اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه في الأولين والآخرين والملأ الأعلى إلى يوم الدين.
ثم أما بعد:
فأيها الإخوة الكرام الأحباب! نواصل هذه اللقاءات مع مناسك الحج في سؤال وجواب، ونبدأ بحول الله وفضله وتوفيقه:
السؤال: ما حكم المبيت بمنى في ليلة التاسع من ذي الحجة؟
الجواب: ليلة التاسع من ذي الحجة هي ليلة عرفة، ويوم عرفة هو (أفضل يوم طلعت فيه الشمس) كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام، ولذلك يسن لغير الحاج صيام ذلك اليوم، ويسن للحاج في يوم الثامن من ذي الحجة أن يحرم من مكانه الذي هو فيه ملبياً بحج إن كان متمتعاً أو إن كان قارناً يذهب إلى منى في ذلك اليوم فيصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء ويبيت بها ويصلي الفجر.
ثم يذهب بعد الفجر وبعد شروق الشمس إلى عرفة، والمبيت بمنى في هذه الليلة من السنة، وليس من واجبات الحج أو أركانه، والمعنى: أن من لم يفعلها فحجه صحيح، لكن ينبغي أن نعلم أن الحج الكامل هو أن يكون كما حج النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قال: (خذوا عني مناسككم)، فلا ينبغي للحاج أن يترك تلك السنة إذا كانت الظروف تسمح له بذلك، كما يفعل الكثير يبقى في الفندق إلى أن يذهب إلى عرفة مباشرة، ولا أدري لماذا يضيع هذه السنة، ولا ينال شرف إحياء سنة النبي عليه الصلاة والسلام، والله تعالى أعلم.
الجواب: من أهم أركان الحج وأعظم أركان الحج: الوقوف بعرفة، وأحياناً يعبر عن الشيء بأحد أركانه، وهذا مهم جداً في القرآن والسنة، فمثلاً: قول ربنا سبحانه وتعالى: وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة:43] أي: صلوا مع المصلين، فعبر عن الصلاة بالركوع؛ لأن الركوع أحد أركان الصلاة، والقيام كذلك، كما في قوله: وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238]، وقال: يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ [آل عمران:43] فقال: (واسجدي) أي: وصلي، فالتعبير عن كامل الشيء بأحد أركانه يشير إلى عظم الركن، ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: (الحج عرفة) أي: أنه لا حج بدون الوقوف بعرفة، ومن ثم تبدأ مناسك الحج الفعلية التي يجب على الحاج أن يقوم بها من لحظة الوقوف بعرفة، فمن ضيع الوقوف بعرفة فلا حج له، والله تعالى أعلم.
الجواب: أحدث الناس كثيراً من البدع في مناسك الحج، ومن هذه البدع تقاتلهم وتزاحمهم على صعود جبل الرحمة، وليس ذلك من سنة النبي صلى الله عليه وسلم الذي بين لنا مناسك الحج بياناً شافياً حتى الجمرات بين من أي مكان تلتقط وكيف ترمى، وما ترك منسكاً إلا وبينه عليه الصلاة والسلام، وقال لأصحابه: (خذوا عني مناسككم، فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا).
ولذلك ما ثبت عنه ولا عن سلف الأمة من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين أن صعود جبل الرحمة من مناسك الحج، فمن زعم أنه من المناسك فقد ابتدع في دين الله سبحانه ما ليس منه، والله تعالى أعلم.
الجواب: هذه أيضاً من الأشياء التي تتردد على الألسنة، فيقولون: إن جاء يوم الحج يوم جمعة فالحجة تعدل سبع حجات، وهذا كلام لا أصل له في دين رب العالمين، نعم إذا وافق يوم جمعة فقد اجتمع لنا في هذا اليوم عيدان: عيد الجمعة وعيد الأضحى كما قال عمر رضي الله عنه وأرضاه، ففي البخاري : أنه قال له رجل من اليهود: آية في كتابكم لو نزلت علينا معشر اليهود لاتخذنا ذلك اليوم عيداً. فقال عمر : إني أعلم متى نزلت وفي أي مكان نزلت، نزلت في عرفة في حجة الوداع في يوم الجمعة على النبي صلى الله عليه وسلم، وكل ذلك بفضل الله لنا عيدان.
فيوم الجمعة عيد لا شك، والأجر فيه لا شك مضاعف، لكن ما يقوله البعض: إن حجة الجمعة بسبع حجات، فهذا كلام باطل لا دليل عليه، والله تعالى أعلم.
الجواب: الاتباع أولى من الابتداع وفعل السنة يقرب العبد إلى ربه، ففي يوم عرفة صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جمع تقديم بأذان واحد وإقامتين، أذن بلال فصلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر أولاً ثم أقام مرة ثانية فصلى العصر، وأما هل صلى مع الظهر أو العصر نافلة؟ فالجواب: لا، وكل خير في الاتباع، وكما نقول مثلاً: من السنة صلاة ركعتين عند مقام إبراهيم، ومن السنة أن تقرأ في الركعتين في الركعة الأولى: (( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )) وفي الثانية: (( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ))، وأن تخفف فيهما فلا يأتي رجل ويصلي ويطيل في صلاته ويقرأ في الركعة الأولى بالبقرة وفي الثانية بآل عمران حتى يزيد القراءة في هذا المكان المبارك، فهو هنا خالف السنة، فالسنة أن تصلي وتخفف، فلا يجوز لك أن تخالف فعل النبي صلى الله عليه وسلم، والله تعالى أعلم.
الجواب: مناسك الحج منها ما هو ركن لا يجبر بدم، ولابد من أدائه، ومنها ما هو واجب يجبره دم في حال تركه، ومنها ما هو سنة، والمبيت بمزدلفة أرجح الأقوال فيه أنه واجب من واجبات الحج، فينبغي على الحاج بعد أن يقف بعرفة في يوم التاسع من ذي الحجة إذا غربت الشمس أن يجمع بين نهار وليل بعرفة، فإن نزل من عرفة قبل غروب الشمس فقد ترك واجباً من واجبات الحج وهو الوقوف بعرفة جزءاً من الليل، وبعد غروب الشمس عليه أن ينفر إلى مزدلفة ويصلي في مزدلفة المغرب والعشاء جمع تأخير، ولا يجوز له أن يؤخر العشاء إلى ما بعد الساعة الثانية عشرة؛ يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في فتاواه: فإن نفر من عرفة إلى مزدلفة فتعطل في طريقه وجاءت الساعة الثانية عشرة فينزل ويصلي في المكان الذي هو فيه، ولا يؤخر العشاء إلى بعد خروج نصف الليل الأول بحجة أنه لابد أن يصلي في مزدلفة.
فإن وصل إلى مزدلفة صلى بها المغرب والعشاء وبات بها كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، يبيت بها ليلة العيد يوم النحر ليلة العاشر، ويصلي بها أيضاً الفجر، حتى أسفر جداً صلى الله عليه وسلم، يعني: حتى أشرق النهار ورحل الظلام، عند ذلك تحرك من مزدلفة، والواقع الآن بخلاف ذلك تماماً فإن الذي يحدث أن معظم الحجاج ينزلون من عرفة إلى منى مباشرة بحجة أن المطوف لا يسمح لهم بنزول مزدلفة، فالمبيت بمزدلفة واجب، ومن تركه يلزمه فدية.
لكن الواقع أنه أحياناً يركب الحجاج السيارات ويكون التحرك بصعوبة بالغة ربما لا يستطيع الواحد أن يصل إلى مزدلفة إلا بعد الفجر، وهذا لا شيء عليه؛ لأنه سعى أن يصل فما تمكن، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وما جعل عليكم في الدين من حرج، لكني أقول: حاول أن تترك المطوف وخذ عنوان الفندق وأد المناسك صحيحة، فكثير منا لا يهتم بهذا الواجب، ولا يجبره بدم، وهذا لا يجوز، والله تعالى أعلم.
الجواب: نبين للحاج في ملخص سريع المناسك متصلة ببعضها، فنشرح حج التمتع:
أولاً: يمر على الميقات المكاني، وقبل أن يلبس ملابس الإحرام يغتسل ويطيب مفارقه، ثم يصلي ركعتين، سواء كانت سنة وضوء أو تحية مسجد أو نافلة أو فريضة، ثم يلبي من الميقات المكاني: لبيك عمرة -هذا المتمتع- ويجوز له أن يشترط، فيقول: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، وهذه العبارة تقال لأنه ربما يعترضه عارض في الطريق ولا يصل، فإن اشترط لا يلزمه شيء إن تحلل.
وعند وصوله إلى مكة محرماً يطوف طواف العمرة، والقارن والمفرد يطوف طواف القدوم، وهناك فرق بين طواف العمرة وطواف القدوم، وهو أن طواف العمرة ركن لابد من تحصيله، وطواف القدوم واجب على الراجح، ويجبر بدم إن تركه، والمتمتع لابد أن يطوف؛ لأن الطواف ركن من أركان العمرة، ثم يسعى بين الصفا والمروة، ثم يتحلل بحلق شعره أو بتقصيره، ويبقى على حاله، ويجوز له كل شيء حتى النساء، إلى يوم ثمانية ذي الحجة فيحرم من مكانه بالطريقة التي أحرم بها للعمرة، فيغتسل ويتطيب ويلبس ملابس الإحرام ويقول: لبيك حجاً، ثم يذهب إلى منى في يوم ثمانية ذي الحجة فيصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم يرحل إلى عرفة بعد شروق شمس يوم التاسع ويقوم بعرفة إلى أن تغرب الشمس، ثم بعد غروب الشمس ينفر إلى مزدلفة فيبيت بمزدلفة إلى الفجر فيصلي بها الفجر حتى يشرق النهار فيذهب إلى منى. وأعمال يوم النحر تبدأ من هذه اللحظة برمي جمرة العقبة. إذاً: أول أعمال يوم النحر هو رمي جمرة العقبة كما رماها النبي صلى الله عليه وسلم بسبع حصيات، وتنقطع التلبية للحاج عند رمي جمرة العقبة، وبعد أن يرمي جمرة العقبة في يوم النحر يذبح الهدي، ثم يحلق، ثم يطوف طواف الإفاضة، ثم يسعى سعي الحاج إن كان متمتعاً، ثم يتحلل التحلل الأكبر، هذه هي أعمال الحاج المتمتع، ويكون عليه طواف الوداع واجباً عند رحيله من مكة.
وعلى هذا فأعمال يوم النحر هي:
أولاً: رمي جمرة العقبة. ثانياً: الذبح. ثالثاً: الحلق. رابعاً: طواف الإفاضة. خامساً: سعي الحج للمتمتع. هذه مناسك الحج للمتمتع، والله تعالى أعلم.
الجواب: هذه ظاهرة منتشرة حتى في بعض الكتب وبعض الرسوم الإيضاحية؛ فحينما يريد أن يوضح كيفية التحلل يأتي بمقص ويأخذ جزءاً من شعره، وهذا لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، فإما أن تحلق أو أن تقصر كل الرأس، ولقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (اللهم اغفر للمحلقين ثلاثاً وفي الرابعة قال: وللمقصرين).
فإن كنت متمتعاً فقصر؛ لأنك ستتحلل مرة ثانية، فقصر في أول الأمر، أما إن كنت مفرداً فاحلق، والحلق خشوع لله رب العالمين، وبعض الحلاقين يقول لك: لا يوجد حلق بالموس؛ لأنه يأخذ منه وقتاً وهو ليس عنده وقت، فأقول: ينبغي أن تحافظ على السنة بالحلق أو التقصير لكل الرأس، أما المرأة فتأخذ جزءاً يسيراً من ظفيرتها قدر أنملة، أما الرجل فلا يجوز أن يأخذ هذا الجزء وإنما يحلق كل الرأس أو يقصر كل الرأس، هذا هو الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، والله تعالى أعلم.
الجواب: الرمل هو الإسراع في الخطى وفي طواف القدوم فقط، فلا رمل إلا في طواف القدوم فقط وفي الثلاثة الأشواط الأول؛ حيث فعلها النبي عليه الصلاة والسلام وأسرع الخطى وهو يطوف بالبيت في حال طوافه الثلاثة الأشواط الأول، ولا رمل على النساء، فليس للمرأة أن ترمل لا عند البيت ولا عند السعي بين الصفا والمروة، ولكني أرى بعض النساء يحاولن أن يهرولن، وهذه مخالفة جسيمة لا ينبغي أن تكون أبداً، إنما الرمل في طواف القدوم للرجال وفي الثلاثة الأشواط الأول، ومع الزحام قد يكون الرمل صعباً جداً، فلا تكن متحجراً وتقول: لابد أن أرمل فتزاحم الحجاج، وربما تصيبهم بأذى، فالرمل سنة وليس بواجب، فنريد أن ننبه إلى هذا، والله تعالى أعلم.
الجواب: هذه أيضاً من واجبات الحج، فبعد يوم النحر الذي بينا مناسكه من رمي لجمرة العقبة ومن ذبح ومن حلق ومن طواف ثم سعي، يجب على الحاج المبيت بمنى أيام التشريق، ولكن بعض أصحاب الحج السريع بعد يوم النحر يرحلون، وهذه أمور عجيبة! بل إن منهم من يذبح قبل يوم النحر، فتجدهم يذبحون في الفنادق في يوم تسعة ذي الحجة يوم عرفة وفي يوم ثمانية ذي الحجة، فمن الذي أفتاهم؟ يقولون: هناك فتوى من الشيخ الفلاني!
فنقول: يا عبد الله! اتق الله؛ فالنحر لا يكون إلا في يوم النحر؛ حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء إلى منى من عرفة وبعد أن بات في مزدلفة ورمى الجمرة بدأ ببيان هذه المناسك، ولما سئل: يا رسول الله! إني حلقت قبل أن أذبح، وآخر: رميت قبل أن أحلق قال: (افعل ولا حرج) لكننا نبين نقطة مهمة جداً في يوم النحر وهي أنه لابد من تحصيل أمرين على الأقل حتى تتحلل تحللاً أصغر: الأولى: رمي جمرة العقبة، لابد أن تضم إليها شيئاً آخر مع الرمي، فإما أن تطوف طواف الإفاضة وبذلك تكون قد حصلت اثنين، وإما أن تذبح، يعني: تفعل هذا أو هذا حتى تتحلل التحلل الأصغر.
وأيام التشريق هي: ليلة الحادي عشر من ذي الحجة، وليلة الثاني عشر، وليلة الثالث عشر، هذه الأيام الثلاثة نسميها أيام التشريق، قال عز وجل: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى [البقرة:203] فيجب على الحاج أن يبيت في منى أو يقضي بمنى غالب الليل، بمعنى: إذا غربت شمس اليوم العاشر وأصبحنا في اليوم الحادي عشر فعلى الحاج في هذه الليلة أن يبيت في منى حتى إذا جاء اليوم الثاني عشر يكون بها، فإن قضى بمنى غالب الليل فلا بأس؛ لأنه سيرمي الجمرات بعد الزوال في أيام التشريق، ويرمي جمرة العقبة قبل الزوال في يوم النحر، والله تعالى أعلم.
الجواب: الحاج يبيت في منى والغالب يتعجل، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم تأخر، فإن غاب على الحاج شمس يوم الثاني عشر ولم يخرج من منى ولا من حدود منى فيلزمه أن يبيت فيها، وهذه نقطة مهمة جداً! لكن نفترض أنه حزم الأمتعة وتأخرت السيارة رغم إرادته فلا شيء عليه.
فإن بات بمنى ليلة الحادي عشر بعد الزوال -يعني: بعد الظهر- فيرمي الجمرات الثلاث: الصغرى والوسطى والكبرى، يرمي كل جمرة بسبع حصيات، يجمع هذه الحصى وينطلق بعد الظهر لرمي الجمرات في أول أيام التشريق وهو يوم أحد عشر ذي الحجة.
ورمي الجمرات في أيام التشريق واجب من واجبات الحج إن تركه الحاج يجبر بدم؛ لأننا قلنا: القاعدة تقول: ترك الواجب يجبره دم، وترك الركن لا يجبره شيء، والسنن لا شيء في تركها، والله تعالى أعلم.
الجواب: ينقسم الطواف حول بيت الله عز وجل إلى أنواع منها:
طواف الإفاضة، وهو طواف الزيارة، وهو ركن من أركان الحج.
وطواف العمرة للمتمتع، وهو ركن من أركان العمرة.
وطواف القدوم للمفرد والقارن، وهو واجب من واجبات الحج.
وطواف النذر، وهو واجب على من نذر.
وطواف الوداع، وهو واجب إلا على الحائض والنفساء.
ثم آخر الأنواع هو طواف التطوع، فيجوز لك أن تتطوع وأن تطوف بالبيت.
فعلى هذا أنواع الطواف حول البيت ستة، ولن تجد أكثر من هذا، والله تعالى أعلم.
وأما ما حكم كل منها؟
فطواف الزيارة -الذي هو طواف الإفاضة- ركن، إن تركه الحاج لابد أن يؤديه حتى وإن عاد إلى بلده، فمن قال: حججت ولم أطف طواف الإفاضة، فنقول له: عد؛ لأن طواف الإفاضة لابد من تحصيله؛ لأنه ركن، فطواف الإفاضة ركن، وطواف العمرة ركن، وطواف القدوم واجب، وطواف الوداع واجب، وطواف النذر واجب، وطواف التطوع سنة، والله تعالى أعلم.
الجواب: نعم، متى علم أنه لم يحصل طواف الإفاضة في الحال ينبغي عليه أن يذهب ويحصل طواف الإفاضة سبعة أشواط، ثم إن ارتكب محظوراً من محظورات الإحرام -وطبعاً سيكون قد ارتكب، فربما يكون قد جامع زوجته- فعليه هدي يذبح ويوزع في داخل الحرم، والله تعالى أعلم.
الجواب: هذا سؤال مهم جداً؛ فإن البعض لا يعلم شروط الطواف، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (الطواف بالبيت صلاة) ومعنى كونه صلاة: أنه لابد له من الطهارة من الحدثين الأكبر والأصغر، ولكن هب أن الحاج كان يطوف بالبيت متوضئاً لابساً ملابس الإحرام ثم أحدث -أخرج ريحاً- فما الواجب عليه؟ الواجب عليه أن يخرج ليتوضأ، وهل يرجع فيتم الطواف أم يطوف من أول شوط؟ في هذا خلاف بين العلماء، فمنهم من قال: إن الطواف كالصلاة، فلو أحدث في الركعة الرابعة فهل إذا خرج من الصلاة وتوضأ يعود إليها من أولها أم يتم؟ الجواب: يعيدها من أولها، ولا شك في هذا، ومن قال: إن كل شوط عبادة مستقلة فاعتبر أن عدد الأشواط التي طافها قبل أن يحدث سليمة صحيحة وعليه أن يتم، والراجح أن يبدأ من أول شوط، والله تعالى أعلم.
الجواب: المرأة الحائض لا يجوز لها أن تطوف بالبيت؛ لما ثبت عند البخاري في صحيحه في كتاب الحيض أن الحائض تقضي المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، هذا عنوان الباب في البخاري ، فتفعل الحائض كل شيء في الحج إلا أن تطوف بالبيت؛ لحديث أمنا عائشة رضي الله عنها قالت: (خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم نريد الحج، فلما كنا بالميقات نفست -يعني: جاءها الحيض- فدخل عليها النبي عليه الصلاة والسلام فوجدها تبكي. فقال: ما يبكيك يا
وحينما يريد الحاج أو المعتمر أن يطوف بالبيت أولاً: عليه أن يبدأ من عند الحجر الأسود، وهناك خط مرسوم على الأرض يشير إليه. وحينما يشرع في طواف القدوم عليه أن يضطبع، والاضطباع هو: أن يكشف الكتف الأيمن من بدء الطواف، وأحياناً تجد معظم الذين يسعون بين الصفا والمروة في حال اضطباع، وبعضهم يبقى مضطبعاً إلى أيام التشريق، نسأل الله العافية، ولا يجوز هذا.
والاضطباع يكون في طواف القدوم، فليس في طواف الوداع اضطباع، وليس في طواف الإفاضة اضطباع، وليس في أي طواف آخر اضطباع إلا القدوم.
فيبدأ يستلم الحجر الأسود فيقبله كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام فإنه استوى وبكى وقال: (هنا تسكب العبرات)، لكن تقبيل الحجر سنة، وإيذاء المسلمين حرام، فلا تفعل سنة وترتكب محرماً كما تفعل بعض النسوة يزاحمن الرجال على الحجر، والبعض الآخر ربما يؤذي الضعفاء من أجل أن يقبل الحجر، فارتكب محرماً ليفعل سنة، فهل هذا من الفقه يا عبد الله؟!
فالحجر إما أن تستلمه وإما أن تشير إليه بيدك اليمنى، وتقول: الله أكبر، ومن هذه اللحظة يبدأ الطواف، فتبدأ الطواف بالبيت سبعة أشواط، وبين الركن اليماني والحجر الأسود في هذه المساحة يسن لك أن تقول: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201] ولا يسن أن تشير إلى الركن اليماني، ولكن تجد هذا كثيراً في الطواف من معظم الحجاج، فالركن اليماني يستلم ولا يشار إليه، ولا تقبيل له، وهذه نقطة مهمة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستلم الركن اليماني دون أن يقبله.
وفي الطواف حول البيت يشرع للحاج أن يدعو بما شاء بما فتح الله عليه وبما أراد، وكل يناجي ربه، أما ما يفعل من مظاهر كون معظم الحجاج كل فوج له قائد يمسك كتاباً فيه: دعاء الشوط الأول قولوا خلفي: اللهم.. اللهم، والآخرون اللهم.. فهذا غوغاء، ولا يجوز هذا، وليس لكل شوط دعاء مخصص كما في بعض الكتب، فهذه بدع محدثة، والدعاء الجماعي ما أنزل الله به من سلطان، فادع ربك بما شئت، وكل واحد يدعو ربه بمفرده، فهذا مريض يسأل الله الشفاء، وهذا مدين يسأل الله سداد الدين، وهذا في كرب يسأل الله تفريج الكرب، ويدعو بالدعاء المأثور عن النبي عليه الصلاة والسلام ولا يتعدى في الدعاء.
وننبه إلى أن حجر إسماعيل من الكعبة، والحجر حائط بجوار الكعبة يأخذ شكل ربع دائرة، فمن من طاف بداخله فطوافه باطل، ولا يحسب الشوط، وإذا بطل الطواف بطل الحج؛ لأن بطلان طواف الإفاضة بطلان للحج، وطواف الوداع يجبر تركه بدم، وطواف التطوع لا بأس، أما طواف الركن هذا فلابد أن يكون صحيحاً.
فننبه إلى أنه في حال الطواف لابد أن تطوف من خارج الحجر، فحجر إسماعيل من البيت.
فيطوف الحاج سبعة أشواط يبدأ بالحجر الأسود وينتهي به بعد نهايته من السبعة أشواط، وربما يشك هل طاف سبعة أم ستة ماذا يصنع؟ يبني على اليقين، واليقين هو الأقل، فإنه يقيناً طاف ستة وشكاً طاف سبعة، فيطرح الشك ويبني على اليقين.
وكذلك في حال الطهارة، هو متوضئ وشك في الحدث: أحدث أم لم يحدث؟ فيبني على الطهارة، ففي الطهارة يبني على اليقين.
وبعد أن ينتهي من الطواف في الحال يعيد ستر الكتف الأيمن، فإذا انتهى من طواف القدوم أو من طواف العمرة ينتهي معه الاضطباع، ويذهب الحاج بعدها ليصلي ركعتين خلف المقام، ورب العالمين يقول: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة:125] وربما يجد زحاماً عند المقام، وهذا موجود، والبعض يصر أن يصلي خلف المقام ويدوس الناس عليه وهو يصلي أو يحدث ارتباكاً في الطواف وهذا لا يجوز، ولكن بعض الناس عنده انغلاق عجيب، يقول الشيخ ابن باز رحمه الله: والحرم كله مقام في حال الزحام، فصل في أي مكان ولو في الطابق الثاني لا بأس؛ لأن هذه ضرورة.
ويقرأ في هاتين الركعتين في الركعة الأولى بسورة الكافرين وفي الركعة الثانية بسورة الإخلاص، ثم بعد ذلك ينزل الحاج إلى ماء زمزم فيتضلع منه شرباً، والله تعالى أعلم.
الجواب: لا أدري ما معنى الكلام العادي؛ لأنني أرى العجب، أجد أنه تعقد الصفقات التجارية عند الطواف، وتحل المشكلات الاجتماعية عند الطواف، فيا عبد الله! أنت تطوف بالبيت وهذه فرصة اغتنمها، وإن كان الكلام في طاعة فلا بأس كقراءة قرآن وأحاديث ذكر الله والدعاء، إنما أن يكون الكلام في أمر من أمور الدنيا فلا، بل كيف تذكر الدنيا هنا؟ ولكن لا حول ولا قوة إلا بالله، فهل في هذه الساعات التي تنزل فيها البركات بدلاً من أن تبكي لربك عز وجل وتتضرع وتدعو تتحدث في أمور الدنيا؟ فيا عبد الله لا يجوز الكلام في الطواف إن كان في أمر من أمور الدنيا، أما إن كان يتعلق بطاعة فلا بأس.
الجواب: أما المعتمر فتبدأ التلبية من الميقات المكاني من عند وصوله للميقات يلبي: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. ويستمر يلبي؛ لأن الملاحظ أنه يلبي عند الميقات ويسكت تماماً عن التلبية إلا إذا ذكره أحد فيلبي مجاملة، والمفروض على الحاج أو المعتمر أن ينشغل بالتلبية.
كذلك الحاجة تبدأ التلبية عنده من الميقات المكاني، أما المعتمر فتنقطع التلبية بمجرد أن يدخل إلى الحرم ويبدأ في الطواف، وأما الحاج فتنقطع التلبية في حقه منذ رمي جمرة العقبة في يوم النحر، فإذا ذهب ليرمي جمرة العقبة تنقطع التلبية من هذا الوقت، وينبغي عليه أن يجتهد في التلبية، ففيها أحاديث تبين فضلها، والله تعالى أعلم.
الجواب: هذا سؤال مهم، فإذا كان الركب سيرحل الساعة الحادية عشرة يوم أربعة عشر أو خمسة عشر أو ثلاثة عشر في أي يوم من أيام التشريق لمن تعجل أو بعد هذه الأيام والحاج لم يطف طواف إفاضة فمن السنة أن يطوف في يوم النحر، لكن له أن يؤخرها؛ لأنه بمجرد أن يرمي جمرة العقبة ويذبح يحلق، وإذا فعل ذلك فقد تحلل تحللاً أصغر، وكل شيء يجوز له إلا النساء.
إذاً: يمكنه أن يؤخر طواف الإفاضة؛ لأن طواف الإفاضة يحلله تحللاً أكبر فيجوز له النساء.
وأما هل يكفي طواف الإفاضة عن طواف الوداع فنعم، إذا طاف للإفاضة وكان هذا آخر عهده بالبيت وكان الركب سيرحل فيجزئ ذلك عن طواف الوداع، فإن كان طواف الإفاضة هو آخر عهده بالبيت فيمكنه أن يجمع بين طواف الإفاضة والوداع في طواف واحد، والله تعالى أعلم.
الجواب: هذا سؤال هام، فالمرأة الحائض لا يجوز لها أن تطوف بالبيت، لكن طواف الوداع ما حكمه؟ وطواف الإفاضة ما حكمه؟ أما بالنسبة لطواف الوداع فيجوز للحائض ألا تطوف طواف الوداع، ويسقط عنها، ولا شيء عليه، أما بالنسبة للإفاضة فهو ركن، والمفروض أن تنتظر حتى تطهر ثم تطوف، لكن إذا كان الركب سيرحل فماذا تصنع؟ قال علماؤنا: تربط خرقة على فرجها للضرورة وتتحفظ وتطوف طواف الإفاضة؛ لأن الركب سيرحل، ولا شيء عليها، والله تعالى أعلم.
الجواب: السعي يختلف عن الطواف، فاشترطنا للطواف الطهارة والوضوء ولا نشترط للسعي الوضوء؛ لأن السعي قديماً كان خارج المسجد تماماً، فالمسجد في ناحية والصفا والمروة في ناحية أخرى، ولكن الآن مع التوسعات أدخلت الصفا والمروة داخل المسجد، وأصبحت الآن داخل المسجد، فإن سعى وهو على غير وضوء فسعيه صحيح ولا يشترط للسعي الوضوء كما يشترط للطواف، لكن السؤال الآن: امرأة حائض هل يجوز لها أن تسعى داخل المسجد وهي حائض؟ لأن المرأة الحائض لا يجوز لها أن تطوف، لكن هل يجوز لها أن تسعى، فمن قال: إن المسعى داخل المسجد منعها؛ لأن الحائض لا يجوز لها أن تدخل المسجد. ومن قال: إن المسعى خارج المسجد أباح لها، ولكن الراجح أن المسعى الآن داخل المسجد لاسيما أن السعي دائماً يرتبط بالطواف، فأولاً الطواف ثم السعي، فأقول: لابد لها أن تتطهر، والله تعالى أعلم.
الجواب: بالنسبة للمتمتع عليه سعيان: سعي العمرة وسعي الحج، وأما المفرد والقارن فعليهما سعي واحد عند قدومهما، يطوفان للقدوم ثم يسعيان للحج، ويوم النحر يطوفان للإفاضة دون سعي، والله تعالى أعلم.
الجواب: الحال يختلف؛ فإن كنت غير مستطيع فلا شيء عليك، كحال من أخره الركب أو الناقلة أو الحافلة عن إدراك المبيت فهذا غير مستطيع، إنما إن كنت جاهلاً أو ناسياً فهذا واجب، والواجبات تجبر بدم، فنلزمك الآن أن ترسل إلى الحرم بمبلغ من المال ليشترى لك فدية تذبح في الحرم، والفدية التي تذبح تجزئ أضحية، أي: أنها لا تكون عوراء ولا عرجاء ولا هتماء ولا تولاء ولا عضباء ولا جرباء ولا عمياء، وفي الضأن لابد أن تكون قد بلغت ستة أشهر، وفي الماعز سنة، وفي البقر سنتين، وفي الإبل خمس سنوات، هذه أعمارها، فإن كنت جاهلاً أو ناسياً فأرسل إلى هناك لفعل هذا طالما أنك في مقدورك أن تحصل الواجب، فلا يجوز أن نسقطه عنك، والله تعالى أعلم.
الجواب: لا نسميها أضحية وإنما نسميها هدياً؛ لأن الله قال: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة:196] وأما ما حكم أن يقوم الراجحي أو أي شركة أو أي مندوب بالذبح عن الحاج فلا بأس بهذا، وبمجرد أن يعطيه الحاج تكلفة الهدي برئت الذمة، وإن قصر فالإثم على الموكل، فإن أعطيته فلابد أن تتأكد أولاً أنه لن يذبح إلا في يوم النحر، وأنه يوزع الهدي حسب السنة؛ لأن الله قال: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج:28] وطبعاً هو لن يأكل منها، وإن أكل فسيأكل القليل، فإن أعطيت للراجحي أو أي مندوب فلا بأس في هذا، ولكني أحذر أن بعض الحجاج يعطون أموالهم لمن يذبح لهم قبل يوم النحر، وهذه مخالفة جسيمة لا تجوز، والله تعالى أعلم.
الجواب: هذا فعلته امرأة حملت ولدها على صدرها وهي تطوف وتسعى، فإنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: (يا رسول الله! ألهذا حج؟ قال: نعم ولك أجر)، فمن يطوف عن نفسه ثم يدفع غيره أو يحمل سواه فطوافه صحيح وطواف من يطوف به صحيح وله أجر على هذه المشقة، لاسيما أننا نرى بعض الإخوة -نسأل الله أن يعافينا ويعافيكم جميعاً- يعجز عن السير؛ لشلل بقدمه ونحو ذلك ويريد أن يطوف بالبيت، فمن الذي يقوم بدفعه؟ يقوم بذلك مسلم يطوف بالبيت عن نفسه ويطوف أيضاً به، ولا بأس بهذا مطلقاً.
ومرة جاء شاب من الجزائر وهو مشلول شللاً كاملاً وجاء بعربيته ليطوف ويسعى بها في العمرة، فنام بجوارها فسرقت، فقام يبكي، فانظر إلى القسوة التي في قلوب بعض المسلمين، فلم يسرق إلا هذا القعيد! وأراد أن يطوف وأن يسعى فلم يجد حتى أتي له بعربية، ففي موسم الحج تظهر الأمراض العديدة والمعاصي والبدع، نسأل الله العافية، والله تعالى أعلم.
الجواب: ليس عليه إلا في الميقات أن يلبي عمن أنابه فيقول: لبيك عن فلان، ثم يتقي الله في أداء النسك؛ لأنه يؤديها عن أخيه المسلم، وهو موكل في هذه الحالة، ثم بعد ذلك لا ينبغي عليه أن يأخذ أجرة على هذا العمل، وإنما إن أعطاه مبلغاً فتوفر له شيء منه فلا بأس، والله تعالى أعلم.
الجواب: ماذا صنع المحرم الآن؟ تركها ورجع إلى بلده وهي سترجع بمفردها وستؤدي المناسك بمفردها وستبيت بمنى وبمزدلفة بمفردها، وهذا لا يجوز، فيا عبد الله! اتق الله في نفسك، فهذا لا يجوز للمحرم أن يصنعه، والله تعالى أعلم.
الجواب: لم يقل أحد من الفقهاء: إنه يذبح في بلده، بل لابد للهدي والفدية أن يذبح في الحرم، فطالما أنت لم تذبح الهدي وأنت متمتع وأنت قادر على الذبح فنلزمك الآن أن ترسل الهدي إلى الحرم ليذبح عنك من توكله ثم يوزعه على فقراء الحرم، أما إن عجزت عن الهدي عجزت هناك أو عجزت هنا، فنقول: صم عشرة أيام، ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجعت، وأنت قد رجعت فنقول لك: صم عشرة كاملة ولا بأس بذلك؛ لذلك أقول: ينظر إلى أمرك فإن كنت مستطيعاً فلابد من الذبح قضاءً وليس أداءً، وإن كنت لا تستطيع فنأمرك بصيام عشرة أيام، والله تعالى أعلم.
الجواب: العبرة بحال الإلزام.
الجواب: هل هو غير مستطيع أم مستطيع؟ فإن كان غير مستطيع ويغلق على نفسه الباب في عمارة فهذا رجل يعذب نفسه ويترك الجماعات والجمع دون مبرر، والله لا يكلف نفساً إلا وسعها.
أما بعض الأغنياء فيفعلون هذا للبخل، وأنا أعرف واحداً منهم معه مائتا ألف جنيه وجلس هناك حابساً نفسه وركب في سطح الباخرة بتسعمائة جنيه يريد أن يوفر الباقي ويسقط الفريضة، فهذا يبخل على نفسه، وأما الفقير فنقول له: يا عبد الله! لا تكلف نفسك فوق الطاقة، فمن كان قادراً فعليه أن يخرج في أيام الحج في شوال أو ذي القعدة ولا يجوز له أن يحبس نفسه هذه المدة، والله تعالى أعلم.
الجواب: ليس شرطاً للحاج القارن أن يسوق الهدي، ولكنه إن ساق الهدي فلابد أن يحج قارناً، وله أن يسوق الهدي من مكانه من بلده أو من ميقاته المكاني أو من بعد ميقاته أو من عرفة كما يقول العلماء، فلا يشترط أن يسوق الهدي من بلده، والله تعالى أعلم.
الجواب: هذا سؤال مهم جداً، فمن خرج من مصر وهو قاصد المدينة ولم يقصد مكة ففي هذه الحالة نقول له: طالما أنت لم تقصد مكة مباشرة فعليك أن تحرم من ميقات أهل المدينة وهو ذو الحليفة، أما إن كان قاصداً مكة ثم نزل في جدة ترنزيت ليلة أو ليلتين أو ثلاثاً فلا يجوز له أن يمر على ميقات مصر دون إحرام؛ لأن جدة ميقات لأهلها وليست ميقاتاً لأهل مصر، فهذا فرق كبير، فلننتبه إليه، والله أعلم.
الجواب: إن بلغ الولد بأن نبت له شعر العانة أو احتلم فأصبح مكلفاً وحجه لابد أن يكون كاملاً فيلزمك أن تذبح عنه هدياً، فإن لم تذبح فقد فرطت في واجب، فنلزمك الآن أن ترسل ثمن الهدي إلى هناك ويذبح ويوزع.
والبنت إن حاضت أو نبت لها شعر العانة أو احتلمت بأي علامة من هذه العلامات الثلاث أيضاً فنلزمك بهذا، وإن لم يبلغوا فحجتهم ناقصة، ففي حالة عدم البلوغ هذه الحجة لا تغني عن حجة الإسلام؛ لأن من شروط الحج أن يكون بالغاً، لكن إن حج قبل البلوغ فحجه صحيح، لكنه لا يسقط عنه حجة الإسلام، وإن كان دون البلوغ فنلزمك أيضاً أن ترسل حتى يكون الحج صحيحاً، والله تعالى أعلم.
الجواب: جمهور العلماء على أن المرأة إذا حجت بدون محرم فحجها صحيح مع الإثم.
الجواب: لا بأس مطلقاً، طالما أنه سيستطيع أن يلحق بالوقوف بعرفة؛ لأن المبيت بمنى سنة، فإن وصل إلى مكة يوم الثامن وطاف وسعى وحلق أو قصر ثم تحلل ثم أحرم من جديد بحج وذهب إلى منى ثم إلى عرفة فهو بذلك متمتع، والله تعالى أعلم.
الجواب: الحقيقة هذا سؤال مهم، فربما يطوف الحاج أو المعتمر فيتعب -وهذا كثير- فيحتاج إلى أن يستريح أو يؤذن المؤذن فيصلي الفريضة أو ينزل ليشرب ماءً أو يخرج ليقضي حاجته، هذا كله جائز، طالما أن المدة الزمنية لم تطل.
أما أن يسعى الشوط الأول ثم يذهب إلى الفندق وينام ست ساعات ثم يرجع يكمل فهذا فاصل طويل لا يجوز أبداً بحال، والعبرة بطول الوقت وقصره: العرف، فما يسميه الناس طويلاً فهو طويل، وما يسميه الناس قصيراً فهو قصير، فمثلاً: رجل كان يسعى ثم تعب وهو يسعى فنام ربع ساعة في المسعى للمشقة أو استراح بجوار حائط ساعة فلا بأس مطلقاً، أما أن يخرج من المسعى إلى الفندق ثم يستريح ساعات ثم يأتي ويبني على السعي الأول فهذا لا يجوز، والله تعالى أعلم.
الجواب: بالطبع نعم؛ لأن طواف العمرة هو طواف القدوم، ولعل السائل أراد أن يفرق بين طواف القدوم وطواف العمرة، وكلاهما قدوم، لكن التكييف الفقهي مختلف، فطواف العمرة ركن، وطواف القدوم واجب، لكنهما طواف قدوم، والله تعالى أعلم.
الجواب: في الحديث: (وليس على عاتقيه) يعني: لابد أن يغطي عاتقاً على الأقل، يعني: ناحية واحدة، فإن غطى الأيسر وظهر الأيمن فصلاته صحيحة؛ لأنه ليس كلا عاتقيه ظاهراً، أما هذا فهو مضطبع ستر عاتقاً وترك الآخر فصلاته صحيحة ولا شيء عليه، وعلى كل هذا الحديث في البخاري ، وابن حجر بين أن هذا للكراهة وليس للبطلان، يعني من صلى وليس على عاتقيه شيء فصلاته صحيحة، لكن الصلاة فيها كراهة، والله تعالى أعلم.
الجواب: تكون الحصوات سبعاً في يوم النحر وواحداً وعشرين في اليوم الأول للتشريق وواحداً وعشرين اليوم الثاني فيكون المجموع (49) حصاة، وبالنسبة للحصى أو الجمرات في يوم النحر يأخذها من المزدلفة، وبالنسبة لأيام التشريق يأخذها من منى، والله تعالى أعلم.
الجواب: هذا سؤال مهم، والحقيقة هناك زحام لا شك في رمي الجمرات، ولكن نقول: لابد من التيقن والتأكد أن الحصاة قد سقطت في الحوض؛ لأنها إن لم تسقط في الحوض فلا تحسب، ولا يجوز أن تأخذ الحصى من الحوض طالما أنها قد استخدمت، فلا يجوز أن تأخذها أنت لتستخدمها مرة ثانية.
وحتى تتأكد من سقوطها في الحوض هناك عمود في وسط الحوض ارمها في العمود، فهذا يؤكد لك أنها سقطت في الحوض، فإن شككت فارم غيرها؛ حتى تدفع الشك باليقين.
أما الإنابة في الرمي فنعم يجوز أن تنيب في الرمي من يرمي بدلاً عنك شريطة أن يكون قد رمى عن نفسه، ويجوز للفرد الواحد أن يكون نائباً عن أكثر من واحد.
ونسينا أن نذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للضعفاء والمرضى أن يتركوا المبيت بمزدلفة بعد منتصف الليل.
ونسيت أن أذكر أيضاً أن تابع الضعيف ضعيف، فلو أن رجلاً معه زوجة والزوجة ضعيفة يجوز لها أن تترك المزدلفة بعد منتصف الليل، والزوج قوي لا يجوز له، لكنه تابع، وتابع الضعيف يأخذ حكم الضعيف، وعلى هذا يجوز للزوج أن يرحل مع زوجته من المزدلفة بعد منتصف الليل؛ لأنه مرتبط بها، والله تعالى أعلم.
الجواب: المحرم لابد أن يكون بالغاً مميزاً مكلفاً تكليفاً شرعياً، فقد رفع القلم عن ثلاثة: ..وعن الصبي حتى يحتلم، يعني: حتى يبلغ، فلابد من البلوغ كشرط في التكليف، ولذلك أقول: الصبي غير المميز والذي لم يبلغ الحلم لا يجوز أن يكون محرماً.
الجواب: عمرة التنعيم هي عمرة لأهل الأعذار والحيض، وليست عمرة لمن خرج من بلده يريد العمرة، ثم يمكث في مكة ثم يذهب إلى التنعيم ويجمع بين عمرات، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاواه: وهذه عمرة أهل الأعذار، وليس عليها عمل السلف، ولذلك عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه لما خرج مع أخته عائشة إلى التنعيم أحرمت هي وهو لم يحرم، لو كان يجوز أن يؤدي العمرة من التنعيم لأحرم عبد الرحمن معها، لكنه يعلم أن عائشة صاحبة عذر، ولذلك الراجح من أقوال العلماء: أن العمرة تكون بسفرة واحدة، أما أن تذهب إلى مكة فتؤدي عمرة ثم تذهب إلى التنعيم وتؤدي عمرة، فهذا لا يجوز، والله تعالى أعلم.
الجواب: لا بأس، طالما أن الحلي في حال عدم ظهور، كالزينة الباطنة، فإذا كانت مستترة غير ظاهرة فلا يمنعها أحد من هذا، والله أعلم.
الجواب: هذه مسألة خلافية، لكن لابد أن ننظر إلى واقع المكلف؛ فإن كان مريضاً لا يقدر على الرمي بعد الزوال فهنا نرخص له أن يرمي؛ لأننا نقول: إن أهل الأعذار لهم حكم خاص، ولقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم لهم في ترك المبيت بمزدلفة، فأقول: يجوز إن كان عاجزاً عن أن يرمي بعد الزوال، أما الواقع الآن فمعظم الحجاج مع استطاعته وقدرته يرمي الجمرات بالليل والنبي صلى الله عليه وسلم رماها بعد الزوال، وعلماء الحجاز يفتون بعدم إجزاء الرمي إلا بعد الزوال، فمن رمى قبل ذلك فلا يجزئ أبداً وعليه أن يعيد الرمي؛ لأنه ترك واجباً، لكن الواقع أننا ننظر في حال المكلف، فإذا كانت امرأة مريضة أو شيخاً كبيراً فلا شك أنه يرخص لهم في هذا، لاسيما أن الزحام الشديد يحتاج إلى فقه مرن، وليس معنى المرونة أن نهدر الواجبات، وليس معنى المرونة أن نتغاضى عن الأركان أبداً، وإنما ننظر في العلة، والحكم يدور مع العلة وجوداً وعدماً، فالنبي صلى الله عليه وسلم رخص للضعفاء أن يتركوا مزدلفة بعد منتصف الليل لعلة، والعلة واحدة، فلنتق الله! ولذلك أقول لإخواني العلماء وطلبة العلم: يا ليتنا نبحث الأحكام في حال الزحام، فمثلاً: الرمل في حال الزحام غير وارد، وهكذا بالنسبة أيضاً لبعض المناسك فإنها قد تسقط بالزحام والمشقة، فمثلاً: منى ضيقة وربما لا يتسع مكان منى أن يبيت به كل الحجاج فتمتد الخيام إلى خارج منى، فهل لو لم أجد مكاناً إلا خارج منى ثم بت فيه هل بذلك أكون قد تركت المبيت بمنى؟ الجواب: لا. لأن امتداد منى يأخذ نفس الحكم، ولو أن مزدلفة -وهي مكان ضيق- لا يتسع لكل الحجاج فلو أننا بسطنا المكان اتساعاً فإنه يأخذ نفس الحكم، فيا ليتنا ندرس مناسك الحج في ضوء الزحام، والله تعالى أعلم.
الجواب: الزوال هو: انحراف الشمس عن وسط السماء، فإن الشمس تتعامد في وسط السماء وبمجرد أن تنحرف نقول: زالت الشمس. وقبل الزوال يعني: قبل انحرافها، وبعد الزوال يعني: بعد انحرافها.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وتقبل منا، وارحمنا.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر