إسلام ويب

فقه المواريث - إرث من عمي موتهم [1]للشيخ : عبد الرحيم الطحان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن تزوجت زوجة المفقود بعد انتهاء المدة ثم جاء الأول فلا سبيل لزوجها الأول عليها دخل الثاني أم لم يدخل عند الإمام مالك، ولبعض المالكية تفاصيل أخرى، وللورثة أن يصطلحوا على ما لا يستحقه المفقود من المال الموقوف، ولمن عمي موتهم في التوريث أحوال، منها المتفق عليه ومنها المختلف فيه، والذي عليه الجمهور في الصور المختلف فيها أنهم لا يتوارثون، وفي ذلك آثار كثيرة، والإمام أحمد رحمه الله في أحد قوليه يورث بعضهم بعضاً من تلاد المال دون طريفه.
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، سهل علينا أمورنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.

    اللهم زدنا علماً نافعاً وعملاً صالحاً بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين، سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك، سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك.

    اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:

    إخوتي الكرام! كنا نتدارس إرث المفقود وأحكامه، وقد انتهينا من أحواله وبقينا عند جزئية يسيرة هي ختام المبحث نذكرها إن شاء الله بعد أن أنبه على أمر ذكره بعض الإخوة حول مذهب الإمام مالك عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فيما يتعلق بزوجة المفقود.

    تقدم معنا أن زوجة المفقود إذا انتهت مدة الانتظار تعتد وتتزوج، فإذا انتهت المدة وتزوجت أو لم تتزوج فما حكمها إن جاء زوجها الأول؟ تقدم معنا أنه عند الحنفية والشافعية: زوجها أولى بها في كل حال سواءٌ عقد عليها أو لم يعقد عليها، دخل الزوج الثاني أو لم يدخل، وقابلهم المالكية فقالوا: إذا انتهت مدة الانتظار ملكت نفسها، فإن عقد عليها من قبل الثاني وجاء الأول ولم يدخل الثاني فلا تحل للأول، ولا يملك إعادتها إليه ومن باب أولى لو دخل بها، والقول الثالث للحنابلة وتوسطوا فيه فقالوا: إن لم يدخل الزوج الثاني بها فهو أولى بها قولاً واحداً، وإن دخل بها فيخير الزوج بين المهر وبين زوجته، وكأن بعض الإخوة يقول في مذهب المالكية يوجد خلاف، وأنا نقلت لكم من الموطأ وما حددت مصدراً غير هذا فارجعوا إلى قول الإمام مالك قلت: إنه في الموطأ في الجزء الثاني صفحة خمس وسبعين وخمسمائة، وفي كتب الفقه وشروح الحديث أشاروا إلى هذا القول للإمام مالك فرجعت إليه من الموطأ، وهذا شرح الزرقاني في الجزء الثالث صفحة مائتين، أقرأ لكم الكلام الذي في الموطأ، وأذكر إن شاء الله الشرح الذي قاله.

    يقول هنا: عدة التي تفقد زوجها:

    حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قال: (أيما امرأة فقدت زوجها فلم تدر أين هو فإنها تنتظر أربع سنين ثم تعتد أربعة أشهر وعشراً ثم تحل).

    قال مالك : وإن تزوجت بعد انقضاء عدتها فدخل بها زوجها أو لم يدخل بها فلا سبيل لزوجها الأول إليها، قال مالك : وذلك الأمر عندنا، وإن أدركها زوجها قبل أن تتزوج فهو أحق بها، قال مالك : وأدركت الناس ينكرون الذي قال بعض الناس على عمر بن الخطاب أنه قال: يخير زوجها الأول إذا جاء في طلاقها أو في امرأته، قال مالك : وبلغني أن عمر بن الخطاب قال في المرأة يطلقها زوجها وهو غائب عنها ثم يراجعها فلا يبلغها رجعته وقد بلغها طلاقه إياها فتزوجت: أنه إذا دخل بها زوجها الآخر الثاني أو لم يدخل بها فلا سبيل لزوجها الأول الذي طلقها إليها.

    قال مالك : وهذا أحب ما سمعته في هذا وفي المفقود.

    والزرقاني والباجي في المنتقى في شرح هذا الكلام أوردوا للمالكية تفصيلاً في هذه المسألة.

    أما في الزرقاني وهو الكتاب الذي عندنا يقول: قال مالك : وذلك الأمر عندنا فالعقد بمجرده يفيتها. يعني: يفوتها، ثم رجع مالك عن هذا قبل موته بعام وقال: لا يفيتها على الأول إلا دخول الثاني غير عالم بحياته، وأخذ به ابن القاسم وأشهب. قال في الكافي: وهو الأصح من طريق الأثر؛ لأنها مسألة قلدنا فيها عمر وليست مسألة نظر.

    و الباجي في الجزء الرابع صفحة ثلاث وتسعين يقول: اختلف قول مالك في زوجة المفقود تعتد ثم تتزوج فيقدم المفقود قبل أن يبني بها الثاني؛ فقال في الموطأ: لا سبيل للأول إليها، واختاره المغيرة وروي عنه: الأول أحق بها ما لم يدخل بها الثاني. رواه ابن القاسم عنه في الشرح.

    وقال محمد : الأول أحق بها ما لم يخلو الثاني بها خلوة توجب العدة فلا شيء للأول.

    هذه ثلاثة أقوال عن المالكية في هذه المسألة كنت قد ذكرت لكم قول الإمام مالك الذي ذكره في الموطأ، بقية الأقوال نسبوها إليه والعلم عند الله جل وعلا وهم أدرى بإمام مذهبهم.

    وهنا الباجي بعد أن ذكر هذا يقول: فقال في الموطأ: لا سبيل للأول إليها، واختاره المغيرة .

    وروي عنه: الأول أحق بها ما لم يدخل الثاني. رواه ابن القاسم عنه واختاره.. إلى آخره، فالمسألة بعد ذلك تبحث في موضوع الترجيح عند المالكية، في موضوع القبض في الصلاة، الرواية التي عند المالكية وعليها الإرسال كان شيخنا الشيخ محمد مختار عليه وعلى مشائخنا جميعاً وأئمة المسلمين رحمة رب العالمين يقول: عجب من المالكية، الإمام مالك يورد حديثين في القبض في موطئه وهو ما أورد إلا مذهبه في هذا الكتاب وما يأخذ به، فكيف جاءوا وأخذوا برواية ابن القاسم وغيره وتركوا مذهب الإمام مالك الذي قرره في موطئه؟ فالأصل ما كتبه الإنسان بيده وقرره بنفسه، أما ما أخذه التلاميذ أو فهموه منه فلا يتهمون لكن دون ما يكتبه هو بيده، ولذلك يقول: القبض في الصلاة هو مذهب مالك ، والقول بأنه يرسل يديه يقول: هذا ما نص عليه الإمام مالك عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا، فهل هذه المسألة تشبه تلك؟ العلم عند الله، الشاهد أن ما ذكرته مما قرره المالكية من أنه أيضاً إذا لم يدخل الثاني بها تعود للأول، موجود ضمن أقوالهم.

    على كل حال! التفصيل بعد ذلك حاصل.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087805358

    عدد مرات الحفظ

    774096900