والمقصود بإخراج الزكاة: إعطاؤها لمستحقيها، وهو يتعلق بأحكام إخراج الزكاة، ومم تخرج؟ وكيف تخرج؟ ومتى تجب؟ ومتى تسقط؟ وما يتعلق بذلك.
الطريقة الأولى: أن يخرجها بنفسه. وهذا أولى وأفضل غالباً؛ لأن الإنسان يكون أحوط لنفسه، وأعرف بالفقراء والمساكين والمستحقين .. وغير ذلك.
الطريقة الثانية: أن يوكل من يخرجها عنه. وهذا قد يوكل أفراداً، وقد يوكل جهات، كما تجد أن كثيراً من الجمعيات الخيرية، والمؤسسات الإسلامية، والجهات المختلفة تقوم بأخذ الزكاة من الأغنياء، وتكون وسيطاً بينهم وبين الفقراء؛ لأنها تعرف الفقراء، أو يوجد عندها اطلاع على أحوالهم، أو تستطيع أن تتوصل إليهم، وتنظم إخراج الزكاة، كما نجد في كثير من المؤسسات الخيرية والمستودعات والجمعيات.. وغيرها.
الطريقة الثالثة: هي أن يتم إخراجها عن طريق الإمام، أو بمعنى آخر عن طريق الحكومة، وهذا يحدث أيضاً، فإن هناك جهات في عدد من البلاد الإسلامية تقوم بأخذ الزكاة واستقبالها، كما نجد هنا مصلحة الزكاة والدخل، وهذه الجهات قد تأخذ من الإنسان قسراً بغير اختياره أحياناً، بمعنى: أنه بمجرد ما يعرفون أن رأس مالك مثلاً في هذا المحل مائة ألف ريال أو أقل أو أكثر، يضعون عليه نصابه من الزكاة، وهكذا الحال بالنسبة للشركات الكبرى، مثل ما تجد في الشركات الشهيرة في البلاد، فإنهم يأخذون زكاتها إذا كان لك أسهم في هذه الشركة، يأخذون زكاة الشركة، وبالتالي تكون الأسهم الموجودة عندك قد أخرجت زكاتها.
إذاً: إذا أخرجت زكاة المال بهذا الطريق سواء باختيارك صرفتها إلى جهة رسمية، أو بغير اختيارك كأن أخذت الزكاة عن طريق معرفة رأس المال، أو عن طريق الشركة التي تساهم فيها، فإن هذا يجزئ، ولا يلزم الإنسان أن يخرج مزيداً من الزكاة، أو يخرج الزكاة مرة أخرى حتى لو صرفت في غير وجهها، إضافة إلى أن بعض الناس قد لا يكون أعطى الرقم الصحيح لرأس المال، فيقول مثلاً: إن رأس مال هذا المحل أو هذا الدكان خمسون ألف ريال، فيأخذون الزكاة عليه، بينما الواقع أن رأس المال قد يكون ثلاثمائة ألف، هنا بدون شك يجب عليه أن يخرج ما بقي، يعني: هم يأخذون زكاة خمسين ألفاً الذي صرح به، الزائد على هذا يجب عليه أن يخرج زكاته.
إذاً: هذه ثلاث طرق يتم بها إخراج الزكاة.
وقد نقول: إن أفضل طريقة هي أن يخرج الزكاة بنفسه، هذا هو الأصل، لكن قد يطرأ ما يجعل إخراجها عن طريق وكيل أولى، فإننا نجد أن بعض الجهات الخيرية لها عناية شديدة بالزكوات، ومعرفة بالمستحقين، ووضعت أجهزة خاصة لأسمائهم واستحقاقاتهم، ورواتب شهرية ومصروفات .. وغير ذلك، فأصبحت عندهم عناية واهتمام لا يوجد عند الأفراد، وبهذا قامت هذه الجهات نوعاً ما بجزء من المهمة، التي كانت تقوم بها الجهات الرسمية سابقاً؛ لأن الإمام كان يرسل السعاة -كما يسمون- أو المصدقين، يأخذون الزكاة من الأغنياء ويردونها للفقراء، وكان الساعي يذهب ويتولى هذا باجتهاده، الآن أصبح هناك جمعيات خيرية ومؤسسات ومستودعات وأجهزة تقوم بمهمة الساعي، فتتعرف إلى الفقراء، وتتعرف إلى الأغنياء، وتأخذ الزكاة وتنظمها وتصرفها، فقد يكون هذا أفضل؛ من جهة أنهم أكثر تخصصاً وعناية بمعرفة الفقراء والمستحقين. هذه نقطة.
