أيها الأحبة في الله! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أسأل الله عز وجل أن يجزيكم خير الجزاء على حضوركم واجتماعكم في هذا المكان الطيب الطاهر المبارك،كما أسأله سبحانه وتعالى أن يرزقنا وإياكم السداد في القول، والإخلاص في العمل، وقبل أن نتناول حديثنا اليوم الذي تعلمونه وتعلمون خطره سلفاً، وإنما الحديث فيه من باب الذكرى التي تنفع المؤمنين، أقول قبل ذلك، أشكر لهذا الطالب هذا البرعم المبارك بإذن الله عز وجل تلاوته الطيبة الجميلة الرائعة التي سمعناها من كلام الله عز وجل، وهو أخونا (مرزوق العنيزان) فنسأل الله أن يقر عينه وعيني والديه بتمام ختمه وحفظه كلام الله عز وجل كاملاً وأن يثبتنا وإياكم على دينه وسنة نبيه.
أيها الأحبة! يقول الله عز وجل: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [البقرة:102]. هذه الآية لو كان في قلوب كل منتسب إلى الإسلام حياة، لعلم وأدرك وفهم من دلالاتها أن السحر خطير، وأن مبدأه ومنتهاه وقطب رحاه ومداره على الكفر بالله عز وجل، فشأنه عظيم، ومن دنا منه يوشك أن يمرق من الدين، وأن يحبط عمله بالكلية.
وعرفه ابن عقيل من علماء الأحناف بأنه: علم يستفاد منه حصول ملكة نفسانية يقتدر بها على أفعال غريبة لأسباب خفية.
فربما كانت بواعث السحر حب الأذى أو الانتقام أو الكراهية الشديدة.
وكذلك من بواعثه: الرغبة في الثروة والشهرة وجلب الأموال، ففي البلاد التي لا يعتبر السحر فيها جريمة شرعية أو جريمة قانونية نظامية، يقبل طائفة على السحر، فيتعاطونه من أجل جلب الثروة والشهرة والمال، وأيضاً يتعاطاه طائفة ولكن على سبيل الخفية وغير الظهور من أجل جمع الأموال.
وأسألكم بالله: هل رأيتم ساحراً ثرياً، هل رأيتم ساحراً غنياً؟ هل رأيتم ساحراً يملك شيئاً يطمئن إليه ويتلذذ به ويستفيد منه؟
الجواب: إن جميع ما يملكه السحرة من الأموال أو من الثروات، ليس لواحد منهم تدبير فيه أبداً وإنما التدبير فيه لأولئك الشياطين الذين يتسخرون له، بسبب هذا السحر أو مقابل ما يفعل ولا حول ولا قوة إلا بالله، فطائفة ولجوا ودخلوا بوابة السحر يريدون أن يجمعوا من وراء ذلك أموالاً ولكن وكما يخبر رجال الهيئة ورجال الأمن والذين يطلعون على خفايا بعض الأمور أنهم إذا قبضوا على كثير من المشعوذين والسحرة وجدوا بيوتهم أضيق البيوت، وروائحهم أنتن الروائح، وثيابهم أقذر الملابس، وأحوالهم أتعس الأحوال، فلا يغبط ساحر على ما ملك، ولا يغبط على ما جمع وإن ادعى وادعى، أو تزيّا وظهر أمام الناس بمظهر السعادة أو الثراء، فإنه في حقيقة أمره عبد مملوك للشياطين والجن الذين يتعاونون معه، أو يسخرهم أو يتصرفون معه في تدبير المكائد والمؤامرات للأبرياء والضعفاء والمساكين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!
وكذلك من بواعث السحر أيضاً: ما يتسلط به بعض الناس لمحاولة إدراك المجهول أو المستقبل.
فأمر السحر ليس بجديد وإنما هو قديم وكلكم يعلم أن الله عز وجل ذكر في كتابه الكريم ما كان في تلك المناظرة العملية المشهودة التي اجتمع فيها السحرة وموسى بما آتاه الله من ثبات البرهان وقوة اليقين وعزيمة الإيمان، قال: أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ [يونس:80] وبين الله عز وجل أن ما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى، ثم إنهم ألقوا حبالهم وعصيهم وسحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم، فما كان من موسى عليه السلام بتثبيت الله له، وتأييد الله له إلا أن ألقى تلك العصا، فانقلبت تلك العصا إلى ثعبان ضخم كبير عظيم مهيل، ثم التف هذا الثعبان على جميع ما أتى به السحرة مجتمعين فالتهمها ثم عادت إلى سيرتها الأولى، عادت تلك العصا صغيرة بعد أن ابتلعت كل سحر أتباع وشياطين ووزراء فرعون ومن معه، ولا يعرف السحر إلا من كان من أهل الصنعة وأصحابها.
لما رأى السحرة هذه العصا الصغيرة التي رميت على هذا السحر العظيم، على تلك الحبال الكثيرة، على تلك العصي المجتمعة، فما كان من هذه العصا إلا أن تعاظمت وتحولت إلى ثعبان حقيقي، وليست كما يفعل السحرة من تخييل وتصوير ورسوم يظنها الرأي أنها حقيقة، وليست بحقيقة إنما تحولت هذه العصا بأمر الله -الذي إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون- إلى ثعبان عظيم فابتلعت والتهمت كل ذلك، فأيقن أولئك السحرة أن هذا ليس بسحر وإنما هي معجزات؛ لأنهم قد بلغوا في السحر غايته وقد بلغوا في الشعوذة قمتها، وقد بلغوا في الصنعة أعلى أقطابها، فما يظنون ولا يعلمون على وجه الأرض أن أحداً سوف يأتي بسحر أقوى من سحرهم، فعلموا أن هذه إنما هي معجزة ربانية وبرهان إيماني من الله عز وجل لإقامة الحجة على هؤلاء، فما كان من السحرة إلا أن خروا جميعاً ساجدين: قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى [طه:70].
فانزعج فرعون وجن جنونه، وقد كان يجعل السحرة ردأً وحصناً ودرعاً وحزاماً وقوة يلجأ إليها لمواجهة هذا الوحي وتلك الدعوة، فقال: قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ [الأعراف:123] يريد حتى في قضية العقيدة، وقضية العبودية والفكر والاعتقاد ألا يمارس شيء إلا بإذنه وتدبيره وسلطانه، لا بد أن تستأذنوه قبل أن تتركوا الباطل إلى الحق، لا بد أن تستأذنوه قبل أن تدعوا الكفر وتتجهوا إلى الإيمان، لا بد أن تستأذنوا فرعون قبل أن تدعوا ضلالته وتتجهوا إلى الهدى الذي جاء به موسى وهارون.
إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا [الأعراف:123] فأخذ يدعو بالويل والثبور ويرعد ويبرق ويزمجر ويتوعد: إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ ثم قال: لأصبلنكم أجمعين، ولأقطعنكم، وأخذ يتوعدهم، فانظروا واعجبوا يا معاشر المؤمنين! كيف تبلغ حلاوة الإيمان مبلغاً يجعل الواحد يستحلي العذاب ويصبر على البلاء ويتحدى المواجهات، فقالوا له: فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ [طه:72] تقتل، تصلب، تعذب، تجلد، تصادر، تفعل فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا [طه:72] ما هذه الحياة الدنيا حتى تتوعدنا وتتهددنا بها في مقابل ماذا؟ في مقابل الإيمان بالله إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ [طه:73] أنت الذي أكرهتنا، وأنت الذي أوردتنا المهالك، وأنت الذي جعلتنا نصل هذه المعاطف، لكنا آمنا بالله الذي سيغفر لنا ذنوبنا وحوبنا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ [طه:73].
الحاصل أن حب السيطرة والتسلط والاستطلاع وتدبير كل الوسائل التي من شأنها أن تجعل الترتيبات المستقبلية في صالح هذا الإنسان يستخدمون السحر لأجل ذلك.
ولا غرابة إذا قلنا لكم: إن الرئيس الفرنسي السابق فاليري جسكار كان يستخدم السحرة في كثير من استطلاعات الرأي في معارك الانتخابات، وكذلك رجل البقر الكاوبوي رونالد ريجن الذي كان رئيساً للولايات المتحدة أيضاً كان يستعين بالسحرة في معارك الانتخابات وغيرهم وغيرهم كثير.
والسحر موجود إلى يومنا هذا عند اليهود في بيعهم وصوامعهم، وعند النصارى في كنائسهم، وربما وقع فيه بعض المسلمين جهلاً، وبعضهم يقع فيه والعياذ بالله ويجهل أنه يفضي به إلى الكفر، ومن علم بذلك فأصر عليه فقد وقع في الكفر والعياذ بالله، ونسأل الله عز وجل السلامة.
أيها الأحبة! هذه دوافع السحر: تسلط، وحقد، وكراهية، وتطلع للمستقبل، وشهرة، ولموع، ونجومية بين الناس.
الجواب: يرجع ذلك إلى أمور: إن أهم دوافع اللجوء إلى السحرة يعود إلى الخواء الروحي، ويعود إلى تلك المعاناة، وإلى ذلك القلق، والشرود، والفراغ والجوع الروحي، والظمأ القلبي، كل ذلك من دوافع اللجوء إلى السحرة، فترى الواحد من هؤلاء الذين يشكو كل هذه الأعراض لا يتردد أن يذهب إلى السحرة؛ يظن أن عندهم ما يقلب شروده إلى نبوغ وتألق، وما يقلب ضيقه إلى سعة وأنس، وما يقلب وحشته إلى سرور وسعادة، وهو في الحقيقة كالمستجير من الرمضاء بالنار.
المستجير بعمرو عند كربته كالمستجير من الرمضاء بالنار |
أولئك يلجئون يريدون السعة فيقعون في الضيق، يريدون السعادة فيقعون في الشقاء، يريدون الأنس فيقعون في الوحشة، يريدون العافية فيزدادون ألماً وسقماً وعذاباً ومرضاً، وعند الله للأشقياء الذين يعرضون عن ذكر الله مزيد من أنواع البلاء: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طه:124].
أيها الأحبة! إن الله عز وجل قد جعل لكل شيء زاداً وقواماً يقوم به، فلو أنا ملأنا الطائرات تراباً لتقلع على المدرجات وتحلق في الهواء ما أقلعت، ولو أننا ملأنا السيارات حصى ورملاً لتتحرك عن مواقعها ما تحركت، فللطائرات وقود معين، وللسيارات وقود معين، وكذلك للبطون شيء يناسبها مما يتحول قوة وعافية في الأبدان، وكذلك للقلوب أغذية معينة فلا تطمئن ولا تنشط ولا تعيش ولا تسعد إلا بتناولها غذاءها الذي شرعه الله لها أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:14] إن الذي خلق القلوب جعل غذاءها ذكر الله، وجعل دواءها كلام الله، وجعل دواءها اللجوء والفزع والتجرد بالعبادة لله عز وجل، فمن طلب دواءً غير ذلك فهو يزداد من الأسقام والأمراض زيادة، ويتداوى بالداء يظن أنه بهذا يحصل الدواء، لا دواء للقلوب إلا بذكر الله: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28] اسأل هؤلاء الشاردين، الذين ربما أصيب أحدهم بما يسمى بالاكتئاب أو بالشرود أو بالقلق فستجد بعضهم -حتى لا نعمم- قد دفع أموالاً طائلة كثيرة وربما ارتكب مخالفات شرعية كثيرة من أجل أن يفضي أو أن يضيف إلى نفسه سعادة ومتعة روحية، لكنه غير وجود ذلك رغم أنواع المهدئات وأنواع المفترات، وأنواع الأدوية والعقاقير، لكنها ما نفعت شيئاً، لكن الذي نفع هو كلام الله عز وجل.
لكن الذي نفع هو القرآن الذي جعله الله شفاء ورحمة وهدىً للمؤمنين وشفاء لما في الصدور.
ولو أن الواحد منا إذا حل به شيء من الضيق أو القلق أو الشرود أو الاكتئاب أحسن الوضوء وتطيب، وتوضأ وأحسن الطهارة في بدنه وثوبه، ثم توجه إلى المسجد وصلى ركعتين وناح إلى ربه، وشكا إلى ربه، وتملق إلى ربه، وعظَّم خالقه، وعفر جبينه وأنفه لله عز وجل، وأطال السجود ليس كسجود الغربان الذين ينقرون الصلاة ركوعاً وسجوداً، وإنما ألح على الله عز وجل والله وتالله وبالله تحقيقاً لا شك فيه، ثقة بوعد الله عز وجل ليخرجن من باب المسجد قرير العين هادئ البال مطمئن النفس، وقد انقلب شروده إلى راحة، وانقلب اكتئابه إلى أنس وانطلاقة بإذن الله عز وجل.
نعم أيها الأحبة! إن الخواء والبعد عن ذكر الله، من أهم الأسباب التي دفعت بعض الناس الذين نالتهم أعراض الاكتئاب وما تفرع عنها ظنوا أنهم مسحورون، وبعضهم قال له قائل أو جار أو قريب أو صديق: إنك مسحور وعليك علامات السحر، فصدق الأمر فلجأ إلى هؤلاء، ولو أنه أحسن اللجوء للجأ إلى الله عز وجل الذي بيده مقادير الأمور جميعاً.
فطائفة قالوا: إنه كله تخيل لا حقيقة له، ومن الطوائف السالفة السابقة المعتزلة العقلانيون الذين قالوا: إن السحر لا حقيقة له، وإنما هو ضرب وأنواع من الخيال.
وطائفة قالوا: السحر كله حقيقة لا خيال فيه.
والحقيقة: أن السحر منه ما هو من الخيال ومنه ما هو من الحقيقة.
فالسحر له حقيقة وضرب من ضروبه، يؤثر على الإنسان من باب التخيل.
قال ابن قيم الجوزية في معرض كلامه وهو يرد على المعتزلة، الذين يقولون: إن السحر كله تخييل، قال: وهذا خلاف ما تواترت الآثار به عن الصحابة والسلف واتفق عليه الفقهاء وأهل التفسير والحديث وما يعرفه عامة الفقهاء.
ويقول ابن قدامة وهو من أئمة وكبار أئمة المذهب الحنبلي: وللسحر حقيقة، فمنه ما يقتل، ومنه ما يمرض، ومنه ما يأخذ الرجل عن زوجته، وما يبغض أحدهما للآخر، أو يحبب بين اثنين، وهذا قول الشافعي.
وبالمناسبة على كلام ابن قدامة رحمه الله أن من السحر ما يحبب بين اثنين، فللأسف أن طائفة من شياطين السحرة أخذوا يستخدمون السحر في الدعارة، فتجدهم والعياذ بالله يسحرون امرأة مسكينة ويعلقونها برجل إن كان قريباً أو بعيداً من غير محارمها ثم والعياذ بالله يقع بينه وبينها من الزنا ولا تجد نفسها إلا أسيرة مملوكة في الغالب لا تستطيع أن تخرج عن إرادة هذا الساحر.
واللوطية وأهل الشذوذ والعياذ بالله ومروجو الدعارة وأساطين الفساد والانحلال الأخلاقي كذلك ربما استخدموا هذا السحر من أجل أن يروضوا وأن يجروا من يشاءون ممن يريدون أن يتبادلوا معهم فعل الفواحش أو يفعل بهم الفواحش.
من المؤسف أن بعض الشباب قد بدأ بداية ضالة بدعوى حب الاستطلاع والاطلاع على العالم المجهول، بعضهم إذا سافر إلى بلد مجاورة يباع فيها كل شيء مما يضر ولا ينفع، تجد هذا الشاب يشتري كتب السحر ثم يأتي بها ثم يحاول أن يعزم ويعقد ويطلسم وينفث ويكتب ويضع المعادلات والمربعات والحروف والمقطعات من أجل أن يسخر فتى أو أن يوقع امرأة في حباله وشره.
والحقيقة كما قلنا أيها الأحبة! أن من السحر ما هو حقيقة وبعضه ما هو تخييل.
سُئل الإمام العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين هل للسحر حقيقة؟
أجاب سماحته بأن للسحر حقيقة ولا شك، وهو مؤثر حقيقة لكن كونه يقلب الشيء أو يحرك الساكن أو يسكن المتحرك فهذا خيال وليس بحقيقة، انظروا إلى قول الله عز وجل في قصة السحرة من آل فرعون، يقول تعالى: و سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ [الأعراف:116] وفي الآية: يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى [طه:66] يعني السحرة أولئك نثروا ورموا تلك الحبال والعصي وسحروا أعين الناس، فتخيل الناس أن هذه العصي والحبال حيات تسعى وبعضها يلتوي على بعض، فجاءت المعجزة أن حية حقيقة وليست خيالاً وهي التي بأمر الله خلقت وبأمر الله انطلقت ابتلعت ذلك السحر كله.
يهودي: ويبقى اليهود وراء الأذى في كل قضية، ويبقى اليهود هم الذين يتجرءون على ذات الله، يقولون: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ [المائدة:64] وقَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ [آل عمران:181] ويقولون: إن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم تعب فاستراح في اليوم السابع فأنزل الله قوله: وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ [ق:38].
يبقى اليهود هم الذين يقتلون الأنبياء، هم الذين يؤذون الأنبياء إلى آخر نبي وهو صلى الله عليه وسلم، فالمرأة التي وضعت السم في الشاة للنبي صلى الله عليه وسلم هي امرأة يهودية، والرجل الذي سحر الرسول صلى الله عليه وسلم هو رجل يهودي.
فيا معاشر المؤمنين! أيظن من وراء اليهود خيراً أو يرتجى منهم الأمن أو السلامة من شر، هذا ما كان للأنبياء فكيف نريد أن يكون للمسلمين في دبر الزمان وفي حال الضعف للمسلمين.
قد يقول قائل: ما دام أن النبي صلى الله عليه وسلم قد سحر والكفار يقولون: بمعرض احتجاجهم على القرآن إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً [الإسراء:47] وهو يأتي بالوحي فربما جاءنا بوحي أو شرع تشريعاً وهو في حال من السحر؟
نقول: لا. لماذا لأن الوحي الذي هو من عند الله لا يمكن أن يتسلط عليه الشياطين أو السحرة أو البشر، بل إن سحر النبي صلى الله عليه وسلم فيه إثبات بشريته صلى الله عليه وسلم؛ حتى لا نعبده ولا نتوسل به من دون الله، وحتى لا نفزع إليه ولا نلجأ إليه بعد مماته صلى الله عليه وسلم أو فيما لا يقدر عليه إلا الله في حياته، وأما جانب الوحي: فإن الوحي معصوم أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد قال شيئاً من الوحي وهو في حال لا يعقل أو في حال سحر أو نحو ذلك، لماذا؟ لأن الوحي من عند الله، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألا وإني أوتيت القرآن ومثله معه)
فإذا كان القرآن ينزه أن يكون السحر له تأثير عليه، فكذلك كلامه التشريعي والوحي الذي يقذفه الله إلهاماً وإخباراً وإنباءً من الله لمحمد صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يكون سحراً بأي حال من الأحوال.
وطائفة قالوا: لا بد نتكلم أو نرد قضية أن النبي سحر حتى لا يتطرق الكلام أو الشك أو الريب والتردد في مسألة الوحي؟
نقول: لا. بل نثب ما ثبت في السنة، ونفهم الأمور على حقيقتها، فكما يقول ابن قيم الجوزية وقبله ابن تيمية رحمه الله: إن منهج الأئمة الأعلام والذين آتاهم الله البصيرة والفقه أنهم لا يردون الأخبار بمجرد إيراد تهمة أو شبهة عليها، وإنما يتدبرون ويعقلون ويفهمون ثم بعد ذلك يصرفون الأمور والأحكام وفق ما دلت عليه النصوص، فلا يكذبون بالنصوص ولا يضربون بعضها ببعض.
يقول الدكتور عمر سليمان الأشقر ، وله كتاب قيم جميل عالم السحر والشعوذة، يقول: السحر أنواع: فمنه ما هو حقيقي، ومنه ما هو تخيلي، ومنه ما هو مجازي وهو الذي يعتمد على خفة اليد والألعاب، لكن حتى هذا السحر الذي يظنون أنه يعتمد على خفة اليد لا يخلو من السحر التخيلي، وأنتم تلاحظون أن ساحراً من السحرة يقف أمام الجماهير ثم ينحني راكعاً لهم، وفي الحقيقة يركع للشياطين قبل ذلك ثم يحيونه بالتصفيق وبالصفير والمكاء والتصدية ثم لا يلبث ويأتي بمنديل ويحركه أمامه ثم يدخله في القبعة، ويخرج ثلاثين أرنباً وأربع حمامات وخمسة قطط، وعد من الغرائب والعجائب من هؤلاء الذين يسحرون الناس وهم في الحقيقة سحرة لا شك في أفعالهم.
ويظن ظان أو يقول قائل: إن هذا ضرب من خفة اليد أو شيء من ألعاب السرك ونحو ذلك؟
الحقيقة هي الحقيقة؛ أنه سحر يخيل لهذا الرائي أنه رأى مثل هذه الأمور.
ولا أريد أن أفيض في بعض الأسباب التي يتأهل بها الساحر للوقوع في هذه الدرجات، أو للسيطرة على مثل هذه الحالات، لكن لتعلموا أن السحرة لا يبلغون هذا إلا بكفر عظيم، وأن الشياطين تطلب من الساحر أن يسجد للأصنام أولاً، وتطلب منه أن يتبول على المصحف، وتطلب منه أن يجعل المصحف في دورة المياه ثم يتبرز عليه، وتطلب منه أشياء عظيمة خطيرة جداً، فلا تتصور أن هذا الساحر استطاع أن يصل إلى هذه الدرجة، وأن الجن والشياطين قد وقفوا معه هذا الموقف حباً أو كرامة أو انقياداً أو هيبة أو خوفاً من سطوته، أو لما عنده وعند آبائه وأجداده؟
الجواب: لا. إنما هي عملية مقايضة: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ [البقرة:102] أي: عندما تتعلم هذا السحر وتعرفه تكفر؛ ولأجل ذلك فلا نصدق أن هؤلاء الذين يدعون -وهم من السحرة- أنهم يتعاملون مع الصالحين وأنهم يتعاملون مع هؤلاء وهؤلاء.
فقال سماحته متع الله به: ما يدريك أنهم صالحون، وهل تعلم أنهم من المنافقين أم من المتقين، وهل تعلم أنهم يصدقون أم يكذبون؟!!
فدعوة التعامل مع صالحي الجن أصبحت اليوم معزوفة يغني ويرقص عليها كثير من الذين يأخذون ويتسلقون إلى الجن، إن الطبيب الاستشاري الذي يدرس سبع سنوات طب ثم سنة زمالة، ثم سنة امتياز أو قبلها سنة امتياز ثم زمالة ثم، ثم، ثم، وبعد عمر طويل ويخرج الشيب في لحيته أو في رأسه، وبعد ذلك يكون استشاريّاً أجر كشفيته وأجر فحصه مائة ريال فقط لا غير، لكن يأتي هذا المشعوذ بهذه الدعوى أو يدعي ذلك الكلام كذباً وتطفيفاً على الناس.
وقد يكون بعض الناس هو في الحقيقة لا يتعامل، ما كفر لكنه يدعي أنه يتعامل مع صالحي الجن، ويكذب على الناس كذباً صراحاً ثم يأخذ منهم، والمريض مستعد أن يبذل الشيء الكثير، فإذا جيء وقيل له: ما اسم أمك، ما اسم جدتك؟ هل تفعل، ما تفعل؟ أعطنا فنيلتك، أعطنا، أعطنا، ادفع ألف ريال وغداً تعال وخذ شيئاً من التمائم والعزائم والكتابات والمحو والطلاسم وغير ذلك، فتجدهم ينقادون ويستجيبون ولا حول ولا قوة إلا بالله!
فالسحر اتفاق بين السحر والجني على إحداث شيء بالإنسان، وهذا قد يجعل الإنسان إما عاجزاً عن مباشرة زوجته وهو ما يسمى بالربط، أو إحداث نزيف بالمرأة، أو إسقاط للجنين، أو إحداث مرض معين كصداع، أو نوع صمم أو عدم سمع، أو عدم نطق أو شيء من الشلل الجزئي في جزء أو في أجزاء من الشخص، أو إحداث حبٍ أو كراهية ونحو ذلك.
لكن حقيقة السحر الذي يستعين به الساحر على فعل ما يريد فعله بالإنسان الذي يراد سحره هو الكفر؛ ولذلك قال عز وجل: وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ [البقرة:102] وقد تواتر النقل عمن بحث في أحوال السحر والسحرة أن بينهم تلك العلاقة الكفرية الخطرة بين الجن والشياطين، بل إن بعض الشياطين وبعض مردة الجن يأمرون الساحر أن يأكل النجاسة والحيايا والخشاش والحشرات وغير ذلك، ولا يستطيع أن يرفض لهم طلباً بأي حال من الأحوال.
إن الجن قد يتسخرون في بعض عمليات السحر، والجن مخلوقات موجودة، فالجن ليسوا جمادات إنما هم موجودون.
وكذلك من أنكر الجن فقد كفر، وكذلك من أنكر أن الجن يعبثون ويتصرفون ويداخلون بني آدم فقد أنكر شيئاً أصبح شبه متواتر أوشك أن يتم الإجماع عليه بين الناس، لكن الجن كما قال الله عز وجل: إنه يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ [الأعراف:27].
فلما دخل وجد ثعباناً أسود عظيماً على فراشه فما كان منه إلا أن سل السيف مرة أخرى واخترطه على هذا الثعبان ثم التف الثعبان عليه فقتله، قال صلى الله عليه وسلم لما أخبر بالأمر: (لا أدري أيهما أعجل بصاحبه) وقال: (إن لهذه الدور عوامر) والمعنى: أن الإنسان إذا رأى في الدار شيئاً مثل ذلك فلا يستنكر ولا يعجب بل عليه أن يقول: نعوذ بالله من شرك، نعوذ بالله من شرك، نعوذ بالله العظيم من شرك، نعوذ بالله من شرك اخرج عن دارنا، اخرج عن مكاننا، يحذره ويهدده ثم بعد ذلك إذا لم يستجب بعد ثلاث فله أن يقتله ولا يضره بإذن الله عز وجل.
ومعلوم أن الجن والشياطين لديهم القدرة على التشكل بأشكال مختلفة، يتشكلون بصورة بشر أو حيوان أو غير ذلك، وأيضاً قد سخرهم الله عز وجل لسليمان، فكانوا سخرة عبيداً بين يدي سليمان عليه السلام يبنون القصور الشاهقة، ويصنعون الصحاف الكبيرة، والقدور الراسية، ويغوصون في أعماق البحار ويستخرجون اللآلئ من جوفها فإذا خالف أحدهم فإن سليمان -قد أوتي ملكاً عظيماً- يصفدهم في الأغلال والأصفاد ولا يخرجون عن ملكه.
ومعلوم أن الشيطان أيضاً يجري من ابن آدم مجرى الدم كما ثبت في السنة، لكن هؤلاء الشياطين لا يستطيعون أن يأتوا بمعجزات الأنبياء، ولا يستطيعون أن يأتوا بكلام الأنبياء في عصمته وإعجازه، ولا يستطيعون أن يأتوا بشيء من كلام الله، ولا يستطيعون أن يتصوروا بصور الأنبياء، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (من رآني فقد رآني حقاً فإن الشيطان لا يتمثل بي) ولا يستطيعون أن يأتوا بمثل كلام الله، قال تعالى: وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ * وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ * إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ [الشعراء:210-212].
وقد بين صلى الله عليه وسلم أن الشياطين لا تحل قربة أُوْكِيَتْ، ولا تكشف آنية خُمِّرَتْ، ولا تفتح باباً مغلقاً، كل ما عليك أن تقول وأنت تغلق الباب: باسم الله فلا يستطيع أكبر شيطان أن يفتحه.
يقول لي أحد الإخوة وكان مبتلىً بتسلط الشياطين في بيته، قال: إذا وضعت المسجل على سورة البقرة بتلاوة بعض الأئمة -مسجل وجهين- أعود فأجد أنه ينطفئ فوراً، قلت: هل تقول: باسم الله حينما تبدأ؟ قال: لا. قلت: ارجع وضع السلك في الفيش وقل: باسم الله وأنت تضع الشريط، وقل: باسم الله وأنت تدير الزر الذي يحرك هذا المسجل ثم انظر هل يستطيعون أن يغلقوه أم لا، قال: ففعلت ذلك فوالله أخذ المسجل أياماً تتكرر هذه السورة في صالة المنزل ما انطفأ وما انقطع لحظة واحدة بإذن الله.
كل ما عليك إذا أردت أن تجعل الجن والشياطين في عجز أن يفعلوا معك شيئاً فعليك أن تقول: باسم الله، كثير من الناس يرمي ثيابه ولا يسمي، يتعرى في دورة المياه ولا يسمي، ينتقل من مكانه ولا يسمي قل: باسم الله فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ستر ما بين الجني وعورات بني آدم ذكر اسم الله عز وجل).
لنعلم أن لهؤلاء الشياطين والجن قدرة محدودة لا يستطيعون أن يجاوزوها، ومن ادعى غير ذلك فقد أعطى هؤلاء قدراً أكبر منهم.
من الأدلة على ما ذكرناه آنفاً قول الله عز وجل: وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ [البقرة:102] وجه الاستدلال: أن الآية رتبت الحكم وهو الكفر على الوصف المناسب وهو السحر، وهذا مشعر بأن العلة في الكفر هو السحر، ومن الأدلة في نفس الآية قول الله عز وجل: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ [البقرة:102] الآية.
وفي الآية التصريح بأن تعلم السحر كفر، قال النووي رحمه الله: عمل السحر حرام وهو من الكبائر بالإجماع، وقد عده النبي صلى الله عليه وسلم من السبع الموبقات، ومنه ما يكون كفراً ومنه ما لا يكون كفراً، بل يعد من الموبقات والكبائر المهلكة العظيمة، فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر فهو كفر وإلا فلا، وأما تعلمه وتعليمه فحرام.
والسحر المجازي وإن لم يبلغ مبلغ الكفر إلا أنه حرام لما فيه من إفساد عقائد العامة، فإن العامي إذا شاهد ما يفعله الساحر من أمور غريبة لا يعرف سببها ربما اعتقد في الساحر شيئاً من صفات الربوبية فيهلك بذلك.
أذكر مرة في كوالالمبور في ماليزيا أننا دخلنا سوقاً وكان معنا بعض الإخوة على إثر زيارة في مهمة، فدخلنا سوقاً من الأسواق فوجدنا الناس قد اجتمعوا على امرأة، فرأينا عجباً وقلنا ما هذا التجمع على المرأة، فجئنا لننظر لماذا يجتمعون، فإذا بهم يجتمعون حول امرأة ساحرة تفعل أشياء فقلت: لأحد الإخوة قف أمامها وسأقف بجوارها أو خلفها وليقرأ كل واحد منا آية الكرسي، والله يا إخوان لما بدأنا نقرأ آية الكرسي تلخبط الأمر في يديها وأخذت تهرش وتمرش في جسمها وشعرها وجلدها وأخذت تتلفت وشعرت بأن من حولها ما يفسد ما تقوله وما تدبره على هؤلاء الحضور.
ثم تضاحكنا عجباً من أن هذا الساحر أمره ضعيف، وكيده في تباب، وأمره في ضلال وخسار، لا يستطيع أن يأتي شيئاً بقوة السلاح الذي تحمله وهو أسماء الله وصفاته، آية الكرسي، القرآن العظيم الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وحينئذٍ فإنك بإذن الله عز وجل تستطيع أن تسلم وأن تعصم نفسك من شر هذا السحر وأنواعه.
القول الأول: بعض أهل العلم بوجوب قتل الساحر من غير استتابة، وهذا مذهب الإمام أبي حنيفة ومالك ورواية عن الإمام أحمد، وهذه الرواية هي المذهب عند الحنابلة، وعزا القرطبي هذا القول إلى جمهور أهل العلم وهو أن الساحر يقتل ولا هوادة، وقال به من الصحابة عمر وعثمان وابن عمر وحفصة وأبو موسى الأشعري.
القول الثاني: وجوب قتل الساحر كفراً إذا عمل بسحره أمراً يقتضي كفره، فإن كان سحره بغير الكفر ولكنه فعل سحراً قتل به حداً، فإن جعل السحر آلة للقتل فيقتل قصاصاً ويضرب عنقه، وفي غير هاتين الحالتين يعزر ولا يقتل وهذا مذهب الإمام الشافعي وهو قول للإمام أحمد رحمه الله.
والواجب أن نحذر المسلمين عموماً من هؤلاء السحرة وأفعالهم.
ويقول: الشيخ ابن باز: فالواجب على ولاة الأمور وأهل الحسبة وغيرهم ممن لهم قدرة وسلطان إنكار إتيان الكهان والعرافين ونحوهم ومنع من يتعاطى ذلك، والإنكار عليهم أشد الإنكار، وألا يغتر بصدقهم في بعض الأمور، وألا يغتر بكثرة من يأتي إليهم ممن ينتسب إلى العلم، فإنهم غير راسخين في العلم، بل هم من الجهال لما في إتيانهم من المحذور، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إتيانهم وسؤالهم وتصديقهم لما في ذلك من المنكر العظيم والخطر الجسيم.
ويقول الشيخ ابن عثيمين : والسحرة يجب قتلهم سواء قلنا إنهم كفروا أم لم يكفروا بل لا بد من قتلهم، لعظم ضررهم وفظاعة أمرهم، فهم يفرقون بين المرء وزوجه وبين الزوج وزوجته، وقد يعطفون فيألفون بين الأعداء، ويتوصلون بذلك إلى أغراضهم... إلى آخر ما قال.
فالمخلص العابد المعتني بالطاعة المتوكل على ربه حقيقة التوكل، ليس للشيطان عليه سلطان، إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون، فمن لم يتحصن بالتوحيد وقع في حبائل السحرة والمشعوذين إذا خططوا ودبروا ذلك وأراد الله ذلك أو كان ذلك بمشيئة الله عز وجل.
الثاني: الإسراف على النفس بالذنوب:
كذلك أيها الأحبة! كثير ممن يقعون في السحر وحبائله وفخاخه ممن يسرفون على أنفسهم بالذنوب والمعاصي، والله عز وجل يقول: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ [الشورى:30] ويقول عز وجل: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا [آل عمران:165] وإن كانت الآيات قد نزلت في غزوة أحد، لكن كما في القواعد الشرعية الأصولية: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، قال تعالى: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ [آل عمران:165].
فالإنسان المضيع للواجبات، المرتكب للمعاصي والمحرمات، والمتساهل بكثير من الأمور؛ فإنه يكون أكثر من غيره وأقرب وأسهل من غيره وعرضة أن يؤثر فيه السحر وأن يقع فيه السحر.
الثالث: كذلك من الأسباب التي توقع في ذلك: التساهل في مجالسة هؤلاء السحرة، فإن هؤلاء السحرة بما وقعوا فيه من الأذى لا يرضون أن يكونوا فقط هم الذين يتسخرون للجن من بين سائر من حولهم من جلسائهم وأقربائهم، فتراهم إما أن يسحروهم ثم يوقعونهم ثم يستدرجونهم لكي يقعوا في ذات السحر الذي وقع فيه الساحر، وإما يؤذونهم بذلك أو ليجعلوهم تحت رحمتهم والعياذ بالله، وإما أن يمهدوا بذلك الطريق لكي يكونوا سحرة.
فمجالسة السحرة ومجالسة المشعوذين والتساهل بذلك ولو بدعوى الاستطلاع فإنه أمر يفضي إلى الوقوع فيه أو الإصابة به، وما كان صلى الله عليه وسلم ينطق على الهوى لما قال: (من ذهب إلى عراف فسأله فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد) (ومن ذهب إليه وسأله ولم يصدقه -كما في الحديث- لم تقبل له صلاة أربعين يوماً) ذلك من شدة التحذير والتنفير من الوقوع والقرب من هؤلاء السحرة، وما تظنون برجل يجالس السحرة والمشعوذين هل ستكون نهايته أن يحفظ القرآن؟ أو يحفظ الصحيحين؟ أو يفهم مسائل الفقه وأمور الشريعة؟
الجواب: لا، فكل يتعلم من القوم ما عندهم من البضاعة، وكل إناء بالذي فيه ينضح.
ثانياً: ومن السبل أيضاً: الاستعاذة بالله عز وجل: فإن السحر فيه نزغات، والله عز وجل يقول: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ [الأعراف:200].. وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ [المؤمنون:97].
ومعلوم أن القواقل: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1]، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1]، قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، من أعظم الأسباب التي يدفع بها السحر بإذن الله عز وجل.
ثالثاً: تقوى الله.
رابعاً: الصدق مع الله عز وجل، الصدق مع الله سبحانه وتعالى، وأعجبني قصة فتاة كانت ممبتلاة بألم في رجلها أو في ساقها وفخذها وطلبوا الأطباء وأعيتهم الحيل، فجاءهم رجل عرفوا أنه مشعوذ ساحر فيما بعد، لكنه قال: أريد منكم أن تفعلوا كذا وتأتوا بكذا وتقولوا كذا وتذبحوا كذا، فقالت الفتاة: إن أراد الله أن يشل قدمي الأخرى ولا أفعل ما يقول هذا الساحر، فما أجمل التقوى وما أجمل التسليم، وما أجمل الانقياد لله عز وجل.
وقد يبتلي الله عبداً من عباده ببلاءٍ عظيم كما في الحديث: (لا يزال البلاء بالمؤمن حتى يخرج من الدنيا وما عليه خطيئة) قد يقدر الله على عبد بلاء من أنواع البلاء أو سقماً من أنواع الداء والسقم ليرفع درجاته وليكفر سيئاته، لمنزلة لا يبلغها بعمله، لكن الله اختار له منزلة، فبلغها بصبره على هذا البلاء، الشاهد أن الصبر والتقوى من خير ما يدفع به السحر وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً [الطلاق:2].. وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً [آل عمران:120].
خامساً: العناية بالصدقة والإحسان فإنها من الأسباب التي تدفع البلاء والسحر والحسد بإذن الله عز وجل.
سادساً: الإكثار من قراءة القرآن والأدعية المأثورة، يقول ابن القيم: ومن أنفع علاجات السحر: الأدوية الإلهية، بل هي من أدويته النافعة بالذات، فإنه من تأثيرات الأرواح الخبيثة السفلية ودفع تأثير هذه الأرواح الخبيثة السفلية يكون بما يعارضها ويقاومها من الأذكار والآيات والدعوات التي تبطل فعلها وتأثيرها، وكلما كان أقوى وأشد كان أبلغ في دفع السحر، وذلك بمنزلة التقاء جيشين، مع كل منهما عدته وسلاحه فأيهما غلب على الآخر قهره وكان الحكم له.
ثم يقول ابن القيم كلاماً جميلاً يكتب بماء الذهب: فالقلب إذا كان ممتلئاً من الله، مغموراً بذكر الله، وله من التوجهات والدعوات والأذكار والتعوذات ورد لا يخل به، يطابق فيه قلبه لسانه كان هذا من أعظم الأسباب التي تمنع إصابة السحر له.
ومن أعظم العلاجات له بعدما يصيبه، لكي نحمي أنفسنا أيها الأحبة من هذه الشرور علينا أن نلهج بذكر الله، وألا تزال ألسنتنا دائماً لاهجة بذكر الله سبحانه وتعالى، وهناك أذكار بعينها تدفع الشر بأنواعه منه السحر، فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب -يعني كمن أعتق عشر رقاب- وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت حرزاً له من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل مثل عمله أو أكثر من ذلك) الحديث متفق عليه.
فالذي لا يحرص على الصلاة مع الجماعة، ويتهاون بالجماعة، وينقر صلاته في بيته وحده، فذلك عرضة إذا دبر له مكيدة سحر أن يقع.
فيا إخوان! كيد السحرة كثير ومنتشر في هذا الزمان، لكن الكثير من الذين يحافظون على صلاة الفجر ما يؤثر فيهم السحر، الذين يحافظون على الصلوات مع الجماعة ما يؤثر فيهم السحر، الذين يحافظون على الأذكار ما يؤثر فيهم السحر، لا تظنوا أن قلة أو ندرة المصابين بالسحر دليل على أنه أمر نادر جداً! لا، إن كيد السحرة كثير لكن الله عز وجل يدفع كيدهم بالأسباب الشرعية التي شرعها على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم من الأذكار وأداء الصلوات مع الجماعة، فالحديث الذي بين أنه ما من ثلاثة في بدو أو حضر أو قرية لا يؤدون الصلاة جماعة إلا استحوذ عليهم الشيطان ماذا تريد من إنسان يصلي وحده، ينقر صلاته نقر الغراب، من الساهين عن الصلاة، يصلي الظهر في آخر وقتها أو في دخول وقت العصر، يصلي المغرب في وقت العشاء وهلم جرا، ما تريد من رجل استحوذ عليه الشيطان وقد دبر له مكيدة سحر، كيف تريد له أن يسلم من ذلك؟!
يقول صلى الله عليه وسلم: (قل: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء) في معرض خطاب النبي لأحد الصحابة يقول له: (اقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء).
أما إذا ابتلي الإنسان بسحر فعليه أن يعتني بصدق اللجوء إلى الله عز وجل وشدة الاضطرار، والفزع إلى الله، والثقة بأن الله تعالى هو الذي قدر الأمور، وهو يكشف أنواع البلاء، ولا يدفع الضراء إلا هو، ولا يجلب السراء إلا هو عز وجل، فمن ابتلي بالسحر عليه أن يجرد التوحيد واللجوء إلى الله سبحانه وتعالى، وليعلم أن مسبب الأسباب هو الله عز وجل، وما هذه إلا بمنزلة حركات الرياح بيد محركها وفاطرها وبارائها لا تضر ولا تنفع إلا بإذنه سبحانه وتعالى وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ [يونس:107].
وقال صلى الله عليه وسلم: (واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك) رواه الإمام أحمد والترمذي.
لنعلم من هذا أن من أوائل ما يفزع إليه الإنسان حينما يبتلى بالسحر أن يفزع إلى الله وأن يحقق التوكل واللجوء إلى الله سبحانه وتعالى.
فمثل هذه الرقى ومثل هذه التعاويذ لا تزيد إلا شركاً، فمن شرط الرقية أن تكون سالمة من الشرك ودعاء غير الله، وأن تكون بالعربية وما يفقه معناه، وألا يعتقد المرقي أو المسحور أو المبتلى أنها تؤثر بذاتها، وإنما التأثير بتقدير وتدبير الله، والله عز وجل قد جعلها سبباً مباركاً.
وأنفع الرقى ما كان بالقرآن الكريم، أنفع الرقى ما كان بكلام الله سبحانه وتعالى.
وبالمناسبة فإن أناساً تتقطع قلوبهم على فلان بن فلان يا ليت أنه يحصل من فلان ساعة يقرأ عليّ فأنا مبتلى، يا ليت من يذهب إلى فلان أو يعرف عند فلان واسطة كي يقرأ عليّ لأن ذاك راقٍ ممتاز، يا أخي الكريم! أنت ترقي نفسك، يوشك أن يعتقد بعض الناس أن فلاناً بيده أو عنده أو حوله أمر معين يجعله يؤثر بنفسه أو يستقل بالتأثير من دون تدبير الله عز وجل، من شدة اللغو في الأشخاص الذين يرقون.
يا أخي الكريم! لا بأس أن تذهب إلى راقٍ لكن لا بأس أيضاً أن ترقي نفسك، ولا بأس أن يرقي بعضنا بعضاً، فليس من شرط الرقية أن يكون الإنسان سالماً من كل ذنب، فقد يبتلى الإنسان بمصيبة من المصائب، فلنفرض أنه مدخن والباكت في جيبه، فلنفرض أن إنساناً عنده معصية من المعاصي، يقول: لا، أنا ما يمكن ينفع الله عز وجل برقيته، لا يا أخي! ترقي ابنتك وترقي ولدك وتقرأ على أولادك، ولا تقول: لا والله أنا عندي ذنب أو عندي معصية أو مرتكب.. فأنا لا يمكن أن أرقي أو أستعمل هذه السبل الشرعية في دفع البلاء ومعالجة هذا السقم؛ لأن هذه الرقى هي دعاء والدعاء من كل عبد كان عاصياً أو مطيعاً، من كل عبدٍ كان مقتصداً أو كان سابقاً بالخيرات، أو مفرطاً يدعو الله عز وجل ويلجأ إلى الله والله سبحانه وتعالى يكفيه.
الشاهد ألا نغلو وألا نغالي في بعض الأشخاص الذين يقرءون ونظن أنه لا يمكن أن يشفي إلا رقية فلان وقراءة فلان، لا بأس قد ينفع الله بقراءة ورقية فلان لصلاحه وتقواه ودينه، وقبل ذلك بإرادة الله الشفاء، ولكن لا نعتقد أن الإنسان إن لم يجد من يرقيه أو يقرأ عليه فإنه لا يمكن أن يستفيد من الرقى، بل أنت ترقي زوجتك وترقي بنتك وترقي أولادك وترقي نفسك، حتى لو كان عندك من الذنوب والمعاصي.
فمن ادعى أن الرقية لا يفعلها إلا من هو كامل فقد أبطل كل رقيه إلا من قليل ممن رحم الله، ولا شك أن الصلاح له نفع بإذن الله سبحانه وتعالى، ولا بد للمريض أن يتيقن أن كلام الله نافع ومؤثر حتى يستفيد لأن من الناس من يقول لماذا؟ نجرب إن نفعت وإلا ما ضرت هذه الرقية، أو ما نفع هذه القراءة من القرآن، لا، إذا كنت تقول نجرب القرآن، إن نفع وإلا ما ضر فاعلم أنك لن تستفيد، لا تستفيد إلا إذا تيقنت تمام اليقين بكمال الاعتقاد أن القرآن شفاء وأنه مؤثر ونافع بإذن الله، كما يقول الله عز وجل: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً [الإسراء:82].
كذلك استعمال الأدوية المباحة فإن ذلك ينفع، ومما ينفع أيضاً تناول سبع تمرات عجوة صبيحة كل يوم، ففي صحيح البخاري عن عامر بن سعد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من اصطبح كل يوم سبع تمرات عجوة لم يضره سحر ولا سم ذلك اليوم إلى الليل).
وكذلك من الأمور المهمة: قراءة سورة البقرة، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه)، (اقرءوا الزهراوين البقرة وآل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف يحاجان عن صاحبهما) (اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة) قال معاوية: بلغني أن البطلة هم: السحرة.
وقراءة سورة البقرة معلوم ومجرب ونافع بإذن الله عز وجل، وقراءة آية الكرسي حين تبيت فإنه لا يقربك شيطان كما في قصة أبي هريرة، وقراءة الآيتين الآخرتين من آخر سورة البقرة كما في البخاري من حديث ابن مسعود قال صلى الله عليه وسلم: (من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه).
كذلك مما عرف بالتجربة في كتب وهب بن منبه وغيره أنه إذا سحر الإنسان سحراً، ربط به عن زوجته، أي: ما عاد يستطيع أن يجامعها، أو ضعف في جماعها بعد أن كان يعلم أن فيه قوة وحيوية في هذا الجانب، فمن الأدوية النافعة في ذلك أن يأتي بسبع ورقات من سدر، ثم يطحنها بين حجرين، ويضعها في إناء، ويسكب عليها ماءً، ثم يضربها ويقرأ عليها آية الكرسي والقواقل: قل أعوذ برب الفلق، قل أعوذ برب الناس، قل يا أيها الكافرون، ثم بعد ذلك يشرب منها ثلاث حسيات، ثم يغتسل بالباقي فإنه بإذن الله مجرب، وأعرف كثيراً ممن ربطوا عن زوجاتهم فعلوا ذلك فنفع الله به نفعاً، ولا بأس أن يكرر استعماله مرتين وثلاث حتى بإذن الله ينجلي هذا السحر.
ومن الأساليب النافعة في الرقية، رقية المسحور، أن تكرر الآيات التي فيها ذكر بطلان كيد الساحر وأن أمره في تباب، وأنه لا يفلح حيث أتى، كقوله تعالى: فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأعراف:118].
وقول الله عز وجل: فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ [الأعراف:119].
وقول الله عز وجل: مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ [يونس:81] وكقول الله عز وجل: إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى [طه:69].
اللهم احفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا، وعن أيماننا وشمائلنا ومن فوقنا ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا، اللهم احفظنا بأسمائك وصفاتك، اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا، اللهم اكفنا شر كل ذي شر، اللهم يا رب الفلق اكفنا شر ما خلقت، واكفنا شر ما ذرأت وبرأت ومن شر كل ذي شر ومن شر ما أنزلت، ومن شر ما كان في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها.
أقول قولي هذا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب: أما القول بأن هناك جناً خدماً لآيات معينة في القرآن فأقول والله أعلم ولا أدري عن هذا شيئاً، لكن إذا كان الشخص لا يأمرك بفعل شيء يفضي إلى الشرك والكفر، ورجل معروف في دينه وصلاحه، وربما استخدم طريقة معينة لا تتضمن أمراً شركياً وإنما هي من باب الدعاء والرقية والتعويذ، أو بعض الأدوية المجربة والأساليب المجربة، مثل قضية السدر مثلاً هذا سبب من الأسباب المجربة النافعة، فنقول: نرجو أنه مما لا بأس به، وينبغي أن يكون المسلم أصبر من الجن والشياطين، فتجد بعض الناس يقرأ مرة أو مرتين ثم يقول: مللت وكللت وسأذهب إلى ساحر حتى يفك هذا السحر، نقول: لا، اصبر يا أخي الكريم، لا يكون هؤلاء يمشون في سحرهم وفي ضلالهم ويكونون أصبر منك على هذا الكيد الذي يفعلونه، بل عليك أن تصبر على الأساليب والطرق الشرعية حتى يأذن الله بشفائك أو شفاء الأهل.
على أية حال نحن عندنا شرط واضح في هذه المسألة وهو السلامة من دعاء الجن واللجوء إليهم أو الاعتقاد بأنهم يفعلون، نحن نتكلم عن ذات الشخص وذات المريض، نقول: إذا كان هذا الطبيب أو هذا الراقي يفعل أسباباً مشروعة معينة أو أموراً مجربة لم يرد في الشرع ما يحذر منها من غير الوقوع في شرك أو ذرايعها أو ما ينافي كمال التوحيد فلا بأس بذلك، أما قضية دعوى أن هناك خداماً للآيات وإلى غير ذلك فأقول: الله أعلم وما سمعنا وما عرفنا أن ذلك من الأمور المشروعة.
الجواب: نصيحتي لأهل البيوت أولاً: أن يعمروا بيوت الله بذكر الله عز وجل، فإذا كانت البيوت عامرة بكلام الله وسنة رسول الله والأمور الخيرة النافعة فلو وجد فيها آلاف من الخدم الذين يعقدون ويفتنون والله ما يضرون مادام البيت معموراً بذكر الله، وأسماء الله وصفاته، هذا أمر.
الأمر الآخر: أن كثيراً من الناس يبالغون في التلطف مع الخادمات، يقول: مسألة الخدم بلوى ابتلينا بها، كما يقول الشيخ السادات الشنقيطي: في بيوتنا ذنب نذنبه كل يوم لا نستغفر الله منه، وهو وجود الخادم. فعلاً، والله إن هذا ذنب في بيوتنا، وفي أغلب البيوت خدم بلا محارم، وذلك أمر قد عمت به البلوى وكثر به التساهل، فإذا كان ولا بد، فلا بد للإنسان أن يعتني بهذه الأمور.
أولاً: ألا ينطلق في التعامل والتباسط من قبل أهل البيت، وألا يذيبوا الحواجز حتى لا يطمع هؤلاء الخدم في أهل البيت وليعاملهم معاملة العدل، فلا يجعلوهم يطمعوا فيهم، ولا يضيقون عليهم فيحقدون عليهم، لأن هؤلاء إن طمعوا فيك سحروك وآذوك وإن حقدوا عليك سحروك وآذوك، وما كل هؤلاء أيضاً من السحرة حتى لا نعمم، لكن ربما يكون فيهم من يعرف ذلك أو يحاول أن يفعل مثل هذه الأساليب، لكن خير ما يتحصن به الإنسان في أهله وبيته ذكر الله سبحانه وتعالى.
أما البيت الذي لا تجد في الصالة إلا مطرباً، وما في الحجرة إلا دش، وما في الأماكن إلا صور معلقة، يعني مهيأ أن يكون ضيافة خمسة نجوم للشياطين والسحرة، فكيف تستغرب أن يكون أو أن يوجد فيه السحر والشعوذة، لكن الخير أن يكون بيت مؤمنين، بيت إيمان لا صور معلقة، ولا أغاني تفتح، ولا شر يعلن، ومثل ذلك القرآن دائماً موجود.
وبعد ذلك يا إخوان! عندنا فرصة أجمل مما يكون تعلمناها من العجائز، وهي إذاعة القرآن الكريم يتركونها مدة أربع وعشرين ساعة مفتوحة في البيت فلا يستطيعون أن يقعدوا عندك بإذن الله طالما أنت تدخل وتسمي الله، إذا دخلت تقول: باسم الله، قال الشيطان: ارجعوا فلا مبيت لكم ولا طعام ولا غداء ولا عشاء.
وإذا خرجت قلت: باسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.. إلخ كفيت وهديت ووقيت، فالأذكار تحفظ وإنما يقع الناس في هذا البلاء إذا ضيعوا الأذكار، ويا ليت المدارس الحكومية والمدارس الأهلية تفرض حفظ الأذكار على الأطفال صماً غيباً لا يضيعه أحد فإن ذلك من خير ما ينفع ويفيد.
أتمنى أن يكتب عدد من الإخوة الحضور اقتراحاً إلى وزارة المعارف وإدارة التطوير والمناهج أن يُجعل الأذكار من أوائل ما يحفظه الطالب في المرحلة الابتدائية، مع تحفيظ الأسرة أولادهم هذا ؛ فإنه بإذن الله ينفع، وهي أذكار بسيطة: الفاتحة وآية الكرسي وآخر البقرة والمعوذات وأذكار معينة من دخول وخروج وتعويد على البسملة، فبإذن الله هذا يجدي وينفع.
الجواب: نعم بإذن الله عز وجل.
الجواب: هنا كتاب انصح به اسمه: "الصارم البتار في الوقاية من السحر والشعوذة والأشرار" أو شيء من هذا.. للشيخ وحيد عبد السلام بالي.
وهذا كتاب من أجمل وأجود وأنفع ما ألف في السحر وعلاجه.
الجواب: على أية حال نحن لا نعلم الغيب، لكن إذا حصل بينهما طلاق وثبت هذا الطلاق وبقي في رصيده طلاق ما يمكن أن تحصل به الرجعة، يعني لم يكن ذلك الطلاق طلاقاً بائناً مثل أن يكون طلقة ثالثة، وإنما طلق طلقة واحدة ثم انتهت العدة ثم رأوا أن حالهما تحسنت ورغب بعضهما في بعض، فلا بأس أن يرجع من غير خضوع وخوف وضعف أنه تحت رحمة السحرة، وأن السحرة إن شاءوا فرقوهم وإن شاءوا جمعوهم، بل عليهما أن يقدما وأن يمضيا وأن يلتقيا وأن يجتمعا في رعاية ما بينهما من الود والمحبة من سالف عهدهما الزوجي، أو رعاية أبنائهما إن كانت بينهما أبناء ولا يخضعا للضعف، (استعن بالله ولا تعجز ولا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا).
الجواب: كثير من الناس فيهم مرض ضعف الإرادة، يريد أن يذهب في الساعة السادسة والنصف إلى الدوام لكن الوسادة تخبط على وجهه ورأسه فلا يقوم إلا في الحادية عشرة، يريد أن يذهب إلى الجامعة في الساعة السابعة أو الثامنة فلذة النوم لا تجعله يقاوم أن يخرج إلى كليته أو معهده، يريد أن يتوجه إلى وظيفته يريد أن يعمل عملاً يريد أن يتجر يريد أن يذهب إلى السوق فتجده كسولاً جثة راقدة قاعدة لا يتحرك أبداً، ثم إذا مرت الأيام وأصبح ضعيفاً مفلساً متخلفاً قال: أنا مسحور، ما ثمة سحر، إنما هو ضعف الإرادة.
فأيضاً ينبغي أن نتعلم أن الإنسان يعود نفسه على قوة الإرادة، لا تجعل نفسك بشهواتها تغلب على حي على الصلاة حي على الفلاح، إن شهوة النوم تغلب على الدوام في الوقت المناسب، والوقت المحدد، شهوة الراحة تغلب على طلب العلم والدراسة، ثم بعد ذلك نقول: أنا مسحور أنا.. إلى غير ذلك، لا يا أخي الكريم! ما فيك إلا ضعف إرادة، ولو أنك بت أو ذهبت قوياً منطلقاً شكيم العزيمة قوي الإرادة بإذن الله عز وجل ما يضرك شيء ولا تتوقع أنك مسحور، ولكن إذا تضاعفت وتضعضعت، وتهيأت نفسياً للسحر، يأتيك جني على الطريق ويركب في المكان الخاوي، فالإنسان عندما يهيئ نفسه للسحر ويخضع، كأنه يفتح ضيافة لهؤلاء الشياطين، وبالمناسبة كلما كان الإنسان قوياً في شخصيته، قوياً في ذاته كان الشياطين أبعد عنه بإذن الله عز وجل، فيعود الإنسان نفسه قوة الشخصية، وقوة الإرادة ولا يضعف ولا يتزعزع بأية حال، أنصح الشباب خاصة فيما يتعلق بالإرادة والعزيمة في الدراسة والعمل والطلب، في محاضرة ألقيت في أحد المساجد بعنوان: (الحزم أو الضياع) أنصح بسماع هذه المحاضرة فلعلها تعالج هذا الجانب الذي يعترض بعض الشباب أو ينتابهم من الضعف والفتور والكسل ثم يدعون أن فيهم مساً أو سحراً أو نحو ذلك.
الجواب: عليه أن يسمي بالله عز وجل وأن يفتفته وإن غمسه في ماء قد قرئ فيه كما يفعل أو كما أخبرني بعض القراء ولا أدري ما الدليل على ذلك وإن أحرقه وأتلفه فلا يضره شيء بإذن الله عز وجل.
الجواب: هذه الكتب لا ينبغي أن تتداول ولا تنشر ولا تطبع، وهي حقيقة فكرة تسويقية لجلب المال، وقد استطاع صاحب الكتاب بهذه الطريقة، أن يجلب من المال ما استطاع، وإلا من الذي قال لك: إن هؤلاء الجن صادقون، وما الدليل على صدق ذلك، وما هو الدليل على أنك تثير هذه القضايا، وبالإمكان غداً أن يقول لك شخص: والله الشيطان رقم ستة وثلاثين في حوار ساخن على (السي إن إن) وجمع الناس على الصحيفة هذه ونقل مثل هذه المعلومات والأخبار، هذا كلام فارغ ولا ينبغي الإقبال عليه ولا ينبغي تصديقها أبداً بأي حال من الأحوال.
بالمناسبة أذكر أن شاباً متلبساً بالجن صلى معنا، وقال: والله أنا معي جني وكذا، ويريد أن يتحدث معك، قلت: انظر يا أخي أنا والله لست متفرغاً للإنس فهل أتفرغ للجن، لكن تعال نسمع ما عندك، فبدأ وأعطاني من هذه القصص والسواليف سمعت أول مرة، ورأيت من أحواله عجباً أغلقت عليه الباب ثم فوجئت أن الباب انفتح، والرجل يصرع في حال خروج الجني، وينفتح الباب وينغلق وكذا.
ثم جاء مرة ثانية فقلت: والله لست متفرغاً وليس عندي استعداد الآن لهذه الأمور، ثم سألته حتى أتأكد من صدق دعواهم في أنهم يعلمون أو يطببون أو يعرفون، بالمناسبة بعض الجن قد يكون عنده شيء من علم الطب الشعبي أو علم الطب ببعض الأساليب الأولية وغيرها، فقلت له: إن رجلاً مبتلىً بكذا وكذا ما عندك من العلاج له؟ قال: يا أخي يكتب الآيات الفلانية ويعلقها على ظهره، قلت: إخسأ يا البعيد! ما يعلق القرآن على الظهر أبداً، هذا من وسائل الشرك لما يفضي إلى الاستهانة بالقرآن الكريم، فتلاحظ أن بعضهم يدعي أنه يفعل ذلك ثم لا يلبث إلا أن يأتي بالخزعبلات والهرطقات التي لا يقبلها عقل ولا يصدقها، فلا بد من قوة الشكيمة والعزيمة في مواجهة هؤلاء، وإن كنت ضعيفاً وتسلطوا عليك فنسأل الله أن يعيننا وإياك.
الجواب: نعم ممكن وكما مر معنا في المحاضرة، فإذا ثبت أن الساحر قتل بسحره أحداً فإنه يقتل قصاصاً.
الجواب: السحر كيد ومكر وخداع، والله عز وجل قال: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ [فاطر:43] فكل من دبر مكراً، سحراً بمكر أو مكراً بسحر فسوف ينقلب عاقبته وشره على من فعل، والمخادع لا يخدع إلا نفسه، والذي يضر لا ينقلب إلا عليه سعيه والعياذ بالله، فينبغي أن ننتبه وأن نحذر، ولنعلم أن المقة من الله، وفي البخاري باب المقة من الله، والمحبة من الله سبحانه وتعالى، إذا قسم الله المحبة انتهى الأمر، وإذا لم تكن هناك محبة فلا نذهب نأتي له بالشعوذة والطلاسم مثل ما يقول العوام: (المطبق يصيح والملص يطيح) القضية إن لم يُقْسَم بين الزوجين محبة وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ [النساء:130].
ولماذا نجعل الطلاق قضية وكأنما هي قضية انشطار الكون... واحد تزوج واحدة وما صار بينهم توفيق فكل يذهب بستر الله وانتهت القضية، ابحثوا لهم، دبروا لهم، هاتوا عمل، هاتوا تحبيب، هاتوا صرف، هاتوا جمع، هاتوا هاتوا.. إلى آخره، فإن هذا من أخطر الأمور، ثم أيضاً لا تزيد القضية إلا تعقيداً، ولا تزيد الأمر إلا بلاء وشدة وضنكاً.
الجواب: قد أفتى من أفتى بذلك واستدل بكلام بعض السلف ، الإنسان إذا كان في حالة اضطرار شديد جداً وعلى بلاء عظيم ولا سبيل له إلا ذلك، قد تكلم بهذا، لكن الذي عليه عامة العلماء وأئمة الدعوة ومشايخ هذه البلاد الأجلاء الأكارم أن السحر لا ينبغي أن يلجأ إلى الساحر لفك السحر، لأنه يفضي إلى استمرار السحر والسحرة أعاذنا الله وإياكم، وبالمناسبة فإن مثل هذا الكلام لا يصح أن يكون فتوى عامة، أي: من كان في بلوى خاصة في وضع معين، فله أن يذهب ويذكر جميع ظروفه وأحواله وما يتعلق به، ثم بعد ذلك يأخذ من سماحة المفتي أو الأئمة الكبار ما يطبقه تفصيلاً على واقعته وقضيته.
الجواب: إذا كان لا يدري أنه مسحور فإنه غير مسحور.
الجواب: المرأة التي لا تطيع زوجها نذكرها بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ولو أني أمرت أحداً أن يسجد لأحدٍ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها) فإذا كان السجود الذي لا يجوز إلا لله، لو جاز لغير الله لكان لامرأة لزوجها من عظيم حق الزوج، وبالمناسبة بعض النساء إذا اختلفت مع زوجها تظن أن هذا يبيح أن تسقط حقوقه، فربما اختلفت معه على النفقة على أمر يتعلق بالأولاد أو على فرش أو على أثاث أو على شيء متعلق بالبيت، ثم تكون حزينة، فيقول لها: يا بنت الناس أعطينا غداء؟ ما في غداء، يا بنت الناس تعالي للفراش؟ لا، يا بنت الناس كذا؟ لا.
فلتعلم أنها إذا دعاها زوجها إلى الفراش ثم أبت وبات عليها زوجها ساخط لعنتها الملائكة حتى تصبح، فلو قلنا لها: يا أمة الله يا فلانة، إن الشيخ فلان وفلان يلعنونك من الآن إلى الصباح قالت: ماذا سويت وماذا فعلت أرجوكم كفوهم لا يلعنونني، إن الملائكة يلعنونك أيتها المرأة التي لا تسمعين أوامر زوجك إذا كان يأمرك بالمعروف أو في أمر تطيقينه، ولا تعجزين عنه، إلا إذا أمرت المرأة بمعصية، فلا طاعة، وإن أمرت المرأة بما لا طاقة لها به فلا طاعة.
الجواب: أشكر للسائل هذا السؤال ولكن يا أخي الكريم لقد أوردتها على غير ما تورد.
أوردها سعد وسعد مشتمل ما هكذا يا سعد تورد الإبل |
ما هكذا يورد السؤال لأنك قلت: إني خصصت دقيقة للدعاء الجماعي! لا، الذي أذكر أنني قلت: ماذا تستهلك منا قراءة سبحان الله مائة مرة، كم تستهلك منا من دقيقة، وليجرب كل واحد في نفسه، فكون والله كل واحد سكت وأخذ يجرب في نفسه، ليعد كم تستهلك قراءة سبحان الله وبحمده، هل هذا دعاء جماعي؟ لا، يا أخي الكريم افهم الأمور، لا تكن كمن ساء فهماً وأساء نطقاً ونقلاً بارك الله فيك، قلت مثلاً في ذلك المجلس، قلت: يا إخوان قال صلى الله عليه وسلم: (أيعجز أحدكم أن يكسب ألف حسنة، وتمحى عنه ألف خطيئة، قال الصحابة: وأينا يطيق أن يفعل ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: من قال: سبحان الله مائة مرة كتبت له ألف حسنة أو محيت عنه ألف خطيئة).
ثم قلت: يا إخوان ليجرب كل واحد منكم كم تستغرق مائة مرة من قول سبحان الله حينما يقرؤها بينه وبين نفسه، فسكت الجميع مدة دقيقة أو دقيقتين أو ثلاث، كل واحد يقول في نفسه: سبحان الله، سبحان الله، يعني كل واحد يسبح الله ويعد لكي يعلم كم تستغرق قول سبحان الله مائة مرة من دقيقة، فإذا بها ما جاوزت الدقيقة ونصف، ويكسب بها ألف حسنة وتمحى عنه ألف سيئة، هل يسمى هذا بدعة؟ إذاً افهم قبل أن تسأل.
الجواب: الأحوط والأحرى أن يجتهد في سدادها، وأن يجتهد ورثته من بعده في براءة الذمة منه، لا شك أن الأصل أن بيت مال المسلمين يقضي دين من مات وعليه دين ولا يوجد في تركته ما يقوم بسداد هذا الدين، فالأصل والواجب في بيت مال المسلمين أن الإنسان إذا مات أو تحمل حمالة أو دية ثم عجز عن أن يدفعها أو لم يكن في عاقلته ما يؤدي هذه الدية شرعاً، فإن بيت مال المسلمين ملزم أن يقضي عن هذا المسلم دينه، وأن يقضي عنه هذه الدية.
لكن فيما يتعلق عليه من مخالفات وأمور ورسوم أو.. أو.. إلى آخره فنقول يا أخي الأحوط براءة ذمة هذا الميت، فمن المعروف أنه يغفر للشهيد كل شيء إلا الدين، والقصة باختصار أن أحد الصحابة توفي، فقدم بعض الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه قال: هل عليه دين؟ قالوا: نعم ديناران يا رسول الله قال: (صلوا على صحابكم فقال
فالذين يتساهلون بالديون ويأخذون أموال الناس وهم لا يريدون السداد أو يأخذون الأموال.. حتى وإن كان صندوق تنمية عقاري أو زراعي أو نحو ذلك إن وقع على عقد فتوفي، فمن أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله، ومن أخذها يريد أن يؤديها أدى الله عنه، فالواجب على كل من اقترض قرضة أو استدان ديناً من الدولة أو من شخص أن يعزم في قرارة قلبه على سداد الدين ورده لأهله ولا يلقى الله عز وجل بدين.
الجواب: لا، إن المرأة قد تشتري رقيقاً تملكه وتبيعه وتشتري رقيقاً عبداً وأمةً فتى وجارية، ثم يكونان رقيقين لها ويتناسلان، ونسلهما ملكاً لها، لكن للرجل إذا اشترى جارية أن يستمتع بها، لكن ليس للمرأة إذا اشترت عبداً أن تستمتع به لأن ذلك لا يجوز ألبتة.
كل الأسئلة التي وردت إلينا يشيرون فيها إلى ذكر محبتهم لك في الله سبحانه وتعالى، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمعنا في دار كرامته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر