إسلام ويب

كتاب الحج - باب صفة الحج ودخول مكة [6]للشيخ : عطية محمد سالم

  •  التفريغ النصي الكامل
  • أيام التشريق يجتمع فيها للمؤمنين نعيم أبدانهم بالأكل والشرب، ونعيم قلوبهم بالذكر والشكر، وبذلك تتم النعمة، وكلما أحدثوا شكراً على النعمة كان شكرهم نعمة أخرى، فيحتاج إلى شكر آخر، ولا ينتهي الشكر أبداً. وفي الأمر بالذكر بعد انقضاء النسك معنى عظيم، وهو أن سائر العبادات تنقضي ويفرغ منها وذكر الله باق لا ينقضي ولا يفرغ منه، بل هو مستمر للمؤمنين في الدنيا والآخرة.

    1.   

    بقية الأعمال التي يعملها الحاج يوم النحر بعد نحر الهدي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أما بعد:

    قال المؤلف رحمه الله: [ : (ثم انصرف إلى المنحر فنحر، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت، فصلى بمكة الظهر) رواه مسلم مطولاً ].

    الحلق يوم النحر وكيفيته

    يسوق المؤلف رحمه الله تعالى حديث جابر الطويل الذي وصف فيه حجة النبي صلى الله عليه وسلم وقد اختصره في هذا الموطن، وذكر غيره بقية الحديث، وأجمع من ذكره هو الإمام مسلم رحمه الله تعالى، وهنا يقول: (ثم انصرف إلى المنحر فنحر هديه) وقد تقدمت الإشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم ساق معه من المدينة بعض الإبل، وجاء علي رضي الله تعالى عنه من اليمن أيضاً بجملة من الإبل، واجتمع من ذلك مائة بدنة، فنحر صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة ثلاثاً وستين بدنة، وأوكل إلى علي رضي الله عنه أن ينحر البقية، وأن يأتي بالجزارين ليسلخوا وليقطعوا وأن يعطيهم الأجرة من غير اللحم، وإذا كانوا مساكين أو يحتاجون إلى اللحم فيأخذون منه بصفة الحاجة، لا بصفة الأجر على عملهم.

    وقد تقدم أن العلماء قالوا: كونه صلى الله عليه وسلم اقتصر على نحر ثلاث وستين بيده الكريمة فهذا فيه إشارة خفية إلى أن سني حياته صلى الله عليه وسلم ستنتهي عند الثلاث والستين سنة، وفعلاً توفي صلى الله عليه وسلم بعد أن رجع إلى المدينة بقليل، وتقدم أن العلماء بحثوا في كلمة: (نحر) و(ذبح) فقالوا: إن النحر للإبل وهو أن تطعن في نحرها، أي: في لبتها وهي في آخر العنق من جهة الصدر، والذبح يكون في طرف العنق من جهة الرأس، فالذبح للشاة والنحر للإبل، والبقر مترددة بين الإبل وبين الغنم، فبعض العلماء يلحقها بالإبل لضخامة جسمها، وبعضهم يلحقها بالغنم لقصر عنقها، وتقدم أن الحكمة في أن الإبل تنحر والغنم تذبح: أن النحر والذبح كلاهما إنما يكونان من أجل أن يتخلص جسم الحيوان مما فيه من الدم، فإذا ما نحرت الناقة فسيكون موضع خروج الدم قريباً من القلب، ويستطيع القلب أن يظل مستمراً بالنبض إلى أن يخلص الجسم مما فيه من الدم، وتأتي حركة الأطراف في الحيوان المذبوح فتنشط الدم للخروج من الأطراف إلى القلب، والقلب يدفعه إلى الفتحة الناتجة عن النحر، وهي فتحة قريبة من القلب، لا يزيد بعدها عنه على ثلاثين سنتيمتراً، أما إذا ذبحت الإبل ذبحاً فإن القلب يحتاج إلى مجهود كبير ليدفع الدم إلى نهاية هذا العنق الطويل، وربما انتهت حياته قبل أن يخلّص البدن من كامل الدم الذي فيه، فكان الأنسب بالنسبة للإبل أن تنحر؛ لسهولة خروج الدم من هذا الجسم الكبير بالنحر، بخلاف الذبح.

    وكان في الغنم الذبح؛ لأن مجمع العروق والحلقوم إنما هو في طرف الرقبة من جهة الرأس.

    ولما نحر صلى الله عليه وسلم الهدي أمر علياً رضي الله عنه بأن يكلف الجزارين أن يأخذوا من كل بدنة بضعة لحم، أي: قطعة، وجمعت المائة قطعة من المائة بدنة في قدر وطبخ جميع ذلك، فأكل صلى الله عليه وسلم من اللحم وشرب من المرق، ومن هنا يقول العلماء: من استطاع أن ينحر أو يذبح هديه بيده فهو أولى، ومن لم يستطع أناب عنه، كما أناب النبي صلى الله عليه وسلم علياً رضي الله تعالى عنه في نحر بقية الهدي، وكذلك من السنة أن يأكل الحاج من هديه؛ وذلك لكي يتخير من الهدي ما تطيب نفسه أن يأكل منه، وعلى مبدأ: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، فالذي تطيب نفسه أن يأكل منه يأخذه من أجل أن يأكل منه المسكين، أما إذا جاء إلى مريضة أو هزيلة أو لا تصلح للأكل فذبحها فإن المسكين يعاف أن يأكل منها كما يعاف صاحبها.

    وبعد أن أنهى صلى الله عليه وسلم النحر حلق، كما قال تعالى: وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة:196] بعدما نحر صلى الله عليه وسلم ذهب إلى الحلاق فحلق له قبل أن يفيض إلى مكة لطواف الإفاضة، وأما كيفية حلقه لشعره صلى الله عليه وسلم فقد دعا الحلاق وناوله شق رأسه الأيمن، فحلقه ثم قال له: قسم هذا الشعر على الناس، يقول بعض العلماء: إنه طيّب به خواطر من لم ينل شيئاً من اللحم، والتحقيق عند أكثر العلماء: أنه أمر بتقسيمه حفظاً له وإكراماً له لئلا يلقى في الأرض فيوطأ، فأمر أن يوزع على الناس، وكل يتمنى أن ينال الشعرة أو الشعرتين ليحتفظ بها ويكرمها دون أن تصاب بأذى أو امتهان.

    وقد كان عند بعض الصحابة بعض ذلك الشعر، حتى قيل: إن خالد بن الوليد كان يحتفظ بشعرات في قلنسوته، وأم سلمة رضي الله عنها كانت تحتفظ بشعرات في جلجل من فضة، فكان إذا أتاها محموم جاءت بماء فصبته فيه، وحركت هذا الجلجل بما فيه من هذه الشعرات ثم سقته المريض فيعافيه الله سبحانه وتعالى بفضله، وهكذا لما حلق الشق الثاني من الرأس قال: خذ هذا أنت.

    الحلق أفضل من التقصير عند التحلل من النسك

    وهكذا حلق صلى الله عليه وسلم والحلق هو الأفضل للتحلل من النسك، كما قال سبحانه وتعالى: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ [الفتح:27]، ومعلوم أن تقديم أحد المتساويين يدل على فضله، أو الاهتمام به، كما جاء في الصفا والمروة في قوله سبحانه: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ [البقرة:158] ، ولما سئل صلى الله عليه وسلم: (من أين ستبدأ؟ قال: أبدأ بما بدأ الله به) أو قالوا: (من أين سنبدأ؟ قال: ابدءوا بما بدأ الله به)، فهنا تقديم (محلقين) على (مقصرين) يدل على أفضليته، وقد بين ذلك صلى الله عليه وسلم في عمرة القضية، أو الحديبية حينما حلق بعض الناس وتأخر البعض وقصر، فقال: (اللهم! ارحم المحلقين.. ثلاث مرات، فقالوا: والمقصرين يا رسول الله! -وفي الثالثة أو الرابعة قال- والمقصرين، فقيل: وما شأن المقصرين يا رسول الله! وما شأن المحلقين؟ قال: أولئك لم يشكوا) أي: لم يترددوا في الحلق ولو لم يصلوا إلى البيت الحرام.

    طواف الإفاضة والخلاف في موضع صلاة النبي صلى الله عليه وسلم الظهر يوم النحر

    نحر صلى الله عليه وسلم وحلق ثم ركب ونزل إلى البيت، وطاف طواف الإفاضة، وفي حديث جابر : (وصلى الظهر بمكة) وهذه المسألة فيها ثلاث روايات في صلاته الظهر يوم العيد:

    الرواية الأولى: كما ذكر المؤلف أنه صلى الظهر بمكة، ثم رجع إلى منى.

    الرواية الثانية: أنه رجع من مكة إلى منى وصلى الظهر فيها.

    الرواية الثالثة: أنه صلى الظهر بمكة حينما دخل وقتها، ولما رجع إلى منى وجدهم ينتظرونه فصلى بهم الظهر مرة أخرى، ولا مانع من مثل ذلك؛ لأن غاية ما فيه أنه كرر الصلاة مرتين، ووقت صلاة الظهر ليس من الأوقات المنهي عن الصلاة بعده، بل جاء فيما يتعلق بصلاة العصر أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى العصر ذات يوم، فدخل رجل متأخراً، فقال صلى الله عليه وسلم: (من يتصدق على هذا؟ فقام رجل وصلى معه) حتى اكتسب أجر صلاة الجماعة مرة ثانية، وهنا كذلك.

    وسواءً صلى الظهر بمكة أو صلى بمنى أو صلى بالموضعين فإنه رجع إلى منى يوم العيد وبقي هناك وبات، أي: ليلة اليوم الثاني من أيام العيد وهو اليوم الأول من أيام التشريق.

    1.   

    الأعمال التي يعملها الحاج أيام التشريق

    ثم بعد ذلك كان من عمل النبي صلى الله عليه وسلم أنه من الغد، وهو أول أيام التشريق انتظر حتى زالت الشمس، فركب وأتى إلى الجمرة الصغرى التي تلي مسجد الخيف، فرماها بسبع حصيات مستقبلاً الجمرة والكعبة، يعني: مستقبلاً القبلة، جاعلاً الجمرة بينه وبين الكعبة، أي: على مستوى مسيره من المسجد، فإذا خرجنا من المسجد وتوجهنا إلى الجمرات فإننا نواجه الجمرة الأولى في طريقنا ونكون مستقبلين الكعبة ومتوجهين إلى مكة، وهناك رمى صلى الله عليه وسلم الجمرة بسبع حصيات، ثم تنحى جانباً، واستقبل القبلة ووقف ودعا طويلاً، ثم مضى إلى الجمرة الوسطى أيضاً وهو مستقبل القبلة، ورماها بسبع حصيات، ثم تنحى جانباً واستقبل القبلة ودعا طويلاً، ثم مضى إلى جمرة العقبة الكبرى، وتياسر مع الوادي، وجعل الجمرة أمامه، ومنى عن يمينه، ومكة عن يساره، ورماها بسبع حصيات وانصرف ولم يقف عندها ولم يدع.

    يقولون: إنه لم يقف لأن المكان لا يتسع؛ لأن عندها العقبة، وهي: جبيل صغير، والجمرة تقع بجانبه من جهة بطن والوادي، فيقف الواقف في بطن الوادي ويرمي، وليس هناك متسع؛ لأن كل من رمى إذا أراد أن يدعو، وجاء إلى بعض الجوانب فسيجد العقبة تشغل المكان وليس هناك محل يمكن أن يقف الناس فيه ليدعوا كما دعوا في الأولى وفي الوسطى، فرمى جمرة العقبة الكبرى، وهي الأخيرة، أي: التي رماها بالأمس يوم العيد، وجعلها آخر ما رمى من الجمرات الثلاث، ثم رجع إلى مخيمه.

    وهكذا فعل في اليوم الثاني من أيام التشريق مثل ذلك.

    الترخيص لرعاة الإبل وأصحاب الأعمال العامة في عدم المبيت بمنى أيام التشريق

    وأذن لرعاة الإبل ولأصحاب الأعمال العامة الذين يخدمون الحجاج أن يذهبوا إلى حيث يعملون، فذهب الرعاة بالإبل إلى خارج منى ليرعوا الإبل هناك، ويمكثوا اليوم الثاني من أيام التشريق، على أن يرجعوا في اليوم الثالث من أيام التشريق ليرموا عن اليوم الثاني والثالث، وعلى هذا فعملهم في يوم النحر أنهم رموا جمرة العقبة ثم أفاضوا ثم جاءوا وباتوا في منى، ثم رموا جمار اليوم الأول من أيام التشريق وذهبوا، ومكثوا في مكان عملهم اليوم الثاني ولم يأتوا إلى منى ولم يرموا، وفي اليوم الثالث جاءوا إلى منى فرموا جمرات اليوم الثاني الذي لم يأتوا فيه إلى منى، كما رموا في اليوم الأول: الأولى فالوسطى فالعقبة، ثم رجعوا فرموا لليوم الذي هم فيه وهو اليوم الثالث على الترتيب السابق: الأولى فالوسطى فالعقبة.

    وكذلك أذن صلى الله عليه وسلم لأصحاب السقاية أي: الذين يسقون الحجيج في زمزم، وأذن للعباس رضي الله عنه لأنه كان صاحب السقاية أن ينزلوا ويبيتوا في مكة تلك الليلة من أجل مباشرة عمل السقاية، وهي خدمة الحجيج.

    وهنا يمكن أن نقول: إن أصحاب المهن المرتبطة بأعمال الحجاج وخدماتهم إذا كان الحال يتطلب خروجهم أو ذهابهم عن منى فإنه لا مانع أن يؤذن لهم كما أذن لرعاة الإبل، وكما أذن لأصحاب السقاية، فمثلاً: توجد المستشفيات في مكة وفي منى وفي غيرها، فإذا كان هناك طبيب محرم بالحج، وملتزم بمناسكه، وجاء وطاف طواف الإفاضة، ثم رجع ليبيت في منى ولكن عمله يتطلب أن يكون في مكة، فله أن ينزل ويبيت ليزاول عمله بعد أن يرمي الجمرات في وقت من النهار؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يكلف الرعاة بأن يفدوا عن غيبتهم وعن تأخيرهم الرمي، وكذلك أصحاب السقاية، ويتفق العلماء على أن من ترك الرمي في أول أيام التشريق، وثاني أيام التشريق، ثم جاء في اليوم الثالث من أيام التشريق فرمى عن اليوم الأول: الأولى فالوسطى فالكبرى، ثم رجع فرمى عن اليوم الثاني: الأولى فالوسطى فالكبرى، ثم رجع فرمى عن اليوم الثالث: الأولى فالوسطى فالكبرى، أنه لا شيء عليه، وأن ذلك يجزئه.

    وهكذا ينبغي أن يوسع لأصحاب الأعمال؛ لأن الذي يتخلف منهم عن المبيت بمنى لم يتخلف لمصلحة نفسه، ولا لرفاهية يطلبها، وإنما من أجل خدمة الحجيج.

    والنبي صلى الله عليه وسلم لم يتعجل في يومين، بل تأخر إلى اليوم الثالث.

    1.   

    حكم المرأة إذا حاضت قبل أن تطوف طواف الإفاضة والخلاف في ذلك

    وحينما رجع صلى الله عليه وسلم من مكة في يوم العيد، كانت نوبة صفية رضي الله تعالى عنها، فسأل عنها: أين هي؟ فقالت له عائشة رضي الله تعالى عنها: إنها حائض، فقال: (عقرى حلقى، أحابستنا هي؟) أي: أتحبسنا حتى تطهر وتغتسل وتطوف طواف الزيارة ثم نرحل؟! فقيل له: إنها قد طافت، يعني: طافت قبل أن تأتيها الحيضة، فأمرهم بالرحيل، ومن هنا أخذ العلماء المبحث الأول الذي سقناه سابقاً وهو: أن المرأة إذا أتاها الحيض قبل أن تطوف طواف الزيارة، وهو طواف الإفاضة ماذا تفعل؟ الكلام في هذا المبحث كثير، والخلاف فيه مشهور عن الأئمة الأربعة، فـالشافعي ومالك يشددان في ذلك ويقولان: تبقى على إحرامها وتبقى على حالتها ولو سافرت إلى بلدها فعليها أن ترجع. أما أبو حنيفة رحمه الله وهي رواية عن أحمد فيقولان: إنها إن لم تستطع أن تصبر إلى أن تطهر، لعدم وجود محرم ينتظر معها، أو لنفاد نفقتها، أو لفوات رفقتها فإنها تتحفظ وتطوف وعليها بدنة فدية؛ لأنها قد أصبحت في هذه الحالة مضطرة بين أن ترجع إلى بلدها وتبقى على إحرامها، وتبقى كذلك محرّمة على زوجها إلى أن تأتي مرة أخرى، وتكمل حجها وتفك إحرامها، وبين أن تبقى في مكة حتى تطهر وتكون وحيدة منفردة وقد فاتتها الرفقة، وقد يكون عليها من الخطر ما يكون.

    وقد ناقش العلماء هذه القضية طويلاً، فالإمام أبو حنيفة رحمه الله كما بينا يجوز لها عند الضرورة القصوى أن تتحفظ وتطوف وعليها بدنة، وجاء الإمام ابن تيمية رحمه الله وبحث المسألة بحثاً ضافياً فيما يقرب من خمسين صفحة وهذا البحث موجود في كتاب مجموع الفتاوى، وبين الأدلة في هذه القضية بياناً لا يوجد نظيره عند غيره، وانتهى إلى القول بأنها معذورة، وأنها لا شيء عليها، لا بدنة ولا غيرها؛ لأنها لم تفرط، وهذا الأمر خارج عن يدها، والمشقة تجلب التيسير، ولا ضرر ولا ضرار.. إلخ.

    1.   

    نزول النبي صلى الله عليه وسلم بالأبطح والخلاف في سببه

    ولما انتهى صلى الله عليه وسلم من أعمال منى نزل بالأبطح، وكان يسمى (خيف بني كنانة) وهو موجود الآن في أوائل مكة في ما يسمى قصر السقاف، موضع الرابطة سابقاً، وهنا يبحث العلماء في سبب هذا النزول، فبعضهم يقول: نزل فيه نزولاً تابعاً للنسك، وبعضهم يقول: إنما نزل فيه لأنه واسع وهو في بادئ مكة، فيكون أيسر له ولمن معه إذا أرادوا السفر إلى المدينة؛ لأن السفر من هناك أيسر عليهم من أن يدخلوا مكة وبيوتها وأزقتها ثم يخرجون، فهذا فيه مشقة عليهم، إذاً: مبيته في هذا المكان الذي هو خيف بني كنانة اختلف فيه هل هو تابع للنسك أو هو من أجل المصلحة؟ وابن كثير رحمه الله يذكر لذلك سبباً آخر وهو: أن خيف بني كنانة هذا في أول بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كان له تاريخ، لما تآمرت قريش على بني هاشم، أن لا يبايعوهم ولا يزاوجوهم، ولا يعاشروهم، حتى اضطروا إلى أن ينحازوا إلى الشعب، واشتد الأمر عليهم، حتى أكلوا ورق الشجر، وكتبوا في ذلك صحيفة، وعلقوها داخل الكعبة، وكانت هذه الصحيفة تسمى: الصحيفة الظالمة، وقد كتبوها في هذا الخيف.

    وبعد أن كتبت بمدة جاء جبريل عليه السلام وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله قد سلط الأرضة على الصحيفة فأكلتها، ولم يبق منها إلا: لفظ الجلالة فقط، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عمه أبا طالب ، وقال: إن الصحيفة التي كتبوها وعلقوها بالكعبة سلط الله عليها الأرضة فأكلتها، ولم يبق منها إلا لفظ الجلالة، فذهب أبو طالب إلى سادات قريش، وقال: يقول ابن أخي: إن صحيفتكم الظالمة قد سلط الله عليها الأرضة فأكلتها، ولم يبق منها إلا لفظ الجلالة فهلموا انظروا إليها، إن كان صادقاً فلا حاجة إلى هذه القطيعة، والغوا هذه الصحيفة، وإن كان كاذباً فشأنكم به.

    ففتحوا الكعبة، ونظروا الصحيفة، فوجدوها كما أخبر صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك استمروا في العناد، فقام أربعة نفر من قريش وقالوا: والله! إن هذا ظلم، أفنقاطعه بعد أن تبين لنا صدقه؟! فتآمروا أنهم إذا جاء الليل يكون كل إنسان من الأربعة في ركن من أركان المسجد، فيقوم الأول ويقول: إن تلك الصحيفة الظالمة لم نحضرها ولم نرض بها ولا نقرها، فيتكلم أبو جهل فيقوم الثاني ويؤيد هذا القول، وهكذا الثالث والرابع، وحينئذٍ ستجد قريش نفسها أمام الأمر الواقع، ففعلوا ما تآمروا عليه حتى قال أبو جهل : إن هذا أمر بيت بليل، يعني: ما جاء صدفة الآن وإنما أنتم متفقون عليه بليل، فيقولون: إن تلك الصحيفة الظالمة كتبت في خيف بني كنانة، حيث اجتمع كفار قريش هناك في ذلك الخيف وكتبوها وجاءوا بها وعلقوها داخل الكعبة، فيقول ابن كثير : كما أن هذا الخيف شهد كتابة الصحيفة الظالمة فليشهد نزول النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه عقب هذا النسك العظيم، فكما شهد الظلم يشهد العدل ويشهد ذكر الله من هذا الرهط الكريم، والله تعالى أعلم.

    1.   

    مشروعية العمرة بعد الحج للقارن

    وهناك قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: أريد عمرة، فقال لها صلى الله عليه وسلم: (يكفيك عمرتك مع حجك) لأنها بدأت أول ما بدأت من ذي الحليفة متمتعة، لكنها لما وصلت إلى سرف -وسرف قبل مكة بمرحلتين- أتتها الحيضة، فدخل عليها صلى الله عليه وسلم فوجدها تبكي، فقال: (ما يبكيك لعلك نفست؟) والحيض يطلق عليه نفاس أيضاً، قالت: (نعم، قال: لا عليك، هذا أمر كتبه الله على بنات حواء) وفي قوله صلى الله عليه وسلم هذا يرد به العلماء على من قال: إن الحيض لم يوجد إلا في بني إسرائيل، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (هذا أمر كتبه الله على بنات حواء - أي: من أول الدنيا- اغتسلي وقولي: حجة في عمرة) فكانت متمتعة ولكن الحيضة منعتها من أن تتحلل من عمرتها قبل الحج، فأدخلت الحج على العمرة وصارت قارنة، ولما طهرت طافت للحج والعمرة معاً، فكانت قارنة قد جمعت بين النسكين، فقالت: أترجع صاحباتي كلٌ بحج وعمرة، يعني: مفردة مستقلة، وأرجع أنا بحجة فقط؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأخيها عبد الرحمن : (اذهب بأختك وأعمرها من التنعيم) والتنعيم هو: المكان المعروف الآن بـ(مسجد عائشة )، والمسافة بينه وبين الحرم المكي سبعة كيلومترات، وهذا كما يقولون: هو أدنى الحل، لأن حرم مكة وحلها متفاوت المسافات، فبعض الجهات الحل بعيد فيها كما هو الحال فيما وراء مزدلفة، وبعض الجهات قريب؛ كالتنعيم، إذ لا يتجاوز سبعة كيلو مترات، وبعض جهات الحل المسافة إليها فوق العشرين كيلو متراً، فأدنى الحل في مكة إلى الحرم هو التنعيم، ومن هنا اشترط العلماء أن كل مكي سواءً كان آفاقياً أو مكياً أصلياً إذا أراد العمرة فإن عليه أن يخرج من حدود الحرم إلى أدنى الحل، ويعقد الإحرام هناك، ويدخل إلى الحرم عاقداً نية العمرة، وهذا يؤديه المعنى اللغوي؛ لأن العمرة هي بمعنى الزيارة، والحج هو بمعنى القصد إلى معظم، فكيف تكون زيارة وأنت تحرم من وسط البيت؟ وكيف تزور وأنت جالس في البيت؟ فالزائر لابد أن يأتي من الجانب، كما يقولون: الزور، والزور يكون من فتحة الفم، ويعمل زاوية وينزل إلى الرقبة إلى الجوف، يعني: الزائر يأتيك عن جنب، كما أن الزور يأتي عن جنب من الفم، فلا يتأتى أن يقول القائل: أنا زائر وهو جالس في البيت، بل لابد من الخروج.

    ويستدلون على ذلك أيضاً أن ابن الزبير لما بنى الكعبة على قواعد إبراهيم، وأدخل فيها الحجر وجعل لها بابين مساويين للأرض، لما أتم البناء خرج بأعيان مكة إلى التنعيم، وأحرموا منه وجاءوا بعمرة شكراً لله على إتمام بناء الكعبة، وقد اتفق الأئمة الأربعة على أن من كان في مكة وأراد العمرة فلابد أن يخرج إلى الحل، وقالوا: كل نسك عمرة أو حج لابد فيه من الجمع بين الحل والحرم، أما العمرة فكما ذكرت، وأما الحج فإن من جاء متمتعاً وأحرم يوم التروية من مكة فإنه سيخرج إلى الحل -أي: إلى عرفات، وعرفات خارج حدود الحرم- ثم ينزل ويدخل إلى الحرم ليكمل نسكه.

    فخرجت عائشة مع أخيها وأتت بعمرتها، وانتظرهما صلى الله عليه وسلم إلى صلاة الفجر، ثم رجعوا إلى المدينة.

    1.   

    حكم طواف الوداع للحائض والنفساء

    ومما يتعلق بالمرأة إذا حاضت قبل ذلك، أو فاجأها الحيض بعد طواف الإفاضة وقد بقي عليها طواف الوداع، ما جاء الخبر فيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن الحائض والنفساء)، فالحائض أو النفساء لا وداع عليها؛ لعذرها ولعدم الحاجة إلى تأخرها حتى تطهر، وهذا بخلاف طواف الإفاضة.

    هكذا كانت حجة النبي صلى الله عليه وسلم، وبعد أن فرغ من الحج ورجع إلى المدينة رجع كل وفد من الطريق الذي جاء منه، ورجع الناس إلى بلادهم بعد أن وادعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا خلاصة ما بقي من حديث جابر رضي الله تعالى عنه في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    الكليات الخمس والإشارة إليها في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر

    وفي حديث جابر رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوم العيد، وهذه الخطبة هي الخطبة العظيمة التي بين فيها صلى الله عليه وسلم مجمع أحكام الإسلام كاملة، وبدأ الخطبة بقوله: (أيها الناس! أي يوم هذا؟ قال: فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال: أليس يوم الحج الأكبر؟ قلنا: بلى، قال: أي شهر هذا؟ قال: فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال: أليس بالشهر الحرام؟ -لأن شهر ذو القعدة وذو الحجة والمحرم هذه الثلاثة من الأشهر الحرم، والرابع هو شهر رجب- قلنا: بلى، قال: أي بلد هذا؟ قالوا: فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليس بالبلد الحرام؟ قلنا: بلى، قال: ألا -أداة التنبيه والاسترعاء- إن دماءكم وأموالك وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا،) يعني: تحريم مضاعف ثلاث مرات، بحرمة الزمان والمكان.

    وهنا يتأمل الإنسان في قوله: (دماءكم وأموالكم وأعراضكم) وهذه أعظم ثلاث جواهر من الجواهر الست التي لا قيام لأي مجتمع بدون الحفاظ عليها، يقولون: هذه الجواهر الست لا غنى لأي مجتمع أياً كان دينه عنها، فإذا ما انتهكت تلك الجواهر ضاع هذا المجتمع، وصار لا قيام له ولا كيان، وأول شيء للمجتمعات هو الدين، فلابد لكل مجتمع من دين أياً كان هذا الدين، سواءً كان سماوياً أو أرضياً.. صحيحاً أو باطلاً، فلابد من تدين؛ لأن التدين يملأ الداخل، فإن كان سماوياً صحيحاً فهذا هو الرشد، وإن كان غير ذلك فهذا هو الضلال والعياذ بالله! ولهذا يقول بعض الكتاب: من الممكن أن ترى مدينة بدون ملعب، وبدون ملهى، وبدون حديقة، وبدون مسبح، ولكن لا يمكن أن ترى مدينة بدون معبد، فالعبادة والتدين هو من طبيعة البشر، فالدين من الجواهر الست، ولهذا جاء الإسلام بالحفاظ على الدين، وأمر الله سبحانه وتعالى عباده أن يأخذوا بهذا الدين، فقال سبحانه: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ [آل عمران:85].

    وبين صلى الله عليه وسلم حكم من بدل دينه فقال: (من بدل دينه فاقتلوه) وحرم كل ما يؤدي إلى تبديل الدين وتغييره من البدع والخرافات؛ لأن البدع بريد الكفر، وجعل في الردة القتل، وجعل في البدع والخرافات التعزير.

    النوع الثاني من الجواهر: العقل، والعقل هو ميزان الإسلام، وهو الجوهرة التي يتميز بها الإنسان عن جميع الكائنات، والتي بها عرف الله سبحانه وتعالى، وتلقى الخطاب بالتكاليف عن الله، والإنسان بغير العقل ينزل عن مستوى الحيوانات؛ لأن الحيوانات لديها تمييز ولديها إدراك، وتعرف ما ينفعها وما يضرها، فتجتنب ما يضر وتسعى إلى ما ينفع، أما فاقد العقل فهو يؤذي نفسه أكثر مما يؤذيه عدوه، ومن هنا أمر الله بالحفاظ على العقل، وحرم كل ما يفسد هذا العقل، وكذلك حرم ما يوصل إلى فساد هذا العقل، قال صلى الله عليه وسلم: (ما أسكر كثيره فقليله حرام) وقال: (كل مسكر حرام وما أسكر الفرق منه فملء الكف منه حرام) وإن كان لا يسكر لكنه طريق إليه، وهكذا حرم كل ما يخل بالعقل من نباتات وكيميائيات، وما أشد مضرة العالم كله اليوم من تلك المفسدات التي دخلت على العقل، وشغل العالم والأمم والدول والحكومات بمطاردة هذه المفسدات التي أفسدت الشباب وأضاعت جهدهم وكيانهم.

    النوع الثالث: النفس، حافظ الشرع عليها ولهذا حرم الله القتل وجعل فيه القصاص، وجعل من قتل نفساً واحدة ظلماً فكأنما قتل الناس جميعاً، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً، وشرع القصاص فقال: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ [البقرة:179].

    النوع الرابع: النسب، والنسب هو قوام المجتمعات، ولهذا حرم الله ما يفسد الأنساب، فحرم الزنا، وجعل فيه إما الرجم وإما الجلد، وحرم ما يوصل إليه، من الخلوة بالأجنبية، والسفر بدون محرم، وكذلك سد المنافذ بين الرجل والمرأة عن طريق السمع، وعن طريق البصر، وعن طريق الشم، وعن طريق الحركة، فعن طريق البصر قال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ [النور:30] وقال: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ [النور:31] وعن طريق الشم قال صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة تعطرت فخرجت من بيتها فمرت بقوم فوجدوا منها الطيب فهي زانية) وكلمة زانية عظيمة جداً على الأذن، لكن كما بين صلى الله عليه وسلم: (إن الله كتب الزنا على كل شخص، فالعين تزني وزناها النظر، والأذن تزني وزناها السمع -إلى أن قال:- والفرج يصدق ذلك أو يكذبه).

    وكذلك سد منافذ السمع، قال تعالى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب:32] ومنع الرجل من أن يتسمع أو المرأة من أن تلين بكلامها للرجال، وكذلك الحركة قال تعالى: وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ [النور:31] فكل هذه المنافذ التي توصل شبح المرأة إلى قلب الرجل أو العكس أمر الإسلام بإقفالها، سلامة لها منه وسلامة له منها؛ وذلك لئلا يصلا إلى ما فيه الحد ألا وهو الزنا، وبهذا حفظت الأنساب.

    النوع الخامس: الأموال، فقد حفظ الشرع الأموال بأن جعل الله في السرقة حد القطع، وحرم كل ما يوصل إليها، وحرم أكل أموال الناس بالباطل: كالغش، والخداع، والتدليس، وتطفيف الكيل والوزن .. إلخ، كل ذلك حرمه الله حفظاً للمال، فإذا ما حفظ للمجتمع دينه وعقله ودمه ونسبه وماله كان آمناً، وإذا ما انتهكت فيه بعض هذه الكليات اضطرب ميزانه، وتقوضت أركانه، ففي حجة الوداع في تلك الخطبة العظيمة قال صلى الله عليه وسلم: (إلا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ...)إلخ، وقال صلى الله عليه وسلم: (كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه) وقال: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة) إلى غير ذلك.

    ثم أتبع هذا المبدأ الأساسي بالأمر بالأمن حتى يحتفظ المجتمع بالأمن، وحتى لا يكون هناك مجال للاعتداءات، فجاء إلى المرأة شقيقة الرجل فقال: (ألا واستوصوا بالنساء خيراً، فإنهن عوان عندكم، استحللتموهن بكلمة الله) أي: ليس بالصداق الذي يدفع، وإنما الصداق نحلة، وإنما الذي أحلها لزوجها بعد أن كانت محرمة عليه هو قول وليها: زوجتك على كتاب الله وسنة رسول الله، فيرد ويقول: قبلت هذا الزوج على كتاب الله وسنة رسول الله.

    ثم قال: (لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض) وذكر صلى الله عليه وسلم حق الوالي على الرعية، وحق الرعية على الولاة، إلى آخر ما جاء في تلك الخطبة العظيمة التي لو جمعت أطرافها، وبوبت وشرحت وبين ما فيها لكانت أعظم دستور للأمة؛ لأنها تبين ما أجمله القرآن والسنة من تعاليم الإسلام، والله سبحانه وتعالى أعلم.

    جواز التقديم والتأخير في أعمال يوم النحر

    ومما يذكر يا إخوان! في ذلك اليوم وهو من أهم ما يرفق بالناس أنه صلى الله عليه وسلم سأله: سائل فقال: ما شعرت رميت قبل أن أنحر، وقال آخر: ما شعرت نحرت قبل أن أرمي، وقال آخر: حلقت قبل أن أنحر، وكلما سئل قال للسائل: (افعل ولا حرج..) ويقول الراوي: ما سئل عن شيء في ذلك اليوم إلا وقال: (افعل ولا حرج) لأنهم يقولون: يستحب في أعمال ذلك اليوم الترتيب الذي جاء عنه صلى الله عليه وسلم، وهو أنه يبدأ برمي جمرة العقبة، ثم بعد الرمي يذهب وينحر، وبعد النحر يحلق، وبعد الحلق يطوف طواف الإفاضة، هذا هو الترتيب الطبيعي، ولكن في هذا الحديث جاء التيسير على من قدم شيئاً على غيره، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لكل من سأله: (افعل ولا حرج) أي: وليس عليك فدية في ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم.

    وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756271772