يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
ففي هذه الليلة نلتقي وإياكم -أيها الإخوة- على مائدة من موائد العلم، وسيكون الكلام في هذه الليلة عن بعض الشكاوى وحلولها، والإنسان في الأصل يشكو إلى ربه سبحانه وتعالى، والمؤمنون من أخلاقهم أنهم يشكون ضعفهم إلى الله ويطلبون منه العون والسداد والقوة، والجاهل يشكو للعالم ولطالب العلم الحيرة التي هو فيها حتى يجليها له، وجاءت خولة بنت ثعلبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكو إليه زوجها، وجاء الغلام إلى الراهب يقول له: عن ضرب الساحر له وعن ضرب أهله له، فقال له الحل المناسب في ذلك المقام وتلك الظروف بين أولئك الكفرة: إذا ضربك أهلك فقل: حبسني الساحر، وإذا ضربك الساحر أو سألك الساحر فقل: حبسني أهلي.
ووردت إلينا في المحاضرات السابقة كثير من الأسئلة أجلناها لحين تيسر مناسبة للإجابة عليها، وبعض هذه الأسئلة هي عبارة عن شكاوى من بعض الإخوان المهتمين والأخوات المهتمات في أمر الدين.
وسوف تكون طريقتنا في عرض هذا الدرس أن نتكلم عن مشكلة أو عن شكوى وعن حلها، ثم نورد فتاوي عن أسئلة وردت من بعض الإخوة أيضاً من التي عرضناها على أهل العلم فأتيناكم بإجاباتها، ثم نعرض شكوى أخرى مع حلها وهكذا، ولعلكم -إن شاء الله- تجدون الفائدة والمتعة العلمية في هذه الليلة، ونشكو إلى الله ضعفنا في الإيمان والعلم ونسأله سبحانه وتعالى التسديد.
الجواب: نقول: إن ربنا عز وجل لم يتركنا هملاً ولم يتركنا نهباً للشياطين ولله الحمد، وله سبحانه وتعالى المنة وهو المتفضل على عباده، وإنما بين لنا عز وجل في القرآن وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم كثيراً من العلاجات والحلول لهذه المشكلة، وهاك أيها الأخ المسلم ثلاثة وثلاثين سبباً للخشوع في الصلاة:
الأول: أن يحسن الوضوء. وسنسردها بسرعة واختصار مع بعض التنبيهات.
هناك -أيها الإخوان- في موضوع الوضوء كثير من الأخطاء التي تحدث بين الناس، والواجب على طلبة العلم والذين يعلمون أحكام الوضوء أن ينبهوا الناس، وقد كان من سلفكم رحمهم الله من يطوف على المطاهر في المساجد فيرقبون أحوال الناس في الوضوء ويعلمونهم، وأنت ترى في عامة الناس اليوم تقصيراً كبيراً في مسألة الوضوء، فمنهم مثلاً:
إذا أراد أن يتمضمض فإنه لا يدير الماء في فيه، وبهذا تكون مضمضته باطلة، فإن أخذ الماء وإخراجه من غير إدارته في الفم لا تسمى مضمضة، وكذلك في الاستنثار تجد كثيراً منهم يأخذ الماء فيضعه على طرف أنفه وبعد ذلك يخرجه ولا يدخل إلى الداخل وهذا ليس باستنثار، وكذلك فإنهم إذا أرادوا أن يغسلوا وجوههم فإنه يأخذ الكفين مملوءة بالماء فيضرب بها وجهه من جهة المنتصف، فلا يصل الماء إلى منابت الشعر حدود الرأس ولا إلى جنبتي الرأس عند الأذنين، إن هذه المنطقة أيها الإخوة! حدود الرأس من الجانب الأيمن والأيسر من الأذن اليمنى إلى الأذن اليسرى والذقن في الأسفل، والذين يتوضئون مع الأسف الكثير منهم لا يعمم وجهه عند الوضوء، وكذلك فإنهم عند مسح الرأس محافظة على تمشيط شعورهم وخصوصاً الذين يلبسون الطاقيات ويضعون غطاء على الرأس فإنهم لا يصلون بالماء أو باليد المبللة بالماء إلى آخر الرأس حدود الرقبة عند الرقبة ثم يعودون، وبذلك يكون مسحهم على رءوسهم ناقصا.
وبعض السائلات تقول: إنني ذات شعر طويل. فكيف أمسح رأسي في الوضوء؟
فنقول: إن أهل العلم قد بينوا أن المرأة ذات الشعر الطويل إذا أرادت أن تمسح رأسها في الوضوء فإنها تبدأ من الإمام حتى تصل إلى الخلف عند الرقبة على الشعر بما يحاذي الرقبة ثم ترجع إلى الإمام بعد ذلك، ولا يجب عليها أن تمسح الشعر إلى آخره وهو يصل إلى منتصف الظهر، وكذلك إن كثيراً من الذين يتوضئون لا يمسحون آذانهم جيداً فلا يدخلون أصابعهم في تجاويف الأذن من الداخل والخارج فيكون مسحهم لآذانهم ناقصاً، ويكون مسحهم لرءوسهم ناقصاً لأنه عليه الصلاة والسلام قال: (الأذنان من الرأس).
ناهيك عما يقع في وضوء كثير منهم من عدم إيصال الماء إلى الأعقاب وهي النقطة القصوى أو المكان الأقصى في القدم من الأسفل من جهة الكعبين، أسفل الكعبين هذا المكان كثير من المتوضئين الذين يجعلون أقدامهم تحت صنابير المياه المفتوحة لا يتأكدون من وصول الماء إلى ذلك المكان فيكون وضوءهم باطلاً وبالتالي صلاتهم غير صحيحة.
كما أن كثيراً منهم يخالف سنة تخليل أصابع اليدين والرجلين، وقد أمر عليه الصلاة والسلام بهذا، فلا بد أن يخلل المسلم أصابع يديه من الداخل وأصابع رجليه بالخنصر كما ورد في الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم، تخليل أصابع اليدين والرجلين.
فإذاً أولاً: إحسان الوضوء.
ثانياً: التزيين للصلاة.
خذ بعض الإخوان الذين يأتون إلى المساجد في ثياب النوم مثلاً، ورائحة النوم أو العرق تفوح منهم، والذي يأتي وقد أكل ثوماً أو بصلاً ناهيك عمن يدخل المسجد وهو قد دخن فيكون متشبعاً بتلك الروائح الخبيثة، وإذا كان الإنسان يتزين في المناسبات والأعراس فالله أحق أن يتزين له.
ثالثاً: أداؤها في المسجد للرجال وأداؤها في قعر البيت بالنسبة للمرأة.
رابعاً: السكينة عند الإتيان إلى الصلاة.
خامساً: عدم التشبيك بين الأصابع.
سادساً: أذكار الخروج من المسجد ودخول المسجد.
سابعاً: تسوية الصف.
ثامناً: السترة للإمام والمنفرد فإنها تمنع الشيطان من المرور والوسوسة.
تاسعاً: أن يمنع المار بين يديه.
عاشراً: استشعاره بوقوفه بين يدي ربه عز وجل، وهذه يمكن أن تكون أهم نقطة في موضوع الخشوع، أن يستشعر أنه واقف الآن بين يدي الله عز وجل.
الحادي عشر: التفكر في معنى ما يقرأ أو يسمع وتزيين الصوت بالقرآن.
الثاني عشر: إذا مر بآية رحمة سأل أو آية عذاب استعاذ، أو مر بآية سجدة سجد خصوصاً للذين يصلون في قيام الليل.
الثالث عشر: إتمام الأركان والواجبات والسنن، والطمأنينة في الصلاة.
الرابع عشر: تذكر الموت في الصلاة للحديث الصحيح الوارد في ذلك.
الخامس عشر: النظر إلى موضع السجود، والنظر إلى السبابة عند الجلوس.
السادس عشر: وضع اليمين على الشمال على الصدر، ولما سئل الإمام أحمد رحمه الله عن هذا؟ قال: هو ذل بين يدي الله العزيز، فلا تحسبن المسألة شكلية وإنما لها معنىً في القلب.
السابع عشر: عدم الالتفات في الصلاة، لا التفات القلب ولا التفات البصر.
الثامن عشر: حفظ الأدعية والأذكار المختلفة والتنويع فيما من السنة تنويعه في الصلاة كأدعية الاستفتاح والتشهدات الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
التاسع عشر: التأمين مع الإمام.
العشرون: التفكر في معنى الأذكار التي يقرؤها المسلم.
الحادي والعشرون: تحريك الإصبع في التشهد، فإنه قد ورد في الحديث الصحيح: (أنها أشد على الشيطان من الحديد).
الثاني والعشرون: الخوف ألا تقبل الصلاة، وأن يتفكر في حديث: أن الناس يخرجون من الصلاة، فمنهم من يخرج بعشرها، ومنهم من يخرج بتسعها، ومنهم من يخرج بنصفها، ومنهم من يخرج بكلها، حسب خشوع وإتمام أركان وواجبات وسنن الصلاة. وأن يتأمل ويتفكر أنها لو لم تقبل كيف ترد ويضرب بها وجهه.
الثالث والعشرون: الاستعاذة بالله من الشيطان عند وسوسته في الصلاة، والتفل عن اليسار ثلاثاً إذا كان مكانه مناسباً.
الرابع والعشرون: تجنب الصلاة في أماكن الصور والزخارف والضوضاء ومرور الناس وفي الحر الشديد والبرد الشديد ما أمكنه ذلك.
الخامس والعشرون: ألا يصلي وهو حاقن ولا حاقب، يعني: لا حابس البول ولا حابس الغائط.
السادس والعشرون: ألا يصلي وهو بحضرة طعام يشتهيه: (فإذا حضر العَشاء والعِشاء فقدموا العَشاء).
السابع والعشرون: ألا يصلي خلف النائم والمتحدث كما ورد في الحديث الصحيح، وألا يستقبل وجه الرجل في الصلاة، ونشاهد بعض المصلين إذا أراد أن يتسنن وهو وراء الإمام وقد التفت الإمام إلى المصلين تجده يقوم ويصلي وراء الإمام مباشرة وجهه لوجه الإمام وهذا غير صحيح.
الثامن والعشرون: كظم التثاؤب ورده ما استطاع فإن الشيطان يدخل مع التثاؤب، ويضحك من العبد وهو يتثاءب.
التاسع والعشرون: عدم رفع البصر إلى السماء والوعيد الشديد في الحديث الصحيح.
الثلاثون: ألا يبصق جهة القبلة ولا عن يمينه إذا اضطر إلى البصاق، أحياناً يضطر الإنسان في الصلاة، وإنما يبصق عن جهة اليسار في منديل أو طرف الثوب ونحو ذلك.
الحادي والثلاثون: ألا يغطي فاه في الصلاة، وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن التلثم.
الثاني والثلاثون: أنه إذا فاته الخشوع في أجزاء كبيرة في الصلاة فلا يقل انتهى الأمر ويستمر في اللهو، فلو لم يتذكر الإنسان أنه في الصلاة إلا وهو يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب النار ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال فليحضر قلبه عندها وليخرج بهذا أفضل ألا يخرج بشيء، وليتدارك الأمر ولو كان في آخر لحظات الصلاة.
الثالث والثلاثون: الأذكار بعد الصلاة فإنها مما تثبت خشوع الصلاة في القلب وأثر الصلاة فيه. والله أعلم.
وقد سألني بعض الإخوان قائلين: لقد سمعنا ممن نقل عن الشيخ/ عبد العزيز بن باز أن هذا لا يجوز؟
الجواب: وكنت قد سألته حفظه الله عن هذه المسألة فقال: قد كنا فترة من الزمان نرى بعدم الجواز، ولما تمعنا في المسألة أكثر ودرسناها وجدنا أنه لا بأس بها إن شاء الله.
وللتيقن أكثر فقد سألته في مساء هذا اليوم، والفتوى هذه التي أنقلها عن الشيخ قريبة جداً يعني في الساعة السابعة إلا ربعاً بالضبط من مساء هذا اليوم، يعني قبل حوالي أقل من ساعة، فقال الشيخ: حصل فيها شبهة وقلنا لهم: تركها أحوط، ثم درسها مجلس هيئة كبار العلماء ورأى المجلس أنه لا حرج إن شاء الله بالأكثرية لأنه لا أحد يأخذ زيادة، كلهم متساوون فيها، اتفقوا على أن يقرض بعضهم بعضاً إلى آجال معلومة كل يسدد في أجل معلوم كالأقساط.
ثم سألته: وأنت ماذا ترى فيها حفظك الله شخصيا؟
فقال: أنا مع الإخوان -إن شاء الله- مع الأكثرين وأرى بالجواز.
فإذاً هذا رأي الشيخ وفتواه حفظه الله في هذه المسألة، وأرجو أن تكون القضية قد اتضحت للإخوان الذين يسألون كثيراً عن هذا الموضوع.
والحقيقة أيها الإخوة: أننا ينبغي علينا بصفتنا مسلمين أن نبحث عن كل طريقة تخلصنا من الوقوع في الربا، وكل حل يجعل القرض متيسراً للمحتاج، ومن هذا أيضاً إشاعة أجر القرض في الإسلام، فإن من أقرض قرضاً مرتين فهو كصدقة مرة، مع أن المال يرجع إليه، لو أقرضت واحداً عشرة آلاف ثم أخذتها منه ثم أقرضتها لآخر أو لنفس الشخص مرة أخرى ثم أرجعها إليك فإنك تكون كأنك تصدقت بها ولك أجر الصدقة بها.
الجواب: سألت الشيخ حفظه الله فقال: نعم. يشرع له أن يعيد الاستخارة أكثر من مرة حتى ينشرح صدره.
الجواب: فأجابني الشيخ حفظه الله على هذا السؤال: يتصدق بها على الفقراء والجمعيات الخيرية مع التوبة.
ثم سألته: هل يعطيها لـجمعية البر التي تشرف عليها الحكومة باعتبار أنه أخذ المال من الحكومة، هل يرجعها إلى جمعية البر باسم فاعل خير؟
فقال: نعم يجوز ذلك.
وبعض الناس لا يخشون الله فيقول: هم أغنياء، ولا يضر الحكومة إذا أخذت منها، ويسرق، وهذا لا يجوز وهو حرام، ولا يحل له أن يفعل ذلك مطلقاً وهي سرقة على أية حال.
الجواب: فأجاب الشيخ/ عبد العزيز حفظه الله: لا بد أن يكون معها من تزول معه الخلوة في سن عشرة ونحوها، يعني: يفهم ويستحيا منه هذا الذي تزول به الخلوة، هذا ليس في السفر هذا داخل البلد تزول الخلوة إذا كان مع المرأة في السيارة من يستحيا منه، أي: تأخذ معها ولداً واعياً عاقلاً يفهم ويدرك بحيث أن أحدهما لو أراد أن يفعل شيئاً لاستحى من وجود هذا الثالث، والآن -أيها الإخوة- نحن نرى من المنكرات التي تفشت والعياذ بالله ركوب النساء في سيارات الأجرة المرأة بمفردها، بل وصلت الوقاحة ببعضهن أن تركب بجانب السائق وتقول: أنا ما عندي أحد يوصلني للمدرسة. عمرك لا ذهبتِ إلى المدرسة، المدرسة أهم أم تطبيق حدود الله؟! المدرسة أهم أم مراعاة الأحكام الشرعية؟! لو لم تذهبي إلى المدرسة ماذا سيحصل؟ لكن لو عصيت الله ماذا سيحصل؟
الجواب: نقول: إن من رحمة الله أن هيأ لنا رسوله صلى الله عليه وسلم ليعلمنا الحلول في هذه المشاكل والمواقف، وإليك -أيها الأخ المسلم- هذه الأحاديث الصحيحة التي تعالج المشاكل منها مشكلة الوساوس المتعلقة بالله عز وجل.
يقول عليه الصلاة والسلام -وهذه روايات مجتمعة ألفاظها بعضها إلى بعض سقتها إليكم-: (إن أحدكم يأتيه الشيطان فيقول: من خلقك؟ فيقول: الله، فيقول: من خلق السماء؟ فيقول: الله، فيقول: من خلق الأرض؟ فيقول: الله، فيقول: فمن خلق الله؟ فإذا وجد ذلك أحدكم فليقل: آمنت بالله ورسوله، فإن ذلك يذهب عنه) وقال أيضاً: (من وجد من هذا الوسواس فليقل: آمنا بالله ورسوله، فإن ذلك يذهب عنه).
قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته) وقال صلى الله عليه وسلم: (يوشك الناس يتساءلون حتى يقول قائلهم: هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله؟ فإذا قالوا ذلك فقولوا: الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، ثم ليتفل عن يساره ثلاثاً وليستعذ من الشيطان) وقال صلى الله عليه وسلم: (تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله) وقال: (تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في الله) فيجتمع من هذه الأحاديث السابق ذكرها ست وسائل للتغلب على وسوسة الشيطان في هذه المسألة، القضايا الفكرية أو تجوال الفكر فيما يتعلق بالله عز وجل:
الوسيلة الأولى: إذا جاءك الشيطان وقال لك هذا الوسواس أو غيره فقل: آمنت بالله ورسوله، أولاً تقول: آمنت بالله ورسوله.
ثانياً: تتعوذ بالله من الشيطان، تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه.
ثالثاً: أن تتفل عن يسارك ثلاث مرات، هذا مشابه لما سبق أن ذكرناه عندما يوسوس خِنزب أو خُنزب أو خَنزب الشيطان المسئول عن الوسوسة في الصلاة.
رابعاً: أن ينتهي، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ولينته) وهذه مسألة مهمة، فإن كثيراً من الذين تأتيهم هذه الوساوس لا ينتهون، بل إنهم يستطردون في الأفكار الواحدة وراء الأخرى، لا ينتهي لا يشغل ذهنه بالمفيد ويطرد هذه الأفكار، بل إنه يواصل فيها، وهذه مشكلة.
خامساً: أنه يقرأ سورة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] فإن فيه ذكر صفات الرحمن عز وجل، فيها ذكر صفة الرحمن، ولذلك صارت تعدل ثلث القرآن، القرآن فيه قصص وأخبار وأحكام وتوحيد عقيدة وهذه صفة الرحمن مذكورة في هذه السورة فقراءتها وتدبرها والتمعن فيها كفيل بأن ينهي الوساوس من عقل هذا الشخص الذي يوسوس في هذه المسائل.
سادساً وأخيراً: أن يتفكر هذا الشخص في خلق الله أو في نعم الله ولا يفكر في ذات الله، لأنه لا يمكن أن نصل بعقولنا القاصرة أبداً إلى ذات الله، وليس عندنا إلا ما أخبرنا الله ورسوله في هذه المسألة.
هذه ست وسائل مذكورة في هذه الأحاديث تنهي مسألة الوسوسة في ذات الله.
نأتي الآن إلى بعض المسائل الأخرى، أو المسائل الفقهية.
فكروا في هذا السؤال. شخص عنده سلس بول أو سلس ريح فاتته صلوات بسبب، خمس صلوات عشر صلوات، ثم أراد الآن أن يقضيها فماذا يفعل بالنسبة للوضوء؟
طبعاً نحن نعلم بأن الذي فيه سلس بول أو سلس ريح أو المرأة المستحاضة التي ينـزل عليها الدم باستمرار غير دم الحيض والنفاس طبعاً دم نزيف هؤلاء ماذا يفعلون؟ كيف يتطهرون للصلاة؟
يتوضأ لكل صلاة بعد الأذان بعد دخول وقتها، الذي عنده سلس يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها ثم يصليها، ولا يصلي أكثر من صلاة بوضوء واحد، هذا في الأحوال العادية، لكن الآن عندنا مسألة ثانية مختلفة: شخص فاتته عدة صلوات، الآن يريد أن يقضيها، توضأ وصلى الظهر والآن يريد أن يقضي الصلوات الفائتة عنده عشر صلوات، ماذا يفعل؟
هو أصلاً السلس حادث معه مستمر.
يقول الشيخ/ عبد العزيز حفظه الله: يجوز له أن يقضي من الصلوات ما بين الوقتين بنفس الوضوء الأول، يعني: الآن توضأ وصلى الظهر عنده عشر صلوات، رجل يستطيع أن يصلي منها الآن خمس طاقته الجسدية يستطيع أن يصلي خمساً يصلي هذه الخمس صلوات ما دام بين الظهر والعصر يصليها بنفس وضوء صلاة الظهر، وكذلك سننها لو أراد أن يقضي السنن، ويصلي من النوافل -الذي معه السلس- ما شاء بين الوقتين، فالذي عنده سلس له أن يصلي صلوات فائتة ونوافل وسنن رواتب وما شاء إذا كان ما زال بين الوقتين، لكن لو جاء عليه وقت العصر وبقي عليه صلوات فائتة فإنه يتوضأ لصلاة العصر ويصلي بقية الفوائت ثم يصلي العصر.
الجواب: فكان جواب الشيخ/ عبد العزيز حفظه الله: إذا كان ليس لأبيه دخل آخر فإن كل ما ذكر لا يجوز، لو كان لأبيه دخل آخر نقول: اختلط الحلال والحرام ولم يميز فربما الذي أخذه من الحلال، المسألة أهون، لكن يقول الشيخ: لو كان ليس لأبيه دخل آخر إلا الحرام، وقس على ذلك: شخص أبوه -مثلاً- صاحب دكان فيديو يبيع أفلاماً حرمة، يبيع أدوات موسيقية، يبيع أشرطة غناء، عمله كله حرام، ودخله كله حرام، فيقول الشيخ: إذا كان ليس له مصدر آخر والولد يعلم بذلك -يقول الشيخ: لو كان الولد لا يعلم لكان سهلاً، لكن إذا كان الولد يعلم بذلك فإنه لا يجوز له أن يأخذ من مال أبيه، وقال: إن كان يعلم هذا يبتعد عن هذا الشيء ويطلب الرزق من عند الله ويحاول أن يأخذ من جهة أخرى ولا يأخذ من مال أبيه- طبعاً في ماذا؟ في هذه الأشياء المتوسعة- لكن أبوه عليه النفقة على الولد، فإن استطاع الولد أن يخرج من البيت ويستقل بنفسه فهذا طيب، أما من له الأخذ من الوالد النفقة الواجبة على الوالد فإنه يأخذ منها، لكن لو استطاع أن يستقل بنفسه حتى في الأشياء الواجبة حتى في الأكل والشرب واللبس والسكن لو استطاع الولد فإنه يخرج عن أبيه، قارن بين هذا الموقف وبين ما يحدث اليوم من الكثيرين في قضية ماذا؟ التساهل في كسب المحرمات، ويأخذون الأموال ولا يبالون من حلال من حرام، سلفنا رحمهم الله كانوا يخرجون الشبه من بطونهم ويتقيأ أحدهم ليخرج أمراً فيه شبهة، والواحد من هؤلاء الناس في هذا الزمان يدخل إلى بطنه الحرام عمداً وهو يعلم أنه حرام فانظروا الفرق، سلفنا يخرجون الشبه من بطونهم بعدما دخلت بالقيء وهذا يدخلها في بطنه وهو يعلم أنها حرام ولا يخرجها.
الجواب: هذه عملية تسمى عند بعض النساء بالتشقير تصبغ جزءاً من الحاجب بلون يشابه لون البشرة، فيقول الشيخ/ عبد العزيز حفظه الله جواباً على هذا السؤال: إذا كان لون الصبغ ليس بأسود فلا بأس ويجوز، فالأصل أنه يجوز ما دام أنه ليس بأسود، ولذلك فالعجب من كثير من الرجال كبار السن الذين نبت لديهم الشيب أنهم يصبغونه بالسواد وهو محرم في دين الله، غير الخداع والتمويه، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من شاب شيبة في الإسلام كانت له نوراً يوم القيامة) ولذلك لا يصح أن يغير الإنسان هذا الشيب بالسواد لكن يمكن أن يغيره بلون آخر، فلو غيره بأي لون آخر جاز لا إشكال كما كان عليه الصلاة والسلام يغير شيبه بالحناء مثلاً.
الجواب: يقول الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين لما سألته: لا، أبداً حتى ولو بالمناقشة: (أخروهن حيث أخرهن الله) فإذاً لا تدخل المرأة في نقاشها مع الرجل في هذا الحديث، وإنما يقدم الرجل عند النقاش، فمثلاً: القاضي لو جاء يسمع من رجل وزوجته، والمسألة تساويا فيها، وليس أحدهما هو صاحب الشكوى ويريد أن يسمع منه أولاً، بل تساوت المسألة، ولو كانت أكبر منه سناً يقدم الرجل في الكلام.
الجواب: يقول الشيخ/ ابن عثيمين لما سألته عن هذا: يقول له: إذا عرفت أنك تسببت في قتل خطأ يجب عليك الكفارة حتى لو لم تثبت إدانتك قانونياً، فيجب عليه الكفارة، ولذلك الطبيب المسلم من أوجه اختلافه عن الطبيب الكافر والفاسق والفاجر أنه لا يهمل في العلاج، فبعض الأطباء لا يخافون الله، وفي الحالات الخطرة تجد إهمالاً وتسيباً من بعضهم، وقد يموت المريض نتيجة إهمال الطبيب فيكون الطبيب عليه كفارة قتل الخطأ، وبعضهم قد يصرف دواء لا يتقي الله فلا يتدبر ولا يفكر ولا يتأكد فيصرف هكذا وقد يكون هذا الدواء أو هذه الإبرة سبباً في موت المريض وعند ذلك يجب عليه التوبة إلى الله توبة عظيمة لأنه تسبب في قتل وعليه كفارة القتل.
بعض الإخوان سألني قال: عندنا دكاكين نؤجرها فيستأجرها حلاق أو بقال صاحب سوبر ماركت ويبيع فيه دخاناً مثلاً؟
الجواب: فيقول الشيخ/ عبد العزيز حفظه الله: كلها لا تجوز هذا وهذا، يشترط عليهم ألا يحلقوا اللحى ولا يبيعوا الدخان، ما هو الدليل؟: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] فتأمل في حال الناس الذين يؤجرون الدكاكين الآن والعقارات كم يتعاونون على الإثم والعدوان وهو يأجر دكانه لحلاق يحلق اللحى أو لصاحب بقالة يبيع الدخان، أو لمحل يبيع أشرطة فيديو، أو لواحد يبيع استريو أغاني، أو لخياط نسائي فيه اختلاط يعلم أنه غير مطبقٍ للشروط. وأن دكانه صار بؤرة فساد، وقد يقول قائل: أنا لا دخل لي في ذلك؛ أنا وقعت معه عقد الإيجار انتهيت، كيف؟ هذه مسئوليتك هذا دكانك، أنت باستطاعتك أن تخرجه منه، وأن تمنع وقوع الفساد، فلماذا لا تفعل؟
الجواب: نقول: سبق أن أجبنا عن هذه المشكلة، أو سبق أن كانت المحاضرة الماضية: كيف ينظم المسلم وقته عن هذا، ولكن بعض الإخوان يقول: نحتاج لتركيز في الموضوع، بين لنا المسألة بخطوات، فإجابة لهذا الطلب، وتبييناً لحل هذه الشكوى، فإننا نقول: هاك واحداً وعشرين نقطة في مسألة تنظيم الوقت:
الأولى: أن يشعر الإنسان المسلم بالغيرة على وقته، وأنه إذا ذهب فإنه لن يعود.
ثانياً: أن يستشعر الهدف الذي خُلق من أجله، وأن عبادة الله شاقة، وأن الواجبات أكثر من الأوقات.
ثالثاً: أن ينظر في حاله وإمكاناته وأن يدرس وضعه جيداً، وبناءً على ذلك يخطط لتنظيم وقته.
رابعاً: ليعلم بأن الترتيب مهم جداً، وأنه يوفر أوقاتاً كثيرة وخصوصاً عند البحث عن الأشياء الضائعة.
خامساً: التخطيط وكتابة مذكرات بما ينوي أن يفعله الإنسان كل يوم مثلاً.
سادساً: عمل جداول زمنية سواء للأيام أو للأعمال التي يريد أن يقوم بها بحيث تتلاءم مع واقعه ومع قدراته دون تسريح في الخيال أو الأحلام أو وضع أشياء لا يستطيع أن يطبقها.
سابعاً: تحديد مواعيد الأشياء الثابتة كالأكل والنوم والمذاكرة والزيارة.
ثامناً: توزيع المهمات التي يستطيع أن يساعده فيها الآخرون.
تاسعاً: أن يبذل كل ما يستطيع من مال من أجل توفير وقته.
عاشراً: قتل مضيعات الوقت كالنوم الكثير والأكل الكثير والكلام الكثير والخلطة الكثيرة والمكالمات الهاتفية ووسائل اللهو بأنواعها.
الحادي عشر: أن يعود الآخرين على احترام وقته.
الثاني عشر: أن يتعلم كيف يستغل وقته بالسماع والقراءة في أوقات الانتظار مثلاً، أو في الأوقات الضائعة في السفر ونحوه.
الثالث عشر: أن يستغل وقته بأكثر من شيء إن استطاع.
الرابع عشر: أن يحارب التسويف، وأن يعلم بأنها عادة قبيحة وأن يقدم على تنفيذ المهمات ولو كانت صعبة وشاقة لكي يستريح، وأن يجزئها إلى أجزاء صغيرة ما أمكنه ذلك ليسهل قضاؤها.
الخامس عشر: أن يستعين بالالتزام مع الآخرين ليتشجع ويستمر، قضية الالتزام الجماعي وقد سبق أن بيناها.
السادس عشر: إياك والكمال الزائد.
الجواب: يقول الشيخ/ ابن عثيمين إجابة على هذا السؤال: الآدمي ليس بنجس سواء كان كافراً أو مسلماً، وبناء عليه فإنه لو لمس الجثة بيده وهو متوضئ فلا ينفسخ وضوءه ولا يجب عليه غسل يده، وكذلك بالنسبة للهياكل العظمية، لكن يقول الشيخ: لكن إذا كان هيكلاً عظمياً لشيء مذكى يعني: مثلاً: جملاً مذبوحاً، خروفاً مذبوحاً، الهيكل العظمي له طاهر أو نجس؟ الهيكل العظمي لبهيمة من بهائم الأنعام قد ذكيت وذبحت طاهر، أما إذا كان هيكلاً عظمياً لقرد فيقول الشيخ: الظاهر أن القرود نجسة، وكذلك الميتة لو قتلوها وبعد ذلك أخذوا الهيكل العظمي للدراسة فهذا الهيكل نجس، فلو لامسه بيده ويده رطبة من العرق ونحوه فإنه لا بد أن يغسل يده.
الجواب: فأجابني الشيخ/ عبد العزيز بن باز حفظه الله تعالى: لا يدخل ذلك في الحديث لأنها مأمورة بستر شعرها، لأن شعر المرأة عورة في الصلاة، فما دامت أنها تستره فإن هذا الربط الحاصل في شعرها لا يدخل في النهي عن عقد الشعر أثناء الصلاة.
فأجاب الشيخ حفظه الله: لا أعرف لها أصلاً، هذه مسألة إهداء الكتب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، إن الرسول صلى الله عليه وسلم غني عن أعمالنا، بعض الناس يقول: أريد أهدي أريد أن أعمل حجة للنبي صلى الله عليه وسلم أريد أقرأ قرآناً للنبي صلى الله عليه وسلم أريد أن أتصدق للرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا الأمر محدث وليس من السنة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم غني عن أعمالنا.
ثانياً: بما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد دلنا على كل خير فـ (الدال على الخير كفاعله) فلو أنت الآن صليت صلاة بالسنة كما هي السنة، فمثل أجرك يذهب للرسول صلى الله عليه وسلم، لو ضحيت أضحية قد دلك عليه الصلاة والسلام، فمثل أجرك يذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، لو سبحت تسبيحاً علمك إياه صلى الله عليه وسلم، فمثل أجرك يذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا كان الثواب والأجر واصل إليه صلى الله عليه وسلم، فلماذا تهدي إليه الأعمال؟
الجواب: يقول الشيخ/ عبد العزيز حفظه الله: يردها؛ لأن الغالب إذا كانت جاءت من طريق الزكاة، أن هذه المساعدة جاءت من زكاة، فيجوز دفع الزكاة إلى الرجل الذي يحتاج للزواج ويخشى على نفسه الحرام فعلاً ولا يجد مالاً يتزوج به يجوز إعطاؤه من الزكاة، فهذا الشخص قبل أن تصل إليه المساعدة وينفقها تيسرت أموره فهنا يردها، وإن كانت من غير الزواج يقول الشيخ/ ابن عثيمين : يستأذن الجهة التي قدمت المساعدة فإن أذنت له وإلا ردها.
الجواب: انوِ الاستفادة مما ستسمعه من فتوى الشيخ/ عبد العزيز رحمه الله، وكذا الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين فقد كان الجواب واحداً: لا يجزئ ذلك لأنها ليست رقبة، بل هو أسير والأسير شيء والرقيق شيء آخر، ولذلك لا يقوم مقامه.
ولكني سألت الشيخ/ عبد العزيز حفظه الله عن مسألة الرقاب الموجودة في موريتانيا : هل هي ما زالت موجودة إلى الآن؟ وهل يقوم مكتب الدعوة والإرشاد التابع للشيخ في موريتانيا بعملية عتق الرقاب؟
فقال الشيخ: نعم. ما زالت المسألة موجودة إلى الآن، وبإمكانه إذا أراد أن يرسل المبلغ تكلفة عتق الرقبة، هذه كم هي عشرة آلاف أو اثنا عشر ألفاً الله أعلم، يرسله عن طريق الشيخ/ عبد العزيز إلى المكتب في موريتانيا فيشترى به رقيقاً هناك رقبة مؤمنة وتفك.
الجواب: فكان جواب الشيخ/ ابن عثيمين : لا يجب عليهم ذلك، وإذا رأوه أنسب يجوز لهم أن يزوجوه؛ لأن الثاني لا يدري عن الأول، كل واحد تقدم من جهة، فحسب الأنسب، ليس بلازم الأول إذا رأوا أن الثاني أنسب أو الثالث أنسب فليزوجوه.
ثم سألته حفظه الله: هل المحرم في الخطبة على الخطبة هو في حالة الموافقة على الأول؟ أم يشمل فترة التردد؟ يعني: هل يحرم على الخاطب الثاني أن يتقدم إذا وافقوا على الأول؟ ولو كانوا مترددين فيه ولا زال تحت البحث فإنه يحرم على الثاني إذا علم أن الأول متقدم أن يتقدم؟
الجواب: فكان جوابه حفظه الله: يشمل كل فترة خطبة الأول وتقدمه وبحثهم عنه والسؤال حتى يرفضوه، فإذا قالوا: لا. هنا يتقدم الثاني، أو يُعلم من طول المدة التي ما ردوا له فيها خبراً أنهم رفضوه لأنه أحياناً لا يقولون: لا بل يسكتون لا يريدونه فيسكتوا، وتظل المسألة شهراً وشهرين أو ثلاثة أو أربعة أو ستة فيكون من الواضح أنهم لا يريدونه من الحال والقرائن فعند ذلك يجوز له أن يتقدم.
الجواب: فيقول الشيخ/ ابن عثيمين حفظه الله: لا يجوز ذلك، وإذا لم تعجبه الأولى يطلب النظر إلى الثانية، أما أن يقول: أروني بناتكم وأنا أختار، فهذا لا يصح، العائلة لا ترضى أصلاً بهذا، يقولون: نحن لسنا معرضاً تجارياً، نضع بناتنا سلعاً تأتي أنت وتنظر وتختار على كيفك.
الجواب: سألته للشيخ/ محمد ناصر الدين الألباني حفظه الله فقال: إذا كان للتجميل فلا يجوز ذلك.
الجواب: هذا الواقع صحيح، فالإنسان لابد له أن يتعلم، فمثلاً: إذا استقام شخص على الشريعة وهو في البادية استقام على الملة المحمدية واستقام على الدين لا بد له من أناس يعلمونه، لا بد من قرين يربيه، لا بد من شخص طيب يسير معه، لا بد من قدوة يتأثر به، والقدوة الحية مهمة، وإذا قال شخص: يا أخي! الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة فيكفينا هذا، فنقول: هذا قدوة ونعم بها وهي أعظم قدوة، لكن القدوة الحية لها أثر، ألم تروا إلى الحديث الصحيح: لما جاء قوم مجتابو النمار، أي: مقطعةٌ ثيابهم، ومعنى جاب في اللغة يعني: قطع، ولذلك يقول الله عز وجل: وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ [الفجر:9] قطعوه من الوادي وأتوا به فبنوا به، فالرسول صلى الله عليه وسلم قدوة، كلمهم فما تحرك أحد، كلمهم وانتظر أن واحداً من الناس يقوم فما قام أحد مع أنه قدوة عليه الصلاة والسلام، فلما قام ووعظ الناس على المنبر وتكلم جاء رجل بصرة كادت كفه أن تعجز عنها بل قد عجزت ثم تتابع الناس، لماذا تتابع الناس؟ لأنهم رأوا القدوة أمامهم، شخص أتى بصرة كبيرة كادت كفه أن تعجز عنها، فتتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة، صفيحة ذهب عندما تسطع عليه الشمس صلى الله عليه وسلم، فالآن انظروا القدوة مع الرسول صلى الله عليه وسلم كيف أثرت، وهناك أناس استفادوا من أبي بكر وعمر مع وجود الرسول صلى الله عليه وسلم، لذلك نقول: القدوة مهمة من الناحية التربوية، ولكن لما كان الناس الذين فيهم خير واستقامة كثيرين والحمد لله فكان لا بد لسالك طريق الاستقامة الذي يريد التربية وطلب العلم أن ينتقي الأفضل طبعاً بلا شك، ولذلك لا بد أن يعلم ما هي الصفات التي إذا توفرت في شخص يلازمه، فنقول: إن لذلك صفات عدة، نذكر منها سبع صفات، فنقول:
الأولى: أن يكون هذا الذي تريد أن تصاحبه ذا عقيدة صحيحة، هذا أول شيء يجب أن يكون اعتقاده صحيحاً، ينبغي أن يكون اعتقاده اعتقاد أهل السنة والجماعة في جميع الأبواب .. في الإيمان .. في الأسماء والصفات .. في القضاء والقدر، يجب أن تكون عقيدته صحيحة فلا يكون من الخوارج ولا من المرجئة ولا من الأشاعرة ولا من الماتريدية ولا من الصوفية ولا من أصحاب الحلول، كل هذه المعتقدات الباطلة ينبغي أن يكون صاحبك هذا متبرئاً منها تمام التبرؤ، بل إنه يجب أن يكون عنده علم بعقيدة أهل السنة والجماعة وأن يلتزمها في نفسه وأن تبنى عليها تصرفاته.
فمثلاً: لا بد أن يكون عنده ولاء وبراء يوالي المسلمين المؤمنين أهل السنة والجماعة حتى ولو كانوا في آخر الدنيا، لو كان هناك شخص من أهل السنة والجماعة في الصين فإنني أشعر تجاهه بولاء له ولو كان أخي في البيت ملحداً أو كافراً أو مبتدعاً فإنني أشعر ببغض له انطلاقاً من قضية العقيدة.
ولذلك -أيها الإخوة- تجدون في الواقع بعض الناس عقيدتهم منحرفة هؤلاء لا يجوز مخالطتهم نهائياً، بعض الناس عندهم عقيدة صحيحة لكن لا يوالون ولا يعادون من أجلها.
اسمعوا مني هذه النقطة المهمة جداً: بعض الناس عقيدتهم صحيحة من ناحية العقيدة، فمجمل العقيدة عندهم صحيح، لكن لا يوالي من أجلها ولا يعادي عليها، ولذلك يمكنه أن يتعاون مع أشعري ومع مرجئ ومع صوفي ومع خرافي ومع مبتدع، يقول: نتعاون معهم في الدعوة، نقول: هذا ضلال وانحراف، ولا يجوز هذا مطلقاً، وإنما قامت دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم على تجريد التوحيد وعلى العقيدة الصحيحة، ما قامت على خزعبلات ولا كفريات وشركيات وبدع وضلالات، فهذا أمر غير مقبول، ولا بد أن يكون لنا مواقف من أهل البدع، لا بد أن نفاصلهم، فأهل البدع والضلالات لا نصادقهم أو نسكت عنهم ونقول: لمصلحة الدعوة، كلا وألف كلا، إن هذا أمر خطير، بل يجب أن نعلن الدعوة الصحيحة، وأن نقول لهم: إما أن تلتزموا معنا بهذه العقيدة أو تفارقونا.
الثاني: أن يكون صاحب سنة، ما معنى صاحب سنة؟ يعني: يلتزم بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم في الكبير والصغير، ويعتمد السنة مبدأً يسير عليه وطريقاً، ولا نقصد بالسنة أمور الفرعيات فقط، يعني: يلتزم السنة في كيفية الصلاة وكيفية الوضوء.
ليس هذا فقط هذا مهم، لكن لا بد أن يكون صاحب سنة أي: منافياً للبدع ولأهل البدع محارباً لهم صاحب سنة، والسنة ضد البدعة.
ويشمل كذلك: أن يعتمد على الدليل الصحيح من أقوال أهل العلم الذين يأخذ بأقوالهم، فينظر الدليل الصحيح ما يوافق أقوال العلماء من الدليل الصحيح فيتبعه ويأخذ به، فهو إذاً ليس مقلداً تقليداً أعمى، بل هو صاحب سنة يرعى الدليل وينظر دليل العالم هل هو موجود وصحيح فيأخذ بقول العالم، لا يفتح الكتاب والسنة ثم يقول: أنا أجيب من عندي، فهذا ضلال، وإذا لم يكن عنده شروط هذا الاستنباط أو معرفة الأحكام لا يفعل هذا، لكن عندما يأتي في مسألة من المسائل الفقهية يريد أن يعرف الحكم، فإنه يعرف الدليل، فهو إذاً ليس متعصباً لمذهب من المذاهب، ولا لطريقة من الطرق، ولا لشيخ من الشيوخ، وإنما متجرد لله عز وجل، يعبد الله على بصيرة، ما معنى بصيرة؟ يعني الدليل: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ [يوسف:108].
ثالثاً: أن يكون صاحب علم شرعي، يهتم بالعلم الشرعي، أي: يهتم بالتعلم، وحلقات العلماء، والقراءة في كتب العلم، ويهتم بأقوال أهل العلم ولا يستنبط أقوالاً من عند نفسه، بل يأخذ من أقوال العلماء وأقوال السلف يحرص عليها ويحرص على حلق العلم وعلى طلب العلم، ولا يكون إنساناً جاهلاً فإنك لا تستفيد منه، أو يكون إنساناً فقط عنده علم ببعض المذاهب وبعض القضايا العامة ويقول: هذا داعية، ماذا تستفيد منه؟! إذا ما كان صاحب علم شرعي مؤسس فليس بقرين يصلح أن تقتدي به.
رابعاً: أن يكون صاحب عبادة وتقوى وورع، فإنه قد يكون إنساناً بالإضافة إلى ما تقدم قد يكون عنده أشياء من المعاصي أو الكبائر أو أنه إنسان يرتكب المنكرات والمعاصي فلا خير لك حينئذ في صحبته، فلا بد أن يكون إنساناً تقياً وورعاً، صاحب عبادة، بعيداً عن الشبهات، وقافاً عند حدود الله، يفعل الواجبات ويجتنب المحرمات، تظهر آثار الطاعة عليه.
خامساً: أن يكون حسن الأخلاق، لأنك لا بد أن تتأثر به، فإذا كان عنده حدة، وسريع الغضب، وينتقم لنفسه، ويجادل بالباطل، وهو إنسان عاق لوالديه، وهو يستعمل السباب والشتائم، فعند ذلك سيكون تأثرك به سلبياً، فلا بد أن يكون على خلق حسن.
سادساً: أن يكون مهتماً بالدعوة إلى الله وهداية الناس وأحوال إخوانه المسلمين، ينبغي أن يكون عنده إلمام بهذا، وليس متقوقعاً على نفسه أن يكون إنساناً داعية، يخرج ويذهب ويتنقل من مكان إلى آخر يدعو وينير للطريق يهدي هداية الدلالة والإرشاد ويهتم بأحوال المسلمين من إخوانه ولو كانوا في أطراف الأرض.
سابعاً: أن يكون صاحب منهج في التربية، يعرف كيف يربي الناس، يعرف كيف يأخذهم درجة درجة، يعرف الأوليات، عنده مفهوم التدرج واضح، تستطيع أن تستفيد منه في التربية.
وقد تقول لي: هذه أين تتوفر، هذا كالكبريت الأحمر؟ أقول لك: الحمد لله النماذج موجودة، لكن قد تقل عند أناس وتكثر عند أناس، أو بعضها يقل عند شخص ويكثر عند آخر، فسددوا وقاربوا، وانتق الأشخاص.
هذه القضية خطيرة وحساسة، ينبغي أن تنتقي الشخص الذي تقتدي به، تنتقي الشخص الذي يوجهك ويربيك وليس أي واحد من الشارع، لا بد أن تتفرس فيه وتتأمل في أحواله وتسمع له وتنظر وترى تقول: هل هو صاحب عقيدة، هل يظهر شيئاً من المفاصلة، هل يظهر شيئاً من الولاء والبراء، هل هو صاحب سنة، كيف منهجه في الفقه، كيف يعتمد على الدليل أم يقلد تقليداً أعمى، هل يهتم بالعلم أم هي مسائل عامة هكذا، هل هو صاحب منهج واضح وعنده أشياء تتدرج وينتقل من مرحلة إلى أخرى، فيتضح لك: أهو قائم على الحماس وعلى الكلام الفاضي، أو أنه إنسان عنده أساسيات يأخذ الناس بالأسس، وهكذا تتبين عند ذلك من هو الشخص الذي تقتدي به وترتضيه لك قدوة ومربياً ومن لا.
مثلاً: عندك عامل فلبيني كافر عمل لك عملاً وما حاسبته مباشرة مع أنه المفروض أن تحاسبه: (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه) بعد ذلك ذهب وما عرفت مكانه. فماذا تفعل؟ هل تتصدق بها نيابة عنه؟ قد تقول لي: الصدقة لا تصل الكفار، يعني: لا ينتفعون بها في الآخرة لأنهم في جهنم خالدين فيها.
وسألت شيخنا عبد العزيز بن باز حفظه الله عن هذه المسألة فقال: نعم. يتصدق بها نيابة عنه لأنها تنفعه في الدنيا.
الكفار فإن الله عز وجل يعطي في الدنيا أموالاً وأولاداً، صحة: نملي لهم ليزدادوا إثماً أي: نعطيهم، فيقول الشيخ: إذا ما عرفت الكافر هذا فتصدق بها نيابة عنه يصل أجرها إليه لكن في الدنيا.
فكان السؤال الذي وجهته للشيخ/ عبد العزيز حفظه الله، فلما سلم مع الإمام من الركعتين تبين له أن الإمام مقيم، يعني: لو تبين أن الإمام مسافر لا يتم؟
الجواب: قال الشيخ: إن لم يطل الفصل صلى ركعتين ليتمها، إذا ما طال الفصل قام وأتى بركعتين وسلم، وقد تقول لي: سأل الحاضرين، قال: الإمام هذا مقيم أم مسافر، فصار هناك كلام، فهل هذا يمنع من إتمام الركعتين؟
لا يمنع لأن الكلام لمصلحة الصلاة فلا يضر بها، لذلك الرسول صلى الله عليه وسلم لما سلم من الركعتين كما ورد في البخاري من صلاة الظهر قال له الناس: (قصرت الصلاة أم نسيت؟ قال: لم تقصر ولم أنس) ثم تبين له وصار هناك نقاش في المسألة وأخذٌ وعطاء وهناك أناس خرجوا خارج المسجد، ثم قام فأتى بالركعتين الباقية لما تأكد أنه صلى ركعتين فقط، ثم سلم، ثم سجد للسهو ثم سلم، فالمناقشة التي حصلت؛ لأنها لمصلحة الصلاة ما قال: ما دام حصل كلام بطلت الصلاة وإنما أكمل، ولذلك الشيخ حفظه الله حدثني عنه الثقة قال: صليت وراء الشيخ قبل عشرين عاماً فكان على الشيخ سجود سهو بعد السلام، فسلم ثم أراد أن يسجد فالناس ما سلموا، فقال لهم: سلموا، ثم سجد للسهو ثم سلم، فقوله هنا: سلموا، لمصلحة الصلاة ليعلم الناس لأنه لا بد من التبليغ، قال: سلموا، ثم سجد للسهو ثم سلم.
الجواب: فقال الشيخ: الظاهر أنه لا حرج إذا لم يجد مكاناً آخر، إذا صلى أمامهم قد يكشفونه ويفتن في دينه، قال الشيخ: إذا لم يجد مكاناً آخر فلا حرج، ولكنه قد يجد مكاناً آخر وقد يجد في بعض الصلوات مكاناً وبعض الصلوات الأخرى لا يجد، فلذلك إذا كان يستطيع أن يجد فلا بد أن يصلي؛ لأن الصلاة في الحمام منهي عنها، نهى عن الصلاة في المقبرة والحمام، لكن إذا ما وجد لا يترك الصلاة.
إنه تارك للصلاة، يستهزئ بي وبديني وبحجابي، حتى إنه أعطاني مهلة لأنزع الحجاب وأكشف على إخوانه، وأقدم الضيافة لأصحابه الرجال الأجانب، وينـزع عني الحجاب بالقوة، وحرمني من المناسبات الطيبة ولقاء أخواتي في الله وحضور المحاضرات الدينية، مزق كتبي وكسر الأشرطة الإسلامية التي لدي، ويضربني دائماً ويشتمني ويهينني حتى أمام أهله، ويقول: أنا أخذتك من الشارع، ومرة انفرد بي في غرفة وضربني حتى سال الدم وأسقطت مرتين إحداهما طفل له أربعة أشهر دفناه، والإسقاط نتيجة الضرب.
يسافر إلى الخارج إلى بانكوك والفليبين ، ولديه خطابات من نساء هناك وصور بين أوراقه، يسافر للبلاد البعيدة للفاحشة وللقريبة لشرب الخمور، ويتذرع بأن لديه أعمالاً وأشغالاً في تلك البلاد، وهو يتعاطى المخدرات ولا ينفق علي وأعطاني مرة مائة ريال وقال: هذا مصروف سنة، اشتريت كثيراً من أغراض البيت من مالي الخاص، حتى الحلويات أوفرها من الضيافة عند الناس الآخرين لأجل أولادي، يستهزئ بالدين ويقول: ما عليك مني إذا ربي يهديني هداني، مالك دخل أنا ربي يحاسبني، أنا في النار ما عليك مني، أنا قلبي نظيف، البيرة التي أشربها فيها واحد في المائة كحول، وإذا سألته: لماذا كان سكران؟ قال: كنت أمثل عليك، إذا رآني أصلي وأدعو ربي قال مستهزئاً: أنت شحاذة ما عندك إلا الشحاذة من الله، ويطلق في كل شيء ووقت وأنا أظن أني أعيش معه بالحرام.
هذه -أيها الإخوة- جمعتها من أكثر من سؤال ورد في نفس المشكلة تقريباً، هناك رجال تجار لا يخافون الله منتشرون في المجتمع لا يعرفون حدود الله ولا عندهم أدنى اهتمام ولا أدنى احترام ولا أدنى ذرة من إيمان أو خشية من الله عز وجل، ولذلك عندما تقع امرأة مسلمة في براثن مثل هؤلاء الأشخاص فإن طامات كثيرة تحدث وبلاوي، وهذا نموذج من النماذج، وأسئلة نتلقاها بالأوراق وبالهاتف وأشياء نقرؤها من هذا القبيل، وهذه المشكلة تتحمل المرأة منها جزءاً لا بأس به، لأن كثيراً من الفتيات اللاتي يتقدم إليهن أشخاص لا يحسن لا هن ولا أولياء أمورهن مع الأسف السؤال عن الشخص المتقدم، حيث يقولون في البداية: سألنا عنه قالوا: إنسان طيب وأخلاقه طيبة ويصلي في المسجد؟ من أين أتت هذه الأشياء؟
أيها الإخوة! الوعي مهم وهذا من الوعي فهذا زواج وهذا عمر وهذه عيشة، وإذا كان الرجل كافراً فالعقد باطل، العقد فاسد والدليل: لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [الممتحنة:10] لا تحل مسلمة لكافر ولا كافر لمسلمة، لا يجوز وهذا حرام، فالعقد غير صحيح، ولذلك هذه المرأة كان زوجها بالصفة التي ذكرت لا يصلي نهائياً ويستهزئ بالدين فهو كافر، ولذلك تأخذ أغراضها وتذهب إلى بيت أهلها مباشرة، قد تقول: أهلي ردوني قالوا: تصرفي أنت وزوجك ما لنا دخل، لسنا على استعداد أن نصرف عليك، كما يحدث عند البعض، تبحث قد تكون موظفة، تستأجر بيتاً لوحدها، تخرج من عنده، قد يكون لها من يؤويها من قريب أو صديق، تخرج من عنده، لو ما استطاعت ولم تجد تتحجب منه ولا يجوز لها أن تمكنه من نفسها لأنه رجل أجنبي كافر والعقد باطل.
أما لو كان فاجراً أو فاسقاً لكنه مسلم فإنها تصبر عليه وتنصحه حتى يهتدي وهي تقيم عليه الحجة في جميع الأحوال، متهاون بالصلاة أو فاجر فقط يجب عليها أن تقيم الحجة فإذا أصر على كفره تركته وإذا أصر على فجوره ما تحملته تذهب إلى القاضي وتشكو أمرها إليه، وهؤلاء الأولاد الذين يتربون في مثل هذا البيت كيف سينشئون؟ وماذا سيتعلمون؟
هناك مشاكل كثيرة -أيها الإخوة- موجودة في الواقع، وحتى لا نطيل بذكر هذه القضية فقط سبق أن تكلمنا في محاضرة لعلها -إن شاء الله- تكون متوفرة قريباً بعنوان: المرأة المسلمة على عتبة الزواج، ذكرنا فيها بعض النقاط المتعلقة بهذه المسألة، فالحذر الحذر يا أيتها الفتاة من الشخص المتقدم، وأنت يا ولي الأمر من أب أو أخ ينبغي أن تتقي الله في هذه البنت التي سوف تسلمها للرجل، من هو؟ اسأل عنه ودقق وابحث، فإن الخطأ لو حدث قد يستهلك إصلاحه دهراً طويلاً وربما لا يصلح وربما تكون قد ارتكبت جريمة كبيرة بإسلامك المرأة لهذا الشخص.
بعض الناس عندهم عوائد إذا طلعت أسنان الولد أو مشى صنعوا وليمة، يعني: حبوباً أو أنواعاً من الحليب أو أشياء من الحلويات.
أجابني على هذا السؤال الشيخ/ محمد ناصر الدين الألباني حفظه الله فقال: إذا لم يعتقد أنها سنة ولم يوهم أنها سنة فلا بأس بذلك، إذا ما اعتقد أن هذه سنة لأنه ما ثبت ولا أوهم الناس أنها سنة فجائز، ولا بأس بذلك، من عوائد الناس فهي جائزة.
يقول الشيخ/ عبد العزيز بن باز أول ما سمع السؤال: حيلة فاجرة لإسقاط كفارة الصيام والاغتسال، ثم قال بعد ذلك: لو كان ما هو قصده لإسقاط الكفارة والاغتسال جامع بهذا الحائل وليس قصده أنه فعل ذلك في نهار رمضان ولا شيء بل عمله بشكل عادي فقال: فلا بد من الاغتسال حتى ولو وضع حائلاً لا يقول: والله ما مس الختان الختان ولا أنزل لأنه عندي حائل، بل يجب عليه الاغتسال.
فسألت عن هذا الشيخ/ ابن عثيمين فقال: إذا أذنت الشركة أو أذن المسئول المباشر إن كان مفوضاً، لأنه أحياناً يكون المسئول الذي عليهم طيباً فيقول لهم: اذهبوا لكن ما عنده تفويض لهذا الشيء، فإذا كانت الشركة أذنت والمسئول المباشر مفوض بهذا الأمر فلا بأس أن يجعلوا واحداً أو اثنين حسب حاجة العمل وإلا وجب عليهم جميعاً أن يكونوا عند العمل، هذا دوام مشروط تأخذ عليه راتباً لا يصح أن تتلاعب.
الجواب: فقال الشيخ/ عبد العزيز بن باز حفظه الله: الأحوط ألا توضع، لا توضع مبخرة فيها جمر أثناء الصلاة.
الجواب: فقال الشيخ/ عبد العزيز حفظه الله: نعم. يجوز لها أن تأخذ بغير علمه وتوفره وهي مأجورة، يقول الشيخ: ولو استطاعت أن تأخذه كله فلتفعل؛ لأنه إنسان يبذر هذه الأموال في الحرام.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والله تعالى أعلم.
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.
أيها الإخوة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فهذه فرصة طيبة أن نلتقي معاً في هذا المكان، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل اجتماعنا هذا على طاعة وخير، وأن يجعل تفرقنا بعده على مغفرة وبر، ونسأله سبحانه وتعالى ألا يجعل فينا شقياً ولا محروماً من الأجر.
موضوعنا في هذه الليلة كما تعلمون الحلقة الثانية من شكاوى وحلول، أو مشكلات وحلول، وسوف نتطرق هذه الليلة -إن شاء الله- إلى بعض المشكلات أو الشكاوى التي اشتكى منها أو يشتكي منها بعض الإخوة ولعلنا نجيب إجابةً مقنعة ووافية -إن شاء الله- على هذه المشكلات والتساؤلات، وأيضاً يوجد لدينا بعض الأسئلة المتراكمة لمحاضراتٍ ماضية نريد قراءة الإجابة عليها.
السؤال: إن في نيتي البداية في الإقبال على الكتب الإسلامية بالذات، فكيف أبدأ، خاصةً وأنني أرغب تأسيس نفسي تأسيساً متنوعاً، أي: في علوم الإسلام مثل: التفسير والحديث والفقه والسير. فبماذا تنصحون؟
الجواب: كثرت الكتب الإسلامية في الساحة، وصرت تدخل معارض الكتاب فتحتار ماذا تشتري، ومن كثرة الكتب يصاب بعض الناس بهيبة في القراءة فلا يقرءون، أو أنهم يتهيبون من هذه الكثرة فيقعون في حيرةٍ واضطراب. والحقيقة أيها الإخوة: أن الإنسان لا بد أن يسأل مجرباً قد قرأ في هذه الكتب، وأكبر المجربين هم علماء الإسلام الذين بينوا فوائد بعض الكتب، وشرحوا مزاياها، وكذلك يعرف قدر الكتاب بالآتي:
أولاً: من ثناء العلماء عليه.
ثانياً: من استفاضة خبره بين المخلصين أنه كتاب جيد، وعموم النفع به، وانطلاق ألسنة المخلصين بالثناء عليه وعلى محتواه، أو من شهرة مؤلفه بالخير والوعي والعمق في معالجة المشكلات.
ومن تجربة الإنسان الشخصية أيضاً فإنه يقرأ ثم يتبين له الغث من السمين والرطب من اليابس.
وهذه مجموعة من الكتب المقترحة في كل فنٍ من الفنون ليجمعها طالب العلم ويقرأ بها على فترات بحسب نشاطه وإقباله:
ففي التفسير مثلاً: يقرأ المبتدئ في كتاب: زبدة التفسير من فتح القدير؛ الكتاب الأصلي للشوكاني ، والاختصار للأشقر، وهذا كتاب مختصر جداً مجلد واحد، يجمع الكلمة إلى معناها مع شيء بسيط في أسباب النـزول، وفوائد أخرى، فإذا أراد أن يتوسع أكثر فإنه يقرأ مثلاً في تفسير العلامة الجليل عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي رحمه الله؛ فإنه كتاب وافٍ وواسع، ولكنه ليس فيه الأسانيد التي يمل منها بعض الناس، وإنما الكلام متصل في شرح الآيات بأسلوب مبسط.
وإذا أراد أعلى من ذلك فإنه يقرأ في تفسير العلامة ابن كثير رحمه الله؛ وهو قد يكون أجل مصنفٍ في التفسير، ولاقى قبولاً في هذه الأمة من المتقدمين والمتأخرين من بعد كتابته، وهو تفسير سلفي يمتاز بشرح آيات الكتاب العزيز وفقاً لمنهج أهل السنة والجماعة ، وهو تفسيرٌ أثريٌ يمتاز بإيراد الأحاديث والآثار عند تفسير الآية، وأظن بأنه أجود من كل المختصرات التي اختصرته، ولذلك إذا وجد الإنسان طاقةً في قراءته فلا يعدل إلى غيره مع استصحاب كتاب سيد قطب رحمه الله في ظلال القرآن ؛ وهو كتاب مهم في بيان التصورات الإسلامية المأخوذة من الآيات مع عرض لبعض المشكلات العصرية على ضوء القرآن الكريم، وكون وجود بعض الملاحظات فيه لا يحط أبداً من شأنه العظيم، ولا يستغني عنه أبداً مسلم يعيش في هذا العصر بالذات.
وفي الحديث: لا بد أن يقرأ المبتدئ في كتب الأذكار التي جمعت الأحاديث التي تتكلم عن وظائف اليوم والليلة، مثل كتاب: صحيح الكلم الطيب، ويحفظ هذه الأحاديث الموجودة في هذه الأبواب، أو كتاب: عمل المسلم في اليوم والليلة بشكل أوسع، وكذلك كتاب: صحيح الترغيب والترهيب ، وكتاب: رياض الصالحين ؛ فإنه كتاب عظيم، والناس عندهم مشكلة وهي أنهم ينظرون بعين النقص إلى بعض الكتب؛ لأنها منتشرة جداً ومع أن الكتاب مهم ولو أنه منتشر جداً، بل إن انتشاره الكبير في كثير من الأحيان يدل على جودته، وإقبال الناس عليه يدل على شيء مما وضع الله لمصنفه من القبول في الأرض، وهذا كتاب: رياض الصالحين للإمام النووي رحمه الله، ولو تيسر أن يقرأ طالب العلم مختصر صحيح البخاري للإمام الزبيدي رحمه الله ومختصر صحيح مسلم للإمام المنذري رحمه الله مع شرحٍ مبسط على الأقل للكلمات الصعبة فإنه قد يكون مر على طائفة ضخمة من الأحاديث ويستفيد فائدة كبيرة من القراءة في هذه الكتب.
وإذا احتاج إلى معرفة صحة الأحاديث من ضعفها فإن العلماء قد صنفوا في بيان الأحاديث المشتهرة على الألسنة مصنفات كثيرة، وكذلك صنف العلامة الألباني حفظه الله تعالى مجموعة هامة جداً من الكتب في هذا الباب؛ منها كتاب: السلسلة الصحيحة ، والسلسلة الضعيفة ، وإرواء الغليل ، وصحيح الجامع ، وضعيف الجامع الصغير، وصحاح السنن الأربعة التي عزلها، وهذا لا يعني أن طالب العلم لا يقرأ في الكتب الأصلية كالكتب الستة، ولكن عند الحاجة لمعرفة صحة الحديث وكثير من طلبة العلم ليست لديه المقدرة على أن يميز بنفسه في الأسانيد ويحكم بنفسه فلا بد أن يلجأ لمثل هذه الكتب.
وبالنسبة للكتب في مجال العقيدة فهناك كتب مبسطة مثل: شرح لمعة الاعتقاد للشيخ محمد بن صالح العثيمين ، وأعلام السنة المنشورة للحكمي رحمه الله تعالى؛ وهو كتاب نفيس، وقد صدر في طبعة محققة، وشرح العقيدة الواسطية بهوامش للشيخ عبد العزيز بن باز ، والشيخ ابن سعدي وغيرهم، وشرحها كذلك للشيخ الفوزان حفظه الله، وكتاب فتح المجيد ؛ وهو كتاب مهم جداً في العقيدة، وهو للعلامة عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ، وسلسلة عمر الأشقر حفظه الله في العقيدة؛ وهي سلسلة موسعة ومبسطة في نفس الوقت وهي مهمة جداً، ويقرأ طالب العلم القواعد المثلى في الأسماء والصفات للشيخ ابن عثيمين ، وشرح العقيدة الطحاوية ، وكتاب: معارج القبول للحكمي والمنهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى ؛ هذه بعض الكتب المتعلقة بالعقيدة.
وفي الفقه: فإن كتاب مثل: الروضة الندية للعلامة صديق حسن خان ، وسبل السلام للعلامة الصنعاني ، ونيل الأوطار للعلامة الشوكاني ، وزاد المعاد لـابن القيم رحمه الله، والجمع بين منار السبيل لـابن ضويان ، وإرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل هو أيضاً خطوة جيدة وموفقة -إن شاء الله- في دراسة الفقه، بالإضافة إلى كتاب فقه السنة مع تمام المنة في التعليق عليه، وإذا أراد التوسع فيلجأ لمثل كتاب المغني لـابن قدامة رحمه الله، والمجموع في شرح المهذب، ولـابن قدامة رحمه الله سلسلة مهمة مثل كتاب: العدة ، والكافي، ثم المغني .
وفي مجال الأخلاق وتزكية النفس: فإن القراءة في مثل كتاب تهذيب موعظة المؤمنين ، والجواب الكافي لـابن القيم رحمه الله، والفوائد له أيضاً، وتهذيب مدارج السالكين ؛ من الأمور النافعة.
وفي أصول التفسير: رسالة مبسطة للشيخ محمد بن صالح العثيمين ، ورسالة في أصول التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وفي علوم القرآن: لو أخذ فضائل القرآن لـمحمد موسى نصر ، والصحيح المسند للوادعي ، وعلوم القرآن للصباغ والقطان والزرقاني ثلاثة كتب، والتفسير والمفسرون للذهبي ، ومنهج المدرسة العقلية للرومي ، واتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر له أيضاً؛ فإنه يكون قد ألم بطائفة جيدة من علوم القرآن. وهناك كتب موسعة: مثل كتاب البرهان للزركشي رحمه الله.
وفي علوم الحديث والمصطلح: لو قرأ نخبة الفكر مع شروحها، والسنة ومكانتها في التشريع للسباعي رحمه الله، وقواعد التحديث للقاسمي ؛ فإنه أيضاً قد يكون أخذ بطائفة جيدة من المصطلح.
وفي أصول الفقه: لو قرأ في كتاب الأصول من علم الأصول للشيخ ابن عثيمين ، والواضح في أصول الفقه للأشقر ، والبدعة للهلالي من الكتب المبسطة، ولو أراد التوسع بعد ذلك فيقرأ مثل كتاب الاعتصام للشاطبي رحمه الله، وروضة الناظر لـابن قدامة رحمه الله.
وفي السير والتراجم وهي مسألة مهمة، وعنوان مهم جداً ليربط المسلم ماضيه بحاضره فإنه لو قرأ في السيرة النبوية لـابن كثير ؛ وهي جزء من البداية والنهاية ، والرحيق المختوم للمباركفوري مجلد واحد، سهل الأسلوب، والعواصم من القواصم ، وسير أعلام النبلاء ، والشمائل المحمدية للترمذي باختصار العلامة الألباني ؛ فإنه يكون أيضاً قد أخذ بطائفة حسنة من السير والتراجم.
وأما الفكر الإسلامي فإن فيه كتباً كثيرة جداً أذكر على سبيل المثال لا الحصر منهج التربية الإسلامية للأستاذ محمد قطب ، ومعالم في الطريق لأخيه سيد قطب ، وهذا الدين له أيضاً، وواقعنا المعاصر لـمحمد قطب ، ومفاهيم ينبغي أن تصحح له أيضاً، والشريعة الإسلامية لا القوانين الجاهلية لـعمر الأشقر ، وجاء دور المجوس الجزء الأول والثاني، ورؤيا إسلامية في الصراع العربي الإسرائيلي ، والعلمانية للشيخ سفر الحوالي ، والجهاد للشيخ علي بن نفيع العلياني ، وكتاب الاستشراق والمستشرقون للسباعي، والولاء والبراء لـمحمد سعيد القحطاني ، والأسرة المسلمة أمام الفيديو والتلفزيون لـمروان كجك، وعودة الحجاب بأجزائه للمقدم ، والقومية العربية لـصالح العبود ، وصفوة المفاهيم لـعلي بن صالح الهزاع ، ومنهج الأنبياء في الدعوة إلى الله ، ودراسة في السيرة لـمحمد بن سرور بن نايف زين العابدين ، والصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية ، وماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين للندوي ، وكذلك مجلة البيان بما تحويه من الأبحاث الفكرية الهامة؛ هذه بعض الكتب المهمة في مجال الفكر.
هذه طائفة من الكتب وغيرها كثير، ضربناها للمثال لكي يكون الداخل للمكتبة الإسلامية لديه شيء من الإلمام بما يحسن أن يقتنيه من الكتب ليقرأ فيها. هذه كتب، أما الكتيبات فهي كثيرة جداً، لكن اقترحنا بعض الأسماء لنواة مكتبة إسلامية مصغرة ينبغي أن تكون في البيت تحتوي على مراجع في العلوم الإسلامية المختلفة.
وبنهاية هذه الفقرة نأتي إلى بعض الأسئلة، وأقول قبل أن أنقل إجابتها: إنه ينبغي -أيها الإخوة- أن يحرص طالب العلم قدر الإمكان على العثور على إجابات العلماء السابقين في الأسئلة المختلفة، وينبغي أن يطلب الأعلم ليأخذ عنه الجواب، ولكن في بعض الأحيان يتعسر على الشخص أن يجد الإجابة من عالم من العلماء المتقدمين لأسباب:
أولاً: عدم وجود فتاويهم مفهرسة كما توجد في بعض فتاوي المتأخرين، وإنما هي داخلة في الكتب الكبيرة بحيث إنه يصعب أن يبحث الإنسان عنها، ولكن لا بد أن يحاول.
ثانياً: يكون السؤال عصرياً، بمعنى: أن القضية حدثت الآن في هذا العصر فيضطر الإنسان لسؤال العلماء الموجودين في هذا الزمان ليحصل على الإجابة؛ لأنه لو بحث في إجابات المتقدمين قد لا يجد ولو وجد شيئاً مشابهاً ربما يصعب عليه أن يقيس هذه الحادثة الجديدة على تلك السابقة لقصوره في العلم، وضيق الوقت عاملٌ آخر يدفع الإنسان في كثير من الأحيان للسؤال المباشر عن طريق الهاتف مثلاً إذا لم يجد الوقت المتسع للبحث في الكتب الأمهات والمراجع المتقدمة.
الجواب: أما بالنسبة لتخليل اللحية فذكر أهل العلم وفصَّل ابن قدامة رحمه الله في المغني في المسألة في نقطتين أساسيتين، بعد أن نعلم الدليل: (أنه صلى الله عليه وسلم كان يأخذ كفاً من ماء فيجعله تحت الحنك فيدلك به لحيته ويخلل لحيته بالماء) يأخذ كفاً من ماء فيجعله في أسفل الحنك ويدخله في شعر اللحية.
وذكر أهل العلم: أن الإنسان إذا كان ذا لحية كثيفة فإن التخليل في حقه يكون مستحباً، وإذا كان ذا لحيةٍ خفيفة بحيث يرى جلده من وراء الشعر فإنه يجب عليه أن يوصل الماء إلى هذا الجلد.
وجواباً على السؤال الذي طرح:
قال صالح رحمه الله سُئل أبي، يعني: الإمام أحمد عن رجل نسي أن يخلل لحيته ثم صلى. هل يعيد الصلاة؟
فقال: لا يعيد. فصلاته صحيحة كما أفتى الإمام أحمد رحمه الله.
هذا سؤال وجهه بعض الإخوان قال: أحياناً أنسى وأنتف من اللحية وأنا أفكر أو أكون ساهماً ببصري. فما هو الحكم؟
الجواب: إن صبر عن ذلك فهو أحب إليَّ، يعني: ينبغي عليه ألا يقرب لحيته لقوله صلى الله عليه وسلم: (أعفوا اللحى، وفروا اللحى، أرخوا اللحى، أرجوا اللحى، خالفوا المشركين، خالفوا المجوس) ولكن قد يغفل الإنسان أحياناً ويسهو فينتف من لحيته شعيرات فينبغي أن يتنبه لنفسه وأن يقلع عن هذا العمل.
الجواب: قال صالح رحمه الله وسألته، يعني: وسألت أبي عن الرجل يفوته التكبير على الجنازة. أيقضيه؟
قال: نعم. فأفتى الإمام أحمد رحمه الله: بأن من دخل في صلاة الجنازة وفاتته تكبيرات فإنه يدخل مع الإمام فيكبر التكبيرة الأولى فيقرأ الحمد، ثم يكبر التكبيرة الثانية فيقرأ الصلاة الإبراهيمية، ثم يكبر التكبيرة الثالثة فيدعو للميت، ثم يكبر التكبيرة الرابعة فيسكت هنيهةً كما بين الإمام أحمد رحمه الله ثم يسلم.
إذاً. المتأخر عن صلاة الجنازة يقضي التكبيرات.
الجواب: وقد وجدت أن الإمام أحمد رحمه الله سئل: عن الرجل يكون خلف الإمام يوم الجمعة، ولا يستمع قراءة الإمام. فماذا يفعل؟
قال: إن شاء قرأ؛ إذا شاء المصلي أن يقرأ فليقرأ، ما دام أنه لا يسمع قراءة الإمام فهو يقرأ، مثل: أحياناً يكون الإنسان في صلاة التراويح في الحرم فتتداخل الأصوات، أو يكون الصوت ضعيفاً جداً؛ فلا يسمع ماذا يقرأ الإمام، فلو أنه سكت ربما كان عرضةً للوساوس، أو انشغال الذهن وانصرافه عن الصلاة، فلو قرأ في نفسه فلا حرج، ولو أنه خلف الإمام ما دام لا يسمع قراءة الإمام.
أولاً: احرص على توفير حاجيات البيت باستمرار، ولا مانع في الاعتراض على بعض الكماليات تعليماً للزهد وتصدقاً بقيمتها.
ثانياً: اجعل لزوجتك وأولادك نصيباً من وقتك؛ في الملاعبة، والملاطفة، والقصص الهادفة، والنزهة البريئة.
ثالثاً: راعِ شعور زوجتك وظروفها الصحية وخصوصاً عند معاشرتها في الفراش.
رابعاً: إياك وإذلال الزوجة وطلب الأشياء التافهة منها لمجرد إظهار سلطتك عليها وإرغامها على التنفيذ.
طبعاً: كل نقطة من هذه هي عبارة عن مشكلات واقعية قد أتت إليَّ يوماً من الأيام.
خامساً: إذا ظلمت زوجتك، وأسأت معاملتها لا تستغل الأحاديث في منعها من البوح لأحد ولكن اطلب المسامحة. بعض الناس يضرب زوجته ويهينها ثم يقول: الأحاديث تنهى عن أن المرأة تفشي أخبارها التي بينها وبين زوجها للناس ليس هناك داعٍ أن تقولي لأهلك فقد تأثمين، بينما المفروض أنه يطلب المسامحة.
سادساً: تجنب إهانة زوجتك بحضرة أهلها أو أمام الآخرين عموماً.
سابعاً: لا تشعر زوجتك مطلقاً بعدم الثقة بها؛ من خلال إخفاء جهاز الهاتف أو الإقفال عليه أو فصل الحرارة، أو إزالة النقود من المنـزل بالكلية مثلاً، إلا إذا كان هناك دافع شرعي لهذا العمل.
ثامناً: إياك وأكل حقوق الزوجة المالية كإرغامها على بيع ذهبها، أو مماطلتك في إرجاع ما اقترضته منها، ولا تجبرها على شراء أغراض البيت من مالها الخاص.
ثامناً: احذر العقوبات السيئة كالضرب المستمر، أو تمزيق أغراضها الشخصية كالدفاتر والكتب أو الثياب ونحوها.
تاسعاً: إياك والاستجابة لضغط الأهل، مثل: الوالدين في بعض الأسر بحملها على معصية كمصافحة أخيك، أو الجلوس في جلسة مختلطة وإرغامها على كشف الوجه.
عاشراً: لا تتكلم بما يحدث بينك وبين زوجتك من الأمور الخاصة أمام إخوانك ولو كانوا في غاية الاستقامة، ولو كنت تثق بهم جداً، فلا يجوز نشر أسرار الاستمتاع، اللهم إلا في بعض الحالات الضرورية جداً كأن يأخذ الإنسان حكماً شرعياً من عالمٍ من العلماء، أو مشكلة لا يستطيع أن يحلها بنفسه فيضطر إلى أخذ آراء شخص ثقة فيها.
الحادي عشر: لا يجوز الاستمتاع بالزوجة أمام الأولاد المميزين في الفراش، وكذلك احذر ممارسة بعض الأوضاع الشاذة المأخوذة من بعض الأفلام السيئة.
الثاني عشر: لا بد أن تشعر أنك مكلف بمتابعة زوجتك في عبادتها كإيقاظها لصلاة الفجر، وقراءاتها في كتب العلم، وتنفيذها للأحكام الشرعية كإخراج زكاة الحلي.
الثالث عشر: لا تكلف زوجتك رهقاً بكثرة الولائم خصوصاً إذا صارت متعبةً من الحمل أو المرض وتكلف شيئاً ما بشراء الطعام الجاهز من السوق أحياناً.
الرابع عشر: مكنها من شراء الثياب لها في حدود المعقول، ولا تتذرع دائماً بالإسراف إذا أرادت شراء شيء مهم، وخصوصاً في لباسها في المناسبات غير المتكررة.
الخامس عشر: تجنب قدر الإمكان إظهار الاختلاف معها في تربية الأطفال أمام الأطفال أنفسهم، وتحمل خلافها لك في الرأي أمامهم ثم تفاوض معها فيما بينك وبينها.
السادس عشر: احرص على النظافة الشخصية خصوصاً إذا أردتها بعد الرجوع من عملك مباشرةً.
السابع عشر: إياك ومعاقبة زوجتك بمنعها من بعض الطاعات كجلسات العلم مع أخواتها، أو سماع الكتب والأشرطة إلا إذا صار خروجها من البيت شيئاً غير محمود فلك منعها عند ذلك أو التخفيف.
الثامن عشر: تجنب ذكر شيء من أخطاء الماضي أمامها -أخطاءك أنت- خصوصاً المحرمات التي يقع فيها بعض الأزواج في ماضيهم قبل الزواج لا داعي لذكرها للزوجة، ولا تعيرها بأخطائها هي الماضية إذا حسنت توبتها.
التاسع عشر: تجنب إيذاء زوجتك بالألفاظ مثل: أنا أخذتك من الشارع، أنتِ لا تفهمين شيئاً، أو أنتِ بقرة، أو أنتِ هندية، ونحو ذلك، فبعض الناس يقولها لزوجته.
العشرون: انتبه لإشباع رغبتها، وإعفافها في المعاشرة، وتذكر قوله صلى الله عليه وسلم: (أحب لأخيك ما تحبه لنفسك).
الحادي والعشرون: إياك وعدم العدل بين الأولاد خصوصاً زيادة أولاد إحدى الزوجتين على أولاد الزوجة الأخرى في الأعطيات، أو الهبات، أو إدخال أولاد إحدى الزوجتين في مدارس خاصة وترك أولاد الأخرى في المدارس العادية.
الثاني والعشرون: حاول ألا تعيب لباسها وطعامها قدر الإمكان، أثنِ على ما كان جيداً واسكت عن الباقي وهي ستفهم.
الثالث والعشرون: تجنب انتقاد أهلها أمامها؛ فإنه غالباً يثيرها عليك.
الرابع والعشرون: إذا دعيت إلى وليمة خارج البيت فتأكد أن في البيت طعاماً يكفيهم.
الخامس والعشرون: إذا أوصلت أهلك لزيارة أناس وذهبت إلى شغلٍ لك فلا تتركهم في بيت الناس إلى ساعة متأخرة من الليل فتحرج أهلك وتضايق الناس.
هذه خمس وعشرون نصيحة لطرد بعض المنغصات في الحياة الزوجية.
الجواب: أجاب الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله تعالى على هذه المسألة بقوله: تجلس عادتها والباقي دم استحاضة، فمثلاً: لو أن هذه المرأة كانت تحيض عشرة أيام في الشهر ثم انقطعت عنها العادة هذه فترة طويلة جداً، ثم جاءتها العادة وجاءها الدم شهراً متصلاً فماذا تفعل؟
تجلس عشرة أيام لا تصلي ثم تغتسل والباقي استحاضة.
الجواب: في بعض أقوال أهل العلم: خمسة عشر يوماً. لحديث: (تمكث إحداكن نصف دهرها لا تصلي).
الجواب: أجاب الشيخ عبد العزيز حفظه الله لما سألته، قال: لا يجوز الصدقة فيهم، وهي تتصدق من نصيبها فقط إن أرادت.
فهو لا يستطيع أن يتكلم في الصلاة، يقول: غطِّ عورتك مثلاً، ولا يستطيع أن يكمل وهو يعلم أن إمامه قد فقد شرطاً من شروط الصلاة وهو ستر العورة. فماذا يفعل؟
الجواب: سألت الشيخ حفظه الله فقال: إن كان لا يمكنه التقدم لستره مثل: طرح شيء عليه فيقطع الصلاة وينبه الإمام.
الجواب: فسألت عن هذا الشيخ محمد ناصر الدين الألباني حفظه الله فأجاب: إذا زاد عن أربعين يوماً وجب قصه؛ لأن الحديث في صحيح مسلم : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت للصحابة في الأظفار وشعر العانة والإبط أربعين يوماً لا يزيدون عليها) وبناءً على هذا الحديث: لا يجوز للإنسان أن يبقي أظفاره أكثر من أربعين يوماً بدون قصها، ولا يجوز له أن يترك شعر العانة أكثر من أربعين يوم بدون حلقه أو قصه، وكذا شعر الإبط. والمستحب له أن يأخذه كلما دعت الحاجة إلى أخذه؛ لأن الناس يتفاوتون فمن الناس أظفارهم تطول بسرعة، ومن الناس شعورهم تنمو بسرعة ومن الناس شعورهم تنمو تدريجياً أو بشكل منخفض، فلذلك يأخذ الإنسان منها كلما دعت الحاجة إلى الأخذ، ولا يزيد عن الأربعين يوماً في جميع الحالات.
الجواب: أجاب الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله وكذا الشيخ محمد بن صالح العثيمين على هذا السؤال: بأنه جائز ولا بأس به. يعني يقول له: أشتري منك على السكين الكيلو بريالين أو بثلاثة ريالات؛ هذا بيع صحيح ولا بأس به.
ونجد أيضاً في نفس الوقت: أن هؤلاء النوعيات ليس لهم أثرٌ في الواقع كبير؛ بسبب أنهم لا يحملون التصورات والمفاهيم الإسلامية، يعني: أن هذا الشخص فقط: اللحية والثوب، أو الحجاب، ولا يقترف المنكرات، ويفعل الواجبات؛ ويؤدي الصلاة في المسجد في أوقاتها، لكن ليس وراء ذلك شيءٌ آخر.
فيقول السؤال: ما هي التصورات التي من المهم أن يكتسبها كل شخصٍ مستقيم على شرع الله؟ بالإضافة إلى التزامه في المظهر طبعاً، وعدم مقارفة المنكرات أو المعاصي والمحرمات مع فعل الواجبات. ما هي التصورات المهمة أن المسلم يتشربها؟
الجواب: إليكم سبعةً وأربعين تصوراً من التصورات المهم أن يكسبها الشخص المسلم؛ سواء بالقراءة، أو بسماع الأشرطة، أو بأن يتربى مع إخوانه عليها، وهذا أهم شيء أن يحدث، التربية الجماعية على التصورات والمفاهيم الإسلامية:
أولاً: مفهوم خيرية هذه الأمة.
لماذا هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس؟
لكي يعتز بالانتساب لها.
الثاني: مفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ حكمه، وسائله، ضوابطه.
الثالث: أضرار المعاصي.
الرابع: مداخل الشيطان وخصوصاً على الصالحين والحيل النفسية.
الخامس: صور الانحراف في الحياة العامة، أو ما يمكن أن نعبر عنه: بنقد الواقع على ضوء الإسلام؛ وهذا عمل مهم جداً. لا يعرف الإسلام من لا يعرف الجاهلية، وحذيفة كان يسأل عن الشر حتى لا يقع فيه.
سادساً: أننا مكلفون بجميع نصوص الشريعة.
سابعاً: مفهوم التعاون على البر والتقوى؛ صوره، وأشكاله.
ثامناً: مفهوم المسئولية؛ كيف ننشئها؟ وما هي أهميتها؟
تاسعاً: مفهوم البذل والتضحية والعطاء.
عاشراً: مفهوم الأخوة الإسلامية؛ معناها .. حقوقها .. آدابها .. الانحراف والغلو الذي قد يحدث فيها.
الحادي عشر: مفهوم العزلة الشعورية عن أهل المنكر ونحن نعيش بينهم، وهذا مهم حتى يحافظ الإنسان على التزامه وهو يدعو إلى الله وسط أهل المنكرات.
الثاني عشر: الآثار التربوية لتوحيد الأسماء والصفات.
الثالث عشر: فوائد دراسة التاريخ الإسلامي.
الرابع عشر: مفهوم الوقت وأهميته، وكيف نستغله؟
الخامس عشر: مفهوم الإيجابية وخطورة السلبية.
السادس عشر: مفهوم سد الثغرة.
السابع عشر: جنسية المسلم عقيدته.
الثامن عشر: المنافقون؛ خطورتهم وأساليبهم.
التاسع عشر: تميز المسلم عن الكفار وأهل الفسق.
العشرون: المستقبل لهذا الدين.
الحادي والعشرون: مفهوم الجماعية، وأهميته في تحقيق الواقع في الإسلام.
الثاني والعشرون: وجوب مفاصلة أهل الكفر والبدع والمنكرات.
الثالث والعشرون: العبادات الفردية، ووسائل تقوية الصلة بالله.
الرابع والعشرون: مفهوم لا إله إلا الله، ومعنى الشهادتين.
الخامس والعشرون: مفهوم العبادة الواسع، واحتساب الأجر في جميع الأفعال.
السادس والعشرون: الأخلاق الإسلامية، وكيفية اكتسابها؟
السابع والعشرون: أهمية الصحبة الصالحة، وأضرار رفقة السوء.
الثامن والعشرون: مفهوم الابتلاء العام، وأن الله خلقنا ليبلونا أينا أحسن عملاً، وما هي شروط العمل الصالح؟
التاسع والعشرون: الصبر على المحن والفتن في الدين.
الثلاثون: أهمية العلم الشرعي؛ فضله .. وسائل اكتسابه .. المنهج والمزالق.
الحادي والثلاثون: الولاء والبراء.
الثاني والثلاثون: أهمية الدعوة إلى الله؛ حكمها ووسائلها.
الثالث والثلاثون: الانتباه من تحول العبادات إلى عادات، وكيف نحافظ على أثر العبادات، ونمنع تحول عبادتنا إلى عادات ليس لهذا أثر.
الرابع والثلاثون: مفهوم القدوة؛ أهميتها .. الاستفادة منها.
الخامس والثلاثون: الاستشارة وعدم الفوضى.
السادس والثلاثون: الجدية في الالتزام بهذا الدين.
السابع والثلاثون: تنقية الالتزام، وأهمية أن يخلع المسلم على عتبة الإسلام جميع أردية الجاهلية.
الثامن والثلاثون: اقتضاء العلم بالعمل.
التاسع والثلاثون: أعمال القلب: المراقبة .. الإخلاص .. الصبر .. الخوف .. الرجاء .. المحبة .. إلى آخره.
الأربعون: مفهوم: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه).
الحادي والأربعون: الأوليات وتقديم الأهم، والواجبات أكثر من الأوقات.
الثاني والأربعون: الدقة والتثبت.
الثالث والأربعون: منهج التلقي، وتقديم قول الله ورسوله على قول كل أحد.
الرابع والأربعون: الالتزام بالدليل وعدم التعصب.
الخامس والأربعون: الالتزام بالسنة.
السادس والأربعون: دارسة مبسطة عن أسباب اختلاف العلماء حتى لا يتذبذب الشخص، ويقول: ما بالهم اختلفوا؟ وماذا نفعل؟ ونحن متحيرون ومضطربون.
السابع والأربعون: أهمية الوعي بالواقع، والانتباه لمواجهة كيد أعداء الإسلام.
ومن الأمور المهمة في طرح هذه المفهومات والتصورات: حسن عرضها، وعدم تكديسها، وأهمية تطبيقها في الواقع.
وكل مفهوم من هذه المفهومات يحتاج إلى درسٍ لشرحه أو أكثر، ونحن أجملناها هنا وهناك غيرها، وهذا على سبيل المثال حتى نعلم -أيها الإخوة- أن الاستقامة على شرع الله والالتزام ليست مسألة سهلة، وليست قضية مظاهر، وحتى نعلم أيضاً: لماذا يوجد هناك كثير من الإخوان الملتزمين بشرع الله ليس لهم أثر في الواقع؟ لماذا؟
لأنه فارغ من التصورات الإسلامية، ليس عنده ما يعطيه لغيره، لو جلست مع واحد قال: لا تسمع الأغاني، لا تنظر إلى المحرمات، صل في المسجد، لا بد من اللحية، فهذه أشياء معينة محدودة، فلا تجد الناس يتأثرون به، ولا تجد له وزناً في الواقع، ما الذي يعطيك الوزن في الواقع؟ وما الذي يعطيك الأثر في الواقع؟ إن هي إلا التطبيق العملي للتصورات الإسلامية، وهذا مما يفيد أهمية معرفة هذه التصورات بأدلتها وواقعها في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة، والمسلمون والانطلاق لتطبيقها في الواقع، وإلا أصبحت شخصاً فارغاً هامشياً ليس لك دورٌ ولا تأثير.
زيد اشترى سيارة بخمسين ألف ريال بالأقساط؛ كل شهر يدفع كذا، هل يجوز أن يبيعها إلى عمرو من الناس، مثلاً: بعشرين ألف ريال نقداً بعد أن استعملها فترة على أن يتكفل الشخص الثاني الذي هو عمرو في هذه الصورة بتسديد باقي الأقساط على الشركة؟
الجواب: فكان جواب الشيخ محمد بن صالح العثيمين على هذا السؤال: لا بأس بذلك إذا كانت الأقساط الباقية معلومة، يعني: الشيء الذي يسدده الشخص الثاني للشركة معلوم كم هو، ويلتزم بتسديده.
الجواب: فسألت عنه كلاً من الشيخ محمد ناصر الدين الألباني حفظه الله فقال: أفتي بأنه لا بأس به إذا لم يكن أمام غير المحارم ولا يشف عما لا يجوز للمحارم أن ينظروا إليه، ويدخل في ذلك طبعاً عموم النساء؛ لأن المرأة لها عورة أمام أختها أقصد أمام أختها المرأة.
وأجابني كذلك الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن هذا السؤال: لا بأس لبس الثوب الأبيض في الأعراس للمرأة، لا بأس إذا لم يشبه ثياب الرجال، ولا ثياب الكافرات.
فسألته: ما معنى: أنه لا يشبه ثياب الكافرات؟
فقال: أي: لا يكون من خصائص الكفار.
فسألته: إذا كان تصميمه قد جاء من الكفار، لكنه انتشر في بلاد المسلمين، ولم يصبح خاصاً بالكفار؟
فقال: يزول حكم التشبه، ويجوز لبسه.
لكن طبعاً: لبس الثوب هذا ينبغي أن يكون خالياً من المحاذير الشرعية، مثل: أن يكون ضيقاً، أو يجسد منطقة العورة، أو يكون له ذيل طويل يسحب ثلاثة أمتار ويرفعها ويحملها وراءها شخص أو أشخاص؛ فهذا طبعاً من الكبر والاختيال، فالمرأة رخص لها شبر أو شبران تسحب على الأرض حتى لو جاءت الريح لا تنكشف قدماها من أسفل الثوب، وأما هذه السحبة الطويلة الموجودة في بعض تصميمات أثواب الأعراس فهي غير جائزة؛ لأن فيها الاختيال والكبر، أو هي الإسبال عند المرأة، الرجل يسبل إذا نزل عن الكعبين، والمرأة تسبل إذا زادت عن الشبر والشبرين وصارت تسحب بشكل طويل على الأرض فهذا إسبال في حقها لا يجوز.
الجواب: فكان جواب الشيخ محمد بن صالح العثيمين على هذا السؤال: لا يجوز البيع في المسجد، ولو كان بهذه الصفة، يمكن أن يوضع خارج المسجد ويباع، لكن داخل المسجد فلا، ولو كان مشروعاً خيرياً.
وأجابنا كذلك الشيخ محمد ناصر الدين الألباني عن نفس السؤال بنفس الجواب، إلا أنه قال: إذا كان يوجد مكتبة في المسجد، وكان بابها من خارج المسجد ليس من داخل المسجد فإنه ربما يجوز البيع فيها، لكن إذا كانت المكتبة داخل المسجد وبابها في المسجد فإن حكمها حكم المسجد ولا يجوز البيع فيها.
الجواب: أجاب الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله: لا يجوز ذلك، وهو وكيل موظف في الشركة وهو يشتري على أساس أنه للشركة وليس له، فلا يجوز أن يأخذ شيئاً، ولو أخذ تخفيضاً فيذهب التخفيض للشركة ليس له هو؛ وهذا أمر متفشٍ جداً اليوم بين مأموري المشتريات فإنهم يذهبون إلى الدكاكين ويشترون للشركة؛ وهو موكل، ومؤتمن، فيأخذ منهم يقول: هات أتعابي، أو هات نقوداً لأني اشتريت من عندك والفاتورة باسم الشركة.
أنا أسألكم الآن: شخص صاحب بيت يحتاج مواد للبناء ذهب إلى مكان بيع مواد البناء، فقال له: كم تبيع لي مثلاً كذا حديد؟ فقال مثلاً: أبيعك بعشرة آلاف ريال، فالمشتري يشتري لنفسه، هو صاحب البيت، قال: أعطني خصماً وإلا أشتري من عند غيرك، فأخذ مثلاً: تسعة آلاف وخمسمائة. فما هو الحكم؟
الجواب: هذا جائز. لأنه هو صاحب الشأن، وهو يشتري لنفسه، ولذلك هو المستفيد، ولذلك فإذا أخذ التخفيض له فلا بأس، لأنه هو صاحب الشأن.
وهذا سؤال أيضاً يقول: أمنيتي في الحياة أن أتوب من عمل هذه العادة التي أصبحت مدمناً عليها، حتى أنني أتوب كثيراً وأعود إليها، مع أني أعبد الله وأذكره وإن كنت مقصراً. والآن أريد الحل والطريق إلى التوبة النصوح التي ليس بعدها رجعة بأمثل السبل وأيسرها؟
وهذا سؤال يقول: كنت في الجاهلية أعمل فواحش ولما رأيت أحد الذين كنت معهم في هذه الفاحشة وما زلت أرافقه حتى كاد أن يوقعني في هذا الذنب، فتركته وذهبت لأعمل هذه العادة. فما هو الحكم؟ وكيف أتخلص منها؟
هذه أسئلة كثيرة جداً عن موضوع: العادة السيئة؟
الجواب: وهذه حقيقةً مشكلة من المشاكل التي تحتاج إلى معالجة، واعلموا -أيها الإخوة- أن كل مشكلة لها علاجان:
علاج علمي، وعلاج عملي:
فالعلاج العلمي:
أولاً: أن تعرف حكم هذه المسألة.
ثانياً: أن تعرف الأضرار المترتبة عليها. فلو عرفت الحكم وعرفت الأضرار هذا جزء من الحل.
ثم العلاجات العملية التي يمكن أن تتخذ.
وأنا أجمل لهؤلاء السائلين شيئاً من هذين العلاجين:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كلامٍ له عن حكم الاستمناء، وهذا الكلام بعد الكلام على قول الله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ [المؤمنون:5-6]، واستنباط الإمام الشافعي رحمه الله ومن تبعه من أهل العلم: أنه لا يجوز استعمال هذه العادة؛ لأن الله تعالى أمر بحفظ الفرج إلا عن الزوجة وملك اليمين وهذا لم يحفظها لما وقع في هذه العادة.
فقال شيخ الإسلام رحمه الله وكذلك من أباح الاستمناء عند الضرورة: فالصبر عن الاستمناء أفضل فقد روي عن ابن عباس : [أن نكاح الإماء خيرٌ منه، وهو خير من الزنا] فإذا كان الصبر عن نكاح الإماء أفضل، فالحر لا يصح أن يتزوج أمة إلا إذا عجز تماماً فإذا كان الصبر عن نكاح الإماء أفضل فعن الاستمناء بطريق الأولى أفضل. لا سيما وأن كثيراً من العلماء أو أكثرهم يجزمون بتحريمه مطلقاً؛ وهو أحد الأقوال في مذهب الإمام أحمد ، واختاره ابن عقيل في المفردات، والمشهور عن أحمد أنه محرم إلا إذا خشي العنت، والثالث: أنه مكروه إلا إذا خشي العنت، فإذا كان الله قد قال في نكاح الإماء: وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ [النساء:25] ففيه أولى، الصبر في هذا، وذلك يدل على أن الصبر عن كليهما ممكن؛ لأن الله لا يأمر بالصبر عن شيء إلا إذا كان الصبر في طاقة البشر ويستطيعون أن يجاهدوا أنفسهم فيه.
فإذا كان قد أباح ما يمكن الصبر عنه فذلك لتسهيل التكليف. كما قال تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً [النساء:28].
والاستمناء لا يباح عند أكثر العلماء سلفاً وخلفاً؛ سواء خشي العنت أو لم يخش ذلك. وكلام ابن عباس وما روي عن أحمد فيه إنما هو لمن خشي العنت، والآن بعض الناس يقولون: ما هو العنت؟ لأن هذا مهم في معرفة حكم المسألة.
يقول شيخ الإسلام : لمن خشي العنت -وهو الزنا واللواط- خشية شديدة خاف على نفسه من الوقوع في ذلك، لأن بعض الناس يقول: أنا خشيت العنت، هو جالس في بيته ما عنده أحد يقول: أنا خشيت العنت، لا. المقصود: أن الشخص يخشى أن يقع في الفاحشة خشيةً حقيقية ويكون سبيل الوصول إليها سهلاً جداً فهو يخشى على نفسه. هذا الذي رخص بعض أهل العلم له الاستمناء، فأبيح له ذلك؛ لتكسير شدة عنته وشهوته.
ويقول شيخ الإسلام : وأما من فعل ذلك تلذذاً، أو تذكراً، أو عادةً، بأن يتذكر في حال استمنائه صورة كأنه يجامعها فهذا كله حرام لا يقول به أحد؛ لا أحمد ولا غيره، وقد أوجب فيه بعضهم الحد، والصبر عن هذا من الواجبات لا من المستحبات. انتهى كلام شيخ الإسلام من فتاويه في المجلد العاشر.
ومن الأشياء المهمة في علاج هذه القضية: معالجة الأفكار والخواطر التي تطرأ في بال الإنسان، كل عمل اختياري يقوم به الإنسان هذا يأتي من الخواطر والأفكار، أي عمل تعمله الآن أول شيء يبدأ بالمرحلة الأولى وهو خاطرة تأتي في الذهن فإذا وقفت الخاطرة في الذهن وانشغل الذهن بها تتحول إلى فكرة؛ لأن الذهن بدأ يفكر فيها، ما طردها مباشرة بل بدأ يفكر فيها، ثم إن هذه الفكرة تتحول إلى تصور، يعني: تتصور المسألة الآن بشكل كامل في ذهنك، وهذا التصور ينشئ الإرادة؛ إرادة الفعل، وهذه الإرادة تتطور إلى عزيمة وهي الرغبة المشددة في الشيء، وهذه العزيمة تؤدي إلى الوقوع في الفعل، وإذا تكرر الوقوع في الفعل صار عادةً.
كلما عالجت الموضوع في مراحله الابتدائية كان أسهل في التخلص، وعدم الوقوع في الفعل، وكلما استمريت في هذه الخطوات يكون الحل أصعب، ولذلك لا بد للإنسان أن يعالج خواطره من البداية فيحرص على ألا يخطر بباله إلا الخير، وهذه الأعمال الحسنة التي نعملها هي عبارة عن لمة من الملك، والأعمال السيئة التي نعملها عبارة عن لمة من الشيطان فهي من الشيطان، فأي شيء خير تفعله دلك عليه الملك المرافق لك أو أوعز به إليك، وأي عمل شر تفعله فإن الشيطان قد أوعز به إليك كما ورد في الحديث الصحيح.
يقول ابن القيم رحمه الله: فإذا جعل العبد فكره في ربه أنه مطلع عليه، ناظر إليه، عليمٌ بخواطره وإراداته وهمه، فحينئذٍ يستحيي منه، ويجله أن يطلع منه على عورة يكره أن يطلع عليها مخلوق مثله.
إن كلام ابن القيم مهم جداً، يقول: هذه الأفكار الرديئة في ذهنك افرض أن شخصاً الآن يستطيع أن يقرأ ماذا يدور بأفكارك من هذه الخواطر السيئة. ماذا تشعر أمامه؟
ستشعر بالخجل الشديد. فإذا علمت أن الله مطلعٌ على أفكارك وخواطرك فكيف ينبغي أن يكون شعورك؟
هذا هو البداية: الحياء من الله عز وجل، وبقدر هذه المنـزلة يبعد العبد عن الأوساخ والدناءات والخواطر الرديئة والأفكار الدنيئة، والخواطر والوساوس تؤدي إلى التفكير فيأخذ الفكر في التذكر، فيأخذه التذكر إلى الإرادة، فتأخذه الإرادة إلى الجوارح والعمل، وقد خلق الله النفس شبيهة بالرحى؛ الدائرة التي لا تسكن، ما هو الرحى؟
الطاحون الذي يطحنون فيه الحب، فالنفس البشرية شبيهة بهذا الطاحون.
فيقول ابن القيم في تشبيه جميل: وهذه النفس شبيهة بالرحى الدائرة التي لا تسكن ولا بد لها من شيء تطحنه، فإن وضع فيها حباً طحنته، وإن وضع فيها حصى طحنته، فمن الناس من تطحن رحاه حباً يخرج دقيقاً ينفع به نفسه وغيره وأكثرهم يطحن رملاً وحصىً وتبناً ونحوه فإذا جاء وقت العجن والخبز تبين له حقيقة عجينة. الله أكبر! جماع هذه التفسيرات، وهذه التحليلات النفسية لعلمائنا في غاية الأهمية.
يقول: الإنسان حسب الخواطر التي فيه؛ إن كان يغلب على ذهنه خواطر الخير دائماً إيعازات الخير فهو على خير عظيم، وإن كان الغالب على فكره وخواطره أنها شر فحالته حالة شر حالة سيئة، ولذلك أنت تأمل حالة بعض الناس، لو قلت له الآن: بماذا تفكر؟ ما هي الأفكار؟ هذا الذهن الإنسان مسئول عنه عن الخواطر عن هذا الفكر عن هذا العقل، لو قلت لواحد الآن: أنت يومياً بماذا تفكر؟
فبعض الناس يقول لك: أنا نفسي تراودني بالفاحشة، وبالسرقة، وبالرشوة، وأنا أفكر بالكذب، وأنا أفكر في الشهوات، فتحصل أن عامة ما يفكر به من الخواطر هي أشياء سيئة، ولذلك هذا الرجل على شفا هلكة، وأحياناً تجد بعض الناس يفكر: كيف أدعو فلاناً من الناس؟ كيف أدخل إلى قلبه؟ يفكر في مسألة علمية .. في حكم شرعي .. يفكر في تربية نفسه وأهله .. في مشكلات أولاده، إذا كان هذا الذي يفكر به الإنسان من الخير والصلاح فإنه على خير عظيم.
يقول ابن القيم رحمه الله: ودفع الخواطر أسهل من إصلاح الأفكار وإلا أصبحت الخاطرة فكراً جوالاً، وإصلاح الأفكار أسهل من إصلاح الإيرادات، وإصلاح الإرادات أسهل من تدارك فساد العمل، وتدارك ذاك أسهل من قطع العوائق وهي قطع العادات، وإياك أن تمكن الشيطان من بيت أفكارك وإرادتك فإنه يفسدها عليك، فإنه يفسدها عليك فساداً يصعب تداركه، ومثل ذلك كمثل صاحب رحى يطحن فيها جيد الحبوب فأتاه شخص معه حمل تراب وبعر وفحم وغثاء ليلقيه في الطاحون؛ فإن طرده استمر في طحن ما ينفع، وإن مكنه أفسد الحب وخرج الطحين فاسداً.
يقول: إذا كنت تفكر في أفكار جيدة وجاءتك فكرة خبيثة إذا تركت الشيطان يلقيها في ذهنك وتفكر فيها صرت مثل صاحب الذي يطحن الحب فجاء واحد أثناء الطحن بغثاء وبعر وفحم وطين وألقاه في الطاحون فيفسد عليه الحب، فاجتهد في دفع الخواطر.
نعود الآن إلى المسألة: يقول الإنسان: كيف أتخلص الآن من هذه العادة السيئة؟
واضح من كلمة عادة أنها وصلت بالمرحلة الأخيرة، فالسؤال ليس كيف أدفع خاطرة عمل هذه العادة؟ السؤال: كيف أتخلص من العادة السيئة؟ معناها: أنها صارت عادة؛ صارت الآن في أسوأ مرحلة، فالآن تدارك الموضوع صعب لكن لو قلت لك: من البداية ابدأ أول ما تأتيك الخاطرة بعمل العادة، تعوذ بالله من الشيطان، وفكر بالأشياء النافعة، فإن غلبت نفسك الأمارة بالسوء وتحولت إلى فكرة فاجتهد في قراءة شيء تدفع به تلك الفكرة، أو سماع شيء، وإذا صارت عزيمة أو إرادة فاخرج من المكان وامش منه لتعمل عملاً مفيداً كالتبكير للصلاة في المسجد، أو زيارة أخ في الله، أو حضور درس مفيد لتقطع على نفسك الوقوع فإذا باشرت العمل وبدأت فيه فمراقبة الله تجعلك تقف ولا تستمر، وتنفك عن هذا العمل وتقوم بعمل آخر، فإذا وقعت فيه فتب إلى الله عز وجل؛ هذا أهم علاج للعادة السيئة، تطور العلاج من مرحلة الخواطر إلى مرحلة العادة.
وهناك أشياء إيجابية يمكن فعلها وهناك أشياء سلبية لا بد من الامتناع منها لإكمال علاج هذه العادة.
فمن الأشياء الإيجابية:
أولاً: الزواج.
يجب أن تسعى إليه بكل وسيلة، ولو عجزت مادياً فقد أجاز أهل العلم لمن يخشى على نفسه الحرام ولا يجد مالاً للزواج أن يأخذ من مال الزكاة ليتزوج؛ شخص يخشى على نفسه الحرام ويجد عنتاً شديداً ما عنده مال ليتزوج، هل يجوز أن يأخذ من الزكاة؟
الجواب: نعم. يجوز أن يأخذ، والله تكفل بإعانة الناكح الذي يريد العفاف؛ بأن يسهل له قضاء دينه.
ثانياً: الصيام.
ولو واظب عليه الإنسان فلا بد أن ينكسر من شهوته شيء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك.
ثالثاً: إشغال النفس بالعبادات.
فبدلاً من أن تنفلت هكذا قم فصلِّ، اذهب إلى محاضرة أو درس أو حلقة علم، ولذلك شاب من السبعة الذين يظلهم الله في ظله منهم: شاب نشأ في طاعة الله؛ لأنه الآن مقر الغريزة تكبر عنده جداً، فكون هذا جاهد نفسه وانشغل بالطاعات والعبادات يستحق أن يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
خامساً: الانخراط في وسط الأخوة الإسلامية وتجنب العزلة.
وهذا الوسط يحميك من الوقوع في أشياء كثيرة، ولذلك يخطئ جداً من يعتزل إخوانه في الله ويقول: أبقى لوحدي، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، إذا لم يكن لك إخوة يذكرونك، ويشغلونك بالطاعات، وتتواصى معهم بالحق والصبر، ينصحونك إذا ضعف إيمانك، كيف تعيش؟
سادساً: الانهماك في الدعوة والعمل لله، بحيث لا يصل الإنسان إلى فراشه إلا متعباً منهكاً يجر أقدامه من التعب في طاعة الله.
وكذلك يمكن أن يمارس هذا الشاب أشياءً من الرياضات النافعة في مثل الرحلات المفيدة وغيرها، وهذا ما يبين فائدة الرحلات للشاب المسلم.
القسم الثاني: الامتناع عن السلبيات للتخلص من هذه العادة، مثل: تجنب الوحدة في النوم. فإن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيت الرجل لوحده؛ وفيها حكم لا تخفى، ومنها: الاستفادة في علاج هذه المسألة.
وكذلك معرفة أن تمثل صورة معينة في النفس حكمه حرام؛ فلو أتى شخص وقال لك: أنا أتصور شخصية معينة، أو امرأة معينة أتخيل أني أفعل فيها الفاحشة مثلاً، ما هو الحكم؟ نقول: لا يجوز؛ لأن تعيين شخصية معينة هو عمل يأثم عليه صاحبه.
وكذلك غض البصر؛ فغض البصر مهم جداً لأن الذين ينظرون إلى الصحف والمجلات وغلافات المجلات والمسلسلات والأفلام ويمشي في السوق وينظر في النساء هذا الرجل سهل جداً إذا خلا بنفسه يكون عنده مخزون هائل من الصور التي رآها في المجلات والمسلسلات والشوارع والأسواق يكون عنده مخزون كبير من الصور التي يستطيع أن يستحضرها ليساعده في العمل المحرم، فغض البصر مهم جداً في هذا العلاج.
وكذلك يشتكي بعض الناس الذين كان لديهم ماضٍ سيئ، يقول: إن الصور التي كنت أنظر إليها في الماضي لا زالت تراودني بين فترة وأخرى وتعاودني لكي تكون سبباً في وقوعي في هذه العادة المحرمة.
وهذه رسالة كنت قد كتبتها لشخصٍ وجه لي سؤالاً في هذا الموضوع اقتطف لكم منها هذه العبارات:
بعد السلام والتحية فاعلم أنني أحببتك في الله لما لمسته في كلامك من الحرص على تقوى الله ورضاه واجتناب عصيانه وسخطه.
واعلم أن في النفس ضعفاً لا يسلم منه بشر، ولكن يتفاوت الناس فيه إلى منازل بحسب إيمانهم ودرجتهم في التقوى، واعتياد النفس معصية يوجب غضب الله ما لم تتب وتستغفر وتجاهد في ألا تعود، فإذا عادت بالرغم من المجاهدة مع استمرار المجاهدة فالرجاء من الله الغفور الرحيم أن تدخل هذه النفس في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي يذنب فيتوب ويستغفر ثم يعود فيتوب ويستغفر ثم يعود فيتوب فيستغفر، فيقول الله عزوجل: (أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب -يأخذ بالذنب: يخاف من الله- قد غفرت لعبدي). وهذا إذا استمرت التوبة بشروطها.
وأحذرك -يا أخي- من اليأس والقنوط من رحمة الله فإني أعرف أناساً أذنبوا فظلوا يخافون من الانتكاس حتى وقعوا فيه؛ لأنهم يئسوا من رحمة الله وقطعوا الأمل به.
كما أحذرك من مزلق شيطانيٍ خطير: وهو أن يأتي إبليس إلى المسلم المذنب فيقول له: إنك وأنت على هذه المعصية وهذا الواقع السيئ لا تستحق أن تخالط وتساير هؤلاء النفر الطيبين من الشباب المؤمن؛ لأنك لست في مستواهم، ولا قريباً من منزلتهم، فلا يزال الشيطان بهذا الشاب حتى يبعده عن إخوانه فيكون هذا هو بداية المنعطف الخطير الحقيقي.
وأذكرك -يا أخي- بما قاله بعض أهل العلم: من أن المسلم الذي يجاهد نفسه على شهواتها ويغالبها أفضل من الذي لا توجد في نفسه هذه الشهوات أصلاً. وهذا أحد أوجه تفضيل صالحي البشر على الملائكة.
وبعد الوصية بالزواج وإن لم يتمكن فبالصيام، وما سبق أن ذكرناه من هذه العلاجات، بالرغم من كل العلاجات المقترحة فإن ذلك لا يعني أن المشكلة لن تقع نهائياً فإن حصل مع ذلك شيء فنعود إلى التذكير الأول بوجوب الاستغفار والتوبة بشروطها، ولو تكرر ذلك الذنب مراتٍ في اليوم الواحد، وفي النهاية فلو فشلت فتمسك بأمرين:
الأول: تجديد التوبة بعد كل ذنب ولو تبت عشرة آلاف مرة.
الثاني: الاستزادة من الأعمال الصالحة بتعويض النقص الحاصل بسبب هذه الذنوب.
وختاماً: أرجو من الله أن يعينني وإياك على أنفسنا وأن يوفقنا باجتناب الإثم والفواحش، والسلام.
هذه خلاصة كلام حول علاج العادة السيئة.
الجواب: فسألت عن ذلك الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله فقال: ما أعلم فيه شيئاً، الأصل أنه يحرم حتى على الرجل لكن ما دامت الحاجة موجودة فلأجل الحاجة يجوز، لكن بشرط عدم وجود فتنة فتحلق هي أو حلاق آخر، وإذا كانت تعرفه فهي أولى به.
الجواب: فكان جواب الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله: إذا كانوا يقتسمونه بنسبة حصصهم فلا أعلم مانعاً ولو كان المشتري منهم.
الجواب: فأجاب الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله: لا يترك الزواج، لا يمنع الزواج هذا ولو قال الطبيب ذلك فليس الطبيب عالم غيب.
الجواب: فأجاب الشيخ حفظه الله: يعزي أهل هذا الميت الكافر، لكن لا يدعو له ولا يستغفر له، يعني: يمكن أن يقول لهم مثلاً: اصبروا، أو يقول: هذا نهاية كل حي، أو يقول: إن لله ما أخذ ولله ما أعطى، لكن لا يقول: اللهم اغفر له وارحمه وعافِه واعف عنه؛ لأنه لا يجوز الدعاء للكافر.
الجواب: قال الشيخ ابن باز حفظه الله: ليس لها أصل وهي أقرب للبدعة، لم يرد أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يختم بصدق الله العظيم ولا الصحابة فهي أقرب للبدعة.
ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا وإياكم على طاعته، وأن يفقهنا في دينه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر