حدثنا أحمد بن إبراهيم حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال: حدثني أبي قال: حدثتني أم الحسن يعني جدة أبي بكر العدوي -عن معاذة قالت: (سألت
هذا الحديث فيه أم الحسن ، وهي غير معروفة كما في التقريب، فهي مجهولة، والحديث ضعيف، لكن له شواهد تؤيده.
وفيه أن دم الحيض إذا أصاب الثوب فإنه يغسل، فإن لم يذهب أثره فلا يضر، وإذا غير بشيء من الصفرة فلا بأس.
وفيه قول عائشة : (ولقد كنت أحيض عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث حيض جميعاً لا أغسل لي ثوباً) ويبعد أن عائشة تحيض ثلاث حيض في ثلاثة أشهر لا تغسل لها ثوباً، والأحاديث تدل على أن عرق الحائض وريقها طاهر، وإنما تكون النجاسة في الدم، وأن الدم يغسل، فإن لم يذهب الأثر فلا يضر.
ومعنى (قصعته) أي: دلكته بريقها، فهي تبله أولاً ثم تدلكه حتى يزول الأثر ثم تغسله بالماء.
وهذا الحديث ضعيف؛ لأن بكار بن يحيى وجدته مجهولان كما في التقريب، لكن معنى الحديث صحيح، وهو أن الحائض إذا أصاب ثوبها شيء من الدم فإنها تغسله وتصلي فيه، وإن لم يكن أصابه شيء صلت فيه.
وأما الممتشطة فإنها لا يجب عليها نقض الشعر في الحيض، لكن إذا نقضته فهو أفضل.
وقد جاء حديث أم سلمة عند الترمذي بلفظ: (أتنقضه بغسل الجنابة -وفي لفظ: والحيضة-؟ قال: لا) .
والصواب أنه لا يجب النقض وإنما يستحب، وقال بعض العلماء بوجوب النقض، لكن الصواب أنه لا يجب، ولكنه يستحب ويتأكد في الحيض والنفاس؛ لأن مدته تطول، بخلاف الجنابة فإنها تتكرر فلا تحتاج إلى نقض.
وفيه مشروعية الحفن على الرأس ثلاث حفنات.
ومعنى (ممتشطة) أي: مضفور شعر رأسها، ولا يلزم من ذلك أن يكون فيه حناء أو غير ذلك.
فاطمة بنت المنذر هذه هي حفيدة أسماء ؛ لأن منذراً هذا هو ابن عبد الله بن الزبير ، فهي حفيدة أسماء .
وفي هذا الحديث أن المرأة إذا رأت الطهر تصلي في ثوبها ولو كان عليها أيام الحيض، وإن رأت فيه دماً تغسله؛ لقوله: [ (فلتقرصه بشيء من ماء) يعني: تدلكه بأصابعها بشيء من الماء، وقوله: [ (ولتنضح ما لم تر) ] يعني: ما شكت فيه تنضحه وترشه بماء، وإن رأته تدلكه بأصابعها وتغسله، ولا يصر بقاء أثره.
قوله: [ (فلتقرصه) ] هو من باب (ضرب يضرب)، ويصح (تقرُصه) من باب: (نصر ينصر)، فيصح (تقرُصه) و(تقرِصه)، والقرص معناه: الدلك بالأصابع، يعني: تدلكه بالأصابع حتى تزيل أثر الدم في الثوب، وقوله: [ (ثم تنضحه بالماء) ] يعني: تغسله بالماء.
وهذا الحديث أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي وابن ماجة .
وفيه أن المرأة إذا أصابها الدم من الحيض فإنها تغسل الدم، فتدلكه أولاً بأصابعها، أو تحكه بعود كما سيأتي، أو بضلع، ثم تغسله وتصلي فيه، ولا يُحتاج إلى غسل الثوب كله، ولا تغييره، بل تصلي فيه.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا حماد ، ح: وحدثنا مسدد حدثنا عيسى بن يونس ، ح: وحدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد -يعني ابن سلمة - عن هشام بهذا المعنى، قال: (حتيه ثم اقرصيه بالماء ثم انضحيه) ].
قوله: [ (حتيه) ] يعني: حكيه، فتحكه بأصابعها، أو بعود حتى يزول الجرم، ثم تقرصه وتغسله بالماء، ثم تنضحه وترشه بالماء زيادة في التنظيف، فأولاً: تحكه، ثم تغسله بالماء، ثم ترشه زيادة في التنظيف.
وفيه دليل على أن النجاسة إنما تزال بالماء دون غيره من المائعات، وهذا قول الجماهير.
وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه يجوز تطهير النجاسة بكل مائع، كماء الورد، أو ماء الشجر، أو ماء الزعفران، والصواب أن النجاسة إنما تزال بالماء خاصة دون غيره من المائعات، ولهذا أفتى النبي صلى الله عليه وسلم من أصاب ثوبها دم الحيض بأن تغسله بالماء، فقال: (فلتقرصه بشيء من ماء).
قوله: [ (حكيه بضلْع) ] -ويقال: بضلَع- أي: بعود، وإنما تحكه بضلع حتى تزيل جرم الدم، ثم تغسله بماء وسدر، والغسل بالسدر زيادة في التنظيف، وإلا فإن الماء يكفي.
والحديث أخرجه النسائي وابن ماجة ، وفيه أنها تحكه بضلع، وفي الأحاديث السابقة (تدلكه بأصابعها) وهذا معناه أنها تزيل جرم الدم فتحكه بأصابعها، أو بعود، ثم تغسله بالماء، وأما ما جاء في هذه الرواية -وهو قوله: (بماء وسدر) فمن باب زيادة التنظيف، مثل الصابون، فإذا غسلت الدم بالصابون فهو من باب زيادة التنظيف، وإلا فإن الماء كافٍ.
الدرع: هو الثوب، ففيه كانت تحيض المرأة، وفيه تصيبها الجنابة، ثم إذا رأت فيه قطرة من دم فإنها تقصعه بريقها أي: تدلكه وتزيله، ثم تغسله بالماء، ولا حاجة إلى تغيير الثوب أو غسله كله.
وإذا لم تعلم الدم وصلت فيه فالصلاة صحيحة، فإذا صلى الإنسان في ثوب به نجاسة نسيها أو لم يعلم بها إلا بعد الصلاة فالصلاة صحيحة ولا تعاد، بخلاف ما إذا صلاها بغير وضوء ثم علم بعد الصلاة، فإنه يتوضأ ويعيد الصلاة؛ لأن هذا من باب الترك للشرط، والوضوء شرط في صحة الصلاة.
هذا الحديث فيه ضعف؛ لأن فيه ابن لهيعة ، وهو ضعيف كما هو معروف، لكن له شاهد مرسل ذكره البيهقي فيكون حسناً، وهو يدل على ما دلت عليه الأحاديث السابقة؛ بأن المرأة إذا كان عليها ثوب تحيض فيه وتصلي فيه، فإنها إن رأت فيه دماً فإنها تغسله، فإن لم يزل أثره فلا يضر.
حدثنا عيسى بن حماد المصري أخبرنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن معاوية بن حديج عن معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما-: (أنه سأل أخته
أخرجه النسائي وابن ماجة ، وبه استدل بعضهم على نجاسة المني، والصواب أنه طاهر، كما جاء في الأحاديث الصحيحة أن المني يغسل رطباً ويحك اليابس منه، وهذا من باب النظافة، وهو طاهر لأنه أصل الإنسان، خلافاً لمن قال بنجاسته، فلو كان نجساً لما بقي في ثوب النبي صلى الله عليه وسلم يابساً ثم تحكه عائشة بظفرها ويصلي فيه.
و معاوية هو ابن حديج بضم الحاء المهملة، وأما رافع بن خديج فهو صحابي جليل، ومعاوية بن حديج هو الكندي التجيبي المصري الأمير، قال البخاري : شهد فتح مصر، وذهبت عينه يوم دنقلة في بلاد مصر.
فعلى قول البخاري يكون صحابياً صغيراً، روى عن أبي أذر ، وعنه ابنه عبد الرحمن وعلي بن رباح . قال ابن يونس : مات سنة اثنتين وخمسين.
وكنيته أبو عبد الرحمن ، وقد ذكره يعقوب بن سفيان في التابعين، وهناك معاوية بن حديج آخر متأخر، وهو كوفي جعفي، وهو والد أبي خيثمة وأخويه.
فالحديث دالٌ على جواز الصلاة في الثوب الذي يجامع فيه الرجل أهله، وأنه لا حرج في ذلك، وهذا دليل على طهارة المني، فلو أصابه شيء من المني فهو طاهر، وإذا رأى فيه شيئاً غسله من باب النظافة.
وكذلك يدل على أن الجماع يكون بالثياب، وأما العري فمنهي عنه.
حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا الأشعث عن محمد بن سيرين عن عبد الله بن شقيق عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي في شعرنا أو في لحفنا) قال عبيد الله : شك أبي ].
والشعر: جمع شعار، وهو الثوب الذي يلي الجسد، ويطلق على ما يلتحف به، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: (الأنصار شعار والناس دثار) ، فالشعار هو الثوب الذي يلبس، والدثار هو الثوب الذي فوقه، فجعل للأنصار خاصية.
قولها: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي في شعرنا أو لحفنا) ] هذا من باب الاحتياط، خشية أن يكون أصابه شيء من النجاسة، لكن الأصل السلامة كما في حديث أم حبيبة السابق، وكما في الأحاديث السابقة التي فيها أن المرأة تصلي في الثوب التي تحيض فيه.
هذا من باب الاحتياط، والملاحف: جمع ملحفة. وتطلق على اللباس الذي فوق اللباس، ويطلق أيضاً على ما يلتحف به.
وما ذكر هنا هو من باب الاحتياط خشية أن يكون أصابه شيء من النجاسة.
[ قال حماد : وسمعت سعيد بن أبي صدقة قال: سألت محمداً عنه فلم يحدثني، وقال: سمعته منذ زمان، ولا أدري ممن سمعته، ولا أدري أسمعته من ثبت أو لا؟ فسلوا عنه ].
أي أن حماداً يقول: سمعت ابن أبي صدقة قال: سألت محمداً -يعني ابن سيرين - عن هذا الحديث فلم يحدثني، أي أنه اعتذر وقال: سمعته منذ زمان، ولا أدري ممن سمعته، ولا أدري أسمعته من ثبت -يعني: من عدل ضابط- أو لا، فسلوا عنه. يعني: سلوا عن هذا الحديث غيري من العلماء.
يعني: باب الرخصة في الصلاة في شعر النساء وملاحفهن، فالباب الأول في أنه لا يُصلى في شعرهن من باب الاحتياط، وهذا الباب الثاني في بيان الرخصة في الصلاة في شعر النساء وملاحفهن.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان حدثنا سفيان عن أبي إسحاق الشيباني سمعه من عبد الله بن شداد يحدثه عن ميمونة -رضي الله عنها-: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى وعليه مرط وعلى بعض أزواجه منه وهي حائض وهو يصلي وهو عليه) ].
هذا محمول على أن الأصل الطهارة ما لم تعلم النجاسة، وأحاديث الباب السابقة محمولة على الاحتياط خشية أن يكون فيها شيء.
هذا الحديث أخرجه ابن ماجة ومسلم بمعناه، وفيه أن بدن الحائض وثوبها طاهر ما عدا الدم وموضعه، وفيه أنه لا بأس بأن يصلي الإنسان وإلى جنبه حائض، أو يكون عليه ثوب بعضه عليه وبعضه على زوجته وهي حائض، والصلاة صحيحة.
حدثنا حفص بن عمر عن شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن همام بن الحارث أنه كان عند عائشة رضي الله عنها فاحتلم فأبصرته جارية لـعائشة رضي الله عنها وهو يغسل أثر الجنابة من ثوبه أو يغسل ثوبه، فأخبرت عائشة فقالت: (لقد رأيتني وأنا أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم) ورواه الأعمش كما رواه الحكم ].
هذا الحديث أخرجه مسلم ، وفيه دليل على طهارة المني وأنه ليس بنجس، بدليل أن عائشة كانت تفركه، ولو كان نجساً لما فركته وهو يابس، ولوجب غسله، ولكن يستحب غسل الرطب، وفرك اليابس من باب النظافة، وإلا فالمني طاهر، خلافاً لمن قال بأنه نجس من أهل العلم.
هذا الحديث أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجة ، وهو يدل على طهارة المني.
[ قال أبو داود : وافقه مغيرة وأبو معشر وواصل ].
يعني: وافق حماداً هؤلاء الثلاثة.
هذا الحديث أخرجه الشيخان وأصحاب السنن، وفيه: دليل على طهارة المني، وأن عائشة كانت تغسله من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم من باب النظافة ثم ترى أثر البقع فيه، أي: في موضع الغسل، فلم تكن تغسل الثوب كله، بل تغسل المكان الذي فيه البقع فقط.
وسبق في الحديث السابق أنها كانت تفرك اليابس، وتغسل الرطب من باب النظافة.
وقوله: [ والإخبار في حديث سليم ] يعني: قال سليم : أخبرنا، وقال زهير : حدثنا.
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أم قيس بنت محصن -رضي الله عنها-: (أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره فبال على ثوبه، فدعا بماء فنضحه ولم يغسله) ].
هذه الترجمة معقودة لحكم بول الصبي الذي لم يأكل الطعام إذا أصاب الثوب فيكفي فيه الرش والنضح، وهذا الحديث أخرجه مالك والشيخان والترمذي وابن ماجة والطحاوي .
وفي هذا قصة، وهي أن أم قيس بنت محصن -وهي أخت عكاشة بن محصن - أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبال في حجره، والحجر مثلث الحاء، فيجوز فيه الفتح والضم والكسر، فيقال: حَجر وحِجر وحُجر، فلما بال على ثوبه دعا بماء فنضحه ولم يغسله، أي: رشه، فدل هذا على أن الصبي الذكر إذا لم يأكل الطعام وبال على ثوب فإنه يكفي فيه النضح والرش من غير غسل ولا قرص.
هذا الحديث صحيح أخرجه ابن ماجة وأحمد وابن خزيمة والحاكم والبيهقي من وجوه كثيرة، والحديث صريح في الفرق بين بول الغلام والجارية، أي: الأنثى، ففيه أن بول الغلام إذا لم يأكل الطعام يكفي فيه الرش، وأما الجارية -وهي الأنثى- فلا يكفي في بولها النضح، بل لابد من الغسل، وهذا إذا لم يأكل الصبي الطعام، أما إذا أكل الطعام فالحكم واحد، فإذا أكل الطعام واستغنى به فإنه يغسل من بوله ولا يكفي فيه النضح.
فإذا كان الصبي والصبية لا يأكلان الطعام وإنما يستغنيان بالحليب فقط، ففي هذه الحالة يفرق بين بول الغلام وبين بول الجارية، والحديث صريح في هذا، وهذا هو قول الجماهير، وهو الصواب.
وقال بعض العلماء: يغسل بول الغلام والجارية، وإلى هذا ذهب الإمام أبو حنيفة والنخعي وسفيان الثوري .
والصواب أنه يفرق بين بول الغلام وبول الجارية كما دل عليه الحديث.
وقد اختلف العلماء في حكمة الفرق بين بول الأنثى وبول الذكر، فقال بعض العلماء؛ لأن حواء خلقت من ضلع آدم، والذكر خلق من طين، وقال بعض العلماء: الحكمة في ذلك أن بول الأنثى يجتمع في مكان واحد، وبول الذكر ينتشر، وقال آخرون: لأن الذكر يكثر حمله من أبويه وأقاربه لمحبته والأنثى يقل حملها، والله أعلم بالحكمة، والأقرب أن الحكمة قد تكون هذه الأمور كلها مجتمعة، ويحتمل أن تكون الحكمة غير ذلك، والله تعالى حكيم عليم، وقد شرع أن يفرق بين بول الغلام وبول الأنثى، فإن عرفنا الحكمة فبها ونعمت، وإن لم نعرف الحكمة فنحن عبيد لله مأمورون بالامتثال لأوامر الله وأوامر رسوله، واجتناب ما نهى الله عنه وما نهى عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، مع قطعنا بأن الشرع حكيم، وأنه لا يجمع بين مختلفين، ولا يفرق بين متماثلين.
هذا الحديث أخرجه النسائي والبزار وابن ماجة وابن خزيمة والحاكم ، ولا بأس بسند الحديث، وقال البخاري : إنه حديث حسن.
وفيه أن أبا السمح كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فكان إذا أراد أن يغتسل قال: ولني قفاك، فيوليه قفاه فيستره، ولعل هذا كان في السفر، وإلا فستر النبي عليه الصلاة والسلام كان في المدينة عند أهله، والحديث صريح في الفرق بين بول الصبي والصبية، وأنه يكفي في بول الصبي الرش وأما بول الجارية فلابد من أن يغسل، وهذا محمول على أنه لم يأكل الطعام، كما سبق في حديث أم قيس بنت محصن .
قوله: [ قال عباس ] هو عباس بن عبد العظيم العنبري ، قال: [ حدثنا يحيى بن الوليد -قال أبو داود : هو أبو الزعراء ] يعني أن كنية يحيى بن الوليد هي: أبو الزعراء [ عن هارون بن تميم عن الحسن البصري أنه قال: الأبوال كلها سواء ]. يعني أن الأبوال كلها سواء في النجاسة، فلا فرق بين الصبي والصبية والصغير والكبير، أو أن الأبوال كلها حكمها واحد -سواء ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل لحمه- في النجاسة، وهذا ليس بصحيح، وهو قول باطل لا وجه له، وهذا من أوهامه، وإن كان الحسن البصري رحمه الله من العلماء ومن الأتقياء، لكن هذا القول ترده الآثار والأحاديث الصحيحة؛ فقد فرق الشارع بين الأبوال، وأمر صلى الله عليه وسلم العربيين لما اجتووا المدينة أن يلحقوا بإبل الصدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها، ولم يأمرهم بالغسل، فدل على طهارتها.
وإن كان المراد أنه لا فرق بين بول الصبي والصبية فقد فرق الشارع بينهما.
ولعل المؤلف أورد ذلك عن الحسن ليدل على بطلانه لوضوح مخالفته للحديث.
هذا الحديث موقوف على علي رضي الله عنه، وهو موافق للأحاديث السابقة، لكن هناك فرق بين بول الجارية وبول الغلام، وفيه التقييد بأنه [ ما لم يطعم ] يعني: ما لم يستغن بأكل الطعام، فإذا استغنى بالطعام واكتفى به عن الحليب فإنه يصدق عليه أنه يطعم.
هذه الرواية مرفوعة عن علي بن أبي طالب ، بخلاف الرواية الأخرى فهي موقوفة عليه، ولهذا قال: [ إن النبي صلى الله عليه وسلم قال...، فذكر معناه ] يعني معنى الحديث الموقوف السابق في التفرقة بين بول الجارية وبول الغلام، وقوله: [ ولم يذكر: ما لم يطعم ] يعني: لم يذكر هشام ما ذكره سعيد بن أبي عروبة من قوله: [ ما لم يطعم ].
وزاد هشام في روايته: [ قال قتادة : هذا ما لم يطعما الطعام، فإذا طعما غسلا جميعاً ]. وهذا هو الصواب، وهذا الحديث أخرجه الترمذي وابن ماجة ، وقال الترمذي : حديث حسن.
هذه الرواية موقوفة على أم سلمة ، وقال الحافظ في التفسير: سنده صحيح، وأم الحسن اسمها خيرة ، وهي مولاة لـأم سلمة ، فـالحسن يروي عن أمه خيرة أنها أبصرت أم سلمة تصب الماء على بول الغلام ما لم يطعم، فإذا طعم غسلته، وكانت تغسل بول الجارية، أي: تفرق بين بول الصبي والصبية، فالصبي يكتفى فيه بالرش والنضح والصبية يغسل من بولها، وهذا موافق للأحاديث الصحيحة في ذلك.
الجواب: الصواب أن الصلاة صحيحة، لكن إذا علم وهو في الصلاة فإن استطاع أن يلقي الثوب الذي فيه نجاسة، كما لو كانت النجاسة في عمامته أو في المنديل فصلاته صحيحة، وإن كانت في الثوب الذي يلي الجسد، أو في ثوب لا يستطيع نزعه فإنه يقطع الصلاة ثم ينزعه ويعيد الصلاة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر