إسلام ويب

شرح صحيح مسلم - كتاب ‏القسامة والمحاربين والقصاص والديات‏ - باب القسامةللشيخ : حسن أبو الأشبال الزهيري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • القسامة هي الأيمان في الدماء، وصورتها أن يوجد قتيل بموضع لا يعرف من قتله، ولا بينة، ويدعي وليه قتله على شخص أو جماعة، وتوجد قرينة تشعر بصدقه، فيحلف على ما يدعيه خمسين يميناً ويحكم له بالدية أو القصاص، وقد كان أهل الجاهلية يعملون بالقسامة فأقرها الإسلام كما في حديث مقتل عبد الله بن سهل، فهو أصل من أصول الشرع وقاعدة من قواعد الأحكام، وركن من أركان مصالح العباد، به أخذ العلماء كافة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وقد بسط أهل العلم مسائل هذا الباب، وأجمعوا على أنه لا قصاص ولا دية بالدعوى المجردة حتى تقترن بشبهة يغلب الظن بها.
    إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، أما بعد:

    كتاب القسامة، والمحاربين، والقصاص، والديات. الباب الأول وهو: (باب القسامة):

    شرح حديث قتل عبد الله بن سهل في خيبر

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث -وهو الليث بن سعد المصري- عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن بشير بن يسار الحارثي -مولى الأنصار وهو مدني ثقة، فقيه- عن سهل بن أبي حثمة] -وهو ابن سعيد بن عامر الأنصاري الحزرجي المدن وهو صحابي صغير، ولد سنة ثلاث من الهجرة- [قال يحيى -أي: الأنصاري- وحسبت قال- وعن رافع بن خديج] يعني: سهل بن أبي حثمة ورافع بن خديج [أنهما قالا: (خرج عبد الله بن سهل بن زيد ومحيصة بن مسعود بن زيد -وهما أبناء عمومة- حتى إذا كانا بأرض خيبر تفرقا في بعض ما هنالك - أي: تفرقوا في النخل والبساتين، هذا ذهب من جهة والآخر ذهب في ناحية أخرى - ثم إذا محيصة يجد عبد الله بن سهل قتيلاً، فدفنه ثم أقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وحويصة بن مسعود ، وعبد الرحمن بن سهل ، وكان أصغر القوم)].

    القصة باختصار: أن عبد الله بن سهل بن زيد ومحيصة بن مسعود بن زيد ذهبا إلى أرض خيبر، فلما وصلا إلى خيبر تفرقا، وسار كل منهما في طريق، فإذا بـمحيصة قد وجد عبد الله بن سهل بن سعد بن زيد قتيلاً، فرجع أي: محيصة إلى المدينة وقبل أن يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أخاه حويصة ، وأخبر كذلك أخا القتيل واسمه عبد الرحمن بن سهل بن زيد. فهذه القصة فيها أربعة أشخاص: محيصة ، وحويصة ، وعبد الله ، وعبد الرحمن فذهبوا جميعاً -أي: الثلاثة- إلى النبي صلى الله عليه وسلم. [(فذهب عبد الرحمن ليتكلم -أي: مع النبي عليه الصلاة والسلام قبل صاحبيه- أي: قبل ابني عمه حويصة ومحيصة - لأنه شقيق المقتول، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: كبر)] أي: ما دام حويصة أكبر منك سناً فلا ينبغي لك أن تتقدم بين يديه بالكلام؛ لأنه أكبر منك. [(فصمت - أي: سكت - فتكلم صاحباه وتكلم معهما - أي: بعدهما - فذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مقتل عبد الله بن سهل ، فقال لهم: أتحلفون خمسين يميناً فتستحقون صاحبكم)] يعني: أتحلفون خمسين يميناً بالله أن فلاناً قتله؟ أتتهمون أحداً بعينه؟ أيغلب على ظنكم أن فلاناً قتل أخاكم؟ إذا كنتم تشكون أو تظنون أو يغلب على ظنكم هذا فاحلفوا خمسين يميناً وحينئذ أقضي لكم بالقصاص منه أو بالدية.

    قال: [(أتحلفون خمسين يميناً فتستحقون صاحبكم أو قاتلكم؟ قالوا: وكيف نحلف ولم نشهد) أي: نحن لم نشهد القتل، وإنما بيننا وبين خيبر عهد وميثاق كما تعلم، وأهل خيبر يهود، واليهود أنقض الناس للعهود وأغدر الناس ولذلك نحن نتوقع أن يكونوا هم الذين قتلوا أخانا عبد الله بن سهل .

    قال: [(قالوا: وكيف نحلف ولم نشهد -أي: لم نر بأعيننا، ولم نشاهد القتل بأنفسنا- قال النبي عليه الصلاة والسلام: فتبرئكم يهود بخمسين يميناً)] أي: يحلف اليهود خمسين يميناً فتبرأ ساحتهم من دم أخيكم. [(قالوا: وكيف نقبل أيمان قوم كفار)] هؤلاء يهود يا رسول الله وهم كفار فكيف نقبل أيمانهم وهم كفار [(فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى عقله)] أي: دفع لهم الدية. ومعنى عقله. أي: ربط الإبل بعقلها في ساحة أولياء القتيل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في القتل الخطأ: (وديته على العاقلة) والعاقلة هم أولياء القاتل؛ لأنهم يعقلون الإبل التي تدفع دية لأولياء القتيل، يعقلونها في ساحة أولياء القتيل، ولذلك سميت الدية على هذا النحو (عاقلة). لما رأى النبي عليه الصلاة والسلام قوماً يأبون الحلف؛ لأنهم لم يشهدوا، ولم يقبلوا أيمان الآخرين؛ لأنهم كفار، فأراد أن يطيب خاطرهم بأن ساق الدية من عند نفسه عليه الصلاة والسلام.

    شرح حديث: (يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته)

    قال: [وحدثني عبيد الله بن عمر القواريري حدثنا حماد بن زيد حدثنا يحيى بن سعيد -وهو الأنصاري- عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة ورافع بن خديج : (أن محيصة بن مسعود وعبد الله بن سهل انطلقا قبل خيبر -أي: ناحية خيبر- فتفرقا في النخل -أي: في البساتين- فقتل عبد الله بن سهل فاتهموا اليهود، فجاء أخوه عبد الرحمن وابنا عمه حويصة ومحيصة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فتكلم عبد الرحمن في أمر أخيه، وهو أصغر منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كبر الكبرى - يعني: كبر الكبير - أو قال: ليبدأ الأكبر -أي: بالكلام- فتكلما في أمر صاحبهما - أي: حويصة ومحيصة-. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقسم خمسون منكم على رجل منهم)]، والمعلوم أنه لا يقسم إلا صاحب الولاية، وابن العم ليس ولياً، والخطاب لهؤلاء الثلاثة [(قال: يقسم خمسون منكم)] وإجماع أهل العلم أنه لا يجب القسم إلا على الوارث، والوارث هنا واحد وهو عبد الرحمن أخو عبد الله .

    فقوله: [(يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته)] البرمة هو: الحبل الذي يربط به الرجل، فيساق إلى ساحة القصاص.

    قال النبي عليه الصلاة والسلام: [(يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته -أي: يأخذ هذا الذي أقسم أنه قاتل، من رقبته حتى يوضع في المكان الذي يقام عليه فيه الحد- قالوا: أمر لم نشهده ، كيف نحلف يا رسول الله؟ قال: فتبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم)] يعني: إما أن تحلفوا فتستحقوا، وإما ألا تحلفوا فيحلف اليهود فتسقط عنهم الدية والقصاص، وكذلك يبرءونكم من اليمين الذي لا يغلب على ظنكم أو لا تظنوا ظناً ينبني عليه العمل أنهم قد قتلوا أخاكم. [(قالوا: يا رسول الله! قوم كفار -أي: كيف نقبل أيمانهم- قال: فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبله)] أي: فدفع له الدية من عند نفسه.

    [قال سهل: فدخلت مربداً لهم يوماً -والمربد: هو المكان الذي تربط فيه الإبل- فركضتني ناقة من تلك الإبل ركضة برجلها. قال حماد: هذا أو نحوه].

    سهل بن أبي حثمة يقول: وأنا قد حفظت هذا الحديث حفظاً جديداً لا أخرم منه حرفاً. أي: أرويه كما لو أن الحادثة تمت الآن، فدلل على ذلك بأمارة وهي أن الإبل التي دفعها النبي عليه الصلاة والسلام دية لأولياء القتيل قد دخلت أنا مربدها فبعير أحمر منها رفسني رفسة أوجعتني، أو أصابتني، أو آلمتني.

    شرح الأحاديث في مقتل عبد الله بن سهل ودية الرسول صلى الله عليه وسلم له من عنده

    قال: [وحدثنا القواريري حدثنا بشر بن المفضل -وهو ابن لاحق الرقاشي أبو إسماعيل البصري- حدثنا يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة عن النبي صلى الله عليه وسلم: نحو هذا الحديث وقال في حديثه: (فعقله رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده)] أي: أعطاه العاقلة من عنده. يعني: الدية. ولم يقل في حديثه: فركضتني ناقة.

    حدثنا عمرو بن الناقد، حدثنا سفيان بن عيينة (ح) وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الوهاب -وهو ابن عبد المجيد الثقفي- جميعاً عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة بنحو حديثهم].

    [حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي حدثنا سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار : (أن عبد الله بن سهل بن زيد ومحيصة بن مسعود بن زيد الأنصاريين ثم من بني حارثة خرجا إلى خيبر في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي يومئذ صلح، وأهلها يهود)] وهذا الصلح مع اليهود لم يتم إلا بعد فتح خيبر. وهذا يدل على أن هذه الحادثة إنما حدثت في مدة الصلح التي كانت بين المسلمين وبين اليهود: أن يزرع اليهود خيبر على أن يكون للمسلمين نصيب من هذا الثمر، فهذه الحادثة تمت في مدة الصلح الذي كان بين اليهود والمسلمين. قال: [(فتفرقا في حاجتهما، فقتل عبد الله بن سهل فوجد في شربة مقتولاً)] والشربة هي: الحوض الصغير بجوار النخل، [(فدفنه صاحب)] الذي كان معه هو محيصة . [(ثم أقبل إلى المدينة -أي: رجع إلى المدينة- فمشى أخو المقتول عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم شأن عبد الله وحيث قتل فزعم بشير وهو يحدث عمن أدرك من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لهم: تحلفون خمسين يميناً وتستحقون قاتلكم)] أي: لو أنكم حلفتم خمسين يميناً على واحد منهم لأتينا به لتقتلوه قصاصاً. [(قالوا: يا رسول الله! ما شهدنا ولا حضرنا. فزعم أنه قال: فتبرئكم اليهود بخمسين)] أي: بخمسين يمين [(فقالوا: يا رسول الله! كيف نقبل أيمان قوم كفار، فزعم بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عقله من عنده).

    وحدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا هشيم عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار : (أن رجلاً من الأنصار من بني حارثة يقال له: عبد الله بن سهل بن زيد انطلق هو وابن عم له يقال له: محيصة بن مسعود بن زيد) وساق الحديث بنحو حديث الليث بن سعد إلى قوله: (فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده).

    قال يحيى : فحدثني بشير بن يسار قال: أخبرني سهل بن أبي حثمة قال: لقد ركضتني فريضة من تلك الفرائض بالمربد]. والفرائض هنا: جمع فريضة، والفريضة هو الشيء المحدد بتحديد الشرع، فرض الله صلاة الظهر أربع ركعات. أي: حدد الله تعالى عدد ركعات الصلاة بأربع، وفرض الله عز وجل على كل مسلم رجل أو امرأة، عبد أو حر، كبير أو صغير، صدقة الفطر صاعاً من تمر، أو من بر، أو من شعير، أو من زبيب، أو من أكل، ففرض بمعنى حدد، وفرض الله عليكم الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، أي: حدد الله عز وجل لكم هذه الفرائض.

    فقوله هنا: لقد ركضتني فريضة أي: بعير من الإبل المحددة لهذه الدية، وليس الفريضة بمعنى الهرمة كما في قوله تعالى: لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ [البقرة:68]، لا فارض بمعنى الهرمة، ولا بكر بمعنى الصغيرة، فهناك فارق بين الفارض والفريضة، فالفارض الهرم، والكبير، والعجوز، أما الفريضة فهي الشيء المحدد بتحديد الشرع، فهو يريد أن يقول: أن بعيراً من إبل الدية قد رفسني وركضني في موضع من بدني، وهذا الذي ركضني إنما هو من إبل الدية.

    شرح حديث: (فوداه بمائة من إبل الصدقة)

    قال: [حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبي حدثنا سعيد بن عبيد وهو الطائي حدثنا بشير بن يسار الأنصاري عن سهل بن أبي حثمة الأنصاري أنه أخبره (أن نفراً منهم انطلقوا إلى خيبر فتفرقوا فيه)]. والنفر يطلق على الواحد وعلى الجماعة، قال تعالى: فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ [التوبة:122] قال العلماء بالإجماع: النفر يطلق على الواحد كما يطلق على الجماعة، والنفر هم من بني حارثة. قال: [(فوجدوا أحدهم قتيلاً) وساق الحديث. وقال فيه: (فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبطل دمه)] يعني: كره أن يجعل دمه هدراً؛ ولو جعله هدراً لكان محقاً، ولم يجعله هدراً لأنهم لم يحلفوا؛ كما أنهم أبوا أن يقبلوا يمين الكفار، (قالوا: هم يهود يا رسول الله، كيف يحلفو) فلما كره النبي عليه الصلاة والسلام أن يهدر دمه وداه من عند نفسه [(فوداه مائة من إبل الصدق)] قوله: (إبل الصدقة) لا بد من تأويله وإلا فقد حكم كثير من المحدثين والشراح بأن هذه اللفظة وهم من الرواة، لأن هذا هو السياق الوحيد الذي يثبت أن الإبل كانت من إبل الصدقة، أما بقية الروايات فمجمعة على أن النبي إنما وداه من عند نفسه، وسنعرف الفارق بين أن تكون الدية من إبل الصدقة، أو من عند الآخرين، وهو فارق جوهري عظيم سنتعرض له بإذن الله تعالى.

    شرح حديث: (إما أن يدفعوا الدية لكم أو يأذنوا بحرب)

    قال: [حدثني إسحاق بن منصور -المعروف بـالكوسج- أخبرنا بشر بن عمر -وهو ابن الحكم الزهراني أبو محمد البصري- قال: سمعت مالك بن أنس يقول: حدثني أبو ليلى عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل عن سهل بن أبي حثمة أنه أخبره عن رجال من كبراء قومه: (أن عبد الله بن سهل ومحيصة خرجا إلى خيبر من جهد أصابهم فأتى محيصة فأخبر أن عبد الله بن سهل قد قتل وطرح في عين أو فقير)]، العين ضد الفقير؛ لأن العين فوهتها ضيقة وقعرها بعيد، بخلاف الفقير: فهي سهلة الإدراك، لو وضعت رجلك فيها ربما لا يبلغ ماؤها إلى الركبة، وعينها واسعة جداً، كحفرة على سطح الأرض. [(قال: قتل عبد الله بن سهل وطرح في عين أو فقير، فأتى يهود فقال: أنتم والله قتلتموه. قالوا: والله ما قتلناه، ثم أقبل حتى قدم على قومه فذكر لهم ذلك، ثم أقبل هو وأخوه حويصة وهو أكبر منه وعبد الرحمن بن سهل فذهب محيصة ليتكلم -وهو الذي كان بخيبر- فقال النبي صلى الله عليه وسلم لـمحيصة : كبر كبر)] أي: ليتكلم أخوك وهو حويصة، يريد أنه أحق بالكلام منه لكبر سنه. [(فتكلم حويصة، ثم تكلم محيصة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إما أن يدوا صاحبكم، وإنما أن يؤذنوا بحرب)] أي: إما أن يدفعوا الدية لكم، أو يؤذنوا بحرب، لأنهم بقتلهم عبد الله بن سهل فقد نقضوا العهد، وإذا نقض العهد أحد الطرفين في صلح أو معاهدة فقد استوجب الحرب [(فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم بذلك)] أي: كتب إلى اليهود، إما أن تدفعوا الدية أو الحرب. [(فكتبوا إليه: إنا والله ما قتلناه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لـحويصة ومحيصة وعبد الرحمن : أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم)]. أي: إذا حلفتم خمسين يميناً فقد استحققتم قاتلكم قصاصاً أو دية على خلاف سيأتي معنا بإذن الله. [(قالوا: لا)]. أي: ما شهدنا يا رسول الله! كيف نحلف على أمر نشك فيه [(قال: ستحلف لكم يهود. قالوا: ليسوا بمسلمين، فواده رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة ناقة حتى أدخلت عليهم الدار)]، الضمير يعود على دار أولياء عبد الله المقتول. [فقال سهل : فلقد ركضتني منها ناقة حمراء].

    شرح حديث: (أن رسول الله أقر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية)

    قال: [وحدثنا أبو الطاهر وحرملة بن يحيى، قال أبو الطاهر : حدثنا، وقال حرملة : أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس بن يزيد الأيلي عن ابن شهاب الزهري أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري وسليمان بن يسار مولى ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها، وهي زوج النبي صلى الله عليه وسلم: (عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية)] يعني: موضوع القسامة بخمسين يمين كان موجوداً في الجاهلية والنبي عليه الصلاة والسلام أقره وأبقاه في الإسلام. فمن الأحكام ما كان موجوداً قبل الإسلام وبعد الإسلام.

    قضاء النبي صلى الله عليه وسلم بين الأنصار واليهود بالقسامة

    قال: [حدثنا محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج حدثنا ابن شهاب بهذا الإسناد مثله وزاد: (وقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين ناس من الأنصار في قتيلاً ادعوه على اليهود)] وهي نفس القصة التي معنا.

    [وحدثنا حسن بن علي الحلواني حدثنا يعقوب -وهو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم المدني الزهري- حدثنا أبي عن صالح -وهو ابن كيسان المدني- عن ابن شهاب الزهري- أن أبا سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار أخبراه عن ناس من الأنصار عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل حديث ابن جريج]. انتهت أحاديث الباب عند الإمام مسلم .

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087843568

    عدد مرات الحفظ

    774356702