وبعــد:
أيها الإخوة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذه فرصة طيبة أن نلتقي في هذا المكان وفي هذا المستشفى لنتحدث عن بعض المسائل التي تهم الطبيب المسلم، هذه الثغرة في المجتمع التي سدها تتطلب إيماناً بالله واحتساباً للأجر، وعلماً شرعياً ودعوةً إلى الله سبحانه وتعالى، وتذكراً وتذكيراً، فالطبيب المسلم صاحب رسالة، ولما ميزناه بقولنا: المسلم؛ علمنا بأنه صاحب رسالة شرعية إسلامية قبل أن تكون مهمةً طبية أو علاجية ونحو ذلك، وقد سبق أن تحدثنا في محاضرة سابقة بعنوان (رسالة إلى الطبيب المسلم) عن بعض الأمور المتعلقة بالطب والأطباء، ونستكمل إن شاء الله الكلام عن بعض هذه الأمور التي تهم الأطباء والطبيبات، وقد ذكرنا في المحاضرة الماضية أموراً منها:
أن الطبيب ينبغي أن يتقي الله سبحانه وتعالى في عمله، وتقوى الله عز وجل هي الضمان لعدم انحراف الطبيب عن مهمته، والله عز وجل قد كرر الأمر بالتقوى في آيات كثيرة وهي وصية الله للأولين والآخرين: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ [النساء:131] وتقوى الله سبحانه وتعالى هي التي تدفع الطبيب إلى عدم ممارسة الطب وهو لا يتقنه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من تطبب ولم يعلم منه طب؛ فهو ضامن) وتقوى الله سبحانه وتعالى هي التي تجعل الطبيب يتقن عمله، ولا يقدم وصفةً أو علاجاً إلا وهو متأكدٌ منها، وتقواه تمنعه من أن يجعل نفسه متاجراً مع شركات الأدوية لتجريب الأدوية في مرضى دول العالم الثالث كما يقولون.
وتقوى الله سبحانه وتعالى هي التي تجعل الطبيب المسلم لا ينظر إلى المرأة الأجنبية أكثر من نظر الفجأة، إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك في حالات الكشف الطبي والعلاج؛ إذا لم يتيسر من يقوم بذلك من النساء، والله عز وجل قد قال: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ [النور:30].
وقد ذكر العلماء ترتيباً معيناً للمرأة المسلمة إذا أرادت أن تتطبب، فقالوا: تقدم الطبيبة المسلمة ثم الطبيبة الكتابية فالكافرة ثم الطبيب المسلم ثم الطبيب الكافر، والطبيب المسلم لا يكشف إلا ما تدعو الحاجة إلى كشفه في عورات النساء والرجال، وإذا كشف على امرأة للضرورة فبحضرة محرمها من الزوج أو غيره، وإذا احتاج ولم يوجد؛ فلا يجوز أن يكشف بخلوة إطلاقاً، بل لا يجوز أن يخلو بها حتى لو كان بغير كشف.
تقوى الله سبحانه وتعالى هي التي تجعل الطبيب المسلم يحس بالحرج، وهو يأمر بالكشف أو يغض بصره، وليس يتقدم دون حياء ولا خجل طالباً من المريض الكشف وبسرعة، والطبيب المسلم عند فحص مواضع الضرورة من قبل المرأة لمريض من الرجال، أو الرجل لمريضة من النساء؛ فإن أمكن الفحص بالوصف فقط؛ فلا يجوز النظر ولا اللمس، وإذا كان يكفي النظر فلا يجوز اللمس، وإذا كان لابد من اللمس؛ فمن وراء حائل، ولو فرضنا أنه لابد أن يكشف عن الموضع من غير حائل، فإنه لابد أن يقدر الضرورة بقدرها، فلا يتعدى المكان ولا الوقت اللازمين للفحص، ولا يدعها تكشف أمامه حتى تصل إلى مكان المرض، بل تكشف من وراء الستارة حتى تصبح جاهزة للكشف على موضع الضرورة، وهناك أمورٌ لا يصح مطلقاً -يتنافى مع التقوى تماماً- كشفها، مثلما يحدث من التساهل في فحص المرأة لحالة فتاق عند الرجل بموضع العورة المغلظة مثلاً.
وهناك كثيرٌ من الحالات التي لا يعتبر الإسلام مسئولاً نهائياً أبداً عن حدوثها؛ لأنها وجدت في حال انحراف، فلابد من تصحيح الأصل، وليس أن نقول: وقعنا في ورطة ونحن في ضرورة، نقول: من قواعد الضرورة أنه يجب السعي إلى إزالتها، وليس أن نبقى باستمرار في حالة ضرورة، وفحص المرأة المتدربة للمرأة المريضة أهون من فحص المرأة المتدربة لرجل مريض، ولذلك نقول ونوصي دائماً: إنه في حالة التدريس؛ يجب السعي باستمرار إلى حصول الفصل التام ما أمكن ذلك بين الرجال والنساء، وينبغي السعي لإيجاد التخصص في علاج النساء من قبل النساء وعلاج الرجال من قبل الرجال، وحالات الضرورة التي تستدعي تدخل الاستشاري مثلاً أو غيره لها أحكامها.
ومن الأمور التي تجعل الطبيب المسلم لا يتعدى الضرورة، فيصحب بالقفاز مثلاً إذا لم توجد الحاجة للفحص باليد مباشرةً لاشك أن هذا منبعه تقوى الله سبحانه وتعالى، ولذلك فإننا نشعر بالعار عندما نسمع عن امرأة تُلزم أو طبيب رجل يُلزم طالبات الطب بالكشف على رجل، في أمور يستطيع أن يفعلها رجل آخر، كأخذ درجة الحرارة ونبض القلب ونحو ذلك، مع أن بإمكان المرأة أن تتدرب على امرأة وليس على رجل أجنبي.
وهنا يطالعنا بعض الناس في قضية الامتحانات وهل تعتبر ضرورة أم لا؟ فنقول: إن بعض العلماء يرى أنها لا تعتبر ضرورة مطلقاً، وأن المرأة إذا لم تجد امرأة في المستقبل تتعالج عندها، فإنها تتعالج عند رجل للضرورة، فلا الرجل يأثم ولا المرأة تأثم، وكذلك إذا قلنا: إن المرأة تكشف على المرأة وتتدرب عليها؛ سداً للحاجة في المستقبل للرجال؛ فإن هذا أمرٌ وجيه وحسن نستبدل به حالات كثيرة من كشف الرجال على النساء، ولا أقول جميع الحالات؛ لأن الواقع يثبت أن هناك حالات تستدعي تدخل الرجل ونقول: هذه الضرورة والضرورة تقدر بقدرها، على أن بعض أهل العلم يرى أنه في حال الامتحانات إذا اضطرت المرأة أن تكشف على رجل؛ فإنها تكشف بالنظر دون اللمس، وأضافوا قيداً آخر وهو أمن ثوران الشهوة من الفاحص والمفحوص، وهذه مسألة تدرس بالممارسة.
ولكننا نعيد الكرة لنقول: لماذا تجعل المرأة المسلمة في حالة حرج عندما تجبر على الكشف على الرجال؟ وما هي الضرورة لاختلاط الطبيبات بالأطباء؟ أو قل طالبات الطب بالطلاب في التدريب العملي إذا أمكن أن يجعل لكل منهم قسم مستقل، والواقع يشهد بأن هناك مفاسد وعلاقات محرمة نشأت بين الطالبات والطلاب، وضبطت أوضاع محرمة بسبب الاختلاط، بل إن بعض طالبات الطب ممن لا يخفن الله تنشأ لهن علاقة خاصة مع بعض الدكاترة مع كثرة المحادثة التي تكون تحت ستار أخذ المعلومات، واختلاط بعض الدارسات مع الدكاترة في أوقات خارج التدريب العملي بزعمها الاستزادة من العلم ونحو ذلك، أو لكي يعرف أنها مهتمة، وأنها تسأل شفوياً بدل أن تتصل بالهاتف، كل هذه المبررات التي تؤدي إلى مفاسد شرعية واضحة، ولو اضطرت الأحوال إلى أن يكون الذكور والإناث في مكان واحد، فلا أقل من أن تكون النساء خلف الرجال مع غاية النقاب والحشمة، وأن يراعي هذا الطبيب أو المتخصص الذي يدرس وجود المرأة في الفصل، فلا يأتي بحالات فيها صور انتصاب ونحوها مما يخدش الحياء ويعرضه على مسامع ومرأى من النساء الموجودات في الفصول الدراسية، وبعض الأحوال التي حدثت تثبت أن الفصل بين النساء والرجال ممكن، لكن الذي يحول بين هذا وحدوثه وجود رجل لا يخاف الله، كمسئول عن الصالات من النصارى ونحوهم من الذين لا يهمهم إحداث الفصل بين النساء والرجال.
وتقوى الله سبحانه وتعالى هي التي تجعل الطبيب المسلم لا يخلو بالمرأة أبداً، ولا يقال إن وجود عين سحرية من الخارج يزيل الخلوة، أو أن الباب المفتوح يزيل الخلوة، وهو يجلس في زاوية الغرفة والممر خالٍ والغرفة نائية، بل ينبغي إذا حدثت الحاجة لهذا ولم يوجد شخص ثالث في الغرفة؛ أن يكون الوضع أمام المارين، وإذا كانت الغرفة زجاجية؛ فيكون الزجاج من الأعلى إلى الأسفل بحيث يكون الأمر لا يخفى مطلقاً، ولا يقال أيضاً بالاكتفاء بالكاميرات الإلكترونية للمراقبة، فإنها قد تتعطل لأي سبب، أو لا يكون المراقب حاضراً لأي سبب، أو يكون فاسقاً يريد نشر الفاحشة في الذين آمنوا.
وتقوى الله سبحانه وتعالى هي التي تجعل الطبيب المسلم لا يخلو بالمرأة الأجنبية ولو كان لدقائق أو دقيقة أو ثوانٍ في مصعد المستشفى، وهناك حالات تحدث أحياناً، أنه يدخل مجموعة في مقعد ثم يخرج مجموعة في أحد الطوابق فلا يبقى إلا رجل وامرأة في مقعد، وهنا تقوى الله سبحانه وتعالى هي التي تدفع الرجل للخروج من المصعد؛ حتى لا يخلو بالمرأة في هذا الوقت الباقي، ثم يواصل الصعود بعد ذلك.
وبعض الناس يظن أن مس يد المرأة الأجنبية من وراء حائل جائز بإطلاق، وهذا لا يجوز بل الأصل أنه حرام، ولا يجوز إلا للضرورة، وتقوى الله سبحانه وتعالى هي التي تجعل الطالبة المسلمة إذا كانت دراستها تفرض عليها ترك الحجاب أن تقدم الدين والحجاب ولاشك في ذلك.
الطبيب المسلم من إخلاصه أنه يبقى خارج الدوام ويتبرع بوقته ولو بغير مقابل ولا راتب وخصوصاً في الحالات الطارئة، وكذلك في أوقات الكروب والأزمات، ويتقدم ليقدم ما عنده وينفع المسلمين.
والطبيبة المسلمة من إخلاصها أنها تحتسب الأجر في المجيء خارج الدوام؛ لتوليد النساء عندما لا يكون هناك إلا طبيب رجل، فتحتسب الأجر وتبتغي وجه الله؛ لإنقاذ أختها المسلمة من الحرج، باطلاع رجل أجنبي على عورتها المغلظة.
والطبيب من فقهه أنه إذا حدثت الوفاة؛ سعى أولاً: إلى إغماض عيني الميت؛ لأن الروح إذا قبض تبعه البصر.
وثانياً: يغطيه بثوب يستر جميع بدنه.
وثالثاً: يعجل بتجهيزه ودعوة أوليائه لأخذه، وعدم تأخيره في الثلاجة، وعدم إبقائه على السرير بين المرضى؛ فذلك يؤذيهم، وكذلك أن يخبر بما رأى عليه من علامات حسن الخاتمة كأن مات وهو يذكر الله، أو مات في عمل صالح، أو مات برشح الجبين وتهلل الوجه ونحو ذلك؛ لأن من السنة الثناء على الميت الصالح والشهادة له بالخير.
وكذلك لا ينفي الطبيب المسلم بجهل أثر الحجامة كما كان النبي عليه الصلاة والسلام يحتجم في الأخدعين والكاهل، وأوصى بالحجامة يوم السابع عشر والتاسع عشر والحادي والعشرين، وإذا كانت يوم الإثنين والخميس فهو أحسن كما جاءت الوصية بذلك في الأحاديث الحسنة والصحيحة، وتكون على الريق وليس على الشبع كما جاءت الوصية بذلك في الأحاديث الصحيحة.
والطبيب المسلم يعلم أيضاً أنه يوجد في الطب النبوي علاج لمرض عرق النسا وهو ألية شاة أعرابية تذاب ثم تجزأ ثلاثة أجزاء، ثم يشرب على الريق في كل يوم جزء.
من فقه الطبيب المسلم أنه يفرق بين إزالة عيب حدث لإرجاع ما كان إلى ما كان عليه، مثل جراحات الحروق، ويفرق الطبيب المسلم في عمليات جراحة التجميل بين إزالة الضرر كالإصبع الزائد الذي يمنع الشخص من الكتابة والسلام والتصرف، وبين عمليات أخرى لا يقصد بها إلا التجميل مثل تصغير الثدي والأنف وليس فيها أي مصلحة بدنية.
الطبيب المسلم يفرق بين حالات وشر الأسنان وبردها بالمبرد وتفليجها وتفليقها وهو المنهي عنه لما لعن النبي عليه الصلاة والسلام الواشرات والمستوشرات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله، وبين عمليات تقويم الأسنان المباحة التي لا حرج فيها، وهو يفرق بين تفليج الأسنان وبين إزالة سن من الأسنان يسبب ضرراً للشخص.
ومن فقه الطبيب أن يعلم أنه إن أمكن تحصيل المصالح كلها فالحمد لله، فإن تعذر حصل المصلحة الأعلى، وأنه يحصل أعلى المصلحتين إذا تعارضتا، فإذا تعذرت المفاضلة جاز الاختيار، وأن يعلم الطبيب المسلم أنه يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام، وأن الضرر ضرورة تقدر بقدرها، وأن الضرر لا يزال بمثله.
وكذلك لا تنقلب الرخصة التي أنشأها الشرع للطبيب أو الجراح لممارسته عمله على أجسام الناس إلى حق إلا برضى المريض، ويستثنى من ذلك حالات الضرورة والاستعجال، يعني: لا يجوز للطبيب أن يتصرف في جسد المريض إلا بإذنه، لكن هناك حالات جراحة تستوجب التدخل كالتصرف في بدن المريض استئصالاً أو عمل شيء معين لا يمكن أخذ موافقة المريض عليها، لأن الحالة تستدعي تدخلاً عاجلاً، ففي هذه الحالة يتدخل وهو محسن، وما على المحسنين من سبيل.
وكذلك فإن من قواعد الشرع الشرعية في العلاج أن يعالج الأسهل فالأسهل، فلا ينتقل من الدواء البسيط المعتاد إلى الدواء المركب إلا إذا تعذر استعمال الأول، وكذلك لا يقوم بإجراء عملية فيها إيذاء وشق وإيلام وتشويه لما يمكن أن يعالج بالأدوية، ويحدث عند بعض أطباء النساء والولادة من إجراء العمليات القيصرية والتساهل فيها، بعضهم خبثاً حتى لا تكون المرأة المسلمة في إنجاب دائم متواصل، وهذا حصلت له حالات من بعض أطباء الكفار في نساء المسلمين، أو أنه يرى الشق أسهل، أو أنه ينظر إلى أن العملية أقل ألماً، لكن لا ينظر إلى أن العملية تسبب تفويت مقصد من مقاصد الشارع وهو كثرة النسل، فهو من قلة فقهه ينظر إلى الأقل ألماً، ولا ينظر إلى مقاصد الشرع الأخرى في قضية تكثير النسل على سبيل المثال.
وينبغي أن يفرق في فشل العلاج بين المجتهد المخطئ وبين المقصر والمهمل، فالطبيب إذا بذل جهده ووسعه ثم فشل العلاج أو مات المريض؛ فإنه لا يتحمل مسئولية لأن الله يقول : مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ [التوبة:91] بخلاف ما إذا كان مفرطاً ومهملاً.
ومن شهادته أشياء ينبني عليها الطلاق بين الزوجين، والتصرفات في مرض الموت، فإذا قرر الطبيب أن هذا المرض مرض موت؛ فإن تصرفات المريض المالية كالهبات مثلاً لبعض الورثة لا تقبل، أو تطليق الزوجة في مرض الموت بقصد حرمانها من الميراث.
وسينبني على تقرير الطبيب التفريق بين الزوجين أو منع المعاشرة، أو ثبوت المهر كاملاً وعدم ثبوته، أو رد المهر، وسينبني على تقريره معرفة هل في الرجل عيب يمنع الوطء أو الاستمتاع، كأن يكون عنيناً مثلاً.
وسينبني على تقرير الطبيب معرفة هل هذا المرض يمكن علاجه أو لا يمكن علاجه، فلابد من فسخ العقد والنكاح.
وسينبني على كلام الطبيب أحقية الزوجة في طلب الطلاق مثل قضايا العقم عند الرجال، ولذلك يقول العلماء: يُسأل طبيب مسلم ثقة خبير بفنه عالم بمجاله وتخصصه.
فالطبيب يعلم المريض أولاً أن الشفاء من الله: وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ [الشعراء:80] وأن الله هو الطبيب كما جاء في الحديث الصحيح، ولا يلتفت إلى دعاوى العلمانيين الذين يقولون: إن تعليمك للمريض أمور الدين هو استغلال للمريض في مرضه لطرح آرائك الشخصية، نقول: هذه ليست آراء شخصية، هذا دين يجب تبليغه على الطبيب المسلم قبل أن يكون طبيباً.
ويعلم المريض كذلك عدم الشكاية، لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أم السائب قال: (ما لك تزفزفين؟ قالت: الحمى لا بارك الله فيها، فقال: لا تسبي الحمى فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد) رواه مسلم . فيعلمه عدم لعن المرض أو سب الحمى.
ويعلمه كذلك الرضى بالقضاء والقدر (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء؛ شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له).
الطبيب داعية إلى الله يعلم المريض عدم تمني الموت؛ لأن المريض تحت وطأة الألم قد يتمنى الموت ويدعو به، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول : (لا يتمنين أحدكم الموت، ولا يدعو به من قبل أن يأتيه، إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيراً) حديث صحيح، وفي الحديث الآخر يقول النبي عليه الصلاة والسلام : (لا يتمنين أحد منكم الموت لضر نزل به، فإن كان لابد متمنياً فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي).
والطبيب الداعية يعلم المريض ما يحتاج من الأحكام الشرعية، فيبين له من أحكام الطهارة واستقبال القبلة والصلاة، ويعطيه من فتاوى العلماء ما يبين له طريق العبادة، يعينه على التيمم بالتراب؛ إذا لم يوجد الماء، ويعينه على الوضوء والقيام بذلك، وكثيرٌ من المرضى الجهال يتركون الصلاة أثناء مرضهم، فالطبيب يعلم المريض أنه يجب أن يصلي على حسب حاله، ويوجهه للقبلة إن أمكن ذلك، وإذا سألت وقلت: كيف يتوجه المريض إلى القبلة وهو على فراشه؟ فنقول: يكون مستلقياً على ظهره ووجهه ورجلاه إلى القبلة، بحيث لو أوقف لصار متوجهاً للقبلة، هذه طريقة استقبال القبلة للمريض على فراشه، ويأمره بالصلاة في أوقاتها ويذكره بذلك؛ لأن المريض قد تنسيه آلام المرض الصلاة، بل يوقظه للصلاة، وكثير من الأطباء لا يبالون بنوم المريض، حتى لو لم يكن لحاجة وضرورة؛ فإنهم يتركون المرضى ينامون عن الصلوات وعن صلاة الفجر، مع أن بعض المرضى يمكن أن يقوم للصلاة ومرضه ليس بذاك الذي يجعله ينام عن الصلاة.
وهو يعلمه كذلك الترتيب في قضاء الصلوات.
ويعلمه أن إزالة النجاسة من الثياب بقدر الاستطاعة، فإن لم يكن ممكناً صلى ولو كان في ثوبه نجاسة وعليه آثار الدماء.
وكذلك يعلمه أن من أغمي عليه لأيام طويلة؛ فإن الصلاة تسقط عنه.
ويعلمه أنه لو لم يتمكن من الصلاة بالوضوء أو التيمم؛ فإنه يصلي بغير وضوء ولا تيمم، لقوله تعالى : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].
وكذلك فإن الطبيب الداعية إذا أتاه كافرٌ يعالجه؛ فإنه يدعوه إلى الإسلام، وبالذات إذا حضرت الكافر الوفاة كما جاء في حديث أنس رضي الله عنه قال: (كان غلامٌ يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض، فأتاه يعوده، فقعد عند رأسه، فقال: أسلم، فنظر الغلام اليهودي إلى أبيه وهو عنده، فقال له الأب: أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم، فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه بي من النار).
والطبيب الداعية لا يفصل بين أمور المهنة وواجبات الدين، فهو مسلم قبل أن يكون طبيباً، وإذا كان أصحاب الجمعيات التبشيرية كـمنظمة أطباء بلا حدود وغيرها، يعطون المسلمين الدواء بيد والصليب باليد الأخرى، ويعطونهم مع إبرة تخفيف الألم تأليه يسوع وهم كفار على الباطل، أفلا يكون هذا دافعاً للطبيب المسلم وهو على دين الحق أن يبلغ دين الله سبحانه وتعالى؟
الطبيب الداعية يتخذ المواقف الصحيحة عندما تأتي حالات تكشف عن جرائم أو فواحش، فإذا كانت القضية الشرع فيها أن يستر؛ ستر ولم ينتهك أو يفشي أسراراً أو يشهر، وإذا كانت القضية لابد من تبليغها إلى الجهات المسئولة لأخذ الحق الشرعي وإقامة القضية والدعوى في المحكمة؛ فلابد أن يبين، وفي بعض الحالات يطلع الطبيب على أشياء لابد فيها من تنبيه الزوج على أمور تتعلق بزوجته، فهنا يستخدم الحكمة والكلمات المناسبة في ذلك، ويفرق بين ما إذا كان هذا الذي أمامه تائباً أو مصراً غير مبالٍ بالمعصية.
وكذلك من ضمن هذه الأشياء التي ينبغي أن يكون عنده حكمة فيها هذه الحالة: رجل عقيم قام بالتحليل؛ فلم يوجد في مائه حيوانات منوية على الإطلاق، ثم رجع وأخبر الطبيب أن زوجته حامل، وطلب إعادة التحليل، فخرجت نفس النتيجة السابقة وتأكد الطبيب، هل يخبر الطبيب الرجل أم لا؟ سبق أن ذكرنا أنه لابد للطبيب أن يتفقه في دين الله، وأن يرجع إلى أهل العلم والذكر ليسألهم، فهذه حالة من الحالات لابد من الرجوع مثلاً إلى أهل الذكر وسؤالهم، فيقال: إن التحليل يثبت أنه لا يوجد هناك أي احتمال لأن يلقح هذا الرجل وزوجته حامل، فهل يخبر أو لا يخبر؟ أما الدليل الشرعي فيقول: الولد للفراش، ولم أضرب هذا المثال لذات المثال، بل لأقول وأبين وأنبه وأؤكد على أهمية الرجوع إلى أهل العلم في مثل هذه القضايا، وكثير من قضايا الطب من النوازل التي ينبغي البحث فيها ليس لعالم وإنما لمجموعة علماء.
الطبيب المخلص يعمل لمصلحة المسلمين وإن تعارض ذلك مع مصلحته الشخصية، فمثلاً: الطبيب يسعى لمنع الأمراض، وإن نتج عن ذلك قلة المرضى وبالتالي قلة المراجعين لأصحاب العيادات الخاصة، وشعاره هو: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة:268] فبعض الأطباء يشعرون بالسرور إذا انتشرت الأمراض في البلد؛ لأن الناس سيراجعونهم ويأخذون الأموال، لكن الطبيب المخلص يشعر بالألم إذا انتشر المرض بين الناس، ولو كان ذلك لا يجر عليهم منافع.
كذلك من الإخلاص ألا ينزلق الطبيب المسلم وراء الغرور المهني عند نجاحه في بعض الأعمال؛ لأن ذلك يحبط الأعمال ويزيل الأجر.
عن أبي رمثة قال: (انطلقت مع أبي نحو النبي صلى الله عليه وسلم فقال له أبي: أرني هذا الذي بظهرك) أي: خاتم النبوة، خاتم النبوة كان مجموعة عظام على هيئة حلقة بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل فيه أوصاف أخرى (فإني رجل طبيب) طبعاً هذا ما فهم أن هذا خاتم نبوة وليس بعلة ولا مرض، وإنما رأى هذا فقال: أنا طبيب دعني أكشف عليك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم في غاية الحكمة والتوضيح: (الله الطبيب، بل أنت رجل رفيق، طبيبها الذي خلقها) حديث صحيح.
لما رأى أبو رمثة خاتم النبوة وكان ناتئاً، فظنه ورم تولد من الفضلات ونحو ذلك، فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم بإخراجه من هذا إلى غيره، يعني: أن يقول: ليس هذا علاجٌ بل كلامك يفتقر إلى العلاج، حيث سميت نفسك طبيباً والله هو الطبيب، وإنما أنت رفيق ترفق بالمريض وتتلطف به، فهذا من الأسلوب الحكيم البديع، وذلك لأن الطبيب الحقيقي هو العالم بحقيقة الداء والدواء والقادر على الصحة والشفاء، والذي يملك ذلك هو الله عز وجل، ففي حالة طلب الشفاء يذكر المسلم نفسه أن الله هو الطبيب المداوي الحقيقي.
وكذلك فإن الطبيب من إخلاصه أنه لا يستغل طبه لامتيازات ومنافع شخصية، كأن يحصل على تخفيضات من المحلات، أو أن يأخذ شيئاً ليس من حقه، أو يعتدي على حق غيره، أو يستغل قضية أن الناس يخافون من الطبيب ويخشونه، أو أنه يقول: إذا عالجتك تنشر إعلاناً في الجريدة فيها دعاية لنفسه، أو تقول: اشكر الدكتور فلاناً كما يفعل بعض الناس، لو جاءت من المريض فذلك من عاجل بشرى المؤمن، لكن أن الطبيب يشترط عليه أنه يشكره خطابياً أو يكتب في الجريدة، فليس هذا من الإخلاص في شيء.
ومن أخلاق الطبيب الرحمة وهو يرحم خلق الله ويرأف بهم، وهذه الصفة مهمة لأطباء الطوارئ؛ لأن بعضهم من كثرة الحالات يتأفف وربما يقسو على المرضى ويجابههم بوجه خشن، ويضيق صدره بهم، فربما تلفظ على بعض المرضى بألفاظ لا تليق بطبيب مسلم، فينبغي أن نتعامل معهم من دافع الرحمة وهي الخلق المهم من أخلاقيات الطبيب، وإذا حضر الطبيب المريض أو الميت؛ فإنه يدعو له بخير، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا حضرتم المريض أو الميت؛ فقولوا خيراً؛ فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون).
ومن أخلاقيات الطبيب أنه لا يظهر الابتهاج، وكذلك طالب الطب لا يظهر الابتهاج إذا جاءت حالة نادرة فرحاً بها أمام المريض المسكين، ومن الرحمة كذلك أن يتجنب دفع المريض للقيام بحركات وتصرفات معينة؛ لأجل أن يبين لطلاب الطب أعراض المرض، كأن يجعله يجري مثلاً في الممر؛ ليظهر لهم أشياء تتعلق بنبضه أو إعيائه ونحو ذلك كما يفعله بعض الذين يدرسون الطب، فيقولون: من أجل تدريس الطلاب يرهقون المريض وربما يؤخرون علاجه، لا، يجب أن يعطيه العلاج الذي يحتاجه الآن، يقول: نستدعي أولاً الطلاب ليرون المريض ثم نعطيه العلاج، والمريض يحتاج إلى العلاج، وهذا ليس من الإنسانية في شيء ولا من الرحمة.
وكذلك ينبغي عدم إشعار المريض بأنه حقل تجارب أمام طلاب الطب، ولابد أن يسارع الطبيب إلى النجدة من هذه الرحمة الموجودة لديه.
وكذلك من أخلاقيات الطبيب أنه يتلطف في حال الكشف، فعندما يرى المريض أو المريضة متحرجاً من الكشف فلا يقسو عليه أو يأمره بالكشف ونحو ذلك، وإنما يراعيه ويسايسه في قضية الحرج هذه لأنها مسألة شرعية، وليس من شعور أشد على المريض من أن يرى من حوله من طلاب الطب يتناوبون عليه، كل واحد يقول: تفضل اكشف، فيقول له الآخر: تفضل اكشف أنت، ويتعلمون عنده وهو يئن تحت وطأة المرض وألم المرض.
وكذلك من حسن أخلاق الطبيب أن يتلطف في إخبار المريض عن مرضه، وإذا لم ير من الحكمة والمصلحة أن يخبره عن الحقيقة؛ فلا بأس أن يكتمها أو يؤخرها، لكن إذا كان المريض على وشك الموت ومرضه مميت، فلابد أن يبين له الطبيب أشياء تتعلق بوضعه حتى يتهيأ للموت، قد تكون عنده وصايا أو أشياء يريد الإخبار بها، فلا يقول: لا نخبره مطلقاً، فيموت المريض فجأة دون أخذ احتياطاته.
وكذلك إخبار المرضى بالعمليات الجراحية التي تكون في العادة خبرها شديد الوطأة عليهم.
وكذلك من أخلاقيات الطبيب ألا يعطي المريض كومة أدوية لا داعي لها لتكلفه، وإنما يعطيه الدواء النافع الذي يعلمه بخبرته، ولا ينساق وراء إحساس بعض المرضى أن الطبيب ليس بجيد إلا إذا أعطى كومة من الأدوية، ولذلك بعض الأطباء يصفون علاجاً، ثم يقول المريض: عندي حرارة، فيكتب، ثم يقول له: عندي كحة، فيكتب، ثم يقول له : عندي صداع، فيكتب، فأين أنت؟ إما أنك لم تكشف عليه كشفاً جيداً ولم تسأله وهذا تقصير، أو أنك تكتب أشياء لا داعي لها، وينبغي أن يكون الطبيب صريحاً صادقاً مع المريض.
ثم إن من إتقان الطبيب أن يكتب الدواء بعناية؛ لأن بعض الصيادلة لا يحسنون قراءة الوصفات، فيعطون المرضى أدوية غير مطلوبة، فلا أقل من أن يحسن الطبيب خطه، ولا نحتج بأن كل الصيادلة يقرءون جميع هذه الخطوط الرديئة التي تعود الأطباء على كتابة الأدوية بها، بل إن بعض من جربوا في الصيدليات، أثبتوا أنهم يعطون الدواء غير الصحيح؛ بسبب جهلهم أولاً ثم بسبب عدم إتقان الطبيب كتابة اسم الدواء ثانياً.
قد تحدث أمام الطبيب منكرات من أهل المريض أو الميت مثل: النياحة، أو شق الثوب وشد الشعر، فلابد من دورٍ في إنكار المنكر والنهي عن النياحة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (النائحة إذا لم تتب قبل موتها؛ تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب) وفي حديث صحيح آخر: (النياحة على الميت من أمر الجاهلية، وإن النائحة إذا لم تتب قبل أن تموت؛ فإنها تبعث يوم القيامة على سرابيل من قطران، ثم يغلى عليها بدروع من لهب النار).
كذلك فإن الطبيب المسلم لا ينسى ذكر الله، فعند شروعه بالعلاج يقول: باسم الله، يستعين بالله على العلاج، ويتجنب الأدوية المحرمة مثل التي فيها كحول مسكر، ويتجنب كذلك ما يحبط المريض نفسياً، فلابد أن يأتيه بنفسية التفاؤل كما جاء في الحديث (أصبح بحمد الله بارئاً) فهذا هو التفاؤل للمريض، وكذلك إتيانه بما يشتهيه إن كان لا يضره، وأن يدعو للمريض (اللهم رب الناس أذهب البأس، واشف أنت الشافي، لا شافي إلا أنت شفاءً لا يغادر بلاءً ولا سقما).
كذلك من وظائف الطبيب أن يخبر المريض بأضرار ما حرمه الله كأضرار الخمر إن وجده مدمن خمر، أو التدخين إن وجده مدمن تدخين، أو المخدرات إن وجده مدمن مخدرات، وأضرار الفواحش إن وجده صاحب فواحش، وكذلك فإنه إذا قام بعمليات التجميل، كما قلنا: لا يقع في المنكرات، ويعمل عمليات شد الوجه ونحو ذلك، وإنما يصح أن يأتي من عمليات التجميل بما فيه إزالة التشويه الخلقي غير المألوف، أو إزالة ما في بقائه ضرر، أو إزالة ما فيه تشبه بالرجال كاستئصال بصلات شعر اللحية والشارب للمرأة، فهذا لا بأس به، أو إزالة التشويه الحاصل لحادث أو حريق.
كذلك فإن من المهم الاعتناء بتثقيف المرضى، والتعاون مع إدارة المستشفى في جعل مكتبات أو رفوف فيها كتب وأشرطة لنفع المرضى بدلاً من تسكعهم في الأسياب.
وليس من الأخلاق في شيء أن يتعصب الطبيب للمدرسة التي درس فيها، فبعضهم يتعصب للمدرسة الكندية، وبعضهم يتعصب للمدرسة الألمانية ونحو ذلك، ولاشك أن هذا التعصب أسوأ من تعصب أصحاب المذاهب الفقهية، لأن أصحاب المذاهب الفقهية إذا تعصبوا في قضية شرعية، وهؤلاء يتعصبون في قضايا دنيوية، وأولئك يتعصبون لشيوخ من العلماء وهؤلاء يتعصبون للكفار، وهذه التعصبات للمدارس الطبية تنشئ الفرقة والتعالي، وتحدث الضغائن والأحقاد.
ثانياً: التخصص الذي يحتاج إليه المسلمون أكثر.
ثالثاً: أن يقدم المصلحة العامة على مصلحته الخاصة؛ لأن بعض التخصصات قد لا يكون فيها مناوبات أو فيها رواتب أعلى، لكن يقدم الشيء الذي فيه مصلحة للمسلمين على الشيء الذي فيه مصلحة شخصية له.
وكذلك فإن للطبيب إسهامات أكثر من مجرد العلاج، له إسهامات في المجتمع يستطيع أن يحاضر ويخاطب وينصح، بل يستطيع أن يزرع في الأطفال أحياناً مفاهيم إسلامية عليا.
وكذلك فإن الطبيب الذي يخشى الله سبحانه وتعالى يسارع ويبادر في إنكار المنكر، والعودة بعالم الطب إلى واقعه الإسلامي الصحيح، وينبغي أن تتكاتف الجهود لأجل ذلك، ويحس كل واحد بمسئولياته بدلاً من حالة الموت التي نعيشها الآن، والتي سوغت استشراء وانتشار هذه المنكرات.
وختاماً نسأل الله سبحانه أن يعيننا أجمعين على القيام بأمر الشريعة والدين، وأن يرزقنا سلوك الصراط المستقيم والبعد عن المحرمات، إنه سميع مجيب، وأسأله عز وجل أن يعينكم معاشر الأطباء على القيام بما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن يوفقكم لبذل الخير والإحسان إلى الخلق، إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير، والحمد لله رب العالمين.
الجواب: هذا خطأ، الأصل أن ما أخبر به عليه الصلاة والسلام فهو وحي إلا إذا دل الدليل والقرينة على أنه من رأيه الشخصي، وإلا فكل ما يقوله فهو وحي له صلى الله عليه وسلم، ولذلك هذه الدعوة توصل في النهاية إلى عدم اعتماد أحاديث صحيحة واردة في الطب النبوي، والله سبحانه وتعالى رحيم بخلقه، ومن الرحمة أن يخبرهم بعلاج بعض الأمراض في كتابه أو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم.
الجواب: الأصل أنه لا يجوز ذلك، والأمر بغض البصر واجب، وبعض الناس يقولون : لا يمكن وإحراج، نقول: تحمل الإحراج من أنك لا تتحمل العذاب.
الجواب: أفتى أهل العلم بعدم جواز ذلك، فإذا احتاجت فلتلبس عدسات شفافة، ولا تلبس العدسات الملونة.
الجواب: طبعاً هذا من الخيانة كما ذكرت، ومن العمليات المحرمة التي يقوم بها بعض الأطباء ربط المبايض، فإذا كان هذا لغير الضرورة، والضرورة معناها أن المرأة لو حملت تموت، فقيامه بعمليات ربط المبايض حرام؛ لأنه يخالف مقصد الشارع بتكثير النسل، وقد يموت أولادها وقد تطلق أو يؤخذ منها أولادها، فيكون قد جنى عليها ولو وافقت، ما دامت عملية ربط المبايض حرام لغير ضرورة فلا يجوز القيام بها.
الجواب: هذا من إيذاء المصلين وإذهاب الخشوع، فلابد له من أن يجعله على وضعية لا يصدر فيها صوتاً.
الجواب: لا تقبل هبته.
الجواب: لا بأس، فإذا كان الطفل عمره سنتين فإنه لا حكم لعورته؛ بمعنى أن لمس عورته لا يبطل الوضوء.
الجواب: إن كان مفرطاً فعليه الدية، والكفارة عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، والدية يسلمها لأهله، ويجب أن يعترف، وليس أن تطوى القضية، وتلملم الأوراق، وتسحب المسألة، لابد أن يؤدي الحق إلى أهله في الدنيا قبل أن تقوم الساعة.
الجواب: لا، لا يمكن منعه من ذلك شرعاً.
الجواب: أقول: ينبغي ترك ذلك؛ لأجل عدم إيقاع الناس في أوهام تتعلق بتوحيد الربوبية، فتعتدي على توحيد الربوبية، فيظنون أن الطبيب يعلم ما في الغيب، مع أن الطبيب لا يعلمه قبل الزواج ولا يعلمه قبل الوقت ولا يعلمه قبل التخلق، على فرض أنهم استطاعوا أن يعلموه بعد مرحلة معينة من الحمل؛ فإنهم لا يعلمون قبل ذلك، وبناءً عليه يكون علم الأطباء ناقصاً، فالله يعلم ما في الأرحام، ليس فقط في الشهر الرابع أو الخامس، لكن الله يعلم من أول الحمل وقبل الحمل وقبل الزواج، والأطباء لا يعلمون ذلك، الله يعلمه هل هو شقي أم سعيد، والأطباء لا يعلمون ذلك، الله يعلم رزقه والأطباء لا يعلمون ذلك، الله يعلم أجله والأطباء لا يعلمون ذلك.
بعض الناس يظن أننا استطعنا أن نصل إلى الذكورة والأنوثة في الشهر الفلاني، نقول: أين أنت من علم ما في الأرحام الذي يشمل هذا كله، فعلم الأطباء قاصر عن هذا ولاشك.
الجواب: هو لولي الولد، الطبيب يرشده إلى ذلك، ويسلمه الولد؛ لأجل أن يؤذن في أذنه.
الجواب: إذا كان هناك خشية على حياة الأم فيسقط الجنين، أما شق بطن المرأة الحامل إذا ماتت فقال بعض العلماء: إذا كان يغلب على الظن حياة الجنين فيجوز، وإلا فلا يجوز؛ لأنه اعتداء على الميت، ولا يجوز الاعتداء على الميت.
الجواب: لاشك تقدم واجبات المنـزل.
الجواب: لا تدخل المصعد بل تنتظر.
الجواب: موانع الحمل يشترط فيها ثلاثة شروط:
أولاً: ألا تكون ضارة.
ثانياً: ألا يزيد استعمالها عن سنتين.
ثالثاً: أن تكون بموافقة الزوجين.
الجواب: طبعاً هذا من عدم الخوف من الله سبحانه وتعالى، هل خوف الله فقط خارج المستشفى وداخل المستشفى يتهاون في شرع الله! طبعاً هذا لا يجوز.
الجواب: لابد أن تكون للطبيب قراءات خارجية وليس فقط أن يكون مقتصراً على قراءته في كتب الطب، ولتكن هذه القراءات الخارجية هي قراءة في الأمور الفقهية اللازمة التي يحتاجها.
ونتوقف عند هذا الحد، والموضوع بقي فيه أشياء وأمور أخرى لعل الفرصة تتاح إن شاء الله للحديث عنها في درس قادم، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا وإياكم للخير وأن يأخذ بأيدينا إلى طريق الحق والصواب، وأن يحسن خاتمتنا أجمعين، ويرزقنا الفوز بجنات النعيم والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر