إسلام ويب

زاد المستقنع - كتاب البيع [3]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • المسابقة جائزة بإجماع أهل العلم في الجملة، وكل مسابقة فيها إعلاء كلمة الله، وانتفاع في إظهار الدين، ووسيلة للجهاد فلا بأس بأخذ العوض فيها، فإن كان العوض من بيت مال المسلمين فهذا جائز، وإن كان العوض من أحد المتسابقين فالراجح جوازه، وإن كان العوض من جميع المشاركين فالراجح أنه محرم، إلا إذا أدخلوا محللا لا يبذل عوضاً، ويأخذ إن سبق.
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.

    أما بعد:

    أحبتي في الله! قبل الشروع في باب السبق اسمحوا لي أن أقول: إن هناك وخزة من وخزات الشيطان الذي يدخل بها على طالب العلم وهي: أن طالب العلم يتصور أن بحضوره للدروس ربما لا يستفيد، ولو قرأ هذه الدروس في بيته لكان قد استجمع بعض المسائل أكثر مما يستجمعها في الدرس، وهذا في حقيقة الحال والواقع خلاف ذلك؛ حيث إن طالب العلم يستفيد من حضوره للدروس فوائد علمية، وطريقة الاستدلال ربما لا يستنتجها في بداية الأمر؛ نعم لكثرة الممارسة والقراءة والتأمل، فربما يحصل على هذه الأشياء، لكن طبيعة الحال أنك إذا بدأت تقرأ يعتريها ما يعتري الذهن من شرود وعدم تأمل لكل قول يقوله؛ لأن بعض الناس إذا قرأ لـابن تيمية رحمه الله يجد أنه يأسره ابن تيمية أسراً لا يستطيع أن يخرج عن غيره، ولو قرأ للحنفية لربما أسره الحنفية ما لا يأسره غيرهم.

    ولأجل هذا وجد من أصحاب المذاهب من يأخذ بمذهب إمامه ولا يأخذ بالمذهب الآخر؛ لأن أصوله قد تبناها على نحو أصول إمامه، ولهذا يصعب على طالب العلم إذا كان قد أخذ بمقدمات شيخ أن ينتهي بخلاف النتيجة التي انتهى إليها هذا الشيخ.

    وعلى هذا فأقول للطلاب وإخواني: إن القراءة على الشيخ وكذا المذاكرة فيها خير أكثر من القراءة الفردية، ولهذا يقول الزهري رحمه الله: مذاكرة ساعة خير لي من مداومة اطلاع شهر، وأنا أنصح طلاب العلم أن يجتمع اثنان أو ثلاثة، ثم يأخذوا باباً من أبواب الفقه، ويقرأ كل واحد منهم باباً، ثم بعد ذلك يجتمعون ولا يزيدون عن خمسة، وأفضل شيء ثلاثة، ويكون كل واحد منهم متسابقاً، واشترطوا في المسابقة أن تتكافأ الخيول، وأنا أقول أيضاً في الثلاثة أن تتكافأ العقول، ثم يعتمدون على كتاب، ويجتمعون كل أسبوع فيتناقشون: ما ترون في هذه المسألة؟ فيقول: أنا أرى كذا، والثاني يقول: أرى كذا، وأنتم في وقت مذاكرة ليعطي الإنسان ثقته بنفسه، ولا يعني الثقة بالنفس الغرور بمعنى: أنه لو قرأ قول شيخ من مشايخه أن ينظر هل للأئمة الكبار قول لهذا أم لا؟ وإذا أخذ بقول ينظر إلى القول الثاني كأنه يستدلهم ويتأنى في ذلك، هذه الطريقة تساعد طالب العلم بإذن الله على الإدراك وعدم التعصب، ودواليك دواليك فإن الإنسان يكون بإذن الله طالب علم.

    ولتعلموا يا رعاكم الله! أن الفقيه حقاً هو الذي يفهم المسألة، ويستدل لها بالكتاب والسنة وفهم أقوال سلف هذه الأمة، وكثير من طلاب العلم الآن أوجدوا أقوالاً لم يكن عليها سلف هذه الأمة، ويظنون في أول وهلة أن أقوالهم قوية، لكن لو تأملوا وتدبروا وتأنوا لوجدوا أن أقوالهم بعيدة كل البعد عن أقوال السلف، وبعيد أن يتفطن طلاب العلم إلى أقوال لم يكن لها ذكر، ولا قول لأئمة فقهاء الإسلام، ومسائل الحج فيها شيء كثير من ذلك، ومسائل السبق فيها شيء كثير من ذلك، كما سوف يأتي بيانه إن شاء الله.

    وأنا دائماً أقول: فهم أقوال الصحابة فيها خير كثير لطالب العلم، وفيها منفعة؛ لأن كل إمام من أئمة الإسلام خاصة الفقهاء الأربعة تجد أنهم يقيدون بعض الأدلة بقيود تتناسب مع العصر الذي يعيشون فيه، والواقع الذي يجتمعون ويحيون فيه، في حين أن الصحابة أخذوا من مشكاة النبوة وطبقوها، ولم يظهر منهم بعض القيود التي أحياناً تذهب رونق القول الراجح، وعلى هذا فنحن في هذا الزمان بحاجة إلى أن ننظر في أقوال الصحابة وكبار التابعين. ‏

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087710309

    عدد مرات الحفظ

    773656228