم أن يقرءوه أو يسمعوه، حيث إنه إذا ثبت أن أحد طبقة الشودر -وهي الطبقة المنبوذة- سمع عمداً كلاماً للويدا فقطعت أذناه، ومن تكلم به قراءة قطع لسانه، بسبب ذلك أخذوه ولخصوه وحذفوا منه كل ما يمت إلى الطبقية بصلة، وأخرجوه للناس ونشروه فضعفت الهندوسية.

    إذاً: مرحلة تلخيص الويدا نستطيع أن نقول: إنها بداية مرحلة ضعف الهندوسية، فتأصل الضعف في المرحلة الثانية أو في العصر الثاني الذي هو عصر الضعف الهندوسي، وعصر الضعف الهندوسي هو عصر الإلحاد، وذلك بعد أن انتشرت هذه الكتابات التي لخصت كل ما يمت إلى الويدا بصلة، وحذفت منه كل ما فيه تمييز للطبقات، لا أقول الإلحاد الذي نعرفه نحن، إنما الإلحاد بالنسبة للهندوس، وهو أنه وجد أناس كفروا بالآلهة، ولم يعترفوا بالأصنام ولا بالأوثان، بل ولا يعترفون بوجود آلهة أو إله لهذا الكون، فهم كفروا بالطبقية ونبذوها، وأرادوا أن يثبتوا أنفسهم، فحطموا المعابد والأوثان، بل وقتلوا البراهمة الذين هم قمة المجتمع عندهم.

    إذاً: هذا العصر ترتب عليه ضعف في النواحي العقائدية والنواحي السياسية، فصارت البلاد ضعيفة، وفي هذه الفترات الضعيفة وجد أناس مصلحون، رأوا الهندوسية على وشك الانهيار، فخرج رجل منهم بالمنهج البوذي، وخرج آخر بالمنهج الجيني، فالجينية والبوذية خرجت أثناء ذلك، فبرز المذهب البوذي وانضم له عدد كبير من الهندوس، وانضم عدد كبير آخر إلى المذهب الجيني.

    أما العصر الذي يليه فهو العصر الويدي الثاني يأتي بعد عصر الضعف الهندوسي، وذلك بعد أن رأى كثير من البراهمة ما فعل هؤلاء الثوار في دياناتهم بدءوا يفكرون في إعادة الهندوسية إلى أصلها الأول، فتجمع عدد من البراهمة وأنزلوا أنفسهم إلى درجة عموم الشعب، وقالوا: لا نريد شيئاً اسمه طبقات، لكن الآلهة والأصنام والأرباب لا بد أن تستمر، فبدءوا قليلاً قليلاً يدخلون في هذا المجتمع إلى أن نتج عن ذلك أن الناس بدءوا يعودون إلى الهندوسية مرة أخرى، وأخرجوا شروحات للويدا فيها سهولة في التفسير، وابتعدوا عن مسألة القسوة فيما يرتبط بالتشريع ضد بعض الفرق والعنف وغير ذلك، فتقبل الناس هذه الهندوسية المعدلة أو المجددة، وهذا العصر بدأ قبل الميلاد بثلاثمائة سنة، أو بمائتين أو بمائة وخمسين سنة حسب الآراء، طبعاً ليس هناك تاريخ ثابت، لكنهم يقولون: إنه قبل الميلاد أو قريباً من الميلاد حدثت هذه الحركة، ويقولون في مقولة أخرى: إن هذا العصر الذي هو عصر النهضة الهندوسية بدأ بظهور المسيح، فعندما ظهر المسيح وبدأت النصرانية تنتشر في أصقاع الأرض، بدأ الهندوس يستفيدون من الديانة النصرانية ويضيفون على دياناتهم، فأعطوها نوعاً من التجديد ونوعا من التغيير فتقبلها الناس.

    إذاً: العصر الويدي الثاني أو عصر النهضة كثير من العلماء يقولون: إنه لم يبدأ إلا بعد الميلاد بفترة يسيرة عندما تأثرت الهندوسية بكثير من القضايا النصرانية وخاصة التثليث، فعند الهنود كما سنعرف فيما بعد كثير من القضايا العقائدية التي تشابه تماماً ما عند النصارى، وهذا يؤكد هذا الرأي.

    الطور الرابع عصر انتصار الهندوسية والقضاء على البوذية

    أما العصر الذي يليه فهو عصر انتصار الهندوسية والقضاء على البوذية، ونستطيع أن نقول: إنه عصر امتد إلى زماننا هذا، ولم تضعف الهندوسية فيه إلا قليلاً إبان الفتح الإسلامي، فظهرت الهندوسية وطردت البوذية من بلادها، وتجمع الهندوس في قيادات موحدة وحرب مركزة، وضغطوا على البوذيين ضغطاً قوياً فطردوهم من بلادهم، ثم بدءوا يركزون في مسألة نشر الهندوسية في أرجاء العالم، فبدأت ترسل الدعاة إلى ماليزيا وإلى إندونيسيا وإلى بنجلادش وإلى كشمير وإلى باكستان، بل وذهبوا إلى أوروبا وإلى أمريكا، فكان لهم دور في بروز الهندوسية مرة أخرى، وهذا كله قبيل ظهور الإسلام.

    ولذلك عندما تقرءون المعارك التي قادها المسلمون ضد هؤلاء الهندوس، تجدون أن الهندوس كانوا يحشدون قوات ليست باليسيرة، والسبب في ذلك قوتهم وتكاتفهم، لكن المسلمين ولله الحمد كانوا أقوى منهم فاستطاعوا أن يدمروهم.

    الطور الخامس عصر دخول الإسلام وتراجع الهندوسية قليلاً

    أما العصر الأخير من عصور البراهمة فهو عصر دخول الإسلام وتراجع الهندوسية قليلاً.

    ففي عصر دخول الإسلام أوكل الوليد بن عبد الملك الخليفة الأموي المعروف إلى الحجاج بن يوسف أن يرسل الجيوش للتقدم شرقاً، فعين الحجاج بن يوسف محمد بن القاسم الثقفي ذلكم الفتى الشجاع، وهو قريب له قائداً لجيش ضخم واتجه هذا الجيش وافتتح شمال الهند، واستطاع أن يفتح أجزاء كبيرة من باكستان وشمال الهند بعد معارك ضارية، ثم توقف الفتح الإسلامي عند هذا الحد، وبعد ذلك بحوالي مائتين سنة أو أكثر جاء أحد الزعماء المسلمين من الدولة الغزنوية وهو محمود بن سبكتكين الغزنوي وهو رجل معروف بجهاده وقوته في دين الله سبحانه وتعالى، وكان وقته قريباً من سنة 400 أو 390 للهجرة، هذا الرجل اتجه بحروبه إلى القضاء على الهندوسية، واتجه للقرى والمدن والهجر والمعابد يدمرها قرية قرية، ومدينة مدينة، وفعلاً كتب الله له الانتصارات المتتابعة إلى أن استطاع أن يدخل وسط الهند، وكان من ضمن ما فعله رحمه الله أنه دمر أكبر معبد من معابد هؤلاء بعدما دُمِّر معبد الملتان، فهناك معبدان مشهوران في الهند، المعبد الأول: معبد الملتان وقد قضى عليه محمد بن القاسم ، وهناك معبد اسمه معبد سومناه، وهو معبد ضخم جداً يقع في أواسط الهند استطاع أن يدمره محمود بن سبكتكين ، وكان على هذا المعبد 1000 كاهن يقومون بخدمة الصنم الموجود فيه، والزوار الذين يأتون إليه سنوياً يعدون بعشرات الملايين، وكان فيه من الكنوز والأموال والذهب الشيء الذي لا يمكن أن يحصى، وكان في مدينة حصينة جداً، فضغط محمود ضغطاً عجيباً، وكان قد قال له بعض الكهان: إنك لا تستطيع فتح هذه المدينة فهي محمية، فأصر على أن يفتحها، وحاصرها إلى أن دمرها وفتحها، واستطاع في هجمة واحدة أن يقضي على 50000 جندي هندوسي لقوته رحمه الله، إلى أن دخل هذا المعبد، ثم دخل عند الصنم، وكان مثيراً في شكله، كله ذهب ومعلق في الهواء، يعني: ليس على قاعدة ولم يعلق بحبال ولا غير ذلك، فاحتاروا فيه، بل يقول البعض: إن كثيراً من الجند الذين فيهم ضعف في إيمانهم أصابتهم الرهبة الشديدة من هذا الصنم؛ لأنه ضخم جداً ومعلق في الهواء، ما معنى ذلك؟ معنى ذلك: أن لديه قدرة أن يقف بهذه الصورة.

    فقال محمود : ابحثوا إن كان معلقاً بحبال غير مرئية واقطعوها، فأخذ أحدهم سيفه وطلع ورقى بطريقة معينة عليه وأراد أن يقطع الحبال فلم يجد حبالاً، فما عرفوا هذه الطريقة، لكن محمود رحمه الله قال: أنا أتوقع أن هناك خدعة، فحكماء الهند يستطيعون أن يخدعوا الناس، اذهبوا إلى قبة هذا الصنم، فقد كان الصنم في معبد عليه قبة ضخمة، قال: واقلعوا جزءاً من اللبن الموجود على سطح القبة واحفروها، فحفروا وحفروا إلى أن أخرجوا اللبنة الأولى والثانية والثالثة ثم بدأ يتحرك الصنم، ويميل يميناً قليلاً قليلاً، فاستمروا في قلع اللبن حتى سقط الصنم؛ لأنه كان هناك أحجار مغناطيسية موضوعة على قبة الصنم، وهذا الصنم كان مغطى بغطاء داخلي من حديد، وعليه غطاء خارجي من ذهب، فوضعوه بشكل متوازن، بحيث لا يرتفع ولا يسقط، فعندما أبعدت هذه اللبنات سقط هذا الصنم.

    بعد أن جاهد في الهند محمود سبكتكين نشر الإسلام، فدخل تحت الحكم الإسلامي عدد كبير من الحكام الهنود، بل وكثير من الهندوس دخلوا في الإسلام، واستمر هذا الأمر فترةً من الزمن حتى ضعفت الهندوسية إلى أقصى درجة، لكن كان هناك فئات حافظت على نفسها وكانت في مدن حصينة أو بعيدة ونائية، أو في غابات ومعها كتابها المقدس، تنتظر فرصة الظهور، وعندما كانت الهند تحت الاستعمار الإنجليزي، قام الهندوس والمسلمون باتحاد لضرب الإنجليز ، وفعلاً كاد الإنجليز أن يخرجوا من الهند نتيجة الضربات المتوالية، لكنهم قالوا: إن المسلمين الهندوس مختلفون في العقيدة، فلم لا نضرب بعضهم ببعض؟ وفعلاً ضربوا بعضهم ببعض، فقد أصلوا في الهندوس قضية أن الإسلام كذا وكذا.. وكذا، وبدءوا يشوهون صورته عند الهندوس، ويقربون الهندوس ويعطونهم الوظائف والعطايا المتواصلة والمتتابعة، وبذلك استطاع الإنجليز شراء الهندوس، فبدأ الهندوس يضربون المسلمين، وبدأ الإنجليز يدعمون الهندوس ويجعلونهم يتكاثرون، وكلما رزق أحدهم بولد أو غير ذلك أعطي مالاً حتى يكثر هؤلاء على حساب المسلمين، فكل من هجم أو ضرب مسلماً أو قتله فإن المسلم مهدور الدم ليس له قيمة، وأقيمت المجازر العجيبة اعتباراً من القرن الثامن عشر والتاسع عشر وأوائل القرن العشرين، فاستطاعوا أن يقلصوا عدد المسلمين بعد أن كانوا يشكلون الثلثين، فاستطاعوا أن يقلصوهم إلى أن وصل عددهم الآن (15%)، يعني: كانوا قبل ذلك يصلون إلى (70%)، أما الآن فإن العدد (15%) أو أقل، وهذا بسبب جهود هؤلاء الإنجليز في دعمهم للهندوس.

    والإنجليز عندما أبرزوا الهندوس وأظهروهم ظهروا منظمين ومرتبين ومعهم كتابهم الويدا، الذي يحتوي على نفس نظام الطبقات ونظام الآلهة والأصنام وغير ذلك، فأعادوا كل شيء إلى مكانه، مع تطورات هم رأوها مناسبةً عندما كانوا في وقت انحسار إبان الفتح الإسلامي.

    فخرجت الهندوسية الآن قويةً متمكنة لديها إمكانات ليست باليسيرة، وعدد هائل من الجند والقوات والعتاد والمنعة وغير ذلك، وجهود ليست باليسيرة في سبيل نشر دعوتها في جميع أرجاء الأرض.

    1.   

    سبب بقاء الديانة الهندوسية وعدم اندثارها

    ما هو السبب الذي جعل الهندوس يبقون على دينهم؟ لماذا لم يندثر دين الهندوسية على مر العصور مع كثرة الضربات المتتابعة عليه؟ السبب في ذلك يعود إلى أن الهندوس لديهم ديانة متكاملة بصرف النظر عن أنها سيئة أو غير سيئة، فهي ديانة متكاملة، وعندهم عقائد مرتبطة بالألوهية والربوبية والنبوات والإلهيات والغيبيات والتنظيم الفقهي وتنظيم المجتمع والأحوال الشخصية، كل هذه القضايا موجودة عند الهندوس، وبالتالي بقيت عقيدتهم، فالعقائد التي تزول هي العقائد التي لا توفي بحاجة المجتمع، فإنه إذا جاءت عقيدة ناقصة تجاه مسألة تهم المجتمع فإن هذه العقيدة سرعان ما تتلاشى، فبقيت هذه الديانة لهذه الأسباب.

    كما أن من أسباب انتشارها أنهم كانوا يستغلون التجارة بالدعوة إلى المذهب الهندوسي، بل وجد في العصر الويدي الثاني مجموعة من الزعماء الذين حثوا التجار على الانتشار في بقاع الأرض، وخاصة في شرق آسيا لنشر الهندوسية، ولذلك انتشرت في إندونيسيا انتشاراً ليس باليسير، وفي ماليزيا كذلك.

    ومن ضمن الأسباب التي جعلت الهندوسية تنتشر: الكثرة الكاثرة من الهندوس في الهند، فالهند بلد ليس بالكبير جداً، فبدءوا يتضايقون من هذا الازدحام، وبالتالي حاولوا أن يبتعدوا عن هذا الازدحام إلى مناطق أخرى، فصارت هجرات متتابعة إلى إندونيسيا وماليزيا وشمال الهند في كشمير وبورما وبنجلادش وهجرات إلى أوروبا وأمريكا الجنوبية، فنقلوا مع هذه الهجرات الديانة الهندوسية، وهي موجودة إلى الآن في تلكم الدول، ولها دعاة وتنظيم ليس باليسير.

    هناك إحصائية في الحقيقة ذكرتها الشرق الأوسط، وهي إحصائية لا يستند عليها ولا يعتمد عليها باعتبار أن هذه الجريدة من الجرائد المشبوهة على الرغم من انتشارها، فقد ذكرت هذه الجريدة نسب الديانات في الهند كما يلي:

    (75%) هندوس، و(13%) مسلمون، و(2.5%) أو (2%) سيخ، و(4%) مسيحيون، والبوذيون يشكلون (1%)، اليانيون أو الديانة اليانية تشكل أقل من (0.5%).

    1.   

    أصل الديانة الهندوسية

    هل للهندوسية أصل سماوي؟

    يعني: هل الدين الهندوسي يرجع إلى ديانة سماوية، يعني: مثلاً الإسلام دين سماوي، واليهودية دين سماوي، والمسيحية دين سماوي، والمجوسية على أرجح الأقوال أنها دين سماوي، فهل الهندسية دين سماوي؟

    هناك أربعة آراء حول هذه المسألة:

    الرأي الأول أصل الهندوسية دين إبراهيم

    الرأي الأول: يقولون: أنها دين سماوي، لكنه حرف وغير وبدل فنسخ تماماً، فهي لها أصل من دين سماوي، قالوا: إن الديانة الهندوسية تسمى الديانة البرهمية، نسبة إلى براهمة، وبراهمة هذا هو إبراهيم عليه السلام، والآريون الذين جاءوا من النمسا والمجر، عندما جاءوا إلى الهند مروا في طريقهم بالعراق وإيران، وهذه مناطق تواجد ديانة إبراهيم، ووصلوا إلى الهند ومعهم ديانة إبراهيم أو جزء منها، وجزء من صحف إبراهيم، فنشروها وأضافوا إليها، وجعلوا بداية الويدا هي صحف إبراهيم، وأضافوا على هذه الصحف عدداً كبيراً من الأشياء فنتج لنا كتاب الويدا.

    إذاً: نظرة هؤلاء: أن الديانة ديانة سماوية، بل وإنها ترجع إلى الحنيفية، ولكن دخلها الخلل فيما بعد.

    طبعاً الذين قالوا بهذا القول هم أناس ممن يسمون بدعاة التقارب بين الأديان، فهناك الآن في الهند تجمع قوي جداً اسمه التقريب بين الهندوسية والإسلام، كما هو موجود في التقريب بين الشيعة والسنة، والتقريب بين النصرانية واليهودية والإسلام، ففي الهند التقريب بين الهندوسية والإسلام، ومن بعض تقريبهم قالوا: إن الإسلام هو ديانة إبراهيم، والهندوسية ديانة إبراهيم، إذاً: المرجع واحد والأصل واحد وبقي الفروع، والفروع هنا من الممكن أن نتفق عليها، أو أن نوجد حلاً وسطاً تجاهه.

    ويستدلون ببعض القصص الموجودة في الويدا، والتي هي موجودة في التوراة والإنجيل والقرآن، خاصة ما يرتبط بنزول آدم إلى الأرض، وما يرتبط بطوفان نوح، وما يرتبط بإهلاك بعض الأمم، يقولون: بما أنها موجودة في الويدا، إذاً: كتاب الويدا من أصل سماوي ابتداءً، بصرف النظر عما أضيف عليه وعدل فيه.

    الرأي الثاني الهندوسية ديانة وثنية صرفة

    الرأي الثاني: إنها ديانة وثنية أرضية صرفة، ولا تمت إلى الديانات السماوية بصلة، وهؤلاء هم أكثر علماء الملل، ويقولون: إن الواقع يبين ذلك، فإن الآريين جاءوا ومعهم أصنام، والهنود القدماء كانوا يعبدون الأصنام، فضمت هذه الأصنام إلى بعضها البعض، فأصبحت هي الآلهة التي تعبد، ولم نجد تغيراً في الديانة الهندية على مر عصورها من الوثنية إلى جزء من التوحيد، مما ينبئ على أن الديانة الهندوسية ديانة وثنية صرفة من بدايتها إلى وقتها الحاضر، ولم يطفُ عليها التوحيد بأي صفة من الصفات وبأي صورة من الصور، وهذا الرأي قوي، وربما يعتبر من أقوى الآراء.

    الرأي الثالث الهندوسية كانت وثنية ثم انتقلت إلى التوحيد

    الرأي الثالث: إنها كانت وثنية ثم انتقلت إلى التوحيد، ثم انتقلت إلى الوثنية مرة أخرى، وهؤلاء ليس لهم دليل على دخول التوحيد؛ لأنهم لا يستطيعون أن يأتوا لنا بفترة التوحيد التي يقصدونها؛ فإننا إذا أخذنا الويدا وجدنا فيه مجموعة كبيرة من الأصنام، وهو الكتاب الأول، وإذا أخذنا واقعهم الحالي وجدناهم يعبدون الأصنام.

    إذاً: بداياتها أصنام ونهاياتها أصنام، فهل الوسط يكون توحيداً؟! ليس لهم دليل.

    إذاً: هذا قول ليس مؤكداً، وبالتالي يقف أمامه الإنسان ولا يعقله ولا يعترف به.

    الرأي الرابع التوقف

    الرأي الرابع: وهو السكوت عن هذه المسألة، ويقولون: ليس لدينا الدليل القوي على أن لها أصلاً سماوياً، وبالتالي السكوت هو الأولى، لكن نحن نحكم بالظاهر، أما قضية الأصول فالديانة لم تدون أصولها، وبالتالي لا نستطيع أن نحكم عليها، وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن ذلك، فقال: الله أعلم حول أصل هذه الديانة، لكن الظاهر لنا: أنهم وثنيون ويعاملون بحسب ظاهرهم، أما القديم فالله أعلم به، وبالتالي أن نسكت عن هذا الأمر هو الأصل، ولا نقول: إن لها أصل سماوي أو ليس لها أصل سماوي.

    1.   

    طبقات المجتمع الهندوسي

    لابد أن نعرف جميعاً أن الهندوس في الجملة يسيرون على نفس تيار المذاهب الأخرى والمناهج الأخرى في إيجاد طبقية داخل مجتمعهم، يعني: لا تكاد تجد ديانة إلا وفيها طبقية، فالمجتمع يقسم إلى طبقات، فاليهودية هي طبقات في عموم القبائل البدائية، كذلك عند الهندوس وعند النصارى وعند السيخ طبقية موجودة معروفة.

    أما الإسلام فليس به طبقية إلا عند الجهلة من المسلمين؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13]، والمصطفى صلى الله عليه وسلم أوضح لنا ذلك، قال: (لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأسود على أبيض ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى)، فالمسألة هنا مبتوت فيها وهي: أن التقوى مقياس العمل ومقياس الطبقية، فكلما كان الإنسان أكثر تقى كان أرفع من غيره، أما الطبقية بالنسبة للون أو الجلد أو الجاه أو المال أو الحسب أو النسب أو غير ذلك فهي ليست موجودةً في الإسلام، لكن عندما دخل التحريف لبعض قضايا الإسلام وخاصة فيما يرتبط بالأنساب وغيرها، وجدت هذه الطبقية، فهذا منزلته عالية وهذا أقل، هذه ليست من الإسلام في شيء، إنما ظهرت عندما انتشر الجهل، فإذا قل الجهل زالت هذه القضايا.

    ينقسم الهنود إلى أربع طبقات:

    الطبقة الأولى: طبقة البراهمة.

    والطبقة الثانية: طبقة الكشتري.

    والطبقة الثالثة: طبقة الويشا.

    والطبقة الرابعة: طبقة الشودرا.

    إذاً: هذه الطبقات سنستعرضها بإيجاز لنعرف فحوى كل طبقة.

    الطبقة الأولى طبقة البراهمة

    الطبقة الأولى: البراهمة وهم الآريون الأول، أو يسمون أنفسهم بالمختارين أو النبلاء، فأول ما جاءت الآرية إلى الهند، وجدوا أنهم سيندمجون وينطوون تحت مجتمع في عمومه ويذوبون، فجعلوا لأنفسهم تميزاً فأعطوا لأنفسهم اسماً مستقلاً هو اسم البراهمة أو الطبقة النبيلة أو الطبقة المختارة أو الطبقة الآرية أو غير ذلك، ووقد ورد في قوانينهم المانو سميرتي حقوق هذه الطبقة، ومنها: من حقوق هذه الطبقة على الملك ألا يبغض البراهمة، حتى ولا في أوقات المصائب؛ لأنه إن فعل ذلك أباده البرهم، إما بجيشه أو مراتبه.

    إذاً: البرهمي له قدرة عجيبة حتى على إبادة الجيش؛ لأنه هو المختص أو المرتبط بالله.

    ويقولون: إن الطبقات الأربع خلقها براهمة وهو الإله الأقوى عندهم، فالبراهمة خلق الطبقة الأولى من رأسه ووجهه، وخلق الطبقة الثانية من كتفيه وعضديه ويديه، وخلق الطبقة الثالثة من فخذيه، لاحظوا الفرق في المسافة بين الفخذين واليدين، وخلق الطبقة الرابعة من قدميه، فيقولون: إن هؤلاء خلقهم براهمة من رأسه ومن وجهه، وهو أعظم ما في الإله، وبالتالي فهم في القمة، يقولون كذلك: وكيف ينجو من الهلاك من يغضب ذاك الرجل الذي جعل النار تهلك كل شيء، وجعل ماء البحار أجاجاً غير مشروب، وأنقص القمر وزاده.

    إذاً: البراهمة لهم القدرة كذلك على التصرف في أمور الكون! لاحظوا الهالة التي يريدون أن يضفونها على أنفسهم، وهي موجودة إلى الآن، يعني: لا تتوقعوا أن القضية قديمة، بل إنه إلى الآن الطبقية موجودة في الهند، ولذلك أحياناً تدخل بعض المدن فتجد رجلاً يملك آلاف الفدانات من الأراضي والقصور وغير ذلك، وتجد أناساً بجانبه في الشوارع يغتسلون من مياه المجاري ويأكلون من فضلات الطعام، وهذا بسبب الطبقية؛ لأنه فرض على هؤلاء -يعني: على الطبقة الأخيرة- كما سنعرف بعد قليل أنه لا يأكلون إلا من الفضلات، حتى إن بعضهم لا يأكل إلا من الفضلات تديناً.

    وقد قال أحد الإخوة: في يوم من الأيام سافرت إلى الهند لعمل، فسكنت في فندق من الفنادق يقول: وقرب الفجر قمت من النوم، فسمعت ضجة وكلاماً فنظرت من النافذة وإذا بصف من الناس لا ترى له طرفاً، فسألت الاستعلامات: من هؤلاء؟ فلم يخبرني، فبحثت حتى أخبرت بالسبب، قال: هؤلاء يجلسون الصفوف على فضلات الفندق، أي: كلما عبأ الفندق كيساً أو زبالة فيها شيء أخذها مجموعة يتقاسمونها إما ستة وإما خمسة، بحسب الاتفاق بينهم، وهذا الكيس إما أن يكون فيها أكل أو ليس فيها أكل، المهم أنهم يتقاسمون ما فيها أياً كان هذا الشيء، يقول: وكان هناك بجانب الفندق عدد كبير من القصور الضخمة ، يقول: سألت أصحاب الفندق: لمن هذه القصور؟ قال: هذا قصر الكاهن، وهذا قصر المشرف على المعبد، وإذا كلهم داخلون تحت تصنيف البراهمة.

    يقول: وكيف يفلح من يؤذي ذلك الرجل الذي يستطيع أن يخلق عالماً آخر وآلهة يحفظونه؟ فانظروا يخلق هذا الرجل عالماً آخر ثم يخلق إلهاً يحفظه، يعني: يخلق إلهاً ليحفظه هو، وهذه من الأمور التي تضحك، باعتبار أنه هو الذي يخلق إلهاً، وهو الذي يستطيع أن يغير الأماكن العالية، ويستطيع أن يجعل إله القمر إله الشمس، ويغير إله الشمس إلى إله النجوم بحسب مزاجه ورأيه.

    فمن جاء بإيذاء للبرهمي فإنه سيتعرض لجملة مسائل من ضمنها قصر العمر، وقضايا كثيرة جداً.

    نحن قلنا: إن هؤلاء الآريين ميزوا أنفسهم أولاً بالصفة المعنوية أي: نحن ونحن.. ونحن، ثم الصفة المادية، إذ أرادوا أن يضفوا على أنفسهم صفات مادية معينة، فأي مال يكتسبه أحد أفراد الطبقة المنبوذة فإن للبرهمي الحق في الاستيلاء عليه حلالاً؛ لأن هذا رقيق ولا يمكنه أن يملك شيئاً، وإذا تعرض البرهمي إلى سب من الطبقة الرابعة فإنه يقطع لسانه، وإذا تعرض البرهمي لمناداة باسمه الصريح فإنه يقطع لسان من تعرض له، وإذا تعرض البرهمي إلى إيذاء في الطريق قطعت رجل الذي آذاه، بل يقولون: حتى لو وضع الشودري زنبيلاً أو ورقة في طريقه قطعت رجله، أي: الشودري هذا.

    إذاً: مجمل هذا الكلام يبين أن البراهمة الذين هم الآريون الأصليون الاستعماريون أرادوا أن يضفوا على أنفسهم هذه الهالة.

    إذاً: معنى هذا: أن المستعمر في الجملة يريد أن يفرض نفسه، وهذه قضية ليست عند الآريين فقط، بل هي عند اليهود الذين استعمروا فلسطين، بل عند المستعمر القديم الإنجليزي أو الفرنسي الذي استعمر البلاد العربية، يريد أن يفرض نفسه بهذا الأمر.

    فالطبقة الأولى هي طبقة البراهمة، وهي الطبقة التي يدعي أصحابها أنهم خلقوا من رأس الإله الذي هو براهما، ويقولون كذلك: إنه خصص لهم عمل وهو إدارة المعابد وتقديم القرابين وتلاوة الويدا وقراءته في المعبد، واستقبال الناس في المعبد وأخذ القرابين منهم، طبعاً الاستفادة منها فيما يخصهم هم، وكل من تعرض لهم بسوء فإنه يعاقب بعقوبات أضعاف أضعاف ما تعرض من السوء أياً كان الذي تعرض له، والبرهمي الصغير الذي يبلغ من العشر سنوات يعادل عشرات من الكشتر الذين يلونهم، حتى ولو كانوا كباراً، وحذاء البرهمي يعادل المئات من الطبقة الأخيرة الشودر..

    وهناك نقطة استغلها بعض الهنود هناك، وهي أن المنبوذين يشكلون حوالي 70 إلى 80 مليون نسمة في الهند الآن، فالمسلمون الذين هم هناك استغلوا هؤلاء المنبوذين، فقالوا: انظروا هؤلاء هم أعيانكم لا يسمح لكم بقراءة الكتب المقدسة، ولا يسمح لكم بتكليمهم أو التحدث معهم أو مناقشتهم أو.. أو.. بل يهينونكم ويذلونكم وغير ذلك، وهذا جعلهم فعلاً ينفرون، فعندما عرض عليهم الإسلام استجابوا، ولذلك كثيراً ما تدخل قرى بأكملها في الإسلام نتيجة لذلك.

    الطبقة الثانية الكشتري

    الطبقة الثانية: هي طبقة الجند المحاربين وهي طبقة الكشتريين، هذه الطبقة مهمتها أنها تحمي البلاد من الأعداء، وهذا في الظاهر، لكن الأصل أنها تحمي البراهمة من أن يعتدى عليهم، ولذلك تجدهم دائماً حراساً للبراهمة، وتجد كل برهمي معه أربعة أو خمسة أو ستة يسيرون معه لحمايته.

    يقولون: إن الكشتري خلقه براهما من ذراعيه ومن كتفيه.

    هؤلاء الكشتر بدءوا يحاولون أن يفرضوا أنفسهم، يعني: بقوة السلاح فهم قريبون من منطقة الخلق من اليدين كما يقولون وهؤلاء من الرأس، ففي هذه الحالة يمكن أن نثور على البراهمة، وفعلاً حصلت عدة قضايا فيها ثورة على البراهمة من قبل الكشتر، ولكن البراهمة كانوا ينفقون على الكشتر أموالاً ضخمة جداً يترتب عليها أنهم يرضون عما هم فيه من تدني الدرجة.

    الطبقة الثالثة الويشييون

    الطبقة الثالثة: الويشييون: وهم طبقة الزراع والصناع والتجار، وهؤلاء الذي خلقوا -كما يقولون- من فخذ براهمة، ومهمتهم تقديم الخدمات المحترمة للطبقة الأولى والثانية، للكشتر وللبراهمة، كالزراعة والتجارة والصناعة والأعمال اليدوية الشريفة وغير ذلك، لكن ليس لهم الحق في قراءة الويدا أو سماعه أو دخول المعابد إلا في أيام مخصصة ولمعابد معينةً فقط.

    الطبقة الرابعة الشودريون

    الطبقة الرابعة طبقة الشودريين المنبوذين وهم الخدم والعبيد، فهؤلاء خصص لهم الأعمال الدنيئة كأمثال الكنس والتغسيل وتنظيف المجاري وتنظيف كذا، خصص لهم عمل دنيء في عرف هؤلاء الهندوس، وهذا الشودري إذا مر البرهم من الطريق لابد أن يجلس، أو إذا مر البرهم من الطريق إن لم يجلس لا بد أن يلتفت إلى الوراء، يعني: لا يريه وجهه حتى لا يتضايق البرهمي من وجه الشودري، وكذلك ليس من حق الشودري أن يأخذ مالاً أو يستخدم متاعاً وللبرهمي أن يأمره أن ينفذ كل شيء، وللبرهمي أن يقدمه قرباناً لبعض الأصنام التي لا ترضى إلا بدماء البشر، وقضية الإهانات التي يقوم بها الشودري ضد البرهمي كبيرة جداً، منها: إذا تكلم عليه قطع لسانه، وإذا مد يده قطعت يده، وإذا أهانه فعل به كذا وكذا، حتى لو قرأ الشودري الويدا صب في فمه الرصاص وفي أذنيه إلى أن يموت، وهذا أمر عجيب إذ إن الشودريين هم سكان الهند الأصليين، وأما البقية فيقال: إنهم من الآريين، أو ممن جلبهم الآريون معهم أثناء هجراتهم المتتابعة إلى الهند.

    إذا قال قائل: ما الذي جعل النظام الطبقي في الهندوس عنيفاً جداً وقاسياً للغاية؟

    فالجواب: أن هؤلاء البراهمة لكي يعطوا هذه الطبقية قوة قالوا: أيها الشودري إذا كنت ممتازاً في خدماتك ورائعاً في التزاماتك لمن هم أعلى منك، فإنك إذا مت فإن روحك ستنتقل إلى طبقة أعلى من طبقتك، وهذا مبدأ الحلول والتناسخ كما سنعرفه في الدرس القادم.

    قالوا: ستنتقل إلى درجة أعلى؛ ولذلك تجده يستميت في خدمة الطبقات الثلاث، حتى إذا مات انتقلت روحه إلى طبقة أعلى إلى درجة الكشتر، لكنه لا يصل إلى البرهمي حتى ولو تكرر الموت عدة مرات.

    وانتشرت عندهم قضية توارث العمل، أي: إذا كان هذا الرجل رجل زراعة، فإن أبناءه لا يمكن أن يستعملوا إلا في الزراعة، وإن كان الرجل كناساً للشوارع فإنه لا يمكن أن يأتي أبناؤه بوظيفة إضافية إلا كنس الشوارع، وبهذا المنهج استطاعوا أن يحددوا مسار الأعمال، فهناك قبائل معروفة مهمتها كنس الشوارع، وقبيلة كاملة تجدهم في الجيش، وقبيلة كاملة مهمتها الزراعة والتجارة، وهذا يعني حصر العمل وجعلوه ينتقل بشكل وراثي حتى لا تتداخل المهام فيفقدون السيطرة بعد ذلك.

    1.   

    الأسئلة

    القول الخامس في كون الديانة الهندوسية سماوية أم لا

    السؤال: ما هو القول الخامس في كون الديانة الهندوسية سماوية أم ليست سماوية؟

    الجواب: القول الخامس ذكره أبو ريحان البيروني في كتابه تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة، ويقول: إن الناس ينقسمون إلى قسمين: فالعامة يعيشون على الجانب الوثني، والخاصة يعيشون على جانب التوحيد، وهذا القول مردود ليس بصحيح، باعتبار أن الواقع يرده والكتابان اللذان للهندوس يردانه كذلك.

    فرقة السيخ وأصلها

    السؤال: هل السيخ فرقة من الهندوسية أم لا؟

    الجواب: السيخ من الفرق التي ليس لها دراسات للأسف الشديد؛ فهي عبارة عن فرقة ظهرت لتجمع بين الهندوسية والإسلام، فأخذت من الإسلام شيئاً ومن الهندوسية شيئاً ومن البوذية شيئاً، وأخرجوه لنا على أنه ديانة مستقلة، ولذلك عند الهندوس آراء تجدها عند المسلمين، مثل تحريم حلق اللحى مثلاً، فإن تحريم حلق اللحى عند الهندوس أمر ثابت ويتخذونه ديناً لهم، بل ويتفوقون علينا في ذلك، فتجد الهندوسي ملتح باستمرار، ولذلك إذا رأيت هندياً ملتحياً فاعرف أنه هندوسي أو يغلب عليه الظن أنه هندوسي باعتبار أن ديانتهم تفرض عليهم هذا الأمر.

    التعريف بتيار التاميل في سيرلانكا

    السؤال: هل تيار التاميل في سيرلانكا من الفرقة الهندوسية أم لا؟

    الجواب: التاميل: قبيلة من القبائل كانت موجودة قديماً في جنوب الهند، وعندها تواجد قوي في سيرلانكا، هذه القبيلة تختلف أديانهم، فهم بوذيون وهندوس وجينيون، لكنهم إنما يسعون الآن للحرب التي تعرفون، ويهدفون إلى إنشاء دولة مستقلة فقط، أما ديانتهم ففي الغالب أنهم يدينون بالديانة الهندوسية، وسنعرف فيما بعد إن شاء الله أن الهندوسية تنقسم إلى آلاف الفرق، بل أوصلها البعض إلى مئات الآلاف من الفرق، إذ ليس هناك اتفاق بين الهندوس على مبدأ واحد أو هدف واحد، بل قد ترى هندوسيين اثنين، هذا من منطقة وهذا من منطقة، وتجد أن دين هذا يخالف دين هذا، واعتقاد هذا يخالف اعتقاد هذا؛ لأنها ديانات وضعية بشرية تعتمد على التوجه البشري.

    المصائب التي جرها الهندوس على المسلمين

    السؤال: هل المصائب التي في كشمير من الهندوس أم من السيخ؟ وهل هناك تعاون بين السيخ والهندوس؟

    الجواب: أما المصائب فهي من الهندوس وليست من السيخ، الهندوس هم الذين يركزون على كشمير لجعلها دولة هندية مع دولتها الأم الأصلية، أما السيخ فلهم دور في حرب الإسلام والمسلمين لكنه لا يمثلون شيئاً بالنسبة لدور الهندوس، وهناك تعاون بين السيخ والهندوس في جانب حرب المسلمين، لكن بينهم خلاف قوي كذلك؛ باعتبار أن السيخ يطالبون بدولة مستقلة استقلالاً ذاتياً في البنجاب، والمعارك تقوم بين فينة وأخرى، والتفجيرات مستمرة والقتل مستمر بالنسبة لهؤلاء؛ نظراً لحرص السيخ على فرض ديانتهم على الهند، وجعلها مستقلة استقلالاً ذاتياً في مقاطعة لهم.

    أسباب التعرف على الديانة الهندوسية

    السؤال: كيف يمكن الاستفادة من هذه المعلومات في دعوة الهنود، أي: لماذا نتعلم هذه الديانة؟

    الجواب: أنت تتعلم هذه الديانة لتعرفها أولاً، ثانياً: لأنك تعايش الهندوس في كل مكان، فالهندوس عندنا في كل مكان: في المحطات.. في البوفية.. في البقالات.. في المحلات في كل الشبكات يوجد فيها هندوس، ولكنك لا تعرف بماذا يدين، وقد وجدت في محطة بوذياً فقلت له: أين ربك؟ فأخذ سلسلة من صدره وأخرجها وإذا بها صنم بوذا وقال: هذا هو ربي! قلت: هذا الذي خلقك؟ قال: نعم، هذا إلهك؟ قال: نعم، قلت: ما رأيك لو أخذته وكسرته الآن فغضب، فأنت حينما تعرف الشيء تستطيع أن تناقش من خلال هذه المعرفة.

    الموسوعة الميسرة عليها بعض الملاحظات

    السؤال: ما تقييمكم للموسوعة الميسرة والمآخذ عليها؟

    الجواب: هذه مسائل انتشرت قبل فترة أن الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة عليها بعض الملاحظات، وقد كتب الشيخ عبد العزيز بن عبد اللطيف نبذةً في هذه الملاحظات، هي كثيرة في الحقيقة لكنه اختصر بعضاً منها، وكتبت في مجلة البيان في عدد من أعدادها، ويمكن أن ترجع إليها ولعلك تستفيد منها.

    إطلاق لفظة الآلهة على معبودات الهندوس

    السؤال: استخدمت كلمة آلهة، ألم يكن الأفضل استخدام كلمة أرباب؟

    الجواب: طبعاً لا مشاحاة، هم يسمونها آلهة، فالأحسن أنك تتنزل معهم في تسميتها على حسب التسمية التي يرون.

    اختلاف العلماء في معنى افتراق أمة محمد إلى ثلاث وسبعين

    السؤال: يقول: (افترقت اليهود إلى واحد وسبعين فرقة، وافترقت النصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة)، فهل افتراق أمة محمد صلى الله عليه وسلم لمن ينتسب إلى الإسلام فقط، أو إنها جميع الملل والنحل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ممن جاءوا بعده، وعلى سبيل المثال: هل جميع فرق الشيعة يعتبرون فرقةً واحدة، أو كل فرقة تعتبر فرقة في حد ذاتها؟

    الجواب: إن قضية افتراق الأمة الإسلامية إلى فرق ودول ومذاهب، أولاً: لا تستطيع أن تجزم أن هذه الفرقة من الواحد والسبعين.

    ثانياً: أن الخلاف الآن في هل الافتراق في أمة الدعوة أو أمة الاستجابة؟ فأمة الدعوة عموم الناس بعد محمد صلى الله عليه وسلم إلى أن تقوم الساعة هذه كلها أمة دعوة، وأمة الاستجابة هم الذين استجابوا للرسول صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء الذين استجابوا للرسول صلى الله عليه وسلم انقسموا إلى أقسام، فإننا نقول: الأشاعرة استجابوا للنبي صلى الله عليه وسلم، والمعتزلة استجابوا، والرافضة استجابوا، لكن هل هؤلاء يعدون من الفرق التي كلها في النار إلا واحدة أم لا؟ طبعاً هنا خلاف في هذه المسألة، لكن العلماء يرجعون رءوس الفرق إلى أربعة يقولون: الرافضة والمرجئة والخوارج والمعتزلة، وقيل لأحدهم: والجهمية؟

    قال: هذه ليست من فرق الإسلام.

    إذاً: يفهم من هذا أن المقصود بالافتراق هنا: هو افتراق أمة الاستجابة، واختلفت درجة الاستجابة بالنسبة لهم، نقول: إن هذه الاستجابة ضعيفة أو قوية أو منحرفة أو فيها تحريف أو فيها تغيير، فتخرج بهذا إلى أن الذين يدخلون في تخصيص الفرق التي من الثلاثة والسبعين، هم الذين استجابوا للرسول صلى الله عليه وسلم، ورأس هؤلاء أربعة: الرافضة والخوارج والمعتزلة والمرجئة، وكل فرقة من هذه الفرق تنقسم إلى فرق كثيرة جداً، ففرقة الرافضة ينقسمون إلى أكثر من ثلاثمائة وخمس عشرة فرقة، كما قسمهم المقريزي ، وبعضهم قسمهم أقل وبعضهم أكثر، لكن أين هذه الثلاثمائة؟ هذا الله أعلم به؛ لأننا لم نعرف تفصيل الحديث.

    دور الاستعمار الإنجليزي في انتشار المسيحية في منطقتي الهند وباكستان

    السؤال: ذكرت أن الإنجليز كان لهم دور عظيم وقوي في القضاء على المسلمين والتقليل منهم ونشر الهندوسية، فهل قام المستعمر الإنجليزي بعمل تبشير للمسيحية في منطقتي الهند وباكستان؟

    الجواب: نعم، قام المستعمر بالدعوة إلى المسيحية بشكل قوي جداً، وقد ذكرت أن تواجد المسيحيين يشكل (4%) من سكان الهند، فإذا قلنا: إن عدد الهندوس الآن 700 مليون، فإن في كل 100 مليون 4 ملايين مسيحي، ولو ضربنا أربعة في سبعة لصار عدد المسيحيين هناك 28 مليوناً مسيحياً وهو عدد ضخم جداً.

    إن المستعمر الإنجليزي عندما جاء إلى الهند لم يقدموا إلا 200 ألف جندي فقط، ومع ذلك أسفر هذا العدد اليسير من الجند عن إيجاد عدد هائل من المسيحيين يتجاوز الخمسة والعشرين مليوناً، وهذه دلالة على أنهم قاموا بالتبشير خير قيام، لكن في نفس الوقت هناك أناس رفضوا النصرانية، فهل يتركون؟ لا، فإنهم يعملون حلفاً معهم ضد المسلمين، وفعلاً نجحوا في ذلك وجعلوا الهندوس يضربون المسلمين بدعم من المستعمرين، ونتج عن ذلك طرد المسلمين الطردة المعروفة التي نتج عنها الانتشار بين باكستان والهند، وكانت باكستان والهند دولة واحدة، فانتصرت باكستان بعد هذه العملية.

    الكفر ملة واحدة

    السؤال: ذكرت أن الاستعمار البريطاني عندما قدم إلى الهند قاموا بتمكين الهندوس وحمايتهم وتمكين النصر لهم على المسلمين بالرغم من أنهم يختلفون من الناحية العقدية، فهؤلاء نصارى وهؤلاء هندوس، ألا يدل على أن الكفر ملة واحدة، وكل هذه الديانات تتحد في حرب الإسلام؟

    الجواب: نعم، هذا أمر مفروغ منه، أن ملة الكفر واحدة، وليس هناك تعليق على هذا، باعتبار أن هذا يعلق على نفسه، فملة الكفر واحدة وهدفهم واحد ومنهجهم واحد، ولا خلاف في أن العدو الأول والأخير لهم هو الإسلام.

    العلاقة بين من يحمل اسم شودري والطبقة الشودرية

    السؤال: هل هناك علاقة بين من يحمل اسم شودري والطبقة الشودرية؟

    الجواب: لا أعرف، لكن نسأل شودري باكستاني: ما معنى كلمة شودري عند الباكستانيين، فقد يكون لها معنىً معين لا نعلمه، وأما الطبقة الشودرية فهي الطبقة المنبوذة من الهنود.

    العلامات التي تعرف بها الطبقات الهندوسية

    السؤال: هل هناك علامات مميزة ومعروفة للطبقات الهندوسية؟

    الجواب: ليس هناك علامات، إلا أنهم يذكرون أن هناك علامة شبه مميزة بالنسبة للطبقة الأولى والطبقة الأخيرة وهو في اللون، فلون هؤلاء يميل إلى البياض ولون هؤلاء يميل إلى السواد، وهذا ليس طبعاً على إطلاقه، فإنهم يقولون: في الآونة الأخيرة حصل بعض الاندماج اليسير ليس كثيراً، وبالتالي بدأ اختلاف الألوان داخل هذا الاندماج، أما معرفة علامات مميزة فإن البرهمي في الهند يلبس لباساً محدداً، بحيث إذا سار في الطريق يعرف أنه برهمي، كما أنه وجد عندنا قديماً هنا قبل سبعين أو ثمانين سنة أن الذين ينتسبون إلى الأشراف في الحجاز وغيرها يلبسون عمامة خضراء، بحيث إذا سار في الطريق يعرف أنه من الأشراف فيقدر ويحترم، أما الآن فتلاشت هذه القضية.

    الفرق بين الدين والنحلة والملة

    السؤال: ذكرت لفظ الديانة الهندوسية، وقد ذكرت في أول درس أن الديانة تطلق على الدين الصحيح، والنحلة: الدين الفاسد، والملة: على الاثنين، فما علاقة ذلك بلفظ ديانة هندوسية؟

    الجواب: طبعاً نحن نطلقها مثلما قلت من باب التنزل مع الخصم، فنحن نتحدث عنها باعتبار أنهم يسمونها ديناً، وينسبونه ديناً معترفاً به مقراً به، وبالتالي نتنزل معهم عند ذلك.

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755774364