أيها المستمعون الكرام! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في هذا اللقاء الجديد من لقاءات نور على الدرب، الذي يسرنا أن نعرض فيه ما وردنا من رسائل على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
====
السؤال: الرسالة الأولى في حلقة الليلة وردت من علي عبد الرحمن راشد من جمهورية مصر العربية الأقصر، يقول في رسالته: يوجد في بلدتنا رجل لا يخرج من حجرته، يقال له: الشيخ موسى، والناس يذهبون إليه للبركة، وإذا غاب شيء ذهبوا إليه ليسألوه حتى يدلهم على مكانه، وبعض الجهلة يحلفون به وينذرون له النذور، وأهله يتلقون الهدايا من الناس، ويعيشون عليها من نقود أو أجهزة أو بهيمة الأنعام ويقسمونها بينهم، وإذا سألنا عن صلاته يقال: إنه يصلي، ولكن أين يصلي الجمعة وهو لا يخرج من حجرته أبداً؟ يقولون: إنه يصلي في أي مسجد وأحياناً في الحرم بمكة وهو مع ذلك يشرب الدخان، فماذا عن هذا الرجل، وماذا عن حكم ما يأكله أهله من هدايا، وهل هذا من الأولياء، أفيدونا بارك الله فيكم؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذا الرجل وأشباهه من جملة الدجالين المضللين الذين يتأكلون بما يدعونه من ولاية أو من علم الغيب أو نحو ذلك، ولا يجوز أن يسأل، ولا يجوز أن يهدى إليه، بل يجب أن يستتاب من أعماله السيئة من جهة ولاة الأمور، فإن تاب وإلا وجب قتله؛ لأن هذا مضلل ملبس على الناس، يستخدم الجن ويسألهم عن بعض الأشياء أو يكذب على الناس.
فاعتقاد الناس فيه أنه يعلم الغيب وأنه يخبرهم عن حاجاتهم الغيبية هذا يدل على أنه إما كذاب ودجال، وإما أنه يستخدم الجن ويسألهم عن بعض الأشياء التي قد يعرفونها من جهة استراق السمع أو من جهة تجولهم في البلدان، ويكذبون معها مائة كذبة وأكثر، والرسول عليه السلام قال: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء؛ لم تقبل له صلاة أربعين يوماً) وقال عليه الصلاة والسلام: (من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول؛ فقد كفر بما أنزل على محمد) عليه الصلاة والسلام.
والتبرك به لا يجوز؛ لأنه ضال مضل، لا يجوز التبرك به، ولا يتبرك بالأشخاص، وإنما البركة تطلب من الله عز وجل لا من زيد ولا من عمرو.
فالواجب في مثل هذا أن يكشف أمره لولاة الأمور لعلهم يزيلون هذا الشخص ويمنعونه من تعاطيه هذه الأعمال الخبيثة المنكرة، أو لعلهم يسجنونه.
المقصود أن عمله هذا منكر، ولا يجوز إقراره عليه من حكومة إسلامية، ومن علماء المسلمين، ومن أهل الحل والعقد، بل يجب القضاء عليه ومنعه من هذا العمل السيئ.
ثم من أدلة فساد حاله كونه لا يحضر الجمعة ولا الجماعة، هذا منكر عظيم (سئل ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن رجل يصوم النهار ويقوم الليل، ولكنه لا يشهد الجمعة ولا الجماعة؟ فقال: هو في النار)، فشهود الجماعة أمر لازم وشهود الجمعة كذلك.
ودعواه أنه يصلي في كذا وكذا وهو لا يرى أو أنه يصلي في المسجد الحرام كل هذا دجل وكذب، ليظن الناس أنه ولي وأنه يخرج ويذهب ولا يرى، أو أنه يذهب به إلى مكة كرامة له، وهذا ليس من كرامات الأولياء، بل هذا من الباطل، وهذا من شعوذة الشياطين وكذبهم على الناس، فقد تحمل الشياطين بعض الناس إلى أماكن بعيدة.
فالمقصود أن هذا من عبيد الشيطان وليس من عبيد الله، بل يجب الإنكار عليه، ولا يهدى إليه ولا إلى أهله، ولا يصدق ولا يسأل، بل يجب أن يعاقب حتى يدع هذا العمل وحتى يصلي مع الناس، وحتى يتوب إلى الله عز وجل، وحتى يدع ما يدعيه من دعوى علم الغيب فإن تاب وإلا وجب قتله، نسأل الله السلامة والعافية.
الجواب: إذا علمت ذلك يقيناً بطلت الصلاة، سئل النبي صلى الله عليه وسلم قال له رجل: (يا رسول الله! الرجل يجد الشيء في الصلاة، فقال صلى الله عليه وسلم: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) وفي اللفظ الآخر: (سئل صلى الله عليه وسلم عن الرجل يحس في بطنه شيئاً قال: لا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) يعني: لا يخرج حتى يتحقق أنه أحدث ريحاً أو بولاً أو غير ذلك، فإذا علم المصلي أنه خرج منه ريح أو بول أو غيرهما بطلت صلاته، وعليه أن يستأنف الوضوء والصلاة.
الجواب: وهذا أيضاً بدعة ومنكر، رفع الصوت بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع الأذان منكر لا أصل له، ولم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، ولا مؤذنوه، ولا الخلفاء الراشدون، ولا غيرهم من أهل العلم والإيمان، بل هذا مما ابتدعه الناس، وإنما السنة أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان صلاة عادية بينه وبين نفسه يسمعها من حوله لا بأس، أما مع الأذان فلا، النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول، ثم صلوا علي، فإن من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشراً) الحديث.
فالسنة للمسلمين إذا سمعوا الأذان أن يجيبوا المؤذن، فإذا فرغوا من قول: (لا إله إلا الله) يصلون عليه عليه الصلاة والسلام، ثم يقول: (اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، إنك لا تخلف الميعاد).
أما أن يرفع الصوت بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، أو بقراءة، أو بأي كلام مع الأذان فهذا بدعة، نهاية الأذان لا إله إلا الله ثم يغلق المكبر إن كان في مكبر، ثم يسكت المؤذن إن كان في غير مكبر، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم صلاة عادية سراً بينه وبين نفسه، ولا مانع أن يسمعها من حوله.
كذلك قوله: يا أول خلق الله، هذا لا أصل له، ليس الرسول أول خلق الله، بل قبله أمم، وأما حديث: (أنه أول خلق الله)، ما يروى (أنه أول خلق الله) فهو لا أصل له موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا قول بعضهم: إنه نور الله كذب، هو نور من النور الذي خلقه الله، جعله الله نوراً لتعليمه الناس وهدايته الناس وإرشاده الناس، لكن ليس من نور الله، وبعضهم يقول: يا نور عرش الله، كله باطل، ليس من نور الله، ولا من نور العرش، ولكن الله أعطاه نوراً بالوحي الذي جاءه، كما قال سبحانه: قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ [المائدة:15] وسماه جل وعلا سراجاً منيراً، فهو سراج منير وهو نور بما أعطاه الله من الوحي من القرآن والسنة، وليس من نور الله الذي هو وصفه سبحانه وتعالى، وليس من نور العرش، كل هذا باطل لا أصل له، وليس أول خلق الله، كله باطل.
الجواب: لا ينادى للدعاء، أما إذا قال: يا رسول الله عليك الصلاة والسلام، أو يا نبي الله عليك الصلاة والسلام هذا ما يضر، لكن إذا قال: يا رسول الله! أعطني كذا أو اشف مريضي أو يا أول خلق الله أنا في جوارك، أو يا أول خلق الله أو يا رسول الله رد علي غائبي، أو أخبرني بكذا وكذا من أمور الغيب أو ما أشبه ذلك هذا لا يجوز، هذا من الشرك، أما إذا قال: عليك الصلاة والسلام يا رسول الله، يا رسول عليك الصلاة والسلام فهذا معناه من باب استحضاره في القلب للصلاة والسلام عليه، مثل ما يقول في الصلاة: (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) من باب الاستحضار لا من باب الدعاء.
الجواب: هذا كذب ولا يجوز، حرام عليك وعلى الطبيب الذي أعطاك الشهادة، وهو منكر وتعاون على الإثم والعدوان، فعليك أن تستسمحهم وتخبرهم بالحقيقة أو ترد عليهم ما يقابل هذا الجزء الذي كذبت فيه إلا أن يسمحوا عنك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى.. بل الله جل وعلا نهى عن الكذب، والرسول حرم الكذب، وأخبر عليه الصلاة والسلام أنه من سمات أهل النفاق، من آيات المنافقين: (إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان) نسأل الله العافية.
الجواب: إذا كان فيه شيء من الآفات في الفم أو في الأنف أو في الأسنان لا بأس بذلك، أما إذا كان الأنف سليماً والفم سليماً فلا أعلم دليل يدل على جواز العبث فيه لتصغيره أو غير ذلك، أما إذا كان فيه علة سواد أو جروح أو شيء زائد على الخلقة المعروفة، يعني شيء يعتبر شيناً في الوجه أو في الأنف أو في الفم كسواد فيه، يتعاطى دواء حتى يعود على حالة الجلدة الأخرى من جنس البشرة التي في الوجه، أو قروح أو ما أشبه ذلك لا بأس، أما أن يغير الخلقة التي خلقه الله عليها بدون سبب إلا مجرد التحسين والتجميل فلا أعلم دليلاً يدل على جواز هذا الشيء، وأما الأضراس فكذلك إذا كانت سليمة وإنما قصده تفليجها فلا، الرسول صلى الله عليه وسلم (لعن المتفلجات للحسن)، أما إذا كان فيها عيب زيادة ونقص لتعديلها فلا بأس.
الجواب: ينصح ويوجه إلى الخير، ويعلم، وينكر عليه ما يفعل من التخلف عن الصلوات؛ لأن هذا شأن المؤمن، المؤمن أخو المؤمن ينصحه، ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر، ويصبر على الأذى في ذلك، فإن نجح وهدى الله جاره فالحمد لله، وإلا استحق أن لا تجاب دعوته وأن لا يسلم عليه، وأن لا يرد عليه السلام من باب الإنكار؛ لأن هذا الهجر نوع من التعزير نوع من التأديب، ونوع من الإنكار إذا لم تنفع الموعظة والنصيحة، وإذا كان في البلد هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو أمير صالح يعين على الخير يرفع بأمره إلى أولئك.
الجواب: هذا كذب لا يجوز، هذا كله منكر، نسأل الله العافية.
الجواب: الصور المنصوبة التي تنصب على الجدران أو على الأبواب أو تجعل في الستور التي على الأبواب أو الجدران، أو في براويز تجعل على الجدار هذه لا تجوز، أما إذا كانت الصورة في الفراش الذي يوطأ أو في السرر التي يجلس عليها أو الوسائد فلا حرج فيها؛ لأنها ممتهنة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رأى ستراً عند عائشة فيه تصاوير فغضب، وأمر بهتكه، فجعلت منه عائشة وسادتين كان يرتفق بهما عليه الصلاة والسلام، وثبت في حديث أبي هريرة عند النسائي وغيره (أن جبرائيل عليه الصلاة والسلام كان له موعد مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما حضر وجد في البيت تمثالاً وستراً فيه تصاوير وكلباً، لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم، فتوقف جبرائيل ولم يدخل حتى أخبره جبرائيل بذلك، فقال له: مر برأس التمثال أن يقطع، وبالستر أن يتخذ منه وسادتان منتبذتان توطآن وبالكلب أن يخرج، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فأخرج الكلب، كان تحت نضد
الجواب: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه أنهم فعلوا هذا، فرفع اليدين بعد الفريضة منكر لا للرجال ولا للنساء وغير مشروع، وإنما يقول المؤمن بعد الصلاة ذكراً كان أو أنثى: (أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام)، هذه السنة أول ما يسلم، ثم ينصرف إلى الناس إن كان إماماً ويعطيهم وجهه ثم يشتغل بذكر الله، فيقول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)، وإن زاد: (يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير) فلا بأس جاءت في بعض الروايات، ويقول: (لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد) انتهى الحديث، رواه الشيخان من حديث المغيرة ، وروى بعضه مسلم من حديث ابن الزبير ، وروى الأول وهو الاستغفار ثلاثاً يقول: (اللهم أنت السلام) مسلم من حديث ثوبان رضي الله عن الجميع، ومعنى: (ولا ينفع ذا الجد منك الجد) يعني: لا ينفع ذا الغنى والحظ والبخت منك يا ربنا غناه وحظه، يعني: بدلك يا ربنا، بل الكل فقراء إليك يا ربنا، ولم يكن صلى الله عليه وسلم يفعل ما يفعله بعض الناس الآن من رفع اليدين إذا سلم، ولا كان الصحابة يفعلونه، وإنما السنة أن يدعو بينه وبين نفسه فقط من دون رفع يدين، إذا دعا بينه وبين نفسه فلا بأس، أو دعا قبل أن يسلم في آخر الصلاة فهذا مشروع، وأما رفع اليدين بعد السلام من الفريضة فلا يجوز، بل هو من البدع للإمام والمنفرد والمأموم جميعاً، وهكذا ما يفعله بعض الناس يدعو الإمام ويرفع يديه، ويرفعون أيديهم معه، يعني: المأمومين يرفعون أيديهم معه للدعاء، كل هذا لا أصل له بل هو من البدع فيما نعلم من الشرع المطهر.
المقدم: بارك الله فيكم، وبعد النافلة سماحة الشيخ؟
الشيخ: بعد النافلة الأمر واسع، إذا كان غير راتب بعض الأحيان فلا بأس، الأمر فيها واسع، لأن رفع اليدين من أسباب إجابة الدعاء، لكن المواضع التي ما رفع فيها النبي صلى الله عليه وسلم لا نرفع فيها؛ لأن تركه سنة وفعله سنة عليه الصلاة والسلام، فهذا المكان لا يرفع فيما بعد السلام من الفريضة لا نرفع، وهكذا لا يرفع يديه قبل السلام إذا دعا، ولا بين السجدتين إذا دعا، كل هذا لا يرفع فيه، وهكذا في خطبة الجمعة ما كان يرفع ولا في خطبة العيد ما كان يرفع، وإنما كان يرفع في خطبة الاستسقاء، إذا استسقى بالناس رفع يديه ودعا عليه الصلاة والسلام.
الجواب: زيارة النساء للقبور مسألة خلاف بين أهل العلم، منهم من أجازها ومنهم من منعها، والصواب والأرجح من القولين أنها ممنوعة وأنه لا يجوز للنساء زيارة القبور لا لقبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ولا للقبور الأخرى؛ لأنه عليه السلام (لعن زائرات القبور)، ثبت هذا من حديث ابن عباس ومن حديث أبي هريرة ومن حديث حسان بن ثابت رضي الله عن الجميع، فلا يجوز للنساء على الصحيح زيارة القبور مطلقاً، حتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه، لكن إذا كانت في المسجد أو في بيتها تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، تسلم عليه في البيت وفي الطريق وفي المسجد، يقول صلى الله عليه وسلم: (لا تجعلوا قبري عيداً، ولا بيوتكم قبوراً، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم) فالصلاة تبلغه عليه الصلاة والسلام حيث كان الإنسان، صلاتك يا عبد الله وسلامك، وهكذا صلاتك يا أمة الله وسلامك يبلغه النبي صلى الله عليه وسلم، فلا حاجة إلى حضور المرأة عند قبره، ولا في البقيع ولا في غيره من القبور، عملاً بالأحاديث التي فيها النهي واللعن.
المقدم: بارك الله فيكم، ومن وقع منها ذلك، يعني: تستغفر؟
الشيخ: عليها التوبة والاستغفار ويكفي، فمن وقع منها ذلك إما جهلاً أو أكرهها بعض أصحابها، الاستغفار كافي والحمد لله، التوبة والاستغفار.
الجواب: الصلاة في السراويل وفي الفنيلة الساترة للمنكبين صحيحة، ولا بأس إذا كان السراويل ساترة للعورة والفنيلة ساترة للمنكبين، كل هذا لا حرج فيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء) فإذا كان على العاتق أو العاتقين شيء كالفنيلة فالحمد لله، ولكن كونه يتجمل .. يلبس قميصه وعمامته يكون أفضل؛ لقوله سبحانه: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف:31] كونه يأخذ الزينة المعتادة ويصلي مع الناس بالملابس الحسنة كل هذا أفضل، ولكن إذا صلى في إزار ورداء، أو صلى في قميص ورداء، أو قميص وفنيلة ساترة للمنكبين فلا بأس بذلك ولا حرج، فالصلاة صحيحة.
الجواب: هذه مشروعة بعد الفجر والمغرب، وإذا كانت ما ذكرت في الرسالة يمكن ذكرها في طبعات مستقبلة؛ لأني لا أذكر الآن حال الرسالة، لكن إذا كانت لم تذكر تذكر إن شاء الله في المستقبل وإلا فهي ثابتة في المغرب والفجر، كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله عشراً يقول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير) عشر مرات، يشرع للمؤمن والمؤمنة الإتيان بذلك بعد الفجر وبعد المغرب.
الجواب: الواجب على المسلمين التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر أينما كانوا في الطائرة أو في غيرها، وعلى المسلم أن يعين أخاه في الحق وليس له أن يعينه في الباطل، وعليه أن يذب عن عرضه، فلا ينبغي له أن يجلس مع المغتابين بل ينكر عليهم ويعظهم ويذكرهم حتى لا يغتابوا إخوانهم؛ لأن الله سبحانه يقول: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا [الحجرات:12] فالغيبة منكرة ومن الكبائر.
فإذا جلست مع قوم يغتابون الناس فأنت شريك لهم في الإثم، إلا أن تنكر عليهم أو تفارقهم، فعليك أن تنكر فإن أجابوا فالحمد لله، وإلا فعليك أن تفارقهم ولا تجلس معهم على ما حرم الله عز وجل، وإذا تعدى زيد على أخيك، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قالوا: يا رسول الله! نصرته مظلوماً فكيف أنصره ظالماً؟ قال: تمنعه من الظلم).
وفي لفظ: (تأخذ على يديه) أي تحجزه عن الظلم، هذا نصر الظالم منعه من الظلم، فإذا تعدى أحد على أخيك توسط بينهم بالإحسان، في منعه العدوان، تحول بينهم أنت وإخوانك جميعاً، توسطون بينهم، تفكوا مشكلهم، تمنع هذا من هذا، وإذا كان لهم دعوى أو خصومة بعد ذلك يتصلوا بالمحكمة، لكن لا تتركونهم في الطائرة أو في السيارة أو في الباخرة أو في أي مكان يتقاتلان ويظلم أحدهما الآخر لا، بل توسطوا بينهم وحلوا مشكلهم، وامنعوا هذا من هذا، وكونوا جلساء خير وأعواناً في الخير، فانصروا المظلوم وامنعوا الظالم، هذا هو الواجب عليكم بدون قتل، أما القتل لا، لا يقتل هذا ولا هذا، بل عليكم أن تحولوا بينهم من التعدي، وأما القتل فلا يجوز الإقدام على القتل، بل هذا يؤجل إلى أن تنظر المحكمة في أمرهما، ومن كان يستحق قتلاً لأنه فعل ما يوجب القتل هذا له شأن آخر.
فالحاصل أن عليك أن تساعد أخاك في رد ظلامته وفي منع الظلم عنه بغير قتل، أما القتل فلا؛ لأن القتل يحتاج إلى عناية ويحتاج إلى نظر في أسباب القتل، وإنما تحجز بينهما، تمنع هذا من التعدي على هذا، أنت وإخوانك الحاضرون، تتعاونون على منع هذا من ظلم أخيه، وإذا كانت لهم دعوات تؤجل حتى يصلوا إلى محلهم أو إلى بلد أخرى فيه القضاء، فيتحاكمون إلى القضاة فيما أشكل بينهم.
لكن موضوع القتل موضوع كبير وعظيم فليس لأحد أن يقتل الآخر بل عليهم أن يتوقفا، وعلى أنصارهما أن يحولا بينهم وبين ذلك حتى لا يقع قتال.
المقدم: بارك الله فيكم، لو كان مع الشخص نساء وهو في البر واعتدي على عرضه واستغاث بأحد الناس، واضطر صاحب النساء والمساعد له في أن يدافعا عن عرضهما ووصل الأمر إلى القتل.
الشيخ: عليه أن يدافع، فإن قتل فهو شهيد، وإن قتل الظالم فلا شيء عليه.
المقدم: ربما هذا هو مقصود السائل يا شيخ.
الشيخ: المقصود أنه إذا اعتدي على عرضه أو أراد قتله أحد فهذا له أن يدافع، (من قتل دون ماله فهو شهيد، من قتل دون دمه فهو شهيد، من قتل دون دينه فهو شهيد، من قتل دون أهله فهو شهيد) ثبت في الصحيح (أن رجلاً قال: يا رسول الله! الرجل يأتيني يريد مالي؟ قال: لا تعطه مالك. قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: قاتله. قال: فإن قتلني؟ قال: فأنت شهيد. قال: فإن قتلته؟ قال: فهو في النار) هذا رخص النبي في الدفاع عليه الصلاة والسلام يدافع عن ماله، فالعرض أكبر والدين أكبر، فإذا أراد الظالم أن يتعدى على زوجته أو بنته أو أمه فله أن يمنع ذلك بما استطاع، إن امتنع بالكلام أو بالعصا منعه، فإن لم يمتنع إلا بالقتل كالسيف والسكين ونحو ذلك فله ذلك، فإن صدق من جهة ولاة الأمور فلا قصاص عليه إذا ثبت ما يدل على صدقه، وإن لم يثبت هذا يرجع إلى المحكمة في تحري الحقائق والنظر في الواقعة، فإن ثبت ما يدل على صدقه وإلا فعليه قصاص.
الجواب: الحديث يدل على أن السنة الصبغ حتى يخالف اليهود والنصارى فهم يتركون شيبهم أبيض، فالسنة للمؤمن أن يخالفهم ويصبغ شيبه، ولهذا في الحديث الصحيح الآخر حديث أبي قحافة والد الصديق لما رآه النبي صلى الله عليه وسلم أبيض الرأس واللحية، قال: (غيروا هذا الشيب، واجتنبوا السواد).
فالسنة أن يغير الشيب بالصفرة والحمرة، بالحناء والكتم، لكن لا يغير بالسواد، وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يبين هذا في هذا الحديث لكن بينه في أحاديث أخرى، أخبرنا هنا بالصبغ أن نخالف اليهود والنصارى فنصبغ، وبين لنا في الأحاديث الأخرى أن الصبغ يكون بغير السواد، بالحمرة، بالحناء والكتم؛ لأن الحناء مخلوط بالكتم حتى يكون بين السواد والحمرة، أما أن يغيره بالسواد الخالص هذا لا يجوز.
المقدم: بارك الله فيكم، بهذا إخوتي المستمعين الكرام نأتي إلى ختام هذه الحلقة، والتي عرضنا فيها رسائل علي عبد الرحمن راشد من جمهورية مصر العربية، ومحمد لطيف من بغداد العراق ، و(م. س. أ)، و(ن. م. أ) من بيشة الخالدية، وأخيراً رسالة سليمان مبارك عمر بخاش من الرياض.
نشكر سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز على إجاباته، ونشكر لكم حسن متابعتكم، ولكم تحية من المهندس ناصر الطحيني من الهندسة الإذاعية، وإلى الملتقى بإذن الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر