إسلام ويب

شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [12]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من ضوابط الربا، أنه إذا اختلفت الأجناس جاز التفاضل، وإذا اختلفت الأنواع فلا بد من التساوي، ولا يصح بيع اللحم من الحيوان بجنسه، ومثله بيع الحب بدقيقه، وبيع العصير بأصله، ويصح بيع الدقيق بمثله، وعصيره بعصيره. هذا ومن البيوع المحرمة: مسألة مد عجوة ودرهم، وب
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والجنس ما له اسم خاص يشمل أنواعاً كبرٍّ ونحوه، وفروع الأجناس كالأدقة والأخباز والأدهان أجناس، واللحم أجناس باختلاف أصوله، وكذا اللبن، واللحم والشحم والكبد أجناس، ولا يصح بيع لحم بحيوان من جنسه، ويصح غير جنسه، ولا يجوز بيع حب بدقيقه ولا سويقه ونيئه بمطبوخه، وأصله بعصيره، وخالصه بمشوبه، ورطبه بيابسه، ويجوز بيع دقيقه بدقيقه إذا استويا في النعومة، ومطبوخه بمطبوخه، وخبزه بخبزه إذا استويا في النشاف، وعصيره بعصيره، ورطبه برطبه، ولا يباع ربوي بجنسه ومعه أو معهما من غير جنسه].

    تقدم لنا ما يتعلق بعلة الربا، وأن العلماء رحمهم الله اختلفوا في علة الربا في الذهب والفضة على أقوال، وأن أقرب هذه الأقوال أن العلة هي الثمنية، وكذلك أيضاً اختلفوا في العلة في الأصناف الأربعة الباقية، وأن المشهور من مذهب الإمام أحمد ومذهب أبي حنيفة أن العلة هي الكيل، والشافعية يقولون: العلة هي الطعم، والمالكية يقولون: العلة هي الاقتيات والادخار، وشيخ الإسلام له قول: بأن العلة هي الطعم مع الكيل أو الطعم مع الوزن.

    وكذلك أيضاً سبق لنا شيء من الضوابط، ومن هذه الضوابط أنه لابد من المعيار الشرعي عند اشتراط التساوي، وذلك فيما إذا بيع ربوي بجنسه، فإذا بيع ربوي بجنسه فإنه لابد من التساوي، والتساوي لابد أن يكون بالمعيار الشرعي كيلاً في المكيلات، ووزناً في الموزونات، وإذا بادلنا ربوياً بربويٍ آخر اختلف معه في الجنس ولو اتفق معه في العلة فإنه لا يشترط التساوي، فإذا لم يشترط التساوي فيقول المؤلف رحمه الله: (جازت الثلاثة)، يعني يجوز أن تضبط بالكيل، ويجوز أن تضبط بالوزن، ويجوز أيضاً الجزاف يعني أن تبيع بلا ضبط وإنما يقتصر على الرؤية؛ لأن التساوي هنا ليس شرطاً.

    قال المؤلف رحمه الله: (والجنس ما له اسم خاص يشمل أنواعاً كبر ونحوه، وفروع الأجناس كالأدقة والأخباز والأدهان أجناس).

    سبق أن ذكرنا ثلاثة ضوابط من ضوابط الربا، وهذا هو الضابط الرابع: وهو ضابط الجنس وضابط النوع، فالجنس: يشتمل على أشياء مختلفة بأنواعها، وأما النوع: فإنه يشتمل على أشياء مختلفة بأشخاصها وأفرادها، هذا هو ضابط الجنس وضابط النوع.

    وعلى هذا نقول كما ذكر المؤلف: (الجنس ما له اسم خاص يشمل أنواعاً) ومثال الجنس: البر، فالبر جنس يشتمل على أشياء مختلفة بأنواعها، فالبر أنواع فهناك الحنطة، وهناك اللقيمي، وهناك المعية، فهذه كلها أنواع للبر.

    ومثال ذلك أيضاً: التمر، فهو جنس يشتمل على أشياء مختلفة بأنواعها، كالعجوة والسكري، والبرحي، فأنواع التمر كثيرة.

    وكذلك اللحم، فلحم الإبل جنس مشتمل على أشياء مختلفة بأنواعها، فهناك لحم الإبل العراض، ولحم الإبل البخاتي. ولحم الغنم أيضاً جنس مشتمل على أشياء مختلفة بأنواعها، فهناك لحم الضأن، وهناك لحم الماعز.

    ولحم البقر جنس؛ لأنه يشتمل على أشياء مشتملة بأنواعها، فهناك لحم البقر، ولحم الجواميس، ولحم البقر العراض.

    وقل مثل ذلك أيضاً في الحليب، وفي الدهن، فدهن الإبل جنس مشتمل على أشياء مختلفة بأنواعها، ودهن الغنم جنس مشتمل على أشياء مختلفة بأنواعها، فالجنس هو كما ذكر المؤلف بأنه اسم خاص يشمل أشياء مختلفة بأنواعها.

    وأما النوع: فهو الشامل لأشياء مختلفة بأشخاصها وأفرادها، ومثال ذلك من أنواع التمر العجوة، فلو أن عندنا كيسين، في هذا الكيس الأول تمر عجوة، والكيس الثاني تمر عجوة، فالعجوة نوع مشتمل على أشياء مختلفة في أشخاصها وأفرادها، فهذا الكيس خلاف هذا الكيس لكن كل منهما نوع واحد، فعندك هذا كيس عجوة، وهذا كيس عجوة، وهذا كيس عجوة، هذه أنواع؛ لأنها مختلفة بأفرادها وأشخاصها وليست مختلفة بأنواعها.

