إسلام ويب

شرح صحيح مسلم - كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار - أذكار الصباح والمساءللشيخ : حسن أبو الأشبال الزهيري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن العبد المسلم إذا أصبح كل يوم كان على كل سلامى منه صدقة، فإن أتى بأذكار الصباح والمساء وسائر الأذكار فإنه يكون قد أدى صدقة أعضائه، ثم يكون له بهذه الأذكار حصن من الشرور، وحماية من الشيطان وقبيله، وزيادة قرب له من ربه عز وجل الذي يذكر عباده بقدر ذكرهم له.

    شرح حديث: (أمسينا وأمسى الملك لله ...)

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وسلم تسليماً كثيراً.

    ثم أما بعد:

    إن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة، وبعد:

    فما زلنا مع كتاب الذكر.

    قال المصنف رحمه الله: [ عن النبي عليه الصلاة والسلام: (أمسينا وأمسى الملك لله والحمد لله، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم إني أسألك خير هذه الليلة، وأعوذ بك من شر هذه الليلة وشر ما بعدها، اللهم إني أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر، اللهم إني أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر) ]. وهذا الدعاء يقال في أول الليل.

    وقوله: (اللهم إني أسألك خير هذه الليلة) جاء في رواية من طريق ابن سويد: (وخير ما بعدها، وأعوذ بك من شر هذه الليلة) أي: ما يقدر فيها من نزول الشر.

    والنبي عليه الصلاة والسلام أمر بإيكاء الأواني. أي: بتغطية الأواني التي فيها طعام أو شراب؛ لأن الداء ينزل في ليلة في السنة، فلا تدري لعل الليلة التي تركت فيها آنيتك مكشوفة هي الليلة التي وافقت نزول الشر والداء من السماء، فحينئذ يصيب هذا الشر الإناء أو الطعام فتأكله فيصيبك ما قدر الله عز وجل لك.

    فقوله عليه الصلاة والسلام: (اللهم إني أسألك خير هذه الليلة) أو من خير هذه الليلة، فكأنه عليه الصلاة والسلام سأل ربه أن يصيبه من خير هذه الليلة المقبلة عليه، أو يصيبه خيرها كله، فهو إما أن يسأله من بعض خير هذه الليلة أو يسأله الخير كله.

    قوله: (وأعوذ بك من شر هذه الليلة وشر ما بعدها، اللهم إني أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر) بفتح الباء وكسر ما قبلها، وهو: وسوء العمر، وأن أرد إلى أرذل العمر.

    والكبر هو العمر المتقدم وهو السن. وفي رواية: (وسوء الكبر)، الذي هو غمط الناس. أي: ظلم الناس ورد الحق.

    قوله: (اللهم إني أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر). هذا دليل على أن القبر إما أن يكون روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار، وأن عذاب القبر ثابت في كتاب الله عز وجل وفي سنة النبي عليه الصلاة والسلام.

    قال: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير -وهو ابن عبد الحميد الضبي الكوفي- عن الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم بن سويد عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله بن مسعود قال: (كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال: أمسينا وأمسى الملك لله، والحمد لله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له) قال: أراه قال فيهن ]. أي: إبراهيم النخعي ينقل عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، رب أسألك خير ما في هذه الليلة، وخير ما بعدها، وأعوذ بك من شر هذه الليلة وشر ما بعدها، رب أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر، رب أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر)، وإذا أصبح قال ذلك أيضاً: (أصبحنا وأصبح الملك لله) إلى آخر الحديث.. وإذا قاله في المساء قال: (أمسينا وأمسى الملك لله والحمد لله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له) إلى آخر الحديث، فهذا الدعاء يقال في كل صباح ومساء.

    وفي رواية قال: (كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا أمسى قال: أمسينا وأمسى الملك لله والحمد لله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، اللهم إني أسألك من خير هذه الليلة وخير ما فيها، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها) ولم يقل: وشر ما بعدها، إنما قال: (وشر ما فيها) أي: من شر. (اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم وسوء الكبر). والهرم: الذي هو أرذل العمر. (وفتنة الدنيا وعذاب القبر). (فتنة) هنا اسم جنس، يشمل جميع الفتن التي يمكن أن يمر بها الإنسان في حياته، فتنة مال، فتنة نساء، فتنة جاه، فتنة سلطان، فتنة الدين، كلها فتن، فالنبي عليه الصلاة والسلام كان يستعيذ بالله عز وجل أن يقع في فتنة من فتن الدنيا أو الآخرة.

    وهذا إما أن يكون لتمام وكمال العبودية لله، فهو عليه الصلاة والسلام معصوم أن يقع في مثل هذا، أو لأنه أراد أن يعلم أمته كيف يدعون الله عز وجل. وفي رواية بزيادة: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير).

    شرح حديث أبي هريرة: (لا إله إلا الله وحده ...)

    قال: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثني الليث -وهو الليث بن سعد- عن سعيد بن أبي سعيد -وهو المعروف بـالمقبري، وهذا لقب له؛ لأنه كان يسكن بجوار البقيع- عن أبيه -وهو أبو سعيد المقبري- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا إله إلا الله وحده، أعز جنده) ]، وجند الله هم أولياؤه وأنصاره، وهم المؤمنون الموحدون، فالله عز وجل أعزهم بعزته. [ (ونصر عبده) ] وهو محمد عليه الصلاة والسلام، فإما أن يكون هذا للعهد. أي: هذا العبد المعهود عليه العبودية لله عز وجل وهو النبي عليه الصلاة والسلام، وإما أن يكون هذا لبيان الجنس ليشمل جميع العباد الصالحين.

    قال: [ (وغلب الأحزاب وحده فلا شيء بعده) ]. وفي رواية: (وهزم الأحزاب وحده). والأحزاب: هم القبائل المتحزبون على حزب الإيمان.

    ومعنى (غلب الأحزاب وحده) أي: من غير قتال دار بينهم وبين أهل الإيمان، بل أرسل الله عز وجل عليهم ريحاً اقتلعت خيامهم حتى انهزموا بغير قتال دار بينهم وبين أهل الإيمان.

    أما قوله: (فلا شيء بعده) أي: فلا شيء سواه هزم الأحزاب، فهو سبحانه وتعالى وحده لا أحد معه هزم وغلب الأحزاب.

    قال: [ حدثنا أبو كريب -وهو محمد بن العلاء الهمداني- قال: حدثنا ابن إدريس -وهو عبد الله- قال: سمعت عاصم بن كليب عن أبي بردة عن علي رضي الله عنه قال: (قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل: اللهم اهدني وسددني، واذكر بالهدى هدايتك الطريق والسداد سداد السهم) ] أي: هدايتك الطريق حتى لا تنسى. فالنبي عليه الصلاة والسلام يعلم علياً دعاءً يدعو به دائماً في كل أحواله وأحايينه، وأتى له بأمارات من أجل لو نسي أصل الدعاء يذكر أن هداية الطريق هداية، فيقول: (اللهم اهدني وسددني) وأن سداده وحرصه على إصابة الهدف بالسهم سداد. والتقدير: فإذا نسيت هذا فاذكر بالهداية هدايتك الطريق وبالسداد سداد السهم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087691158

    عدد مرات الحفظ

    773564894