مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج: نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ, ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين, فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين يقول: المرسل (ح.ع) يمني من تعز, أخونا له مجموعة من الأسئلة والقضايا، القضية الأولى التي نطرحها في بداية هذه الحلقة يقول فيها: إذا كانت الزوجة تتعرض للمرض والتعب والتدهور في الصحة؛ بسبب الحمل والولادة بفترات متقاربة، ومع هذا كله لا يوجد لدينا الأغذية اللازمة للمرأة الحامل والمرضعة، ولا يوجد لدينا رعاية صحية متكاملة؛ لأن المعيشة في الريف قاسية، هل يجوز استخدام أي وسيلة من وسائل تنظيم الحمل لتلافي ما ذكر، جزاكم الله خيراً؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين.. أما بعد:
فلا حرج في استعمال الوسائل المباحة لتنظيم الحمل إذا كان على المرأة مشقة، إما لمرض أصابها، وإما للأسباب التي ذكرها السائل، فلا مانع من أن تستعمل حبوباً أو شراباً أو غير ذلك مما يباح؛ لأجل تنظيم الحمل حتى لا يضرها الحمل، وحتى لا يضر بتربية أولادها إذا تتابعوا عليها وهي لا تتحمل ذلك، والمقصود من ذلك هو الإحسان إليها، والإحسان إلى أولادها، فإذا كان في تنظيم الحمل إحسان إليها من جهة صحتها، والإحسان إلى أولادها من جهة التربية فلا حرج في ذلك والحمد لله.
الجواب: الأفضل عدم التعرض لإسقاطه؛ لأن الله جل وعلا قد يجعل فيه خيراً كثيراً؛ ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم حرض على كثرة النسل، وقال عليه الصلاة والسلام: (تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة)، فاحتساب الأجر في تكثير الأولاد أمر مطلوب، لاسيما وليس عندها إلا طفل واحد، وليس عليها مرض، فالأولى بها والأفضل لها عدم التعرض لإسقاطه، فإن أسقطته في الأربعين لمصلحة تراها ووافق زوجها على ذلك فلا حرج، لكن الأفضل والأولى ترك ذلك، لما تقدم من المصلحة العظيمة، وتحقيق ما قاله النبي عليه الصلاة والسلام، لكن ما دام الجنين في الأربعين، لم يتجاوز الأربعين فالأمر فيه أسهل وأوسع، وترك إسقاطه أفضل.
المقدم: جزاكم الله خيراً. يقول سماحة الشيخ: إن له بنتين سبقتا هذا المولود, فلديه ثلاثة أطفال؟
الشيخ: لا حرج، إذا كان فيه مشقة فلا حرج، وهذا من باب التنظيم ولاسيما في الأربعين أمره أسهل.
المقدم: جزاكم الله خيراً. لكن تنصحون بالصبر؟
الشيخ: مهما أمكن الصبر فهو أفضل، ونسأل الله أن يعينها.
الجواب: نعم يكفيك ذلك, ما دمت قمت للصلاة التي تعلمها ظهر عصر مغرب إلى غير ذلك، يكفي, ولا حاجة إلى التحدث بها عند الإحرام, أنت جئت لها وجلست لها، وانتظرتها وقمت حين سمعت الإقامة، تقصد الصلاة التي أقيمت، هذا يكفي وهذا هو النية، ولا حاجة إلى سوى ذلك، أما ما يفعله بعض الناس من التلفظ بأن يقول: نويت أن أصلي كذا وكذا، إماماً أو مأموماً أو كذا، هذا لا أصل له، بل هو بدعة في أصح قولي العلماء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يتلفظ بالنية، وهكذا أصحابه رضي الله عنهم ما كانوا يتلفظون بالنية، وهكذا التابعون وأتباعهم من الأئمة الأربعة وغيرهم ما كانوا يعرفون هذا، فالمشروع للمؤمن أن يكتفي بالقلب، أن يكتفي بالقلب.. فهو بمجيئه للصلاة وجلوسه ينتظر الصلاة، وبقيامه للصلاة حين أقيمت الصلاة، كل هذا يعتبر نية، فلا حاجة بعد ذلك إلى أن يتحدث بها بقلبه، ولا أن يتلفظ بها بلسانه.