    ومثال ذلك أيضاً الحنطة، فهذا كيس حنطة، وهذا كيس آخر من الحنطة وهذا كيس ثالث من الحنطة، فهذه نقول: بأنها أنواع؛ لأنها مختلفة بأشخاصها وأفرادها.

    فالضابط أن الجنس يشمل أشياء مختلفة بأنواعها، والنوع هو الشامل لأشياء مختلفة بأشخاصها.

    البيع عند اختلاف الجنس واختلاف النوع

    الضابط الخامس: إذا اختلف الجنس جاز التفاضل، وإذا اختلف النوع واتحد الجنس فلا يجوز التفاضل، وعلى هذا الضابط فلا أثر لاختلاف النوع، أو اختلاف الصفة بالجودة والرداءة عند اتحاد الجنس الربوي، فعندما يتحد الجنس الربوي يجب التساوي ولو اختلف النوع، فمثلاً عندما تبادل تمراً سكرياً بتمر برحي، أو بتمر عجوة فإنه يشترط التساوي، فاختلاف النوع لا أثر له، واختلاف الصفات في الجودة والرداءة لا أثر له، وعندما تبادل براً جيداً ببر رديء فهذا الاختلاف في الصفات لا أثر له، بل يجب التساوي مادام أنه اتحد الجنس الربوي.

    ويدل لذلك حديث أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل الصحابة رضي الله عنهم: ( أكل تمر خيبر هكذا؟ قالوا: يا رسول الله! نأخذ الصاع الجيد بالصاعين من الرديء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أوه، عين الربا ) فلابد من التساوي حتى ولو اختلف النوع أو اختلف الوصف.

    أما إذا اختلف الجنس فلا يشترط التساوي، فعندما تبادل مثلاً براً بشعير فلا يشترط التساوي، وعندما تبادل ذهباً بفضة فلا يشترط التساوي، وعندما تبادل لحم إبل بلحم بقر فلا يشترط التساوي؛ لأن هذا اختلاف جنس، لكن عندما تبادل لحم إبل بخاتي بلحم إبل عراض، فهذا اختلاف نوع، واختلاف النوع لا أثر له، بل يجب التساوي؛ لأن الجنس متحد، فعندما تبادل دهن إبل بدهن بقر لا يشترط التساوي؛ لأن الجنس هنا مختلف، لكن عندما تبادل دهن ضأن بدهن ماعز يشترط التساوي، وعندما تبادل حليب ضأن بحليب ماعز يشترط التساوي؛ لأن الاختلاف هنا اختلاف نوع، أما حليب الإبل، وحليب البقر، وحليب الضأن فهذا اختلاف جنس، فإذا اختلفت الأجناس جاز التفاضل، وإذا اختلفت الأنواع مع اتحاد الجنس فإن التفاضل لا يجوز، ولهذا عرف المؤلف رحمه الله ما يتعلق بالجنس، وكذلك أيضاً ما يتعلق بالنوع، فالبر تحته أنواع، والشعير تحته أنواع، والتمر تحته أنواع.

    فروع الأجناس أجناس

    قال رحمه الله: (وفروع الأجناس كالأدقة والأخباز والأدهان أجناس).

    فروع الأجناس أجناس كالأدقة، والمقصود بالدقيق الطحين، فعندنا بر طحناه فأصبح الآن دقيقاً، فالبر هذا جنس، والدقيق جنس، وطحين الشعير جنس، فعندما تبادل طحين بر بطحين شعير فإنه يجوز التفاضل؛ لأن كلاً منهما جنس مستقل، فطحين البر جنس، وطحين الشعير جنس، فإذا كان عندنا طحين الحنطة، وطحين أمعية، أو الجيمي لا يجوز التفاضل؛ لأن هذا اختلاف في النوع.

    وقوله رحمه الله: (والأخباز) يعني الخبز، فخبز البر جنس، وخبز الشعير جنس، فعندما تبادل خبز بر بخبز شعير لا يشترط التساوي لكن يجب التقابض، وعندما تبادل خبز بر بخبز بر يشترط التساوي على المشهور من المذهب، فلابد أن يتساويا في النشاف.

    وقوله رحمه الله: (والأدهان أجناس)، وهذا أشرنا إليه فدهن الإبل جنس، ودهن البقر جنس، ودهن الغنم جنس، وعندما تبادل دهن إبل بدهن بقر لا يشترط التساوي؛ لأن الجنس مختلف، لكن عندما تبادل دهن بقر جواميس بدهن بقر عراض فإنه يشترط التساوي؛ لأن الاختلاف هنا في النوع وليس اختلافاً في الجنس.

    قال رحمه الله: ( واللحم أجناس باختلاف أصوله وكذلك اللبن ).

    كما قلنا لحم الإبل جنس، ولحم البقر جنس، ولحم الغنم جنس، وكذلك اللبن أجناس، فلبن الإبل جنس، ولبن البقر جنس، ولبن الماعز جنس، فعندما تبادل لبن بقر بلبن إبل لا يشترط التساوي، لكن عندما تبادل لبن إبل بخاتي بلبن إبل عراض نقول: يشترط التساوي؛ لأن الاختلاف هنا اختلاف نوع وليس اختلاف جنس.

    قال رحمه الله: ( والشحم والكبد أجناس ).

    الشحم أيضاً جنس، فشحم الإبل جنس، وشحم البقر جنس، وشحم الغنم جنس.

    وقوله رحمه الله: ( والكبد )، أي: والكبد أجناس، فكبد الإبل جنس، وكبد البقر جنس، وكبد الغنم جنس.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088031109

    عدد مرات الحفظ

    775305533