منها: أن العبادات كلها لابد فيها من النية، كالصلاة والصوم والحج، فالصلاة مثلاً: لابد من النية أن تكون فريضة أو نافلة، الصوم كذلك: ( لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل )، فيما يتعلق بالفرض بخلاف النفل، كذلك الحج لابد أن ينوي الحج في الجملة باتفاقهم في أصل النية.
إذاً: هذه عبادة لابد فيها من نية.
إذاً: الأول: ( إنما الأعمال بالنيات ).
الثاني: أن هذه عبادة كسائر العبادات لابد فيها من النية.
الدليل الثالث: أن إخراج المال يكون على وجوه شتى، قد يخرج المال زكاة مفروضة، وقد يخرج المال صدقة نافلة، وقد يخرج المال هبة، وقد يخرج المال لسداد دين، وقد يخرجه لأي اعتبار آخر، فلا يمكن تحديد إذا كان قصد بإخراجه الزكاة المفروضة إلا بالنية، ولهذا كان هذا قول الجمهور، لكن لا يخرج عن قول الجمهور بعض الأشياء والتفاصيل التي لا تخالف هذا القول.
مثلاً: بالنسبة لمال الصبي والمجنون، فإن الزكاة يخرجها وليهما أو الوصي عليهما، يخرج الزكاة من مالهما، وهنا يكفي أن يكون الوصي أو الولي قد نوى بإخراج هذا المال الزكاة؛ لأن الصبي والمجنون لا يطالبان بالنية في هذا الباب، كما أنهما لم يطالبا بأصل العمل أن يقوما به، وإنما قام به عنهما غيرهما شأنهما في ذلك مثل العبادات الأخرى، فإن الصبي مثلاً أو الطفل لو نوى حجاً أو عمرة، فإن الذي ينوي عنه وليه، فهكذا الأمر بالنسبة للزكاة.
إذاً: هذه نقطة.
النقطة الثانية أيضاً التي لا تخالف قول الجمهور في موضوع الزكاة: لو أن رجلاً أبى أن يدفع الزكاة وامتنع، فأخذها منه الإمام بالقوة، أو تهرب من أدائها بالحيلة فأخذت منه بالقوة، ففي هذه الحالة أخذ الإمام لها بهذه النية يجزئ عن نية المالك؛ لأن أخذ الإمام بهذه النية جعله بمنزلة الولي على الصبي، أو الولي على المجنون، فهو الذي أخذ المال وهو أخذه بالنية، فيجزئه ذلك، وهل يجزئه هذا ظاهراً وباطناً، يعني: بالنسبة لصاحب المال الذي أخذت منه بالقوة زكاة ماله؟ هل يجزئه أخذ الزكاة ظاهراً وباطناً؟
نعم، عند الشافعية على الأصح من مذهبهم، وهو مذهب المالكية، وقول في مذهب الإمام أحمد : أن أخذ الزكاة منه بالقوة يجزئه ظاهراً وباطناً، بمعنى: أنه لا تتجه عليه مطالبة في أمر الزكاة، ولا يلزمه أن يخرج مرة أخرى.
هناك في المسألة قول آخر فيما يتعلق بأصل النية..
إذاً: نحن ذكرنا أن الجمهور يشترطون النية، وأيضاً ذكرنا أن الجمهور يرون أن الصبي والمجنون أن النية عنهما تكفي من الولي، وأن من أخذت منه قهراً من قبل السلطان؛ لامتناعه أو تهربه تجزئ أيضاً نية السلطان، وتجزئه الزكاة ظاهراً وباطناً على القول المختار مذهب الجمهور.
في أصل مسألة النية قول آخر منسوب للأوزاعي، أنه يرى أن الزكاة لا تشترط لها النية، لماذا؟ قال: لأن الزكاة بمنزلة الدين، الزكاة في ذمة الغني بمنزلة الدين، فكما أنه لا يشترط في سداد الدين النية، فكذلك لا يشترط في أداء الزكاة النية، ولا شك أن هذا القول ضعيف، ومذهب الجمهور بأدلته التي سقناها هو الراجح.
بقي أيضاً أن الأحناف عندهم إيراد في هذه المسألة، وهو لو أن إنساناً عنده مال وفيه زكاة، فقام هذا الإنسان وتبرع بالمال كله على سبيل التطوع، هل يجزئه هذا عن الزكاة الواجبة أو لا يجزئه؟ مذهب الجمهور أنه لا يجزئه؛ لأنه ما نوى، وهذا هو الأقوى.
الأحناف يقولون: يجزئه، ويقولون هذا على سبيل الاستحسان؛ لأنهم يقولون: ما دام تخلص من المال كله فلم يعد عليه زكاة في المال وهو أخرجها في سبيل الله فلا تزاحم بزكاة واجبة، لكن القول الثاني هو الراجح.
فمسألة تأخير الزكاة عن وقت الوجوب، يعني: لو أن إنساناً حال الحول على مال عنده، وقد بلغ نصاباً وتوافرت فيه الشروط، فهل يجوز له أن يؤخر الزكاة شهراً أو شهرين أو سنة؟ أو يجب عليه أن يخرج الزكاة فوراً.
الجمهور وهم الشافعية والحنابلة والمالكية وقول عند الأحناف يقولون: يجب عليه أن يخرج الزكاة فوراً، متى وجبت عليه الزكاة وجب عليه المبادرة بإخراجها، على الفور من غير تأخير إذا كان قادراً على ذلك.
أولاً: هناك دليل أصولي يتكرر دائماً في معظم الواجبات، قالوا: لأن الزكاة مأمور بها: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [البقرة:43]، والواجبات الشرعية ينبغي أن تؤدى على الفور، الأصل فيها الفورية وعدم التأخير.
إذاً: الأول: لأن الأمر المطلق يقتضي الفورية.
الثاني: لأنها عبادة مؤقتة بوقت، وهو حولان الحول، فيجب أن تؤدى إذا جاء وقتها، وهو تمام الحول.
الثالث: قالوا: لأنه لو جاز له أن يؤخرها شهراً مثلاً، لجاز له أن يؤخرها شهرين، ولو جاز أن يؤخرها شهرين جاز أن يؤخرها ثلاثة أشهر إلى ستة أشهر إلى سنة، وهذا لا يتناهى، ويترتب عليه ربما تراكم الزكاة، ويترتب عليه عدم مطالبته بالزكاة، ويترتب عليه عدم تأثيم من أخّر الزكاة ولم يخرجها، وقد يكون هذا مهرباً ويؤدي إلى التفريط، ويرفع العقوبة عن تارك الزكاة.
الرابع: قالوا: إن الزكاة حق متعين في المال أو في الذمة للفقراء، فإذا حال الحول وجبت الزكاة، فكانت مثل الدين المؤجل الذي حل وقته، يجب على المدين أن يخرجه فوراً.
فلهذه الأدلة ذهب الجمهور إلى وجوب إخراج الزكاة على الفور، لكن هذا لا يعارض أن تكون هناك حالات خاصة، حتى عند الجمهور يمكن تأخير الزكاة بسببها.
ومثلها أيضاً: زكاة المال الغائب الذي لا يدري هل يصل إليه أو لا يصل، فإن الغني يكفيه أن يواسي الفقراء بنفسه، فإذا جاء المال وقدم حتى بعد تمام الحول أخرج الزكاة، فواسى الفقراء بنفسه.
مثله أيضاً: لو كان ينتظر بإخراج الزكاة سبباً معيناً، مثل: الساعي، لو كان هناك ساع يأتي لأخذ الزكوات، فحال الحول ولم يتعجل بإخراجها؛ خشية أنه يخرجها ثم يأتي الساعي فيطلب منه أن يخرجها مرة أخرى، فله الحق أن يؤخرها في هذه الحال حتى يأتي الساعي ويقبضها، مثل: الأسباب التي تبيح له أن يؤخر الدين، لو كان على هذا الإنسان دين لإنسان آخر، وهناك أسباب معينة، ظروف مالية خاصة تبيح له تأخير سداد الدين، فهذا من باب أولى أنه تبيح له تأخير الزكاة.
ومثل ذلك أيضاً: لو كان هناك مصلحة عامة تتطلب تأخير الزكاة، مثل: ما لو كان هناك بوادر مجاعة في بلد من البلدان، أو أزمة معينة يتوقع أنه تستدعي حشداً من الأموال والزكوات والصدقات لسداد هذا الوجه، فالرجل تريث في إخراج الزكاة من أجل أن يسدد هذا، إذا وجد أن هناك ما يدعو إليه.
فمثل هذه الأسباب التي فيها إما ضرر على المخرج لو أداها في وقتها، أو فيها ضرر على المستحقين، وربما يكون هناك ما هو أحوج من الجهة التي صرفها فيها تبيح له أن يؤخر الزكاة عن وقتها.
فمن عليه زكاة إذا هلك النصاب بعد تمام الحول، وبعد تمكنه من الأداء لا يضمن، هذا رأيهم، رأي الجصاص واستدلاله للحنفية، قال: لو كانت على الفور لكان عليه أن يضمن، بينما هذه المسألة سنذكر فيها الخلاف والقول الراجح بعد قليل.
نعم. يخرج زكاة السنوات كلها، هذا تقريباً بالاتفاق، يخرج زكاة السنوات كلها.
وضمن هذه المسألة: هل يخرج زكاة المال كله في السنوات الثلاث، أو يخصم مقدار الزكاة من السنة الثانية، ومقدار زكاتين من السنة الثالثة، ومقدار ثلاث زكوات من السنة الرابعة.. وهكذا؟
كإنسان عنده أربعون شاة، وباعتبار أنه كل سنة عليه شاة، أو نقول: يخرج زكاة شاة واحدة؛ لأنه لما أخرج الشاة هذه نقص النصاب وصار الباقي عنده تسع وثلاثين، فنقص النصاب، ولم يصبح فيها زكاة؟ هذه هي المسألة التي اختلفوا فيها.
والراجح الذي نص عليه الإمام أحمد هو الثاني: أنه يخرج الزكاة ثم يخصمها.
لو فرضنا عنده مثلاً كما قلنا: أربعون شاة يخرج زكاة سنة واحدة، ولا يخرج زكاة السنة الثانية والثالثة؛ لأن النصاب نقص.
وكذلك لو كان عنده صنف آخر من المال كالذهب أو الفضة، ثم أخرج زكاة السنة الأولى فنقص النصاب، نقول له: إذا حسب زكاة السنة الثانية يخرج الباقي بعدما خصم زكاة السنة الأولى، وفي السنة الثالثة إذا أراد أن يحسب زكاتها، يخصم زكاة السنة الأولى والثانية ثم يزكي الباقي.. وهكذا.
هذه مسألة: هل يضمن الزكاة إذا تلف المال أو لا يضمنها؟
ظاهر كلام المصنف أنه إذا تلف المال قبل وقت وجوب الزكاة أنها تسقط، وهذا أظنه لا إشكال فيه، يعني: قبل تمام الحول تلف المال، هل نقول عليه زكاة؟ ما عليه زكاة، هذا الظاهر.
لكن إذا حال الحول وأخر الزكاة يوماً أو يومين أو شهراً فتلف المال، المصنف يقول: (لا تسقط عنه الزكاة) ظاهر كلامه أنها لا تسقط عنه مطلقاً، وهذا قول عند الحنابلة.
وهناك عند الحنابلة قول آخر: وهو أنه إذا تلف المال في يده فإنه يضمنها، أما لو تلف وهو في غير يده، فإنه ليس عليه ضمان، وعند الحنابلة أيضاً قول ثالث: وهو أنها إن تلف المال بتفريطه وجب عليه الضمان، وإن تلف بغير تفريطه فلا ضمان عليه.
إذاً: القول الثالث يفرق بين ما إذا تلف المال بتفريطه، وبين ما إذا تلف بغير تفريطه. وهذا القول هو مذهب الجمهور، هو قول المالكية والشافعية والجمهور واختاره ابن قدامة الموفق في المغني، وابن تيمية وغيرهما من المحققين، وهو القول المختار، أنه إذا تلف المال بعد وجوب الزكاة عليه بتفريط منه وإهمال، فإن عليه أن يغرم الزكاة ويضمنها لمستحقيها حينئذ، أما لو تلف بغير تفريط، تلف بآفة سماوية مثلاً، أو تلف بسبب غير متوقع، أو تلف من غير تفريط منه بأي حال من الأحوال، فإنه حينئذ ليس عليه زكاة وليس عليه أن يضمنها.
المؤلف ذكر هذا، وذكر أنه إن تلف المال قبل وقت الوجوب أنها تسقط؛ لأن الأمر حينئذ لم يجب عليه، فأشبه ما لو لم يكن ملك نصاباً، فإنه لا تجب عليه الزكاة.
انتقل بعد ذلك إلى مسألة تعجيل الزكاة، فالمصنف رحمه الله يقول: [ ويجوز تعجيلها إذا كمل النصاب، ولا يجوز قبل ذلك ].
معنى كلامه: إذا وجد عندك نصاب، النصاب يقولون: هو سبب الوجوب، وحولان الحول هو شرط الوجوب، فيقول: إذا وجد عندك نصاب الزكاة، عندك أربعون شاة، يجوز لك أن تخرج زكاة هذه السنة والسنة الثانية مثلاً، تخرج زكاة عامين شاتين مثلاً، هذا يجوز عنده، لكن لو لم يكن النصاب كاملاً، ما كان عندك إلا ثلاثين شاة وقلت: سوف أخرج شاة عن الزكاة بنية أن النصاب سوف يكمل، ففي هذه الحالة لا يجزئ عن الزكاة؛ لأنها لم تتوجب عليك، فأنت حينئذ أشبه بإنسان أخرج كفارة اليمين قبل أن يحلف، لو أطعم شخص عشرة مساكين كفارة يمين ثم حلف بعد ذلك ونكث، هل الكفارة هذه تجزئ؟ بالاتفاق أنها لا تجزي؛ لعدم وجود موجبها، فكذلك الزكاة إذا أخرجها قبل وجود النصاب عنده، المصنف يقول: لا يجوز، يعني: المقصود أنه لا تكون من الزكاة قبل أن يكمل عنده النصاب.
إذاً: هذا نص المؤلف، وما ذكره المؤلف هو مذهب الجمهور أيضاً من الشافعية والحنفية .. وغيرهم، واختاره أبو عبيد صاحب الأموال وإسحاق بن راهويه وسواهما.
ونقل عن جماعة من الصحابة أنه يجوز تقديم الزكاة إذا كمل النصاب، استدل هؤلاء بأدلة: منها: في الصحيحين قصة منع ابن جميل والعباس بن عبد المطلب وخالد بن الوليد، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( أما
فاستدل أو استأنس هؤلاء أيضاً بحديث جاء عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ( أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ من
إذاً: هذا هو القول الأول وهو مذهب الجمهور: جواز تعجيل الزكاة إذا وجد النصاب.
المذهب الثاني للمالكية: وهو أنهم يفرقون في الزكاة، فيقولون فيما يتعلق بزكاة الثمار مثلاً، زكاة الزروع: لا يجوز ولا يجزئ إخراجها قبل الوجوب، وهكذا عندهم زكاة الماشية التي لها ساع يأتي لأخذ الزكاة، فلو أخرج الزكاة منها قبل مجيء الساعي لما أجزأه ذلك.
إذاً: هذا القسم الأول عندهم: الثمار والزروع والماشية التي لها ساع سوف يأتي لأخذ الزكاة، فلا يجزئ عندهم تقديم زكاتها.
القسم الثاني عندهم: زكاة العين. الذهب والفضة.
وأيضاً زكاة الماشية التي ليس لها ساع يأتي لأخذ زكاتها، فعندهم يجوز إخراجها قبل وقت الوجوب بشيء يسير، كشهر مثلاً أو نحوه، ومع ذلك فهو عندهم مكروه؛ لأنهم يرون أنها عبادة مؤقتة بالحول، وأنه ينبغي بأن يتحرى فيها وقتها.
الراجح في هذه المسألة هو ما ذهب إليه الجمهور: من أنه يجوز تقديم الزكاة إذا وجد النصاب قبل وقت الحول، وقد يكون إخراج الزكاة أحياناً قبل الوقت أو تقديمها قد يكون أفضل؛ لأنه أشبه بمن أقرض الفقراء وأدانهم، فإذا وجد كارثة أو نازلة أو مصيبة أو مجاعة أو فقراً أو فيضانات .. أو ما أشبه ذلك من المصائب العامة، والنكبات التي تعرض للأمة، فإن إخراج زكوات وتعجيلها يكون خيراً وأفضل حينئذ.
هذا واضح، يعني: إنسان عجل الزكاة قبل تمام الحول وبعد وجوب النصاب، وأعطاها رجلاً غنياً، وهذا الغني افتقر، وما حال الحول واكتمل إلا وقد أصبح هذا الغني مسكيناً محتاجاً للزكاة وصار من أهلها، ففي هذه الحالة لا يجزئه إخراج الزكاة؛ لأنه وقت الدفع لم يكن من أهلها، والعبرة بما كان عليه وقت الدفع والاستحقاق وتملك الزكاة، فهذا ظاهر لا إشكال فيه، العبرة بحال الدفع ووقت الإخراج لا بما آل إليه الأمر؛ لأنه يوم أخذها لم يكن من أهلها.
يقول: [ أجزأت عنه ]، وهذا أيضاً ظاهر، يعني: إنسان مثلاً عجل الزكاة قبل تمام الحول، وأعطاها رجلاً فقيراً، فهذا الفقير بعد أخذ الزكاة مثلاً بأسبوعين أو ثلاثة جاءته أموال طائلة، أصبح بها غنياً غير مستحق للزكاة، أو مات، والميت ليس من أهل الزكاة، وربما يأتي عرض لهذه المسألة في أصناف الزكاة ومن تدفع إليهم.
إذاً: إذا اغتنى بعدما قبض الزكاة وقت الوجوب أو مات أو ارتد عن الإسلام، والمرتد لا شك أنه لا يجوز دفع الزكاة إليه؛ لأن ذلك إعانة له على ردته، والعلماء قد يكونون اختلفوا في الكافر، هل تدفع إليه الزكاة أم لا؟ وهذا سوف يأتي بحثه إن شاء الله، يعني: الكافر الأصلي مثلاً إن كان ذمياً أو مستأمناً أو معاهداً، هل تدفع له زكاة الفطر؟ هل تدفع له زكاة المال؟ المسألة فيها خلاف سوف أعرض له، لكن المرتد بالاتفاق لا تدفع إليه الزكاة، وكذلك المحارب من الكفار في حالة حرب باتفاق العلماء: أنه لا يجوز دفع الزكاة إليه، حتى مثلاً لو قلنا: إن الله سبحانه وتعالى قال: وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ [التوبة:60]، فمثل هؤلاء لا يكونون من المؤلفة قلوبهم، ودفع الزكاة إليهم هي إعانة على حرب الإسلام، أو إعانة للمرتد على بقائه على ردته، ولذلك يقول: (لو أنه اغتنى أو مات أو ارتد أجزأه) لأن العبرة كما قلنا بحال الدفع، لا بما آل إليه الأمر.
قال: [ ولا تنقل الصدقة إلى بلد تقصر إليه الصلاة، إلا أن لا يجد من يأخذها في بلدها ]
مسألة نقل الزكاة من المسائل الشهيرة، والتي تمس الحاجة أيضاً إلى بحثها.
أولاً: حديث ابن عباس رضي الله عنه حينما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن وقال له: ( أعلمهم أن الله تعالى افترض عليهم صدقة، تؤخذ من أغنيائهم فترد إلى فقرائهم )، والحديث متفق عليه، فنص النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أن الصدقة تؤخذ من أغنيائهم، يعني: أغنياء البلد، أهل اليمن قوم أهل كتاب.
( فترد إلى فقرائهم ) يعني: فقراء أهل اليمن أيضاً. هذا الدليل.
أيضاً مثله في الدلالة ما رواه البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه في قصة ضمام بن ثعلبة الطويلة، وفيها: ( أن
أيضاً مما استدلوا به ما رواه عون بن أبي جحيفة عن أبيه أبي جحيفة قال: ( قدم علينا مصدق النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأخذ الصدقة من أغنيائنا فجعلها في فقرائنا، قال: وكنت يتيماً فأعطاني قلوصاً )، الحديث رواه الترمذي وقال: في الباب عن ابن عباس، وهذا حديث حسن.
والواقع أن سند الحديث فيه ضعف؛ فيه أشعث بن سوار ضعّفه الإمام أحمد ويحيى بن معين وغيرهما.
فالحديث إذاً لا يصح، لكن يكفي عنه ما قبله من الأحاديث.
أيضاً مما استدلوا به قالوا: إن هذا ما كان عليه العمل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين ومن بعدهم، فإنهم كانوا يبعثون السعاة إلى المدن والأقاليم والقبائل، يأخذون الصدقة من الأغنياء فيردونها في الفقراء، ولم يكونوا يأتون بزكاة إلى المدينة، إلا إذا استغنى أهل البلد، وهذا أمر ربما يكون محل إجماع واتفاق، يعني: لو أن أهل البلد الذي أخذت منه الزكاة استغنوا كلهم، هل تبقى الزكاة فيهم؟ لا، بالاتفاق أنها تنقل إلى بلد آخر يكون أهله محتاجين.
إذاً: هذا هو القول الأول، وهو ما كان عليه العمل.
قالوا: مثل أن ينقلها من بلد الحرب إلى بلد الإسلام، فإن المسلم الذي في بلد الإسلام أحوج وأحق بالزكاة من الذي في بلد الحرب.
كذلك قالوا: مثلاً: لو نقلها إلى أهل بلد يكون أحوج وأكثر فاقة من البلد الذي فيه الزكاة أو المال.
كذلك قالوا: لو نقلها إلى بلد يكون أهله أدين وأتقى وأورع، فإن هذا النقل له ما يسوغه.
كذلك قالوا: لو أنه نقلها إلى طالب علم أو عالم يكون له نفع، أو نقلها إلى من له منزلة ومكانة وفضل، ويكون دفع الزكاة إليه إعانة له على ما هو بصدده .. وما أشبه ذلك من الحالات الخاصة، يعني: الفردية، أو الحالات العامة التي تستدعي نقل الزكاة، فإنه يجوز عندهم حينئذ بلا كراهة، ومثل ما ذكرناه من موضوع صلة الرحم .. وغيره.
ففي هذه الصور ونحوها يجوز، وأيضاً ربما يلحق بهذا القول ما نص عليه الإمام مالك في الموطأ، وجماعة من المالكية: أن للإمام -الإمام لاحظ- أن ينقل الزكاة إلى بلد آخر يكون أحوج، ولكن كأنهم قيدوها بالإمام، والواقع أنه لابد من اختيار القول الثاني، وإن كان القول الأول له اعتبار من جهة أن الأقربين أولى كما ذكرنا، إنما الآن مع اتساع المجتمع الإسلامي وكون الأموال تتركز في بلاد معينة كبلاد الخليج مثلاً؛ لما أفاء الله تعالى عليها من النفط والخيرات وأنعم وأرغد، بينما المجاعة والكثرة السكانية والكثافة والفقر، كما في بنجلاديش، حيث مئات الملايين الذين لا يجدون قوت اليوم، أو مثل أيضاً مئات الملايين في إندونيسيا، أو مئات الملايين في المناطق الإفريقية والذين غالبية مالهم يعتمد على الزرع والزراعة، وقد يكون هناك موسم جفاف، وقد تأتي مجاعة، أو تأتي فيضانات .. أو غير ذلك وتتلف المحاصيل، ففي مثل هذه الحالة التي تعيشها الأمة الإسلامية يتعين الأخذ بالقول الثاني ووضعه في الاعتبار، وأن نقل الزكاة جائز، ولا يلزم أن كل مزك لا يقوم بنقل الزكاة إلا بعد ما يتحقق أن الذين بقربه أصبحوا أغنياء أو مستغنين.
وأيضاً الغنى هو درجات، فإننا لما نقول عن إنسان مثلاً في هذه المنطقة أو في الكويت أو في الإمارات لما نقول عنه: إنه فقير، فالغالب أننا نقصد درجة من الفقر معينة، بينما حينما نقول عن إنسان مثلاً في مجاهل إفريقيا، أو في بنجلاديش أنه فقير، فإن هذا الإنسان ربما لا يجد قوت يومه وليلته، وربما لا يجد مأوى ومسكناً، وربما لا يجد لباساً يلبسه، فيفتقد الحاجات الضرورية، ففي مثل هذه الحالة لابد من التوسعة على الناس وعلى الأغنياء، والإفتاء لهم بأنه يجوز لهم نقل الزكاة إلى مستحقيها، حتى ولو كانوا في مناطق بعيدة.
المسألة السابعة من جملة المسائل التي مرت: من مات وعليه زكاة لم يخرجها.
يعني: إنسان مات وعليه زكاة قد وجبت عليه، حال الحول على ماله ولم يخرج الزكاة سنة أو أكثر، باتفاق العلماء أنه آثم؛ لأنه أخر الزكاة عن وقت وجوبها، فإذا لم يكن له سبب فهو آثم بذلك باتفاقهم، لكن هل تخرج الزكاة من تركته أو لا تخرج؟
الجمهور يقولون: نعم، تخرج الزكاة من تركته؛ لأنها دين في ذمته، وهي حق لله سبحانه وتعالى، وأيضاً هي حق للفقراء، والله تعالى أحق بالقضاء، وهذا مذهب المالكية والشافعية والحنابلة، وهو المختار الصحيح.
القول الثاني وهو مذهب الحنفية: أنه يسقط عنه الوجوب إلا أن يكون أوصى به، فيكون إخراج الزكاة حينئذ مثل الوصية، تكون مع الوصية؛ لأن المال عندهم خرج من عهدته وأصبح للورثة.
يعني: لو أن إنساناً مثلاً له دين عند شخص فقير، وحال الحول على المال، فقال هذا الغني: لي عند فلان ألف ريال أريد أن أسقطها عنه، وأحتسبها من زكاتي، هل يجوز هذا؟
الجمهور على أن هذا لا يجوز؛ لأن الزكاة حق لله سبحانه وتعالى لابد أن يخرجها، ولا يجوز أن يجعل الزكاة حماية لماله أو سداداً لدينه، كما في مثل هذه الحالة؛ لأنه بهذه الطريقة احتفظ بالألف التي كان يجب أن يخرجها من الزكاة، واكتفى بهذا الدين، وربما كان هذا الدين تالفاً أو ميئوساً منه، هذه حجتهم.
هناك قول آخر عند الشافعية وهو اختيار أشهب من فقهاء المالكية، ونقل عن الحسن البصري وعطاء أن ذلك جائز، أنه يجوز له أن يلغي الدين ويحتسبه من الزكاة، قالوا: لأنه لو أخذ منه الدين، ثم رده إليه أجزأه، فكذلك إسقاطه عنه يجزئ أيضاً.
ابن تيمية رحمه الله كان له قول وسط في هذه المسألة، وهو في تقديري جيد. قال: إن كانت الزكاة زكاة دين جاز إسقاط الدين واحتسابه من زكاة الدين، أما إن كانت من زكاة مال، فيخرج من المال؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ [البقرة:267]، فأنت إذا أخرجت زكاة دين ميئوس منه عن مال موجود عندك وفي أرصدتك تكون قد تيممت الخبيث في هذه الحالة، لكن لو كان أصل المال الذي عندك هو عبارة عن دين قد يأتي أو لا يأتي، فأخرجت زكاته ديناً ففي هذه الحالة كانت الزكاة من جنس المال، وقد مر في أكثر من موضع أن مساواة ومواساة الإنسان المالك الغني الفقراء بنفسه يكفي، لا يطلب منه أن يعامل الفقراء أكثر مما يعامل نفسه، فهذا الاختيار جيد.
الإمام أحمد رحمه الله قيل له: [ الرجل يدفع زكاته إلى الرجل أيخبره أنها زكاة؟ أيقول له: إنها زكاة؟ فقال الإمام أحمد : ولماذا يقول له: إنها زكاة؟ هل يريد أن يبكته بذلك؟ ما حاجته إلى أن يقرعه؟! ]
إذاً: كلام الإمام أحمد يدل على أنه ربما يكره أن يقول الإنسان للفقير: إن هذه زكاة إذا كان يعطي المستحق، يكره له أن يقول له: إنها زكاة، فإذا كان هناك ما يدعو إلى هذا القول فقد نص بعض الفقهاء على جوازه من غير كراهة، مثل ما إذا كان يشك في كونه فقيراً، ويعلم أنه ليس عنده إشكال في أخذ الزكاة .. أو غيرها؛ لأن كثيراً من الناس لا تأنف نفوسهم من أخذ الزكاة، ولا يعتبرون هذا تبكيتاً أو تقريعاً لهم، ولا يسوءهم أن تخبرهم بذلك، وتخشى ألا يكون من المستحقين، فتخبره أن هذه من الزكاة.
إذاً: الأصل الكراهة، ولا يلزم أن تخبره بذلك، ولكن لو وجد ما يدعو إلى الإخبار فأخبرته، فذلك جائز إن شاء الله تعالى.
فقال الجمهور: إنه يستحب للإمام أو الساعي أو من في حكمهم إذا أخذ زكاة قوم أن يدعو لهم بمثل هذا الدعاء، وقال بعض الشافعية: يدعو بغيره؛ لأنهم يرون أن الصلاة خاصة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ونقول: إن هذا الحديث دليل على أنها ليست خاصة، وإنما الخاص هو اتخاذ هذا شعاراً للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يذكر كلما ذكروا، أما أن يدعو لقوم فيصلي عليهم .. أو ما أشبه ذلك، فهذا ليس فيه حرج.
الجواب: لا أعتقد أنها تعتبر ديناً، بل المتجه هو إسقاطها، إلا أن تكون في هذه الحالة مرتبطة بالسيارة، فإذا باعها .. أو ما أشبه ذلك وكان هذا سينتقل، فحينئذ لا ينبغي له أن يحمل غيره وزره.
الجواب: هذا صحيح؛ لأنه مع الأسف الآن لا توجد جهات حتى في موضوع الزكاة أو في موضوع الدعوة، لا توجد جهات تقوم بالنظر إلى الرقعة الإسلامية كلها، وتوزيع المواهب والإمكانيات والأموال عليها بطريقة منظمة، فالأمر يعتمد كثيراً على جهود ممكن أن نقول: إنها مرتجلة، ولكن هذا هو الممكن، والجود من الموجود، فينبغي علينا أن نبذل وسعنا.
وكما قلنا في أمر الزكاة: إن كثيراً من البلاد الإسلامية فيها غنى ومال ويسار وجدة كمناطق الخليج، بينما مناطق أخرى فيها فقر وإعدام وشظف العيش، كذلك نقول في أمر الدعوة، فإننا نجد مثلاً في هذه البلاد، هناك مناطق خصوصاً المدن والعواصم الكبرى تكون فيها جامعات، ويكون فيها أعداد كبيرة من طلاب العلم والمتفقهين، وربما تقول: العلماء، بينما تجد دولاً بأكملها تفتقر إلى مثل هؤلاء.
وأذكر أنني قلت في بعض المناسبات: إن واحداً من طلبة العلم عندنا، هو مجرد طالب يحضر في إحدى الحلقات، هذا الطالب لو ذهب إلى بعض الدول لربما كان هو الرجل الأول في المستوى العلمي، وربما كان هو المفتي عندهم؛ لحاجتهم إلى المتعلمين، وإلى الفقهاء، وإلى الدعاة، وإلى المرشدين، لكن بدون شك أن الكثيرين يقع عندهم نوع من الغفلة عن هذا، وإذا كان فيما يتعلق بالمال ذكرنا ما ذكرنا، ففيم يخص الدعوة لا شك أن انطلاق الإنسان إلى مناطق نائية، وعنايته بذلك وتركيزه عليه هو أمر محمود بكل حال، لكن هذا لا يترتب عليه أن يهمل زوجته وأولاده ومن يعوله.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر