إسلام ويب

جسر الأهوالللشيخ : محمد المنجد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • جهنم مصير الكافرين والفاجرين نعوذ بالله منها، يضرب بين ظهرانيها جسر وهو الصراط، سيمره جميع الخلق، وهذا الصراط له صفات تشيب لها رءوس الولدان، فمن صفات هذا الصراط، أنه يضرب في ظلمة جهنم، وأن له كلاليب وخطاطيف تخطف الناس، وحده ودقته كحد السيف. والناس على الصراط بين ناجٍ وهالك، أما الناجون فبين ناج مسلم وبين ناج مخدوش، وأما الهالكون فبين هالك مكردس، وهالك منكوس في نار جهنم، فالعدة العدة لذلك الأمر الجلل.
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].

    أما بعـد:

    فإن يوم القيامة يوم عظيم.. يوم كان شره مستطيراً، وكان يوماً عبوساً قمطريراً، وطول ذلك اليوم خمسون ألف سنة، ذكره الله لنا في كتابه لنحذر شره، وذكَّر عباده به ليستعدوا لذلك اليوم لئلا يقول أحد: يا رب! لم تخبرني بما يكون فيه، فقد أخبرنا الله بالتفصيل في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وقد سبق أن ذكرنا في خطبة ماضية الحشر وبعض ما يكون فيه، وسنذكر في هذه الخطبة -إن شاء الله- أمراً واحداً من الأمور التي تكون في ذلك اليوم، وهو الصراط.. ولا شك أن التفكر في أهوال الآخرة هو الضامن لإصلاح النفوس وتغيير الحال إلى الأفضل.

    العظة باليوم الآخر هي التي تغير سلوك الناس.. توقظ الغافلين، وتنبه السادرين في غيهم.

    عباد الله: إذا جمع الله الأولين والآخرين، وحُشِرَ الناس، وأخذ بالكفار إلى النار، يبقى من ينتسب إلى الإسلام ينتظرون الله تعالى، فيأتيهم الله عزَّ وجلَّ في صورة غير صورته -كما جاء في صحيح البخاري- يمتحنهم، والمؤمنون يعرفون ربهم، فإذا جاء في صورته سجد المسلمون الذين كانوا يسجدون لله في الدنيا؛ لأنهم عرفوا ربهم، وأما المنافقون الذين كانوا يسجدون رياءً يجعل الله ظهر الواحد منهم طبقاً واحداً فلا يستطيع السجود، وهذا الامتحان لكشف المنافقين من المؤمنين، ثم إن الله تعالى يدعوهم فيتبعونه، فيأخذهم الله عزَّ وجل إلى شفير جهنم، ويستشفع النبي صلى الله عليه وسلم، فيأُذن بضرب الجسر على متن جهنم، وهو الصراط.

    فالصراط: هو الجسر الممدود على متن جهنم، وهو الطريق الذي سيعبر عليه الناس، والصراط حتم واجب الإيمان به، قامت الأدلة عليه من الكتاب والسنة، قال الطحاوي رحمه الله في عقيدة أهل السنة والجماعة: ونؤمن بالبعث وجزاء الأعمال يوم القيامة، والعرض والحساب، وقراءة الكتاب، والثواب والعقاب، والصراط والميزان، فالميزان من عقيدة أهل السنة والجماعة لا بد من الإيمان به.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087720125

    عدد مرات الحفظ

    773699536