الجواب: معنى الحديث أنه ينوي في الليل ولو لم ينو إلا قرب الفجر، متى نوى صدق عليه أنه بيتها، فإذا نوى في آخر الليل أو في وسط الليل أو في أول الليل أنه يصوم غداً فقد نوى, وهذا كله إذا كان فريضة.
أما إذا كان الصوم نافلة فلا يلزم أن ينوي ذلك بالليل، فإذا نوى بالنهار قبل أن يأكل قبل أن يتعاطى مفطراً فلا بأس أن ينوي من أثناء النهار لما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها ذات يوم فقال: هل عندكم شيء؟ قالت: لا، قال: فإني إذاً صائم),فصام من أثناء النهار عليه الصلاة والسلام، فإذا أصبح الإنسان ولم يتعاط مفطراً لا أكلاً ولا شرباً ولا غيرهما ثم نوى في أثناء النهار الصوم فلا حرج في ذلك، ويكتب له الصوم من حين نوى، يكتب له أجر الصائم من حين نوى، هذا في النافلة.
أما في رمضان وفي النذور والكفارات وقضاء رمضان فلا بد من النية في الليل؛ لأن الواجب عليه أن يصوم جميع النهار، ولا يتحقق هذا إلا بالنية السابقة للنهار.
وقد أرفق الإعلان سماحة الشيخ هل ترون أن أقرأ الإعلان؟
الشيخ: نعم.
المقدم: يقول الإعلان: بسم الله الرحمن الرحيم، وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]، شركة التأمين الإسلامية المحدودة، بشرى لأهالي المنطقة الشمالية.. للدوائر الحكومية.. للشركات.. للمؤسسات.. للممتلكات الفردية، نظراً لأهمية التأمين على الممتلكات وجوازه بقرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية إثر اجتماعهم بهذا الخصوص وعلى رأسهم فضيلة الشيخ عبد الله بن حميد رئيس مجلس القضاء الأعلى بالمملكة رئيساً، وفضيلة الشيخ محمد علي الحركان الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي نائباً للرئيس، وفضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز وخروجهم بالقرار رقم (51) بجواز التأمين التعاوني بدلاً من التأمين التجاري، وبناءً عليه فقد تم بحمد الله في مدينة جدة التوقيع على الصيغة النهائية بإنشاء مقر للشركة التأمين الإسلامية إبراهيم بن عبد الله المطوع وكيلاً معتمداً بالمنطقة الشمالية، ويتبعه الجوف، طريف، عرعر.. إلى آخره، وذكروا الأشياء التي يؤمنون عليها, ويسأل سماحة الشيخ أخونا المستمع كما بدأت هذه الرسالة؟
الجواب: نعم صدر من مجلس هيئة كبار العلماء قرار بجواز التأمين التعاوني: وتحريم التأمين التجاري، وأنا أشرح للمستمع حقيقة هذا وهذا، فالذي صدر من المجلس جوازه هو التأمين التعاوني وهو أن يجتمع جماعة من الناس فيشتركون في تأمين تعاوني, كل واحد يبذل مالاً معيناً على أن يكون هذا المال لمصالح محدودة، كأن يشتركوا على أن هذا المال يكون لما قد يقع من كوارث بينهم, فينفقون من هذا المال فيها، وكأن يفتقر أحدهم فينفق عليه من هذا المال، ونحو ذلك مما يصرفونه في وجوه البر والتعاون بينهم، وليس للتجارة وتحصيل الأرباح، وإنما ذلك للإحسان فيما بينهم لفقيرهم ومن يصاب بكارثة منهم، ونحو ذلك من المسلمين لمساعدتهم لا لقصد الربح والنماء، هذا هو التأمين التعاوني، أن يجتمع أهل قرية أو قبيلة أو جماعة من الموظفين على مال معين منهم، كل واحد يبذل كل شهر كذا، أو كل سنة كذا، ويتفقون على أن هذا المال ينفق فيما قد يصابون به من أسباب: صدام سيارات، انقلاب سيارات، كوارث تصيب بعضهم, فينفق على من أصيب من هذا المال، ويؤدى عنه الدين أو الدية, ويواسى فقره، ويشترى له حاجته من هذا المال، ليس هذا مالاً لهم، بل هو لوجوه البر وأعمال الخير فيما بينهم، وليس المقصود منه الربح والتجارة حتى يؤمنوا على سيارة فلان، أو سيارة فلان، لا. وإنما المقصود أن ينتفعوا به، ولا مانع من أن يجعلوا فيه وكيلاً يتجر فيه والربح لهذه المصلحة، ولهذا المشروع، ليس لهم بل الربح لهذا المشروع، هذا هو التأمين التعاوني الذي أقره مجلس هيئة كبار العلماء، وصدر به قرار رفع للمقام السامي، لمقام خادم الحرمين الشريفين، وليس هو التأمين الذي يعرفه الناس بالتأمين التجاري، وهو أن تؤمن على سيارتك عند الشركة أو على بيتك، أو على عينك، أو على رجلك أو على ولدك أو كذا، هذا محرم، وهذا هو النوع الثاني, وهو الذي يقال له: التأمين التجاري، وهو أن يتقدم إنسان إلى شركة أو إلى تاجر فيعطيه مالاً معيناً كل شهر، أو كل سنة على أنه يغرم له ما قد يصيب سيارته، أو ما قد يصيبه هو إذا مات، أو ما أشبه ذلك في مقابل ما أعطاه من المال، فهذا يقال له: التأمين التجاري، تارة يكون على الحياة ، وتارة يكون على نفس الإنسان إذا أصابه شيء من صدم أو غيره، وتارة يكون على سيارته، وتارة يكون على بيته، إلى غير هذا، هذا هو المحرم، هذا هو التأمين التجاري، وهو محرم لما فيه من الغرر، ولما فيه من الربا؛ لأنه يدفع مالاً قليلاً ويأخذ مالاً كثيراً، وربما أنفق أموالاً كثيرة ولم يصب بكارثة فضاع عليه ماله، فصار غرراً وربا، وربما دفع مائة وأخذ آلافاً بسبب ما قد يصيبه.
فالحاصل أنه محرم لما فيه من الغرر، ولما فيه من الربا ويسمى هذا التأمين التجاري، وهذا صدر به القرار بتحريمه، بهذا يتضح الفرق بين النوعين، التأمين التجاري لمصلحة الشخص، يريد منه أن يغرم له ما قد يتلف عليه من سيارة، أو بيت، أو مزرعة، أو دابة أو غير ذلك، ولو نفسه, قد يسلم حتى لو مات يسلم لورثته كذا وكذا، أو صدم ومات، أو انكسر أو كذا يسلم له كذا وكذا، فهذا هو التأمين التجاري, وهذه الشركة التي أعلن عنها إن كان مقصودها هذا فهذا ليس بالتأمين التعاوني، وهذا العنوان يكون تلبيساً، ولا يجوز هذا، أما إن كان مقصودهم أنهم يحسنون فيما بينهم فيما قد يصيبهم إذا تلفت سيارة أحدهم، أو أصيب بصدمة أو دين أو فقر فيما بينهم وليس قصدهم الربح وإنما قصدهم التعاون فيما بينهم من هذا المال المزبور الذي قد يجعلون فيه من يتصرف فيه حتى ينميه، وحتى يستفاد منه، لكن ليس لقصد التجارة، وإنما القصد تعاونهم فيما بينهم لرفع مستوى فقيرهم ومواساته، وتسديد الدين عنه، وتعويضه عما قد يصيبه في سيارته أو يصيبه في نفسه، أو يصيبه في بيته أو ما أشبه ذلك، ليس لقصد الربح والفائدة، والله أعلم.
المقدم: جزاكم الله خيرا. سماحة الشيخ! الملاحظ أن مثل هذا الإعلان قد صنع الفتوى لتتكيف مع تجارته، فهؤلاء فيما يظهر من الإعلان أنه تجاري بحت، فهم يؤمنون عن الحوادث وعن النقد وعن خيانة الأمانة، وعن السرقة، وعن المسئولية المدنية وكل الأخطار.
الشيخ: سنطلب إن شاء الله نظامهم، ونعمل ما يلزم من جهة ما يستحقون في هذا الإعلان إذا كان مخالفاً لما صدر به القرار، نسأل الله أن يهدي الجميع.
المقدم: اللهم آمين. الملاحظ أنه مخالف تماماً للفتوى سماحة الشيخ؟
الشيخ: هذا هو ظاهر الإعلان.
المقدم: نعم أنه مخالف تماماً؟
الشيخ: نسأل عنه زيادة, أقول: نسأل عنه إن شاء الله.
المقدم: إذاً: سأبقي الإعلان لديكم سماحة الشيخ؟
الشيخ: إن شاء الله.
الجواب: قد شرع الله عز وجل لعباده تعدد النساء إذا استطاع الزوج ذلك، ولم يخف الجور والعول في قوله جل وعلا: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:3] ، وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم عدة من النساء، وتوفي صلى الله عليه وسلم وعنده تسع, وهذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام فيما زاد عن أربع.
أما الأمة فليس لهم إلا أربع فقط، قد فرق النبي صلى الله عليه وسلم بين من أسلم على أكثر من أربع، وأمره أن يفارق الزائد، وخيره أن يختار أربعاً ويفارق ما زاد على ذلك.
فالواجب على المسلم أن يقف عند حد الله وأن لا يزيد على ما شرع الله وهو الأربع، فإذا استطاع أن يتزوج أربعاً وقام بحقهن فلا حرج عليه في ذلك، بل ذلك أفضل له إذا استطاع ذلك لما في ذلك من المصالح من: عفة فرجه، وغض بصره، وتكثير الأمة، وتكثير النسل الذي قد ينفع الله به الأمة، وقد يعبد الله ويدعو لوالديه فيحصل لهم بذلك الخير العظيم، ولولا أنه أمر مطلوب وأمر مشروع وفيه مصالح جمة لما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، فهو أفضل الناس وخير الناس وأحرصهم على كل خير عليه الصلاة والسلام، وقد جعل الله في تزوجه بالعدد الكثير من النساء مصالح كثيرة في تبليغ الدعوة ونشر الإسلام من طريق النساء، ومن طريق الرجال، فإذا تزوج المؤمن ثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً لمصالح شرعية؛ لأنه يحتاج إلى ذلك، أو لقصد تكثير الأولاد أو لقصد كمال العفة وكمال غض البصر؛ لأنه قد لا تكفيه الواحدة أو الاثنتان أو الثلاث، فكل هذا أمر مطلوب شرعي، ولا يجوز لأي مسلم ولا لأي مسلمة الاعتراض على ذلك، ولا يجوز انتقاد ذلك، ولا يجوز لأي إذاعة ولا أي تلفاز أن ينشر ما يعارض ذلك، بل يجب على جميع وسائل الإعلام أن تقف عند حدها، وليس لها أن تنكر هذا الأمر المشروع، ولا يجوز لمن يقوم على وسائل الإعلام أن ينشر مقالاً لمن يعترض على ذلك، لا في الوسائل المقروءة ولا في الوسائل المسموعة، ولا في الوسائل المرئية، بل يجب على وزراء الإعلام في الدول الإسلامية أن يحذروا ذلك، وأن يتقوا الله وأن يبتعدوا عما حرم الله عز وجل.
وهل يرضى مسلم أن تبقى النساء عوانس في البيوت! والإنسان يستطيع يأخذ ثنتين وثلاثاً وأربعاً، هذا لا يجوز أن يفعله مسلم أو يراه مسلم يخاف الله ويرجوه.
وهل يجوز لمسلمة تخاف الله وترجوه أن تنكر ذلك، وهي تعلم يقيناً أن كونها مع زوج عنده زوجة أو زوجتان أو ثلاث خير لها من بقائها بدون زوج حتى تموت عانسة لا زوج لها، وربما رزقها الله بهذا الزوج الذي ليس لها إلا جزء منه، ربما رزقها الله ذرية صالحة تنفعها في الدنيا والآخرة، وربما حصل لها بذلك عفة فرجها وغض بصرها وحسن سمعتها وسلامة عرضها.
فالواجب على الدول الإسلامية عامة وعلى حكومتنا خاصة إظهار هذا الأمر وتأييد هذا الأمر، والإنكار على من عارض هذا الأمر في أي وسيلة مرئية أو مسموعة أو مقروءة، بل يجب إنكار ذلك, وإنه ليسوءني كثيراً ويسوء كل مسلم يخاف الله أن يسمع في إذاعة أو يشاهد في تلفاز أو يقرأ في صحيفة من يعترض على شرع الله، ويدعو إلى الاقتصار على الواحدة، إلا على الوجه الشرعي إذا خاف ألا يقوم بالواجب، أو عجز عن أن يقوم باثنتين ، فهذا قد وضحه الله سبحانه وتعالى، لكن من استطاع أن يتزوج ثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً فلا حرج عليه، بل هو مأجور ومشكور إذا نوى بذلك إظهار دين الله وتكثير الأمة وغض بصره وإحصان فرجه، والإحسان إلى أخواته في الله المحتاجات إلى النكاح، فهو مشكور ومأجور.
والواجب على جميع المسلمين وعلى جميع المسلمات أن يرضوا بما شرع الله، وأن يحذروا الاعتراض على ما شرعه الله، وأن يخافوا نقمته سبحانه وعقابه في اعتراضهم ومخالفتهم لأمر الله عز وجل، وقد قال الله عز وجل في كتابه العظيم: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ [محمد:9] ، فأخشى على من كره هذا المشروع أن يحبط عمله وأن يخرج من دينه وهو لا يشعر، نسأل الله العافية.
وقال تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ [محمد:28].
فالمقصود أنه يجب على المؤمن أن يرضى بما شرعه الله، وأن يبغض ما أبغضه الله، وأن يكره ما كرهه الله، وأن يحب ما أحبه الله في جميع الأمور، إذا كان مسلماً مؤمناً يخاف الله ويرجوه، نسأل الله للجميع الهداية والسلامة.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيراً الواقع سماحة الشيخ وأنتم تتفضلون بهذا التوجيه المخلص كثيراً ما نسمع عن كثرة العوانس في البيوت، لعل لكم من كلمة سماحة الشيخ؟
الشيخ: هذا ثابت عندنا، ولهذا نوصي جميع النساء أن لا يمتنعن من الزوج الذي عنده زوجة، نوصيهن جميعاً أن يحرصن على عفتهن وسمعتهن الحسنة وعلى حفظ فروجهن وغض أبصارهن، وعلى حفظ أعراضهن أن يبادرن بالزواج ولو كن جارات، ولو كانت ثانية أو ثالثة أو رابعة، فأنا أوصي بهذا, وأسأل الله أن يهدينا جميعاً لما يرضيه، وأوصي الأزواج القادرين أن يتزوجوا وأن يعفوا كثيراً من نساء أمتهم، وأن يحرصوا على تكثير النسل، وعلى حفظ فروجهم وغض أبصارهم بما أحل الله لا ما حرم الله.
كثير من الناس -نعوذ بالله- يأبى أن يتزوج ثانية. ولكنه يرضى بالصديقات فيما حرم الله، وتعلم زوجته ذلك, وذلك قد يكون أحب إليها من زوجة مسلمة على الوجه الشرعي، فهي تعلم عنه أنه يذهب إلى المحرمات وإلى الصديقات وإلى الزنا، ولكن لا يهمها ذلك, لكن لو تزوج لغضبت وأنكرت ولا حول ولا قوة إلا بالله، فترضى بالحرام أو تقر الحرام ولكن لا ترضى بالحلال، هذه من المصائب ومن ضعف الدين ومن ضعف الإيمان وقلة البصيرة، نسأل الله الهداية والسلامة.
الجواب: هذا منكر مثلما سمعت, هذا منكر وليس لها أن تفعل ذلك، ليس لأي زوجة أن تنكر على زوجها ذلك، وليس لها أن تعترض عليه، وليس لها أن تسيء إليه ولا إلى أولاده وإنما فعل ما أباح الله له، نعم، إذا ظلم، إذا جار عليها.. إذا لم يعدل فلها أن تتكلم، ولها أن تشكوه إلى المحكمة إلا أن تصبر وتحتسب، أما ما دام لم تر منه إلا الخير، أو حتى الآن ما بعد فعل شيئاً فإنها تصبر وتحتسب, وترجو الله أن يقدر لها الأصلح، وأن يعينها على الصبر، وسوف يجعل الله فرجاً ومخرجاً، يقول الله عز وجل في كتابه العظيم: فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [النساء:19]، ويقول سبحانه: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [البقرة:216], فالله هو الذي يعلم سبحانه وتعالى، فربما كان هذا الزواج سبباً لعطفه عليها ومزيد محبته لها؛ لأنه رأى من الثانية ما لم ير من الأولى، ورأى أن خصال الأولى أحسن وأن سيرتها أطيب، وأن دينها أكمل, فيعطف عليها أكثر، وربما طلق الثانية وزاد حبه للأولى، فلا ينبغي لها أن تجزع من هذا, فربما كان خيراً لها، وإن نجح في زواجه وعدل بينهما فالحمد لله، المؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فينبغي لها أن تحب لأخواتها في الله أن يرزقهن الله أزواجاً وذريات، هكذا المؤمن مع أخيه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
وهكذا لا تؤمن المؤمنة حتى تحب لأختها ما تحب لنفسها، هذا معنى كلامه عليه الصلاة والسلام؛ لأن قوله يعم الرجال والنساء، والله المستعان.
الجواب: نعم..نعم، أنا أوصي الداعيات لله والمتعلمات والعالمات أوصيهن جميعاً أن يتقين الله وأن يبحثن هذا الموضوع كثيراً, ويرشدن إلى ما أرشد الله إليه, ويوصين أخواتهن بهذا الأمر، ويشرحن لهن ما فيه من الفوائد والمصالح، وأن يكن عوناً للأزواج المؤمنين على هذا المشروع النافع المفيد للرجال والنساء جميعاً، فإن كلام الداعية المؤمنة والمرشدة المؤمنة قد يؤثر على أخواتها في الله أكثر مما يؤثر كلام الرجل، فأنا أوصي جميع طالبات العلم، وجميع المدرسات وجميع من لديهن علم أن يساعدن في هذا الموضوع، وأن يرشدن, فيكون لهن بذلك خير كثير، الله المستعان.
المقدم: الله المستعان، جزاكم الله خيراً.
سماحة الشيخ! في الختام أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير وفي صحة وعافية.
الشيخ: نسأل الله ذلك.
المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لمتابعتكم مستمعي الكرام! وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر