هو تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة ].
الوقف معناه: الحبس، وعرفه بأنه تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة، بمعنى أنه يحبس الرقبة فيجعلها محبوسة لا تباع ولا تورث ولا توهب.
والثمرة هي ثمرة هذا الأصل وريعه وما يخرج منه، فينفق في الأعمال الخيرية.
ولا بد للوقف أن يكون له ألفاظ، كـ(وقفت) أو (حبست) أو (سبلت) وهذه ألفاظ صريحة، أما الكنايات فلا بد لها من نية، كأن يقول: (تصدقت)، و(حرمت)، و(أبدت)، فهذه كناية إذا وجدت معها النية أو قرن بها ما يدل عليها صار وقفاً، كأن يقول: تصدقت صدقة موقوفة أو محبوسة.
والصواب أن الوقف يكون بالقول وبالفعل، فالقول هو أن يقول: تصدقت أو حرمت أو سبلت، والفعل كأن يبني مسجداً ويأذن للناس في الصلاة فيه، أو يسور أرضاً ويأذن للناس بدفن الموتى فيها، فيكون هذا وقفاً بالفعل.
أي أن كل عين لا يجوز بيعها لا توقف، فالأشياء المحرمة لا يجوز وقفها.
وكذلك التي لا تبقى عينها، كالأشياء المائعة والرياحين وما أشبهها لا توقف؛ لأن عينها لا تبقى، والأطعمة تؤكل ولا تبقى، فلابد أن تكون العين باقية ينتفع بها كالأراضي والمزارع والسيارات.
قال: [ ولا يصح في غير ذلك مثل الأثمان والمطعومات والرياحين ].
الأثمان هي النقود، فإذا دفعها إلى من يشتري بها وقفاً فهذه وكالة في شراء وقف، أما أن يعطيه دراهم ويقول: هذه وقف، فلا يصح ذلك؛ لأن الدراهم والدنانير ونحوها لا تبقى.
وكذلك المطعومات كالبر يجعله وقفاً أو يأخذ تمراً ويقول: هذا وقف فإن هذا الوقف لا يصح، فلابد أن يكون الوقف عيناً ثابتة.
الوقف لا يباع ولا يورث ولا يوهب، وإنما يحبس فيه الأصل، ولا بد أن يكون الوقف على بر، لا أن يكون على محرم، كأن يقف كنيسة على النصارى، فهذا لا يجوز، أو يقف بيتاً ليشترى به خمور أو دخان، فلا يجوز هذا، فلابد أن يكون الوقف على جهة بر، ولا يكون على جهة معصية.
والوقف لا يباع ولا يورث ولا يوهب، والثمرة والريع يصرفان في جهة البر، كما فعل عمر رضي الله عنه، فقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إني أصبت مالاً بخيبر لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه، فما تأمرني فيه؟ فقال: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، غير أنها لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث) فتصدق بها عمر في القربى، والفقراء والمساكين وعلى الضيف.
وإذا وقف المرء بيتاً يؤجر فإن الأجرة تصرف في أعمال البر، وإن أراد وقفه سكناً للفقراء والمساكين.
قوله: فتصدق بها عمر في الفقراء.
أي: في المساكين.
وفي القربى، أي: قرابته.
وفي الرقاب، أي: في العبيد المكاتبين.
وابن السبيل، هو المسافر المنقطع الذي نفد ماله.
أي: أن الذي يلي هذا الوقف لا جناح عليه أن يأكل منه ويطعم صديقه، إلا أنه لا يتمول ولا يأخذ من ريع هذا المال، لكن يأكل هو بالمعروف ويطعم الصديق ويطعم الضيف.
وإذا تعطلت مصالح هذا الوقف فإنه ينقل على الصحيح، وقال بعض أهل العلم: إنه لا ينقل، وأما المسجد فإنه إذا استغنى عن بعض الفرش أو الحصير أو عن شيء مما يتعلق بالمسجد فإنه ينقل إلى مسجد مماثل محتاج.
يصح الوقف بالفعل، وروي عن الإمام أحمد أنه لا يصح إلا بالقول، والصواب أنه يصح بالقول وبالفعل.
هذا هو الصواب، وهو أنه إذا تعطلت مصالحه فإنه يباع ويشترى به ما يقوم مقامه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ والفرس الحبيس إذا لم يصلح للغزو بيع واشترى به ما يصلح للجهاد ].
إذا كان الفرس محبوساً على الجهاد، ولا يصلح للغزو فإنه يباع ويشترى به ما يصلح للجهاد، وكذلك إذا كانت سيارة أو مدرعات محبوسة ثم تعطلت فإنها تباع ويشترى بها ما يقوم مقامها.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ والمسجد إذا لم ينتفع به في مكانه بيع ونقل إلى مكان ينتفع به ].
وفي الرواية الأخرى أنه لا يباع المسجد.
الوقف يرجع فيه إلى شرط الواقف وترتيبه ويرجع فيه إلى الصفة التي ذكرها الواقف، فإذا قال: وقفته على طلبة العلم ينظر فمن اتصف بطلب العلم، فيكون داخلاً في الوقف.
وكذلك الترتيب، فإذا رتبه فقال: يصرف على كذا ثم على الفقراء ثم على المساكين ثم على طلبة العلم يبدأ صرفه بالترتيب، ولهذا يقول العلماء: قول الواقف مثل النص الشرطي، فإذا نص الواقف على شيء ينفذ.
وكذلك مصرفه، فإذا قال: يصرف في أعمال البر، أو: يصرف على الفقراء، أو على الأيتام، أو على أقاربي فإنه يلزم أن يصرف في الجهة التي عينها الواقف إذا كانت جهة بر، فإن كانت جهة معصية فإنه لا ينفذ، ويصرف إلى جهة بر.
وذلك لأن الولد يشمل الذكر والأنثى.
قال: [فإذا لم يبق منهم أحد رجع إلى المساكين ].
وذلك لأنه أتى بكلمة (ثم)، وهي تفيد الترتيب.
إذا قال: وقفت على أولاد عمي وكانوا عشرة أو عشرين يمكن حصرهم فيلزم استيعابهم، أما إذا قال: وقفت على قبيلة بني فلان أو القبيلة الفلانية، وكانت كثيرة لا يمكن حصرها، فهذا لا يلزم الحصر.
قوله: إلا أن يفضل بعضهم.
يعني: إلا إذا فضل الواقف بعضهم، فإذا فضل بعضهم على بعض فله ذلك.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ وإن لم يمكن حصرهم جاز تفضيل بعضهم على بعض وتخصيص واحد منهم به ].
إذا لم يمكن حصرهم بأن قال: وقفت على قبيلة فلان وما وجدنا إلا خمسة أو اثنين أو عشرة فإنا نعطيهم هذا الوقف.
[ باب: الهبة.
وهي: تمليك المال في الحياة بغير عوض ].
الهبة هي التمليك في الحياة بغير عوض، والفرق بينها وبين الوصية أن الوصية تمليك بعد الوفاة، والهبة تمليك في حال الحياة.
وقوله: بغير عوض، يعني: بغير مقابل، وبهذا يخرج البيع، فالبيع تمليك في الحياة بعوض، والهبة تمليك بغير عوض في الحياة، والوصية تمليك بغير عوض بعد الموت.
ولها ألفاظ، فتقول: (وهبتك) أو (ملكتك) أو (أعطيتك).
وتصح أيضاً بالعطية مع القرينة، فتناوله إياها ويكون هناك قرينة، أو مع اللفظ، فتقول: هذه لك، فتكون هبة، وتملك حرزاً بالقبض.
وليس للواهب أن يشتري الهبة، وليس له أن يعود فيها، إلا الوالد إذا أعطى ولده فله أن يرجع؛ لأن ما يملكه الابن لأبيه، لحديث: (أنت ومالك لأبيك)، أما غيره فلا يجوز له أن يرجع في عطيته بعد أن أقبضها الموهوب له؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العائد في هبته كالكلب يقيئ ثم يعود في قيئه).
الإيجاب والقبول أن يقول الواهب: وهبتك، ويقول الموهوب له: قبلت.
كأن يقول: وهبتك هذا المال أو هذه السيارة، فيقول: قبلت.
وكذلك تصح بالمعاطاة مع قرينة أنه وهبها له.
هذا هو الصواب، وهو أن الأب ليس له أن يفرق بين أولاده، بل يعدل بينهم، والعدل يكون بأن يعطي الذكر مثل حظ الأنثيين، أي: أن يعطي الذكر ضعف ما يعطي الأنثى.
وهذا هو العدل؛ لأن الله تعالى قسم الميراث هكذا فقال: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11]، ولما ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النعمان بن بشير نحله والده عبداً، أي: أعطاه عبد، فقالت له زوجه عمرة بنت رواحة : أشهد على ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جاء ليشهد النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أكل ولدك نحلته هكذا -أي: أكل واحد أعطيته عبداً-؟ قال: لا، قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) وفي لفظ: (أشهد على هذا غيري) وهذا من باب الإنكار، وفي لفظ: (إني لا أشهد على جور)، وفي لفظ آخر: (أتحب أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: نعم، قال: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)، وفي رواية: (فارجعه).
كل هذا الروايات تدل على أنه لا يجوز للأب أن يفاضل بين أولاده، وأنه إذا فاضل فعليه أن يرجع في العطية أو يعطي الأولاد الآخرين مثلما أعطى الأول.
والتفضيل بينهم من أسباب القطيعة والبغضاء، فإذا عرفوا أن أباهم فضل واحداً عليهم صار بينهم بغضاء.
قوله: أعمرتك داري يعني: أعطيتك إياها مدة عمرك وحياتك، فهي له عطية كاملة؛ إذا مات ورثها أولاده.
قال: [ وإن قال: سكناها لك عمرك فله أخذها متى شاء ].
يعني: لو أعطاها للانتفاع فإنه ينتفع بها.
تبرعات المريض مرض الموت المخوف، ومن هو في الخوف كالواقف بين الصفين عند التقاء القتال، ومن قدم ليقتل، وراكب البحر حال هيجانه، ومن وقع الطاعون ببلده إذا اتصل بهم الموت حكمها حكم وصيته في ستة أحكام:
أحدها: أنها لا تجوز لأجنبي بزيادة على الثلث ]
يعني: أن المريض مرضاً مخوفاً ومن في حكمه عطيته حكمها حكم الوصية لا تجوز إلا بالثلث.
والمرض نوعان: مرض غير مخوف، ومرض مخوف، فالمرض غير المخوف لصاحبه كافة التصرفات في جميع ماله، أما المرض المخوف وما في حكمه فحكم العطية فيه حكم الوصية.
ومثل المصنف رحمه الله، لمن في حكم المريض مرضاً مخوفاً بمن وقف في الصف عند التحام القتال، ومن ركب البحر عند هيجانه، ومن قدم للقتل، كل هؤلاء لا يتبرعون إلا بالثلث.
وكذلك من كان مرضه السرطان -والعياذ بالله- إذا كانت ظاهرة خطورته، فهذا يعتبر مرضاً مخوفاً، فحكم تبرع صاحبه حكم الوصية لا تجوز إلا في الثلث.
أما إذا كان مرضاً عادياً ليس بمخوف فللمريض أن يتصرف في جميع ماله.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ولا لوارث بشيء إلا بإجازة الورثة ].
أي: أن الوارث لا يتبرَّع له بشيء مطلقاً، إلا إذا أذن الورثة عن رضا وطواعية فلا بأس بذلك.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ لما روي (أن رجلا أعتق ستة مملوكين عند موته لم يكن له مال غيرهم، فدعا بهم النبي صلى الله عليه وسلم فجزأهم أثلاثاً، فأعتق اثنين وأرق أربعة) ].
هذا دليل على أنه لا ينفذ تبرعه إلا في الثلث، حيث أنفذ النبي صلى الله عليه وسلم العتق في اثنين -وهما الثلث- ورد الأربعة إلى الدار.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ الثاني: أن الحرية تجمع في بعض العبيد بالقرعة إذا لم يف الثلث بالجميع للخبر ].
إذا أعتق مثلاً ستة أعبد وليس له غيرهم فلا ينفذ إلا الثلث، لكن لو كان عنده ثمانية عشر عبداً وأعتق ستة قال: هؤلاء الستة عبيد ينفذ؛ لأنهم الثلث، لكن إذا أعتق ستة وليس له غيرهم، نقول: ليس لك إلا اثنان، اثنان تنفذ فيهم الوصية ويعتقان، وأربعة يعودون إلى الرق ونعرف ذلك بالقرعة، نأتي بالستة ونعيد القرعة فالذي تقع عليه القرعة يكون هو الذي ينفذ فيه العتق، والباقي يكونون أرقاء.
قال: [ الثالث: أنه إذا أعتق عبداً غير معين أو معيناً فأشكل أخرج بالقرعة ].
كذلك إذا قال: عنده مائة عبد، وقال: واحد من عبيدي حر.
قال: [ الرابع: أنه يعتبر خروجها من الثلث حال الموت ].
العبرة بحال الموت فلو قال: ستة من عبيدي أحرار، وليس له مال غيرهم -يعني: بعد موته- لكن بعد ذلك عاش سنين، ثم بلغ ثمانية عشر عبداً، نقول: إذاً: يعتقون الآن، لكن لما كان عنده ستة فقط فإنهم لا ينفذون، فلا تأخرت وفاته وملك زيادة من المال وخرج من الثلث فإنه ينفذ، فالعبرة بوقت الوفاة، ولا يعتبر ثلث ماله إلا عند الوفاة.
قال: [ فلو أعتق عبداً لا مال له سواه أو تبرع به، ثم ملك عند الموت ضعف قيمته تبينا أنه عتق كله حين إعتاقه، وكان ما كتبه بعد ذلك له، وإن صار عليه دين يستغرقه لم يعتق منه شيء ].
لأن الدين مقدم.
قال: [ ولا يصح تبرعه به، ولو وصى له بشيء فلم يأخذه الموصى له زماناً قوم عليه وقت الموت لا وقت الأخذ ].
لو أوصى لشخص وصية في حال الحياة، لكن لم يأخذها إلا بعد الموت يكون حكمه حكم الثلث ثابت.
قال: [ الخامس: أن كونه وارثاً يعتبر حالة الموت فيهما فلو أعطى أخاه أو وصى له ولا له ولد فولد له ابن صحت العطية والوصية ].
لأنه لا بأس به في هذه الحالة، إذ لا يوجد الابن، فلو وصى لأخيه قبل أن يوجد له أولاد، نقول: هذه الوصية لا تصح الآن في حال الحياة، لكن قبل أن يتوفى رزق بابن نقول: صحت الوصية؛ لأن الأخ أصبح غير وارث، فالعبرة بوقت الموت.
قال: [ ولو كان له ابن فمات بطلت ].
لو كان له ابن عندما وصى له، ثم مات يرث الأخ وتبطل الوصية، يعني: العبرة بحال الموت.
قال: [ السادس: أنه لا يعتبر رد الورثة وإجازتهم إلا بعد الموت فيهما ].
يعني: إذا أوصى بأكثر من ثلث ماله، فالورثة ليس لهم رد ولا إذن إلا بعد وفاته.
العطية في وقت الحياة والوصية بعد الموت، بينهما فروق أربعة.
قال: [ أحدها: أن العطية تنفذ من حينها، فلو أعتق عبداً أو أعطاه إنساناً صار المعتق حراً وملكه المعطى وكسبه له، ولو وصى به أو دبَره لم يعتق ].
يعني: لم يعتق إلا بعد الموت.
قال: [ ولم يملكه الموصى له إلا بعد الموت ].
أي: لم يكن للموصى له إلا بعد الموت، هذا الفارق الأول: أن العطية تنفذ في الحال، فإذا أعطاه عبداً أو غيره تنفذ في الحال ويملكه ويكون له كسبه، أما إذا أوصى له فلا يرث إلا بعد الموت ويأخذ من الثلث، والعطية في الحياة لا تعتبر من الثلث.
قال: [ وما كسب أو حدث فيه من نماء منفصل فهو للورثة ].
يعني: ما كسبه أو نماه الموصى به.
قال: [ الثاني: أن العطية يعتبر قبولها وردها حين وجودها كعطية الصحيح، والوصية لا يعتبر قبولها ولا ردها إلا بعد موت الموصي ].
فالعطية شروط قبولها وردها في الحال، إذا قال: أعطيتك كذا، يقول: قبلت أو يردها، بخلاف الوصية فلا يكون ذلك إلا بعد الموت.
قال: [ الثالث: أنها تقع لازمة لا يملك المعطي الرجوع فيها، والوصية له الرجوع فيها متى شاء ].
فالفرق الثالث: إذا أعطى شخصاً وقبضه ليس له الرجوع، وأما الوصية فإذا أوصى لفلان بعد موته ثم أراد أن يرجع رجع؛ لأنه لم يأت وقت الوصية، إنما يكون وقتها بعد الموت، فالعطية ليس له أن يرجع فيها، والوصية له أن يرجع فيها.
قال: [ الرابع: أن يبدأ بالأول فالأول منها إذا ضاق الثلث عن جميعها، والوصية يسوى بين الأول منها والآخر ].
يعني: العطية يكون فيها الترتيب، العطية الأولى ثم العطية الثانية ثم العطية الثالثة، والوصية يسوى بينها لا فرق بين أن أوصى لفلان أو فلان أو فلان، وإذا ضاق الثلث فكل واحد يأخذ بالنسبة، مثل الغرماء، لكن في العطية كيف يبدأ بالأول فالأول وهو في زمن الحياة، والأصل أن العطية تنفذ كلها؟
وذلك لأن السابق استحق الثلث فلم يسقط فيما بعده.
حيث إن العطية ليس لها علاقة بالثلث، ما دام هو في زمن الحياة، فالعطية ليست في زمن الحياة فكيف تربط بالثلث؟
فالإشكال إذا ضاق الثلث عنه، كيف تربط الثلث بالعطية ما دامت في زمن الحياة؟
ومعنى قوله: أن يبدأ بالأول فالأول منها إذا ضاق الثلث عن جميعها والوصية يسوي بين الأول
أن هذا كعطية المريض، وعطية المريض تنفذ في الحال، لكن أعطى فلاناً مائة وفلاناً مائة وفلاناً مائة، ولما أعطينا الأول مائة والثاني مائة انتهى الثلث، وأصبح الثالث ليس له شيء؛ لأنه لا تنفذ إلا الثلث، لكن إذا وصى لفلان ووصى بمائة لفلان ووصى لفلان، ولم نجد في ماله إلا مائة فإننا نعطي الأول ثلاثة وثلاثين، والثاني ثلاثة وثلاثين والثالث ثلاثة وثلاثين، وإذا كانا اثنين نعطي كل واحد منها النصف، وفي عطية الملك في زمن الحياة أعطى واحداً مائة والثاني مائة والثالث مائة، ولم نجد إلا مائة فقط، فإننا نقول: نبدأ بالأول فالأول يأخذ مائة والثاني والثالث ليس لهما شيء، لكن الوصية أوصى لفلان بمائة وفلان بمائة وفلان بمائة فكل واحد نعطيه الثلث، لكن نعطي الأول ثلاثة وثلاثين من الثلث والثاني ثلاثة وثلاثين من الثلث، والثالث ثلاثة وثلاثين فظهر الفرق بينهما؛ لأن العطية يلزم الأول فالأول والوصية يسوى بين الأول والآخر.
قال: [ ويدخل النقص على كل واحد بقدر وصيته سواء كان فيها عتق أو لم يكن ].
النقص يعني: بالنسبة.
قال: [ وكذلك الحكم في العطايا إذا وقعت دفعة واحدة ].
العطايا إذا وقعت دفعة واحدة كذلك، كان قال: أعطيت هؤلاء كل واحد منهم كذا وكذا، فهذا يدخل في حكم الوصية بالنسبة.
الجواب: عليه أن يلتزم، أو يخبر المتبرعين بأنه لا يستطيع؛ حتى يوكلوا غيره ليقوم بإكمال المشروع.
الجواب: العطية إن كانت في حالة الصحة فله أن يعطي ما شاء، وإن كانت في حال المرض المخوف فحكمها حكم الوصية، لكن تفارقها، فيكون الثلث للأول فالأول، وإذا سقط الثلث سقطت العطايا التي بعدها، أما الوصية فإنه يسوى بينها وبين الأولى والثانية والثالثة وإذا ضاقت عن الثلث فكل واحد يأخذ بالنسبة.
الجواب: لابد أن يسوي بينهم صغيراً أو كبيراً، لكن كأن السائل فهم من هذا النفقة والكسوة، تقول: النفقة والكسوة لا تدخل في العطية، ومعلوم أن نفقات الكبير غير نفقات الصغير، وكذلك إذا كان كبيراً وله أولاد وأعطاه نفقه فهذه لا تسمى عطية، بل هي نفقة واجبة، فإذا كان بعض الأولاد محتاجاً وبعض الأولاد غير محتاج وأعطى المحتاج فإن ذلك من باب النفقة لا تدخل في العطية، لكن العطية التي يجب أن يسوى بها ما زادت عن النفقة، والصغير والكبير واحد، فالعطية واحدة، فلا يعطي الابن الكبير أرضاً والصغير لا يعطيه شيئاً، بل كل واحد يعطيه أرضاً، وكل واحد يعطيه سيارة، أما النفقة فإنها تختلف، فمن يحتاج النفقة يعطيه كبيراً أو صغيراً، ومن لا يحتاج النفقة فليس له شيء.
الجواب: متن الرحبية، ثم الفوائد الجلية في المباحث الفرضية للشيخ عبد العزيز بن باز فممكن للإنسان أن يحفظها ويتقنها وليس فيها استطرادات.
الجواب: حديث صحيح، في صحيح مسلم وهو ثابت من أصح الأحاديث لا إشكال فيه، وهو في رواية الشعبي عن فاطمة بنت قيس.
الشيخ: لا يجوز، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)، لكن إذا كان فقيراً ينفق عليه، أما إذا لم يكن له منزل فإنه يستأجر منزلاً كغيره، فإذا كان له مرتب يسدد الإيجار من مرتبه وينفق على نفسه، أما إذا كان فقيراً ولا يستطيع أن ينفق على نفسه فلا بأس أن ينفق عليه، أما أن يعطيه منزلاً فليس له ذلك، إلا أن يعطي كل واحد من أبنائه منزلاً مثل منزله.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر