أما بعد:
فبداية نعتذر عن مواصلة اللقاء مع المنظومة البيقونية ومع كتاب العدة، وسنبدأ من اليوم إن شاء الله تعالى في فتاوى وأحكام الصيام، لأنه ينبغي علينا أن نتعلم أحكام الصيام قبل حلول شهر رمضان، وحتى نستعد لاستقباله بفقه صحيح وعلم من كتاب الله ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد وجدت أن خير طريقة لعرض هذا الموضوع: أن يكون في هيئة سؤال وجواب، وسنختار من الأسئلة ما يرتبط بالواقع، وما يتكرر كثيراً من إخواننا وأخواتنا المسلمات، وإن شاء الله تعالى سيسأل الشيخ إيهاب وأنا سأجيب عن السؤال بتوفيق الله عز وجل وحوله ومدده.
الجواب: هذه المسألة في الواقع من أهم المسائل؛ لأنها تُطرح في كل سنة، ويخرج علينا من يقول: إن الحسابات الفلكية تؤكد أن ميلاد هلال شهر رمضان يوم كذا! فهل النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بالصيام لميلاد الهلال أم لرؤيته؟! قال صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)، فالرؤية سبب في الصيام، فإن لم نر فلا صيام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم علّق الصيام على الرؤية.
ومن ثم نقول: إن الأدلة الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة تؤيد أن الصيام لا يكون إلا بثبوت الرؤية، قال الله عز وجل: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة:185]، ويقول ربنا سبحانه: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ [البقرة:189].
ومن ثم إذا تراأينا الهلال فغم علينا فلم نره فلا صيام، حيث يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (فإن غم عليكم فأتموا عدة شعبان ثلاثين يوماً)، وعليه فلا اعتبار مطلقاً للحسابات الفلكية في بدء الصيام أو إثبات دخول شوال، والله تعالى أعلم.
الجواب: اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال:
القول الأول: إذا ثبت الهلال في بلد مسلم وجب على كل بلاد المسلمين الصيام، حتى وإن اختلفت المطالع، وهذا قول مرجوح.
القول الثاني: إن اشتركت بعض البلاد في جزء من الليل، أي: اتفقت في المطالع، فثبوت الهلال في أحدها كاف للبلدان الأخرى.
القول الثالث وهو المعتبر: أن مرد الصيام للبلد إلى ولي الأمر وإلى الهيئة العلمية فيه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صومكم يوم يصوم الناس، وفطركم يوم يفطر الناس)، ومن ثم فلا يجوز لمسلم أن ينفرد بالصيام عن سائر أبناء بلده، فيصوم وحده ويفطر وحده، بل يصوم يوم يصوم الناس، ويفطر يوم يفطر الناس، حتى قال العلماء: إذا رأى الهلال ثم أخبر ولي الأمر فلم يعتد برؤيته -أي: أنه ردها- فله أن يصوم سراً ولا يشهر الصيام، حتى لا يخالف أهل بلدته.
ولذلك يرى شيخنا العلامة ابن باز في فتاويه رحمه الله تعالى: أنه إن سافر مسلم إلى بلد تختلف مع بلده في الرؤية، كأن يسافر من مصر إلى الكويت في اليوم الثلاثين من رمضان، فوجد أهل الكويت قد صاموا بعده، أي: أنه قد أتم صيام رمضان، بينما هم متأخرون عنه يوماً واحداً، فيرى الشيخ رحمه الله أن تصوم معهم، حتى وإن زاد الشهر عن ثلاثين يوماً، لتوافق أهل البلد التي أنت فيها.
الجواب: يخطئ البعض عندما يقول: إن يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان، لأن يوم الشك هو اليوم الذي نشك فيه هل هو من رمضان أم من شعبان؟ بمعنى: أننا نتراأى الهلال في ليلة التاسع والعشرين من شعبان، فإما أن يكون غداً هو المتمم لشعبان، وإما أن يكون هو أول أيام رمضان، فعند استطلاعنا منع الرؤية سحاب أو ضباب فلم نتمكن من الرؤية، عند ذلك نتم شعبان، ويكون هذا اليوم هو يوم الشك، فربما يكون من رمضان وربما يكون من شعبان، أما إذا كان الجو صحواً ولم يثبت هلال رمضان، فلا يسمى بيوم الشك؛ لأنه يقيناً من شعبان، وقد سمي بيوم الشك لاحتمال أن يكون من شعبان أو يكون من رمضان، وله أحكام فلننتبه إليها.
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الشك، وعند البخاري : (لا تقدموا رمضان بصيام يوم أو يومين، إلا أن يكون رجل يصوم صوماً فليصمه)، فيجوز لك أن تصومه، إن كان لك عادة بصيام، والله تعالى أعلم.
الجواب: صيامه صحيح؛ لأنه صام في بلده وأفطر في بلده، حتى وإن تحرك بعد ذلك فلا عبرة بوجود الشمس؛ لأنها لا تتعلق ببلده، والله تعالى أعلم.
الجواب: النية شرط من شروط صحة الصيام، يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: (من لم يجمع الصيام من الليل فلا صيام له)، ومعنى ذلك: أنه في الفرض لا بد من تبييت النية، والنية من أعمال القلوب، وقد عبر عنها القرآن بالقصد، وبالإرادة، وبالابتغاء، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الأعمال بالنيات)، فلا بد من تبييت النية، بخلاف صيام النافلة، فلا يشترط فيه تبييت النية، لما ثبت عند مسلم (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسأل
وعلى كل قال العلماء: تبييت النية في صيام الفرض لا بد منه، وهذا نام بعد العشاء، ثم استيقظ بعد الفجر، فلم يتبين له أن رمضان قد ثبت إلا بعد الفجر، معنى ذلك: أنه لم يبيّت النية، قال بعض العلماء: عليه أن يُمسك ذلك اليوم ثم يقضي، لعدم تبييت النية.
وقال بعضهم: هو معذور بعدم علمه، لأنه كان نائماً، ولا تفريط في النوم إنما التفريط في اليقظة، وهذا هو الراجح، والله تعالى أعلم.
الجواب: هذه مسألة أيضاً فيها خلاف بين العلماء، منهم من قال: لا بد أن ينوي الصيام في كل ليلة من رمضان، ومنهم من قال: إن النية في أول الشهر تجزئه للشهر كاملاً.
والحقيقة أنه إن تأملنا هذا الأمر فسنجد أن تناول طعام السحور نية، لكن الراجح -كما قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله في فتاوى الصيام- أنه يجزئه نية واحدة من أول الشهر للشهر كاملاً، إلا إذا قطع الصيام لعذر، كسفر أو مرض، فلا بد أن يجدد النية، والله تعالى أعلم.
الجواب: مدفع الإمساك بدعة ليست من دين رب العالمين في شيء، ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: (لا يغرنكم أذان
الجواب: خلاف بين العلماء، منهم من قال: في الأذان الأول، ومنهم من قال: في الأذان الثاني، وهو ما نسميه بالتثويب، والواقع أن العمل الآن على أنه في الثاني، لكن بعض العلماء كأخينا الفاضل الشيخ مجدي عرفات له رسالة حقق فيها على أنه في الأذان الأول، والحقيقة أن المسألة خلافية، ومن الخلاف بين الأذانين: أن الأول بصوت والثاني بصوت مختلف، إذ كان الأول بصوت بلال والثاني بصوت ابن أم مكتوم.
وبين الأذانين ما يقرب من ثلث ساعة.
الجواب: إن غالب المسلمين اليوم هكذا إلا من رحم الله، فيصوم ويترك الصلاة، ولا أدري لم نطلق عليه لفظ المسلم، فنحن في ذلك قد جاوزنا الحق، ففي حديث البخاري في كتاب الأذان: أن آخر من يخرج من النار قوم تعرفهم الملائكة بآثار سجودهم، فهؤلاء هم آخر الناس خروجاً من النار، فتارك الصلاة كيف ستتعرف عليه الملائكة؟! ويرى الحنابلة: أنه يخلّد في النار إن مات على ذلك.
وعليه فأقول: إن الصلاة شرط لقبول سائر الأعمال، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله، فلا أجر عند الله عز وجل للذي يصوم دون أن يصلي؛ لأن عمله محبط، وقد جاءت نصوص شرعية تبيّن أن تارك الصلاة مع فرعون وقارون وهامان وأبي بن خلف كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام.
فاتق الله في نفسك يا من تصوم ولا تصلي، فالذي أمرك بالصيام هو الذي أمرك بالصلاة، وكم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، واسمع إلى قول ربنا سبحانه: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ [المدثر:38-43]، فأول إجابة لهم هي أنهم قالوا: لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ [المدثر:43].
فليحذر الذين يتركون الصلاة أن يأتيهم ملك الموت بغتة، وعند ذلك ينادون بأعلى أصواتهم: رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا [المؤمنون:99-100]، فانتبه، واستيقظ أخي المسلم، والله تعالى أعلم.
الجواب: بوب البخاري في صحيحه في كتاب الصوم: باب صوم الصبيان، ولذا لا بد أن نعود أبناءنا على الطاعات، لا على المباريات، أو المسلسلات، أو اصطحابهم إلى المصايف والمسرح، فالعبد مأمور أن يعود ولده على الطاعة، (علموا أولادكم الصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع)، وقد رفعت امرأة ولدها الصغير وهو على صدرها في حجة النبي صلى الله عليه وسلم تقول: (يا رسول الله! ألهذا حج؟ قال: نعم ولكِ أجر) لِم؟ لأن الصبي حينما يتعود على الطاعة ينشأ عليها.
وجاء في صحيح البخاري أن الصحابة حينما أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بصيام عاشوراء صوّموا أبناءهم، وكانوا يصنعون لهم لُعَباً من صوف، لينشغلوا بها حتى يؤذن المغرب، أي: أنهم يدفعون الصبي إلى إتمام اليوم، يقول العلماء: إن استطاع الصبي أن يصوم فلا بد لأبيه أن يعوده على الصيام، ولو بعض اليوم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بقوله: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)، أما الصبي الذي هو دون السابعة فقد يكون عليه الصوم شاقاً، والله تعالى أعلم.
الجواب: الجنابة إما أن تكون من جماع وإما أن تكون من احتلام، لكن حينما نقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم أصبح جنباً فلا سبيل للاحتلام إليه عليه الصلاة والسلام.
يقول ابن حجر في فتح الباري: إن النبي صلى الله عليه وسلم إن أصبح جنباً فجنابته تكون من جماع، وليس من احتلام، أما نحن فهذا وارد وهذا وارد.
وقد ترجم البخاري في صحيحه باب الصائم يصبح جنباً، فصيامه صحيح، وقد اغتسل النبي عليه الصلاة والسلام من جنابة بعد الفجر، حتى يبيّن الحكم، فإن أصبح المسلم جنباً واغتسل بعد الفجر فصيامه صحيح ولا شيء عليه.
لكن هذا يدفعنا للحديث عن مسألة مهمة وهي: صلاة الفجر، لأنه ربما يقول قائل: إن الشيخ يقول: لا بأس أن أصبح جنباً، وينام إلى الساعة العاشرة! لا يا عبد الله، فأثقل صلاة على المنافق صلاة الفجر والعشاء، وهي محك الامتحان والاختبار، يقول ربنا سبحانه: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا [الإسراء:78]، وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتفقد من لم يصل معه الفجر، وهذا كان دأب الصحابة أجمعين، حيث يسأل بعضهم عن بعض، بينما نحن -بلا فخر- قد نكون في عمارة واحدة مكونة من عشرة طوابق ويفتخر الجار فيقول: والله لا أعرف الذي يسكن بجواري! فإنا لله وإنا إليه راجعون، تمزّقت الأمة كما نرى.
وقد تفقد عمر الناس في صلاة الفجر يوماً ففقد أحدهم فانطلق إلى بيته فطرق الباب وسأل عنه، فقالت الزوجة: يا أمير المؤمنين! ظل يصلي طوال الليل، أي: يتهجد، ولم يسهر على فيلم أو على الفوازير! بل انشغل بالتهجد عن صلاة الفجر، فقال عمر لزوجته: قولي لزوجك: إن صلاة الفجر في جماعة أفضل عند الله من قيام الليل كله. لأنه ضيّع فرضاً وأقام سنة، فلا يجوز ذلك أبداً، والله تعالى أعلم.
الجواب: عليه أن يغتسل وصيامه صحيح ولا شيء عليه، والله أعلم.
الجواب: هذه ظاهرة خطيرة انتشرت بين شبابنا وبين نسائنا، إنها ظاهرة العادة السرية، أو ما يسمى بنكاح اليد، وسببها ضعف الإيمان وغياب الوازع الديني، وكذلك الإعلام الهابط، وكثرة الهابطات المتبرجات، والاختلاط ممن لا يراقب رباً ولا يراعي شرعاً.
ولذا فأقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)، فالصيام وقاية وعلاج لهذه الظاهرة الخطيرة، أما أن ينكح يده في نهار رمضان فقد ارتكب إثماً عظيماً، وكما أن الحسنات تضاعف في رمضان فكذلك السيئات تضاعف لعظم الوقت ولحرمته، فرمضان له حرمة، فالذي يجترئ على حدود الله فينكح يده في نهار رمضان نقول له: عليك أن تتوب إلى الله توبة نصوحاً بالإقلاع والندم والاستغفار والعزم على عدم العودة، وأن تقضي هذا اليوم، مع الإمساك لبقية اليوم، ولا كفارة عليك؛ لأن الكفارة لمن يجامع زوجته، والله تعالى أعلم.
الجواب: عد العلماء من المفطرات التي تفطر الصائم ما يلي:
أولاً: الأكل عمداً.
ثانياً: الشرب عمداً.
ثالثاً: الجماع.
رابعاً: نزول المني بشهوة حال اليقظة. لكن إن حصل ذلك فينبغي عليه أن يُمسك بقية اليوم، وأن يقضي بدلاً منه، مع التوبة والاستغفار كما ذكرنا في الجواب عن السؤال السابق.
خامساً: الحيض والنفاس، وهذا موضوع مهم، ولعلنا نتحدث عنه بعد قليل، فالمرأة الحائض يجب عليها أن تفطر وأن تقضي الأيام التي أفطرتها، وكذلك المرأة النفساء التي أصابها النفاس بسبب الولادة.
سادساً: القيء عمداً، يقول صلى الله عليه وسلم: (من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء فليقض)، أي: من غلبه القيء فلا شيء عليه، أما من استقاء بيده فعليه القضاء.
سابعاً: من عزم وعقد النية على الفطر، حتى وإن لم يفطر فهو في حكم المفطر، والله تعالى أعلم.
ثامناً: الحاجم والمحجوم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أفطر الحاجم والمحجوم)، أي: أفطر المحجوم الذي سحب منه الدم، وأفطر الحاجم الذي يمص الدم بفمه، والله تعالى أعلم.
الجواب: لو تبرع أحدهم بالدم في نهار رمضان فإنا ننظر: فإن كانت كمية الدم كبيرة بحيث تؤثر عليه فإنه يفطر بذلك، أما إذا كانت كمية الدم قليلة فلا يفطر.
وأما بالنسبة للإبر المغذية -كالجلوكوز والفيتامينات- فهي تصلح أن تكون بديلاً عن الطعام، وعليه فهي تُفطر بلا أدنى شك، والله تعالى أعلم.
الجواب: لا يفطر على الرأي الراجح عند العلماء، لكن إن مص الدم بفمه فيفطر كما ذكرنا قبل.
الجواب: فرشاة الأسنان بمفردها دون معجون لا شيء فيها، لأنها كالسواك، لكن إن كانت بمعجون أسنان فالمعجون له نفاذ، فقد ينفذ إلى الحلق، ومن الحلق إلى الجوف، فمن الورع أن تترك استخدامه وأنت صائم، وقلت: من الورع؛ لأن العلماء اختلفوا في ذلك، فهو ليس على سبيل التغذية، وإنما له نفاذ، فقد تنفذ رائحته إلى الحلق، ومن الحلق إلى الجوف، فمن الاحتياط عدم استخدام معجون الأسنان إلا بعد الفطر، والله تعالى أعلم.
الجواب: قال النبي صلى الله عليه وسلم (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب)، وقال: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)، والنصوص في استخدام السواك عامة، ولم يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم الوقت الذي يكره للصائم أن يستاك فيه، وعليه فمن قال بكراهية استخدام السواك بعد الزوال فلا دليل عنده، والراجح جواز استخدام السواك، ومن الورع أن تتجنب السواك المعطّر، والله تعالى أعلم.
الجواب: بخاخ الربو لا علاقة له بالتغذية من بعيد ولا من قريب، وإنما يتعامل مع القصبة الهوائية، فيفتح المسام فيها فقط، وقد أفتى الشيخ محمد بن صالح العثيمين في فتاويه بجواز استخدامه، إذ إنه ليس غذاء وليس في معناه، والله تعالى أعلم.
الجواب: لا بأس مطلقاً أن يغتسل الصائم في نهار رمضان، لما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان في رمضان يبلل ثوبه من شدة الحرارة ويبرد به جسده، لكن بشرط أن يحترز من دخول الماء في فمه أو في جوفه، والله أعلم.
الجواب: سائر الإبر والحقن العلاجية التي تؤخذ للعلاج ولا تكون بديلاً عن الطعام والشراب لا بأس بها مطلقاً، طالما أنها ليست جلوكوزاً ولا فيتامينات، أي: ليست إبراً مغذية.
الجواب: هذه مسألة خلافية، فمن العلماء من أباحها بضوابط، منها: ألا تسبب ضرراً، والضرر هو الذي يبينه الطبيب الثقة، لكن نقول: الحيض أمر قدّره الله على بنات آدم، فلا ينبغي للمرأة أبداً ألا تقبل قضاء الله فتمنع الحيض؛ لأن عدم خروج دم الحيض يسبب لها اضطراباً، فلا بد من خروجه في الموعد، ولا أدري هل نساؤنا اليوم أكثر إيماناً وورعاً من نساء الصحابة؟ لقد حاضت عائشة وأفطرت وقضت، ولقد حاضت نساء الصحابة وأفطرن وقضين، لكن العجب أنك تجد الورع الكاذب عند النساء المتبرجات، فتجدها تلبس البنطال وتُظهر الشعر وتخرج متعطرة ولا تصلي، وتقول: هل يجوز أن آخذ دواء لأمنع الحيض حتى أصوم؟! نسأل الله العافية، ولذا فالأولى والأفضل للمرأة أن تترك نفسها على فطرتها، ثم تقضي بعد رمضان، والله تعالى أعلم.
الجواب: صيامها صحيح؛ لأنه لا يُشترط في الصيام الغسل، وإنما يُشترط فيه انقطاع الدم، وهذا بعكس الصلاة، فالصلاة لا بد لها من الغسل، والجماع لا بد له من الغُسل، ومس المصحف لا بد له من الغُسل، والمكث في المسجد لا بد له من الغسل، والطواف بالبيت لا بد له من الغسل، أما الصيام فيكفي أن ينقطع الدم، فإن انقطع الدم قبل الفجر فصيامها صحيح، والله أعلم.
الجواب: قد جاءت النصوص التي تحبب استخدام الطيب، ولم تفرّق بين صائم وغير صائم، وعليه فلا بأس باستخدام الطيب للصائم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (حُبب إليّ من دنياكم الطيب والنساء، وجُعلت قرة عيني في الصلاة)، فهذا الحديث أحياناً يرويه البعض بزيادة لفظة (ثلاث)، وهي زيادة لا أصل لها، فيقول: (حُبب إليّ من دنياكم ثلاث)، واستخدام الطيب سنة من سنن شرعنا، فيجوز للصائم أن يستخدم الطيب، لكن المرأة لا يجوز لها أن تخرج متعطرة، حتى لا يفهم البعض أن المرأة أيضاً تخرج متعطرة في نهار رمضان، أو تخرج متعطّرة من بيتها، فهذا يحرم عليها.
الجواب: بالنسبة لقطرة العين قال العلماء: إن العين ليست منفذاً إلى الحلق، وعليه فلا بأس باستخدامها.
وأما بالنسبة لقطرة الأنف وقطرة الأذن فإنه يمكن أن تنفذ القطرة إلى الحلق، وعلى ذلك قالوا من باب الاحتياط: يؤجل استخدام قطرة الأنف وقطرة الأذن إلى بعد الغروب، أما إن كان ولا بد فهو مريض فليفطر؛ لأن الله قال: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184]، والله تعالى أعلم.
الجواب: ربما يقول رجل: وهل هناك أحد يفعل ذلك؟! والجواب: نعم.
والأسئلة تأتينا بكثرة لا سيما من المتزوجين حديثاً، أو من بعض من يغلبهم الشيطان، وقد فعل هذا أحد الصحابة، وذلك حينما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يضرب صدره وينتف شعره ويقول: (يا رسول الله! هلكت، قال: وما أهلكك؟ قال: وقعت على زوجتي في نهار رمضان، قال له: اعتق رقبة...)، إذاً من جامع في نهار رمضان لزمه القضاء مع الكفارة، والكفارة أن يعتق رقبة، (قال: يا رسول الله! لا أملك إلا هذه)، أي: رقبتي هذه، وأشار إليها، قال له: (فصم شهرين متتابعين)، وهذا على سبيل الترتيب، يعني: إن عجز عن الأولى عمل الثانية، قال: (يا رسول الله! وهل فعل بي ذلك إلا الصوم)، أي: لا أستطيع أن أصوم يوماً فكيف أصوم شهرين متتابعين؟! قال: (فأطعم ستين مسكيناً، قال: ليس في المدينة من هو أفقر مني، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ الصدقة، ثم قال له: خذه وأطعم أهلك)، قال العلماء: ومن جامع زوجته في نهار رمضان فعليه أن يقضي بدل اليوم يوماً، ثم يكفّر إما بعتق رقبة، فإن لم يجد فبصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فبإطعام ستين مسكيناً، ولا يكسو؛ لأن الكسوة غير واردة هنا، وكذلك إن صام شهرين متتابعين وأفطر في آخر يوم من الشهر الثاني فإنه يستأنف صيام الشهرين، ولا يجوز له أن ينتقل -مثلاً- من العتق إلى الصيام إلا إذا عجز عن العتق، وإن انتقل فصام فلا يجزئ.
وأما المرأة فإن كانت مكرهة على الجماع فلا شيء عليها وصيامها صحيح، وإن تم الجماع برضاها فأرجح الأقوال أنه يلزمها القضاء والكفارة.
الجواب: يفرّق البعض بين الناسي في الفرض والناسي في التطوع، وهذا التفريق لا أصل له، فهو قول بغير علم، فتجد البعض يقول: إن كان المسلم صائماً صيام نافلة وأكل ناسياً فعليه أن يفطر، وإن كان في رمضان فليمسك، إذاً فما الفرق؟! إن كان الله قد تجاوز لنا عن النسيان في الفرض، فمن باب أولى يتجاوز في النافلة؟! ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)، فإن أكل أو شرب ناسياً فلا شيء عليه وليتم صومه، سواء في فرض أو نافلة، لكن يلزم من رآه يأكل أو يشرب أن يذكّره، ولا يقل: دعه يشرب ويأكل من باب الرحمة، فإن ذكره أحد أو تذكر من تلقاء نفسه فعليه أن يترك الطعام والشراب فوراً لا أن يواصل، والله تعالى أعلم.
الجواب: إن جاء الحيض قبل غروب الشمس بدقيقة فعليها أن تفطر في هذا اليوم وأن تقضي؛ لأن دم الحيض من المفطرات، والله تعالى أعلم.
الجواب: هذه ظاهرة موجودة عندنا، وهو أمر لا يجوز، فإن المرأة إذا حاضت أفطرت ولزمها القضاء، ولا بأس أن تأكل وأن تشرب، لأن هذا أمر أحله الله لها، فلا ينبغي أن تحرم ما أحل الله، والله أعلم.
الجواب: صومها صحيح، لما ثبت أن نساء الصحابة كن لا يعددن الصفرة من الحيض، والله أعلم.
الجواب: دم النفاس هو: الدم الذي ينزل من المرأة عقب الولادة، وأكثره أربعون يوماً ولا حد لأقله، وإذا انقطع بعد الولادة -سواء بعد يوم أو يومين أو ثلاثة أو أربعة- فعلى المرأة أن تغتسل وأن تصوم وأن تصلي، لكن إن انقطع في وسط نهار رمضان فهذا اليوم يُقضى، وإن انقطع بعد غروب الشمس فعليها أن تنوي الصيام من الليل، لانقطاع دم النفاس، قال العلماء: ويجري على دم النفاس ما يجري على دم الحيض من الأحكام الفقهية، والله أعلم.
الجواب: يقول العلماء: المرأة الحامل والمرضع إن خافتا على نفسيهما فعليهما الفطر والقضاء فقط، وإن خافتا على نفسيبهما وعلى ولديهما -أي: أن الحامل خشيت على الجنين، والمرضع خشيت على رضيعها- فعليهما القضاء والكفارة، أي: تقضي وتُطعم عن كل يوم مسكيناً، وهذا هو قول جمهور الصحابة، إلا أن أبا حنيفة رحمه الله له رأي يقول عنه الشيخ ابن عثيمين: إنه رأي قوي، وهو أنه لا كفارة عليهما؛ لأنه ليس هناك دليل على الكفارة، وإنما يجب عليهما القضاء فقط، والله تعالى أعلم.
الجواب: الشيخ الكبير، والمرأة العاجزة عن الصيام لكبر سنها، والمريض مرضاً مزمناً لا يرجى برؤه لهم أن يفطروا وعليهم الكفارة، وليس عليهم قضاء. قال ابن عباس في قوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [البقرة:184]: نزلت في هؤلاء، والله أعلم.
الجواب: إن الله سبحانه وتعالى يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً مسافراً وقد أعياه الصوم، فسقط على الأرض، فاجتمع الناس حوله، فقال عليه الصلاة والسلام: (من هذا؟ قالوا: رجل أعياه الصوم وهو على سفر يا رسول الله، فقال: ليس من البر الصيام في السفر)، يقول العلماء: الإفطار في السفر رخصة، والله يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه، والمسافر إن أراد الصوم فلا شيء عليه، بشرط ألا يدفعه الصوم إلى الهلاك، وقد كان الصحابة يسافرون فمنهم من يصوم ومنهم من يُفطر، فلا ينكر هذا على هذا ولا هذا على هذا، والله تعالى أعلم.
الجواب: إن هذا من الظواهر السيئة في مجتمعنا، فتجد الرجل يصوم ويجلس أمام التلفاز بحجة أنه يسلي صيامه، ولا أدري ما معنى: يسلي، فهو يجرح صومه، ويُبطل أجر صيامه، فليتق الله فإن النظر إلى المرأة المتبرجة ذنب ومعصية، وكلما جلس أمام التلفاز تحمّل أوزاراً ربما قد تفوق أجر الصيام، فإن أردنا أن نعقد موازنة بين أجر صيامه وبين نظره إلى التلفاز رجحت هذه المعصية، فهو ينظر أكثر من ساعة ونصف وملك السيئات يسجّل عليه، وأما صيامه فصحيح، لكن نقول: يحبط أجر الصيام بنظره إلى هذه المعاصي، وعليه -حتى يفوز بالأجر العظيم والثواب الكبير من الله عز وجل- ألاَّ ينظر إلى هذه الأمور التي تغضب الله عز وجل، والله أعلم.
الجواب: هذه المسألة من المسائل المهمة لا سيما وقد ابتدعنا فيها بدعاً ما أنزل الله بها من سلطان، كالأذكار التي يرددها البعض بين كل ركعتين، ففي بعض قرانا يقولون بعد الركعتين الأوليين: الصلاة والسلام عليك يا أول خلق الله، وبعد الركعتين التاليتين يقولون: ألف صلاة وسلام عليك يا رسول الله، وبعد الركعتين التاليتين يقولون: ثلاثة آلاف صلاة عليك يا رسول الله، وهم يحسبون أنهم يُحسنون صنعاً.
وفريق آخر يقول بعد كل ركعتين: بسم الله الرحمن الرحيم قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] بصوت جماعي، ولا أدري من أين جاءوا بهذه السنة ولم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم؟! والذي يلزم المسلم أن يتبع ولا يبتدع، فقد كفي، لكن الشيطان زين لهم فأغواهم عن السنة إلى الابتداع.
وأما بالنسبة لصلاة التراويح في ليالي رمضان فهي سنة مؤكدة، وحينما أقول: في ليالي رمضان فلننتبه، لأنه إذا ثبت أن غداً رمضان فستُصبح هذه الليلة من ليالي رمضان، فيُسن أن نصليها، بينما في الليلة الأخيرة عند استطلاعنا لهلال شوال إذا ثبت فلا صلاة، والواقع أننا نخالف، فلا نصلي في الليلة الأولى ونصلي في الليلة الأخيرة، وهي صلاة مسببة، أي: سببها رمضان وقد زال رمضان، فماذا تصلي يا عبد الله؟ يقول صلى الله عليه وسلم: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه)، وقد صلاها النبي عليه الصلاة والسلام في جماعة يوماً، ثم جاء اليوم الثاني وصلى بالصحابة، وفي اليوم الثالث ظل الصحابة ينتظرونه في المسجد إلى الفجر، فلم يخرج إليهم، ثم قال لهم: (خشيت أن تُفرض عليكم) فلما جاء عهد عمر رضي الله عنه جمع المسلمين على إمام واحد وصلى بهم جماعة.
وأما كيفيتها فهي مثنى مثنى، ويمكن أن تُصلى إحدى عشرة ركعة لفعل النبي عليه الصلاة والسلام، يقول العلماء: فإن زاد فلا بأس، وربما قد يزيد في عدد الركعات ويقلل في مقدار القراءة، فإن قلل في عدد الركعات زاد في القراءة، والحاكم في هذا المأموم؛ لأن البعض ربما يطيل في الصلاة فينفّر من خلفه، ويقول: لا عبرة بهم، لا يا عبد الله، فتحبيب الناس في الصلاة أمر واجب وإطالتها من السنة، لكن لا نقلل في القراءة إلى الحد الذي يخرج التراويح عن معناها كما يفعل في بعض المساجد، فتجد أشياء عجيبة، يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، وَالضُّحَى [الضحى:1] الله أكبر، وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى [الضحى:2] الله أكبر، فيصلي إحدى عشرة ركعة في عشر دقائق! لأن عندهم فوازير ومسابقات، ومن سيربح المليون، فيسرعون في الصلاة حتى لا تضيع عليهم هذه المواعيد، وإذا جلسوا بعد الركعتين فكأنهم جالسون على جمر، والتراويح ما سميت (تراويح) إلا لأنهم كانوا يستريحون بين كل ركعتين، فيستغفرون ويدعون ويسبحون ويهللون، أما حالنا اليوم فإنه بمجرد أن يقول الإمام: السلام عليكم ورحمة الله يقوم الواحد منا مباشرة ويقول: الله أكبر، نسأل الله العافية.
الجواب: هذه ظاهرة تعود عليها البعض، فيصلي مع الإمام حتى إذا قام الإمام ليوتر انفصل عن إمامه بحجة أنه سيوتر في بيته، وهذا أمر باطل، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قام مع إمامه حتى ينصرف من صلاته كُتب له قيام ليلة)، فمن انفلت عن الإمام فقد حرم نفسه هذا الأجر، ولا بأس أن تصلي مع الإمام الوتر ثم تصلي في بيتك ما شئت بشرط ألا توتر مرة ثانية، وكذلك من الأمور التي تعود عليها البعض: أن الإمام عندما يطيل في القراءة يأتي المأموم فيجلس في الخلف خارج الصلاة حتى ينتهي من القراءة، فإذا كبر للركوع دخل معه، فهو لا يريد أن يدخل في حال القراءة.
الجواب: هذا سؤال مهم جداً، لأن بعض الأئمة يعتدي في دعائه، فيقول بعضهم: يا ضار، يا الله، والمأموم يؤمن، بينما الأصل أن قول آمين يكون بعد عبارات الدعاء، وأما عند عبارات الثناء فيسكت المأموم، ولذلك تجد بعضهم الآن في القنوت يعد أسماء الله الحسنى، فيقول: يا رحمن يا الله.. يا رحيم يا الله.. يا منتقم يا الله.. يا جبار يا الله! ما هذا يا عبد الله؟! ألا تتقي الله في نفسك، فقد خالفت السنة ولم تلتزم بها، فهناك أسماء لله عز وجل لا ينبغي أن تتلفظ بها إلا مقترنة، فتقول: الضار النافع، المانع المعطي، المعز المذل وهكذا، هذا أولاً.
ثانياً: أن القنوت في الوتر سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان يقنت قبل الركوع وبعده أحياناً، ويترك القنوت أحياناً، ولذا كان من السنة أن نقنت أحياناً وأن نترك أحياناً، وكان يقول في قنوته: (اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وقني واصرف عني شر ما قضيت، فإنك سبحانك تقضي بالحق ولا يقضى عليك، إنه لا يعز من عاديت، ولا يذل من واليت)، انتهى، إجمال في الطلب، (فاتقوا الله وأجملوا في الطلب)، دعاء لا بد أن يكون بإجمال حتى لا نشق على الناس، وأنا أعرف بعض الناس الكبار قد وقع من طول الدعاء، والبعض الآخر يقول: يا شيخ! نحب الدعاء ونريد أن نبكي فأطل بنا في الدعاء! فهو لا يبكي في قراءة القرآن ويبكي في الدعاء! والعجب أيضاً أن تسمع بعض الأئمة يدعو فيقول: اللهم إنا نسألك الجنة.. اللهم ألبسنا من سندسها.. اللهم اسقنا من خمرها.. اللهم اسقنا من لبنها.. ويعدد نعم الجنة!
فيا عبد الله! إذا دخلت الجنة فاطمئن فإنك ستأكل وتشرب، وإنما كان يكفي أن تقول: اللهم إني أسألك الجنة، وكذلك قول بعضهم: اللهم انصر المسلمين في فلسطين، وفي الشيشان، وفي أريتريا، وفي الفلبين، وفي كشمير! فيعمل خريطة من آسيا إلى جنوب أفريقيا، وكان يكفي أن يقول: اللهم انصر المسلمين في كل مكان، أجملت أم لم تجمل؟ لا شك أنك أجملت.
ودليل ذلك غلام أصحاب الأخدود، فقد كان فقيهاً حينما قال: اللهم اكفنيهم بما شئت وكيف شئت إنك على كل شيء قدير.
والبعض الآن يأتي بأدعية مسجلة في أشرطة لبعض المشاهير، والدعاء يحتاج إلى خشوع.
حتى البكاء في رمضان لا نلتزم فيه السنة، فنرفع أصواتنا بالبكاء في الصلاة، وهذا لا يجوز، لقول عبد الله بن الشخير : (دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ويبكي، فسمعت لصدره أزيزاً كأزيز المرجل) أي: الماء الذي يغلي، ولذلك كان إذا بكى عليه الصلاة والسلام لا يرفع صوته بالبكاء، وبعض الناس يرفع صوته كأنه ينوح، وهذا قد يكون أدعى للرياء، وأدعى للعجب، تقول بعض زوجات سلفنا الصالح: كنت أنام بجوار زوجي فيبكي من خشية الله فلا أشعر ببكائه، طلباً للإخلاص ودفعاً للعجب والرياء.
فإذا أردت أن تبكي فابك دون أن يشعر بك أحد، وقد كان بعض السلف يصلي طوال الليل ويبكي، فإذا خرج إلى الفجر أخذ منديلاً وهو يقول: ما أشد الزكام، أي: أن الزكام هو الذي أسال دموعه، فهو لا يريد أن يُخبر أحداً ببكائه، حتى لا يدخله العجب ولا الرياء، والله أعلم.
الجواب: هذا الموضوع مهم أيضاً؛ لأن بعض النساء يتخذن الخروج إلى المسجد ذريعة لا سيما في صلاة التراويح، فتخرج وتعود إلى بيتها عند منتصف الليل، فيقول لها الزوج: أين كنتِ؟ فتقول: كنت في التراويح، فلا يجوز هذا أبداً، لا سيما في زمن الفتنة، وصلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكننا لا نمنعها من المساجد لحديث: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)، أي: لا نمنعها، لكن تخرج بضوابط:
الضابط الأول: أن تخرج مع محرم، فلو خرجت من البيت إلى المسجد فستركب السيارة، وستختلط بالرجال، وعليه لابد أن يكون معها محرم، وأيضاً: لا ترتكب مُحرَّماً في طريقها إلى المسجد.
الضابط الثاني: أن تخرج متحجبة.
الضابط الثالث: ألا تخرج متعطّرة.
الضابط الرابع: ألا تخالط الرجال.
فكل هذه الشروط لخروجها إلى الصلاة، فإن جاوزت هذه الشروط فصلاتها في بيتها أولى وأفضل، والله تعالى أعلم.
الجواب: قضاء رمضان لا يُشترط فيه التتابع، وهذا عام للرجال والنساء؛ لأن الله قال: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184]، فعلى مدار السنة قبل أن يأتي رمضان القادم لك ولها أن تقضي دون تتابع، لكن البعض قد يتكاسل عن القضاء حتى يأتي رمضان القادم، ففي هذه الحالة يلزمه القضاء والكفارة، والكفارة إطعام مسكين، عقوبة له على تأخيره القضاء، والله تعالى أعلم.
الجواب: ذهب جمهور العلماء -وهذا هو الرأي الراجح- إلى أنه ينبغي أن يبدأ بالقضاء أولاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال)، فمن كان عليه قضاء فإنه لم يصم رمضان، فلا بد أن يتم صيام رمضان أولاً ثم يشرع في السنة، وهذا من جهة النظر إلى الحديث، وأما من جهة النظرة الأصولية: فالقضاء واجب وصيام شوال سنة، فيقدم الواجب على السنة، لا سيما أنك لا تدري متى الموت؟ فتحصّل الواجب أولاً ثم السنة. والله تعالى أعلم.
الجواب: يقسّم العلماء الصيام إلى أربعة أقسام: صيام واجب، وصيام مندوب ومستحب، وصيام محرم، وصيام مكروه.
فالصيام الواجب: كصيام رمضان، وصيام النذر، وصيام الكفارات.
وأما الصيام المستحب والمندوب: فهو صيام الست من شوال، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال) متفرقة أو متتابعة، وصيام يوم عاشوراء، وصيام يوم عرفة، وصيام الإثنين والخميس، وصيام عشر ذي الحجة، وصيام الأيام البيض، فهذه من الأنواع المستحبة.
وأما الصيام المحرم: فكصيام يومي الفطر والأضحى، وأيام التشريق، وصيام الوصال، أي: يصل الأيام دون أن يتناول طعاماً ولا شراباً.
وأما الصيام المكروه: فكصيام الجمعة أو السبت منفرداً، وصيام المرأة للنافلة دون إذن زوجها.
وعليه، فلا بد عليك أن تفطر أول أيام العيد؛ لأنه يحرم عليك أن تصوم يوم العيد، وما بعد ذلك يجوز لك أن تصوم أيام شوال متفرقة أو متتابعة، والنص يسع لهذا، والله تعالى أعلم.
الجواب: من الأعمال الفاضلة أو المفضّلة في رمضان: قراءة القرآن؛ لأن رمضان شهر القرآن، والسلف كانوا يختمون القرآن في رمضان مرات ومرات، ثم التهجد والقيام وكثرة الصلاة في الليل، ثم الإنفاق في سبيل الله، فقد كان صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجود ما يكون في رمضان، وأيضاً الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، والتماس ليلة القدر، والذكر والدعاء، والاستغفار والتسبيح، وغض البصر عما حرم الله، والإحسان إلى الأقارب، وصلة الأرحام، وإطعام المساكين، وإفطار الصائمين، كل ذلك من الأعمال الطيبة في رمضان، فنحن في موسم خير وطاعة.
ونداء أخير إلى النساء -لا سيما طالبات الجامعة-:
ألا فلتتقي الله عز وجل في نفسك؛ لأنكِ بخروجك متبرجة يعم فسادك، وربما تكونين سبباً في إفطار صائم، وربما تدفعينه إلى شهوة حيوانية، فتتحملين وزرك وزره أيضاً.
وبعض النساء من طالبات وغيرهن لا يراعين حرمة هذا الشهر الكريم، فأذكرهن بأن الله سبحانه وتعالى يعلم بحالهن، فربما يأتيهن ملك الموت وهن على هذه الحال، نسأل الله العافية.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يبلغنا رمضان، اللهم بلّغنا رمضان، اللهم بلغنا رمضان، واغفر لنا فيه الذنوب، واستر لنا فيه العيوب، وتجاوز لنا فيه عن سيئاتنا، اللهم تقبل فيه منا الصيام، وتقبل فيه منا القيام، واختم يا رب بالباقيات الصالحات أعمالنا، واستر عوراتنا، وآمن روعاتنا، اللهم إنا نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار، آمين آمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر