أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
ثم أما بعد: أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي - أي: الجامع- للشريعة الإسلامية، عقائد وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً، وهو جامع لأهل السنة والجماعة، فعلى المخالفين لأهل السنة والجماعة كالزيدية والأباضية والروافض أن يرجعوا إلى هذا الكتاب؛ ليجتمعوا مع المسلمين على منهج الحق؛ إذ هذا الكتاب مصدره قال الله، قال رسوله صلى الله عليه وسلم.
ولا نريد أن نكون مذهبيين، هذا مالكي، وهذا زيدي، وهذا شافعي، فليس لهذا خلقنا أبداً، وإنما خلقنا لأن نعبد الله عز وجل بما شرع، وأن نكون مؤمنين مسلمين أولياء لله، لا فرق بين الأبيض والأسود، ولا بين الغني والفقير.
والكتاب مؤلف كأنه دستور إسلامي، ووالله وأقسم بالله لو يطبق وينفذ كما هو في إقليم من أقاليم المسلمين لفازوا وعزوا وسادوا وأصبحوا أفضل الناس على الإطلاق.
[ المادة الثانية: في الشهادات ] وهذه الأحكام الشرعية يعرفها القضاة ومن يدرس الأحكام الشرعية.
[ أولاً: تعريف الشهادة: الشهادة أن يخبر المرء صادقاً ] في خبره [ بما رأى ] بعينه [ أو سمع ] بأذنه. هذه الشهادة.
[ ثانياً: حكمها: تحمل الشهادة كأدائها ] فالذي يتحملها كالذي يؤديها [ فرض كفاية ] لا فرض عين [ على من تعينت عليه؛ لقول الله تعالى ] في كتابه العزيز: [ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ [البقرة:282]. وقوله تعالى: وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ [البقرة:283]] فمن علم شيئاً أو رآه فيجب عليه أن يُعلم به ويخبر، ولا يجوز له أن يكتمه [وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ [البقرة:283]] والعياذ بالله. وإذا أثم القلب هلك والعياذ بالله [ وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها)] و(ألا) بمعنى: ألو التي تعرفونها، فخير الشهداء هو الذي يأتي بالشهادة قبل أن يسأل عنها، فما دام قد شهد وعلم فيتقدم ويقول: أشهد أن فلاناً فعل كذا وكذا أو ترك كذا وكذا.
ثانياً: [ عاقلاً ] فإن كان مجنوناً لم تقبل شهادته.
ثالثاً: [ بالغاً ] فإن كان طفلاً صغيراً لم تقبل شهادته.
رابعاً: [ عدلاً ] غير ظالم ولا فاجر؛ لأن شهادتهما لا تقبل.
خامساً: [ غير متهم، ومعنى غير متهم: أن لا يكون ممن لا تقبل شهادتهم كعمودي النسب لبعضهم ] كشهادة الآباء على الأبناء، فإنها لا تقبل، وكذلك العكس [ وكأحد الزوجين لصاحبه ] فلا يشهد الرجل لزوجته، ولا الزوجة لزوجها [ وكشهادة الذي يجر لنفسه نفعاً ] ممن همه المادة فقط، فلا تقبل شهادته [ أو يدفع عنها ضرراً ] فلا تقبل شهادته [ وكشهادة العدو على عدوه ] وذلك [ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا تجوز شهادة خائن، ولا خائنة، ولا ذي غمر ) ] أي: عداوة [ ( على أخيه، ولا تجوز شهادة القانع ) ] أي: الخادم [ ( لأهل البيت ) ] فالخادم الذي في البيت لا تقبل شهادته؛ لأنه يشهد ظلماً لأهل البيت.
أولاً: لا يجوز للشاهد أن يشهد إلا بما علمه يقيناً برؤية أو سماع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن الشهادة: ( ترى الشمس؟ قال: نعم. فقال: على مثلها فاشهد، أو دع ) ] أي: أو اترك، أي: على مثل الشمس فاشهد أو اترك الشهادة.
[ ثانياً: تجوز الشهادة على شهادة شاهد آخر إذا تعذر حضوره ] إما [ لمرض أو غياب أو موت للضرورة، إذا توقف عليه حكم الحاكم ] فإذا أراد الحاكم أن يحكم بشهادة وكان صاحب الشهادة مريضاً أو غائباً أو قد مات وهناك شخص يشهد له على الشهادة فيقبلها القاضي ويحكم بها.
[ ثالثاً: يزكى الشاهد بشهادة عدلين ] فلا نقبل شهادة الشاهد إلا إذا زكاه اثنان يعلمان أنه من أهل العدل والخير [ على أنه عدل مرضي، إذا كان الشاهد غير مبرز ] أي: غير ظاهر [ بالعدالة ] فلا بد من شهادة اثنين يشهدان له [ أما مبرز العدالة ] والظاهر فيها [ فلا يحتاج القاضي إلى تزكية له ] فيحكم بشهادته ويكفي.
[ رابعاً: إن زكى رجلان رجلاً، وجرح فيه آخران قدم جانب التجريح على جانب التعديل؛ لأنه الأحوط ] فإن شهد اثنان على رجل بالعدالة ورد ذلك اثنان فيأخذ القاضي بقول من رد عدالته؛ لأنه الأحوط للدين.
[ خامساً: يجب تأديب شاهد الزور بما ] يرى الحاكم أنه [ يردعه، ويكون عبرة لمن تحدثه نفسه بذلك ] أي: بالشهادة الباطلة.
أولاً: شهادة الزنا، ويتعين فيها أربعة شهود؛ لقوله تعالى: فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ [النساء:15]. فلا يكفي فيها دون الأربعة ] فلا يقبل فيها اثنان أو ثلاثة؛ لأن هذه الشهادة يعدم فيها الزاني أو يجلد.
[ ثانياً: شهادة غير الزنا من جميع الأمور، يكفي فيها شاهدا عدل ] أي: شاهدان فقط من العدول.
[ ثالثاً: شهادة الأموال، ويكفي فيها شهادة رجل وامرأتين؛ لقوله تعالى: فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ [البقرة:282] ] هذا في قضايا المال إذا اختلف فيها.
[ رابعاً: شهادة الأحكام، ويكفي فيها شاهد ويمين؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: ( قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ] أي: حكم [ ( بيمين وشاهد ) ] فبدل الشاهدين يكفي شاهد ويمين.
[ خامساً: شهادة الحمل والحيض وما لا يطلع عليه إلا النساء، ويكفي فيها شهادة امرأتين ] تشهدان على أن فلانة حائض أو حامل أو كذا.
[ أولاً: تعريفه: الإقرار ] أو الاعتراف [ هو: أن يعترف المرء بالشيء في ذمته لغيره، كأن يقول: إن لزيد عندي خمسين ألف درهم مثلاً، أو إن المتاع الفلاني ] من أنواع الأمتعة [ هو لفلان.
ثانياً: ممن يُقبل الإقرار: يقبل إقرار العاقل البالغ ] المسلم [ ولا يقبل إقرار المجنون، ولا الصبي ] إلا إذا بلغ الخامسة عشر من عمره ولم يبلغ وكان معروفاً بالحق والخير فلا بأس [ ولا المكره ] أي: المكره على الشهادة لا يشهد [ لعدم تكليفهم ] وذلك [ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( رفع القلم عن ثلاثة ). الحديث وقد تقدم ] وبقيته قوله صلى الله عليه وسلم: ( عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق أو يعقل ) [ ولقوله صلى الله عليه وسلم: ( وما استكرهوا عليه ) ] فمن أكره على شيء لا تقبل شهادته فيه.
[ ثالثاً: حكمه: حكم الإقرار اللزوم، فمن أقر بشيء لإنسان وكان عاقلاً بالغاً مختاراً لزمه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( فإن اعترفت فارجمها ). فجعل الرسول صلى الله عليه وسلم اعترافها ملزماً لها بإقامة الحد عليها ].
نكتفي بهذا القدر وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم.
الجواب: يقول الشاهد: علمت أو أنا على علم أن هذه الشاة لفلان، أو يقول: سمعت بأذني فلاناً يقول: هذه الشاة لفلان بدون كتابة، وإن وجدنا كتاباً فيه وصية فإنه يطبق بالوصية المكتوبة. نعم.
الجواب: لا يجوز، إلا إذا كانت مريضة لا تقوى على المشي والركوب؛ لأنها في حكم الميت، وأما ما دامت قادرة فتعتمر إذا توفر لها المال. نعم.
الجواب: يجوز أن يقرأ الفاتحة، ويدعو الله عز وجل، فلا يقرأ الفاتحة فقط، فإذا أراد أن يتوسل بقراءتها لله فليقرأها ثم يقول: اللهم اغفر لفلان وارحمه ويدعو له، وأما أن يقرأها على الميت فهذا خطأ لا يجوز، وهو كلام باطل، ولا يقبل منه ذلك أبداً، ومن الابتداع اتخاذها سنة، فهي ليست سنة أبداً، ويجوز لأي مؤمن أن يقرأ ما شاء من القرآن ويدعو الله عز وجل، وأما أن تقرأ جماعة أبداً فهذا تشريع، والتشريع خاص برسول صلى الله عليه وسلم.
الجواب: يفعل ما أمره الله تعالى في قوله: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43]. فيأتي عالماً بالكتاب والسنة ويسأله كيف يتوضأ وكيف يغتسل، فيعلمه الوضوء والغسل، ويسأله - مثلاً- عن شرب الخمر فيقول: لا يجوز، وهكذا، فما دام أن العامي لا يحسن القراءة والكتابة فلا بد وأن يجلس في حلق الذكر، وأن يجالس العلماء ويسأل العالم في بيته .. في السوق ما يفعل، وهذا أمر الله: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43].
أما أن يقول للعالم: علمني كيف أتوضأ وأصوم على المذهب الحنفي فهذا والله لا يجوز، فليس عندنا حنفي ولا مالكي ولا شافعي ولا حنبلي، وليس لك أن تقول: أنا كذا، فهذا لا يجوز، وهو حرام، بل قل: أنا مسلم .. أنا مؤمن من جماعة المسلمين.
وقد بدأت هذه عندنا منذ سنوات، فقد كان يقف أحدهم ويقول مثلاً: أنا حنفي فهل أرمي الجمرة قبل الزوال أو بعده؟ فنقول: لا تقل هكذا، بل قل: أنا مسلم، وأنا أبين لك ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وما كان عليه أبو حنيفة في نفسه، فلا تقل: أنا كذا، فهذا من تقسيم وتشتيت وتفريق وتمزيق الأعداء من اليهود والنصارى والمجوس.
الجواب: جاء في الحديث: ( لا وصية لوارث ). فلا تجوز الوصية للوارث إلا في حالتين: أولاً: إذا وافق الإخوة ورضوا بذلك وسمحوا لأبيهم أن يوصي له جاز ذلك.
ثانياً: إذا كان لهذا الولد مال عند أبيه وهناك من يشهد بذلك أو عنده كتاب فله أن يعطيه ماله.
الجواب: عليه هدي، فيذبح شاة في مكة، فإن لم يستطع فليصم عشرة أيام.
الجواب: إذا كانت تقصد أيامها مع الزوج السابق فلا شيء عليها، وإذ كانت تقصد إذا حملت في أي يوم من الأيام فعليها الصيام.
الجواب: لو قلت: الله أكبر فإن ذلك يكفيك؛ إذ السر في رمي الجمار هو التكبير في السبع الرميات.
الجواب: أقول: أنا لا أستطيع أن أحرم شيئاً أو أحلله أبداً ووالله لا أقدر على ذلك إلا إذا علمت أن رسولي محمداً صلى الله عليه وسلم حرم أو أحل، فليس من حق أي إنسان غير النبي صلى الله عليه وسلم أن يحرم أو يحلل.
فالذبح على القبور وزيارتها والأكل عندها وغير هذا كل هذا والله من الشرك، وليس من الإسلام في شيء، وقد عاش الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة أكثر من عشر سنوات وما فعل هذا مع مؤمن، واخرجوا الآن إلى البقيع وانظروا كيف يدفن الميت، فزيارة القبور والعكوف عليها ودعاؤها والاستغاثة بها والذبح لها من الشرك، وليس من الإسلام في شيء.
وأما من قال من العلماء أن ذلك جائز فليس لهم دليل على الجواز، والله لم يأمرهم بذلك، والرسول لم يوصهم بذلك، وهذا غير موجود في الموطأ ولا في كتاب الله ولا في السنن، فكلامهم باطل، وهؤلاء جهلة ليسوا بعلماء.
الجواب: تستثفر وتطوف وتسعى ولا حرج، وحجها صحيح، ولو كان حيضاً فنقول لها: ابتعدي عن البيت حتى تطهري، ثم اغتسلي وطوفي، وأما إذا كان دم استحاضة يسيل منها دائماً فلا حرج عليها أن تصلي وتصوم.
الجواب: يستحب صيام تسعة أيام من ذي الحجة من أول الشهر إلى يوم عرفة، وصيامها فيه أجر عظيم، فليست بواجبة وتركها ليس بحرام ولا مكروه ولا إثم فيه، فمن صامها أثيب عليها، ومن لم يصمها فلا شيء عليه كفضائل الأعمال.
الجواب: المريض العاجز عن الرمي ينيب من يرمي عنه ولا حرج، أو يؤخر الرمي إلى الليل عندما يقل الزحام ولا حرج، وأما أن يرمي في الصباح فلا ينبغي بل لا بد أن يرمي بعد الظهر، أو بعد العصر، أو في الليل، أو في نصف الليل، وأما قبل الزوال فلا يرمي، فسنة الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الزوال.
الجواب: لا، فهذا خطأ، فإذا اعتمرت وفرغت من عمرتك وجاء اليوم الثامن فاغتسل في مكة ثم امش إلى منى، فإذا طفت طواف الإفاضة فاسع وجوباً سعي الحج.
الجواب: يرفع أمره إلى الحاكم ويقتل، ولا تقتله أنت؛ لأنك لو قتلته فستقول: إنه ساحر، وسيقتل الناس بعضهم بعضاً بحجة أن المقتول كان ساحراً، بل يرفع أمره إلى الحاكم ويقتل حيث بان سحره وظهر في الناس.
الجواب: أولاً: تتجرد من ثيابك وتلبس الإزار والرداء، وإن استطعت أن تغتسل فاغتسل، وإن وصلت إلى الميقات في الطائرة وإلا على السيارة فإن استطعت أن تصلي ركعتين صليت ركعتين، وإن كانت صلاة فريضة صليت الفريضة؛ إذا يستحب أن يكون الإحرام بعد صلاة، فهذا مستحب وليس واجباً، ثم تقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. ومعنى لبيك: دعوتني فأجبت، ودعوتني لأن أحج بيتك. ومعنى قوله: لبيك اللهم لبيك أي: تلبية بعد تلبية، واستجابة للحج الذي طلبته مني، فإن وصل إلى مكة فينزل في مكان يستريح فيه إذا كان متعباً، ثم يتوضأ إذا انتقض وضوءه ويدخل المسجد الحرام، وعندما يدخل من الباب ويشاهد البيت المقدس يضطبع ويبدأ الطواف من عند الحجر الأسود قائلاً: بسم الله، الله أكبر، وإذا أمكنه أن يقبل الحجر قبله، وإن لم يستطع واستطاع أن يضع يده عليه وضع، وإن لم يستطع فليشر إليه من بعيد قائلاً: الله أكبر، وكما تشاهدون فالزحام لا يسمح إلا بهذا، ثم تطوف ثلاثة أشواط وإن أمكنك أن تهرول فهرول، وإذا كان الزحام شديداً فلا حرج؛ لأن هذا مستحب فقط وليس واجباً، فتطوف سبعة أشواط وأنت تدعو الله عز وجل وتذكره، وعندما تكون بين الركن اليماني والحجر تقول: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201]. وهي دعوة جامعة لخيري الدنيا والآخرة. فحسنة الدنيا الزوجة الصالحة والمال الطيب والحياة السعيدة والطهر، وحسنة الآخرة الجنة ورضوان الله عز وجل.
فإذا فرغت من الطواف سبعة أشواط فاذهب إلى مقام إبراهيم وصل وراءه - وإن بعدت- ركعتين لله تعالى، تقرأ في الأولى بالفاتحة و قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، وفي الثانية بالفاتحة و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]. فإذا فرغت فارفع يديك وادع، وادع وأنت ساجد، فإذا فرغت فامش إلى المسعى - وهو مكان السعي ويسمى المسعى-، فارق جبل الصفا واستقبل البيت وهلل وكبر ثم اهبط، وهكذا، وعندما تصل بين الميلين الأخضرين فأسرع كما أسرعت هاجر أم إسماعيل عليها السلام، كما بين لنا ذلك رسولنا صلى الله عليه وسلم، وامش بعد ذلك إلى المروة، ثم استقبل البيت وهلل وكبر ثم اهبط، وهكذا حتى تكمل سبعة أشواط بأربعة عشر وقفة، وقفة على المروة ووقفة على المسعى، فإذا فرغت فقد انتهى السعي، فإن كنت متمتعاً فاحلق رأسك أو قص شعرك وتحلل والبس لباسك وابق في مكة حتى يأتي اليوم الثامن، فتغتسل وتتجرد وتلبي بالحج وتخرج إلى منى، وإن كنت مفرداً أو قارناً فطف واسع، ولا تقص شعرك ولا تتحلل، بل ابق على إحرامك ولب الليل والنهار حتى تصعد إلى منى، ويستحب لك ويسن أن تبيت بمنى إن استطعت للاستراحة، وبعد ذلك صباح يوم عرفة تخرج من منى إلى عرفة وأنت تلبي أيضاً وأنت ذاهب إلى ربك في عرفات، فتصل إلى عرفات بعد الظهر فتقف تدعو إلى أن تغرب الشمس، فإذا غابت الشمس فاخرج من عرفة ولا تصل المغرب ولا العشاء حتى تصل إلى مزدلفة. هكذا سن النبي صلى الله عليه وسلم.
فإذا وصلت إلى عرفة ودخلتها - والسنة أن تقف من بعد الزوال- فتصل الظهر والعصر جمع تقديم، ثم بعد ذلك تذكر وتدعو وتبكي حتى تغرب الشمس، فإذا غربت فاخرج، ولا تصل المغرب ولا العشاء، فإذا وصلت إلى مزدلفة فاسترح من تعبك طول النهار في عرفة، وصل المغرب والعشاء جمع تأخير، وابق مستريحاً إلى قبل الفجر، ثم قم الفجر وصل الصبح، ثم التقط حصى إن وجدت في الطريق واذهب إلى جمرة العقبة وهي آخر جمرة، وارميها بسبع حصيات مكبراً الله أكبر مع كل حصاة، فإذا فعلت هذا فحلق شعرك أو قصره لتتحلل، فإن كان عندك ذبيحة فاذبحها، وعندئذ تصبح حلالاً، فإن شئت فامش إلى مكة وطف طواف الإفاضة وذلك خير، وإن لم تستطع فابق حتى تفرغ وتطوف طواف الإفاضة، وتبقى الأيام الثلاثة يومين بعد العيد أو ثلاثة أيام ترمي الجمرات، فتبدأ بالصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى، فإذا فرغت من هذه الأيام فاذهب إلى بلادك، ولكن لا بد وأن تودع بيت ربك، وهذا واجب، فقد كنت ضيفاً عند الله ثلاثة أيام تأكل اللحم في منى، فإذا أردت أن تسافر إلى أهلك فلا بد وأن تعود إلى بيته وتودعه وتطوف طواف الوداع، وبعد ذلك تمشي. نكتفي بهذا القدر.
الجواب: القات شجرة في بلاد اليمن منتنة عفنة شر من الدخان، ووالله لو قبل حجه لما استطاع بعد ذلك أن يدخن ولا أن يأكل القات أبداً، واسمعوه صلى الله عليه وسلم يقول: ( من حج هذا البيت ولم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) فالحاج عندما تقبل حجته تزكو نفسه وتطيب روحه، فلا يقدر على معصية الله بعد ذلك ولا يستطيع ذلك؛ لأن نفسه قد طهرت وأصبحت كلها نور، والذي يخرج من الحج ويعصي فهذا دليل على أن حجه لم يقبل.
الجواب: الجواز يجوز، لكن السنة والأجر أن تبيت في منى، وهذا أفضل.
الجواب: عليك أن تعيد الحج، فحجك الأول باطل، ولو كان في نفس الأيام لقلنا له: ارجع وطف، ولكن له عشر سنوات كاملة، فأعد حجك، فقد تركت ركناً، فحجك باطل.
الجواب: ما أكثر البهاليل اليوم! اللهم أكثرهم يا رب العالمين! فالبهلول: ذو الخير الذي لا يعرف الشر، وبهاليل الرجال خيارهم، وهكذا كان المسلمون، وعندما هبطنا ونزلنا من علياء السماء أصبحنا نطلق البهلول على المجنون، ونقول: المجنون هو البهلول، وهذا خطأ، فالبهلول خير الرجال كرماً وشجاعة وإيماناً وصلاحاً.
فهذا البهلول يقول: بنى مسجداً في بلاده وسماه مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يجوز.
مداخلة: يقول: اختلف الناس هناك، فبعضهم يقول: يجوز، وبعضهم يقول: لا يجوز، فماذا أفعل؟
الشيخ: نعم، إذا خفنا أن يأتي أناس بعدنا ويفهمون أنه مسجد الرسول، ويقولون: هذا مسجد بناه الرسول، فهذا كذب على الرسول وحرام ولا يجوز، فلهذا احتياطاً نقول: لا تسميه مسجد الرسول، وسمه بيت الله، أو مسجد الله. نعم.
الشيخ: هذه ليست سنة أبي القاسم، وهي ليست موجودة في البخاري، ولا في الموطأ، ولا في مسلم، ولا في سنن أبي داود، ولا في الترمذي، فهي والله بدعة، وتركها واجب، وإذا أردت أن تتوسل إلى الله بقراءة القرآن فأعط لأهل القرآن المال هكذا وقل لهم: ادعوا لأخيكم، فهذا لا بأس إذا كانوا فقراء.
نكتفي بهذا القدر وصلى الله على نبينا محمد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر