باب إيجاب إحداث النية للوضوء والغسل.
أخبرنا يحيى بن حبيب الحارثي وأحمد بن عبدة الضبي قالا: حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص الليثي قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله وإلى رسوله فهجرته إلى الله وإلى رسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه) ].
وهذا الحديث عظيم رواه الشيخان وغيرهم، وفيه: وجوب النية لكل العبادة، ومن ذلك وضوء الغسل إذ لا تصح العبادة إلا بالنية: (إنما الأعمال بالنيات).
قال: [ لم يقل أحمد : (وإنما لامرئ ما نوى).
قال: أخبرنا محمد بن الوليد ، أخبرنا عبد الوهاب -يعني: ابن عبد المجيد الثقفي - قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: أخبرني محمد بن إبراهيم أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى) ].
قال: أخبرنا محمد بن يحيى وعبد الرحمن بن بشر بن الحكم قالا: حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن ثابت وقتادة عن أنس رضي الله عنه قال: (طلب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وضوءاً فلم يجدوا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هاهنا ماء؟ فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم وضع يده في الإناء الذي فيه الماء، ثم قال: توضئوا باسم الله، فرأيت الماء يفور من بين أصابعه، والقوم يتوضئون حتى توضئوا من آخرهم، قال
وهذا ثابت في الصحيح، لكن بدون: (توضئوا باسم الله).
قال في تخريجه: [ إسناده صحيح ورواه النسائي ].
وهذا الدليل ليس بظاهر، إذ إنه يحتمل أنه: (توضئوا باسم الله) يعني: تبركاً باسم الله، وليس المراد يعني: أنها تكون قبل الوضوء، والأحاديث في تسمية الوضوء كلها ضعيفة، ساقها الحافظ ابن كثير رحمه الله في آية المائدة؛ ولهذا ذهب الجمهور إلى أن التسمية مستحبة؛ لأن الأحاديث التي فيها الأمر بالتسمية كلها ضعيفة، وذهب الإمام أحمد في رواية إلى أنه يشد بعضها بعضاً؛ ولهذا ذهب الحنابلة إلى وجوب التسمية عند التذكر إذا كان متذكراً، وإذا نسي سقطت، أما الجمهور فإنهم ذهبوا إلى الاستحباب.
فثبوته أيضاً في هذه الأحاديث فيه نظر، إذ إن الحديث في تكثير الماء، وأنه دليل على البركة، وهو في الصحيح ليس فيه: (توضئوا باسم الله).
وهذا وأمثاله هو الذي شأن كتابه ووضعه، وجعل تصحيحه دون تحسين غيره، قال البيهقي : هذا الحديث أحد ما يخاف أن يكون من تدليسات محمد بن إسحاق ، وأنه لم يسمعه من الزهري ، ورواه البيهقي من طريق معاوية بن يحيى الصدفي
عن الزهري ومعاوية هذا ليس بقوي، وقال في شعب الإيمان: تفرد به معاوية بن يحيى ، وقال: إن ابن إسحاق أخذه منه، قال: ويروى نحوه وعن عروة عن عائشة رضي الله عنها وكلاهما ضعيف، ورواه من حديث الواقدي ، قال: حدثنا عبد الله بن أبي يحيى الأسلمي عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث، ولكن الواقدي لا يحتج به ].لأن الواقدي أخباري ضعيف، وهو ضعيف في الرواية.
قال: [ ورواه من حديث حماد بن قيراط قال: حدثنا فرج بن فضالة عن عروة بن روي عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها وذكر الحديث، وهذا الإسناد غير قوي، فهذا حال هذا الحديث، وإن ثبت فله وجه حسن وهو: أن الصلاة بالسواك سنة، والسواك مرضاة للرب، وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم شأنه وقال: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلا)، وأخبر أنه مطهرة للفم مرضاة للرب، وقال صلى الله عليه وسلم: (أكثرت عليكم في السواك)، رواه البخاري ، وفي مسند أحمد عن التميمي قال: سألت ابن عباس عن السواك فقال: (ما زال النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا به حتى خشينا أن ينزل عليه فيه) وفي لفظ: (أمرت بالسواك حتى خشيت أن ينزل علي به وحي) وقال ابن عباس : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما لي أراكم تأتونني قلحاً، استاكوا! لولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك كما قد فرض عليهم الوضوء) وقال: (عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك.) الحديث.
فجعل السواك من الفطرة، وقال عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُمر بالوضوء عن كل صلاة طاهراً أو غير طاهر، فلما شق عليه ذلك أمر بالسواك، وقال: إن العبد إذا تسوك ثم قام يصلي أتاه الملك فقام خلفه يستمع القرآن، ويدنو فلا يزال يستمع ويدنو حتى يضع فاه على فيه فلا يقرأ آية إلا كانت في جوف الملك.
وفي هذا يدل على أنه لا يصح الحديث، ظاهره أنه ما ثبت الحديث، لكن الصلاة بالسواك لا شك في فضلها.
قال: أخبرنا نصر بن علي ، أخبرنا بشر بن المفضل ، أخبرنا خالد الحذاء عن عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمسن يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً، فإنه لا يدري أين باتت يده)].
قال في تخريجه: [ إسناده صحيح ].
والحديث ثابت، وفيه: مشروعية غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء ثلاثاً، وهذا الأمر للاستحباب عند الجمهور، وهو أمر متأكد، وهو واجب عند الظاهرية وجماعة، والقول بالوجوب قول قوي، والصواب: أنه يجب؛ لأن الأوامر الأصل فيها الوجوب، فيجب غسل اليدين ثلاثاً قبل إدخالهما الإناء، وإن قال الجمهور بالاستحباب، والصواب: أنه للوجوب، لأن الأصل في الأوامر الوجوب إلا بصارف، ولا صارف، لكن لو غابت يده في الإناء فلا يكون نجساً ولا يكون مستعملاً ما دام أنه لم يتغير، لكن يأثم. (فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده)، والبيتوتة لا تكون إلا في الليل، فعند العلماء هذا في الليل، والنهار يكون مستحباً، ومستحب غسل اليدين ثلاثاً قبل كل وضوء مطلقاً في الليل والنهار، لكن في الليل يتأكد؛ لقوله: (فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده) والبيتوتة إنما تكون في الليل.
قال:[ أخبرنا بشر بن معاذ بهذا فبلغ، وقال: (من إنائه) ].
يعني: في إنائه، إذا كان إناءً، أما مثل البرك والأشياء الكبيرة فإنه يغترف، فإن وجد شيء يغترف منه كان أحسن.
وإن لم يدرك ذلك عقله ورأيه، وهذه الآية فيها: أنه لا يجوز للإنسان أن يعارض أمر الله وأمر رسوله، بل يجب عليه التسليم والقبول وإن لم يعرف المعنى، قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا [الأحزاب:36]، ودل على أنه معصية إذا خالف الأمر، قال تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63].
قال: [ أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، أخبرنا عمي، أخبرني ابن لهيعة وجابر بن إسماعيل الحضرمي عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات، فإنه لا يدري أين باتت يده، أو أين طافت يده، فقال له رجل: أرأيت إن كان حوضاً؟ قال: فحصبه
و ابن لهيعة لا يقبل منه الحديث لضعفه؛ لأنه ضعيف احترقت كتبه لكن قوي بغيره.
[ قال أبو بكر: ابن لهيعة ليس ممن أخرج حديثه في هذا الكتاب إذا تفرد برواية، وإنما أخرجت هذا الخبر؛ لأن جابراً بن إسماعيل معه في الإسناد ].
وهذا فيه تحذير من الاعتراض على قول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم، ولما اعترض هذا الرجل قال: أرأيت، اعترض عليه.
وفيه: دليل على أن ابن خزيمة يرى وجوب غسل اليدين ثلاثاً إذا استيقظ من منامه، ظاهر هذا: أنه يرى الوجوب، وأنه لا يجوز لإنسان أن يعترض على قول الله وقول رسوله.
قال الألباني : [ قلت: لكن التحقيق العلمي يقتضي أن ابن لهيعة صحيح الحديث إذا كان الراوي عنه أحد العبادلة، ومنهم عبد الله بن وهب ، وهذا من روايته عنه كما ترى، وللحديث شاهد مضى ]. والصواب: أنه ضعيف حتى في رواية العبادلة، لكن رواية العبادلة أحسن من غيرهم، إذا روى عنه أحد العبادلة، لكن هنا مقرون بغيره، مقرون برواية جابر كما قال ابن خزيمة : أنا لا أخرج عن ابن لهيعة ، لكن لأنه قرن بغيره.
قال في التخريج: [ إسناده صحيح، أخرجه الدارقطني من طريق أبي بكر وابن ماجة إلى قوله: (حتى يغسلها) ].
قال: أخبرنا محمد بن أبي صفوان الثقفي ، أخبرنا عبد الرحمن - يعني: ابن مهدي -، أخبرنا زائدة بن قدامة ، عن خالد بن علقمة الهمداني عن عبد خير قال: (دخل
وهذا الحديث فيه كيفية الوضوء، وفيه: أنه يغسل يديه ثلاثاً؛ لأنه غسل، فقوله: أكفأ بيده اليسرى على يده اليمنى الإناء ثم غسل، ثم أكفأ بيده اليمنى على يده اليسرى، هذه كيفية الغسل، ولكن إذا كان هناك صنبور جعلهما تحته وغسلهما جميعاً، لكن إذا كان إناءً صب وأكفأ من يده اليسرى على اليمنى ثم غسلها وهكذا.
يعني: وأخرج اليمنى وصب على اليسرى، ثم عكس وأخذ الإناء بالأصبع وصب على اليمنى، المهم يغسلهما ثلاثاً.
قال في تخريجه: [ إسناده صحيح كما في الفتح ].
قال: أخبرنا عبد الله بن سعيد الأشج ، حدثنا ابن إدريس ، أخبرنا ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فغرف غرفة فمضمض واستنشق، ثم غرف غرفة فغسل وجهه، ثم غرف غرفة فغسل يده اليمنى، وغرف غرفة فغسل يده اليسرى، وغرف غرفة فمسح رأسه وباطن أذنيه وظاهرهما، وأدخل أصبعيه فيهما، وغرف غرفة فغسل رجله اليمنى، وغرفة فغسل رجله اليسرى) ].
قال في التخريج: [ إسناده حسن ].
وهذا الحديث فيه: دليل على استحباب المضمضة والاستنشاق من غرفة واحدة، هذا هو الأفضل كما في الصحيحين وغيرهما، يأخذ غرفة يتمضمض منها ويستنشق، وإن تمضمض بغرفة واستنشق بغرفة فلا حرج، لكن الأفضل أن يتمضمض ويستنشق من غرفة واحدة، يفعل هذا ثلاثاً كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
وفيه: دليل أيضاً على الوضوء مرة مرة، وهذا هو الواجب والمجزئ أن يغسل كل عضو مرة، والمراد بالمرة: تعميمه بالغسل، وليس المراد: الغرفة، بل المراد: تعميمه بالغسل، فإذا عمم بالغسل مرة أجزأ، والأفضل ثلاث، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه توضأ مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثاً ثلاثاً، ومخالفاً بعضها مرة وبعضها مرتين وبعضها ثلاث مرات، كل هذا جائز، وكل هذا ثبت في السنة.
والمضمضة والاستنشاق: أن يتمضمض ثم يمج الماء في فمه، ثم يخرج الماء الذي في فمه، ثم يستنشر بيده الأخرى.
قال: أخبرنا صالح بن عبد الرحمن بن عمر بن الحارث المصري وأحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي قالا: حدثنا ابن أبي مريم ، أخبرنا يحيى بن أيوب ، أخبرنا أبو الهاد - وهو يزيد بن عبد الله - عن محمد بن إبراهيم ، عن عيسى بن طلحة عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر ثلاث مرات فإن الشيطان يبيت على خياشيمه) ].
قال في تخريجه: [ أخرجه البخاري من طريق ابن أبي حازم ].
وفي الحديث: الأمر بالاستنثار والاستنشاق وإدخال الماء في الخياشيم.
واختلف العلماء في ذلك، فقال بعضهم: إن هذا الاستنشاق قبل الوضوء يستنشق ويستنثر؛ لأن الشيطان يبيت على خياشيمه، وقال آخرون: إن المراد: الاستنشاق في أثناء الوضوء، يتمضمض ويستنشق، لكن ظاهر الحديث أن المراد الاستنشاق قبل الوضوء؛ لأن الاستنشاق في الوضوء هذا لا بد منه وهو معروف، قال بعضهم: إن هذا الأمر للوجوب، فينبغي له أن يستنشق قبل الوضوء؛ لأن الشيطان يبيت على خيشومه.
قال: أخبرنا الزعفراني وزياد بن يحيى الحساني وإسحاق بن حاتم بن سنان المدائني ورزق الله بن موسى والجماعة قالوا: حدثنا يحيى بن سليم ، حدثنا إسماعيل بن كثير عن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه قال: (قلت: يا رسول الله! أخبرني عن الوضوء؟ قال: أسبغ الوضوء، وخلل الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً) ].
قال في تخريجه: [ إسناده صحيح وله متابع عند الحاكم ].
والحديث لا بأس بسنده، وفيه: مشروعية المبالغة في الاستنشاق لغير الصائم؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً).
ودل الحديث على أن الأنف منفذ وأنه كالفم؛ ولهذا يدخل الماء للصائم من الأنف؛ لأنه يصل إلى الحلق بخلاف العين والأذن فليستا منفذين؛ ولهذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أنه لو اكتحل في عينيه وهو صائم أو قطر في أذنه لا يعتبر مؤثراً؛ لأن العين ليست منفذاً وكذلك الأذن، بخلاف الأنف فإنها منفذ، وقد يأكل عن طريق الأنف، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المبالغة في الاستنشاق.
وفيه: استحباب المبالغة في الاستنشاق لغير الصائم لكمال التنظيف.
قال: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، حدثنا خلف بن الوليد ، حدثنا إسرائيل عن عامر بن شقيق عن شقيق بن سلمة : عن عثمان بن عفان : (أنه توضأ فغسل وجهه ثلاثاً، واستنشق ثلاثاً، ومضمض ثلاثاً، ومسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما ورجليه ثلاثاً، وخلل لحيته وأصابع الرجلين، وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ) ].
وهذا هو الوضوء الكامل ثلاثاً.. ثلاثاً، وفيه: مشروعية تخليل اللحية، والتخليل بين الأصابع، أي: أصابع اليدين والرجلين حتى يبلغها الماء، والتخليل إذا كانت اللحية كثيفة مستحب وليس بواجب، والواجب غسل ظاهر اللحية، والكثيفة هي التي تستر البشرة، أما إذا كانت اللحية ضعيفة لا تستر البشرة فيجب إيصال الماء إلى البشرة، أما إذا كانت كثيفة فيكفي غسل ظاهرها، وإن خلل فهو أكمل، والتخليل مستحب.
قال في تخريجه: [ إسناده ضعيف، عامر بن شقيق لين الحديث كما في التقريب.
هذا الكلام للألباني ، وقال المحقق: وله متابع وشاهد عند الحاكم وقال الحافظ في التلخيص: قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ليس في تخليل اللحية شيء صحيح، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في تخليل اللحية شيء، وأخرجه ابن ماجة ].
قال: [ أخبرنا إسحاق بن منصور ، أخبرنا عبد الرحمن - يعني: ابن مهدي -، حدثنا إسرائيل عن عامر بن شقيق عن شقيق بن سلمة قال: (رأيت
قال عبد الرحمن : وذكر يديه إلى المرفقين ولا أدري كيف ذكره.
قال أبو بكر : عامر بن شقيق هذا هو ابن جمزة الأسدي وشقيق بن سلمة هو أبو وائل ].
قال في التخريج: [ عامر بن شقيق بن جمزة بجيم الأسدي الكوفي عن أبي وائل وعنه إسرائيل ، قال: ابن يونس ضعفه ابن معين وقال النسائي : ليس به بأس، وذكره ابن حبان في الثقات ].
فإن قال قائل: هل الاستنثار واجب؟
الجواب: الصواب: أنه واجب، الاستنشاق والاستنثار والمضمضة كلاهما واجب.
وإن قيل: هل الاستنشاق والمضمضة عند القيام من النوم بالليل فقط؟
الجواب: نعم، هذا في الليل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا استيقظ أحدكم من منامه)، فالغالب أنه في نوم الليل؛ لأن نوم النهار في الغالب يكون قليلاً.
قال: أنبأنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، أنبأنا ابن علية ، أنبأنا محمد بن إسحاق ، حدثني محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة عن عبيد الله الخولاني عن ابن عباس قال: (دخل
والقعب: قدح من خشب أو إناء من خشب.
قال في تخريجه: [ إسناده حسن من أجل الخلاف المعروف في ابن إسحاق وقد صرح بالتحديث ].
وإذا صرح بالتحديث زال المحذور؛ لأنه ثقة، وقوله: (صك بها وجهه) يعني: غسل وجهه، يعني: كأنه من بعد، والمقصود: غسل الوجه.
قال في الحاشية: [ قال المنذري : في هذا الحديث مقال، وقال الترمذي : سألت محمد بن إسماعيل -يعني البخاري -فضعفه ].
فـالمنذري معروف أنه إمام، وقد ذكر أن فيه مقالاً في أحد الرواة، يعني: استنكر لفظة (فصكه في وجهه) لأن المعروف أنه أخذ ماء فغسل وجهه، فصكه يعني: كأنه ألقاه من بعد.
وفي الترجمة: [ باب استحباب صك الوجه بالماء عند غسل الوجه].
فظاهره أن ابن خزيمة يرى أن الحديث صحيح، والمنذري يقول: فيه مقال، والألباني حسنه.
أنبأنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، أنبأنا عمي، حدثني عمرو - وهو ابن الحارث - أن حبان بن واسع حدثه أن أباه حدثه أنه سمع عبد الله بن زيد بن عاصم المازني يذكر: (أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فمضمض ثم استنثر، ثم غسل وجهه ثلاثاً، ويده اليمنى ثلاثاً والأخرى ثلاثاً، ومسح رأسه بماء غير فضل يده، وغسل رجليه حتى أنقاهما) ].
وهذا رواه الشيخان، وفيه: أنه غسل رأسه بماء غير فضل يديه؛ أي: أنه يأخذ ماء للرأس لكن لا يصبه صباً، إنما يأخذ ماء بيديه ثم يمسح رأسه مسحاً، فالرأس له ماء غير فضل اليدين.
قال في التخريج: [ وفي الأصل حبان بن واسع حدثه، والتصحيح من صحيح مسلم ].
قال: أنبأنا محمد بن رافع ، أنبأنا عبد الرزاق ، أخبرنا مالك بن عمرو بن يحيى عن أبيه عن عبد الله بن زيد : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح رأسه بيديه وأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم رأسه، ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه) ].
هذا هو السنة، هكذا يبدأ من مقدم رأسه إلى قفاه ثم يردهما إلى المكان الذي بدأ منه، هذا هو الأفضل وكيفما مسح وعمم الرأس أجزأ؛ لأن الأفضل هو هذا، يبدأ بمقدم رأسه إلى قفاه، ثم يردهما إلى المكان الذي بدأ منه، فإذا ردهما يكون أطراف الشعر الذي ما أصابه المسح يصيبه مرة واحدة، لا يكون المسح مرتين.
وإن فعل العكس فلا بأس، لكن هذا الأفضل، وإذا مسح بيد واحدة كفى.
قال: [ أنبأنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي ، أنبأنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن عبد الله بن زيد : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فغسل وجهه ثلاثاً وغسل يديه مرتين، ثم مسح برأسه وبدأ بالمقدم، ثم غسل رجليه) ].
وفيه: أنه توضأ مخالفاً غسل وجهه ثلاثاً ويديه مرتين، وهذا ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثاً ومرة مرة، ومرتين مرتين وثلاثاً ثلاثاً ومخالفاً، وفيه: أنه بدأ بمقدم رأسه، هذا هو الشاهد.
يعني: لا يأخذ ماءً ويصبه على الرأس، وإنما يأخذ الماء بيديه يبلهما ثم يمسح، ولا يأخذ ماء يصبه على الرأس مثلما يغسل يديه ووجهه، فالماء لا يصبه على الرأس إنما يبل يديه بالماء ثم يمسح.
فإن قيل: هل يجزئ إذا مسح على بعض الرأس؟
فالجواب: بعض العلماء يرى أنه يجزئه إذا مسح على ربع الرأس ونصف الرأس، والصواب: أنه لا بد أن يعمم الرأس؛ لأن الله قال: وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ [المائدة:6].
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ خبر عبد خير عن علي : (ثم أدخل يده اليمنى في الإناء حتى غمرها الماء، ثم رفعها بما حملت من الماء، ثم مسحها بيده اليسرى، ثم مسح رأسه بيديه كلتيهما أو جميعاً) ].
يعني: أخذ الماء وغرف غرفة وصب على يده اليسرى ثم مسح بيديه كلتيهما، وهذا دليل على أنه لا يصب الماء عليه.
هذا السائل الذي سأل مالكاً قال: هل يجزئ مسح مقدم رأسه هكذا؟ فاستدل بالحديث الذي فيه أنه لا بد من التعميم من مقدم رأسه إلى قفاه ثم يردهما إلى المكان الذي بدأ منه، ودل على أنه لا بد من التعميم.
قال أبو بكر : قد أمليت حديث عثمان بن عفان وخبر ابن عباس في مسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما ].
السنة مسح الأذنين باطنهما وظاهرهما، باطنهما بالسباحتين يدخلهما فيهما، وظاهرهما بالإبهامين.
قال الشارح: [ انظر الحديث رقم مائة وثمانية وأربعين، ومائة واثنين وخمسين ].
والأذنان تابعان للرأس يمسحهما بالبلل الذي في يديه للرأس، ولا يأخذ لهما ماء جديداً على الصحيح.
فإن قال قائل: إذا كان في الرأس شجة، فهل يتيمم أو يمسح على الشجة؟
إذا كان لا يضره المسح مسح عليها، فإذا كان عليها جبيرة مسح عليها، وإذا كان يضره تيمم ومسح بقية الرأس.
الجواب: إذا كانت الرطوبة تخرج من فرجها فعليها الوضوء، والأصل أن كل خارج من السبيلين يوجب الوضوء، فتستنجي ثم تتوضأ.
الجواب: أولى رجل ذكر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر)، إذا كان هناك عم، أو ابن عم، أو ابن ابن ابن عم، أو أخ، فأولى رجل ذكر يأخذه، فإن لم يوجد فإنه يرد على البنت، وترث الباقي فرضاً ورداً على الصحيح؛ ولهذا عقد الفرضيون باباً يسمونه: باب الرد، وفيه يرد على جميع الورثة ما عدا الزوجات.
الجواب: الصواب: أن الناسي والجاهل معفو عنه، والمسألة فيها خلاف، وجماعة جمهور العلماء على أنه لا يعفى عن الناسي ولا عن الجاهل؛ قالوا: إن الصحابة لم يفرقوا بين الناسي والجاهل، والقول الثاني: أنه معفو عنه، وهو الصواب.
الجواب: هذا كلام الإمام مالك رحمه الله يقول: لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، والمعنى: أن أول هذه الأمة صلحوا بالتوحيد والقيام بأمر الله، وأداء حقه والجهاد في سبيله، والإيمان بالله وبرسوله، فهذا الذي صلح به أول هذه الأمة، وآخر هذه الأمة لا يصلحها إلا هذا، إذا استقاموا على أمر الله، ووحدوا الله، وأخلصوا العبادة، وآمنوا بالله ورسوله وجاهدوا في سبيله صلح حالهم، فإن لم يفعلوا فلن يصلح حالهم، هذا معناه باختصار.
الجواب: ظاهره أنه ما تعمد، فإذا لم يتعمد أرجو ألا يكون عليه شيء؛ لأنه لم يتعمد، وإن تصدق فاحتياط حسن.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر