إسلام ويب

مهمات في أحكام المواريث - ميراث الزوجة ، ميراث الأبوينللشيخ : محمد حسن عبد الغفار

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الزوج والزوجة والأب والأم إذا وجد أحدهم في الورثة فلابد أن يرث ضرورة، ولا يسقط، لكن ميراثهم يختلف بحسب وجود الورثة الباقين، فالزوجة لها الربع مع عدم وجود الفرع الوارث ولها الثمن إن وجد، والأبوان يرث كل منهما السدس مع الفرع الوارث، وإذا لم يوجد الفرع الوارث ولا الإخوة فللأم الثلث، إلا في العمريتين.

    1.   

    ميراث الزوجة

    الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102] .

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1] .

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:7-71] .

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

    ثم أما بعد:

    فقد انتهينا من الكلام على ميراث الزوج، ونتكلم في هذا الدرس على ميراث الزوجة فنقول:

    الزوجة لها حالتان:

    الحالة الأولى: عدم وجود الفرع الوارث، وفرضها الربع؛ لقول الله تعالى: وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ [النساء:12] .

    الحالة الثانية: وجود الفرع الوارث، وفرضها الثمن؛ لقوله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ [النساء:12].

    مثال الحالة الأولى: مات رجل عن زوجة وأب وأم، ففي هذه الصورة ترث الزوجة الربع؛ لعدم وجود الفرع الوارث، ولأنها منفردة؛ لأن الميت إذا كان له أكثر من زوجة فهن شركاء إما في الربع أو في الثمن، ويشترك في الربع أو الثمن أربع نسوة فما دون، ولا يجوز أكثر من ذلك. فمثلاً: إذا مات رجل عن أم وأب وأربع زوجات وخمس إماء، فللأربع الزوجات الربع يشتركن فيه جميعاً. وليس للإماء شيء؛ لأنهن لسن وارثات.

    مثال على الحالة الثانية: هلك عن ابن وبنت وأم وأخت وزوجة، فللزوجة في هذه الصورة الثمن؛ لوجود الفرع الوارث، وهكذا إذا كن أكثر من واحدة؛ فإنهن يشتركن في الثمن.

    1.   

    ميراث الأبوين

    ميراث الأب

    ونأخذ ميراث الأبوين فنقول:

    أما الأب فله حالات ثلاث:

    الحالة الأولى: يرث فيها بالفرض فقط.

    وأولاً نقول: الأب لا يحرم من الميراث بحال من الأحوال، وهذه قاعدة لابد من ضبطها؛ فهو وارث وأصل أصيل، بل هو السبب في حياة المورث، فالأب لا ينقطع عن الميراث بحال، فهو يرث بالفرض ويرث بالتعصيب.

    الحالة الثانية: يرث بالتعصيب.

    الحالة الثالثة: يرث بالفرض والتعصيب.

    فالحالة الأولى: يرث بالفرض عند وجود الفرع الوارث الذكر، فحتى نعطي الأب ميراثه أو فرضه السدس فقط يشترط وجود الفرع الوارث الذكر.

    والدليل: قول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ [النساء:11] فيصير فرضه السدس إن وجد الفرع الوارث.

    مثال ذلك: هلك هالك عن ابن وأب وأخت، فللأب في هذه الحالة السدس فرضاً؛ لوجود الفرع الوارث.

    الحالة الثانية: يرث بالتعصيب، ويكون إرثه بالتعصيب عند عدم وجود الفرع الوارث، ودليله: قوله تعالى: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ [النساء:11]، فذكر فرض الأم وسكت عن الأب، يعني أن الباقي للأب، فإذا كان الميراث يقسم بين اثنين وواحد قيل له: خذ النصف وسكت، فمعنى هذا أن الثاني سيأخذ النصف.

    مثال ذلك: رجل مات وترك أباً وأماً فللأم الثلث والباقي للأب.

    ومثال ذلك أيضاً: رجل هلك عن أخت وأب وأم، فللأم الثلث والباقي للأب، وليس للأخت شيء؛ لأن الأخت من الحواشي وليست فرعاً وارثاً، ففي هذه المسألة لا يوجد فرع وارث، فيأخذ الأب الباقي تعصيباً بعدما يأخذ صاحب الفرض فرضه.

    الحالة الثالثة: يرث بالفرض وبالتعصيب، وذلك عند وجود الفرع الوارث الأنثى. وفي الحالة الأولى قلنا: إن الفرع الوارث يكون ذكراً، أو ذكراً وأنثى، يعني: مخلطين، ففي تلك الحالة ليس له إلا السدس بالفرض؛ لقول الله تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ [النساء:11].

    مثال ذلك: هلك عن بنت وأم وأب، وعندنا قاعدة فرضية وهي قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ألحقوا الفرائض بأهلها) فنبدأ بأصحاب الفروض، (فما بقي فلأولى رجل ذكر).

    ففي هذه المسألة البنت لها النصف والأم لها السدس، والأب له السدس فرضاً والباقي تعصيباً، ويكون أصل المسألة من ستة؛ البنت لها ثلاثة والأم لها واحد والأب له واحد، ويبقى واحد يرجع للأب تعصيباً. فيكون قد ورث بالفرض وبالتعصيب.

    وعلى هذا فنقول: في الحالة الثالثة نورث الأب بالفرض وبالتعصيب، وذلك عند وجود الفرع الوارث أنثى، أما لو وجد ذكر فلا يأخذ إلا السدس، فإن وجدت أنثى واحدة أو ثنتان أو ثلاث أو أكثر فإننا نورثهن بالفرض ثم يأخذ الأب بالفرض السدس والباقي يأخذه تعصيباً، لكن عند عدم وجود الفرع الوارث الذكر؛ لأن الفرع الوارث الذكر يقدم عليه في التعصيب.

    والدليل على أنه يأخذ السدس قوله تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ [النساء:11]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر) وأولى رجل ذكر هنا هو الأب؛ لأنه لا يوجد رجل يرث هنا إلا هو، فصار هو الأولى، ولو وجد أخ فنقول: لا يرث؛ لأن الأب أولى؛ لأننا رتبنا التعصيب ترتيباً معيناً وهو: بنوة، أبوة، أخوة، عمومة، فيصير الأب هو أولى رجل ذكر، فيأخذ الباقي تعصيباً.

    ميراث الأم

    وأما ميراث الأم، فنقول: الأم لها حالات ثلاث أيضاً:

    الحالة الأولى: تأخذ الثلث عند عدم وجود الفرع الوارث، وعدم وجود عدد من الإخوة اثنين فأكثر؛ لقوله تعالى: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ [النساء:11] مثال ذلك: هلك هالك عن أم وأب وأخت، فالأم لها الثلث؛ لعدم وجود الفرع الوارث، وعدم وجود عدد من الإخوة.

    الحالة الثانية: وجود جمع الإخوة -أي: اثنين فأكثر- وعدم وجود الفرع الوارث أيضاً؛ ففرضها في هذه الحالة فيه خلاف بين العلماء؛ فعند الجماهير فرضها السدس، وعند شيخ الإسلام فرضها الثلث، وسبب ذلك وجود خلاف بين جماهير أهل العلم وبين شيخ الإسلام ابن تيمية في مسألة الحجب، يعني: لو وجد جمع من الإخوة المحجوبين بالأب هل يحجبون الأم أو لا يحجبونها؟ وبضرب المثال يتضح المقال؛ فمثال ذلك: هلك هالك عن أم وأب وستة إخوة.

    فالجمهور يختلفون مع شيخ الإسلام ابن تيمية في هذه المسألة؛ وذلك في هل يحجب الإخوة الأم أو لا يحجبونها؛ لأنهم محجوبون بالأب، فالجمهور على أن الأم تأخذ السدس، وشيخ الإسلام ابن تيمية على أن الأم تأخذ الثلث عند وجود الإخوة؛ لأنهم إذا كانوا محجوبين فليس لهم ميراث، وهم هنا محجوبون بوجود الأب الذي هو الأصل الوارث، وكذلك يحجبون بوجود الابن الذي هو الفرع الوارث، وإذا كانوا محجوبين فلا يحجبون.

    إذاً: إذا كان للميت إخوة يرثون فلأمه السدس. ففي الحالة الثانية إذا وجد إخوة غير محجوبين فإنه بالاتفاق يكون للأم السدس، ومعنى كونهم محجوبين: أن الأب جاء وقال لهم: أنا أولى منكم، أو جاء الابن وقال: أنا أولى منكم، ليس لكم ميراث، فهنا هلك عن أب وأم وستة إخوة، فيأتي الخلاف هنا.

    لابد من ضبط القاعدة؛ وهي: أن الأم لها فرض السدس عند وجود الفرع الوارث؛ لقوله تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فعند وجود الفرع الوارث أنثى أو ذكراً يكون للأم السدس، مثال ذلك: هلك هالك عن بنت وأم وأب، فالبنت فرع وارث لها النصف، وبما أن الفرع الوارث موجود فيكون ميراث الأم السدس.

    وترث الأم الثلث عند عدم وجود الفرع الوارث، والدليل قوله تعالى: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ [النساء:11] زهذا عند عدم وجود جمع من الأخوة أيضاً.

    وأما مع وجود الإخوة فللأم حالتان:

    الحالة الأولى: وجود إخوة مع وجود أب.

    الحالة الثانية: وجود إخوة مع عدم وجود أب.

    فإذا وجد أب مع الإخوة فالأب يحجب هؤلاء الإخوة؛ لأنه صاحب فرض وصاحب تعصيب، ولا يصح للإخوة أن يرثوا بوجود الأب، فشيخ الإسلام ابن تيمية قال: وجودهم مثل عدمهم، أما عند الجمهور فقالوا: ندور مع الآثار حيث دارت، قال الله تعالى: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ [النساء:11] والآية عامة، ويبقى العام على عمومه والمطلق على إطلاقه ما لم تأت قرينة تصرف ذلك، فسواء وجد الأب أو لم يوجد فالآية صريحة جداً؛ قال الله جل في علاه: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ، فالصحيح الراجح أن لها السدس، وظاهر الآية مع قول الجماهير، فقول الجمهور: لها السدس إذا وجد الإخوة.

    الحالة الثانية: وجد الإخوة ولا يوجد الأب الذي هو الأصل الوارث، مثال ذلك: هلك هالك عن أم وثلاثة إخوة، فالأم لها السدس بالاتفاق؛ لأن الإخوة غير محجوبين، والباقي سيكون للإخوة تعصيباً.

    فخلاصة القول: أن الأم مع الإخوة لها حالتان: إخوة مع وجود أب، وإخوة مع عدم وجود الأب. فإخوة مع عدم وجود الأب قال الله جل في علاه فيها: وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ فالأم تأخذ السدس مع وجود الإخوة وعدم وجود الفرع الوارث.

    فهذه حالة والحالة الثانية: أن يوجد أب وإخوة، ففي هذه الحالة شيخ الإسلام ابن تيمية نظر إلى الإخوة فقال: الإخوة مع عدم وجود الأب لهم إرث ويحجبون الأم من الثلث إلى السدس، فإن وجد الأب فليس لهم ميراث؛ لأن الأب وقف كالأسد أمامهم، وقال: لا ميراث لكم ما دمت حياً، فأنتم محجوبون بي، فشيخ الإسلام ابن تيمية قال: الإخوة مع الأب لا شيء لهم، وكأنهم غير موجودين، فوجودهم كعدمهم، وما داموا غير منتفعين بشيء فلن يقدروا أن يضروا. وقال: إذاً: تصير الآية خاصة بعدم وجود الأب، ولو وجد الأب يصير كأنهم غير موجودين، وعلى ذلك سنورث الأم كما هي الثلث، والباقي للأب تعصيباً.

    ونقول: كلام شيخ الإسلام ابن تيمية على العين وعلى الرأس، لكنه مخالف لظاهر الآية، فالله عز وجل يقول: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ أي: سواء كان الأب موجوداً أو غير موجود، قال: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ فإذاً تصير الأم لها السدس مع وجود الإخوة حجبوا أو لم يحجبوا، وهذا هو الراجح الصحيح.

    وسواء كان الإخوة رجالاً أو نساءً فإن الحكم واحد.

    1.   

    المسألتان العمريتان

    يخرج بعد الحالات الثلاث مسألة الغراوين، ومسألة الغراوين هذه مستقاة من الغرة، يعني: كأنها شامة على الجبين بيضاء تظهر؛ وذلك لشهرة هذه المسألة، ويقال لها أيضاً: مسألة العمريتين، ولا بد أن يكون فيها أم وأب وزوج أو زوجة، يعني: لا بد أن يدخل أحد الزوجين، والأم هنا في هذه الحالات ترث مع الزوجة أو الزوج بوجود الأصل الوارث وهو الأب. وسيكون فرضها ثلث الباقي وليس الثلث مطلقاً. ومثال ذلك: هلك هالك عن زوجة وأم وأب، فالزوجة لها الربع لعدم وجود الفرع الوارث، والأب سيرث بالتعصيب، والباقي كله له، والأم لها ثلث الباقي، ولو قلنا بالثلث مطلقاً فلن يكون للأب ضعفها، وأصل المسألة سيكون اثني عشر، والزوجة سيكون لها ثلاثة، والأم سيكون لها أربعة، والباقي خمسة للأب،

    وعندنا هنا أم أنثى وأب في نفس الدرجة، وسيكون للأم أربعة وللأب خمسة، وهذا خلاف التأصيل الفرضي، والتأصيل الفرضي لو وجدت امرأة أنثى مع ذكر في درجة واحدة فللذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقوله تعالى: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11] فلو قلنا: إن للأم ثلث التركة كلها فسنكون هنا خالفنا القاعدة العامة للمواريث، فلذلك جاء عمر وجمع الناس فقال: هما في درجة واحدة، فهل نورثها ثلث التركة أو نورثها ثلث الباقي؟ فورثها ثلث الباقي، وكان في محفل بين المهاجرين والأنصار كلهم معاً فوافقوا عمر ، فأصبح هنا دليل المسألة الأثري هو حكم عمر مع الإجماع السكوتي، وهذا الحكم وافق التأصيل والتقعيد القرآني الفرضي؛ لأن للذكر مثل حظ الأنثيين.

    والصورة الثانية: زوجة ماتت عن زوج وأم وأب، فالزوج له النصف، والأم لها ثلث الباقي، والأب له الباقي، ويصير هنا رأس المسألة ستة، للزوج ثلاثة، وللأم واحد، وللأب اثنان.

    ولو قلنا: إن الأم لها ثلث التركة فسيكون لها اثنان وسيبقى للأب واحد فقط، فلذلك عمر جمع الناس وقال: ليس لها إلا ثلث الباقي.

    إذاً: العمريتان هما: زوجة وأم وأب، وزوج وأب وأم. وتكون الأم مع أحد الزوجين ومع الأب فرضها ثلث الباقي.

    1.   

    مسائل تطبيقية على ميراث الأبوين

    المسألة الأولى: رجل مات عن أب وعن ابن: طبعاً نحن لم نأخذ ميراث الابن، ولكن نحن الآن نطبق عملياً على ميراث الأب، وقلنا: حالات الأب ثلاث:

    الأولى: وجود فرع وارث.

    الثانية عدم وجود فرع وارث.

    الثالثة: وجود فرع وارث ولكنه أنثى، وفي هذه الحالة الثالثة يرث بالفرض والتعصيب.

    فهنا الأب فرضه السدس، والابن له الباقي تعصيباً.

    مسألة: رجل مات عن خمسة إخوة وأم وأب: صورة هذه المسألة فيها خلاف، والتوريث فيها على الراجح كما يأتي: الإخوة لا شيء لهم؛ لأنهم محجوبون بالأب، وكأن الأب يقول لهم: ما دمت حياً فلا إرث لكم، وعلى هذا يحجبهم وكأنهم غير موجودين. والأم لها السدس، هذا على القول الراجح، وعلى قول شيخ الإسلام لها الثلث، والباقي للأب تعصيباً.

    مسألة: رجل مات عن ثلاث بنات وأب وأم:

    الأب له السدس، والأم لها السدس؛ لوجود الفرع الوارث، والبنات لهن الثلثان، وسيكون أصل المسألة من ستة! البنات لهن أربعة، والأم لها واحد، والأب له واحد، ولو كان هناك باق فإن الأب كان سيأخذه تعصيباً.

    مسألة: رجل مات عن بنت وأب: البنت لها النصف، والأب له السدس فرضاً والباقي تعصيباً.

    مسألة: رجل مات عن أم وابن: الأم لها السدس، والباقي للولد تعصيباً.

    مسألة: رجل مات عن أم وأخوين لأب:

    الأم لها السدس، والباقي للإخوة لأب تعصيباً.

    والإخوة لهم حالات: إخوة لأمه، إخوة أشقاء ، إخوة لأب، وكلهم بالنسبة للأم سواء، يعني: كل هؤلاء يحجبون الأم من الثلث إلى السدس، وكلهم في الحكم سواء.

    فلو مات رجل عن أم وثلاثة إخوة لأم، فللأم السدس، ولو مات عن أم وثلاثة إخوة أشقاء، فللأم السدس، وهكذا لو مات عن أم وأختين من أب فللأم السدس.

    مسألة: امرأة ماتت عن أم وزوج وأب:

    المسألة هذه عمرية، فالزوج له النصف؛ لعدم وجود الفرع الوارث.

    والأم لها ثلث الباقي، والأب له الباقي تعصيباً.

    مسألة: رجل مات عن زوجة وأم وأب: الزوجة لها الربع؛ لعدم وجود الفرع الوارث، والأم لها ثلث الباقي، والأب له الباقي.

    مسألة: امرأة هلكت عن زوج وبنتين وأم وأب:

    الزوج له الربع؛ لوجود الفرع الوارث، والبنتان لهما الثلثان، والأم لها السدس، والأب له السدس؛ لوجود الفرع الوارث، فإن بقي شيء فهو له تعصيباً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756042552