إخواني: إن موضوع هذه الليلة من الأهمية بمكان، وهو من المواضيع الجميلة التي هي من الأدب، والشريعة جاءت بالأدب، وهذا الدين قد جاء بالأدب، ولا شك أن مواضيع الأدب تزين المسلم، وتحثه على التخلق بالأخلاق الحميدة والفاضلة؛ لأن الإسلام يعتني بالمسلم من جميع الجوانب، ويريد الإسلام أن يميز المسلم بعقيدته وعبادته وأخلاقه وآدابه ومظهره.
وهذا الدين لا شك أنه أحسن الأديان وأفضلها وأعلاها، ولا شك أن هذه الشريعة هي خاتمة الشرائع، وأن ما جاء فيها هو أفضل ما جاء إلى أي أمة من الأمم من قبلنا.
وموضوع "أدب الكلام والمحادثة" أهميته في نقاط متعددة. فهو يحتاجه المسلم حتى إذا أراد أن يحادث ربه ويتكلم مع الله، وكذلك فهو يحتاجه في الكلام مع أهل العلم، ومع أصحابه وأصدقائه، ومع زوجته، وهو أدب يحتاج إليه في المجالس؛ لأن الناس اجتماعيون بطبعهم، وهم يختلطون ويتلاقون ويجتمعون ويتزاورون، فإذا عدم هذا الأدب -وهو أدب الكلام والمحادثة- صارت اللقاءات مضيعة للأوقات مجلبة للعداوة والشحناء والبغضاء، ليس فيها كبير فائدة، بل ربما انطوت على ضيق وهم وغم بسبب ترك أدب الكلام والمحادثة.
ولذلك جاء كلام السلف في حبس اللسان كثيراً، فمن ذلك قول ابن مسعود رضي الله عنه: [ما رأيت أحوج إلى طول سجن من اللسان] وقال الحسن: [ اعقل لسانك إلا عن حق تقيمه، أو باطل تدحضه، أو حكمة تنشرها، أو نعمة تذكرها ] ولذلك السلف -رحمهم الله- ألفوا في فضل الصمت تأليف، مثل ما فعل ابن أبي الدنيا -رحمه الله تعالى- وتكلم العلماء في مساوئ الإكثار من الكلام، والحث على التقليل منه، وأن الإنسان إذا عد كلامه ليوشكن أن يعرف ماذا يسود به من الصحائف -صحائف أعماله.
وكذلك لين الكلام، فإنه من الأخلاق الإسلامية، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (إن في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدها الله تعالى لمن أطعم الطعام وألان الكلام، وتابع الصيام، وصلى بالليل والناس نيام) فالشاهد قوله صلى الله عليه وسلم: (ألان الكلام).
كذلك إذا خاف ألا يسمع أحد تحذيراً مهماً أو علماً مهماً؛ فإنه يرفع صوته، كما رفع صوته صلى الله عليه وسلم لما تفرقوا وكانوا يتوضئون، وبعض الناس لم يهتم بغسل عقبيه، رفع صوته صلى الله عليه وسلم فقال: (ويل للأعقاب من النار) فيتبين أن رفع الصوت للحاجة مهم في بعض الأحيان ويكون مطلوباً، لكن غالباً في المحادثة مع الناس في المجالس كالأحاديث الفردية والثنائية والجماعية لا بد أن تكون بصوت منخفض.
ولا يجوز له مع ذلك أن يسكت عن تعليم جاهل أو تنبيه غافل، أو أمر بالمعروف أو نهي عن المنكر، فهو لا يزال يمشي بين تلك الضوابط.
ومن الأدلة والأمثلة الجميلة على أن الإنسان قد يريد أن يتكلم أحياناً، لكنه إذا فكر وعرف أن مصلحة الكلام أقل وأن مفسدة الكلام أكبر فيترك الكلام، هذا الحديث الذي رواه البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه : [لما تولى
ولذلك قال علي -كما روى البخاري تعليقاً-: [حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟] وهذا شيء يهم الخطباء والدعاة إلى الله عز وجل.
قال ابن شهاب : أخبرني عروة عن عائشة أنها قالت: (ألا يعجبك أبو فلان جاء فجلس إلى جانب حجرتي يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمعني ذلك وكنت أسبح -أتنفل- فقام قبل أن أقضي سبحتي، ولو أدركته -أي: هذا الراوي الذي يروي الأحاديث بسرعة بجانب حجرتي ليحدث الناس، لأن حجرة
ومعنى قولها: "لرددت عليه" أي: لأنكرت عليه وبينت له أن الترتيل والترديد والتؤدة والتمهل في الحديث أولى من السرد والإسراع، ومعنى قول عائشة : (لم يكن يسرد الحديث كسردكم) أي: أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن يتابع الحديث استعجالاً بعضه إثر بعض؛ لئلا يلتبس على المستمع، وفي رواية للإسماعيلي (إنما كان حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلاً فهماً تفهمه القلوب) أي: شيئاً تفهمه القلوب.
وروى أبو داود -رحمه الله تعالى- عن عائشة قالت: (كان كلامه صلى الله عليه وسلم كلاماً فصلاً -مفصولاً بين أجزائه وواضحاً- يفهمه كل من سمعه) وعند أبي داود -أيضاً- في الحديث الصحيح: (كان في كلامه صلى الله عليه وسلم ترتيل أو ترسيل)، والترتيل: هو التأني والتمهل في تبيين الحروف والكلمات، وهو والترسيل بمعنى واحد.
إذاً كان في عرض كلامه عليه الصلاة والسلام ترتيل وترسل وتأني، لكنه ليس بطئاً شديداً ينفر السامع؛ لأن بعض الناس عندهم بطء شديد في الحديث؛ بحيث أن السامع ينفر من سماعه.
فإذاً الإعادة لغرض التفهيم، فإذا فهمت لا يحتاج إلى إعادة، وإنما الإعادة للتفهيم.
وكذلك فإن الإعادة أقصاها ثلاث مرات، وقد جاء في الشريعة في أشياء كثيرة أن الغاية ثلاث مرات، فالاستئذان ثلاثاً، والطلاق ثلاثاً، وهنا يعيدها ثلاثاً؛ لكي يبلغ بها الغاية.
وأما الإعادة الكثيرة أكثر من ثلاث قد تمل؛ ولذلك قالت جارية لـابن السماك : ما أحسن كلامك إلا أنك تردده، قال: أردده حتى يفهمه من لم يكن فهمه، قالت: فإلى أن يفهمه من لم يكن فهمه يمله من فهمه -أي: إذا كررت كثيراً حتى يفهم الذي لا يفهم يكون الذي فهم قد مل من الترديد- فالمسألة وسط لا إفراط ولا تفريط.
وهذا أمر يغفل عنه كثير من الأئمة، كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا سوى الصفوف أقبل عليهم بوجهه فسوى الصفوف، وأمرهم بتسويتها، فيلتفت إليهم بوجهه، ولا يقول من مكانه: استووا واعتدلوا، وهو لا يعرف هل استووا واعتدلوا أم لا.
وكذلك مما يتعلق بهذه النقطة -أيضاً- ترك الكلام للأفقه، فإنه قد تحدث مناسبة تدعو للكلام فيود أحد الناس أن يتكلم، كأن تحدث حادثة تحتاج إلى تعليق، أو تحصل حادثة في المجلس أو في المسجد فيترك التعليق عليها للأفقه؛ لأن كل إنسان يريد أن يعلق، مثلاً: حصلت حادثة ولا بد من تعليق، فيترك للأفقه، مع أن كل الموجودين تدعو حاجتهم -أحياناً- إلى الكلام؛ لأن الأفقه والأعلم عنده مما نور الله به بصيرته ما يستطيع أن يقنع به الناس، ويكون تعليقه أولى من تعليق غيره، وكلامه أحسن من كلام غيره، وإليك الدليل:
لما مات النبي عليه الصلاة والسلام اختلف الصحابة فيمن يتولى الأمر من بعده، فقال الأنصار: نحن أولى، نحن كتيبة الإسلام، ونحن عماد الجيش الذين نصرنا الله ورسوله، فيكون الأمير والخليفة منا، فأوشكوا أن يبايعوا سعد بن عبادة ، فهذه حادثة كبيرة؛ ولذلك قال عمر -رضي الله عنه- لما تكلم الأنصار وقام خطيبهم فتشهد وأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: [ أما بعد.. فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام، وأنتم معشر المهاجرين رهط -أي: أنتم الأقلية ونحن الأنصار الأكثرية- وقد دفت دافة من قومكم، فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا، وأن يختصوا بالأمر من دوننا -وهذا معناه أن الأنصار يريدون أن تكون الخلافة فيهم- قال فكان من كلام أبي بكر: ما ذكرته فيكم من خير فأنتم له أهل -انظر إلى الحكمة في كلام أبي بكر !- ولن يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسباً وداراً، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم، فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح، وهو جالس بيننا، فلم أكره مما قال غيرها -أي: ما كرهت من كلام أبي بكر غير هذه الكلمة -ووالله لأن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك من إثم أحب إلي من أتأمر على قوم فيهم أبو بكر
ومثل هذا ما ورد في حديث أبي هريرة وزيد بن خالد (أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما: اقض بيننا بكتاب الله، وقال الآخر وهو أفقههما: أجل يا رسول الله، فاقض بيننا بكتاب الله وائذن لي أن أتكلم. قال: تكلم -أي: أن هذا من الأدب حيث قدم مقدمة واستأذن- قال: إن ابني كان عسيفاً...) إلى آخر القصة، وفيها رجم المحصنة التي زنت، وجلد الزاني غير المحصن، وإلغاء كل حكم باطل مخالف لما في الكتاب والسنة.
لكن الإنسان قد يحتاج إلى الإنصات في موضع يكون فيه أناس لا يذكرون الله؛ بل ربما يقعون في معاصٍ، فعند هذا يقوم أحدهم ويقول: يا أيها الإخوة! أنصتوا، عندنا فلان يريد أن يتكلم، أو نريد أن نسمع كلامه بدلاً من الكلام الفارغ، لكن الناس عندهم حديث مشترك قد اجتمعوا عليه، فلا تدخل عليهم فتقطع حديثهم، لكن انتظر، واجلس إليهم، وأنصت، فإذا طلبوا منك الحديث تحدث، فإن الإسلام آداب.
[وانظر السجع من الدعاء فاجتنبه فإني عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك ] أي: لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب ولا يتكلفون في الدعاء، ولا يأتون بالسجع المكروه المتكلف، الذي يضيع الخشوع في الدعاء، واستنبط منه ابن حجر -رحمه الله-كراهية التحديث عند من لا يقبل عليك، والنهي عن قطع حديث غيره، وأنه لا ينبغي نشر العلم عند من لا يحرص عليه، وأن يحدث من يشتهي سماعه لأنه أجدر أن ينتفع به.
وكذلك من الضوابط الشرعية في الحديث: أن الإنسان لا يجوز له أن يكذب، وهذا أمر مفروغ منه، ولكن هنا أمر يفعله بعض الناس: وهو الكذب لإضحاك القوم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم، ويل له، ويل له) أي: يكذب في الحديث من أجل الإضحاك أو التنكيت كما يقولون.
حسناً.. لو كان في المجلس عشرة فتناجى تسعة دون العاشر أفيكون هذا التناجي محرماً؟ نعم؛ لأنه أشد من تناجي الاثنان دون الثالث.
ولو أن هناك ثلاثة في المجلس فتكلم الأول والثاني بلغة لا يتقنها الثالث ولا يعرفها، كأن يكون الثالث لا يحسن الكلام بالإنجليزية، فتكلم الأول والثاني بالإنجليزية بصوت مرتفع فيعتبر هذا تناجياً؛ لأن المفسدة قد حصلت؛ لأنه يجهل اللسان الذي تتحدثان به.
ولو صار في المجلس أربعة فتكلم اثنان سراً بينهما، والثالث والرابع صامتين بعيداً عنهما فلا يعتبر هذا تناجياً؛ لأنه يمكن أن يأنس بصاحبه.
لكن إذا كان فيه ضرر على المسلمين فلا بد من إفشائه لأهل الحسبة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر لكي يغيروا المنكر، ولا يصلح أن يصير هذا سراً له حرمة؛ لأن فيه ضرراً على المسلمين.
لا شك أن الله سبحانه وتعالى خلق البشر ولهم ألسنة مختلفة، قال الله عز وجل: وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ [الروم:22]، والله عز وجل أرسل كل رسول بلسان قومه، ونحن مسلمون نتكلم اللغة العربية، ونبينا صلى الله عليه وسلم من العرب، والقرآن كلام الله عربي، فلماذا نتكلم بغير اللغة العربية في أحاديثنا وكلامنا ومناقشاتنا؟ وقد ذكر ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في كتابه العظيم اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم كلاماً في هذا الموضوع، وهو الكلام والمحادثة والتحدث بغير العربية، فقال: كره الإمام أحمد أسماء الشهور بالفارسية، قال شيخ الإسلام : ما قاله أحمد له وجهان:
أولاً: إذا لم يعرف الاسم، فإنه قد يكون محرماً، كأن يكون الاسم معناه فيه شرك، وأنت تتكلم وتستعمل هذا الاسم، ويمكن أن يكون فيه شرك، وتعبيد لغير الله، مثل بعض أسماء الكفار: عبد المسيح، كأن عبد المسيح مترجمة مثلاً.
والسبب الثاني: كراهته أن يتعود الرجل النطق بغير العربية، فإن اللسان العربي شعار الإسلام وأهله، واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميزون.
فإذاً اللغة العربية من الأشياء التي تميز هذه الأمة عن بقية الأمم، فلماذا نستخدم لغة غيرنا..؟!
ثم قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: وأما الخطاب بالأعجمية من غير حاجة في أسماء الناس والشهور فهو منهي عنه مع الجهل بالمعنى بلا ريب، أي: لو أنك لا تعرف المعنى فلا تتكلم؛ لأنه قد يكون شركاً أو كفراً، ولا تتكلم بلغة غير العربية في شيء لا تعرف معناه لأنه قد يكون شركاً أو كفراً؛ خصوصاً أسماء الأشهر، ولا تستعمل أسماء الكفار.
وقد أخذ -أي: الإمام أحمد رحمه الله- بحديث عمر رضي الله عنه الذي فيه النهي عن رطانتهم وعن شهود أعيادهم، وقد نهى عمر عن رطانة الأعاجم، فقد استدل بنهي عمر عن الرِطانة -أو الرَطانه- مطلقاً -هذا كلام ابن تيمية - وقال الشافعي فيما رواه السلفي بإسناد معروف إلى محمد بن عبد الله بن الحكم قال: سمعت محمد بن إدريس الشافعي يقول: سمى الله الطالبين من فضله في الشراء والبيع تجاراً، ولم تزل العرب تسميهم التجار، ثم سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما سمى الله به من التجارة بلسان العرب، والسماسرة -السمسار: كلمة أعجمية معناها: تاجر- اسم من أسماء العجم، فلا نحب أن يسمى رجل يعرف بالعربية تاجراً إلا تاجراً، ولا ينطق بالعربية فيسمي شيئاً بالأعجمية؛ وذلك أن اللسان الذي اختاره الله عز وجل لسان العرب، فأنزل به كتابه العزيز، وجعله لسان خاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم.
قال شيخ الإسلام : فقد كره الشافعي لمن يعرف العربية أن يسمي بغيرها. ولذلك -الآن- هناك بعض الناس يسمون بأسماء أعاجم مثل: ميرفت وناريمان وشيرهان وشيرين ونيفين... فهذه أسماء أعجمية، وكذلك يسمون بأسماء الكفار: أيسلندا، أوغندا، سوزان، دينا... فصاروا يسمون بأسماء الكفار، وقد يكون الاسم معناه قبيحاً وفيه شرك أو كفر ويسمون به!
قال شيخ الإسلام : فقد كره الشافعي لمن يعرف العربية أن يسمي بغيرها، وأن يتكلم بها خالطاً لها بالأعجمية.
إذاً فـالشافعي يكره خلط اللغة العربية باللغة الأعجمية، وهذا الذي قاله الأئمة مأثور عن الصحابة والتابعين.
ثم ساق ابن تيمية آثاراً عن الصحابة والتابعين في قضية الكلام بالأعجمية، وقال عمر : [ما تكلم رجل بالفارسية إلا خب -أي: صار مخادعاً غشاشاً- ولا خب إلا نقصت مروءته]، وعن محمد بن سعد بن أبي وقاص: [ أنه سمع قوماً يتكلمون بالفارسية فقال: ما بال المجوسية بعد الحنفية؟ ].
ونقل عن طائفة من السلف أنهم كانوا يتكلمون بالكلمة بعد الكلمة من الأعجمية.
وبعض الأحاديث فيها كلمات أعجمية (يا
قال شيخ الإسلام : وفي الجملة فالكلمة بعد الكلمة من الأعجمية أمرها قريب -أي: لو أن الواحد استعمل كلمة أعجمية في كلامه نادراً فهذه أمرها سهل- قال شيخ الإسلام : وفي الجملة فالكلمة بعد الكلمة من الأعجمية أمرها قريب، وأكثر من يفعلون ذلك إما لكون المخاطب أعجمياً -أي: إنما ورد عن بعض السلف أنهم استخدموا ألفاظاً أعجمية مع أن الكلام بالأعجمية مكروه ومنهي عنه، وقد تجد في كلام الإمام أحمد ألفاظاً أعجمية أحياناً وذلك لكون المخاطب أعجمياً، فهو يشرح الدين أو الحكم الفقهي لشخص أعجمي، أو قد اعتاد الأعجمية ويريدون تقريب الأفهام عليه وأن يفهموه بسرعة؛ فلذلك قد يستخدمون ألفاظاً أعجمية-.
إذاً تستخدم الألفاظ الأعجمية عند الحاجة، كما إذا كنت تكلم شخصاً أعجمياً، أو أن هذه الكلمة مما لا مقابل لها في العربية؛ لأن الذين اخترعوها سموها هكذا، مثل أسماء الأدوية: اسبرين، بنسلين... وقد لا يوجد لها مقابل، وذلك بسببنا نحن؛ لأننا تخاذلنا وتراجعنا، وهذا الذي أدى بنا إلى أن نكون أتباعاً حتى في الأسماء، لكن إذا كان الشيء له اسم مقابل، مثلاً كلمة "باص" هذه كلمة أعجمية، مقابلها: حافلة، والبيجر يمكن يكون مقابلها: المنادي، لكن نحن تأتينا الأشياء والاختراعات بأسمائها، فنأخذها بأسمائها ولا نكلف أنفسنا حتى البحث عن المرادف العربي لهذه الكلمة، ولو عرفناها لصار مهجوراً.
لكن أقول: قد يعذر الإنسان باستخدام كلمات أعجمية إما لتفهيم أعجمي، أو لأن الكلمة ليس لها مقابل بالعربية، وإلا فاللغة العربية تستوعب..
وسعت كتاب الله لفظاً وغايةً وما ضقت عن آي به وعظات |
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة وتنسيق أسماء لمخترعات |
إن اللغة العربية أوسع اللغات، فتجد الشيء الواحد فيها له أكثر من اسم، فالأسد له أكثر من مائة اسم، أما في اللغة الإنجليزية تجد أن الكلمة الواحدة لها عدة معانٍ، وهذا ضعف، فعندما يكون الشيء له أكثر من كلمة فهذا يدل على ثراء اللغة، أما عندما تكون الكلمة الواحدة لها عدة معان، فهذا يدل على الاشتباه ويسبب إرباكاً للسامع.
على أية حال، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا
قال ابن تيمية -لو صار في الاستعمال شيء يسير كان لا بأس به-: أما اعتياد الخطاب بغير اللغة العربية التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن حتى يصير ذلك عادة للمصر وأهله -أن تصبح هذه اللغة الأجنبية الأعجمية شعاراً ولغة لمصر من أمصار المسلمين وتفرض عليه فرضاً فإن هذه مصيبة- أو لأهل الدار -أناس أهل بيت يتكلمون بالأعجمية- أو للرجل مع صاحبه، أو لأهل السوق -أي: أن أهل السوق كل لغتهم أعجمية- أو للأمراء، أو لأهل الديوان، أو لأهل الفقه -أي: إذا صار إلى هذا الحد- فلا ريب أن هذا مكروه فإنه من التشبه بالأعاجم؛ وهو مكروه كما تقدم، ولهذا كان المسلمون المتقدمون لما سكنوا أرض الشام ومصر ولغة أهلهما رومية، وأرض العراق وخراسان ولغة أهلهما فارسية، وأهل المغرب ولغة أهلها بربرية عودوا أهل هذه البلاد العربية -وهذا من فضل الصحابة، فلنعرف حق الصحابة، فالآن اللغة العربية هي لغة أهل الشام ومصر والذين علمهم إياها الصحابة، ونحن الآن نقتل اللغة العربية في بلاد المسلمين بإشاعتنا اللغات الأجنبية واعتمادها- عودوا أهل هذه البلاد العربية؛ حتى غلبت على أهل هذه الأمصار مسلمهم وكافرهم.
ثم قال: واعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيراً قوياً بيناً، وأيضاً فإن نفس اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرض واجب.
كيف تفهم كلام الله؟
فلا يصلح أن تقرأ الفاتحة في الصلاة بالأعجمية -بالإنجليزية- وللعلماء كلام في قضية الإحرام بالأعجمية -أي: التلبية بالأعجمية والتسمية في الذبح بالأعجمية، فيجب حتى على الأعجمي أن يتعلم باسم الله عند الذبح،والتلبية باللغة العربية، وما يقيم به الصلاة باللغة العربية- أما أن يفسر القرآن أو معاني الأحاديث بالكلام العجمي فلا مانع، لكن إذا جاء يذبح لابد أن يقول: باسم الله، ولا يقول إلا هذه الكلمة، والمسألة فيها خلاف وفيها كلام، لكن القضية الآن هي أن العيب الكبير فشو هذه الكلمات بيننا وفي مجالسنا، وألفاظنا الدارجة صار فيها كثير من الكلمات العجمية مثل: هات القلص، وأكلنا جام، وحتى في الشركات وبعض الجامعات ترى شيئاً عجيباً تتقزز منه النفوس، وتصطك منه الأسماع، وهو يعرف المقابل، لكن لا أدري هل هو يريد أن يبين أنه عالم بلغة القوم، أو يرى أن الكلام نصفه بالعربية ونصفه بالإنجليزية يدل على تقدم ورقي وحضارة، مثل: ارجع إلى الكونتركت، انظر كم السلري، والمسألة فيها كونفيوجن... لماذا هذا؟
وقد أخبرني أحد الإخوة أنه اتصل إلى غرفة من غرف الطلاب في الجامعة فقلت: أريد فلاناً من الغرفة كذا -هذا طالب عربي والذي يتكلم معه عربي كذلك- فرجع من أجابني وقال: (نو بودي).
لماذا يقولون هذا؟ أنا أقول: هزيمة نفسية بلا شك.
روى الإمام البخاري رحمه الله في حديث أم سلمة لما رأت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين بعد العصر وعندها ضيوف، قالت: (سمعت النبي عليه الصلاة والسلام ينهى عنهما -ينهى عن صلاة الركعتين بعد العصر- ثم رأيته يصليهما -فخشيت
إذاً: يجوز مخاطبة المصلي وهو يصلي عند الحاجة، ويقف المتكلم بجانب المصلي حتى لا يشوش عليه، ولو وقف أمامه وتكلم ربما ينظر إليه، ولو وقف وراءه فسوف يتشوش عليه مصدر الكلام، إذاً يقف بجانبه، لأن هذا هو الفقه، وافرض أنك -الآن- تريد أن تغادر بيتك مضطراً، ولا بد أن تخبر إنساناً بكلام فوجدته يصلي وتريد أن تقول له: الحق بي إلى مكان كذا، فبإمكانك أن تترك له ورقة أو مثل هذا، لكن لو خشيت ألا يراها لابد أن تتكلم ثم تمشي، فتقف بجانبه وتقول: الحق بي إلى مكان كذا وتمشي. قال البخاري رحمه الله: باب إذا كلم وهو يصلي فأشار بيده واستمع.
ونذكر الآن جملة من الآداب بسرعة نلخص بها ما تقدم ونزيد عليه:-
قال الماوردي رحمه الله في أدب الدنيا والدين عن شروط الحديث وآدابه:
الشرط الأول: أن يكون الكلام لداع يدعو إليه؛ لاجتناب نفع أو دفع ضر.
الشرط الثاني: أن يكون الحديث في موضعه المناسب.
الشرط الثالث: أن يقتصر على قدر الحاجة إليه.
الشرط الرابع: تخير الألفاظ والكلمات المناسبة.
وإذا كنت في قوم ليسوا ببلغاء ولا بفصحاء فدع التطاول عليهم بالبلاغة والفصاحة، وإذا كنت في جماعة أو قوم فلا تذكر جيلاً من الناس أو أمة من الأمم بشتم ولا ذم؛ فإنك لا تدري لعلك تتناول بعض أعراض جلسائك فينسب إليك السفه، فإذا جلست في مجلس فلا تقل مثلاً: كل أهل الهند كذا، وكل أهل الشام كذا، وكل أهل مصر كذا، ولا يوجد مصري إلا كذا، ولا يمني إلا كذا، ولا أحد من الجنوب إلا كذا، ولا من الشمال إلا كذا، فهذا التعميم فيه ظلم.
ثانياً: ممكن أن يكون في المجلس -وأنت لست منتبهاً- أحدٌ من تلك البلد التي قد ذممت أهلها، فتكون عنده سفيهاً.
ومن الآداب: لا تتحدث عن نفسك إلا لحاجة،ولا عن أولادك ولا أموالك ولا عن الدعوات التي تلقيتها ورفضتها... إلخ؛ لأن هذا ليس من التواضع.
وكذلك إظهار الاهتمام بمن تحدثه، فأصغ إليه، وأعره انتباهك، وأعطه إحساساً بأن له قيمة ووزناً، وفي موضع الجدال والمناقشة كن واسع الصدر، ولا تستأثر بالكلام وامنح الفرصة للآخرين للكلام؛ لأن بعض الناس لا يتركون فرصة للناس في المجلس بل يستأثرون به، وهذا من الكبر.
ووزع النظرات على من تحدثهم، وتخلل الحديث بفترات إصغاء إلى الآخرين تعينك على ترتيب أفكارك؛ لأن الذي يعين على ترتيب الأفكار هو الصمت وليس الكلام، فإن الله خلق لك أذنين اثنتين ولساناً واحداً ليكون ما تسمعه ضعف ما تتكلم به، وجعل الله لكل شيء بابين وجعل للسان أربعة أبواب، وهي الشفتين والأسنان؛ لكي ينحبس اللسان، ومع ذلك أسرع شيء يخرج من السجن هو هذا
وزن الكلام إذا نطقت فإنما يبدي عيوب ذوي العيوب المنطق |
وعدم خلط الجد بالهزل، والتفكير في أنسب العبارات وأحسن الألفاظ، ومراعاة مخارج الحروف والألفاظ دون تكلف وتخلل كالبقر، وعدم الإسراف في المدح والذم.
وليكن صوتك هادئاً مسموعاً بوضوح دون ارتفاع أو صياح، ويحسن ألاَّ يكون على وتيرة واحدة فيمل السامع، وعدم التعالي والأستاذية، وكثيراً ما يكون الحديث طريفاً في موضوعه ومقبولاً، ولكن الإطالة وكثرة الثرثرة فيه تضعفه.
والمحادثة شيء والخطابة شيء آخر، فلا يصلح أن يتحول الحديث إلى خطبة دون داع.
والمناقشة الهادئة من أمتع أنواع الحديث طالما تحلى الطرفان بالأدب الإسلامي، ولهذا تفصيل سيأتي.
وإياك والحديث في موضوع لا تتقنه.
وتجنب الغمزات واللمزات، وإخراج اللسان أثناء الحديث والشهيق والتأفف.
وكثير من الناس يتأثرون باللهجة أكثر مما يتأثرون بالمدلول الحرفي للألفاظ، فاحرص على صدق اللهجة.
وعدم الإسراع في الحديث فتأكل نصف الألفاظ، وتترك الجمل للسامع دون إكمال، فإن هذا مذموم.
وعدم الإبطاء الشديد المسبب للملل كأنك إنما تعطيهم بالقطارة، وبعض الذين يبحثون في هذه المسائل يقولون: إن حدود السرعة الطبيعية في الكلام مائة وعشرين كلمة في الدقيقة، فكم سيئة علينا ونحن نتكلم كذا وكذا كلمة في الساعات؟!
وإياك والكلام أثناء الغضب؛ فإن الغضبان تنهال عباراته في سرعة تدمر بعض المقاطع مما يعصف بوضوح الكلام، ويثير المستمع.
وسجل صوتك مرة لتعلم خطأك من صوابك؛ فتدرك كم سجل الملك عليك في صحيفتك.
وإذا لاحظت أن مستمعيك يستعيدونك بعض العبارات، فمعنى ذلك: أن صوتك أو مخارج الحروف أو درجة الكلام ومستواه غير مناسب.
وإذا كانوا يقاطعون حديثك؛ فاعلم أن كلامك ممل.
وحاول أن تقرأ بصوت مرتفع لتتدرب على الحديث والكلام، وأنت تقرأ لوحدك.
وليس أفسد لأجواء الاجتماعات من انقسام الناس أزواجاً يتحدث كل اثنين مع بعضهما، فيقل الانتفاع بدلاً من توحيد المجلس على مستمع واحد، ويدور الكلام بينهم.
ولكل مناسبة حديثها المناسب، فكلام الدرس غير كلام الزيارة أو الطعام أو الزوجين.. وهكذا.
والتمهيد لذكر الموضوعات المحرجة بكلمة مثل كلمة: لا مؤاخذة مثلاً.
وإعطاء الحاضرين قدرهم وإشعارهم بقيمتهم عندك، مثل قولك: كما تفضل فلان، أو مثلما ذكر الأخ فلان، أو إضافة إلى ما ذكر أخي فلان، وهذه نقطة جيدة، أو هذه إضافة بسيطة على ما ذكر، ونحو ذلك.
وحذار من الإطراء الزائد، فإنك إذا أطريت فقد خالفت السنة في المدح أولاً، وثانياً: تبين أنك منافق وكذاب، فإذا قال أحد كلمة، قلت: هذه فائدة عظيمة وكبيرة وهائلة وجميلة وذات وزن ولا مثيل لها!! أو أن يقال كما يحدث في بعض المجالس من النفاق: أنت رأس المال في هذه البلد، ونحن أيتام من غيرك!
التخطئة في الحديث لها آداب: كما يقول إنسان مثلاً: اسمح لي أن أعلق على شيء، أو من منا لا يخطئ لكن هنا حصل خطأ، وإن كان تعليقي خطأ فأرجو أن تصحح لي، وإذا كان فهمي لكلامك غير ما تقصد فأرجو التوضيح منك... ونحو ذلك، فالتخطئة للآخرين لها آداب.
وكثيرون يبدءون بداية جيدة، ثم يسيئون كثيراً، فيقول: اسمح لي، أو مع تقديري واحترامي لك، أو يا عزيزي، ثم ينزل عليه بكلام شديد جداً.
وكذلك نحرص على التلميح بدلاً من المواجهة ما أمكن، ونتجنب الكلمات النابية والألفاظ السوقية.
الإصغاء والاستماع للآخرين، وهذا فن بحد ذاته، سئل أحد الأطباء الناجحين عن أهم أسباب نجاحه فقال: الإصغاء والاستماع؛ فإن كثيراً من المرضى يأتون إليَّ لا لكونهم مرضى حقيقة، ولكن لأنهم يريدون مستمعاً يصغي إلى شكواهم وتضايقاتهم النفسية؛ ولذلك تجد بعض الإخوة الجيدين إذا جاء أحدٌ يتكلم في مجلس يأخذ ورقة وينصت، ويسجل الكلمات المهمة التي تستفاد أو تحتاج إلى تعقيب مثلاً.
ونحن نسمع ولا ننصت، وهناك فرق بين الاستماع والإنصات، فالإنصات حضور القلب، أما السماع فهو وصول الصوت إلى الأذن؛ ولذلك نحن -أحياناً- نعيد ما قاله الآخرون في المجلس نفسه مرة أخرى ونكرره، وهذا التكرار نتيجةً لعدم الانتباه والإنصات، ولو قلنا الآن: يا أيها الإخوة! أعيدوا لنا هذه النقاط، فتجد بعض الناس يعيدون الجملة التي قالها شخص، لأنه لم يكن منتبهاً ولا منصتاً لما تكلم الآخر، وهو يتذكر ويفكر في شيء، لكنه لا ينصت إلى كلام غيره؛ ولذلك يتذكر الفائدة فيقولها وغيره قد قالها قبل قليل، ولذلك فإن سبب التكرار في المجالس هو عدم الإنصات والانتباه.
وأقبل بوجهك على من تحدثه، والمقاطعة تجرح شعور محدثك، فإذا أردت أن يستمع إليك الآخرون، فأحسن الإنصات إليهم.
ولا تتكلم وفمك مملوء بالطعام، ولا تسل من فمه مملوء بالطعام؛ لأن فيه إحراجاً له.
وفي المناقشات على المسلم أن يهتم بما يلي:-
أولاً: قصد وجه الله تعالى، وإظهار الحق.
ثانياً: التمهل قبل الإجابة على كلام الطرف الآخر.
ثالثاً: عدم الإصرار على الرأي والمعاندة.
رابعاً: ترك المبالغة، ولا بد من الواقعية.
خامساً: ليس المقصود تبيان صوابك، ولكن -أيضاً- حفظ ماء وجه صاحبك. والمحافظة على كرامته تشجعه بالاعتراف والعدول عن رأيه.
سادساً: أن يكون للمجلس رئيس يشجع الجميع على الاشتراك الفعلي، ويعطي الجميع فرصة للكلام، ويلتزم الحياد، ويمنع المقاطعات، ويفتتح الجلسة بالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ويمهد لعرض الموضوع المراد طرحه ومناقشته وعناصر ذلك، ويختتم الجلسة بآراء المؤيدين للفكرة والمعارضين لها، والرأي الراجح.
عدم إطالة الكلام في غير فائدة أو اختصاره اختصاراً يخل بالمقصود.
أن يتجنب غرابة الألفاظ والإجمال، فلا بد من التبيين.
أن يكون كلامهما في ذات الموضوع لا خارجاً عنه.
ألا يستهزئ أحدهما بالآخر ولا يسخر منه.
أن يقصد كل منهما ظهور الحق، ولو على يد خصمه.
ألا يتعرض أحدهما لكلام الآخر حتى يفهم مراده من الكلام.
أن ينتظر كل واحد منهما صاحبه حتى يفرغ من كلامه، ولا يقطع عليه كلامه قبل أن يتمه.
ألا يحتقر خصمه ويقلل من شأنه.
والإيجاز مهم، قال الهيثم بن صالح لابنه: إذا أقللت من الكلام أكثرت من الصواب، وقال جعفر بن يحيى : إذا كان الإيجاز كافياً كان الإكثار في الكلام عيباً.
واللغو هذا اتركه جانباً، واستبدله بالكلام النافع كما قال الشاعر:
واغتنم ركعتين زلفى إلى الله إذا كنت فارغاً مستنيحاً |
وإذا ما هممت بمنطق الباطل فاجعل مكانه تسبيحاً |
إن بعض السكوت خير من النطق وإن كنت بالكلام فصيحاً |
هذا لـابن المبارك -رحمه الله- وشيخنا عبد العزيز بن باز -رحمه الله- كان إذا تكلم أحد بين يديه بكلام فارغ أو كلام خطأ أو جدال، يقول له الشيخ: سبح سبح -أي: بدلاً من هذا الهراء والكلام الفارغ اشتغل بالتسبيح ينفعك فعله- فلعله أخذه من كلام ابن المبارك:
وإذا ما هممت بمنطق الباطل فاجعل مكانه تسبيحاً |
سبحانك الله وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر