الصوتياتأما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة..
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة، ليلة الخميس من يوم الأربعاء، ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي للشريعة الإسلامية مجملة، العقيدة، الآداب، الأخلاق، العبادات، المعاملات، وها نحن مع: [ الفصل السابع: في الغسل]، وهذا من الفقه، والرسول الكريم يقول: ( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين )، ويقول: ( إنما العلم بالتعلم )، ودرسنا مجمل ما في الغسل وبقيت بقية، فنعيد للتذكير بإيجاز بما سبق أن درسناه: [ أولاً: الغسل: وفيه أربع مواد: المادة الأولى: في مشروعية الغسل، وبيان موجباته].
أولاً: الجنابة: وتشمل الجماع، وهو: التقاء الختانين ولو بدون إنزال -والإنزال: هو خروج المني بلذة في نوم أو في يقظة، من رجل أو امرأة- وذلك لقول الله تعالى:
وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا
[المائدة:6]، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل ) ] موضع الختان من الرجل رأس الذكر، وموضع الختان من المرأة البظر، وحكم الختان أنه من واجبات الإسلام، وهو بالنسبة إلى النساء مكرمة وفضيلة.
ثانياً: انقطاع دم الحيض أو النفاس: إذا انقطع عن المرأة دم حيضها أو نفاسها وجب الغسل عليها، وذلك لقول الله تعالى:
فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ
[ البقرة:222] ] أي: في وقت الحيض
وَلا تَقْرَبُوهُنَّ
البقرة:222] يعني: بالجماع
حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ
[البقرة:222] ] أن تأتوا النساء من فروجهن لا من أدبارهن والعياذ بالله؛ لأن القبل هو الحرث والزرع والنبات، لكن الذي يحرث في الدبر لا ينبت، ولا يولد له، أعوذ بالله!
نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ
[البقرة:223]، يعني: سواء كنت قائماً أو قاعداً فلا بد من الفرج لا من الدبر، وقضية الدبر من عمل قوم لوط، عليهم لعائن الله، ولقوله عليه الصلاة والسلام : ( امكثي.. ) أي: في بيتك ( قدر ما كان تحبسك حيضتك، ثم اغتسلي )، فالحائض الذي دمها يسيل تمكث عن الصلاة والصيام قدر الحيض سبعة أيام أو ثمانية، ثم تغتسل وتصوم وتصلي، وفي هذا دليل على وجوب الغسل بسبب الحيض.
ثالثاً: الدخول في الإسلام: أيما كافر يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله صادقاً من قلبه ولسانه، إلا ويجب عليه أن يغتسل.
رابعاً: الموت: فإذا مات المسلم وجب تغسيله لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك، إذ أمر بتغسيل ابنته زينب رضي الله عنها لما ماتت كما ورد في الصحيح.
أولاً: يستحب أن تستغل يوم الجمعة لصلاة الجمعة؛ وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( غسل الجمعة واجب على كل محتلم ). ومعنى (واجب) متأكد الغسل، ليس معناه كالجنابة، بدليل لو ما اغتسل يدخل المسجد ويصلي ولا حرج، فلهذا القول بالسنية هو الظاهر.
ثانياً: للإحرام: يسن لمن أراد أن يحرم بعمرة أو حج أن يغتسل.
ثالثاً: لدخول مكة، وقد عرفنا مما سبق: أن الرجل كان يسافر من المدينة إلى مكة مدة عشرة أيام وهو في البر والصحراء، فيصل إلى مكة وعليه التراب والغبار، فيستحب له قبل أن يدخل مكة أن يغتسل.
كذلك في يوم عرفة فهو يظل طول النهار منذ الفجر وهو واقف على جبل عرفة وحرارة الشمس مرتفعة، فقبل أن يدخل إلى عرفة يغتسل؛ لينشط ويكثر من الدعاء.
رابعاً: لتغسيل الميت: الذي يغسل ميتاً يستحب له أن يغتسل، فالأمر للاستحباب وليس للوجوب، ولو لم يفعل فلا إثم عليه، وإن فعل يؤجر ويثاب، فمن غسل ميتاً استحب له أن يغتسل للحديث المتقدم.
إذاً: والسنن خمس:
ومن آداب قضاء الحاجة قبل أن يدخل رجله اليسرى في الحمام.. المرحاض يقول: بسم الله، أما المسجد فيدخل رجله اليمنى ثم يقول: بسم الله.
والشاهد عندنا: تقديم أعضاء الوضوء قبل غسل الجسد، أن يتوضأ قبل أن يغسل جسده.
والفرق بين السنة والواجب أن ترك الواجب يفسد العمل، أما ترك السنة فلا يبطل العمل، لكن يفوته الأجر والمثوبة.
وقولوا: الحمد لله، الحمد لله، الحمد لله، لأنكم تفجرون المياه في الجدران كأنكم في الجنة، أما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يأتون بالماء على أعناقهم.
كانت أمي رحمة الله عليها تخرج بالقربة في آخر الليل إلى الوادي قبل أن يراها الرجال، فتأتي بالماء ليومين أو ثلاثة، إذ كانت النساء عندنا لا يخرجن في النهار قط، سواء كانت هناك جنازة أو موت أو عرس، وإنما يخرجن في الليل فقط، والعجائز كذلك لا يخرجن في النهار، وهذا من أعجب ما يكون.
ونحن في هذه الأيام نفتح المياه من الجدران وكأننا في الجنة دار السلام، ولا نشعر بهذا النعمة، ولا نقول: الحمد لله، ونبكي دائماً.
والحمام إذا كان فيه مكان بعيد للتغوط، أو مكان خاص وهو بعيد عنه لا يضر، لكن لو كان يغتسل في مكان النجاسة فهذا لا ينبغي.
إذاً: يجوز له أن يتوضأ ولا يغسل قدميه، وإن شاء غسل قدميه، وإن شاء أخرهما؛ ووضوءه صحيح، وغسله صحيح [ ثم يغمس كفيه في الماء ] بعد الفراغ من الوضوء يغمس كفيه في الماء [ فيخلل بهما أصول شعر رأسه، ثم يغسل رأسه مع أذنيه ثلاث مرات بثلاث غرفات، ثم يفيض الماء على شقه الأيمن من أعلاه إلى أسفله ] يبدأ أولاً بالأيمن [ ثم الأيسر من أعلاه إلى أسفله، متتبعاً أثناء الغسل الأماكن الخفية كالسرة وتحت الإبطين والركبتين ونحوهما ] حتى لا يبقى موضعاً ما ابتل بالماء، وهو مأمور بأن يغسل جسده كاملاً [ وذلك لقول عائشة رضي الله عنها ] وهي أم المؤمنين الصديقة رضي الله عنها، حب رسول الله، بنت الصديق رضي الله عنه [ ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء، ثم غسل فرجه، ويتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يشرب شعره الماء، ثم يحثي رأسه ثلاث حثيات، ثم يفيض الماء على سائر جسده ) ] لخصته في كلمة.
أما الإسراف في الماء كمن يفتح الدش لمدة طويلة قد تصل إلى ساعة أو أقل، هذا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، فهذا بدعة منكرة، فلا ينبغي الإسراف في الماء، إن الله تعالى يقول وقوله الحق:
وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ
[الأعراف:31]، من أراد أن يبغضه الله فليسرف. هل هناك من يحب أن يبغضه ربه؟!
[ وقول علي رضي الله عنه: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئنا القرآن -يعلمنا القرآن- على كل حال ما لم يكن جنباً ) ] علي رضي الله عنه، صهر الحبيب صلى الله عليه وسلم وابن عمه، قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرئنا القرآن ) ومعنى يقرئنا القرآن: يعلمنا القرآن، ( ما لم يكن جنباً ) فإن كانت عليه جنابة لا يعلمهم القرآن.
البث المباشرمن الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر
الأكثر استماعا لهذا الشهر