a= 6000394>يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[آل عمران:102].
a= 6000493>يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً[النساء:1].
a= 6003602>يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].
أما بعــد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار.
إخواني: إن هناك أنواعاً من العبادات تفوت على المسلم مع ما فيها من الفضل العظيم، والثواب الجزيل، وقد تكون في غاية السهولة، والله سبحانه وتعالى يعطي الأجر العظيم على العمل القليل، لأن من أسمائه (الكريم والمنان) يعطي ولا ينفد ما عنده سبحانه، ونحن بحاجة دائماً أن نتذكر من العبادات ما يعيننا على بلوغ الدار الآخرة، والوصول إلى بر السلامة، ومن أعظم الأمور ذكر الله تبارك وتعالى، وذكر الله أنواع:
الأول: ذكر لساني يرتبط بالقلب، وهذا هو ذكر الله، يرتبط بالمعاني الموجودة في القلب، فكل ذكر وكل نوع من هذا يجري على لسان العبد، وحقيقته قائمة في قلبه، والله سبحانه وتعالى هو المحمود حقاً، وله الحمد في الأولى والآخرة، وله الحمد فالق الإصباح، وله الحمد وهو الحكيم الخبير، وله الحمد على ما أعطى، وله الحمد على ما منع، وله الحمد على ما يفعل سبحانه وتعالى.
وقد حمد الله نفسه في آيات كثيرة، وأمرنا بحمده سبحانه وتعالى، وأهل الجنة الذين هم أهلها آخر دعواهم: أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [يونس:10] .. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ [الزمر:74] .. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا [الأعراف:43] .. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ [فاطر:34].
فحمد الله عبادة عظيمة، وهي تعني رضا العبد عن أفعال ربه، وتعبر عن تسليم العبد لقضاء ربه.
أيها المسلمون: الحمد لله تملأ الميزان، هذه الكلمة العظيمة في ثوابها وثقلها تملأ الميزان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أفضل الدعاء الحمد لله)، كما قال: (أفضل الذكر لا إله إلا الله) ونبينا صلى الله عليه وسلم هو صاحب لواء الحمد يوم القيامة، فالله سبحانه وتعالى هو المحمود يُحمد على كل شيء، يعطي سيد الأولين والآخرين بيده لواء الحمد، فيقوم به صلى الله عليه وسلم، و(كان النبي عليه الصلاة والسلام يتأول القرآن، فلما نزل قول الله تعالى: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ [النصر:3] قال عليه الصلاة والسلام: سبحانك اللهم وبحمدك ...).
والله قد أمرنا أن نسبحه بحمده، وأن نقول: سبحان الله وبحمده، دائماً نحافظ على هذه الكلمات العظيمة التي يغفل عنها أهل المعصية، لكن المؤمن دائماً يشتغل بذكر الله، ومن أفضله وأعظمه: الحمد لله، ألم تر أن أعظم سورة في القرآن هي سورة الفاتحة.. كيف ابتدئت؟!
تبتدئ بهذه الجملة العظيمة: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]، قال عليه الصلاة والسلام: (ألا أخبرك بأخير سورة في القرآن الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] إذا قال العبد: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] قال الله: حمدني عبدي).
وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (إن الله تعالى اصطفى لكم من الكلام أربعاً: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فمن قال: سبحان الله؛ كتبت له عشرون حسنة، وحطت عنه عشرون سيئة، ومن قال: الله أكبر مثل ذلك، ومن قال: لا إله إلا الله مثل ذلك، ومن قال: الحمد لله رب العالمين من قبل نفسه -خالصاً لله- كتب له ثلاثون حسنة، وحط عنه ثلاثون خطيئة) رواه الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ به وهو يغرس غرساً، فقال: (يا
فاستكثروا يا أيها المسلمون من شجر الجنة، فما أسهل القول! وما أسهل الفعل! وما أسهل هذا العمل! وما أعظم الأجر والثواب! ما أعظم الجزاء من ربٍ كريم يمن على عباده! يقول: خذوا بلا حساب، لكن أين العاملون؟! وأين المشمرون؟! وأين الذاكرون الله كثيراً والذاكرات؟!
وقال عليه الصلاة والسلام لـأبي أمامة معلماً إياه فضل الحمد، قال: (ألا أدلك على ما هو أكثر من ذكرك الله الليل مع النهار؟ تقول: الحمد لله عدد ما خلق، الحمد لله عدد ما في السماوات وما في الأرض، الحمد لله عدد ما أحصى كتابه، والحمد لله عدد كل شيء، والحمد لله ملء كل شيء، وتسبح الله مثلهن، تعلمهن وعلمهن عقبك من بعدك).
تعلمهن أيها المسلم! وعلمهن أولادك، وعقبك من بعدك.
وعندما تتجدد النعمة يجب على العبد أن يحمد ربه، وإذا علم العبد عظم الحمد بجانب النعمة أسرع لسانه إلى الحمد، قال عليه الصلاة والسلام: (ما أنعم الله على عبد نعمة، فحمد الله عليها؛ إلا كان ذلك الحمد أفضل من تلك النعمة) فالحمد لله على ما أنعم وعلى نعمه: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [إبراهيم:34].
والحمد سبب لرضا الرب عن العبد، فقال عليه الصلاة والسلام: (إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها)، وقال عليه الصلاة والسلام لما دُخل عليه وبنت له تقضي قال كلاماً عظيماً، وهذه القصة صحيحة رواها ابن عباس قال: (أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بنتاً له تقضي -تحتضر تموت- فاحتضنها فوضعها بين ثدييه فماتت وهي بين ثدييه، فصاحت
يحمد الله على الخروج من سجن الدنيا، ويحمد الله على قضائه فيه وأنه الآن يقبض روحه، فيحمد الله على كل شيء، وعلى كل مكروه، وعلى كل قضاء، حتى إن المؤمن يحمد الله وربه يقبض روحه من بين جنبيه، فيحمد الله على قضائه فيه.. يحمد الله على لذة الحياة ونعمتها التي أفناها في طاعة الله، فهو يحمد الله على أنه أعطاه النعمة التي حيا بها، فذكر ربه وعبده.
وعند الركوع يقول الإمام: سمع الله لمن حمده، فيقول الناس: اللهم ربنا ولك الحمد، ولما قال رجل: الحمد الله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، تعجبت الملائكة من هذه الكلمة.
وإذا عطس الإنسان يقول: الحمد لله، والسبب: أن العطاس من الله، والتثاؤب من الشيطان، فإذا عطس حمد الله سبحانه وتعالى.
كذلك بعد الصلوات ثلاثاً وثلاثين تحميدة يقولها العبد، وكان عليه الصلاة والسلام إذا أتاه الأمر يسره قال: (الحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات، وإذا أتاه الأمر يكرهه قال: الحمد الله على كل حال) فهو دائماً يحمد الله.
فاللهم لك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، اللهم ارض عنا وارزقنا حمدك وشكرك.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
أيها المسلمون: لا تغفلوا عن حمد الله، واذكروه سبحانه وتعالى دائماً: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ [البقرة:152].
الحمد لله على كل حال، فهذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم وهذا قوله: (الحمد لله على كل حال) وقد حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل من بني إسرائيل قال: (لأتصدقن الليلة بصدقة، فأخرج صدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون تصدق الليلة على سارق، فلما سمع الرجل وعلم قال: اللهم لك الحمد على سارق، لأتصدقن الليلة بصدقة، لأتصدقن الليلة بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية، فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على زانية، فقال: اللهم لك الحمد على زانية، لأتصدقن الليلة بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد غني، فأصبحوا يتحدثون تصدق على غني فقال: اللهم لك الحمد على سارق، وعلى زانية، وعلى غني، فأتي الرجل).
قال العلماء: أتي في المنام وهذه من الرؤى الصالحة، فقيل له: (أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني فلعله أن يعتبر فينفق مما أعطاه الله) رواه الإمام البخاري رحمه الله.
لما فوض الرجل ورضي بقضاء الله، وقال: اللهم لك الحمد، لأنه يحمد الله عز وجل على كل حال، فجعل الله لهذه الصدقات الثلاث ثواباً عظيماً، والأمور بالظواهر والله يتولى السرائر، ونية المتصدق تنفعه ولو وقعت في غير موقعها، وهذا يدل على فضل صدقة السر، وبركة التسليم لأمر الله.
والحمد لله على كل حال حتى على المكروهات، وهذه صفة المؤمنين التي لا تكون للذين يبغضون القضاء ويعترضون عليه، ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى يكافئ الراضي بقضائه الحامد له على قضائه وقدره مكافأة عظيمة، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم. فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم. فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع -حمدك: أي قال: الحمد لله على كل حال، إنا لله وإنا إليه راجعون- فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة، وسموه بيت الحمد).
فالحمد لله أولاً وأخيراً، والحمد لله ظاهراً وباطناً، والحمد لله عدد كل شيء، والحمد لله ملء كل شيء، والحمد لله عدد ما في السماوات وما في الأرض، والحمد لله على كل حال، ما أصابنا من نعمة فالحمد لله، وما أصابنا من نقمة وبلية وعذاب فالحمد لله، الحمد لله على ما أصاب إخواننا المسلمين في أنحاء العالم، والحمد لله على كل مصيبة وقعت بنا، ونحتسب أجرها عند الله، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، الحمد لله على كل حال، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
فهذه العبادة العظيمة التي نحن عنها غافلون ينبغي أن نتيقظ لها يا عباد الله!
اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من الذاكرين الله كثيراً، اللهم اجعلنا من الذاكرين لك كثيراً، واجعلنا لك شاكرين.. لك عابدين.. إليك تائبين.. إليك أواهين منيبين، اللهم لا تسلبنا النعمة، اللهم إنا نعوذ بك من تحول عافيتك، وفجأة نقمتك، وجميع سخطك، اللهم ارفع الظلم عنا وعن المسلمين، اللهم هيئ لنا من أمرنا رشداً.
اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم إنا نسألك أن تنـزل علينا غيثاً مغيثاً، اللهم اجعله بلاغاً لنا إلى كل خير، اللهم إنا نسألك أن تصلح شأننا كله، اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر