وفي هذه المادة ذكر لقواعد هامة بشأن حل أو حرمة المأكولات من الحيوانات، بالإضافة إلى مسائل وأحكام يكثر السؤال عنها.
أما بعد: فسلام الله عليكم ورحمة الله وبركاته.
في هذه الليلة المباركة نستمع إلى الإمام البخاري في كتاب الأطعمة؛ وهو كتاب عظيم، وكتاب مهم لكل مسلم يريد الله والدار الآخرة، وقبل أن نؤصل أصولاً، ونقعد قواعد في هذا الباب، نحب أن نستمع أنا وإياكم إلى أحاديث من صحيح البخاري ثم نبدأ بالشرح.
يقول رحمه الله تعالى بعدما أن ذكر السند: وعن ابن أبي أوفى رضي الله عنهما قال: (غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم سبع غزوات أو ستاً كنا نأكل معه الجراد).
وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: (نحرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرساً ونحن في المدينة فأكلناه).
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يأكل دجاجاً).
وعن أبي ثعلبة رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع).
هذه الأحاديث هي التي صحت عند البخاري في كتاب الأطعمة، وإلا فالأحاديث التي صحت في هذا الكتاب كثيرة جداً، ونحن نستعرضها مع كثير من الآيات في باب الأطعمة، ولا بد للمسلم أن يعرف هذه الأحكام، ماذا يأكل من الأطعمة؟ ما هي الأطعمة المحرمة والمباحة والمكروهة؟ وليكن في ذلك ثمان قواعد لا بد أن تعرف:
الأولى: المحرمات التي نص الله عليها في كتابه، أو نص عليها رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته الطاهرة.
الثانية: المباحات التي نص عليها الله عز وجل في كتابه أو رسوله صلى الله عليه وسلم.
الثالثة: المكروهات من الأطعمة.
الرابعة: المضطر. متى يباح للمضطر أن يأكل غير باغٍ ولا عادٍ؟ وما معنى (غير باغٍ ولا عاد)؟
الخامسة: ذوات السموم، وحكم أكلها، وتناول شيء منها.
السادسة: ما فيه ضرر على الجسم كالحجارة والتراب والطين والفحم.
السابعة: الحيوان البحري، وموقفنا من صيد البحر، وحيوانات البحر، وما يعيش في البحر.
الثامنة: حكم اللحوم المستوردة؛ المعلبة وما أتت طازجة وغير ذلك.
هذه ثمان مسائل عليها مدار الأطعمة، وما يتحدث أهل العلم في مسألة ألا وتدخل ضمناً تحت قاعدة من هذه القواعد، ولا بد من تقعيد هذا الباب وغيره؛ لأن هناك شتات بين المسائل، سوف نستمع إليها، وإذا لم نضبطها بقواعد الأصول؛ فسوف تتسرب علينا ولا يكون عندنا حبل يجر لنا تلك المسائل، ويقيد لنا تلك الشوارد.
اعلموا -بارك الله فيكم- أن هذا الباب من الأطعمة اختلف فيه أهل العلم اختلافاً ظاهراً، ولذلك يقول ابن تيمية في المجلد الواحد والعشرين من فتاويه: تساهل أهل المدينة -الإمام مالك ومن معه من علماء المدينة - في الأطعمة حتى توقف الإمام مالك رحمه الله في رواية عنه في الكلب أهو حلال أم حرام؟ ومنهم من قال: يؤكل الثعلب وهي رواية للشافعي ذكرها صاحب فقه السنة، وتساهل أهل العراق وخاصة أهل الكوفة بالأشربة حتى أباحوا شرب النبيذ الذي يبقى لثلاث ليال، قال ابن تيمية: وتوسط أهل الحديث ومنهم الإمام أحمد فأخذ بالأشربة برأي أهل المدينة، وأخذ في الأطعمة برأي أهل الكوفة. فلنستمع الآن تفاصيل هذه المسائل:
حرم الله تبارك وتعالى أموراً على العموم وحرم أموراً على الخصوص، قال سبحانه وتعالى: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف:157] فهذا تحريم وتحليل على العموم، يدخل في هذا التحليل آلاف الأشياء من الطيبات، ويدخل في التحريم آلاف من الخبائث: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف:157].
كثير من المأكولات ما وردت في القرآن: كالتفاح والبرتقال وكل هذه الفواكه والخضروات أين نجعلها؟ هل ننتظر نصاً من القرآن أو من السنة حتى نقول: هذا حلال وهذا حرام؟ لا، بل هي تحت قاعدة حل الطيبات، أما الدخان والشيشة وما يجري معها من الخبائث فإنها توضع تحت قاعدة: وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف:157].
لكن الآن نأتي إلى التفصيل في الكتاب والسنة:
قال سبحانه وتعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ [المائدة:3].
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [المائدة:3] الميتة المقصود بها هنا: ما تؤكل ولو كانت ذكيت حلت، أما ميتة الحرام فإنها حرام سواء ذكيت أو لم تذكَ، فمن سمى على الكلب الميت وذبحه واستقبل به القبلة فهو حرام سواء ذكاه أو لم يذكه، وكذلك الخنزير، والحمار، فمن قدم حماراً ميتاً وسمى الله عليه فهو حرام ولو ذكاه بالسكين، إنما المقصود بالميتة هنا: ما كانت تؤكل لو كانت مذكاة.
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [المائدة:3] أي: ما ماتت من نفسها دون ذكاة، وسوف يأتي شيء عن أحكام الذكاة، ولو أنه ليس بابها هنا؛ لكن لضرورة هذا البحث؛ أورده إن شاء الله.
وَالدَّمُ [المائدة:3] الدم هنا المقصود به: المسفوح؛ لأنه قيد في آية أخرى في الأنعام قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ [الأنعام:145].
والدم المحرم هنا هو الذي يخرج عندما تذبح الذبيحة؛ فيهراق ويسيل بكثرة ويتدفق، هذا هو الدم الحرام، أما الدم الذي يأتي مع الذبيحة إذا طبختها، ويطفو على القدر؛ فلا بأس به فهو حلال، قالت عائشة فيما أثر عنها: [[كنا نرى خيوط الدم على ظهر القدر فنأكله]] وهذا ليس مسفوحاً، كذلك الدم الذي يخرج من الذبيحة بعد ذبحها وبعد أن يخرج منها الدم فينزل عليك منها قطرات فهذا ليس مسفوحاً، لكن لا بأس أن يتطهر منه للتأذي ولكراهته فقط.
أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ [المائدة:3] فالخنزير ذكي أو لم يذك حرام.
وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ [المائدة:3] من ذبح عند قبر؛ يتوسل به إلى صاحب القبر، ويعتقد أنه ينفع أو يضر، فهذا مشرك؛ ذبيحته لا تؤكل، ولو قرأ عليها القرآن كله، ومن ذبح لولي من الأولياء أو شيخ من المشايخ أو صوفي من الصوفية أو رئيس من الرؤساء، أو ملك من الملوك؛ يعتقد نفعه أو ضره؛ فذبيحته حرام لا تؤكل؛ ولو سمى عليها بأسماء الله التسعة والتسعين.
وَالْمُنْخَنِقَةُ [المائدة:3] المنخنقة: هي التي اشتدَّ عليها الخناق بحبل أو بغيره حتى أزهقت نفسها؛ فماتت من غير تذكية، فهذه محرمة.
وَالْمَوْقُوذَةُ [المائدة:3] الموقوذة: هي التي ضربت بمثقل أو بشيء ثقيل ليس بحاد، كحجر مجموع، أو كقطعة حديد، ضربت به في رأسها ووقذت وماتت، فهذه محرمة.
وَالْمُتَرَدِّيَةُ [المائدة:3] المتردية: هي التي سقطت من علو أو من مكان عالٍ فوقعت فماتت قبل التذكية؛ فهذه تحرم، إلا أن يدركها المسلم وبها حياة فيذكيها فهي حلال.
وَالنَّطِيحَةُ [المائدة:3] الشاة أو الكبش أو غيرها مما أحل الله من أنواع الحيوانات؛ تنتطح مع أختها وزميلتها؛ فتموت؛ فهي محرمة إذا لم يدركها المذكي.
وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ [المائدة:3] السبع إذا اعتدى على شاة فأكلها فماتت وبقي منها شيء؛ فهي حرام إلا أن يذكيها صاحبها قبل أن تموت، كأن يأخذ منها الذئب بنابه، أو يأخذ منها الأسد بمخلبه، فتدركها أنت وهي حية فتذبحها فلا بأس بها.
إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ [المائدة:3] النصب: الأصنام والأوثان، والأمكنة التي يتبرك بها أهل البدع، فالذبائح التي تذبح فيها حرام بنص كتاب الله عز وجل، إذا كان يذبح في مكان فيه عبادة بدعية، أو فيه صنم أو وثن فالذبيحة محرمة، وكذلك إذا ذبحت في مكان فيه عيد من أعياد المشركين؛ كأن يكون المشركون وأهل البدع يتعارفون أن هذا المكان عيد من أعيادهم؛ فلا تأكل من هذه الذبائح التي ذبحت في هذا المكان.
وهذه الآية في المائدة وهي من أطول الآيات التي جمعت المحرمات.
وأما الآية الأخرى: قوله سبحانه وتعالى: قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً [الأنعام:145] وهنا ذكر الدم وزاد صفة المسفوح ثم قال: أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الأنعام:145].
يقول عليه الصلاة والسلام كما في صحيح البخاري ومسلم من حديث عائشة: {خمس من فواسق يقتلن في الحل والحرم: الفأرة، والحدأة، والعقرب، والغراب، والكلب العقور}. هذه خمس فواسق أمرنا صلى الله عليه وسلم بقتلها في الحل والحرم، في الحِلِّ: وأنت حلال. وفي الحرم: وأنت محرم بحج أو عمرة لا تتجافى ولا تتجانف عنها واقتلها، وقتلها عند كثير من أهل العلم يدل على تحريم أكلها فليفهم هذا، إذاً لا يقول قائل: كيف تحدثنا عن الفأرة ومن يأكل الفأرة؟ وعن العقرب ومن يأكل العقرب؟ إن هذه شريعة، ولا بد أن تفهم بأدلة، وإلا لو كانت إلى أفكار الناس وآرائهم؛ لتخرص المتخرصون في الشريعة. فلا بد أن نفهم لماذا حُرم العقرب، وحرم أكلها؟ وكذلك الفأرة، والحدأة، والغراب، والكلب العقور بأدلة. حرمت لحديث عائشة في الصحيحين: {خمس فواسق يقتلن في الحِلَّ والحرم: الحدأة، والعقرب، والغراب، والفأر، والكلب العقور} هذه الخمس الفواسق محرمة.
ومن المحرمات أيضاً الحيوانات التي لا تقتل ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن قتلها دليل على تحريم أكلها.
وهنا قاعدة: أن ما أمركم صلى الله عليه وسلم بقتله فأكله محرم وما نهى عن قتله فأكله محرم.
أما الأربع التي لا تقتل فهي:{النملة، والنحلة، والهدهد، والصرد} والحديث عند أبي داود وهو يقبل التحسين.
والهدهد والنمل والنحل معروف فلا يؤكل والحمد لله، وقد بحث فيها أهل العلم منهم صاحب المجموع.
والصرد: طائر أبقع، وقيل: أبيض، دائماً يعيش على ظهر الماء، فتراه على سطح البحر، فهذا الصرد نهى صلى الله عليه وسلم عن قتله.
غراب وظبي أعضب القرن منذر ببينٍ وصردان العشي تصيح |
والعرب كانت تتشاءم بهذه الأنواع.
يقول: هذا فارق أحبابه فبكى، وقال بليل شؤمه مفارقته لأصحابه: إن الغراب ناح اليوم، وأنه مر ظبي أعضب القرن يعني: مقطوع القرن، وهذا التشاؤم الذي نهى عنه عليه الصلاة والسلام، وأخبر أن من صفة السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بلا حساب أنهم لا يتطيرون، وكان العرب في جاهليتهم ووثنيتهم وتخلفهم وفكرهم العفن قبل الإسلام، إذا أراد أحدهم أن يسافر نظر إلى الطير، فإن أخذ الطير من الميسرة إلى الميمنة سافر، وإن كان ذهب من الميمنة إلى الميسرة ترك السفر، ولذلك يقول النابغة الذبياني يوم يمدح النعمان:
زعم البوارح أن رحلتنا غداً وبذاك خبرنا الغراب الأسود |
والبارح عند العرب من يأتي من اليمين إلى اليسار ويسافر، والسانح من يأتي من اليسار إلى اليمين فلا يسافر له؛ وهذه عقيدة شركية من فعلها فقد أبطل حظه ونصيبه من الله الواحد الأحد، فلا يجلب الضر والنفع إلا الله سبحانه وتعالى:
لعمرك لا تدري الضوارب بالحصى ولا زاجرات الطير ما الله صانع |
فهذا التطير شرك، ونهى عنه عليه الصلاة والسلام، وإنما ذكرته للفائدة.
فالأربع هذه نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلها، قالوا: فلما نهى عن قتلها دلَّ على تحريم أكلها فليعلم، لأنني أسلفت أن ما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتله فأكله حرام، وما نهى عن قتله فأكله حرام.
وجد من الأمم من تأكل الضفادع، وهي من أشهى الأطعمة لديهم، وقد رأيناهم يقدمونه في بعض الأماكن بعدما يشوونه طعاماً طازجاً، فيأكلونه أكلاً ذريعاً، فهل تؤكل الضفدعة أم لا تؤكل؟
في حديث ضعيف أورده ابن تيمية وسكت عنه يقول: {لا تقتلوا الضفدع فإن نقنقتها تسبيح} وهذا الحديث ضعيف، لكن كل شيء يسبح بحمد ربه سبحانه وتعالى، ولكن لا نفقه تسبيحهم؛ كما قال سبحانه وتعالى، والضفدع تنقنق، ويدل على نقنقتها ما ورد في وحي مسيلمة الكذاب الدجال، الذي زخرفه له شياطين الإنس والجن، يقول في بعض سوره الأفاكة الأثيمة: يا ضفدع بين ضفدعين، نقنقي ما تنقنقين، رأسك في الماء وأسفلك في الطين. انظر ما أسمج هذا الكلام، وما أغرب هذا الحديث، عليه لعنة الله، لعنة تحيط به في قبره حتى يلقى الله، فإن الله ألبسه لباس الكذب فلا يعرف بين الناس إلا بـمسيلمة الكذاب.
وأما الدليل على أن الضفدع لا تؤكل: ما رواه أبو داود وأحمد والحاكم والنسائي وهو حديث حسن عن عبد الرحمن بن عثمان القرشي قال: {أن طبيباً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ضفدع يجعلها في دواء، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلها} هذا الحديث حسن، فنهى عليه الصلاة والسلام عن قتل الضفدع فهي محرمة، وأنا أسلفت أننا سوف نعود إن شاء الله إلى الأصل في ذلك.
القنفذ: هو حيوان متجمع على نفسه وهو معروف عند الناس، هل يؤكل أم لا؟ سئل ابن عمر رضي الله عنه وأرضاه في سنن أبي داود وهو عند البيهقي وأحمد: عن قتل القنفذ؟ فتوقف فيه ابن عمر لعدم وجود نص لديه.
وقال للسائل: قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ [الأنعام:145] فما هو دليل هذا الجواب؟ يعني: أنه يؤكل، لكن أحد الصحابة من الجلوس قال: {سئل صلى الله عليه وسلم عن القنفذ؟ فقال: خبيثة من الخبائث. فقال
الهر: هل يؤكل الهر أم لا؟ من المسلمات عند الناس أن الهر لا يؤكل، لكن لو طالبتهم بدليل لا يجدون دليلاً، فلماذا تحرمون أكل الهر؟ ولماذا تحرمون البطون الجائعة عن لحوم القطط اللذيذة؟ لأنه ورد تحريم الهر ولو لم يرد تحريمها كان الأصل فيها الإباحة، ففي سنن أبي داود وابن ماجة بسند ضعيف لكنه ينجبر بشواهد في حديث ابن عمر وغيره: {نهى صلى الله عليه وسلم عن أكل الهر وأكل ثمنها} فليعلم أن الهر حرام والحق لله رب العالمين.
أما ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميت، مثاله رجل أخذ قطعة من شاة أو من ناقة أو من بقرة وهي حية لم يذكها فهي محرمة للحديث الذي في السنن عن أبي واقد الليثي وهو حديث حسن قال عليه الصلاة والسلام: {ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميت}.
حديث أبي قتادة عند البخاري ومسلم قال: {صدت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم -وأنا حلال- حماراً وحشياً فأتيت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بوركه -أو قال بشقه- فأكل منه صلى الله عليه وسلم وهو محرم} وهو ما صيد لأجله صلى الله عليه وسلم إنما صاده أبو قتادة لنفسه ثم أعطى الرسول عليه الصلاة والسلام هدية.
وفي الصحيح أيضاً من حديث الصعب بن جثامة قال: {أهديت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حماراً وحشياً فرده عليَّ، فلما رأى ما في وجهي -تغير لما رد هديته- قال: إنا لم نرده عليك إلا أنا حُرم} انظر إلى فصاحته وخلقه وسموه عليه الصلاة والسلام، هذا الصعب بن جثامة شيخ وادي ودان بين مكة والمدينة، سمع أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أقبل يريد الحج بالمسلمين فصاد حماراً وحشياً -وهو أجمل اللحوم عند العرب- ثم طبخ وركه أو شقه وأعطى الرسول صلى الله عليه وسلم فمنع صلى الله عليه وسلم أن يأخذ، فلما رأى تغير وجه هذا الرجل العظيم، قال: {إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم}. فلماذا أخذ صيد أبي قتادة ورد صيد الصعب بن جثامة؟
لأن صيد أبي قتادة ما صيد من أجله عليه الصلاة والسلام، والمحرم إذا لم يُصد من أجله فليأكل، وأما الصعب بن جثامة فصاده من أجل الرسول عليه الصلاة والسلام، والمحرم إذا صيد له الصيد فلا يأكل والحمد لله.
والحطيئة له قصيدة جميلة يصف فيها قصة تصورها وهي لم تقع، ولكن هي من أحسن القصائد عند الجاهليين في رسم المسرحية الخيالية في الشعر العربي، وصف رجلاً عربياً كان فقيراً منحلاً ليس عنده شيء، فوفد عليه الضيف، والعربي إذا وفد الضيف ترك كل شيء من أجل الضيف، فقام يلتمس فما وجد إبلاً ولا بقراً ولا غنماً ولا وجد صيداً ولا وجد أكلاً في البيت، فأخذ السكين وأراد أن يذبح ابنه، وقال صاحب البيت كما في القصيدة:
فقال هيا رباه ضيف ولا قرى بحقك لا تحرمه تي الليلة اللحما |
فأتى يجر بها إلى ضيفه، وأجمل الصيد عند العرب الحمر الوحشية.
ومما يحكىأن الكسعي وهو رجل من العرب، كان من أرمى الرماة في العرب، أتى بشجرة فأخذها من مغرسها في السهل وغرسها في الجبل، من أجل أن تأتي الأسهم والأقواس قوية كالحديد؛ لأن شجرة الجبل ليست كشجرة الطين، فأخذ يتعاهد هذه الشجرة حتى اشتد صلبها وقوي عودها، فقطعها بعدما كبرت، وصنع منها قوساً من أقوى الأقواس، وركب أسهماً فيها، وبعدما ركب الأسهم مرت به الظباء وقيل: الحمر الوحشية، فأخذ يطلق عليها الأسهم، فكان من قوة القوس ومن قوة السهام يخترقها من جنبها إلى جنبها، ويخرج فتبقى ترعى فيظن أنه أخطأ وهي ما تموت إلا بعد فترة، فرمى سبعاً بسبعة أسهم وما رآها سقطت، رآها ترعى وتشرب الماء، فأخذ به الغضب أن كسر القوس وهو جهد عشرين سنة أو ثلاثين سنة، وكسر الأسهم، وبعد أن كسر نظر وإذا الحمر الوحشية قد سقطت ميتة على الأرض، فأخذ يلوك أصابعه ندماً، فقالت العرب: أشد ندامة من الكسعي. قال ابن الجوزي: من لم يحفظ القرآن في الصغر ندم ندامة الكسعي. وقال الفرزدق لما طلق امرأته نوار:
ندمت ندامة الكسعي لما غدت مني مطلقة نوار |
المقصود: أن الحمر الوحشية حلال أكلها، أما الحمر الأهلية الأليفة فحرام أكلها، وتوقف بعض الفقهاء لعدم وصول النهي إليه، وبعض الناس الآن يقول: سبحان الله! يتوقفون في حل الحمار؟! نعم لأنها شريعة قال تعالى: إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى [النجم:4-6] وقال: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ [الشعراء:192-194] وقال: وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ [النحل:116] فتحريم الحلال كتحليل الحرام، لا تقل للناس: حرام وحلال وأنت لا تدري، لأنه كذب على الله، لا بد لك من دليل من الكتاب أو السنة على ما تقول.
فأما الحمر الأهلية فصح النهي عنها لقول أنس: {أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهناك حديث جابر أيضاً: {نهى صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في الخيل} فالخيل سوف تأتي أنه أذن فيها وقد ورد في ذلك حديث جابر في السنن وهو حديث حسن.
ثم يقول: {وكل ذي مخلب من الطير} هذا مقيد فيخرج من الطير: الدجاج والحمام والحبارى بعكس الذي يفترس أو يأكل اللحم كالباز وكالغراب وكالصقر وكالنسر، وما في حكمها من آلاف الطيور.
القرد: هل يؤكل القرد أم لا؟ قال أبو عمر ابن عبد البر حافظ المغرب: أجمع المسلمون جميعاً على تحريم أكل القرد. قيل: لأن فيه شبه بالإنسان، وقيل: لأنه يأكل اللحوم وهو الصحيح، وفي الغالب أن كل ما يأكل اللحم فهو محرم؛ إذا كان اللحم هذا قوته، قد تقول لي أنت: بعض الدجاج يأكل اللحم! نقول: لكن هذا ليس قوت الدجاج، والله فطر الدجاج على أن اللحم ليس بوجبة رئيسية له، لكن يأكلها إذا اضطر إلى ذلك، أما هذه الحيوانات أو الطيور التي تأكل اللحم وهو وجبتها وهو غذاؤها فهي محرمة.
وانتهينا الآن من المحرمات التي وردت في النصوص والقواعد: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف:157] وكل خبيث محرم، وقد أوردنا المحرمات، وهي تقارب الثلاثين أو تزيد على ذلك.
ورد في حديث ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه الصحيح، وحديث أم سلمة: {أن الرسول صلى الله عليه وسلم قدم له ضب فقالت
قال ابن عباس: فاجتره خالد بن الوليد الذي يسمى سيف الله المسلول.
من الذي لا يعرف خالد بن الوليد؟ سيف الله المسلول. وبعض الناس اشتهروا حتى أصبحوا أعلاماً، فإذا أتى الإنسان يعرفهم نكرهم، يقول عمر بن أبي ربيعة:
بينما يذكرنني أبصرنني عند قيد الميل يسعى بي الأغر |
قلن تعرفن الفتى قلن نعم قد عرفناه وهل يخفى القمر |
خالد بن الوليد خاض مائة معركة أو أكثر في الجاهلية والإسلام، وما فيه موطن في جسده إلا مضروب، كله جروح من أعلى رأسه إلى أخمص قدميه، تلك في سبيل الشيطان، وهذه في سبيل الرحمن، فانغمست تلك في بحار حسناته فرضي الله عنه وأرضاه، وأكرم الله مثواه. يقول حافظ إبراهيم وهو يعتذر لـخالد عن عزل عمر له خوفاً من أن يعجب المسلمون بقيادته، قال:
تسعون معركة مرت محجلةً من بعد عشرٍ بنان الفتح يحصيها |
والصحيح أن يقال: إنه خاض مائة معركة في الإسلام.
تسعون معركة مرت محجلةً من بعد عشرٍ بنان الفتح يحصيها |
وخالد في سبيل الله مشعلها وخالد في سبيل الله مذكيها |
ما نازل الفرس إلا خاب نازلهم ولا رمى الروم إلا طاش راميها |
و خالد رضي الله عنه وأرضاه بكى في سنواته الأخيرة، أخذ مصحفاً غلافه من جلد جمل، وذلك بعد أن اعتزل الجهاد في آخر عمره، كان يأخذ المصحف بعد صلاة الفجر فيبكي ويقرأ حتى صلاة الظهر، ويقول: [[شغلني الجهاد عن القرآن]] ولما أخرجوا جنازته بعد أن توفي بكت أخته وبكى المسلمون بكاءً عظيماً وأخذت أخته تقول:
أنت خير من ألف ألف من القوم إذا ما ثبت وجوه الرجال |
يعني: خير من مليون.
