إسلام ويب

المؤاخاة بين المهاجرين والأنصارللشيخ : محمد المنجد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • في بداية هذا الدرس تحدث الشيخ عن هجرة اليهود من بلاد الشام، وعن هجرة العرب من اليمن إلى المدينة، ثم عرض لهجرة النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف واجه هو وأصحابه المشركين حيث حاولوا قتله عليه الصلاة والسلام، وحاولوا منع الصحابة من الهجرة، كما ذكر أهمية الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام. ثم انتقل الشيخ إلى الحديث عن المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار وفوائدها.

    1.   

    المدينة قبل الإسلام

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم بارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    وبعـد:

    فسنتحدث -أيها الإخوة- في هذه الليلة -إن شاء الله- عن موضوع من موضوعات سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وبعض ما يستفاد منها، وهو: "المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار" التي حصلت في المجتمع المدني عند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة .

    أما المدينة وكان اسمها القديم يثرب فكانت واحة خصبة التربة تحيط بها الحرات من جهاتها الأربع، وأهمها: حرة واق من الشرق، وحرة الوبرة في الغرب.

    وكانت حرة واق أكثر خصوبة وعمراناً من حرة الوبرة، ويقع جبل أحد شمال المدينة ، وجبل عير في جنوبها الغربي، وتقع فيها عدة وديان أشهرها وادي بطحان ومذيميم ومأزور والعقيق، وهي تنحدر من الجنوب إلى الشمال حيث تلتقي عند مجمع الأسيال من رومة.

    اليهود وهجرتهم إلى المدينة

    استوطن اليهود يثرب ، وجاءوا إلى الحجاز عامة نازحين من الشام في القرنين الأول والثاني بعد الميلاد، عندما هيمن الرومان على بلاد مصر والشام ، فأدى ذلك باليهود إلى الهجرة إلى شبه جزيرة العرب ، ووصلوا إلى يثرب على مجموعات واستقروا بها، ومنهم يهود بني النضير وبني قريظة، واستقر يهود بني النضير وقريظة في حرة واق وهي أخصب بقاع المدينة ، وكذلك جاء بنو قينقاع الذين قال بعض المؤرخين: إنهم كانوا عرباً تهودوا، وقال بعضهم: إنهم كانوا يهوداً أصليين، وغير هؤلاء من اليهود، مثل بني عكرمة ومحمر وزعورة والشطيبة وجشم وبهدل وعوف وغيرهم.

    وكان عدد هؤلاء بالمئات، حتى إن المؤرخين قد ذكروا أن المقاتلين من بني قينقاع كانوا سبعمائة، ومثلهم تقريباً من بني النضير، وما بين السبعمائة والتسعمائة من بني قريظة، فالمقاتلون من يهود القبائل الثلاث يزيدون قليلاً على الألفين، وهناك غيرهم ممن يسكنون في أماكن متناثرة من يثرب .

    وقد خضع ذلك المجتمع لسيطرتهم قبل أن يقوى كيان العرب في ذلك الوقت، ونقلوا من الشام أفكاراً مثل: بناء الآطام وهي الحصون، حيث بلغ عددها في يثرب تسعة وخمسين حصناً، وكذلك حملوا معهم بعض الخبرات الزراعية والصناعية من بلاد الشام مما أدى إلى ازدهار البساتين في المدينة ، وكذلك تربية الدواجن والماشية، وبعض الصناعات الأولية كالنسيج والأواني، وكان على رأس الأعمال الاقتصادية التعامل بالربا الذي يتقنه اليهود في كل مكان.

    هجرة العرب إلى المدينة

    بالنسبة للعرب فإنهم قد جاءوا من اليمن وسكنوا يثرب وهم الأوس والخزرج، وكانوا بعد اليهود؛ لأن اليهود قد سبقوهم إلى ذلك المكان، وتملكوا أخصب البقاع وأعذب المياه، ولذلك اضطر الأوس والخزرج إلى سكن الأراضي المهجورة، وهم ينتمون إلى قبيلة الأزد اليمنية التي خرجت من اليمن إلى الشمال في فترات مختلفة، وبعض المؤرخين يقول: إن خروجهم كان بسبب انهيار سد مأرب وحدوث سيل العرم، وهي عقوبة ذكرها الله لـسبأ بسبب إعراضهم عن الحق.

    ولما هاجر هؤلاء الأزد واستقروا بـيثرب إلى جانب اليهود، وكان هؤلاء قد أحكموا سيطرتهم عليها -كما قدمنا- ويمكن أن يقدر عدد الأوس والخزرج من المقاتلين الرجال بأربعة آلاف وهو ما قدموه لجيش الفتح الإسلامي الذي فتح مكة .

    اليهود والكيد بين الأوس والخزرج

    وقد حاول اليهود الدفاع عن تسلطهم بتفتيت وحدة العرب من الأوس والخزرج، ولذلك أذكوا بينهم نار العداوة والحروب، وكان آخر معركة قامت بينهم هي يوم بعاث قبل الهجرة بخمس سنوات، حيث هزم الأوس الخزرج الذين طالما غلبوهم من قبل، ولجأت الأوس إلى محالفة بني النضير وبني قريظة.

    لكن هؤلاء المتنافسون من قبائل العرب فطنوا إلى خطورة الإجهاز على بعضهم البعض، فسعوا إلى المصالحة، حتى يكون هناك شيء من التوازن مع اليهود الذين يسكنون يثرب ، فاتفقوا على ترشيح رجل من اليهود، وهو عبد الله بن أبي بن سلول ليكون رجلاً متوجاً على الجميع في يثرب ، ولاشك أن هذه الوقائع قد ولدت شعوراً بالمرارة عند الطرفين، وكان عبد الله بن أبي على وشك تولي هذا الملك على الجميع بعد وقعة بعاث الذي قتل فيها أعداد كبيرة من الأوس والخزرج، وكانت هذه الموقعة تهيئة هيأها الله تعالى للنبي عليه الصلاة السلام قبل أن يأتي المدينة ، ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها: كان يوم بعاث يوماً قدمه الله لرسوله صلى الله عليه وسلم، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد افترق ملؤهم، وقتلت سرواتهم وجرحوا. قدمه الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في دخولهم الإسلام، فجاء على قوم متفرقين يلملمون جراحاتهم، قد قتل معظم ساداتهم.

    ولذلك كان هذا الحدث مما سهل قدوم النبي عليه الصلاة والسلام، وبروز المسلمين واجتماع الكلمة عليهم، ولو كانوا قوماً أقوياء متحالفين من الأصل لربما كان دخول المسلمين بينهم صعباً، فكان يوم بعاث منة من الله قدمها لنبيه صلى الله عليه وسلم.

    هذه لمحة سريعة عن حال يثرب قبل قدوم النبي عليه الصلاة والسلام، ولاشك أن الشائع عندهم عبادة الأصنام والأوثان، وكانت عندهم العادات الجاهلية السيئة، وكذلك كان عندهم الظلم والبطش والبغي، ولا يوجد عندهم انضباط في أخلاق أو في عادات تهيمن عليهم، ولذلك كان الغالب عليهم الفوضى.

    وكان كذلك من الأمور المتفشية الربا وأكله، والخمر وشربه، وغير ذلك من العادات السيئة، ولما حصلت الهجرة، وهو الحدث العظيم الذي أرخ المسلمون به تاريخهم، حيث جعل عمر رضي الله عنه العام الهجري هو الأصل، فأرخ المسلمون من الهجرة؛ لأنها كانت فعلاً البداية الحقيقية لظهور الإسلام؛ لأن المسلمين في مكة كانوا مستضعفين مغلوبين مقهورين، وكانت الهجرة هي الحدث الذي كان الانطلاقة القوية الحقيقية لانتصار الإسلام وهيمنة المسلمين في ذلك الوقت.

    1.   

    مبادرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالهجرة إلى المدينة

    وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة إلى المدينة ، بعدما صارت بيعة العقبة الأولى والثانية، وصار هناك قاعدة من الأنصار من أهل المدينة تنصر النبي صلى الله عليه وسلم، فهب المسلمون متفانين بالهجرة، وضحوا بأوطانهم وأموالهم وأهليهم استجابة لنداء الله ورسوله، حتى إن قريشاً لما اعترضت صهيباً الرومي بحجة أنه جمع أمواله من العمل في مكة ، ولم يكن له مال قبل قدومه إلى مكة ، ترك لهم أمواله وهاجر بنفسه، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ( ربح البيعأبا يحيى ).

    ومنع المشركون أبا سلمة رضي الله عنه من الهجرة بزوجته وابنه فلم يمنعه ذلك من الهجرة وحيداً تاركاً زوجته وطفله في مكة ، وقد ظلت زوجته أم سلمة تخرج كل غداة بالأبطح تبكي حتى تمسي نحو سنة، حتى تمكنت من الهجرة بابنها ولحقت بزوجها، وهكذا كانت الهجرة في ظروف صعبة، وكانت تمحيصاً لإيمان المؤمنين، واختباراً لقوة عقيدتهم واستعلاء إيمانهم، وقدم لنا أولئك المهاجرون درساً عظيماً في كيفية ترك المسلم أعز ما عنده من أجل الله ورسوله.

    كيف يهجر المسلم بلده التي يحن إليها والمكان الذي تربى فيه وترعرع وشب لله ورسوله؟ بل تركوا الأموال والتجارات وتركوا بيوتهم التي كانت لديهم مهاجرين إلى الله ورسوله، ولذلك كان المهاجرون فعلاً أعظم المؤمنين على الإطلاق في ذلك الوقت، وصاروا مؤهلين للاستخلاف في الأرض بما جعلهم الله تعالى في الرتبة العالية.

    اختار الله عز وجل لنبيه المدينة للهجرة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (قد أريت دار هجرتكم، أريت سبخة ذات نخل بين لابتين) فاللابتان هما الحرتان، الحرة الشرقية والحرة الغربية ، وبينهما الأرض ذات نخل، وهاجر المسلمون وتأخر النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر الصديق ، حتى أذن الله تعالى له بالهجرة.

    وقد أحس المشركون بهجرة المسلمين، فغاظهم ذلك فتعاقدوا على قتل النبي عليه الصلاة والسلام، ولكن الله عز وجل أعمى أبصارهم فلم يروه، فخرج هو وصاحبه الصديق إلى المدينة يقطعان الصحراء، والنبي عليه الصلاة والسلام كان في الثالثة والخمسين من العمر، والصديق في الحادية والخمسين، ومع ذلك فإنهما خرجا إلى المدينة مهاجرين، ووصلا المدينة وقد جعل الله للمسلمين فرجاً ومخرجا، مصداقاً لقوله تعالى: وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [النساء:100].

    ولذلك نعى الله عز وجل ولام الذين قدروا على الهجرة فلم يهاجروا، بقوله: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً * إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً [النساء:97-99] وعسى من الله موجبة، فإذا قال الله: عسى الله، أي: فإن هذا هو ما سيحدث.

    1.   

    أهمية الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام

    والهجرة بطبيعة الحال أمر مهم جداً؛ لأن المسلم إذا بقي بين الكفار فإنه سيكون من المعينين لهم ويكثر سوادهم، وينتفع المشركون بطاقاته وإمكاناته، في الوقت الذي يحرم المسلمون من هذا الرجل المسلم ومن طاقاته وإمكاناته، من صناعة وزراعة وخبرة حربية ونحو ذلك، بالإضافة إلى أن المسلم إذا جلس بين الكفار فإنه يتعرض للفتنة، بالإضافة إلى أنهم قد يجبرونه على الخروج معهم في الحروب وتكثير سوادهم، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (من جاء مع المشرك وسكن معه فإنه مثله) رواه أبو داود . وهذا يدل على وجوب الخروج من بين المشركين إذا كان هناك مكان للمسلمين يأوي إليه الشخص آمناً مستقراً.

    وفي حالة وجود بلد الإسلام الذي تطبق فيه شريعة الله تعالى، ويستقبل المسلمين لتكثير سوادهم وانتفاع البلد بهم، فإنه تجب الهجرة من بلاد الكفار إليه، وبعض المسلمين تأخروا عن الهجرة تحت ضغوط الأزواج والأولاد، فلما هاجروا بعد فترة ورأوا الذين سبقوهم من المهاجرين وقد تفقهوا في الدين، هموا بمعاقبة زوجاتهم وأولادهم، وكان ذلك سبب نزول الآية الكريمة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ [التغابن:14] ثم أمر الله تعالى بالصفح والعفو، وهذا يدل على أن الزوجة والأولاد قد يكونون من العوائق التي تعيق تقدم الشخص في الدين وتفقهه فيه، ولذلك يقول عليه الصلاة والسلام: (الولد مجبنة مبخلة مجهلة محزنة) مجبنة، أي: يريد الأب أن يجاهد في سبيل الله فيتذكر الولد وأنه يحتاج إليه ونحو ذلك فيقعد، يريد الأب أن ينفق في سبيل الله فيتذكر الأولاد، يقول: أولادي أحوج فلا ينفق، يريد أن يذهب لطلب العلم فيشغله أولاده عن طلب العلم فيبقى في جهل، محزنة: أي أن الولد يمرض -مثلاً- فيحزن الأب ويصيبه الكرب، وإذا كان الولد عاقاً فإن ذلك يكون الهم اللازم والمصيبة الكبيرة والحزن العظيم في نفس الأب.

    ولذلك حذرنا الله من الركون إلى فتنة الزوجة والأولاد، وأمر بمجاهدتهم في الله عز وجل، وأن نحملهم على طاعة الله تعالى: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6].

    واستمرت الهجرة من مكة ومن غير مكة إلى المدينة ، حتى إن المدينة ضاقت بسكانها المتزايدين وما يحتاجونه من القوت وخصوصاً بعد الخندق، فلما صارت وقعة الخندق وبانت قدرة المسلمين على الدفاع عن كيانهم أمام الأحزاب مجتمعين، ولم تعد المدينة بحاجة إلى مهاجرين جدد، نظراً لأنه قد صار فيها القوة الأساسية التي يمكن الدفاع بها عن البلد ككل، وحصل نوع من الازدحام في المدينة ، وصار هناك شيء من الشح في القوت والمسكن - طلب النبي صلى الله عليه وسلم من بعض المهاجرين بعد الخندق العودة إلى ديارهم قائلاً لهم: (هجرتكم في رحالكم) لأنه لم تعد هناك ثمة حاجة لإقامتهم في المدينة ، بل صارت المصلحة أن يقيموا في أماكنهم وقبائلهم وأحيائهم، في الدعوة إلى الله خارج المدينة لتوسيع رقعة الإسلام.

    ولكن ذلك لم يكن إيقافاً للهجرة؛ لأن الهجرة من مكة لم تتوقف إلا بعد الفتح، بقوله صلى الله عليه وسلم: (لا هجرة بعد الفتح) أي: لا هجرة من مكة إلى المدينة بعد الفتح؛ لأن مكة صارت دار إسلام، فلأي شيء يهاجر منها؟! فانقطعت الهجرة وما عاد هناك أجر للهجرة من مكة إلى المدينة ؛ وبذلك سقط فرض الهجرة إلى المدينة ، وبقي فرض الجهاد والنية.

    1.   

    المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار سببها وأهميتها

    وأدت الهجرة إلى تنوع سكان المدينة ، حيث صار فيها من الأحياء المختلفين غير الأوس والخزرج من العرب، وضم ذلك كله وحدة المسلمين، وكان أعداؤهم المنافقين واليهود، فانقسم الناس إلى ثلاثة أقسام: المؤمنين والمنافقين واليهود، لما اجتمع هذا العدد من المهاجرين في المدينة ، كان لابد من إيجاد حل لهؤلاء الوافدين القادمين الذين كثيرٌ منهم ما عندهم أموال ولا بيوت ولا مأوى، فجاء الحل الشرعي وهو المؤاخاة، واعتبر الإسلام المؤمنين كلهم إخوة، فقال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات:10] وأوجب عليهم الموالاة لبعضهم، والتناصر في الحق بينهم، وحصلت المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار.

    المؤاخاة بين المهاجرين أنفسهم

    وذهب بعض المؤرخين إلى أنه قد حصلت مؤاخاة في مكة بين بعض المكيين، وقد أخرج الحاكم وابن عبد البر بسند حسن عن ابن عباس أنه قال: (آخا النبي صلى الله عليه وسلم بين الزبير وابن مسعود) ولكن ذهب ابن القيم وابن كثير إلى عدم وقوع المؤاخاة بـمكة ، وأن المؤاخاة ما كانت إلا في المدينة ، وكذلك هو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الذي نفى وقوع المؤاخاة بين المهاجرين في مكة ، وخصوصاً ما روج من بعض الأخبار في المؤاخاة بين النبي عليه الصلاة والسلام وعلي ، ولأن المؤاخاة إنما كانت لإرفاق بعضهم بعضاً، وتأليف قلوب بعضهم على بعض، فلا معنى لمؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم لأحد، ولا لمؤاخاة مهاجري مع مهاجري.

    وابن حجر رحمه الله ذهب إلى أن النص إذا جاء فإنه لابد من الأخذ به، وأن هناك حكمة أخرى للمؤاخاة وهي: أن بعض المهاجرين كان أفضل من بعض بالمال والعشيرة والقوة، فآخا بين الأعلى والأدنى من المهاجرين أنفسهم، حتى يرفق الأعلى بالأدنى، ويستعين الأدنى بالأعلى، فآخا بين حمزة وزيد بن حارثة ؛ لأن زيداً مولاهم، وإن كان هناك مؤاخاة في مكة فهي شيء يسير، ولو كان هناك في المدينة مؤاخاة بين بعض المهاجرين، فهي حالات خاصة من مهاجر عنده إمكانات.

    المؤاخاة الأساسية بين المهاجرين والأنصار

    المؤاخاة الأساسية كانت بين المهاجرين والأنصار، وكانت المدينة بطبيعة الحال فيها الزراعة والصناعة التي لم يكن المهاجرون قد تمرسوا بشيء منها؛ لأن وظيفة المهاجرين الأساسية في مكة كانت التجارة؛ لأن مكة لم تكن بلداً ذات زرع.

    ثم إن هؤلاء المهاجرين لما قدموا إلى المدينة لم يستطيعوا ممارسة التجارة؛ لأن التجارة تحتاج إلى رأس مال، ولذلك لم يتمكنوا من شق طريقهم بأنفسهم في المجتمع الجديد، وكانت حياتهم في المدينة حياة صعبة، وكان الحنين إلى مكة شديداً، وأصابت المهاجرين حمى يثرب ، وهي وباء كان فيها، فالنبي عليه الصلاة والسلام دعا الله أن تنتقل الحمى إلى الجحفة ، ورفعت الحمى من المدينة ونزلت في الجحفة ، فهي المرأة السوداء التي رآها عليه الصلاة والسلام في المدينة في منامه.

    ودعا النبي عليه الصلاة والسلام الله عز وجل أن يحبب المدينة إليهم كحبهم مكة أو أشد، وبالفعل صارت محبة المهاجرين للمدينة شديدة، حتى إنهم بعد فتح مكة ما جلسوا في مكة ، وإنما رجعوا إلى المدينة ، ورجع النبي عليه الصلاة والسلام إلى المدينة ، مع أنها فتحت مكة ورجعت إليهم بيوتهم ودورهم وأموالهم، ولكن مع ذلك بقيت محبة المدينة هي الأساس، فرجع النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه المهاجرون جميعاً إلى المدينة .

    المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار تحقيق للتكافل الاجتماعي

    الذي حصل أن العلاج السريع الذي كان يتطلبه الموقف في قضية الفقر الذي كان عند المهاجرين، ومشكلة النازحين إلى المدينة كانت تتطلب حلاً جذرياً وسريعاً، ولذلك شرعت المؤاخاة، ولم يبخل الأنصار بشيء من العون، بل مدوا أيديهم لإخوانهم، وضربوا الأمثلة الرائعة في التضحية والإيثار، كما قال الله تعالى في كتابه العزيز: وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ [الحشر:9] وقد بلغ كرم الأنصار حداً عالياً، حيث اقترحوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن يقسم نخلهم بينهم وبين المهاجرين، إلى هذه الدرجة؟! يعني يشاطره في ماله، نصفه لأخيه ونصفه يبقى له! ولكن المهاجرين ما كان عندهم علم بكيفية رعاية النخل؛ لأنهم ما كانوا أصحاب زرع في مكة ، ولذلك خشي عليه الصلاة والسلام أن لو انتقل إليهم النخيل تموت عندهم، لا يعرفون إدارتها، ولذلك أبقى النخيل للأنصار، ولكنَّ المهاجرين يشاركونهم في الثمرة.

    وبذلك صار هناك مورد طعام -لأن التمر طعام- للمهاجرين من خلال هذه المشاركة، وبدأ المهاجرون يتعلمون الزراعة والاهتمام بها، وجاء في الحديث أن عمر وصاحبه الأنصاري كانا يتعاونان في طلب العلم والقيام على الزرع، فـعمر ينزل يوماً وصاحبه يعمل، واليوم الذي بعده ينزل صاحبه وعمر يعمل، وهكذا صار هناك بداية لاستيعاب القيام بالنخل وما تحتاج إليه، وصار للزبير وغيره نخل، تعلموا وتدرجوا في التدريب على رعايتها.

    وابتنى النبي عليه الصلاة والسلام لأصحابه دوراً في أراضٍ وهبتها لهم الأنصار، وأراضٍ ليست ملكاً لأحد، ومع أن الأنصار قالوا: إن شئت فخذ منا منازلنا، فقال لهم عليه الصلاة والسلام: خيراً، ولما جاء هؤلاء المهاجرون ووجدوا هذه الرعاية الكريمة، قالوا: (يا رسول الله! ما رأينا مثل قوم قدمنا عليهم أحسن مواساة في قليل، ولا أحسن بذلاً من كثير، لقد كفونا المؤنة، وأشركونا في المهنة -أي: مؤنة النخل كفونا إياها، وأشركونا في المهنة: الثمرة والنتيجة- حتى لقد خشينا أن يذهبوا بالأجر كله، قال عليه الصلاة والسلام: لا، ما أثنيتم عليهم ودعوتم الله لهم).

    فإذاً لو أن إنساناً صنع لك معروفاً، فأنت أثنيت عليه ودعوت الله له، فإنه يبقى لك نصيب من الأجر، ولذلك من المحاسن في الدين الإسلامي أن الإنسان إذا صنع له أخوه المسلم معروفاً أن يقول له: جزاك الله خيراً، ويدعو له بخير.

    ورغم بذل الأنصار وكرمهم، فإن الحاجة كانت لا تزال إلى إيجاد نظام يكفل للمهاجرين المعيشة الكريمة، خاصة أن المهاجرين لا يريدون أن يشعروا أنهم عالة على الأنصار، فجاء نظام المؤاخاة في السنة الأولى الهجرية، قيل: بعد بناء المسجد أو أثناء بناء المسجد، أي: بعد هجرة النبي عليه الصلاة والسلام بأشهر، حيث عقد النبي عليه الصلاة والسلام عقد المؤاخاة بين الطرفين: المهاجرين والأنصار، فآخا بين كل مهاجري وأنصاري، مع أن الأنصار تبرعوا وأعطوا، لكن الأعداد زيادة على التبرعات، فحلت القضية بما يلي: كل أنصاري معه مهاجري، لا يوجد مهاجري ما عنده مكان ما عنده بيت ما عنده مال، إلا ويوجد أنصاري يقوم بالتآخي معه، وشملت المؤاخاة تسعين رجلاً، خمسة وأربعين من المهاجرين وخمسة وأربعين من الأنصار، ويقال: إنه لم يبقَ مهاجري إلا وقد آخا النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين أنصاري.

    وترتب على هذا التشريع حقوق خاصة بين المتآخيين كالمواساة، والمواساة هي: تقديم جميع أوجه العون، سواء كان عوناً مادياً أو رعاية أو نصيحة أو تزاوراً أو محبة، وحتى التوارث، كان إذا مات الأنصاري يرثه المهاجري، وإذا مات المهاجري يرثه الأنصاري، يرثه بالتآخي، واستمر هذا فترة من الزمن حتى نسخ ذلك بقول الله تعالى: وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ [الأنفال:75] فنسخ التوارث بين المهاجرين والأنصار، وكان مشروعاً يرثه تماماً إذا مات.

    1.   

    عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع والتآخي بينهما

    لقد طابت نفوس الأنصار بما سيبذلونه لإخوانهم من عون، ووصل الأمر لدرجة أن سعد بن الربيع الأنصاري يقول لـعبد الرحمن بن عوف المهاجري: إن لي مالاً فهو بيني وبينك شطران، ولي امرأتان فانظر أيهما أحب إليك، فأنا أطلقها، فإذا حلت -أي: بعد العدة- فتزوجها.

    إننا يسهل علينا أن نتصور أن يتنازل الواحد عن نصف ماله للآخر، لكن لا يسهل علينا على الإطلاق أن نتصور أن رجلاً يتنازل عن زوجة لآخر، ويطلقها من أجل الآخر؛ لأن العلاقة الزوجية قوية، وليس من السهل على الإنسان أن يتنازل عن زوجته، لكن لما صار الإيمان قوياً في قلوبهم، قال: هاتان زوجتاي -قبل فرض الحجاب- انظر أيهما أحب إليك، ليس الزوج هو الذي ينتقي إحدى زوجاته، أو يترك أقلهما تعلقاً بها وأقلهما محبة، لا. بل المهاجري هو الذي ينتقي، يقول: اختر أيهما تريد أطلقها لك.

    ولاشك أن ذلك كان آية من الآيات الدالة على تعمق الإيمان، وترسخ قواعد الأخوة في نفوسهم؛ لأن مثل هذا العمل لا يمكن أن يقوم به الشخص في الأحوال العادية، إلا إذا صار عنده إيمان ودين فعلاً، فإذا قارنت الآن بين هذا وبين ما يحدث الآن بين عامة المسلمين من أنواع الإيذاء وأكل الحقوق الواضحة للغاية، وهضم الحقوق المالية والاستيلاء عليها، والإيذاء بين الجيران والإخوان، والأشياء التي توجد فيها الأنانية والحسد والبغض، وسطو هذا على مال هذا، وإذا وجد هذا فرصة لأكل حق الآخر أكله دون أن يقصر، والأذية الموجودة لنعلم ما هو الفرق بيننا وبين الصحابة.

    عبد الرحمن بن عوف لما عرض عليه هذا العرض المغري لم يكن بالذي يوافق عليه، ويقول: طلق فلانة أو هات نصف المال، وإنما كان عفيفاً، والعفة مهمة، عفة النفس: أي: أن الإنسان لا يقبل بأعطيات الآخرين إذا لم يكن هناك شيء ماس، ولذلك قال عبد الرحمن لـسعد : بارك الله لك في أهلك ومالك، دلوني على السوق، فلم يرجع إلا بسمن وأقط قد أفضله، ذهب إلى السوق وهو رجل يحسن التجارة، باع واشترى، وباع واشترى، ورجع بفائض من سمن وأقط، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم عليه أثر صفرة بعد فترة، فقال: (مهيم؟ -ما الخبر؟- عليك أثر صفرة الزعفران -هذا ليس من شئون الرجال بل هو من شئون النساء- فقلت: تزوجت امرأة من الأنصار -هذا من نتائج احتكاكه بزوجته- فقال عليه الصلاة والسلام: أولم ولو بشاة) أمره أن يولم ولو بشاة.

    وتزوج عبد الرحمن بن عوف ، وكان المهر نواة من ذهب أصدقها لتلك المرأة، ونمت ثروته بعد ذلك ليصبح من كبار أغنياء المسلمين، وهذا فيه درس، أن الإنسان إذا كان صاحب خبرة وقدرة فلا يصلح أن يكون عالة على الآخرين، حتى لو تبرع له الآخرون، وحتى لو أعطوه وعرضوا عليه، تبقى عزة النفس عند الإنسان، صاحب القدرة بالذات أما غير صاحب القدرة وغير المتمكن يُعذر، لكن المتمكن يبقى الأفضل له أن يكون عصامياً بنفسه، وأن يكسب كسبه بيده، وهذا الذي فعله عبد الرحمن بن عوف -وهو التاجر الماهر- من الذهاب إلى السوق والكسب الحلال، وما فتح الله عليه أفضل من أن يكون عالة أو عبئاً على أخيه الأنصاري.

    بعد معركة بدر وزعت الغنائم وصار هناك شيء من الاكتفاء بالغنائم عند المهاجرين؛ لأن كثيراً من الذين خرجوا فيها من المهاجرين، وصار هناك شيء من الاكتفاء، فأُبطل نظام التوارث بين المتآخيين، بقوله تعالى: (( وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ )) لكن نسخ هذه الآية ليس نسخاً للمؤاخاة، وإنما نسخ للتوارث فقط، فقد بقيت المؤاخاة بالنصرة والرفادة والنصيحة، وبقيت العلاقة موجودة بينهم.

    ولذلك فإن التعاون والتناصح مستمر، ووردت أخبار تفيد التآخي بين أبي الدرداء وسلمان الفارسي رضي الله عنهما، مع أن سلمان أسلم بين أحد والخندق، ومع ذلك المؤاخاة استمرت بدون توارث، وكان سلمان له ملاحظات على أبي الدرداء صائبة أسداها له، وكان فيها خير عظيم على أم الدرداء وعلى بيت أبي الدرداء وعلى أبي الدرداء ، وهذه لما بين له حقوق الضيف وحقوق النفس وحقوق الزوجة، وكان هذا التآخي ينبع منه تقديم النصيحة، وهذه مسألة في غاية الأهمية، أن التآخي بين المسلمين ليس كلمة، وإنما هو شيء له واجبات ومتطلبات، ومنها بذل النصيحة، وتسديد وإصلاح شأن أخيه وحاله.

    1.   

    عقيدة الولاء والبراء عند الصحابة

    وكذلك فإن العقيدة هي الآصرة التي كانت تربط بين هؤلاء، وهذه القضية في غاية الأهمية، وهذا التآخي معبر عن اللحمة التي كانت هي نسيج المجتمع المسلم، وهي رابطة العقيدة، وأنها أقوى من رابطة القربى والدم والانتماء إلى أصل عرقي أو قبيلة من القبائل، ولذلك فإن المجتمع كله قد انصهر في هذه البوتقة -بوتقة العقيدة- وحصل نسيج واحد فيه تآلف وانسجام، وكان سبباً وعاملاً مهماً من عوامل النصر على الكفار.

    أبو عبيدة لما رأى أباه يقاتل في صف المشركين في بدر قصده فقتله، ورأى أبو حذيفة أباه المشرك وهو يسحب ليرمى في القليب بـبدر دون أن ينكر قلبه ذلك.

    وأما مصعب بن عمير فإنه رأى أخاه أبا عزيز بن عمير ، وكان أبو عزيز مشركاً خرج مع المشركين وأسر في المعركة، فـمصعب يقول للأنصاري الذي أسر أبا عزيز بن عمير: اشدد يدك عليه، فإن أمه ذات متاع لعلها تفديه منك. أي: إن له أماً تدفع، وهذا مع أنها أمه، وهذا المأسور أخوه، ولكنه مع ذلك يقول لأخيه الأنصاري المسلم: اشدد يدك عليه، واطلب الفدية العالية فإن له أماً تدفع.

    وأبو عزيز كان صاحب لواء المشركين بـبدر ، فـمصعب يقول هذا الكلام، فقال له أبو عزيز : يا أخي! أهذه وصايتك بي؟ فقال له مصعب : إنه أخي دونك. الأنصاري أخي دونك، أنت ليس بيني وبينك صلة.

    ولذلك فإن المنافقين حاولوا بشتى الوسائل أن يفصموا هذه العرى التي حصلت بين المهاجرين والأنصار، ولذلك كانت خطوة عبد الله بن أبي المنافق خبيثة للغاية جداً، حيث إنه لما سمع أن النزاع حصل بين المهاجرين والأنصار استغل الفرصة مباشرة، وقال: لقد كاثرونا في الأموال وفعلوا وفعلوا، إنما مثلنا ومثلهم كمثل القائل الأول لما قال: سمن كلبك يأكلك. صرفنا عليهم فلما تقووا قاموا يتحدوننا، وأوشك بسببه أن تحدث فتنة بين المهاجرين والأنصار، ولكن الله سلَّم.

    وولد عبد الله بن أبي اسمه عبد الله أيضاً، وهو الذي بلغت به العزة الإسلامية أن يقف على باب المدينة ويمنع أباه من الدخول، قائلاً له: [والله لا تنقلب حتى تقر أنك الذليل ورسول الله صلى الله عليه وسلم العزيز]؛ لأن عبد الله بن أبي بن سلول هذا المنافق، قال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، وولده مسلم سمع الكلام فسبقه إلى المدينة ، ووقف على الباب ومنع أباه من الدخول، حتى يعترف أنه هو الذليل والنبي عليه الصلاة والسلام هو العزيز، وهذا واضح جداً في الدلالة على قوة العقيدة، وأن الإنسان كان يفاصل أباه وأخاه وأهله وعشيرته في سبيل الدين، ما انتصروا إلا بذلك، لم يكن هناك مجاملات على حساب العقيدة.

    نوح عليه السلام لما نادى ربه قال: رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي [هود:45]، فقال الله: يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ [هود:46] فالاعتبار برابطة العقيدة، وليس بالأبوة ولا بالقبيلة، ما انتصر المسلمون الأوائل إلا بعدما تخلصوا من هذه الأشياء، من الرواسب الجاهلية، أو التعصب للقبيلة، أو التعصب للبلد والعلاقة العائلية، فكان تعصبهم إنما هو لله ورسوله، وقطعت الوشائج والعلاقات ولم يبق إلا علاقة الدين، ورابطة العقيدة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْأِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [التوبة:23-24].

    وقد فارق الصحابة الأهل والأموال والمساكن وهاجروا إلى الله ورسوله، فقام المجتمع قياماً صحيحاً مبنياً على العقيدة والولاء لله والرسول، والعلاقات أخوة بين المؤمنين: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات:10] وكانت المحبة هي أساس هذه الأخوة، وتمثل في ذلك المجتمع حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتواصلهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر).. (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).

    ولذلك لم يكن يبيت الواحد شبعان وأخوه المسلم جائع، لم يحصل ذلك، ولذلك كانوا يؤثرون على أنفسهم، ويعطي الواحد منهم أخاه عشاءه وعشاء أولاده، ويبقى هو وزوجته وأولاده جياعاً، بهذه الصورة قام المجتمع الإسلامي.

    1.   

    إنفاق الصحابة أحب أموالهم في سبيل الله

    وكان أبو طلحة الأنصاري أكثر أهل المدينة نخلاً، وأحب أمواله إليه بير حاء، وكانت أمام المسجد، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يدخلها ليشرب من ماء فيها طيب، فلما نزل قوله تعالى: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران:92] تفاعلت نفس الصحابي معها مباشرة، فجاء أبو طلحة إلى النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (يا رسول الله! إن الله يقول: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران:92] وإن أحب أموالي إليّ بير حاء -هذه أنفس شيء عندي- وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها -يا رسول الله- حيث أراك الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك مال رائح) أي: أجرها يروح ويغدو عليك، وفي رواية: (هذا مال رابح) ربح هذا الاستثمار. وأشار عليه صلى الله عليه وسلم أن يقسمها بين الأقربين.

    وقام بعد ذلك المهاجرون الذين اغتنوا بتوزيع الصدقات وكفالة المحتاجين، وقام عثمان رضي الله عنه بالتصدق بقافلة ضخمة، كما جهز جيش العسرة، وفي عهد الصديق حصل شيء من الضائقة بـالمدينة ، والناس ينتظرون المؤن، حتى التجار ليس عندهم سلع، فقدمت قافلة ضخمة لـعثمان ، توافق قدومها مع وقت الضائقة، وهي ألف بعير محملة بالبر والزيت والزبيب، فتوافد التجار على عثمان كل منهم يعرض عليه الواحد باثنين والواحد بثلاثة والواحد بخمسة، وهو يقول: أعطيت أكثر من ذلك، أعطيت أكثر من ذلك، أعطيت أكثر من ذلك، فقالوا: ومن الذي أعطاك، وما سبقنا إليك أحد، ونحن تجار المدينة ؟ قال: إن الله أعطاني عشرة أمثالها، ثم قسمها بين فقراء المسلمين كلها، مع أنه كان مستطيعاً أن يبيعها في وقت الحاجة والسوق يتطلب، بأضعاف مضاعفة، ومع ذلك جاد بها لله جل وعلا.

    عندما يحس الشخص في المجتمع أن عنده مسئولية تجاه جميع أفراد المجتمع، لدرجة أنه يمكن أن يفوته مكسب عظيم جداً من أجل إخوانه المسلمين في البلد، ويتصدق على كل الفقراء بقافلة هي ألف بعير، معناها أن مجتمعاً مثل هذا المجتمع لا يمكن أن ينهزم، ولذلك فتحوا الروم والفرس، وفتحوا أقوى بلاد العالم، وسقطت أقوى دولتين في العالم الفرس والروم بأيدي هؤلاء القوم، ولذلك نصرهم الله عز وجل.

    1.   

    أهل الصفة في المدينة

    كان من ضمن الأشياء التي حصلت في التكافل في المدينة أهل الصفة، فإن هؤلاء داخلون في عملية التكافل والأخوة، لكن دخولاً من نوع آخر، فقد قدم بعض المهاجرين وتكاثر قدومهم، وكثير منهم كانوا فقراء، مثل قوم أبي هريرة وغيرهم جاءوا فقراء محتاجين، كانوا يأتون أحياناً من قحط وشدة وجهد، وكان عليه الصلاة والسلام يرتب حلولاً لذلك، هذه هي الصعوبة، ترتيب الحلول لهؤلاء المحتاجين، ثم ليسوا واحداً أو اثنين، هم عشرات ومئات يأتون ولابد من إيجاد حلول، ولذلك خرجت فكرة الصفة.

    لما حولت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة بعد ستة عشر شهراً من الهجرة، بقي حائط القبلة الأولى في مؤخرة المسجد النبوي، فأمر النبي عليه الصلاة والسلام به فظلل، حائط القبلة القديمة كان جهة بيت المقدس ، فظلل أو سقف وأطلق عليه الصفة أو الظلة.

    وهذا الصُفة صارت مخصصة للضيوف القادمين الذين لا مأوى لهم، وكانت تتسع لعدد لا بأس به، حتى إنه حضرها مرة ثلاثمائة شخص في وليمة، وأول من نزل الصفة هم المهاجرون، ولذلك نسبت إليهم، فقيل: صفة المهاجرين، وكذلك كان ينزل بها الغرباء من الوفود الذين كانوا يقدمون على النبي صلى الله عليه وسلم معلنين إسلامهم وطاعتهم، وكان إذا جاء الواحد ولم يجد أحداً ينزل عنده ينزل مع أصحاب الصفة، وكان من ضمن أصحاب الصفة أبو هريرة رضي الله عنه. فأولاً نزل المهاجرون والغرباء، وكان بعض الأنصار بالرغم من أن لهم بيوتاً -مثل كعب بن مالك الأنصاري- يتركون بيوتهم وأهليهم ويبيتون مع أهل الصفة من باب المشاركة الوجدانية والشعور والإحساس، فهو يترك بيته وينزل بينهم.

    وكان يؤتى بالقنو من التمر يعلق على حبل في المسجد لأهل الصفة، كل واحد عنده طعام زائد يأتي به إلى أهل الصفة، وكل واحد عنده تمر أو رطب أو شيء يأتي به إلى أهل الصفة، كانوا أخلاطاً من القبائل، وكانوا يزيدون إذا قدمت الوفود إلى المدينة ، وكان ربما يصل عددهم إلى سبعين أو ثمانين أكثر أو أقل وهكذا.

    وكان هؤلاء عندهم فرصة للتفرغ للعلم والعبادة، حيث إن معيشتهم في المسجد، وكانوا في خلوتهم يصلون ويقرءون القرآن، ويتدارسون آيات الله تعالى، ويتعلم بعضهم الكتابة، واشتهر بعضهم بالعلم مثل أبي هريرة ، فـأبو هريرة هو ناتج من نتاج الصفة؛ لأنه ما كان عنده أهل أو أولاد أو بيت أو شغل أبداً، نازل في الصفة يصحب النبي عليه الصلاة والسلام على شبع بطنه فقط، ولكن همته ونهمته سماع الأحاديث، ولذلك صار هو أكثر صحابي روى أحاديث، مع أنه جاء في العام الثامن للهجرة، ومع ذلك له مرويات تقدر بخمسة آلاف حديث.

    أهل الصفة رهبان بالليل فرسان بالنهار

    ومن أهل الصُفة من كانوا رءوس المجاهدين، ومنهم الشهداء مثل خريم بن فاتك الأسدي ، وصفوان بن بيضاء ، وحارثة بن النعمان الأنصاري ، ومنهم من استشهد بـأحد مثل حنظلة الغسيل، ومنهم من استشهد بـالحديبية مثل: أبي سريحة الغفاري ، ومنهم من استشهد بـتبوك مثل: ذي البجادين ، ومنهم من استشهد بـاليمامة بعد ذلك مثل سالم مولى أبي حذيفة ، وزيد بن الخطاب ، فهؤلاء كانوا رهباناً بالليل وفرساناً بالنهار، وهؤلاء كانوا فقراء، وليس عندهم أردية، وربما لا يكون لأحدهم ثوبٌ تام، فيربطون في أعناقهم الأكسية أو البرد ويأتزرون بالأزر أو الكساء، فمنهم من يبلغ إزاره نصف الساق، وأحياناً قد لا يبلغ الركبتين، ولذلك كانوا يخجلون الظهور بملابسهم أحياناً، وتتسخ ملابسهم، ويتعرضون للغبار، ومع ذلك يصبرون لله تعالى.

    اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بأهل الصفة

    كان جل طعام أهل الصفة من التمر، حتى إنهم ربما اشتكوا أنه أحرق بطونهم، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ليستطيع أن يوفر لهم أكثر من ذلك، فصبرهم وواساهم، وكان كثيراً ما يدعوهم إلى طعام في بيته، إذا جاءه طعام دعا أهل الصفة.

    وقد جيء النبي صلى الله عليه وسلم مرة بإناء من لبن، فقال لـأبي هريرة : ادع أهل الصفة. فشربوا منه كلهم بمعجزة عجيبة حصلت للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان يطعمهم مما يأتيه، فمرة (حيس) وهو الطعام المطبوخ من التمر والدقيق والسمن، وجاءه مرة طعام مصنوع من شعير، وجاءه مرة شيء من اللحم، فكان يعطيهم ويقول لهم: (والذي نفس محمد بيده، ما أمسى في آل محمد طعام ليس شيئاً ترونه)، لا نخفي عنكم شيئاً.

    وكان أبو هريرة رضي الله عنه يصاب بالجوع الشديد، حتى إنه ربما كان يخر في الصلاة ويغشى عليه من الجوع، حتى يقول بعض الأعراب: إن هذا مجنون، وكان يصرع بين المنبر وحجرة عائشة لما به من الجوع، والناس يظنون أن به جناً، ولكن قلة الطعام هو السبب في خروره والغشيان عليه، وكان ربما لا يأكل الواحد منهم إلا التمرة أو التمرتين، ومع ذلك قنعوا بالقليل من الطعام والخشن من الثياب، وعافت نفوسهم النعيم، لأجل الزهد والعبادة وطلب العلم ونصرة الله ورسوله، والخروج في جيوش الفتوح، والجهاد في سبيل الله تعالى.

    وكان صلى الله عليه وسلم يقدر لهم هذه المواقف، فكان يزورهم ويتفقد أحوالهم ويكثر من مجالستهم، ويرشدهم ويوجههم إلى قراءة القرآن ومدارسته، وإذا جاءته صدقة سارع بإرسالها إليهم، وكذلك فإنه عليه الصلاة والسلام جاءته فاطمة فطلبته خادماً، فزار علياً وفاطمة في بيتهما، فوجدهما قد اضطجعا على فراشهما، فجلس بينهما وقال: (ألا أدلكما على شيء خير لكما من خادم؟ قالا: بلى يا رسول الله! فقال: إذا أخذتما مضاجعكما فسبحا ثلاثاً وثلاثين، واحمدا ثلاثاً وثلاثين، وكبرا أربعاً وثلاثين)، وقال لصهره وبنته: (لا أعطيكم وأدع أهل الصفة تلوى بطونهم من الجوع).

    وكان عليه الصلاة والسلام يحث الصحابة على الاعتناء بهم، فكان يقول: (من كان له طعام اثنين فليذهب بثالث -أي: من أهل الصفة- وإن أربعة فخامس أو سادس) فيمر أي صحابي عنده طعام فيأخذ واحداً من أهل الصفة يتعشى عنده، وآخر يمر ويأخذ واحداً آخر وهكذا، وكانوا يجيئون لهم بالماء ويضعونه بالمسجد، وبعض الصحابة من الأنصار ما عنده مال، فكان يذهب يحتطب ويبيع الحطب ويعطي ثمنه لأهل الصفة.

    اهتمام الصحابة بأهل الصفة

    واقترح محمد بن مسلمة الأنصاري أن يخرج كل واحد من أصحاب البساتين حين ينضج التمر قنواً -العذق بما فيه من الرطب- ويضعه لهم في المسجد، وكان معاذ هو الذي يحرس هذه الأقناء، وقيل: إنه نزلت فيهم آيات مثل قوله تعالى: لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ [البقرة:273] وهؤلاء هم الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي.

    فهذه صورة من الصور التي كانت في المجتمع المدني، تعبر لنا عن قضية التآخي الذي حصل بين المهاجرين والأنصار، واعتناء المجتمع بالفقراء من أهل الصفة، وهذه الصور هي درس بليغ جداً لكل مسلم يريد أن يطبق معاني الأخوة في نفسه، ويحس بإحساس إخوانه الآخرين، ويحرص على الجود بما يوجد عنده لإخوانه، وهذا من المعاني المفقودة أو النادرة مع الأسف بيننا، حتى إن الواحد لا يدري بحاجة الآخر، ولا يدري أصلاً أنه محتاج أو أنه جائع أو عليه ديون أو لا يجد مالاً ونحو ذلك، ولذلك ترى واقعنا من سيئ إلى أسوأ، وواقع الصحابة كان من نصر إلى فتح، وفتح مبين.

    نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل فيما ذكر دافعاً لنا لمزيد من تقديم العون لإخواننا، والشعور بشعورهم، وتطبيق مبدأ الأخوة الحقيقية، وتقديم آصرة العقيدة على كل الأواصر، وأن يكون المسلم الحقيقي ولو كان فقيراً ووضيعاً في النسب، يكون هو من أقرب الناس إلينا، وأقرب من إخواننا وآبائنا إذا كانوا هم أبعد عن الدين منه.

    والحمد لله رب العالمين.

    1.   

    الأسئلة

    حكم إعطاء الزكاة بصورة هدية

    السؤال: عندي زكاة مال، فهل يجوز أن تعطى للأخ أو لأحد الأقارب في صورة هدية؟

    الجواب: يمكن أن تعطيها له ولا يشترط أن تقول له أنها زكاة، لكن لا تكذب، إنما أعطه إياها ولا يشترط أن تخبره أنها زكاة، فتستطيع أن تقول: هذه من الله خذها، أو هذه لك مثلاً.

    الذي يفقد التمييز يسقط عنه التكليف

    السؤال: والدي أصيب بجلطة في الدماغ مؤخراً تسببت في عدم تحكمه في البول ونوع من التخريف، وقد صام الأيام السابقة من هذا الشهر بدون تعب أو مشقة لكن بدون صلاة، فهل يستمر أم نخرج عنه طعام مسكين؟

    الجواب: إذا فقد التمييز ووصل حد الخرف، سقطت عنه الصلاة والصيام، وسقط عنه التكليف بالكلية، وعند ذلك لا قضاء عليه ولا كفارة، ولا شيء عليكم؛ لأنه ليس مكلفاً، أما لو كان يعقل فيؤمر بالصلاة وبالصيام ولابد.

    حكم صلة الأرحام غير المحارم

    السؤال: هل تجب صلة الرحم عليّ لقريبة لي تعيش في مكان بعيد بزيارة زوجها والسلام عليه؟

    الجواب: نعم. على قدر المستطاع، وصلة المحارم غير صلة غير المحارم، فهي تختلف لأجل الحرية في الحديث والكلام معها، فكلما كانت أقرب كلما كانت الصلة أشد.

    حكم رفع الصوت عند القنوت بالدعاء

    السؤال: ما حكم رفع الصوت عند القنوت بالدعاء؟

    الجواب: لا ينبغي ذلك.

    حكم مراجعة المرأة للطبيب

    السؤال: هل يجوز للمرأة مراجعة الطبيب في قسم النساء في وجود ممرضة؟

    الجواب: إذا وجدت المرأة التي تفي بالحاجة فلا يجوز للمرأة المسلمة أن يكشف عليها الرجل، ولذلك ذكر العلماء الترتيب، أولاً: الطبيبة المسلمة، ثانياً: الطبيبة الكافرة، ثالثاً: الطبيب المسلم، رابعاً: الطبيب الكافر، فالطبيبة الكافرة تقدم على الطبيب المسلم، لأجل قضية الكشف على العورات.

    حكم الاستمتاع بالزوجة في نهار رمضان

    السؤال: ما حكم استمتاع الرجل بزوجته في نهار رمضان؟

    الجواب: إذا كان يملك نفسه فنعم، وإذا كان لا يملك نفسه فلا يجوز له ذلك؛ لأنه ذريعة إلى إفساد الصوم، وكل ما كان وسيلة إلى حرام فهو حرام، ولاشك أن إفساد الصوم حرام، فكل وسيلة تؤدي إليه فهي حرام، وأما المذي فإنه لا يفسد الصوم على الراجح، ولكن لا يجوز له أن يأتي بشيء يسبب خروجه.

    حكم التقبيل في الخد من غير الزوج

    السؤال: أنا امرأة متزوجة، أذهب لزيارة أخوالي في جدة ويتم السلام عليّ، فما حكم التقبيل على الخد مع المصافحة، وهذا يغضب الزوج؟

    الجواب: هذا يغضب الزوج إذاً لا تفعله، ثم إن هذا التقبيل منهي عنه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الرجل منا يلقى أخاه أيقبله؟ قال: لا. يعانقه؟ قال: لا. يصافحه؟ قال: نعم)، فالمعانقة وردت في القدوم من السفر، أما التقبيل لا، إلا تقبيل الأب لابنته والبنت لأبيها مثلاً، أو الرجل لأمه وهي تقبله أو لجدته، ويمكن أن يكون التقبيل على الرأس مثلاً، وأما الفم فإنه للزوج خاصة.

    حكم الجمعية المعمولة بين عدة أشخاص يأخذها كل مرة شخص

    السؤال: الجمعية المعمولة بين عدد من الأشخاص كل مرة يأخذها واحد، ما حكمها؟

    الجواب: الراجح جوازها إن شاء الله.

    حكم تأخير قضاء أيام من رمضان

    السؤال: أهملت بعض الأيام في خمس رمضانات، فما حكم ذلك؟

    الجواب: عليك بالقضاء، وإطعام مسكين عن كل يوم كفارة للتأخير.

    الجمع بين قوله تعالى: (أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً) وبين قول رسول الله: (لا هجرة بعد الفتح)

    السؤال: كيف يمكن الجمع بين قوله تعالى: أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً [النساء:97] و( لا هجرة بعد الفتح

    الجواب: ( لا هجرة بعد الفتح ) من مكة إلى المدينة ، ولكن الهجرة مستمرة إلى قيام الساعة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام عند القدرة.

    وقت التأمين للمأموم

    السؤال: متى يشرع التأمين للمأموم؟

    الجواب: إذا وصل الإمام إلى موضع التأمين وشرع يشرع المأموم.

    وجوب الزكاة في عروض التجارة

    السؤال: أسقط بعض المصنفين في الزكاة كتاب عروض التجارة.

    الجواب: هذا رأي ذهب إليه ابن حزم رحمه الله وتبعه بعض أهل العلم، ومن المعاصرين العلامة محمد ناصر الدين الألباني ، ولكن الراجح هو وجوب الزكاة في عروض التجارة ولاشك.

    حكم تعويد الطفل على الصيام إلى وقت الظهر أو العصر

    السؤال: ما حكم تعويد الطفل على الصيام فيفطر وقت أذان الظهر أو أذان العصر؟

    الجواب: إذا كان غير قادر على إتمام اليوم، فيؤمر بأن يصوم بين الصلوات.

    إخراج الزكاة من مدينة لأخرى

    السؤال: هل يجوز إخراج الزكاة من مدينة إلى أخرى؟

    الجواب: نعم. إذا وجدت حاجة كفقر قريب أو شدة.

    حكم الزكاة على المنزل المعد للسكن

    السؤال: هل هناك زكاة تجب على المنزل الذي أسكنه؟

    الجواب: لا.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    766792371