لقد عظم الله عز وجل نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم، ورفع مكانته ومنزلته على سائر الخلق، ورفع ذكره، فقرن اسمه باسمه في الأذان والصلاة والدعاء وغيرها من العبادات، وهذا يدل على علو منزلته صلى الله عليه وسلم وقدره عند ربه، فيجب على كل مسلم أن يعظمه، ويوقره، ويعزره، وذلك بالدفاع عنه، والاقتداء به، والصلاة عليه، وغير ذلك من أوجه التعظيم والتبجيل. |
|
|
الحمد لله جل جلاله، وعز جاهه، وتقدست أسماؤه، له الحمد سبحانه وتعالى لا يضل من استهداه، ولا يحرم من استعطاه، ولا يخيب من رجاه، من توكل عليه كفاه، ومن التجأ إليه وقاه، نحمده سبحانه وتعالى حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ويرضى، على آلائه ونعمه التي لا تعد ولا تحصى، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على المبعوث رحمة للعالمين، خاتم الأنبياء والمرسلين، سيد الأولين والآخرين، نبينا محمد الصادق الوعد الأمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغر الميامين، وعلى من تبعهم واقتفى أثرهم ونهج نهجهم إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.أما بعد: أيها الإخوة الكرام! سلام الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته، ونسأل الله جل وعلا كما جمعنا في هذا البيت من بيوته على غير أرحام تربطنا، ولا مصالح تجمعنا، أن يجمعنا في مستقر رحمته ودار كرامته، في مقعد صدق عند مليك مقتدر، إنه ولي ذلك والقادر عليه. عظمة قدر النبي صلى الله عليه وسلم موضوع جليل، فإن المصطفى عليه الصلاة والسلام كان قمة سامقة تتقاصر دونها القمم، وكانت مكانته رفيعة تتوارى معها المكانة والمنزلة مهما علت وسمت، وكما نرى النجم مضيئاً مشعاً وله جماله وبهاؤه فإذا أشرقت الشمس لم يعد له أثر، فكذلك كل عظمة وكل قدر وكل مكانة لأحد من الخلق هي دون مقام وعظمة ومكانة رسول الهدى عليه الصلاة والسلام، ولا شك أنه شرف عظيم لنا جميعاً المتحدث والسامع أن نطرق مثل هذا الموضوع، نشنف به آذاننا، ونسعد به نفوسنا، ونشرح به صدورنا، فإن ذكر الله جل وعلا وذكر رسوله صلى الله عليه وسلم، ومعرفة حق ومقام وقدر ذات الله سبحانه وتعالى، والوقوف على مكانة وقدر رسوله صلى الله عليه وسلم مما يحيي القلوب، ويهذب النفوس، ويقوي العزائم، وقد أسلفنا حديثاً في مفتتح هذه السلسلة المباركة عن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وإجلاله وتوقيره شعبة عظيمة من شعب الإيمان، وهذه الشعبة غير شعبة المحبة، بل منزلتها ورتبتها فوق منزلة ورتبة المحبة؛ وذلك لأن كل محب ليس معظماً، فأنت ترى الوالد يحب ولده ولكنه حب تكريم وليس حب تعظيم، وحب حنو ورحمة وليس حب إجلال وتقدير وتبجيل. فلذلك إذا جمع العبد المؤمن تجاه رسوله صلى الله عليه وسلم المحبة التي أسلفنا القول فيها ثم توجها وكملها أو أسسها وبناها على قاعدة التعظيم والتوقير للمصطفى صلى الله عليه وسلم؛ فإنه يكون قد نال حظاً عظيماً وشرفاً كبيراً، وأتى على أمر من الأمور التي هي من أصول إيمانه، وقواعد إسلامه، ومنطلقات التزامه، ولذلك ينبغي لنا أن نفرح وأن نسعد وأن نفخر بما وفقنا الله جل وعلا إليه من الحديث في مثل هذا الموضوع، والله جل وعلا قد نادانا وذكرنا في سياق آياته إلى أهمية تعظيم وتوقير وتعزير رسوله صلى الله عليه وسلم فقال جل وعلا: فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الأعراف:157] فالمعظم لرسول الله صلى الله عليه وسلم في زمرة المفلحين بإذن الله جل وعلا. والتعزير كلمة معناها التعظيم والنصر، والتوقير كما جاء في معجم مقاييس اللغة: أصل يدل على ثقل في الشيء، فإذا قلت: إنك توقر فلاناً فمعنى ذلك أنه ذا ثقل وذا مكانة، ومنه الوقار: وهو الحلم والرزانة التي تدل على رزانة الإنسان وعدم خفته وطيشه، ووقرت الرجل إذا عظمته، ومنه قوله جل وعلا: وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ [الفتح:9] كما أسلفنا، والتوقير أيضاً بمعنى: التبجيل والتعظيم. قال ابن جرير في تفسيره: فأما التوقير والتعظيم فهو الإجلال والتفخيم. وقال ابن تيمية رحمه الله: التوقير: اسم جامع لكل ما فيه سكينة وطمأنينة من الإجلال والإكرام، وأن يعامل من التشريف والتكريم والتعظيم بما يصونه من كل ما يخرجه عن حد الوقار، ولذلك تأتي هذه الكلمات كلها بمعنىً مترادف. أحبتي الكرام! إن الحديث عن عظمة قدر النبي صلى الله عليه وسلم حديث لا تمكن الإحاطة به، كما لا يمكن أن يجمع ماء البحر في كأس؛ فإن جوانب عظمته، ووجوه رفعة قدره وصور علو مكانته أكثر وأعظم وأشهر وأوسع من أن يحيط بها حديث في مثل هذا المقام، بل قد صنف العلماء ودونوا وتوسعوا وجمعوا وأوعوا، وما جاء ما فعلوه كذلك على ما كان وما ينبغي أن يكون لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ولذلك عندما طرقت هذا الموضوع وجدت أنه لا بد لنا أن نقتصر ونختصر منه ما لعله يفي بهذا المقام، ويتناسب مع هذا الوقت، ومن هنا أردت أولاً أن نبدأ بشيء يتعلق بالمعنى والدلالة، وبالفائدة والأثر فهذا الذي أوجزناه من المعنى مقصودنا به بيان الكلام الذي يأتي عن هذه العظمة ووجوهها، ثم إن عظمة رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجهين أساسين اثنين سنقسم الحديث عنهما لاحقاً: عظمة في ذاته الشريفة عليه الصلاة والسلام، وما كان له من الخصائص، وما عرف به من الشمائل، وما سجلته سيرته من المواقف، وما سمت به شخصيته في كل جوانب الحياة المختلفة. وجانب آخر -وهو في تصوري أعظم وأكبر- وهو جانب عظمة الإنجاز والثمرة، قد يكون لي خصيصة، قد يكون لي شرف نسب، قد يكون لي كثير علم، قد يكون عندي بعض الذكاء والفطنة، لكن ذلك وإن كان من وجوه العظمة لا يغني شيئاً ما لم يثمر ذلك كله نتيجةً وإنجازاً. وفعله عليه الصلاة والسلام وأثره الباقي إلى قيام الساعة أعظم وجوه عظمته كما سيأتي. |
|
|
|
أما فائدة هذه العظمة وحديثنا عنها فإني أقول: إنه يمكن لنا أن نذكر فائدتين اثنتين تكفينا لنجعل هذا الموضوع موضع اهتمامنا ورعايتنا:الفائدة الأولى: المحبة والإجلال، فإنك لن تعرف شخصاً وتدرك عظمته، وتعرف علمه، وتلم بجوانب سماحته وخلقه وفضله، إلا غرست في قلبك محبته ومالت نفسك إليه. الفائدة الثانية وهي مهمة أيضاً: التأثر والاقتداء، فالنفوس بطبيعتها مجبولة بالاقتداء والتأسي بالعظماء، ألا ترى الكثرة من البشر، لكنك في كل جيل، وفي كل أمة، وفي كل بلد ربما لا تجد إلا أعداداً قليلة هي التي تذكر في الناس وتشتهر بينهم، ويدور حديث الناس عنهم، أولئك الذين يتصدرون الناس لما لهم من وجوه العظمة، ولما لهم من بصمات وآثار الإنجاز والتأثير والفائدة والنفع، فحينئذ يكونون رواداً قواداً والناس على آثارهم مقتدون: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب:21]. |
|
|
|
لقد اقتصرت في كل جانب من هذه الجوانب على عشرة وجوه فحسب، والعشرة وراءها عشرات أخر، ولها من النصوص والشواهد القرآنية والنبوية من الأدلة ما هي عشرات وعشرات أخرى. |
|
|
|
|
الوجه الرابع: عموم رسالته صلى الله عليه وسلم، عندما يكون هناك إنسان له قدرات معينة كأن يكون مدرساً متخصصاً في علوم التاريخ، ماذا يدرس؟ إنه سيدرس مادة التاريخ أليس كذلك؟ لكن لو قيل لك: إن مدرساً معيناً جعلوه يدرس في التاريخ والجغرافيا والفيزياء والكيمياء ونحو ذلك ماذا ستقول عنه؟ ستقول عنه: إنه رجل عظيم؛ لأنه استطاع أن يفعل هذا كله أو استطاع أن يقوم بمهمات عديدة لا يقوم بها إلا أشخاص كثر. إذاً: الرسول صلى الله عليه وسلم الله جل وعلا يقول الله في نبوته ورسالته: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا [سبأ:28] ، وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107] بعثه الله إلى الثقلين من الإنس والجن، كل البشر منذ بعثته وإلى قيام الساعة هم من أهل أمة الدعوة التي توجه إليها دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعون إلى الإسلام وإلى القرآن وإلى سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ففي حديث جابر بن عبد الله المشهور قال عليه الصلاة والسلام: (أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي: كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى كل أحمر وأسود، وأحلت لي الغنائم ..) إلى آخر الحديث. إذاً: لن تكون هذه المهمة الواسعة لكل الناس، ليس هو نبياً ولا رسولاً لقوم معينين، ولا لرقعة معينة، بل للعالمين. إذاً: هذه عظمة تتناسب مع هذه المهمة الكبيرة التي لا تحدها الجغرافيا، ولا يقطعها الزمن، ولا تتعلق ببيئة ولا بلغة ولا بثقافة، بل رسالة شاملة عامة أنيطت بخير الخلق صلى الله عليه وسلم، وهو لها أهل، ولعظمتها كان هو كذلك عظيماً كعظمة ما أسنده الله عز وجل إليه، وما كلفه به، وما ابتعثه لأجله في هذه البشرية. |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
نحن تكلمنا في طائفة متعلقة بذاته مباشرة عليه الصلاة والسلام، أما الآن فالحديث عن عظمته المرتبطة بأمته والأمم الأخرى. |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
الوجه الثاني: العظمة في سمو التربية، انظروا إلى الرجال الذين أخرجهم محمد صلى الله عليه وسلم، هذا عمر رضي الله عنه ماذا كان يعبد؟! قال: (كنا نعبد أصناماً أحياناً من تمر، يقول: فإذا جعنا أكلناها) ماذا كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعثته يعبدون؟! من هو أبو بكر ؟! من هو عمر ؟! من هؤلاء الناس؟ عرب لا يعرف الناس عنهم ذكراً، عندهم من الخصال الذميمة، وعندهم من الأحوال البغيضة، وعندهم من الجاهلية المستحكمة ما هو عظيم جداً لا يكاد يتصور من بشاعته. يقول عتبة بن غزوان رضي الله عنه وقد ولي أمر مكة: (كنا مع الرسول صلى الله عليه وسلم والله ما لنا طعام إلا ورق الشجر في أيام الحصار، يقول: وما منا اليوم إلا وهو أمير على مصر من الأمصار) خرجوا قادة عظاماً، خرج الحزم في قيادة أبي بكر ، وخرجت عدالة عمر ، وخرج حياء عثمان ، وخرجت شجاعة علي ، ومن أعظم وجوه عظمته صلى الله عليه وسلم أنه كان يعرف الرجال؛ فلذلك قال لـعمر : (لو سلك عمر فجاً لسلك الشيطان فجاً غير فج عمر) وفي ذكر صفات الصحابة عند الترمذي يقول عليه الصلاة والسلام: (أشدهم حياءً عثمان ، وأصدقهم لهجةً عمر ، وأشجعهم علي ، وأقرؤهم أبي ، وأفرضهم زيد ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل) كان يعرف خصائص كل رجل من أصحابه، كان يعرف كيف يدخل إلى القلوب، وكيف يغير العوائد، حتى أخرج لنا هذه الكوكبة العظيمة، التي لن يكون لها مثيل في جملتها في وقت واحد وزمن واحد أبداً في التاريخ، قد يكون آحاد من الناس له مراتب أو ربما مناقب أو ربما عبادات أو إيمانيات أو أعمال صالحة تقرب من بعض الصحابة، لكن لن يكون هناك جيل تجتمع فيه من الخصائص والصفات والخير والعمل مثل ما كان عليه الصحابة رضوان عليهم، نحن اليوم لو جاء أب وربى أبناءه وكانوا علماء وكانوا صالحين وكانوا ذوي أخلاق حسنة، ماذا يقول الناس عنهم؟ يقولون: فلان يكفيه هذا الابن من أبنائه، خلفه وجعله في هذا الوضع وهذا الحال، فكيف بهذا النبي صلى الله عليه وسلم كما قال شوقي : يكفيه شعب من الأموات أحياه أي عظمة أفضل من عظمة تخريج الرجال وصناعة الرجال؟! وليس هناك أحد صنع مثل ما صنع رسول الله عليه الصلاة والسلام في مثل هذا. فمن أعظم وجوه العظمة: هو ما أخرجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذه البشرية من أعيان أصحابه رضوان الله عليهم، وما كانوا عليه من إيمان وتقىً وهدى وصلاح، وما كانوا عليه من قوة وحسن عمل حتى شرقوا في الأرض وغربوا، وفتحوا القلوب والبلاد وأصلحوا العباد، وكان خيرهم رضوان الله عليهم أساساً مازلنا إلى يومنا هذا نتفيأ ظلاله، وننتفع بما صنعوه خدمة لدينهم وتبليغاً لدعوتهم واتباعاً لرسولهم صلى الله عليه وسلم، وقبل ذلك استمساكاً بكتاب ربهم سبحانه وتعالى، وهذا باب واسع، وهو حري وجدير أن يكون لافتاً للنظر، بل إن بعضاً من غير المسلمين، وخاصة من المعاصرين المستشرقين أكثر ما يذكرونه في وجوه عظمته صلى الله عليه وسلم أنه استطاع أن يحول أمة عابثة لاهية قصارى ما عندها حروب فيما بينها، وليس عندها طموحات ولا آمال؛ إلى أمة ملكت ثلثي المعمورة التي كانت معروفة في ذلك الوقت، في زمن وجيز من عمر الزمان، حتى قام عقبة بن نافع يخاطب البحر ويقول: لو أني أعلم أن وراءك أرضاً وقوماً لخضتك في سبيل الله عز وجل. وحتى بر الأمير المسلم قتيبة بن مسلم بقسمه وجاءوا له بتراب من الصين ليطأ عليه بقدمه إبراراً لقسمه. وحتى وقفت جيوش المسلمين على أبواب النمسا في القرون القريبة الماضية، ودخلوا في عهد عبد الرحمن الغافقي التابعي إلى جنوب فرنسا. إن هؤلاء الرجال العظام الذين خرجتهم مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم وأنجبهم الصحابة رضوان الله عليهم هم أعظم ثروة وأعظم دليل على عظمة رسول الله عليه الصلاة والسلام. |
|
|
|
|
أنتقل بكم أيها الإخوة إلى بعض التوجيهات المباشرة لنا في كيفية تحقيق تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم. |
|
|
التعظيم محله القلب، فأول تعظيم مطلوب منا هو التعظيم من القلب بالاعتقاد الجازم بنبوة النبي عليه الصلاة والسلام، وتقديم محبته على النفس والولد والوالد والناس أجمعين.ومن تعظيم القلب استشعار هيبته عليه الصلاة والسلام، وجلالة قدره، وعظيم شأنه، واستحضار محاسنه ونحو ذلك. ثم تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم باللسان، وذلك بحسن ذكره، وبدوام الصلاة عليه، والثناء عليه عليه الصلاة والسلام. ثم تعظيم الجوارح، وأعظمه العمل بشريعته، واتباع سنته، والتزام أوامره ظاهراً وباطناً. |
|
|
من تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم توقير وتعظيم أزواجه رضوان الله عليهن أمهات المؤمنين، وآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فلهم حق على أمة محمد أن يوقروهم ويعظموهم، ما كانوا مستقيمين على أمر الله سبحانه وتعالى.ومن ذلك توقير أصحابه رضوان الله عليهم، قال النووي : الصحابة كلهم عدول من لابس الفتن وغيرهم بإجماع؛ ولذلك من انتقص أحداً من أمهات المؤمنين، أو أحداً من الصحابة فإنه مغموز في دينه واعتقاده؛ لأنه طعن فيمن زكاهم الله عز وجل، وفيمن هم من ذوي قرابة النبي عليه الصلاة والسلام، وحسبك أن كون أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بقين في عصمته بعد أن مات عليه الصلاة والسلام، فلا يطعن في أمهات المؤمنين إلا من زاغ قلبه نسأل الله عز وجل السلامة! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
السؤال: ما معنى قوله تعالى: النبي أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ [الأحزاب:6] ؟الجواب: كلمة (أولى) نعرفها جميعاً، أنا أولى بهذا الشيء يعني: أحق به، بمعنى: أن النبي عليه الصلاة والسلام أحق بنا من أنفسنا، لو كان لنا مال فهو أحق به منا، وكذلك نفوسنا التي بين جنبينا هو أحق بها منا، وهذا ليس من قولنا، وإنما هو من قول الله عز وجل: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) وهذا أمر ظاهر. |
|
|
السؤال: ذكرت في حديث حنين قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار) فهل يجوز مثل هذا التمني؟الجواب: ما فعله النبي عليه الصلاة والسلام جائز في حقه قطعاً، وهو دلالة لغوية بلاغية تربوية نفسية أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يشعر الأنصار بمكانتهم وبقربهم منه وبمكانهم عنده؛ حتى يزيل ما خالط نفوسهم من ذلك الحزن، لما رأوا تقسيمه للغنائم في غيرهم، فلا ينبغي استشكال مثل هذه الأمور التي أحياناً ترد؛ لأننا ليس في قلوبنا ونفوسنا من التعظيم والتوقير، وليس في أذهاننا من الفهم والإدراك ما ينبغي أن نكون عليه على الوجه الصحيح. |
|
|
السؤال: ما صيغة الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام؟الجواب: أبلغ الصيغ وأكملها وأتمها الصلاة الإبراهيمية، وهي التي وردت عن النبي عليه الصلاة والسلام في الأحاديث الصحيحة بالروايات المختلفة، كرواية ابن مسعود وغيره رضي الله عنه، وأما ما وراء ذلك مما فيه تعظيم مطلق فلا بأس به على ألا تكون بصياغة معينة، بعض الناس يقول: هذه صلاة فلان، وهذه صلاة فلان، ويجعلونها على صيغة معينة ويقولون: لابد أن تقول: صلى الله عليه وسلم بهذه الصيغة، لا، ما تعبدنا الله بذلك، ولا تعبدنا بذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام، لكن لنا أن نقول: اللهم صل على رسول الله عليه الصلاة والسلام ما تعاقب الليل والنهار، وما اختلف الملوان، وأمور تكثير الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم لا بأس بها إن شاء الله تعالى. |
|
|
السؤال: من الناس من يحب النبي صلى الله عليه وسلم ويعظمه في قلبه، ولكنه من الناحية العملية يستحي أن يطبق سنته، وذلك مثل: تقصير ثوبه، وإعفاء لحيته، وأحيانا يصل الأمر إلى أن يقصر في الواجبات؟الجواب: لكل شعور تصديق من العمل. لو كان حبك صادقاً لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع هذا ضرب من الضعف في اليقين والإيمان، وضرب من الضعف في العزيمة والإرادة، ما دمنا عرفنا سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأنه يجب علينا تعظيمه، فما بالنا لا يقودنا ذلك التعظيم الذي في قلوبنا وفي ألسنتنا إلى أفعالنا وأحوالنا؟! |
|
|
|
|