أنت خير من ألف ألف من القوم إذا ما ثبت وجوه الرجال |
ومهين النفس العزيزة للذكر إذا ما التقت صدور العوالي |
ووصل الخبر إلى المدينة واهتزت المدينة وكان الخليفة آنذاك أمير المؤمنين عمر فبكى بكاءًَ شديداً، وسمع أصوات النساء في البيوت يبكين، فأتى رجل يقول: يا أمير المؤمنين! أسكت النساء، قال: [[دعهنَّ. على مثل أبي سليمان فلتبك البواكي]] فرضي الله عنهم وأرضاهم.
نعم تؤكل للحديث المتفق عليه قال أنس: {أنفجنا أرنباً بـمر الظهران} مر الظهران في المدينة من جهة البحر الأحمر إلى مكة - أنفجنا: طاردنا أرنباً، أو خوفنا أرنباً.
{فخافت، فطاردتها -كان
وكان من الصحابة من اشتهر بالسرعة حتى كاد يصيد الغزلان والأرانب بيده، وأسرع من سمعنا في التاريخ سلمة بن الأكوع كان يسبق الخيل، وكان يصيد الغزلان في الصحراء، فيسعى حتى يفحم الغزال ويصيدها، ويسعى وراء الأرنب ويوقفها مكانها، وقصته هذه تغني: فقد طارد يوم ذي قرد أو غزوة الغابة أناساً من غطفان حتى أمسكهم إلى أن أتى الرسول عليه الصلاة والسلام وهم خيالة وهو على رجله. وهكذا الطاقات تتفجر في حياته عليه الصلاة والسلام فيعطي أهل التخصصات تخصصاتهم، حتى أهل الرياضة برعوا لكنهم كانوا يؤمنون بالله واليوم الآخر، وأهل الأدب برعوا كـحسان وابن رواحة لكنهم كانوا يؤمنون بالله واليوم الآخر، والمصارعون برعوا كـركانة وغيره لكنهم يؤمنون بالله واليوم الآخر، وأدب ليس فيه إيمان أدب ملعون، ورياضة ليس فيها إيمان رياضة ملعونة، ومصارعة ليس فيها إيمان ولا مخافة إيمانية مصارعة ملعونة؛ يقول أبو الحسن الندوي: عين ليس فيها إيمان مقلة عمياء -أو كما ينقل عنه- ويد لا تحمل إيماناً إشارة لا مفهوم لها، وقلب ليس فيه إيمان كتلة لحم، وأمة ليس فيها إيمان قطيع من البهائم، فرسالتنا الإيمان وهي رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
فالصحيح عند الجمهور أن الخيل تؤكل لحديث أسماء المتفق عليه: {نحرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرساً وأكلناه} ولذلك تعجب من بعض الناس يقول: كيف ينحر حاتم الطائي فرساً لضيوفه، وهو لا يدري بالشريعة؟! لكن الأصل أنه مباح، ولا نستدل برأي حاتم؛ فرأيه ليس بصحيح ولا بوارد وأحاديثه موضوعة، إنما الخيل يؤكل والحمد لله رب العالمين، ومن الأحاديث التي تدل على ذلك حديث جابر في الصحيح: {أن الرسول صلى الله عليه وسلم حرم يوم خيبر لحوم الحمر، وأذن في لحوم الخيل}.
واختلف أهل العلم: هل هو من البحر أم من البر؟
والذي عليه كثير من السلف أنه نثرة ينثرها البحر فهو فصيلة من فصائل الأسماك، وشكله يوحي أنه قريب من السمك فكأنه من فصائل السمك، وسبحان الخالق عليه توكلت وإليه أنيب!
وفي السنن أن الرسول عليه الصلاة والسلام -والحديث ضعيف في سنده عبد الرحمن بن أسلم - قال: {أحلت لنا ميتتان ودمان: فأما الميتتان فالجراد والحوت}. إذن الجراد مباح وهو أكل عند الأمة الفقيرة التي ليس عندهم مزارع، فإذا هبط عندهم كان نعمة أن يأكلوا منه، كما يفعل الناس قبل أربعين أو خمسين سنة؛ كانوا يتغذون به؛ لأنهم في الجزيرة العربية ليس معهم إلا الصخور والتراب، لكن الأمم التي عندها مزارع وقمح وشعير وذرة، فمن أنكب النكبات وجود الجراد عندهم، فهو نعمة عند قوم ليس عندهم مزارع (فقراء) وهو نقمة عند أهل المزارع والله عز وجل قد ينعم بالبلوى وقد يبتلي بالنعمة:
قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت ويبتلي الله بعض القوم بالنعم |
والله عز وجل خالف آياته ولكن لمن يتدبر، فجعل في بلد الجفاف حتى أكلوا الميتة، وحتى ما وجدوا شيئاً يأكلونه ابتلاء، فلما اشتد عليهم الجفاف هلكوا ومات منهم الكثير، ثم أتت الفيضانات فطمَّت وعمَّت حتى غرق من بقي في الماء، فسبحان من جعل يوماً جفافاً حتى أصبح مهلكاً ودماراً، وخسفاً ونكالاً! وسبحان من جعل يوماً فيضاناً حتى صار خسفاً ودماراً ونكالاً!
والجراد يؤكل لحديث ابن أبي أوفى في الصحيح: {غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم سبع غزوات أو ستاً كنا نأكل معه الجراد}.
وقال قوم -وهو الصحيح إن شاء الله-: حيوان البحر مما يموت في البحر مما لا يستقذر وليس بخبيث يؤكل، أما الخبيث فلا يؤكل كالضفادع والسلحفاة وما في حكمه، وهذا أقرب الأقوال: {هو الطهور ماؤه الحل ميتته} مما يقبل الأكل، لقوله سبحانه وتعالى في نصوص شابهت هذا، مثل الريح التي أرسلها على القوم الطغاة: تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا [الأحقاف:25] وهي لم تدمر السماء والأرض لكن كل شيء مما يقبل التدمير، وقال سبحانه وتعالى في بلقيس: وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ [النمل:23] مع العلم أنها لم تؤت كما أوتي سليمان عليه السلام، لكن أوتيت من كل شيء مما يقبل التملك أو مما يحتاجه الملوك.
لحوم الحبارى -حبارى وحباري- تؤكل لحديث سفينة رضي الله عنه وأرضاه في أبي داود لكن فيه ضعف قال: {أكلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لحم حباري}. فما دام أنه أكله الحبيب فسيبقى نستأنس به لأنه أقرب شيء للدجاج، والذي يظهر إباحته وحله.
وعند أبي أيوب في الصحيحين قال: (قدم للرسول صلى الله عليه وسلم إناء فيه بقل -والظاهر عند أهل العلم أنه بصل، وهناك في رواية أخرى: كراث- فقال صلى الله عليه وسلم: كلْ، فإني أناجي من لا تناجي) وهم الملائكة. فأباحه عليه الصلاة والسلام لكن كرهه لمناجاة الملائكة.
فالثوم مكروه وأما من تعمد الاحتيال به حتى لا يحضر الصلاة في جماعة فهو مذموم، عطال بطال، إن عاد فيعزر، فبعض الناس يريد أن يترك الجماعات فيقول: ما دام أنه عذر صاحب الثوم والبصل فيأكل ثوماً وبصلاً فلا يأتي المسجد، تقول له: صل، فيقول: أكلت ثوماً وبصلاً، وهو لا يريد الثوم والبصل لكن يريد أن يتخلف عن الصلاة، هذه من الحيل المعكوسة التي يركبها الله على أصحابها.
ومن الحيل كذلك في الصلوات: أن يؤخر بعض الناس العشاء، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا حضر العِشاء والعَشاء فابدءوا بالعَشاء قبل العِشاء). فيترك طعامه حتى يقرب أذان العشاء ثم يحضره ويقول: حضر العشاء، علينا باتباع السنة لا نخالف السنة فيتعشى دائماً مع الصلاة، نقول: أنت آثم ومحتال، وإنما هذا إذا وقع نادراً للعذر؛ كأن تصادف مرة من المرات عشاء، أما أن تجعل عشاءك في وقت الصلاة فأنت مفترٍ على الله وعلى سنة الإسلام.
إذاً يكره أكل الثوم والبصل ويدخل فيهما الكراث.
وأنا أنصح الإخوة المسلمين إما أن يميتوهما طبخاً، أو من أكل رغبة فيها أن يأخذ بعض الروائح الجميلة، وألا يأتي إلى المسجد لأنها تؤذي المسلمين كثيراً، خاصة ممن يتجشأ فإنه يؤذي عباد الله في المسجد، وعند مقابلة الناس، ومناجاة الناس، وعليه أن يحاول أن يكون له وقت إذا اضطر إليه، وأن يغير الرائحة من الثوم والبصل، فإنه مضر بعباد الله الصالحين.
الباغي: هو الذي يبغي بأكله للميتة وعنده أكل آخر، يعني: ما عذره الله عز وجل لكنه بغى في الأكل فعنده كل شيء لكنه أكل الميتة، فهذا يحرم عليه.
العادي: هو الذي تجاوز في أكل يكفيه لسد الرمق، ورفع الجوع؛ فيأكل حتى يزيد في شبعه؛ فهذا مذموم، فالميتة يأكلها العبد إذا أشرف على الهلاك، قال أهل العلم: إذا تأكد أنه سوف يموت، وقال ابن حزم في المحلى: إذا بقي يوماً وليلة كاملة وجاع واشتد جوعه، وشعر بدنو الموت فليأكل. هذا المضطر ولنا عودة إليه.
أخذ أهل العلم من عمومات النصوص أنها محرمة، قال سبحانه وتعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً [النساء:29] وقال سبحانه وتعالى: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195] وفي صحيح البخاري قوله صلى الله عليه وسلم: (من تحسى سماً فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً في النار) فمن قتل نفسه بالسم، أو تسبب في أكل شيء مضر من السوام فسمه معه، يدخل به النار خالداً مخلداً. هذا لفظ الحديث في البخاري، إذاً يعلم من ذلك، أن أكل شيء سام حرام، وأدخل فيه فصيلة الحيات والعقارب والثعابين وكل ما يعلم ضرره من هذه جميعاً، وهو الأصل الذي توقف فيه بعض الناس، ولكن بعد معرفة هذه الأدلة لا يتوقف فيه والحمد لله.
بعض الناس يصاب بداء في معدته فلا يجد شفاء له إلا الطين، وقد تجد حتى بعض الأطفال يأكلون الطين.
كل ما فيه ضرر فإنه محرم بنصوص منها: حديث أحمد -ولو أنه تكلم في سنده- قوله صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار). فمن هذا الحديث ومن الآية وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [النساء:29] وحديث (وإن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها) وقوله سبحانه وتعالى: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف:157] أدخل كل ما فيه ضرر وليس فيه نفع من الطين والحجر والفحم والتراب، وكل ما شابه هذا فهو محرم، فليعلم ذلك.
وحديث: (لا ضرر ولا ضرار) رواه أحمد وابن ماجة، وهو يقبل التحسين، ومن الناس من رفعه إلى الصحة، ومنهم من حسنَّه، ومنهم من ضعَّفه، وأقرب الأقوال التحسين.
وخلاصة القول في هذه المسألة: أن اللحوم المستوردة إذا اجتمعت فيها ثلاثة شروط سواء الطازج أو المثلج أو المعلب أو أي شيء وارد مما يذبح فإنها تؤكل، لكن الأسماك لو أتت من الأمم الكافرة الوثنية فلا تذبح فهي حلال، وكذلك الجراد من أي مكان أتى فحلال، وهذه الشروط الثلاثة هي:
الشرط الأول: أن يكون هذا اللحم المذبوح من كتابي، أو من ذبائح أهل الكتاب، وأهل الكتاب هم النصارى أو الدول المسيحية؛ ودول الأطلسي هذه أكثرها مسيحية : أمريكا، بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، ألمانيا وغيرها ولو أنهم لا يعتقدون المسيحية ولا يعرفون منها كوعهم من بوعهم، لا رؤساؤهم ولا مسئولوهم؛ لا يعرفون من المسيحية شيئاً لكن ديانتها ومنهجها تنص -حتى الحكم الفيدرالي- أن دين دولتهم هي المسيحية، فلذلك ما يأتي منها فلنا أن نأكله، أما غيرها من البلاد الشيوعية أو الوثنية فلا، مثل: الصين، والدانمرك، وروسيا، ويوغسلافيا، وألبانيا، بلغاريا، هؤلاء الذين يقولون: لا إله والحياة مادة، لحومهم لا تقبل بأي طريقة مهما ذبحت. قال سبحانه وتعالى: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ [المائدة:5] فأهل الكتاب -أيها الأخوة- طعامهم حلال، إسرائيل طعامهم حلال، وأقصد بها دولة إسرائيل هذه، واليهود ومن شايعهم، لحومهم حلال ولا يعترض الفلسطينيون يقولون: كيف تحلِّوا لحوم إسرائيل اليوم، أنا أقصد لحوم الذي سيذبحون لا لحوم الإسرائيليين شامير وموشي ديان فهي حرام ولو ذبحت على الطريقة الإسلامية فلحومهم حرام.
الشرط الثاني: أن تكون من اللحوم التي أحلها الله عز وجل لا من اللحوم المحرمة.
لا يأتي مسلم فيقول: ما دام أن لحم الخنزير أتى من دولة كتابية مسيحية فهو حلال، فنقول: لا، بشرط أن يكون قد أحله الله، مثل الأزواج الثلاثة: بقر أو غنم أو إبل أو ما سبق بيانه من الأرانب والدجاج وما ذكرنا قبل، فيكون عندنا مباحاً في الأصل لا عندهم هم، لأنهم يرون الخنزير مباحاً في شريعتهم وقد كذبوا على الله.
الشرط الثالث: أن تكون قد ذكيت ذكاةً شرعية، ولا يأتينا خبر أنها ذبحت لغير الله، ذكاة شرعية أي أنه: قطع المريء والودجين أي: اسال الدم فصار دمها مسفوحاً، وهذه هي الذكاة الشرعية، وذكاة الكتابي لا نشترط فيه أن يسمي فنحن نسمي ونأكل، ونشترط فيما ذكي ألا يكون بالصعق؛ لأنه قد تقتل بالصعق، وقد تقتل الذبيحة بآلات من نصفها وقد تضرب بالمسدس ثم تسقط، وإنما تكون ذبحاً وذكاةً شرعياً؛ إذا قطع فيها المريء والودجين، وأما إذا قطع بعض أعضائها حتى ماتت فلا يصح هذا، وإذا قطع شيئاً منها، وأرسلها لنا فلا تصح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما قطع من البهيمة وهي حية فهو كميتته) وهو حديث صحيح.
إذاً أتاك لحم وعلمت أنه لحم غنمي أو إبل أو بقر من أهل الكتاب، وأخبرك أنه ذبح؛ فعليك أن تأكل وليس عليك أن تسأل عمن ذبحه وهل سمى أم لا؟ لكنك تسمي وتأكل، إذا تأكدت أنهم يذبحونه ذبحاً، والأصل أنهم يذبحون ذبحاً؛ لكن لو أتاك ما نشرت مجلة المجتمع عن بعض المصانع أنها تصعق الحيوانات صعقاً فهذا لا يؤكل، وهذا محرم، لأنك تبينت خلاف الأصل، أما إذا عففت نفسك عن هذا فلا تحرمه على الناس:وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ [النحل:116] وكثير من الناس الآن يدخل البقالات ويقول: هذا الجبن حرام وهذه القشطة حرام، وهذه حلال، من جعلك يا أبا حنيفة تحرم أو تستنبط من النصوص؟ إن مسألة أن الإنسان يحرم على الناس أو يحلل للناس، فإنه إنما يتكلم عن الله أو يوقع عن الله، ولذلك قال ابن القيم في أعلام الموقعين: الذين يوقعون عن الله هم أهل الفتيا.
فالإنسان إذا اقتنع بشيء فليبق هذا الشيء له، قال صلى الله عليه وسلم: (الحرام بين والحلال بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، ومن تركها -أي: المشتبهات- فقد استبرأ لدينه وعرضه).
الجواب: الذي ترجح عند أهل العلم أن أكل البغل حرام لقوله سبحانه وتعالى: وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا [النحل:8] فالخيل خرجت بنص، والبغال سُكِتَ عنها فتبقى للركوب، ثم الاختلاف في سؤرها، فهي محرمة لا تؤكل، وأكلها منهي عنه لهذه الأدلة وغيرها.
قد رمى المهدي ظبياً شل بالسهم فؤاده |
وعلي بن سليمان رمى كلباً فصاده |
فهنيئاً لهما كل امرئ يأكل زاده |
فهل هذه القصة صحيحة؟ وهل علي بن سليمان يأكل الكلب؟
الجواب: هذا صحيح، إن كان يسأل عن صحة هذا فهو ثابت عن أبي دلامة.
وعلي بن سليمان لا يأكل الكلب، وهذا أبو دلامة متفكه خرج مع الخليفة المهدي ابن أبي جعفر المنصور، فأطلق المهدي سهماً فصاد ظبية، وأطلق علي بن سليمان -وهو وزير من وزراء المهدي - سهماً فصاد فأتوا يسحبوه فوجدوه كلباً فقال المهدي لـأبي دلامة: قل في هذا شعراً، قال:
قد رمى المهدي ظبياً شل بالسهم فؤاده |
وعلي بن سليمان رمى كلباً فصاده |
فهنيئاً لهما كل امرئ يأكل زاده |
فقال هذا على سبيل الدعابة. ومما يذكر أن أبا دلامة دخل على المهدي فقال: سمعنا أنك تحفظ الحديث، فماذا حفظت من الحديث؟ قال: ما حفظت من الحديث إلا ثلاثة، قال: ما هي؟
قال: {أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعجبه الحلوى والعسل} وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لـأبي هريرة: {اشرب اللبن، قال: شربت حتى ما وجدت له مسلكاً} والثالث: {إذا حضر العَشاء والعِشاء فابدءوا بالعَشاء قبل العِشاء}. قال: وهل تحفظ شيئاً في الجنة؟ قال: حفظت حديثاً، قال: ما هو؟ قال: حدثنا فلان عن فلان عن عكرمة عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من حفظ خصلتين دخل الجنة، نسي عكرمة واحدة ونسيت الثانية.
الجواب: ليس بصحيح، وهذا الحديث باطل، لم يلعن الرسول صلى الله عليه وسلم الثوم ولا البصل، وإنما قال: {خبيثتين}.
الجواب: هذا الحديث رواه الترمذي، وهو حديث ضعيف في سنده دراج بن أبي السمح، يروي عن أبي الهيثم الشامي وروايته عن أبي الهيثم ضعيفة.
الجواب: نعم، لك أن تقتلها بالبندقية ليتعلم عليها القوم؛ لأنها ضاره يقتلها الحل والمحرم، فاقتل وتوكل على الله.
الجواب: الهرة لا تؤكل وقد سمعتم الحديث في السنن: {أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل الهرة وعن أكل ثمنها}.
الجواب: الغنم التي تأكل اللحم من غير ضرورة يجوز أكل لحمها لأن أكل الغنم للحم ليس هو قوتها، هي تأكله عرضاً مثل الدجاج الذي يأكل اللحم أحياناً، أما الحيوانات التي قوتها اللحم فهي حرام يعني: لا تعيش إلا على اللحم وقوتها وأكلها اللحم، مثل: النسر، والصقر، والأسد، والذئب، والفهد؛ فهذه حرام؛ لأن غذاءها اللحم، أما الغنم فمعروف أنها نباتية ولا تأكل اللحم إلا أحياناً، أو إن أصابها هوس أو تخلف عقلي.
الجواب: أما لفظة: {كل أمر لا يبدأ فيه بباسم الله} باسم الله هذه ضعيفة، وأما الحسن الذي حسنه ابن حجر فهي: {كل أمر لا يبدأ فيه بذكر الله وبحمد الله} عند أبي داود وعند ابن حبان فهي حسنة فيجمع بينها بين ابن حجر والألباني:
خذا جنب هرشى أو قفاها فإنه كلا جانبي هرشى لهن قرين |
الجواب: أما الست ركعات بعد المغرب فوردت في حديث عائشة في حديث حسن، وأما أنها تعادل اثني عشرة سنة فهذا موضوع على الرسول صلى الله عليه وسلم.
الجواب: قال ابن حزم: أكل الفيل لا بأس به.
والصحيح عند الجمهور أن الفيل لا يؤكل لأمور:
أولها: أن له ناب.
والثاني: أنه مستخبث بالطبيعة.
الجواب: هذا الحديث صحيح، وهو من حديث عبد الله بن أبي أوفى عند البخاري ومسلم: {أن رجلاً اتخذ دجاجة يرميها، قال: لعن صلى الله عليه وسلم من اتخذ ذات الروح غرضاً}. فأما هذا فلا يتخذه غرضاً لكنه يتخذها صيداً، والصيد غير الغرض، فأنت سألت قبل قليل عن القنص: أن تأخذ البندقية فترى فأراً فتضربه، لك ذلك، لكن أنت إذا جعلته غرضاً تضرب به ليس بوارد وأن تأتي بعقرب ليس بوارد مع العلم أنني أقول إن شاء الله: أن الغرض تكون من المأكولة أما غير المأكولة التي محرمة فلا بأس في اتخاذها كالثعبان وكالفأر ولكن إذا أردت الجمع فكأن الغرض شيء والقنص شيء آخر.
الجواب: أكل النعام لا يجوز إلحاقاً بفصيلة الحدأة وقد أمر صلى الله عليه وسلم بقتل الحدأة في الصحيحين من حديث عائشة، وقيل: لأكلها اللحم.
الجواب: حسنه بعضهم كما ذكر العجلوني في كشف الخفاء، ولكن الصحيح أنه ضعيف عنه صلى الله عليه وسلم، وصح من كلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
الجواب: الشيشة حرام، لقول الله تعالى: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف:157] فهي خبيثة من الخبائث، خبيثة في الجسم والمال فهي خبيثة حسياً ومعنوياً والحمد لله رب العالمين.
الجواب: هذا الحديث لا يصح، ويصح حديث صلى الله عليه وسلم: {لا تزال المسألة في الرجل حتى يلقى الله يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم} وصح من حديث الزبير عند البخاري: {لأن يأخذ أحدكم حبالاً، فيذهب يحتطب من الجبال، ويبيع فيستغني عن الناس، أفضل له من أن يطلب الناس أعطوه أو منعوه} وصح في حديث لفظه يشابه قوله صلى الله عليه وسلم: {من سأل الناس تكثراً فإنما يسأل جمراً فليستقل أو يستكثر}.
الجواب: هذه كما يعلم طلبة العلم: أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {من أكل ثوماً أو بصلاً فلا يقربن مصلانا هذا}.
والقاعدة الأصولية تقول: كل نهي يحمل على التحريم إلا ما صرفه صوارف. والذي يظهر أن هذا على الكراهية وليست تحريماً لأنه ما ارتكب أمر يحرم عليه حضور المسجد، ثم عُلم أن من الناس في عهده صلى الله عليه وسلم من ابتلي بهذه الأمور وما حرم عليه دخول المسجد، لكن أراد صلى الله عليه وسلم أن يكره لهم هذا الأمر فصرفها صوارف:
من الصوارف:
أن الثوم والبصل حلال في الأصل.
ومن الصوارف: أن صلاته صحيحة ليست كصلاة شارب الخمر.
ومن الصوارف: أنها ما أفسدت عقله وما نجست جسمه.
فاقتضى أنها للكراهة وليست للتحريم، ولو أنه يعزر بالكلام من يفعل ذلك، مع أنه يجب على المسلم إذا أتى المسجد ألا يؤذي إخوانه المسلمين والملائكة، بل يكون متقيداً، وأكثر ما يتضرر أهل المناجاة إذا ناجاهم رجل من المسلمين فإنهم يتضررون لحديثه هذا.
الجواب: لا يهمك تاريخ الانتهاء، لأنه إذا كان خنزير فلا ينفعك تقديم الانتهاء على تأخير الانتهاء، لا بد أن تتأكد من اللحم هذا الموجود هل هو لحم طلي أو لحم خنزير؟ وإذا كانت لحم طلي فلا بد أن تتأكد من أمور:
هل ذبح في أرض أهل الكتاب في أمريكا وغيرها؟ وهل ذبح على الطريقة الإسلامية ذباحة شرعية؟ هل هو مباح عندنا وقد أسلفت هذا، وهي خلاصة ما كتب بها الكتبة في هذا العصر، وهذا القول هو الموافق لقواعد الشرع، وهناك أقوال أخرى.
ثم إني أقول: المجلس ليس حجراً على أحد، لكنه مجلس تحدي، ومن كان عنده دليل آخر فليأتِ به: قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا [الأنعام:148].. قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [البقرة:111].
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر