إسلام ويب

شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [24]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الصلح: معاقدة يتوصل بها إلى إصلاح بين متخاصمين؛ والمقصد منه إزالة الشحناء والبغضاء، وإيجاد المحبة بين المسلمين؛ ولهذا يغتفر فيه ما لا يغتفر في غيره، ولا يعرض القاضي الصلح على المتخاصمين إلا إذا لم يظهر وجه الحق له، أو ظهر وفي الحكم به مفسدة أو فتنة، والصل
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب الصلح: إذا أقر له بدين أو عين فأسقط أو وهب البعض وترك الباقي صح إن لم يكن شرطاه، وممن لا يصح تبرعه، وإن وضع بعض الحال، وأجل باقيه صح الإسقاط فقط، وإن صَالح عن المؤجل ببعضه حالاً، أو بالعكس، أو أقر له ببيت فصالحه على سكناه، أو يبني له فوقه غرفة، أو صَالح مكلفاً ليقر له بالعبودية، أو امرأة لتقر له بالزوجية بعوض لم يصح، وإن بذلا هما له صلحاً عن دعواه صح، وإن قال: أقر لي بديني وأعطيك منه كذا، ففعل صح الإقرار لا الصلح.

    فصل: الصلح على إنكار.

    ومن ادُعي عليه بعين أو دين فسكت، أو أنكر وهو يجهله، ثم صَالح بمال صح، وهو للمدعي بيع يرد معيبه ويفسخ الصلح].

    تقدم لنا جملة من أحكام الحوالة، وذكرنا من هذه الأحكام ما يتعلق بتعريف الحوالة في اللغة والاصطلاح، وأن الحوالة: هي نقل الحق من ذمة إلى ذمة أخرى، وأيضاً سبق لنا أن الحوالة يشترط لها شروط:

    الشرط الأول: أن تكون على الدين المستقر، فالدين المحال عليه يشترط أن يكون مستقراً على ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله.

    والشرط الثاني: اتفاق الدينين، وذكر المؤلف رحمه الله أنه يشترط اتفاق الدينين في أربعة أمور: في الجنس وفي الوصف وفي القدر وفي الوقت.

    والشرط الثالث: رضا المحيل، وهل يشترط رضا المحال؟ ذكرنا أن المشهور من مذهب الإمام أحمد : أن المحال لا يشترط رضاه، ويجب عليه أن يتحول إذا كانت الحوالة على مليء، وعند جمهور أهل العلم أنه يشترط رضا المحال، وكذلك أيضاً المحال عليه لا يشترط رضاه.

    وتقدم لنا أيضاً فائدة الحوالة، وأن فائدة الحوالة أنها إذا تمت بشروطها فإنها تنقل الحق من ذمة إلى ذمة أخرى، وأيضاً تقدم لنا ما يتعلق باصطلاح المليء في باب الحوالة، وأن المليء في باب الحوالة: هو القادر على الوفاء ببدنه وماله وقوله، وكنا في آخر مسألة في باب الحوالة وهي قول المؤلف رحمه الله: (ومن أُحيل بثمن مبيع، أو أُحيل به عليه، فبان البيع باطلاً فلا حوالة، وإذا فُسخ البيع لم تبطل ولهما أن يحيلا).

    وذكرنا أن هذه الجملة تحتها صورتان:

    الصورة الأولى: قول المؤلف رحمه الله: (ومن أُحيل بثمن مبيع)، وصورة المسألة: أن المشتري يحيل البائع على من يريد منه ديناً.

    مثال ذلك: زيد باع السيارة على عمرو بعشرة آلاف، وعمرو له دين على صالح مقداره عشرة آلاف، فأحال المشتري عمرو البائع زيداً على صالح، الآن البائع تحول على صالح، فإذا تبين أن العقد فاسد فإن الحوالة فاسدة؛ لأن الحوالة فرع عن العقد، فلو كان العقد فاسداً لاختلال شرط من شروط صحة البيع -كأن يكون المثمن مجهولاً، أو يكون المثمن غير مقدور على تسليمه أو غير ذلك- فإن عقد الحوالة يبطل لكون الحوالة فرعاً عن هذا العقد.

    وإذا فُسخ العقد فإن الحوالة تبقى على ما هي عليه ولا تبطل، ففي هذا المثال أحال عمرو المشتري البائع زيداً على صالح، فإذا حصل التفاسخ بين عمرو وبين زيد، فإن المشتري عمداً يطالب البائع زيداً بالثمن؛ لأنه سدد له عن طريق الحوالة، وإن كان ما أعطاه مباشرة لكن سدد له عن طريق الحوالة فله أن يطالبه.

    فإذا فُسخ العقد فالحوالة باقية، أصبح زيد الآن يطالب صالحاً، وعمرو يطالب زيداً الذي باع عليه، فله أن يطالبه بالثمن والحوالة تبقى كما هي، لا نقول بأن الحوالة بطلت وزيد يرجع على عمرو بل نقول: الحوالة باقية وزيد إنما يرجع على صالح؛ لأن عقد البيع صحيح، وما تفرع عنه من حوالة فهو صحيح إنما فُسخ بتراضيهما، لكن قال المؤلف: (ولهما أن يحيلا).

    يعني: الآن عمرو سيطالب البائع زيداً بالثمن، فله أن يحيله على صالح؛ لأنه هو يريد من صالح هذا الثمن، فعمرو أحال زيداً، فإذا جاء المشتري إلى البائع، وقال: أعطني الثمن فللبائع أن يحيله على صالح، ولهذا قال المؤلف رحمه الله: (ولهما أن يحيلا) هذه هي الصورة الأولى.

    الصورة الثانية: قال رحمه الله: (أو أُحيل به عليه).

    من أُحيل بثمن أو أُحيل به عليه فبان البيع باطلاً فلا حوالة، فالذي أحال البائع في الصورة الأولى هو الذي أحال المشتري، أما هنا فالذي أحال هو البائع.

    مثال ذلك: زيد باع سيارة على عمرو بعشرة آلاف، وصالح يريد من زيد ديناً، فالبائع زيد أحال صالحاً على المشتري (عمرو)؛ لأن زيداً يريد من عمرو عشرة آلاف، فإذا بان البيع باطلاً فإن الحوالة تبطل لما تقدم من التعليل، فإذا فُسخ العقد بين المتعاقدين بإقالة أو ظهور عيب أو نحو ذلك فإن الحوالة تبقى على ما هي عليه، فصالح يريد من زيد عشرة آلاف، وزيد أحاله على المشتري عمرو، فيُفسخ العقد والحوالة تبقى على ما هي عليه ولا تبطل، وصالح لا يطالب زيداً وإنما يطالب المشتري الذي هو عمرو، لكن لعمرو أن يحيل صالحاً على البائع، ولهذا قال المؤلف رحمه الله: (ولهما أن يحيلا) للمشتري الذي هو عمرو، ولصالح الذي يطالب المشتري بالدين؛ لأن زيداً أحال صالحاً على المشتري فللمشتري أن يحيل صالحا على البائع.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087806501

    عدد مرات الحفظ

    774102877